الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سائغ، أو بين مذوقات شهية والناقد البصير يرى هدما للعقائد والأخلاق.
والصهيونية العالمية هى التى تديرها وتقف من ورائها، ولها أصابعها وعيونها فى كل دولة وفى كل وسط، ويستطيع رجالها، بمالهم من خبرة وما مرنوا عليه من أساليب، أن يشكلوا أفكار الناس وأخلاقهم كما يريدون، والمجتمع الإسلامى لا بد أن يتنبه إلى هذه المخططات ويعد لها العدة حتَّى لا يفاجأ بها فينهار وتنهار معه القيم الإسلامية.
المقاومة الفكرية والخلقية:
ذكرنا فيما تقدم بعض مظاهر الحرب السياسية وتوابعها ضد الإسلام فى أصله وفى عالميته، وهى حرب عريقة فى القدم اتخذت أشكالا شتى، وفيما يلى بعض مظاهر لحرب أخرى اتخذت طابعا علميا خلقيا، وإن يخدم الحرب السياسية ويساعد على الاستعمار.
إن حرب العقيدة والأخلاق قديمة أيضًا، بل هى أقدم من الحرب السياسية المسلحة، وقد تولى كبرها المسيحية واليهودية اللتان رأتا فى الدين الجديد قوة منافسة تزحمهما فى ميدان النفوذ.
كانت أساليب الأعداء فى هذه الحرب قيادة حملة افتراء وتكذيب لدعوة الإسلام ولشخص الرسول وأصحابه، واشتدت وطأة هذه الحرب عندما ضاع سلطان الأديان من هذه البقعة الواسعة التى كان يسيطر عليها الإسلام، وبلغت أشدها بعد الحروب الصليبية وبعد طرد المسلمين من أسبانيا، فقد تبين تماما للمنهزمين فى هذه الحروب أن سبب غلبة المسلمين عليهم هو إيمانهم وأخلاقهم التى تعلموها من كتاب الإسلام، وحرصوا على التمسك بها والتضحية من أجل الدفاع عنها.
لهذا عمد الأعداء إلى كسر هذه الأسلحة المعنوية التى قاتل المسلمون بها أعداءهم وانتصروا عليهم، يقول:"أتين ذينيه" فى كتابه عن السيرة النبوية: ليت شعرى ما عسى أن يكون منشأ البغض الذى يضمره المسيحيون للإسلام، وهو مع عدم قابليته للتخيير، يقدم لهم كثيرا من الأدلة على احترامه لعيسى، هذا البغض استمر فى عصرنا هذا عصر التسامح الدينى، إن لم نقل عصر عدم المبالاة بالدين، ألكون نشأته آسيوية؟ ولكن، ألم تكن المسيحية آسيوية فى جوهرها قبل تخليصها من اليهودية بوساطة بولس الرسول؟ فقد قال عيسى نفسه. إنى لم أرسل إلَّا لنعاج بنى
إسرائيل الضالة "إنجيل متى 15". أم من شريعته؟ ولكن شريعة الإسلام تكاد تكون مطابقة لمذهب بعض أشياع المذهب البروتستانتى (هذا الإطلاق غير صحيح) أم من ذكرى الحروب الصليبية؟ نعم إن هذه الذكرى رغما من تقادم الزمن لا تزال تفعل فعلها المشئوم فى نفوس كثير من الجهلاء، ولكنها لا تكفى وحدها فى تعليل حكم الإعدام الذى قضى به على الإسلام في أوروبا، فلابد إذًا من تلمس سبب آخر. انتهى كلامه.
يقول "دير منجم" فى كتابه "حياة محمد"(1): حينما اشتعلت الحرب بين الإسلام والمسيحية ودامت عدة قرون، اشتد النفور بين الفريقين، وأساء كل منهما فهم الآخر، ولكن يجب الاعتراف بأن إساءة الفهم كانت من جانب الغربيين أكبر مما كانت من جانب الشرقيين. وفى الواقع أنَّه على أثر تلك المعارك العنيفة التى أرهق بها الجدليون البيزنطيون الإسلام بمساوئ احتقارات دون أن يتعبوا أنفسهم فى دراسته، هب الكتاب والشعراء المرتزقة من الغربيين وأخذوا يهاجمون العرب، فلم تكن مهاجمتهم إياهم إلَّا تهما باطلة، بل متناقضة.
