المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1- صلاة الفجر - أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم - جـ ٢

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌جَوَازُ الاقتِصَارِ على {الفَاتِحَة}

- ‌الجهرُ والإسرارُ في الصَّلوَاتِ الخَمْسِ وغَيْرِها

- ‌الجَهْرُ والإسْرارُ في القراءةِ في صلاةِ الليل

- ‌ما كانَ يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات

- ‌1- صلاةُ الفجر

- ‌القراءةُ في سُنَّةِ الفَجْرِ

- ‌2- صلاة الظهر

- ‌قراءته صلى الله عليه وسلم آياتٍ بعدَ {الفَاتِحَة} في الأخِيرَتَيْنِ

- ‌3- صلاة العصر

- ‌4- صلاة المغرب

- ‌القراءة في سُنَّة المغرب

- ‌5- صلاة العشاء

- ‌6- صلاة الليل

- ‌7- صلاةُ الوَِتْرِ

- ‌القراءة في الركعتين بعد الوتر

- ‌8- صلاة الجمعة

- ‌9- صلاة العيدين

- ‌10- صلاة الجنازة

- ‌تَرْتيلُ القراءةِ وتحسينُ الصوت بها

- ‌الفَتْحُ على الإمام

- ‌الاستعاذةُ والتَّفْلُ في الصلاة لِدفع الوسوسة

- ‌الركوع

- ‌صفة الركوع

- ‌وجوبُ الطُّمأنينة في الركوع

- ‌أذكار الركوع

- ‌إطالة الركوع

- ‌النهي عن قراءةِ القرآنِ في الركوع

- ‌الاعتدال من الركوع، وما يقولُ فيه

- ‌إطالةُ هذا القيام، ووجوبُ الاطمئنان فيه

- ‌السجود

- ‌التكبير ورفع اليدين عند الهوي إلى السجود

- ‌الخرور إلى السجود على اليدين

- ‌[صفة السجود]

- ‌وجوبُ الطُّمأنينة في السُّجود

- ‌أذكارُ السُّجود

- ‌النهيُ عن قراءة القرآن في السُّجود

- ‌إطالةُ السُّجود

- ‌فضل السجود

- ‌السُّجودُ على الأرضِ والحَصِير

- ‌الرَّفعُ مِنَ السُّجود

- ‌الافتراش أو الإقْعَاءُ بن السَّجْدتين

الفصل: ‌1- صلاة الفجر

‌ما كانَ يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات

وأما ما كان يقرؤه صلى الله عليه وسلم في الصلوات من السور والآيات؛ فإن ذلك

يختلف باختلاف الصلوات الخمس وغيرها، وهاك تفصيل ذلك - مبتدئين

بالصلاة الأولى من الخمس -:

‌1- صلاةُ الفجر

كان صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطوال المفصل (1) ؛ فـ " كان - أحياناً - يقرأ:

(1) وهي السُّبُعُ الأخير من القرآن؛ أوَّله سورة {ق} ، هذا هو الأرجح - كما سبق

عن الحافظ وغيره -.

وهو من حديث أبي هريرة، رواه عنه سليمان بن يسار؛ أنه قال:

ما رأيت رجلاً أشبه صلاة من فلان - لإمام كان بالمدينة -، قال سليمان بن يَسَار:

فصليت خلفه؛ فكان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف الأخريين، ويخفف العصر،

ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصل، ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط

المفصل، ويقرأ في الغداة بطوال المفصل.

قال الضحاك: وحدثني من سمع أنس بن مالك يقول:

ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى - يعني: عمر بن

عبد العزيز -.

قال الضحاك: فصليت خلف عمر بن عبد العزيز؛ وكان يصنع مثل ما قال سليمان

ابن يسار.

أخرجه النسائي (1/154) ، والبيهقي (2/388) ، وأحمد (2/300 و 329 - 330)

من طرق عن الضحاك بن عثمان عن بُكَير بن عبد الله عن سليمان به.

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقد صححه ابن خزيمة وغيره - كما في

ص: 429

{الوَاقِعَة} (56: 96)(1) ونحوها من السور في الركعتين " (2) .

" الفتح " -. (2/197) وقال في " بلوغ المرام "(1/247 - 248) :

" إسناده صحيح ". وكذا قال النووي (3/383) .

ورواه ابن حبان في " صحيحه " - كما في " نصب الراية "(2/5) -.

