الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالدعاء العظيم المتضمن وضع الآصار والأغلال، والعفو والمغفرة والرحمة، وطلب النصر على القوم الكافرين الذين هم أعداء ما شرعه من الدين في كتابه المبين.
سورة آل عمران
وسئل أيضا الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، عن قوله عز وجل:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [سورة آل عمران آية: 18] إلى قوله سبحانه: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة آل عمران آية: 6] ما معنى هذا التكرار؟ هل هو تأكيد أم غير ذلك؟
فأجاب: وأما قوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [سورة آل عمران آية: 18] فذكروا في تفسيرها (مسائل) :
الأولى: إعلام بأن الله سبحانه شهد بهذا، وكذلك كل عالم يشهد به، وليس هذا ثناء على نفسه مجردا، بل هو قيام بالقسط؛ وأما الكلمة الثانية فهي: تعليم وإرشاد ; والله أعلم.
[شروط الإسلام التي يصير بها الإنسان مسلما]
وسئل الشيخ عبد الله عن قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الأِسْلامِ دِيناً} [سورة آل عمران آية: 85] ، وعن شروط الإسلام التي يصير بها الإنسان مسلما، هل هي غير ما أثبت للناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه، وسماهم به مسلمين؟ أم غير ذلك؟ .
فأجاب: الإسلام وشروطه ما بينه الله في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وتوفى الله رسوله وأصحابه عليه في حياته، وفي زمن خلفائه الراشدين المهديين، رضي الله عنهم، وما حدث بعد ذلك فليس من الدين،
بل كان بدعة وضلالة، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:" عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " 1، وهذا مجمع عليه عند جميع الأمة، ولكن الشأن في تحقيق القول بالعمل. فإن من الناس من يزعم أنه مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهو كافر مشرك بالله، مكذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن اليهود يزعمون أنهم مسلمون على الحق وكذلك النصارى، وهم كافرون بالله ورسوله.
فمن أراد الله هدايته ووفقه للعمل بكتابه وسنة رسوله باتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل البيت وغيرهم، فهذا هو العصمة والنجاة; كما كان العلماء رضي الله عنهم يقولون: السنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، والله أعلم.
[سبب نزول قوله تعالى " {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} ]
وقال الشيخ: محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة آل عمران آية: 79] الآيتين.
إذا عرفت أن سبب نزولها قول أهل الكتاب: نحن مسلمون نعبد الله، إلا إن كنت تريد أن نعبدك; عرفت أنها من أوضح ما في القرآن من تقرير الإخلاص والبراءة من
1 أبو داود: السنة (4607)، والدارمي: المقدمة (95) .
الشرك، ومن أعظم ما يبين لك طريق الأئمة المهديين من الأئمة المضلين.
وذلك أن الله وصف أئمة الهدى بالنفي والإثبات، فنفى عنهم أن يأمروا أتباعهم بالشرك بهم، أو بالشرك بالملائكة والأنبياء، وهم أصلح المخلوقات؛ وأثبت أنهم يأمرون أتباعهم أن يصيروا ربانيين، فإذا كان من أنزله الله بهذه المنْزلة، لا يتصور أن يأمر أتباعه بالشرك به ولا بغيره من الأنبياء والملائكة، فغيرهم أظهر وأظهر.
وإذا كان الأمر الذي يأمرهم به كونهم ربانيين، تبين طريقة الأنبياء وأتباعهم، من طريقة أئمة الضلال وأتباعهم، ومعرفة الإخلاص والشرك، ومعرفة أئمة الهدى، وأئمة الضلال، أفضل ما حصل المؤمن.
لكن فيه من البيان قول اليهود: إلا إن كنت تريد أن نعبدك، كما عبدت النصارى عيسى، وقول النصارى: تريد ذلك، أي: إلا إن كنت تريد أن نعبدك، كما عبدت اليهود عزيرا، أن عبادة غير الله من أنكر المنكرات ببديهة العقل، ولكن الهوى يعمي ويصم.
وفيه: معرفة الإنسان بعيب عدوه، ولا يعرف ما فيه من ذلك العيب بعينه، ولو كان فيه منه أضعافا مضاعفة. وفيه: ما على من قرأ القرآن من الحق من تعلم معانيه، وفيه: أن عليه أن يعمل به. وفيه: أن يكون ربانيا. وفيه: أن ذلك بسبب درس
الكتاب وعلمه وتعليمه. وفيه: أن المسلم إذا أشرك بالأنبياء والصالحين كفر بعد إسلامه.
وفيه: معرفة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو عليه من العدل والتواضع، كيف يتفوهون له بهذا الكلام، وهم تحت يده محتاجون له. وفيه: أن من أشرك بشيء فقد اتخذه ربا. وفيه: أن قوله في القرآن: {مِنْ دُونِ اللَّهِ} [سورة البقرة آية: 23] ليس كما يقول الجاهلون ; لأن أهل الكتاب لا يتركون عبادات الله.
وقوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} [سورة آل عمران آية: 81] الآيتين: فيه: ما هو من أبين الآيات للخاص والعام، وكونه صلى الله عليه وسلم مذكورا مبشرا به في كتب الأنبياء. وفيه: حجة على أن دعوته عامة في الظاهر والباطن. وفيه: أن الإيمان به لا يكفي عن نصرته، بل لا بد من هذا وهذا.
وفيه: أخذه تعالى الميثاق على الأنبياء بذلك، دليل على شدته إلا على من يسره الله عليه. وفيه: أن من آتاه الله الكتاب والحكمة أحق بالانقياد للحق إذا جاء به من بعده، بخلاف ما عرف من حال الأكثر من ظنهم أنه لو اتبعه غيرهم فهو نقص في حقهم.