(1) ص 135 من الطبعة الفرنسية.
لقد كان من مفترياتهم ما جاء فى قصيدة "رولان" وهى أهم منتجات العصور الوسطى الغربية على الإطلاق، إن فرسان "شارلمان" قد أسقطوا الأصنام الإسلامية، وأن العرب يعبدون ثالوثا مؤلفا من: محمد، وأَبولون، وتيرفاجان.
كما جاء فى رواية ألفت بعد انتهاء الحروب الصليبية: أن الإسلام يبيح زواج المرأة الواحدة من عدة رجال معا.
وهذه المفتريات لم تروج فى العصور الوسطى فقط، بل فى عصر النهضة كذلك، بل التاث بها باساكال ومالبرانش فى القرن السابع عشر، ورينان فى القرن التاسع عشر، وكازانوفا ودير منجم فى القرن العشرين، لقد اتهم رينان فى كتابه "الإسلام والعلم"، الإسلام بتهم باطلة ردها عليه جمال الدين الأفغانى.
وكما رأيت دور المبشرين فى حرب الإسلام نريك أن المستشرقين الذين عنوا بالدراسات الشرقية، وبالأخص منها الإسلامية والعربية حملوا سلاح الكذب والبهتان والتضليل والتشويه لمبادئ الإسلام وحقائقه، وعلى التاريخ الإسلامى أيضًا.
وكان أشد هؤلاء حربا للإسلام هم اليهود، الذين وجدناهم وراء كل حرب ضد الإسلام تقريبا، وقد تقدم لك ما كتبه "ساوندرز" فى مجلة التاريخ المعاصر عن دخول الإسلام فى فلسطين وأنه كان مصادفة، ولم يفكر نبى الإسلام في الدعوة إلى دينه خارج الجزيرة العربية.
لقد قام الاستشراق أولا لغرض دينى، إذ حركت الحروب الصليبية في نفوس الأوروبيين الرغبة فى إعادة النظر فى شرح كتبهم الدينية وفهمها على أساس التطور الحديث، الذى تمخضت عنه حركة الإصلاح، "فاتجهوا إلى الدراسات العبرانية ثم العربية ثم الإسلام، وبمرور الزمن اتسع نطاق البحث فشمل الأديان واللغات والثقافات غير الإسلامية والعربية.
كما أن المسيحيين رغبوا فى التبشير بدينهم بين المسلمين، فأقبلوا على الاستشراق ليتسنى لهم تجهيز الدعاة وإرسالهم إلى العالم الإسلامى، والتقت مصلحة المبشرين مع أهداف الاستعمار فمكن لهم واعتمد عليهم فى بسط نفوذه فى الشرق.
كما كان للاستشراق أسباب أخرى تجارية أو دبلوماسية سياسية، ولكن يلاحظ أن اليهود قاموا
بالاستشراق لغرض كان دينيا أكثر منه شيئًا آخر، وهذا الغرض هو إضعاف الإسلام والتشكيك فيه بكل وسيلة ممكنة.
وتركرت أهداف الاستشراق، مع تنوعها، أخيرا على خلق التخاذل الروحى، وإيجاد الشعور بالنقص في نفوس المسلمين، وحملهم من هذا الطَّرِيقِ على الخضوع للتوجيهات الغربية، ويحاول المستغلون منهم بالآداب أن يفضلوا أدب الغرب على آداب العرب والإسلام.
ومن أخطر المجلات التى ينشر فيها المستشرقون أبحاثهم مجلة "العالم الإسلامى" التى أنشأها القس "صمويل زويمر" سنة 1911 م وكانت تصدر من "هارتفورد" بأمريكا، وطابعها تبشيرى سافر، وللمستشرقين الفرنسيين مجلة بهذا الاسم أيضًا، وبهذا الروح وهذا الاتجاه.
