المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[بيع الغنائم قبل القسمة] - الجوهرة النيرة على مختصر القدوري - جـ ٢

[أبو بكر الحداد]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ]

- ‌[نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وَالنِّكَاحُ الْمُؤَقَّتِ بَاطِلٌ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّضَاعِ]

- ‌ مُدَّةِ الرَّضَاعِ

- ‌[يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌ طَلَاقٌ السُّنَّةِ

- ‌[طَلَاقُ الْبِدْعَةِ]

- ‌[الطَّلَاقُ عَلَى ضَرْبَيْنِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ]

- ‌[طَلَاقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌[طَلَاقُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[كِتَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ]

- ‌[تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ]

- ‌[كِتَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[مُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةٍ عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا]

- ‌[كِتَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الظِّهَارِ]

- ‌[كِتَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[صِفَةُ اللِّعَانِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ]

- ‌[الْعِدَّةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ إلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ لَهَا أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْك مَا دُمْت فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[كِتَابُ التَّدْبِيرِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِيلَادِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَاتَبَ الرَّجُلُ نِصْفَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ تَعْصِيبٌ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ]

- ‌[الْقَتْلُ الْخَطَأِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ قَتَلَ رَجُلَيْنِ وَوَلِيُّهُمَا وَاحِدٌ فَعَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْقِصَاصِ فِي أَحَدِهِمَا]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[مَسَائِلُ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ عَمْدًا]

- ‌[بَابُ الْقَسَامَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِحْصَانِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ]

- ‌[بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ]

- ‌[كِتَابُ السَّرِقَةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[الْأَشْرِبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ أَكْلِ الْمُتَوَلِّدْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَالْمَاعِزِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَشْيَاء الَّتِي تَكْرَهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[حُكْمُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[الْيَمِينِ الْغَمُوسِ]

- ‌ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ

- ‌[الْيَمِينُ اللَّغْوِ]

- ‌[كَفَّارَةُ الْيَمِينِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى مَرَاتِبَ]

- ‌[الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[صِفَةُ الْإِشْهَادِ فِي الشَّهَادَة عَلَى الشَّهَادَة]

- ‌[كِتَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ آدَابِ الْقَاضِي]

- ‌[طَلَبُ الْوِلَايَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[شُرُوطُ الْمُقَسِّمِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْإِكْرَاهُ]

- ‌[كِتَابُ السِّيَرِ]

- ‌[الْجِهَادُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ]

- ‌[وُجُوبُ قِتَالِ الْكُفَّارِ]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

- ‌[مَا أَوْجَفَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا]

- ‌[حُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ]

- ‌[الْجِزْيَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ]

- ‌[كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ]

- ‌[الِاحْتِكَارُ فِي أَقْوَاتِ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ]

- ‌[لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ]

- ‌[بَيْعُ السِّلَاحِ فِي أَيَّامِ الْفِتْنَةِ]

- ‌[بَيْعُ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[الْوَصِيَّةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ]

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْقَاتِلِ]

- ‌[قَبُولُ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ]

- ‌[وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ]

- ‌[الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

- ‌[الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ] [

- ‌الْمُجْمَعُ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنَّسَاءِ]

- ‌[مَوَانِعُ الْإِرْثِ]

- ‌[الْفُرُوضُ الْمَحْدُودَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[بَابُ أَقْرَبِ الْعَصَبَاتِ]

- ‌[بَابُ الْحَجْبِ]

- ‌[بَابُ الرَّدِّ]

- ‌[بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

- ‌[مَسَائِلٌ فِي الْمِيرَاثِ]

- ‌[حِسَابُ الْفَرَائِضِ]

الفصل: ‌[بيع الغنائم قبل القسمة]

أَخَذُوهُ رَدُّوا مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْمَالِكِ وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ قَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ تَاجِرٌ فَاشْتَرَى ذَلِكَ بِثَمَنٍ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَمَالِكُهُ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ التَّاجِرُ بِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) لِأَنَّ التَّاجِرَ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ الْعِوَضَ فِيهِ فَكَانَ أَعْدَلَ النَّظَرِ فِيمَا قُلْنَا وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْعَرَضِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَإِنْ وَهَبُوهُ لِمُسْلِمٍ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ

