الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِمَا جَمِيعًا لَا يُسْقِطُ إلَّا مَا سَمَّيَاهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ وَكَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَهَا مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ ثُمَّ بَارَأَهَا أَوْ خَالَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَهْرُ كُلُّهُ لَهَا وَلَا يَتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ.
وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قَبَضَتْ مِنْهُ نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَهْرِ.
وَفِي التَّتِمَّةِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ وَقَبِلَتْ هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ هَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْقُطُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ وَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِهِ إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ بِنِصْفِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَفِي شَرْحِهِ إذَا خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَرَاهِمَ وَكَانَ الْمَهْرُ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الْمُبَارَأَةِ وَأَمَّا فِي الْخُلْعِ فَلَمْ يُوَافِقْهُ وَقَالَ إنَّ الْخُلْعَ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي كِلَيْهِمَا هُوَ كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ فَأَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبَارَأَةِ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إنْ كَانَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بَرِئَ الزَّوْجُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَجَبَ لَهَا بِالنِّكَاحِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ وَالْكِسْوَةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا سَلَّمَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَلِأَيِّ شَيْءٍ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَكَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا مَا سَمَّيَا عِنْدَ الْخُلْعِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَسْقُطُ إلَّا مَا سَمَّيَا سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ بِلَفْظِ الْمُبَارَأَةِ فَعَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا رَدُّ النِّصْفِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهُوَ لَهَا وَلَهُ عَلَيْهَا جَمِيعُ مَا سَمَّتْ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنٌ غَيْرُ الْمَهْرِ بِسَبَبٍ آخَرَ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ الَّذِي احْتَرَزَ بِهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الظِّهَارِ]
الظِّهَارُ: هُوَ أَنْ يُشَبِّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِهَا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ.
وَأَصْلُ ثُبُوتِهِ أَوَّلُ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ نَزَلَتْ فِي خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ امْرَأَةٍ مِنْ الْخَزْرَجِ وَفِي زَوْجِهَا أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ أَخُو عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ «وَكَانَتْ خَوْلَةُ حَسَنَةَ الْجِسْمِ فَرَآهَا زَوْجُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ فِي صَلَاتِهَا فَنَظَرَ إلَى عَجُزِهَا فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ صَلَاتِهَا رَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ عَلَيْهِ فَغَضِبَ وَقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ عَادَ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَامْتَنَعَتْ وَقَالَتْ وَاَلَّذِي نَفْسُ خَوْلَةَ بِيَدِهِ لَا تَصِلُ إلَيَّ وَقَدْ قُلْت مَا قُلْت حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بَيْنَنَا وَيَحْكُمَ اللَّهُ فِي وَفِيك بِحُكْمِهِ قَالَتْ خَوْلَةُ فَوَقَعَ عَلَيَّ فَدَفَعْته بِمَا تَدْفَعُ بِهِ الْمَرْأَةُ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ الضَّعِيفَ ثُمَّ خَرَجْت إلَى جِيرَتِي فَأَخَذْت مِنْهُمْ ثِيَابًا فَلَبِسْتهَا وَمَضَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْت عَائِشَةَ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوْجِي أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ تَزَوَّجَنِي وَأَنَا شَابَّةٌ مَرْغُوبٌ فِي وَكُنْت غَنِيَّةً ذَاتَ مَالٍ وَأَهْلٍ حَتَّى إذَا أَكَلَ مَالِي وَأَفْنَى شَبَابِي وَتَفَرَّقَ أَهْلِي وَكَبِرَ سِنِي وَنَثَرْت لَهُ دَاءَ بَطْنِي ظَاهَرَ مِنِّي وَجَعَلَنِي كَأُمِّهِ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ وَلِي مِنْهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ إنْ ضَمَمْتَهُمْ إلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتَهُمْ إلَيَّ جَاعُوا فَهَلْ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم مَا أَرَاك إلَّا قَدْ حَرُمْت عَلَيْهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا وَإِنَّهُ زَوْجِي وَابْنُ عَمِّي وَأَبُو أَوْلَادِي وَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ
لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم حَرُمْت عَلَيْهِ قَالَتْ فَجَعَلْت أُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ حَرُمْت عَلَيْهِ حَرُمْت عَلَيْهِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فَوَاَللَّهِ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا فَقَالَ صلى الله عليه وسلم مَا عِنْدِي فِي أَمْرِك شَيْءٌ وَإِنْ نَزَلَ فِي أَمْرِك شَيْءٌ بَيَّنْته لَكِ، فَهَتَفَتْ وَبَكَتْ وَجَعَلَتْ تُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَتْ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْكُو إلَيْك شِدَّةَ وَجْدِي وَفَاقَتِي وَوَحْدَتِي وَمَا يَشُقُّ عَلَيَّ مِنْ فِرَاقِهِ وَرَفَعَتْ يَدَهَا إلَى السَّمَاءِ تَدْعُو وَتَتَضَرَّعُ فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إذْ تَغَشَّى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ كَمَا كَانَ يَغْشَاهُ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ يَا خَوْلَةُ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك وَفِي زَوْجِك الْقُرْآنَ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ عز وجل {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [المجادلة: 1] إلَى آخِرِ الْآيَاتِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيْءٍ وقَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1] أَيْ سَمِيعٌ بِمَنْ يُنَاجِيهِ وَيَتَضَرَّعُ إلَيْهِ بَصِيرٌ بِمَنْ يَشْكُو إلَيْهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مُرِيهِ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا عِنْدَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: مُرِيهِ فَلْيَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَتْ: إنَّهُ شَيْخٌ كَبِيرٌ مَا بِهِ مِنْ صَوْمٍ قَالَ: مُرِيهِ فَلْيُطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكَيْنَا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا يَجِدُ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّا سَنُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ وَهُوَ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا قَالَتْ: وَأَنَا أُعِينُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَقَالَ افْعَلِي وَاسْتَوْصِي بِهِ خَيْرًا» .
قَالَ رحمه الله (إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَقَدْ حَرُمْت عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا لَمْسُهَا وَلَا تَقْبِيلُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ) يَعْنِي لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا إلَّا بِنِكَاحٍ وَلَا بِمِلْكِ يَمِينٍ وَلَا بَعْدَ زَوْجٍ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ حَتَّى يُكَفِّرَ وَكَذَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ حُرَّةً فَارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ سُبِيَتْ فَاشْتَرَاهَا؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ يُوجِبُ تَحْرِيمًا لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَفَّارَةِ وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَكَذَا لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَدَعَهُ يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ؛ لِأَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ فَلَزِمَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْحَرَامِ كَمَا لَزِمَ الرَّجُلَ وَإِنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهِ اللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ وَالنَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ دَوَاعِيهِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِيهِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالصَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ وُجُودُهُمَا فَلَوْ حَرُمْت الدَّوَاعِي لَكَانَ يُفْضِي إلَى الْحَرَجِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِحْرَامُ وَالظِّهَارُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الظِّهَارِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْمُؤَبَّدِ أَمَّا فِي الْمُؤَقَّتِ كَمَا إذَا ظَاهَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْيَوْمِ وَالشُّهُورِ وَالسَّنَةِ فَإِنَّهُ إنْ قَرَبَهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَبَطَلَ الظِّهَارُ وَقَوْلُهُ كَظَهْرِ أُمِّي صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ فَيَقَعُ بِهِ الظِّهَارُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ إلَّا ظِهَارًا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا وَلَا يَصِحُّ ظِهَارُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ وَأَقْوَالُهُمَا لَا حُكْمَ لَهَا كَالطَّلَاقِ وَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ امْتَنَعَ الْمُظَاهِرُ مِنْ الْكَفَّارَةِ فَرَفَعَتْهُ امْرَأَتُهُ إلَى الْقَاضِي حَبَسَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ يُطَلِّقَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يُكَفِّرَ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى وَلَا يَعُودُ حَتَّى يُكَفِّرَ) ، وَلَوْ ظَاهَرَ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَتَزَوَّجَهَا فَالظِّهَارُ بِحَالِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بَعْدَ الرِّدَّةِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ (قَوْلُهُ وَالْعَوْدُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ أَنْ يَعْزِمَ عَلَى وَطْئِهَا) يَعْنِي إنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ إذَا قَصَدَ وَطْأَهَا بَعْدَ الظِّهَارِ فَإِذَا رَضِيَ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى وَطْئِهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّكْفِيرِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا فَإِنْ عَزَمَ عَلَى وَطْئِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَإِنْ عَزَمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَطَأَهَا سَقَطَتْ وَكَذَا
إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَزْمِ فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ ظِهَارِهِ، وَهِيَ مُبَانَةٌ أَوْ تَحْتَ زَوْجٍ آخَرَ أَجْزَاهُ وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ مُتَفَرِّقَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ إلَّا أَنْ يَعْنِيَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ الظِّهَارَ الْأَوَّلَ فَإِذَا أَرَادَ التَّكْرَارَ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَجَالِسَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.