وأخطر ما قام به المستشرقون حتَّى الآن هو إصدار دائرة المعارف الإسلامية بعدة لغات، وهى مرجع لكثير من المسلمين فى دراساتهم، على ما فيها من خلط وزيف وتعصب سافر ضد الإسلام والمسلمين، والهيئات السياسية والدينية والاقتصادية تغدق على المستشرقين
الأموال الطائلة، وتحبس عليهم العطايا لتساعدهم على متابعة نشاطهم، التى يفيدون منها فى مجال عملهم.
ومن أخطر هؤلاء المستشرقين على الإسلام الأب "لامانس" الذى ألف كتابا عن الإسلام، فيه أكاذيب ومفتريات كثيرة، وهو يعد عند المستشرقين حجة فيما يكتب عن الإسلام، ودوره فى هذه الحرب السلمية كدور "بطرس الناسك" فى الحروب الصليبية. يقول هذا الرجل مشككا فى شجاعة النبيّ وشجاعة العرب: زعموا أن العربى متسم بالشجاعة، بل لقد عللوا النجاح فى الفتوح الإسلامية الأولى بما امتاز به العربى من صفات ومزايا، ولكنى أتردد فى قبول هذا الرأى المبالغ فيه إلى حد كبير، إن شجاعة العرب إنما هى من نوع غير سام. . ولقد قال عنه "الفونس ايتين دينيه" الذى أسلم وسمى ناصر الدين. فلا مانس جرئ جرأة نادرة، وتتمثل هذه الجرأة فى أنَّه إذا لم يعثر خلال أبحاثه الطويلة على خبر واحد يؤكد به زعمه وهواه استغنى عن الخبر وثبت على مزاعمه الباطلة، التى يسوقها إلى القراء فى رشاقة بالغة، وأحيانا يقول: هذا أمر عنى رجال الحديث والخبر بكتمانه.
ومن وسائل العدو الحرب الدينية ضد الإسلام إيفاد الأساتذة للتدريس فى معاهد البلاد الإسلامية، وتيسير طلب العلم فى بلادهم للمسلمين وتخصيص منح سخية لذلك، والعمل على نشر الكتب والصحف والأفلام والروايات وكل أنواع الثقافة.
وهذه الثقافة التى تحملها هذه الوسائل فى خلالها سموم ضد الأفكار وضد العقائد والأخلاق، وجدنا أثرها فى الناشئة من أبناء المسلمين وأساتذتهم الذين تربوا على هذه الموائد، ووجدنا حرية الفكر والبحث، والطعن والنقد، تنشر ويتسع مداهما، دون أن نجد لها حاجزا يصدها، أو مصباحا قويا يكشف ضلالها، من ثقافة دينية أصيلة واعية، ومعارف إسلامية واضحة، اللهم إلَّا شيئًا قليلا لا يغنى فى هذه الحرب الطاحنة التى يجب أن تحشد لها كل الأسلحة وأحدثها وأقواها.
وكان لهذه الثقافات أثرها فى التحرر من القيود والخروج على التقاليد، وإهدار القيم والانحراف إلى المذاهب الهدامة والتشيع للآراء الضالة يقول "أمرسون"، فى كتابه الذى ترجم أخيرا بمشورة السفارة الأمريكية: من أراد أن يكون رجلًا ينبغى أن ينشق
على السائد المألوف، ومن أراد أن يجمع ثمر النخيل الخالد ينبغى ألا يعوقه ما يسميه الناس خيرا، بل يجب عليه أن يكتشف إن كان ذلك خيرا حقا. لا شئ فى النهاية مقدس سوى نزاهة عقلك. حرر نفسك لنفسك يؤيدك العالم، الخير والشر اسمان يمكن فى سهولة شديدة أن ينتقلا إلى هذا أو ذاك، والشيء الوحيد الصحيح هو ما يتبع تكوينى، والشئ الوحيد الخطأ هو ما يقاومه. "ص 132". ويقول في ص 154. إن من ينبذ الدوافع العامة الإنسانية، ويجرؤ على الثقة العامة فيما تمليه عليه نفسه لابد أن يتميز ببعض صفات الآلهة.