قَوْلُهُ (وَلَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا أَهْلُ الْحَرْبِ بِالْغَلَبَةِ مُدَبَّرِينَا وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِنَا وَمُكَاتَبِينَا وَأَحْرَارَنَا وَنَمْلِكُ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ) لِأَنَّ أَحْرَارَهُمْ يَجُوزُ أَنْ يُمْلَكُوا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَكَذَا بِالسَّبْيِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَسْقَطَ عِصْمَتَهُمْ وَجَعَلَهُمْ أَرِقَّاءَ وَمُدَبَّرُونَا وَمُكَاتَبُونَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِنَا قَدْ تَعَلَّقَ بِهِمْ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ فَكَذَا لَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ فَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلُوا تَحْتَ مِلْكِهِمْ قَوْلُهُ (وَإِذَا أَبَقَ عَبْدُ الْمُسْلِمِ فَدَخَلَ إلَيْهِمْ فَأَخَذُوهُ لَمْ يَمْلِكُوهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِأَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا خَرَجَ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ زَالَتْ يَدُ مَوْلَاهُ عَنْهُ لِامْتِنَاعِ أَنْ تَبْقَى يَدُهُ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ فَحَصَلَ الْعَبْدُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَإِذَا ظَهَرَتْ يَدُهُ عَلَى نَفْسِهِ صَارَتْ مَعْصُومَةً فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكُوهُ كَانَ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَمْلِكُونَهُ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لِحَقِّ الْمَالِكِ لِقِيَامِ يَدِهِ وَقَدْ زَالَتْ فَصَارَ كَالْبَعِيرِ أَوْ الْفَرَسِ إذَا نَدَّ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ يَمْلِكُونَهُ قَوْلُهُ (فَإِنْ نَدَّ إلَيْهِمْ بَعِيرٌ فَأَخَذُوهُ مَلَكُوهُ) لِتَحَقُّقِ الِاسْتِيلَاءِ إذْ لَا يَدَ لِلْعَجْمَاءِ تَظْهَرُ عِنْدَ الْخُرُوجِ فَإِذَا أَخَذُوهُ صَارُوا آخِذِينَ لَهُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ فَلِذَلِكَ مَلَكُوهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَصَاحِبُهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ وَذَهَبَ مَعَهُ بِفَرَسٍ أَوْ مَتَاعٍ فَأَخَذَ الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ كُلَّهُ وَأَخْرَجَهُ إلَيْنَا فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُ الْعَبْدَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْفَرَسَ وَالْمَتَاعَ بِالثَّمَنِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُ الْعَبْدَ وَمَا مَعَهُ بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَاشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ عَتَقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْمُسْلِمِ عَنْ ذُلِّ الْكَافِرِ وَاجِبٌ فَيُقَامُ الشَّرْطُ وَهُوَ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ مُقَامَ الْعِلَّةِ وَهِيَ تَخْلِيصُنَا لَهُ كَمَا تُقَامُ ثَلَاثُ حِيَضٍ مَقَامَ التَّفْرِيقِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَعْتِقُ

قَوْلُهُ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ حَمُولَةٌ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْغَنِيمَةَ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةَ إيدَاعٍ) لَا قِسْمَةَ تَمْلِيكٍ (لِيَحْمِلُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا مِنْهُمْ وَيَقْسِمُهَا) هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ رِضَاهُمْ وَهِيَ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَجَدَ فِي الْمَغْنَمِ حَمُولَةً حَمَلَ عَلَيْهَا الْغَنَائِمَ لِأَنَّ الْحَمُولَةَ وَالْمَحْمُولَ مَالٌ لَهُمْ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَمُولَةٌ حَمَلَهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَالُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِلْغَانِمَيْنِ أَوْ لِبَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى حَمْلِهَا عَلَى دَوَابِّهِمْ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ بَلْ يَسْتَأْجِرُهَا مِنْهُمْ لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ صَاحِبُهَا لَمْ يَحْمِلْهَا عَلَيْهَا.

وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ يَحْمِلُهَا عَلَيْهَا بِالْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا؛ لِأَنَّهُ دَفْعُ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِتَحَمُّلِ ضَرَرٍ خَاصٍّ وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ يَقْدِرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حَمْلِهِ قَسَّمَهَا بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ إيدَاعٍ وَإِنْ كَانُوا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْحَمْلِ وَلَا يَجِدُونَ الدَّوَابَّ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْتُلُ الرِّجَالَ إذَا كَانُوا لَمْ يُسْلِمُوا وَيَتْرُكُ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ وَالشُّيُوخَ فِي الطَّرِيقِ لِيَمُوتُوا جُوعًا وَعَطَشًا وَيَذْبَحُ الْحَيَوَانَ وَيُحَرِّقُهَا بِالنَّارِ

[بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ]

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِالطَّعَامِ وَالْعَلَفِ

ص: 265

لِلْحَاجَةِ وَمَنْ أُبِيحَ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ كَمَنْ أَبَاحَ طَعَامًا لِغَيْرِهِ

قَوْلُهُ (وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْغَانِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ إخْرَاجِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ) لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ لَا يَثْبُتُ فِيهَا مَا لَمْ يُحْرِزُوهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَمْلِكُونَهَا إلَّا بِالْقِسْمَةِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا شَيْئًا قَوْلُهُ (وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ إخْرَاجِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَنَصِيبُهُ لِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِيهَا

قَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْفِلَ الْإِمَامُ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَيُحَرِّضَ بِالنَّفْلِ عَلَى الْقَتْلِ) ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ لَا بَأْسَ بِهِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ بِلَفْظِ الِاسْتِحْبَابِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ التَّحْرِيضُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} [الأنفال: 65] أَيْ رَغِّبْهُمْ وَالتَّحْرِيضُ التَّرْغِيبُ فِي الشَّيْءِ وَالتَّنْفِيلُ نَوْعُ تَحْرِيضٍ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الشُّجْعَانَ يَرْغَبُونَ فِي ذَلِكَ فَيُخَاطِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَيُقْدِمُونَ عَلَى الْقِتَالِ قَوْلُهُ (فَيَقُولُ مَنْ قَتَلَ) مِنْكُمْ (قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) قَالَ الْخُجَنْدِيُّ التَّنْفِيلُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لِأَجْلِ التَّحْرِيضِ عَلَى الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَا تَحْرِيضَ ثُمَّ إذَا كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ فَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا أَنْ يَقُولَ مَنْ أَخَذَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ أَوْ يَقُولَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ أَوْ يَقُولَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ يَقُولَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا وَلَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ أَمَّا إذَا قَالَ مَنْ أَخَذَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ وَإِنْ قَالَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا دَخَلَ الْإِمَامُ تَحْتَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا دَخَلَ هُوَ حَتَّى لَوْ قَتَلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَهُ سَلَبُهُ.

وَإِنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَدْخُلُ ثُمَّ إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَقَتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ سَلَبُ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَ رَجُلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَأَكْثَرُ قَتَلُوا رَجُلًا فَإِنَّك تَنْظُرُ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُبَارِزًا يُقَاوِمُ كُلًّا مِنْهُمْ كَانَ لَهُ سَلَبُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاوِمُهُمْ صَارَ عَاجِزًا فَلَا يَسْتَحِقُّونَ سَلَبَهُ وَيَكُونُ غَنِيمَةً لِجَمِيعِ الْجَيْشِ لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا لِإِظْهَارِ الْجَلَادَةِ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَلَا جَلَادَةَ فِي قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ قَتِيلًا سَمَّاهُ قَتِيلًا وَهُوَ حَيٌّ اعْتِبَارًا بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] وَإِنَّمَا يَعْصِرُ عِنَبًا لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَئُولُ إلَى الْخَمْرِ سُمِّيَ خَمْرًا وَلَوْ قَتَلَهُ رَجُلَانِ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ فَإِنْ بَدَا أَحَدُهُمَا فَضَرَبَهُ ثُمَّ أَجْهَزَهُ الْآخَرُ إنْ كَانَ ضَرْبُ الْأَوَّلِ أَثْخَنَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ وَلَا يُعِينَ بِقَوْلٍ فَالسَّلَبُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فِي حُكْمِ الْمَقْتُولِ وَإِنْ كَانَ ضَرْبُ الْأَوَّلِ لَمْ يُصَيِّرْهُ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ «مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ ضَرَبَ مَرْحَبًا فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ وَضَرَبَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عُنُقَهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَرَدْت قَتْلَهُ لَقَتَلْته وَلَكِنِّي أَرَدْت أَنْ أُعَذِّبَهُ كَمَا عَذَّبَ أَخِي فَأَعْطَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَلَبَهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ» وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهُ جَعَلَهُ بِحَيْثُ لَا يُقَاتِلُ وَلَا يُعِينُ عَلَى الْقِتَالِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِذَا لَمْ يُجْعَلْ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ فَقَتَلَ رَجُل قَتِيلًا فَسَلَبُهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَوْلُهُ (أَوْ يَقُولُ لِلسَّرِيَّةِ قَدْ جَعَلْت لَكُمْ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ) أَيْ بَعْدَ مَا يَرْفَعُ الْخُمْسَ وَكَذَا إذَا قَالَ الثُّلُثُ بَعْدَ الْخُمْسِ أَوْ النِّصْفُ بَعْدَ الْخُمْسِ مَعْنَاهُ أَنْتُمْ مُنْفَرِدُونَ بِالرُّبْعِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ خُمْسُ ذَلِكَ وَيَكُونُ لَهُمْ مَا سُمِّيَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْخُمْسِ وَمَا زَادَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُمْ يُشَارِكُونَ الْعَسْكَرَ فِيهِ وَإِنْ قَالَ فَلَكُمْ الرُّبْعُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمْسِ لَمْ يُخَمَّسْ الرُّبْعُ وَصَارَ لَهُمْ النَّفَلُ بِخَمْسَةٍ وَكَذَا إذَا قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ لَمْ يُخَمِّسْ الْأَسْلَابَ وَإِنْ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ بَعْدَ الْخُمْسِ خَمَّسَ الْأَسْلَابَ

قَوْلُهُ (وَلَا يُنْفِلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا مِنْ الْخُمْسِ) لِأَنَّهَا إذَا أُحْرِزَتْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ جَمِيعِ الْجَيْشِ، وَأَمَّا الْخُمْسُ فَلَا حَقَّ لِلْجَيْشِ فِيهِ فَيَجُوزُ التَّنْفِيلُ مِنْهُ قَوْلُهُ (وَإِذَا لَمْ يَجْعَلْ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا قَتَلَ كَافِرًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ فَلَهُ سَلَبُهُ قَوْلُهُ (وَالسَّلَبُ مَا عَلَى الْمَقْتُولِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلَاحِهِ وَمَرْكَبِهِ) وَكَذَا مَا عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ السَّرْجِ وَالْآلَةِ

ص: 266

وَمَا مَعَهُ عَلَى مَرْكَبِهِ مِنْ مَالِهِ فِي حَقِيبَتِهِ أَوْ عَلَى وَسَطِهِ، وَأَمَّا جَنِيبُهُ وَغُلَامُهُ وَمَا كَانَ مَعَ غُلَامِهِ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى وَمَا كَانَ عَلَى فَرَسٍ آخَرَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِسَلَبٍ وَهُوَ غَنِيمَةٌ لِجَمِيعِ الْجَيْشِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ بَارَزَ الْمَرْزُبَانَ فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ مِنْطَقَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا جَوْهَرٌ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ فَبَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه إنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ الْأَسْلَابَ وَإِنَّ هَذَا بَلَغَ مَالًا عَظِيمًا وَإِنَّا نَأْخُذُ خُمْسَهُ