وليس عند النسائي: قال الضحاك

إلخ. وهو رواية لأحمد. وفي لفظ للنسائي:

ويقرأ في العشاء بـ: {الشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وأشباهها، ويقرأ في الصبح بسورتين

طويلتين. قال الشوكاني (2/197) :

" والحديث استُدل به على مشروعية ما تضمنه من القراءة في الصلوات؛ لما عرفت

من إشعار لفظ: (كان) بالمداومة.

قيل: في الاستدلال به على ذلك نظر؛ لأن قوله: (أشبه صلاة) يحتمل أن يكون

في معظم الصلاة، لا في جميع أجزائها. وقد تقدم نظير هذا.

ويمكن أن يقال في جوابه: إن الخبر ظاهر في المشابهة في جميع الأجزاء؛ فيحمل

على عمومه حتى يثبت ما يخصصه ". اهـ.

(1)

الرقم الأول يشير إلى رقم السورة المتسلسل، والآخر إلى عدد آياتها.

(2)

هو من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصلوات؛ كنحوٍ من صلاتكم التي تصلون اليوم، ولكنه

كان يخفف؛ كانت صلاته أخف من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر:{الوَاقِعَة}

ونحوها من السور.

أخرجه الحاكم (1/240) ، وأحمد (5/104) ، {وابن خزيمة (1/69/1)

= [1/265/531] } ، والطبراني في " الكبير " من طريق إسرائيل عن سِمَاك بن حرب: أنه

ص: 430

وقرأ من سورة {الطُّور} (52: 49) ؛ وذلك في حجة الوداع (1) .

سمع جابر بن سمرة يقول:

فذكره. وقال الحاكم:

" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.

وأخرجه ابن حبان أيضاً في " صحيحه " - كما في " نصب الراية "(2/4) -.

وقد تابعه الثوري عن سِمَاك - كما ذكره البيهقي (2/389) -.

وقد أخرجه مسلم وغيره من طريق أخرى عن سماك بلفظ: {ق. وَالقُرْآنِ}

ونحوها. ويأتي بعد هذا.

(1)

هو من حديث أم سلمة رضي الله عنها.

رواه البخاري (2/201) معلقاً؛ فقال:

" (باب الجهر بقراءة صلاة الفجر) . وقالت أم سلمة:

طفت وراء الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، ويقرأ:{الطُّور} ".

وقد وصله هو (3/377 - 378 و 385) ، ومسلم (4/68) ، وأبو داود (1/295) ،

والنسائي (2/37) ، وابن ماجه (2/225) ، وأحمد (6/290 و 319) ؛ كلهم من طريق

مالك (2/336) عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن

زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت:

شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي. فقال:

" طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ".

قالت: فطفت راكبةً بعيري، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ يصلي إلى جانب البيت، وهو

يقرأ بـ: {الطُّورِ. وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} .

وليس في هذه الرواية كون ذلك في صلاة الفجر، وإنما ورد ذلك في رواية أخرى

ص: 431

و " كان - أحياناً - يقرأ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} (50: 45) ونحوها في

[الركعة الأولى] " (1) .

عند البخاري (381 - 382) من طريق هشام عن عروة عن أم سلمة:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو بمكة، وأراد الخروج، ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت،

وأرادت الخروج؛ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إذا أقيمت صلاة الصبح؛ فطوفي على بعيرك والناس يصلون ".

ففعلت ذلك؛ فلم تُصَلِّ حتى خرجت.

وأما ما في رواية ابن خزيمة عن مالك في هذا الحديث بلفظ:

وهو يقرأ في العشاء الآخرة. فشاذ. مع أنه تفرد به ابن لهيعة، وهو لا يحتج به إذا انفرد؛

فكيف إذا خالف؟! وقد بين ذلك الحافظ في " الفتح "(2/201) ؛ فليراجعه من شاء.

(1)

هو من حديث جابر بن سمرة أيضاً.

أخرجه مسلم (2/40) ، والبيهقي (2/389) ، وأحمد (5/91 و 102 و 103

و105) ، والطبراني في " الكبير " من طريق زائدة وزهير - والسياق له - عن سماك قال:

سألت جابر بن سمرة عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال:

كان يُخفف الصلاة، ولا يصلي صلاة هؤلاء. قال:

وأنبأني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر بـ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} ونحوها.

{وهو مخرج مع الذي بعده في " الإرواء " (345) } .

