الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو محل تسلط الأرواح الخبيثة.
الثالث: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [سورة الفلق آية: 4] وهذا من شر السحر، فإن النفاثات السواحر اللاتى يعقدن الخيوط، وينفثن على كل عقدة، حتى ينعقد ما يردن من السحر; والنفاثات مؤنث، أي: الأرواح والأنفس، لأن تأثير السحر إنما هو من جهة الأنفس الخبيثة.
الرابع: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [سورة الفلق آية: 5] وهذا يعم إبليس وذريته، لأنهم أعظم الحساد لبني آدم أيضا، وقوله:{إذا حسد} لأن الحاسد إذا أخفى الحسد، ولم يعامل أخاه إلا بما يحبه الله، لم يضره.
[تفسير
سورة الناس]
وقال أيضا الشيخ محمد رحمه الله: تفسير سورة الناس:
بسم الله الرحمن الرحيم
وأما قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [سورة الناس آية: 1] فقد تضمنت أيضا ذكر ثلاثة: الأول: الاستعاذة وقد تقدمت; الثاني: المستعاذ به; والثالث: المستعاذ منه; فأما المستعاذ به، فهو الله وحده لا شريك له، رب الناس الذي خلقهم، ورزقهم ودبرهم، وأوصل إليهم مصالحهم، ومنع عنهم مضارهم.
مَلِكِ النَّاسِ} [سورة الناس آية: 2] أي: المتصرف فيهم، وهم عبيده ومماليكة، المدبر لهم، كما يشاء الذي له القدرة والسلطان
عليهم; فليس لهم ملك يهربون إليه إذا دهمهم أمر; يخفض ويرفع، ويصل ويقطع، ويعطي ويمنع.
{إِلَهِ النَّاسِ} [سورة الناس آية: 3] أي: معبودهم الذي لا معبود لهم غيره، فلا يدعى ولا يرجى ولا يخلق إلا هو، فخلقهم وصورهم، وأنعم عليهم، وحماهم مما يضرهم بربوبيته، وقهرهم، وأمرهم ونهاهم، وصرفهم كما يشاء بملكه، واستعبدهم بالهيبة الجامعة لصفات الكمال كلها.
وأما المستعاذ منه، فهو: الوسواس، وهو الخفي الإلقاء في النفس، إما بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه، وإما بصوت كما يوسوس الشيطان إلى العبد; وأما الخناس فهو الذي يخنس ويتأخر ويختفي.
وأصل الخنوس: الرجوع إلى وراء؛ وهذان وصفان لموصوف محذوف، وهو الشيطان، وذلك: أن العبد إذا غفل جثم على قلبه، وبذل فيه الوساوس، التي هي أصل الشر; فإذا ذكر العبد ربه واستعاذ به خنس.
قال قتادة: الخناس له خرطوم كخرطوم الكلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، ويقال: رأسه كرأس الحية، يضعه على ثمرة القلب، يمنيه ويحدثه; فإذا ذكر الله خنس. وجاء بناءه على الفعال، الذي يتكرر منه، فإنه كلما ذكر الله انخنس، وإذا غفل عاد.
وقوله: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} [سورة الناس آية: 6] يعنى: أن الوسواس نوعان: إنس وجن؛ فإن الوسوسة الإلقاء الخفي، لكن إلقاء
الإنس بواسطة الأذن، والجني لا يحتاج إليها; ونظير اشتراكهما في الوسوسة، اشتراكهما في الوحي الشيطاني، في قوله:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [سورة الأنعام آية: 112] . والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
آخر الجزء الثالث عشر؛ ويليه الجزء الرابع عشر: " كتاب النصائح"