قَوْلُهُ (وَإِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْلِفُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا شَيْئًا) لِأَنَّ الضَّرُورَةَ وَالْحَاجَةَ إلَى ذَلِكَ قَدْ ارْتَفَعَتْ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ الطَّعَامَ وَالْعَلَفَ فَلَا يُبَاحُ لَهُمْ التَّنَاوُلُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَوْلُهُ (وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ عَلَفٌ أَوْ طَعَامٌ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ) لِأَنَّ الضَّرُورَةَ قَدْ ارْتَفَعَتْ فَإِنْ انْتَفَعُوا بِشَيْءٍ مِنْ أَكْلٍ أَوْ عَلَفٍ فَيَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ غَنِيًّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْ رَدُّ قِيمَتِهِ فِي الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رَدَّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَلَمْ يَلْزَمْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا يَرُدُّهُ الْغَنِيُّ إذَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ رَدُّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَدْ يَعْذُرُ إيصَالُهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لِتَفَرُّقِ الْغَانِمِينَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَيَرُدُّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْغَيْرِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَمُوجِبُهُ التَّصَدُّقُ وَهُوَ مَحَلٌّ لِلتَّصَدُّقِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ

قَوْلُهُ (وَيَقْسِمُ الْإِمَامُ الْغَنِيمَةَ فَيُخْرِجُ خُمُسَهَا) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] قَوْلُهُ (وَيَقْسِمُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ بَيْنَ الْغَانِمِينَ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ) يَعْنِي سَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ (وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَالْبَصْرِيِّينَ قَوْلُهُ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لِلْفَارِسِ ثَلَاثُ أَسْهُمٍ) مَعْنَاهُ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الْفَرَسِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤْنَةِ الْآدَمِيِّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ سَهْمُهُ أَكْثَرَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَمْنَعُ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْفَرَسِ؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ الْآلَاتِ كَالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ وَالسَّيْفِ وَالنَّصْلِ وَإِنَّمَا تُرِكَ الْقِيَاسُ لِلْخَبَرِ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَخْبَارُ فِي بَعْضِهَا أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ أَعْطَاهُ ثَلَاثَةً» فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَخْبَارُ أُسْقِطَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأُثْبِتَ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْفَارِسِ أَعْظَمُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْفَرَسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفَرَسَ بِانْفِرَادِهِ لَا يُقَاتِلُ وَالْفَارِسَ بِانْفِرَادِهِ يُقَاتِلُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِالْفَرَسِ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ بِصَاحِبِهِ.

وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا فَضْلَ لِبَهِيمَةٍ عَلَى إنْسَانٍ وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ غَنَائِمَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَكَانَ الْجَيْشُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ مِنْهَا ثَلَاثُمِائَةِ فَارِسٍ وَأَلْفٌ وَمِائَتَا رَاجِلٍ فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ سَهْمًا لَهُ وَسَهْمًا لِفَرَسِهِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا وَاحِدًا» وَوَجْهُ التَّخْرِيجِ عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَنَّكَ تَقُولُ الرَّجَّالَةُ اثْنَا عَشَرَ مِائَةً فَيَجْعَلُهَا اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا كُلَّ مِائَةٍ سَهْمًا وَتَقُولُ الْفُرْسَانُ ثَلَاثُمِائَةٍ فَتَجْعَلُهَا ثَلَاثَةً مِنْ الْعَدَدِ كُلُّ مِائَةٍ وَاحِدًا ثُمَّ تُضَعِّفُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَهْمَيْنِ فَتَكُونُ سِتَّةً وَتَضُمُّهَا إلَى اثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ لَلْفُرْسَانِ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَلِلرَّجَّالَةِ الثُّلُثَانِ قَوْلُهُ (وَلَا يُسْهَمُ إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُسْهِمُ لِفَرَسَيْنِ وَلَا يُسْهِمُ لِثَلَاثَةَ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى فَرَسَيْنِ أَحَدُهُمَا يَرْكَبُهُ وَالْآخَرُ يَكُونُ جَنِيبَهُ فَإِذَا أَعْيَا الَّذِي تَحْتَهُ رَكِبَ الْآخَرَ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ وَلَهُمْ مَا رُوِيَ أَنَّ «الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ حَضَرَ يَوْمَ خَيْبَرَ بِأَفْرَاسٍ فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ» وَلِأَنَّ الْقِتَالَ لَا يَكُونُ إلَّا عَلَى فَرَسٍ وَاحِدٍ وَلَا يَكُونُ عَلَى فَرَسَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً.

