الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7- صلاةُ الوَِتْرِ
" كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى -: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} (87:
19) ، وفي الثانية -:{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} (109: 6)، وفي الثالثة: {قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (112: 4) " (1) .
ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري عن أبيه عنه.
وهذا سند صحيح، وقد أخرجه الدارقطني - كما في " الفتح "(9/49) -.
وقد أخرجه مالك (1/211) ، ومن طريقه البخاري (9/48 - 49 و 13/303) ، وأبو
داود (1/230) ، والنسائي (1/155) ، والطحاوي في " المشكل "(2/81 و 82) ، وأحمد
أيضاً (3/35) ؛ كلهم عنه به نحوه، وفيه الزيادة الأولى.
وأما الزيادة الأخرى؛ فهي في روايةٍ للبخاري والطحاوي.
وروى أحمد (3/15) من طريق أخرى عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي
الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال:
بات قتادةُ بن النعمان يقرأ الليل كله
…
الحديث بنحوه.
وهذا سند ضعيف.
(1)
فيه أحاديث كثيرة:
الأول: عن ابن عباس رضي الله عنه.
أخرجه النسائي (1/249) ، والترمذي (2/325 - 326) ، والدارمي (1/372 -
373) ، وابن ماجه (1/357) ، وابن نصر (121) ، والطحاوي (1/170) ، وأحمد
(1/299 - 300 و 316 و 372) ، والطبراني في " الصغير "(ص 163) وفي " الكبير " أيضاً
من طرق عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عنه به.
..............................................................................
وهذا سند صحيح - كما قال الحافظ العراقي (1/175) -.
ورواه الطحاوي، وأحمد (1/305) من طريق شَرِيك عن مُخَوَّل عن مُسلم البَطِين
عن سعيد به.
وشريك: سيئ الحفظ، وقد رواه عن أبي إسحاق أيضاً كالجمهور.
رواه الترمذي وغيره.
الثاني: عن أُبيّ بن كعب.
أخرجه أبو داود (1/224 - 225) ، والنسائي (1/248 و 251) ، وابن نصر (126) ،
والدارقطني (175) ، والحاكم (2/257) ، وأحمد (5/123) من طرق عن سعيد بن
عبد الرحمن بن أَبْزَى عن أبيه عنه.
وهذا سند صحيح - كما قال الحاكم، وكذا قال العراقي أيضاً (1/311) -، وفي
سنده اختلاف ذكره النسائي، وهو لا يضر في صحته؛ فإنه دائر بين أن يكون من
حديث عبد الرحمن بن أبزى - كما أخرجه أحمد (3/406 و 407) وغيره -، وبين أن
يكون من روايته عن أُبيٍّ - كما في هذه الرواية -، وهي زيادة من ثقة؛ يجب قبولها.
الثالث: عن عِمران بن حُصَين.
أخرجه النسائي (1/252) من طريق شَبَابَةَ عن شعبة عن قتادة عن زُرارة بن أوفى
عنه.
وسنده صحيح، رجاله رجال الشيخين، وقد أعله النسائي بقوله:
" لا أعلم أحداً تابع شبابة على هذا الحديث. خالفه يحيى بن سعيد ". ثم ساقه
من طريق يحيى عن شعبة عن قتادة بهذا السند بحديث:
" قد علمت أن بعضكم خَالَجَنِيْها ". وقد تقدم في (القراءة) .
وكان يضيف إليها أحياناً: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} (113: 5) ، و {قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (114: 6)(1) .
قلت: وهذا ليس بعلة قادحة عندي؛ لأنه ما المانع أن يروي شعبة بإسناده هذا
حديثين: روى أحدَهما يحيى، والآخرَ شَبَابَةُ، وهو ثقة حافظ - كما في " التقريب " -!
فتفرده لا يضر، لا سيما وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن قتادة.
أخرجه الطحاوي (1/171) من طريق الحِمَّاني قال: ثنا عباد بن العوام عن الحجاج
عن قتادة به.
والحجاج: ثقة، لكنه مدلس. ومن طريقه رواه الطبراني أيضاً في " الكبير " - كما
في " المجمع "(2/243) -.
وفي الباب عن جمع غير هؤلاء من الصحابة.
خرَّج أحاديثَهم الهيثمي (2/243 - 244) ، ثم الشوكاني (3/29 - 30) ، وأسانيدها
لا تخلو من مقال، وفيما ذكرنا كفاية.