وللحديث شواهد:

منها: عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت:

ما أخذت {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} إلا من وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان يصلي بها في الصبح.

ص: 432

..............................................................................

أخرجه النسائي (1/151) ، وأحمد (6/463) من طريق عبد الرحمن بن أبي

الرِّجال عن يحيى بن سعيد عن عَمْرَة عنها.

وهذا إسناد حسن. رجاله رجال الشيخين؛ غير ابن أبي الرجال، وهو صدوق ربما

أخطأ - كما في " التقريب " -.

ومنها: عن قطبة بن مالك:

أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} .

أخرجه مسلم (2/39 - 40) ، والبخاري في " أفعال العباد "(81) ، والترمذي

(2/108 - 109) ، وابن ماجه (1/272) ، والدارمي (1/297) ، والبيهقي (2/388) ،

والطيالسي (177) ، وأحمد (4/322) من طرق عن زياد بن عِلاقة عنه.

وكذلك أخرجه النسائي (1/151) ، وأبو حنيفة في " مسنده "(ص 14) ، ومن

طريقه الخطيب في " تاريخه "(2/89) ، والطبراني في " الصغير "(143) .

والزيادة هي من حديثه عند الترمذي، ورواية لمسلم، والدارمي.

وفي لفظ لمسلم:

فقرأ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} ، حتى قرأ:{وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} . قال: فجعلت

أرددها، ولا أدري ما قال!

وفي رواية للطيالسي:

قلت في نفسي: ما بُسوقُها؟

وكذلك أخرجه الحاكم (2/464)، وزاد بلفظ:

فجعلت أقول له: ما بُسوقُها؟ فقال: طولها. وقال:

ص: 433

و " كان - أحياناً - يقرأ بقصار المفصل كـ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (81:

29) " (1) .

" صحيح على شرط مسلم ".

قلت: هو من رواية المسعودي عن زياد. والمسعودي: كان قد اختلط.

(1)

رواه عمرو بن حريث رضي الله عنه قال:

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} .

أخرجه مسلم (2/39) ، والنسائي (1/151) ، والدارمي (1/297) ، والبيهقي

(2/388) ، والطيالسي (142 و 168) ، وأحمد (4/306 - 307) من طريق مِسْعر

والمسعودي عن الوليد بن سَرِيعٍ عنه. زاد المسعودي:

فلما انتهى إلى هذه الآية: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ} ؛ جعلت أقول في نفسي: ما

الليل إذا عسعس؟

وله طريقان آخران:

الأول منهما: عن إسماعيل بن أبي خالد عن أَصْبغَ مولى عمرو بن حريث عنه

بلفظ:

كأني أسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الغداة: {فَلَا أُقْسِمُ بِالخُنَّسِ. الجَوَارِ

الكُنَّسِ} .

أخرجه أبو داود (1/130) ، وابن ماجه (1/272) .

وإسناده حسن.

الثاني: عن الحَجّاج المُحارِبي عن أبي الأسود عنه به نحوه.

أخرجه أحمد (4/307) .

ص: 434

و " قرأ مرةً: {إِذَا زُلْزِلَتْ} (99: 8) في الركعتين كلتيهما؛ حتى قال

الراوي: فلا أدري؛ أنَسِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمداً؟! (1) " (2) .

وأبو الأسود: لم يوثقه غير ابن حبان. وفي " التقريب ":

" مقبول ".

(1)

تَرَدَّدَ الصحابي في أن إعادة النبي صلى الله عليه وسلم للسورة؛ هل كان نسياناً؛ لكون المعتاد

من قراءته أن يقرأ في الركعة الثانية غير ما قرأ به في الأولى؛ فلا يكون مشروعاً لأمته.

أو فَعَلَه عمداً لبيان الجواز؛ فتكون الإعادة مترددة بين المشروعية وعدمها؟

وإذا دار الأمر بين أن يكون مشروعاً أو غير مشروع؛ فَحَمْلُ فِعلِه صلى الله عليه وسلم على المشروعية

أولى؛ لأن الأصل في أفعاله التشريع، والنسيان على خلاف الأصل. كذا في " نيل

الأوطار ".

{والظاهر أنه عليه السلام فعل ذلك عمداً للتشريع} .

(2)

أخرجه أبو داود (1/130) : ثنا أحمد بن صالح: ثنا ابن وهب: أخبرني عمرو

عن ابن أبي هلال عن معاذ بن عبد الله الجُهَني: أن رجلاً من جُهينة أخبره:

أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ}

الحديث.