قَوْلُهُ (وَالْبَرَاذِينُ وَالْعُتَّاقُ سَوَاءٌ) لِأَنَّ اسْمَ الْخَيْلِ يَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَالْإِرْهَابُ مُضَافٌ إلَى جَمِيعِ جِنْسِ الْخَيْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] وَاسْمُ الْخَيْلِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَرَاذِينِ وَالْعُتَّاقِ وَالْهَجِينِ وَالْمُقْرِفِ إطْلَاقًا وَاحِدًا وَلِأَنَّ الْعَتِيقَ إذَا كَانَ فِي الطَّلَبِ وَالْهَرَبِ أَقْوَى فَالْبِرْذَوْنُ أَصْبَرُ وَأَلْيَنُ عَطْفًا فَفِي كُلٍّ مِنْهُمْ مَنْفَعَةٌ فَاسْتَوَى الْبِرْذَوْنُ الَّذِي فِيهِ الدَّنَاءَةُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَالْعَتِيقُ الَّذِي لَا دَنَاءَةَ فِيهِ لَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَلَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ بَلْ كِلَاهُمَا عَرَبِيَّانِ وَالْهَجِينُ الَّذِي فِيهِ الدَّنَاءَةُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ

ص: 267

وَالْمُقْرِفُ دَنِيءُ الْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا بِأَنْ يَكُونَا أَعْجَمِيَّيْنِ وَفِي الصِّحَاحِ الْمُقْرِفُ هُوَ الدَّنِيءُ الْهُجْنَةِ مِنْ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِقْرَافَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْفَحْلِ

قَوْلُهُ (وَلَا يُسْهِمُ لِرَاحِلَةٍ وَلَا بَغْلٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ بَعِيرٌ أَوْ بَغْلٌ أَوْ حِمَارٌ فَهُوَ وَالرَّاجِلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْخَيْلِ مَعْدُومٌ فِيهِمْ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَارِسًا فَنَفَقَ فَرَسُهُ اسْتَحَقَّ سَهْمَ فَارِسٍ) وَسَوَاءٌ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِتَالِ فَحَضَرَ بِهِ فَإِنَّهُ يُسْهِمُ لَهُ وَإِنْ غَصَبَهُ وَحَضَرَ بِهِ اسْتَحَقَّ سَهْمَهُ مِنْ وَجْهٍ مَحْظُورٍ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ فَنَفَقَ أَيْ مَاتَ يُقَالُ نَفَقَتْ الدَّابَّةُ وَمَاتَ الْإِنْسَانُ وَتَنْبَلَ الْبَعِيرُ كُلُّهُ بِمَعْنَى هَلَكَ وَسَوَاءٌ بَقِيَ فَرَسُهُ مَعَهُ حَتَّى حَصَلَتْ الْغَنِيمَةُ أَوْ مَاتَ حِينَ دَخَلَ بِهِ أَوْ أَخَذَهُ الْعَدُوُّ أَوْ كُسِرَ أَوْ عَرَجَ قَبْلَ حُصُولِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ فَارِسٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا مَاتَ فَرَسُهُ قَبْلَ الْقِتَالِ فَهُوَ رَاجِلٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا حَالَةُ الْمُجَاوَزَةِ وَعِنْدَهُ حَالَةُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ السَّبَبُ وَقُلْنَا الْمُجَاوَزَةُ نَوْعُ قِتَالٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمْ الْخَوْفُ بِهَا وَإِنْ دَخَلَ فَارِسًا ثُمَّ بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعَارَهُ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَبْطُلُ سَهْمُ الْفَرَسِ وَيَأْخُذُ سَهْمُ رَاجِلٍ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالْمُجَاوَزَةِ الْقِتَالَ فَارِسًا وَلِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ رِضًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا نَفَقَ فَرَسُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ رِضًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ بِسَهْمِ فَارِسٍ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْ حَصَلَ وَهُوَ دُخُولُهُ فَارِسًا وَبَيْعُ الْفَرَسِ كَمَوْتِهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِتَالِ لَمْ يَسْقُطْ سَهْمُ الْفَرَسِ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ التِّجَارَةُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ عِزَّتَهُ قَوْلُهُ (وَمَنْ دَخَلَ رَاجِلًا فَاشْتَرَى فَرَسًا اسْتَحَقَّ سَهْمَ رَاجِلٍ) وَكَذَا إذَا اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ بِحَالَةِ الدُّخُولِ وَقَالَ الْحَسَنُ إذَا دَخَلَ رَاجِلًا وَاشْتَرَى فَرَسًا أَوْ وُهِبَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْنَمَ الْعَسْكَرَ شَيْئًا ثُمَّ قَاتَلَ عَلَيْهِ مَعَهُمْ حَتَّى غَنِمُوا ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِ فَارِسٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالدُّخُولِ الْقِتَالُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ حَالَةَ الْقِتَالِ أَكْثَرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَالَةَ الدُّخُولِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ دَخَلَ فَارِسًا فَقَاتَلَ رَاجِلًا لِضِيقِ الْمَكَانِ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ إذَا بَاعَ فَرَسَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ آجَرَهُ أَوْ أَعَارَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَقَطَ سَهْمُ فَرَسِهِ فَإِنْ اشْتَرَى مَكَانَهُ آخَرَ أَسْهَمَ لَهُ سَهْمَ فَارِسٍ