وفى هذا الكلام الأمريكى دعوة إلى التحرير الفكرى المطلق وإيمان كل إنسان بما يمليه عليه عقله، فالحقيقة هى ما يراها هو لا ما يراها غيره، فذلك خطأ. وهذا مبدأ كان أحد مبادئ السوفسطائية القدامى المسمين "عندية"، لا تستقر به حقيقة عامة أبدا، وهو أضل الفوضي. فى الفكر والسلوك، وهل من مصلحة المسلمين أن يطلعوا على هذه الثقافة ليتخذوها هاديا لهم في حياتهم؟ .
يقول الأستاذ محمد محمد حسين معقبا على هذا: هذا الكاتب وأمثاله يعتمدون على أن الأذكياء سوف يجدون فى كلامهم ما يرضي غرورهم، أما الأغنياء فسوف يقفون أمامه مشدوهين كأنهم أمام معجزة، وأما الشباب فسوف يجدون فيما يتضمنه من الثورة التى تحطم ولا تبقى ولا تذر، مجالا للتنفيس عن نشاطهم ونزوعهم إلى إثبات وجودهم من كل وجه، وهذا الكاتب الصهيونى يتعقب شعائر الدين كلها بالتسفيه والسخرية اللاذعة فالتوبة والندم عنده شيء آخر، هو نوع من الصلاة الزائفة، ونقص فى الاعتماد على النفس وعجز فى الإرادة، والرحمة والعطف لا تقل عن الندم وضاعة "ص 157".
كان أمثال هذه الثقافات من العوامل التى دفعت إلى الشك في الأديان، فألحد الكثيرون، ودفعت أيضًا إلى الطعن فى الإسلام من طرق شتى، فمرة. بأن القرآن من صنع محمد لم يوح به إليه، أو أنَّه أوحى بمعناه دون لفظه، ومرة بأنه لم يجمع كله بل ضاع بعضه، وبأنه محرف، لأن فيه مصاحف يوجد فيها ما لا يوجد فى الأخرى ومرة يقولون: إن السنة التى نسبت إلى النبي لا يصح الاعتماد عليها لعدم الثقة بطريقها، ويجرحون كثيرًا من الرواة ليضلوا بذلك إلى هدم الأساس الذى كان منه التشريع، وإذا انعدمت
الثقة فى الحديث الذى يوجهون إليه طعونهم، سقط حصن منيع من حصون الشريعة فيتجهون إلى الحصن الآخر وهو القرآن ليزعزعوا عقيدة المسلمين فيه فإذا خرجوا منه، وهو معتصمهم، كانوا كالغنم المحصنة فى حظيرتها ثم انطلقت فانتهشتها الذئاب لقمة سائغة.
وكذلك يوجهون الطعون إلى الإسلام كنظام اجتماعى أو سياسى لا يصلح للتطبيق فى عصور المدنية والحضارة ويزعمون أنَّه هو سبب ضعف المسلمين وتأخرهم، محاولين إثبات ما يفترونه مع واقع المسلمين لا من نصوص الدين، ويحاولون أن يلصقوا بالإسلام ما يشوه جماله ويشوب صفاءه ونقاءه، حتَّى يبدو للناس مسخا لا يصلح للبقاء فى عصر العلم والتجربة.
لقد نشرت صحيفة التايمس أخيرًا مقالًا تحت عنوان "الاستعمار والإسلام" ذكرت فيه تقدم الإسلام بسرعة فى أفريقيا، وأنه يثير القلق عند الأوربيين، ويخشون أن يخترق المناطق الاستوائية إلى الجنوب.
كما ذكرت أن المفكرين الغربيين اختلفوا فى اتجاههم الفكرى نحو مستقبل الإسلام فى أفريقيا، فرأى بعضهم ضرورة الحد من تقدمه عن طريق نشر البدع والخرافات فيه، حتَّى يكون هذا بمثابة حائل يقف أمام ضغط الإسلام المتزايد.
