الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمة في الحث على الرفق في النصيحة
اعلم يا أخي المسلم، أرشدني الله وإياك إلى ما فيه رضاه: أن الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر لا ينبغي له أن يعدل عن الرفق والتعريف إلى الشدة والتعنيف ما وجد إلى ذلك سبيلا، وقد أرسل ربنا عز وجل كليمه موسى وهارون صلى الله عليهما وعلى نبينا وسلم إلى شر الناس فرعون لعنه الله فقال عز وجل:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} هذا مع أنه هو الذي قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} ، وقال:{يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} كما حكى عنه ربنا سبحانه وتعالى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ "(2) وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ» (3) وقال صلى الله عليه وسلم «بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا» (4).
ومن أحق الناس بحسن الصحبة والرفق الوالدان قال تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} وسئل الحسن البصري رحمه الله عن الولد، كيف ينكر على والده؟ فقال: يعظه ما لم يغضب، فإذا غضب سكت عنه (5). وفي بعض الآثار: إن من حق الوالد على ولده أن يخشع له عند الغضب (6) فالولد لا
(1) عليه.
(2)
و (3) رواهما مسلم.
(4)
متفق عليه.
(5)
الأمر بالمعروف للبيانوني ص50 - 51.
(6)
رواه ابن عساكر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنطر "بر الوالدين" الغماري ص 78.
يجوز له أن ينكر على والديه إلا في حدود مرتبتي التعريف، ثم الوعظ بالنصح اللطيف، ولا يتجاوزهما بحال إلى مرتبتي السب والتعنيف أو التهديد بالضرب والتخريف، وعلى الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يتفقه في هذه العبادة العظيمة قبل ممارستها وذلك بتعلم فضائلها ومراتبها وآدابها وقواعدها، وهذا آخر ما تيسر جمعه من مسائل هذا البحث أسال الله أن ينفع به أهل السنة والإيمان ويقمع به أهل البدعة والطغيان، وأن يتقبله منا ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
وجزى الله خيرا كل من نظر فيه بعين الإنصاف، ونصح لله ولرسوله وللمسلمين، فاستدرك علينا ما لا بد من ركوبه من زلل فقد أبى الله العصمة إلا لكتابة قال عز وجل:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} والحمد لله الذي تتم بجلاله ونعمته الصالحات، وعلى نبيه ورسوله سيدنا محمد أفضل الصلوات وأكرم التحيات.
وكان الفراغ من تهذيبه وترتيبه ونسخه في يوم السبت الثامن والعشرين من المحرم سنة 1401هـ الموافق السادس من ديسمبر 1980م.