وفيه: مزيد التأكيد بقوله: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [سورة آل عمران آية: 81] وفيه إشهادهم مع شهادته سبحانه. وفيه: أن من تولى بعد ذلك فجرمه أكبر. وفيه: أن الآخر مصدق لما معهم لا مخالف له.
فإذا كان هذا في أهل الملل، فكيف بأهل الملة الواحدة إذا ضلوا، ثم جاءهم من يرشدهم إلى دينهم الذي أنزل الله عليهم، وهو الذي ينتحلونه ; فإن تولوا بعد معرفته فأولئك هم الفاسقون.
فإن جمعوا مع التولي تكذيبه، فإن جمعوا مع التكذيب الاستهزاء، فإن جمعوا مع ذلك عداوته الشديدة، فإن أضافوا إلى ذلك تكفير من صدق كتابهم ونبيهم واستحلال دمه وماله، فإن أضافوا إلى ذلك كله اتباع دين المشركين أعداء نبيهم، ونصروه بما قدروا عليه، وبذلوا النفس والأموال في نصرته، وعداوة دين نبيهم وإزالته من الأرض حتى لا يذكر فيها. فالله المستعان.
وسئل عن قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [سورة آل عمران آية: 97] هل المراد منه - عند الموت - من الكفر، عند عرض الأديان؟ أم المراد منه: أنه إذا أحدث حدثا لا يقص منه ما دام في الحرم؟.
فأجاب: التفسير المعروف في أن الله جعل الحرم بلدا آمنا قدرا وشرعا; فكانوا في الجاهلية يسفك بعضهم دم بعض خارج الحرم، فإذا دخل الحرم صافى الرجل قاتل أبيه لم يهجه، وحرمته في الإسلام كذلك أو أشد.
لكن إذا أصاب رجل حدا خارج الحرم ثم لجأ إليه، فهل يكون آمنا لا يقام عليه فيه الحد أم لا؟ .
فيه نزاع، وأكثر السلف على أنه يكون آمنا، كما نقل عن ابن عمر وابن عباس
وغيرهما، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما، وقد استدلوا بهذه الآية، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث:" إنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي ". ""
[المسائل المستنبطة من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ]
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: ومن قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ [سورة آل عمران آية: 100] إلى قوله {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ} [سورة آل عمران آية: 108] .
الأولى: سبب النّزول يدل على شدة الحاجة لها، فإذا احتاجوا فكيف بغيرهم؟ !
الثانية: الخوف على مثلهم الردة بذلك، فكيف بمن دونهم؟ ! .
الثالثة: أن فيمن أوتي الكتاب من يدعو إلى الردة، مثلما أن فيهم من يدعو إلى الله.
الرابعة: التصريح بأن ذلك بعد الإيمان.
الخامسة: لطف الله تعالى بعبده بدعوتهم بهذا الوصف.
السادسة: استبعاد الكفر ممن تتلى عليهم آيات الله وفيهم رسوله، فإذا مضت الثانية فالأولى باقية.
السابعة: أن آيات الله لا نظير لها في دفع الشر في سائر الكلام، كما أن رسوله لا نظير له في سائر الأشخاص في دفع ذلك.
الثامنة: الرد على أعداء الله الذين يزعمون أن القرآن لا يفهم معناه.
التاسعة: أن الاعتصام بحبل الله جامع.
العاشرة: أن الطرق فيها المعوج وفيها المستقيم.
الحادية عشر: ذكر حق تقاته.
الثانية عشر: لطافة الخطاب.
الثالثة عشر: لزوم
الإسلام إلى الممات.
الرابعة عشر: فيه التنبيه على قوله: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " 1 لأن ذلك سبب النّزول.
الخامسة عشر: كون الإسلام طاعة الرسول ومعصية أولئك.
السادسة عشر: خوفك من الردة وإن كنت من الصالحين.
السابعة عشر: ذكر الاعتصام بحبل الله، وهو القرآن ; ففيه دليل على أنه عصمة.
الثامنة عشر: الأمر بالاجتماع على ذلك.
التاسعة عشر: تأكيده ما تقدم بالنهي عن الافتراق، وفيه تذكيرهم بالنعمة التي هم فيها بعد تلك البلية.
العشرون: تذكيرهم بالنعمة العظمى وهي: إنقاذهم من النار بعد أن كانوا على شفا حفرة منها.
الحادية والعشرون: ذكره هذا البيان الواضح في آياته.
الثانية والعشرون: أن الفائدة في تعليم العلم تذكر المتعلم واهتداؤه.
الثالثة والعشرون: ذكر الأمر بطائفة متجردة للدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الرابعة والعشرون: تخصيصها بالفلاح.
الخامسة والعشرون: نهيهم عن مشابهة الذين تفرقوا واختلفوا من بعد مجيء الآيات.
السادسة والعشرون: فيه دليل على أن الله ذكر لنا من البينات، في دواء هذا الداء، ما فيه الشفاء.
السابعة والعشرون: وعيد من ارتكب هذا المنهي عنه بالعذاب الأليم.
الثامنة والعشرون: بياض الوجوه وسوادها.
1 البخاري: العلم (121)، ومسلم: الإيمان (65)، والنسائي: تحريم الدم (4131)، وابن ماجه: الفتن (3942) ، وأحمد (4/358، 4/363، 4/366)، والدارمي: المناسك (1921) .