قَوْلُهُ (وَلَا يُسْهَمُ لِمَمْلُوكٍ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَلَكِنْ يَرْضَخُ لَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى) وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السَّهْمَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ عَاجِزَانِ وَالْعَبْدَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَمْنَعَهُ إلَّا أَنَّهُ يَرْضَخُ لَهُمْ تَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ وَالْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ لِقِيَامِ الرِّقِّ فِيهِ وَتَوَهُّمِ عَجْزِهِ فَيَمْنَعُهُ الْمَوْلَى عَنْ الْخُرُوجِ إلَى الْقِتَالِ وَإِنَّمَا يَرْضَخُ لِلْعَبْدِ إذَا قَاتَلَ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى أَمَّا إذَا دَخَلَتْ لِخِدْمَةِ زَوْجِهَا أَوْ الْعَبْدُ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْعَبْدِ قَتْلٌ وَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ مُدَاوَاةٌ وَلَا نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا يَرْضَخُ لَهُمْ أَصْلًا وَكَذَا الذِّمِّيُّ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ غَدْرُهُمْ وَخِيَانَتُهُمْ بِالْمُسْلِمِينَ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا حَضَرُوا وَقَاتَلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَرْضَخُ لَهُمْ وَلَا يَبْلُغُ لِرَجَّالَتِهِمْ سَهْمَ الرَّجَّالَةِ وَلَا لِفُرْسَانِهِمْ سَهْمَ الْفُرْسَانِ لِنُقْصَانِ مَنْزِلَتِهِمْ وَانْحِطَاطِ رُتْبَتِهِمْ

قَوْلُهُ (فَأَمَّا الْخُمْسُ فَيُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لِلْيَتَامَى) وَيُشْتَرَطُ فِيهِمْ الْفَقْرُ قَوْلُهُ (وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ) وَابْنُ السَّبِيلِ هُوَ الْمُنْقَطِعُ عَنْ مَالِهِ قَوْلُهُ (وَيَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ) أَيْ أَيْتَامُ ذَوِي الْقُرْبَى يَدْخُلُونَ فِي سَهْمِ الْيَتَامَى وَمَسَاكِين ذَوَى الْقُرْبَى يَدْخُلُونَ فِي سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنْ ذَوَى الْقُرْبَى كَذَلِكَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَقَوْلُهُ ذَوِي الْقُرْبَى يَعْنِي قَرَابَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ (وَيُقَدَّمُونَ) أَيْ يُقَدَّمُ ذَوُو الْقُرْبَى عَلَى الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَهُمْ فِي الْآيَةِ فَقَالَ تَعَالَى {وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]