وأخرجه البيهقي (2/390) من طريقه. قال النووي في " المجموع "(3/384) :

" إسناده صحيح ".

وهو كما قال؛ فإن رجاله كلَّهم ثقات رجال الشيخين؛ غير معاذ بن عبد الله

الجُهَني، وهو ثقة - كما قال ابن معين، وأبو داود وغيرهما -، وفي " التقريب ":

" صدوق ربما وهم ".

وأما قول الشوكاني (2/193) :

ص: 435

و " قرأ مرة في السفر المعوذتين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} (113: 5) ،

و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (114: 6) ". وقال لعقبة بن عامر رضي الله عنه:

" اقرأ في صلاتك المعوذتين؛ [فما تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بمثلهما] "(1) .

" الحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وقد قدمنا أن جماعة من أئمة الحديث

صرحوا بصلاحية ما سكت عنه أبو داود للاحتجاج، وليس في إسناده مطعن؛ بل

رجاله رجال " الصحيح "، وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور، وهو الحق ".

ففيه مسامحة؛ لأن معاذاً هذا لم يخرج له في " الصحيحين " أو أحدهما؛ وإنما أخرج

له البخاري في " الأدب المفرد ".

ثم ما ذكره من صلاحية الاحتجاج بما سكت عنه أبو داود ليس بمُطَّرد؛ بل فيه ما لا

يجوز الاحتجاج به، وقد مَرَّ معنا أمثلة كثيرة على ذلك. فتنبه!

(1)

هو من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه. وله عنه طرق:

الأول: عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم مولى معاوية عنه قال:

كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر، فقال لي:

" يا عقبة! ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ ". فعلَّمَني: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ} ،

و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} . قال: فلم يرني سُررت بهما جداً. فلما نزل لصلاة الصبح؛

صلى بهما صلاة الصبح للناس، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة؛ التفت إليَّ فقال:

" يا عقبة! كيف رأيت؟ ".

أخرجه أبو داود (1/230) ، والنسائي (2/313) ، {وابن خزيمة (1/69/2) =

[1/268/535] } ، والحاكم (1/240) ، والبيهقي (2/394) ، وأحمد (4/149 - 150

و153) من طرق عن معاوية.

ص: 436

..............................................................................

وهذا إسناد حسن.

ثم أخرجه النسائي، {وابن خزيمة (1/69/2) = [1/266 - 267/534] } ،

والطحاوي في " مشكل الآثار "(1/35)، وأحمد (4/144) عن الوليد بن مسلم قال:

ثني ابن جابر عن القاسم به نحوه، وزاد:

" اقرأ بهما كلما نمت، وكلما قمت ".

وقد تابعه بشر بن بكر عن ابن جابر.

أخرجه الطحاوي.

الثاني: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عقبة به نحوه، وزاد:

" تَعَوَّذْ بهما؛ فما تعوذَ مًتَعَوِّذٌ بمثلهما ".

أخرجه أبو داود، وعنه البيهقي، والطحاوي (1/36) عن محمد بن إسحاق عن

سعيد.

وقد تابعه محمد بن عجلان عن سعيد.

أخرجه النسائي بلفظ:

" ما سأل سائلٌ بمثلهما، ولا استعاذ مستعيذٌ بمثلهما ". ولكن ليس فيه أنه أَمَّهم

بهما في الصلاة.

والإسناد حسن، أو صحيح لغيره.

الثالث: عن أبي أسامة عن سفيان عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جُبَير

ابن نُفيَر عن أبيه عن عقبة:

أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين؟ قال عقبة:

ص: 437

..............................................................................

فأمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما في صلاة الغداة.

أخرجه النسائي (1/151 و 2/312 - 313) ، {وابن خزيمة (1/69/2) =

[1/268/536] } ، والحاكم (1/240 و 567)، وعنه البيهقي. وقال الحاكم:

" صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم فقط.

وقد أخرجه ابن حبان في " صحيحه " - (2/4) من " نصب الراية " -، وابن أبي

شيبة في " مصنفه "{ (12/176/1) } ، والطبراني في " معجمه "(*) .

وقد تابعه خالد بن مَعْدان عن جُبير بن نُفير مطولاً بنحو حديث معاوية بن

صالح؛ ولكنه لم يذكر الصلاة، ولا {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، وزاد فيه:

" لعلك تهاونت بها؛ فما قمت تصلي بشيء مثلها ".