ولعل هذا هو السر فى أن الاستعمار يحتضن رجال الطرق الصوفية فى أفريقيا، وكثير منهم لا يحسن فهم الإسلام ولا عرضه على الناس، ويساعدهم على نشر الأباطيل التى تعرض للناس عنى أنَّها هى الإسلام، فيأخذون صورة مشوهة عنه تنفرهم فيتملصون أو لا يدخلون فيه.
وبعد فإن حملات التبشير وتضليل المستشرقين، والغزو الثقافى والخلقى ومؤتمرات الاستعمار، تهدف كلها إلى إضعاف شوكة المسلمين وتعمل جميعها فى إطار واحد هو محو الشخصية الإسلامية أو إضعاف أثرها، والحط من قيمة الإسلام والمسلمين فى المحيط العالمى. وهذه كلها تحد من التوسع الإسلامى إلى حد ما، ذلك التوسع العالمى الذى يهدد الاستعمار فى أفريقيا وآسياه.
وقد أحكم الأعداء هذه المحاولات وسددوا بدقة تلك الضربات خصوصا فى القرون الأخيرة، وركزوا اهتمامهم على العرب فى وطنهم الواسع، وأقاموا حوله حصارا سياسيا واقتصاديا، موجهين إليه كل أسلحتهم، لعلمهم أن الإسلام، وهو دين أغلبيتهم، يقوى بالعرب أكثر مما يقوى بغيرهم، وأن اعتزاز العرب بعروبتهم وإسلامهم عميق جدًا، وبأن لغتهم هى الرابطة التى جمعت أكثر المسلمين حولهم.
وكانت الهجمات التى وجهت إلى مصر موجهة فى الحقيقة إلى الإسلام والعروبة، لأنهم يعتبرونها رأس المقاومة، والجزء العصبى من جسم الأمة الإسلامية، وقد بدأت الهجماته عليها بالاحتلال الفرنسى فى أواخر القرن التاسع عشر، ثم بالضغط على مصر لتكون فى جانب الحلفاء فى الحرب العالمية الثانية، وأخيرا وضع الاستعمار شوكة فى قلب الوطن العربى هى "إسرائيل" لتظل عامل فتنة ومثار قلق وجسرا يعبر عليه المستعمرون إلى أية، بقعة فى الوطن العربي.
ثم ظهر الحقد الكامن عندما قطعت مصر على الاستعمار طريقه الذى ظل يتحكم في مصاير العرب قرابة مائة سنة، وهو قناة السويس فكانت حملة سنة 1956 على بورسعيد، وما زال الحقد يأكل قلوبهم إلى الآن، وقد تنفس عن هجوم إسرائيل وعلى الوطن العربى بمساعدة الاستعمار، وعرقلة كل الجهود لإحقاق حق العرب والتمكين للسلام فى العالم العربى، ولن يزول حقد الغرب علينا ما دامت فينا يقظة وقوة وفداء وتضحية وإيمان بالله عميق، والله يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.
يقول "ولفرد كانتويل سميث"، فى كتابه "الإسلام فى التاريخ الحديث ص 103:
فالغربيون الداعون للدنيوية يودون أن يروا المسلمين مرتدين عن دينهم، وإن لم يمكن ذلك فهم يودون أن يروهم بعيدين عنه طارحين له فى زاوية من حياتهم لا يقربونها، وأن يبنوا مجتمعاتهم كما يبنيها المتحررون، ولكن ليس ثمة احتمال لأن يتنازل العالم الإسلامى عن صفته الأساسية، وإلا كان ذلك كارثة له وللدنيا بأسرها.
وصدق الله إذ يقول: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} (1). ولم هذا العداء والمتربص ونحن ندين بالإسلام والسلام ونحترم جميع الأنبياء؟ {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} (2).
(1) سورة البقرة: 109
(2)
سورة المائدة: 59