ص: 268

قَوْلُهُ (وَلَا يَدْفَعُ إلَى أَغْنِيَائِهِمْ شَيْئًا) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ الْخُمْسِ فَإِنَّمَا هُوَ لِافْتِتَاحِ الْكَلَامِ تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ تَعَالَى وَسَهْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ بِمَوْتِهِ كَمَا سَقَطَ الصَّفِيُّ) وَهُوَ شَيْءٌ كَانَ يَصْطَفِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ مِثْلُ دِرْعٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَوْلُهُ (وَسَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى كَانُوا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالنُّصْرَةِ) وَبِمَوْتِهِ زَالَتْ النُّصْرَةُ.

قَوْلُهُ (وَبَعْدَهُ بِالْفَقْرِ) يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ وَكَانَ أَوْلَادُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةً هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فَبَنُو عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنُو نَوْفَلٍ لَا يُعْطَوْنَ مِنْهُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ خَاصَّةً لِمَا رُوِيَ أَنَّ «جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَسَمَ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ قَسَمْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لِإِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ وَلَمْ تُعْطِنَا شَيْئًا وَقَرَابَتُنَا مِثْلُ قَرَابَتِهِمْ فَقَالَ عليه السلام إنَّمَا هَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ شَيْءٌ وَاحِدٌ إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ إنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هَكَذَا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَبَّوْنَا صِغَارًا وَحَمَلْنَاهُمْ كِبَارًا» وَرُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَعْطَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُعْطِ بَنِي نَوْفَلٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ أَتَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي نَوْفَلٍ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ لِلْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ فَمَا بَالُ إخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتَنَا وَقَرَابَتُنَا وَاحِدَةٌ فَقَالَ إنَّا وَبَنُو الْمُطَّلِبِ لَمْ نَفْتَرِقْ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَإِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إنَّمَا هُوَ بِالنُّصْرَةِ لَا بِالْقَرَابَةِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ اثْنَانِ دَارَ الْحَرْبِ مُغِيرِينَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَأَخَذُوا شَيْئًا لَمْ يُخَمَّسْ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ إذْ الْغَنِيمَةُ هِيَ الْمَأْخُوذَةُ قَهْرًا وَغَلَبَةً لَا اخْتِلَاسًا وَسَرِقَةً، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُخَمَّسُ وَالْبَاقِي لِمَنْ أَصَابَهُ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُخَمَّسُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى طَرِيقِ التَّلَصُّصِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَقَدْ الْتَزَمَ نُصْرَتَهُمْ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ بِظَهْرِهِ لَا بِالتَّلَصُّصِ قَوْلُهُ (وَإِنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ لَهُمْ مَنْعَةٌ فَأَخَذُوا شَيْئًا خُمِّسَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَهَا مَنْعَةٌ فَكَانَ الْمَأْخُوذُ قَهْرًا وَغَنِيمَةً وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً لَا مَنَعَةَ لَهُمْ وَدَخَلُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَأَخَذُوا شَيْئًا لَمْ يُخَمَّسْ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ إذْ الْغَنِيمَةُ مَا أُخِذَتْ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ وَهَؤُلَاءِ كَاللُّصُوصِ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَسِرُّونَ بِمَا يَأْخُذُونَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَنِيمَةً فَمَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ لَهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ

قَوْلُهُ (وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ تَاجِرًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا مِنْ دِمَائِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ بِالِاسْتِئْمَانِ فَالتَّعَرُّضُ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ غَدْرًا وَالْغَدْرُ حَرَامٌ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ فَيُبَاحُ لَهُ التَّعَرُّضُ وَإِنْ أَطْلَقُوهُ طَوْعًا قَوْلُهُ (وَإِنْ غَدَرَ بِهِمْ وَأَخَذَ شَيْئًا وَخَرَجَ بِهِ مَلَكَهُ مِلْكًا مَحْظُورًا وَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِ الْغَدْرِ

ص: 269