الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الأعضاء، فلذلك رأى الشيطان أن يغير بها خلق الله تعالى، وفي حديث عياض بن حمار المجاشعي:"وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ (1) عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا"(2)، ولم يختلفوا أن خصاء بني آدم لا يحل ولا يجوز لأنه مثله وتغيير لخلق الله تعالي، وكذلك قطع سائر أعضائهم في غير حد ولا قود: قاله أبو عمر.
فوائد متفرقة تتعلق بالأصل السابق
وتمس الحاجة إليها
الأولى: حكم لبس ما يسمى بالباروكة:
سئلت لجنة الإفتاء بالسعودية التي يرأسها الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: ما حكم لبس المرأة ما يسمى بالباروكة لتتزين بها لزوجها؟ فأجابت اللجنة بما يلي: ينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يحببه فيه ويقوي العلاقة بينهما، لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته، ولبس ما يسمى بالباروكة بدأ في غير المسلمات، واشتهرن بلبسه والتزين به حتى صار من سيمتهن، فلبس المرأة المسلمة إياها وتزينها بها ولو لزوجها فيه تشبه بالكافرات، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله:"من تشبه بقوم فهو منهم" ولأنه في حكم وصل الشعر بل أشد منه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعن فاعله، اهـ.
الثانية: نص الحديث على لعن النامصة والمتنمصة.
قال ابن الأثير: النامصة: التي تنتف الشعر من وجهها، والمتنمصة هي التي تأمر من يفعل بها ذلك، ومنه قيل للمنقاش: وقال أبو داود: النامصة التي تنقش الشعر من الحاجب، أي ترققه: وتزججه.
(1) اجتالتهم: استخفتهم، فجالوا معهم في الضلال.
(2)
أخرجه مسلم والقاضي ابن إسماعيل.
قال النووي رحمه الله: المراد إزالة الشعر من أطراف الوجه، وترقيق الحواجب وهو المحرم المنهي عنه، وقال السيوطي في الإكليل: النمص: هو نتف الشعر من الوجه اهـ.
أما إذا ظهر للمرأة شعر في لحيتها أو أسفل شفتها أو نبت لها شارب فالمختار عند الجمهور عدم تحريم إزالته، وقالت الشافعية: إزالته مستحبة، ويرى الحنابلة: أنه لا بأس بحف الوجه، وأن التحريم خاص بالحواجب، والخلاف مبني على تعريف النمص كما سبق.
الثالثة:
عد بعض العلماء من تغيير خلق الله سبحانه تدميم الأظفار وإطالتها، وهي عادة قبيحة تسربت من فاجرات أوروبة إلى كثير من المسلمات (1)، وهي تدميم أظفارهن بالطلاء الأحمر المعروف ب (المانيكير) مما يحول دون وصول الماء إلى أعضاء الوضوء ولا يصح مع وجوده وضوء ولا غسل ولا صلاة، وقد يطلن بعض أظفارهن -ويفعله بعض الشباب أيضا- وفي هذا أيضا معاكسة للفطرة السوية التي من خصالها تقليم الأظفار:
قل للجهولة أرسلت أظفارها إني لخوف كدت أمضي هاربا
إن المخالب للوحوش نخالها فمتى رأينا للظباء مخالبا
بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة ونقلت عن وضع الطبيعة حاجبا
وغدا نراك نقلت ثغرك للقفا وأزحت أنفك رغم أنفك جانبا
من علم الجهلاء أن جمالها في أن تخالف خلقها وتجانبا (2)
الرابعة:
كيف التوبة من الوشم؟ قال النووي رحمه الله (3): التوبة منه بإزالته على الفور، إلا إذا خاف تلف العضو، أو كانت إزالته تسبب شيئا فاحشا في العضو اهـ.
الخامسة:
(1) آداب الزفاف للألباني.
(2)
من رسالة "التبرج" للسيدة نعمت صدقي رحمها الله بتصرف.
(3)
هذا حلال وهذا حرام ص131 - 133
الخامسة:
قال الحافظ في الفتح: كما يحرم على المرأة الزيادة في شعر رأسها يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة اهـ (1).
وعن علي رضي الله عنه: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَحْلِقَ المَرْأَةُ رَأْسَهَا» (2).
وعن قتادة عن عكرمة قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها"(3) وقال الحسن: هي مثلة.
وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسال عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته، أتأخذ على حديث ميمونة، قال:"لأي شيء تأخذه" قيل له: لا تقدر على الدهن وما يصلحه، وتقع فيه الدواب، قال: إن كان لضرورة فأرجو ألا يكون به بأس" اهـ.
وقال أبو داود في مسائل الإمام أحمد: أنه سئل يجز شعرها؟ قال: لا.
قال الألباني حفظه الله: الظاهر أن مراد الإمام رضي الله عنه ب الجز هنا الحلق والإستئصال، لأن الجز-وهو بالجيم والزاي الثقيلة-: قص الشعر والصوف إلى أن يبلغ الجلد، كما في الفتح (10/ 285)، وقد جاء النهي الصريح في ذلك وذكر حديث علي رضي الله عنه السابق إلى أن قال: وهذا بخلاف أخذها من شعر رأسها فإنه جائز لما رواه مسلم (4) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَا وَأَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ. فَسَأَلَهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْجَنَابَةِ؟
…
(1)(10/ 375)
(2)
رواه الترمذي والنسائي. راجع تحقيقه في أضواء البيان (5/ 596 - 597).
(3)
رواه الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة.
(4)
رواه مسلم (1/ 176)
(5)
قال النووي رحمه الله: وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء اهـ. وتعقبه الشنقيطي بأن هذا إنما كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وخص الجواز بنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنظر أضواء البيان (5/ 599 - 602).
هي من الشعر ما كان إلى الأذنين ولا يجاوزهما، وإنما يجوز لهن ذلك إذا لم يقصدن التشبه بالأجنبيات، وإلا فلا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم" اهـ.
وقال الشنقيطي رحمه الله: ( .. حلق المرأة شعر رأسها نقص في جمالها وتشويه لها، فهو مثلة، وبه تعلم أن العرف الذي صار جاريا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام، فهو من جملة الإنحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك) اهـ (1).
(1) أضواء البيان (5/ 598 - 599).