(قَوْلُهُ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَفَخِذِهَا أَوْ كَفَرْجِهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ) وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِعُضْوٍ مِنْ أُمِّهِ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ فَهُوَ كَتَشْبِيهِهِ بِظَهْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ مُنَاكَحَتُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ مِثْلُ أُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ حَرَامٌ عَلَى التَّأْبِيدِ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ إلَّا بِالتَّشْبِيهِ بِالْأُمِّ وَقَالَ مَالِكٌ يَصِحُّ بِالتَّشْبِيهِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَإِذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّك كَانَ مُظَاهِرًا سَوَاءٌ كَانَ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا وَإِنْ قَالَ كَظَهْرِ ابْنَتِك إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا كَانَ مُظَاهِرًا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةِ ابْنِهِ كَانَ مُظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمَا حَرَامٌ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَإِنْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ قَدْ زَنَى بِأُمِّهَا أَوْ بِامْرَأَةٍ قَدْ زَنَى بِهَا أَبُوهُ كَانَ مُظَاهِرًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا؛ لِأَنَّ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ حَتَّى لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ نِكَاحِهِ لَمْ أُبْطِلْهُ فَلَمْ تَصِرْ مُحَرَّمَةً عَلَى التَّأْبِيدِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِهِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ.
وَإِنْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِابْنَتِهَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْوَطْءَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ أَبْيَنُ وَأَظْهَرُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَكُونُ مُظَاهِرًا وَإِنْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ، وَهِيَ تَحِلُّ لَهُ فِي حَالٍ آخَرَ مِثْلُ أُخْتِ امْرَأَتِهِ أَوْ امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا وَإِنْ شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِلِعَانٍ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إجْمَاعًا أَمَّا عِنْدَهُمَا فَمُظَاهِرٌ وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ حَرَامٌ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا جَازَ ثُمَّ الظِّهَارُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ جَانِبِ النِّسَاءِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ ابْنِي لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا وَإِنْ قَالَ كَفَرْجِ أَبِي أَوْ كَفَرْجِ ابْنِي كَانَ مُظَاهِرًا وَإِنْ قَالَ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَوْ قَدْ ظَاهَرْت مِنْك فَهُوَ مُظَاهِرٌ، وَإِنْ قَالَ أَنْتِ مِنِّي كَظَهْرِ أَبِي أَوْ عِنْدِي أَوْ مَعِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُظَاهِرَةً مِنْ زَوْجِهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَكُونُ مُظَاهِرَةً وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا وَطِئَهَا؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَنْتِ حَرَامٌ فَيَجِبُ عَلَيْهَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا وَطِئَهَا وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ التَّحْرِيمَ كَالطَّلَاقِ كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ رَأْسُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ فَرْجُك أَوْ وَجْهُك أَوْ بَدَنُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ نِصْفُك أَوْ ثُلُثُك أَوْ عُشْرُك كَانَ مُظَاهِرًا) ؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَإِنْ قَالَ ظَهْرُك عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَرْجِهَا أَوْ بَطْنُك أَوْ فَخِذُك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعُضْوَ مِنْ امْرَأَتِهِ لَا يُعَبَّرُ عَنْ جَمِيعِ الشَّخْصِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مُظَاهِرًا إذَا شَبَّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جَمِيعِ الشَّخْصِ بِمَنْ لَا تَحِلُّ عَلَى التَّأْبِيدِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي رُجِعَ إلَى نِيَّتِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ أَرَادَ الْإِكْرَامَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ فَهُوَ كَمَا نَوَى وَإِنْ أَرَادَ التَّحْرِيمَ فَهُوَ إيلَاءٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ تَحْرِيمٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ التَّشْبِيهِ التَّحْرِيمُ وَأَدْنَاهُ الْإِيلَاءُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَفَرْجِ أُمِّي؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْكَرَامَةِ لَا يَكُونُ بِالْفَرْجِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّحْرِيمُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِجَمِيعِهَا وَفِيهِ تَشْبِيهٌ بِالظَّهْرِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْأُمِّ فِي التَّحْرِيمِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ) هَذَا عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَكُونُ ظِهَارًا؛ لِأَنَّ