وفي الباب أيضاً من حديث عائشة بإسناد صحيح، وهو الآتي بعد هذا.
وقد اختار القراءة بهذه السور الثلاث في الوتر الإمام أحمد - كما رواه أبو داود عنه في
" مسائله " -، وحكاه الترمذي (2/326) عن أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم،
واستحب بعضهم قراءة المعوذتين بعد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ؛ لما في حديث عائشة، وهو ما:
(1)
أخرجه أبو داود (1/225) ، والترمذي (2/326) ، وابن ماجه (1/357) ،
والحاكم (2/520 - 521) ، وأحمد (6/227)(*) من طريق محمد بن سَلَمَةَ الحَرَّاني عن
_________
(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع لأبي العباس الأصم في " حديثه " (ج 2/ رقم
117) .
..............................................................................
خُصيف عن عبد العزيز بن جُريج قال:
سألنا عائشة: بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت:
كان يقرأ في الأولى بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، وفي الثانية بـ: {قُلْ يَا أَيُّهَا
الكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة بـ:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين. وقال الترمذي:
" حديث حسن غريب ". وقال الحاكم:
" إسناد صحيح ".
قلت: وليس كما قالا؛ فإن خُصَيفاً هذا صدوق سيئ الحفظ، اختلط بأخرة.
ولذلك قال في " التلخيص "(4/253) :
" وفيه لين ".
وشيخه عبد العزيز بن جُريج: ليِّن - كما في " التقريب " -.
لكن قد جاء بإسناد آخر يقويه، وهو ما أخرجه الطحاوي (1/168) ، والدارقطني
(176)
، والحاكم (1/305 و 2/520) ، وابن حبان أيضاً في " صحيحه " - (رقم 675 -
الموارد) - وغيره من طريق يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عَمْرَةَ عنها
به. وقال الحاكم:
" صحيح على شرطهما ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا. لكن قال في " التلخيص ":
" وتفرد به يحيى بن أيوب، وفيه مقال، ولكنه صدوق. وقال العقيلي: إسناده
صالح، ولكن حديث ابن عباس وأبي بن كعب - بإسقاط: المعوذتين - أصح. وقال ابن
الجوزي: أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة: المعوذتين. وروى ابن السكَن في
" صحيحه " له شاهداً من حديث عبد الله بن سَرْجِس بإسناد غريب ". اهـ.
قلت: وهذا يدفع القول بنكارة زيادة: المعوذتين.
ومرة: " قرأ في ركعة الوتر بمئة آية من {النِّسَاء} (4: 176) "(1) .
وقد ذهب إلى مشروعية القراءة بهما الشافعية؛ كما في " المجموع "(4/23)، قال:
" وحكاه القاضي عَيِاضٌ عن جمهور العلماء، وبه قال مالك وداود ".
قلت: واختاره ابن نصر (119) . ثم قال ابن نصر (127) :
" وسئل مالك عن القراءة في الوتر؟ فقال: ما زال الناس يقرؤون بالمعوذات في الوتر،
وأنا أقرأ بها في الوتر. وعن سفيان: كانوا يستحبون أن يقرأ في الركعة الأولى بـ: {سَبِّحِ
اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، وفي الثانية:{قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، ثم يقرأ في الثالثة: {قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وإن قرأت غير هذه السور؛ أجزأك. وقال أحمد رحمه الله: نختار أن يقرأ
في الوتر بـ: {سَبِّحِ} ، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} . وسئل: يقرأ
المعوذتين في الوتر؟ فقال: ولمَ لا يقرأ؟! ". اهـ.
وقول أحمد هذا رواه أبو داود في " مسائله "(64)، ولكن وقع فيه:
(ولمَ يقرأ؟!) . وذكر المصحح الأستاذ الشيخ بهجت البيطار حفظه الله تعالى أن في
النسخة الظاهرية:
(ولمَ لا يقرأ؟!) .
قلت: ومطابقة هذه النسخة لما ذكره ابن نصر عنه يدل على صحتها، دون النسخة
الأخرى.
(1)
هو من حديث أبي موسى. رواه عنه أبو مِجْلَز:
أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة، فصلى العشاء ركعتين، ثم قام فصلى ركعة
أوتر بها، فقرأ فيها بمئة آية من النساء، ثم قال:
ما ألَوْتُ أن أضع قدميَّ حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدميه، وأن أقرأ بما قرأ به رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