وإسناده صحيح أيضاً.

الرابع: قال أحمد (4/24 و 79) : ثنا إسماعيل: أنا الجُرَيري عن أبي العلاء قال:

قال رجل: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر

الحديث بنحو الأول؛ لكن لم

يذكر الصلاة، وزاد:

" إذا صليت؛ فاقرأ بهما ".

وهذا إسناد صحيح على شرطهما، وأبو العلاء هو: يزيد بن عبد الله بن الشّخِّير.

وقد رواه شعبة عن الجريري به مختصراً:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به فقال:

" اقرأ في صلاتك بالمعوذتين ".

_________

(*) وعزاه الشيخ رحمه الله في " الصفة " المطبوع (ص 110) لابن بشران في " الأمالي ".

ص: 438

وكان أحياناً يقرأ بأكثر من ذلك، فـ " كان يقرأ ستين آية فأكثر "(1) ؛ قال

بعض رواته: " لا أدري في إحدى الركعتين أو في كلتيهما! ".

و" كان يقرأ بسورة {الرُّوم} (30: 60) "(2) .

أخرجه الطحاوي (1/36) ، وأحمد (4/78) .

وهو صحيح أيضاً.

ومن الواضح البين أن الحديث واحد، والقصة واحدة، ولكن بعض الرواة حفظ ما

لم يحفظه الآخر، أو ذكر ما لم يذكره الآخر، والأخذ بالزائد واجب.

(1)

هو من حديث أبي برزة الأسلمي.

أخرجه البخاري (2/17 و 21 - 22 و 200) ، ومسلم (2/40) ، وأبو داود (1/66) ،

والنسائي (1/151) ، والدارمي (1/298) ، وابن ماجه (1/272) ، والبيهقي

(2/389) ، والطيالسي (124) ، وأحمد (4/419 و 420 و 423 و 425) من طرق عن

سَيَّار أبي المِنهال عنه به. زاد البخاري وأحمد في رواية: قال سَيَّار:

لا أدري في إحدى الركعتين، أو في كلتيهما!

(2)

فيه حديثان:

أحدهما: عن الأغر المزني:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الصبح بسورة {الرُّوم} .

رواه البزار. قال الهيثمي (2/119) :

" وفيه مؤمل بن إسماعيل: وهو ثقة. وقيل فيه: إنه كثير الخطأ ".

قلت: وفي " التقريب ":

" صدوق سيئ الحفظ ".

ص: 439

و " أحياناً بسورة {يس} (36: 83) "(1) .

قلت: فحديثه حسن بشاهده، وهو:

الحديث الثاني: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم:

أنه صلى صلاة الصبح فقرأ {الرُّوم} ، فالتبس عليه، فلما صلى؛ قال:

" ما بال أقوام يصلون معنا لا يحسنون الطهور؟! فإنما يلبس علينا القرآن أولئك ".

أخرجه النسائي (1/151) ، وعبد الرزاق (2/116) ، وأحمد (5/363 و 368) عن

عبد الملك بن عُمَير عن شَبِيب أبي روح عنه (1) .

وشَبِيب هذا - هو ابن نُعيم، ويقال: ابن أبي روح، وكنيته أبو روح الحِمصي -: ذكره

ابن حبان في " الثقات "، وقد روى عنه جمعٌ؛ منهم حَرِيز بن عثمان، وقد قال أبو داود:

" شيوخ حريز كلهم ثقات ". وفي " التقريب ":

" ثقة، أخطأ مَنْ عَدَّه في الصحابة ".

وعبد الملك بن عُمير: ثقة تغير حفظه، وربما دلس، وقد أخرج له الشيخان.

ثم تبين من إسناد البزار (1/234/477 - " كشف الأستار ") أنه من طريق عبد الملك

أيضاً.

(1)

هو من حديث جابر بن سَمُرة:

أن النيي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بـ: {يس} .

رواه الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال " الصحيح ". كذا " المجمع "(2/119) .

_________

(1)

{وسنده جيد. هذا هو الذي استقر عليه الرأي أخيراً؛ خلافاً لما كنت ذكرته في " تمام المنة "

(ص 180) وغيره؛ فليُعلم} .

ص: 440

..............................................................................

وفي اقتصاره في عزوه على " الأوسط " قصور!

فقد أخرجه أيضاً في " المعجم الكبير " من طريق يحيى الحِمَّاني عن يزيد بن عطاء

عن سِمَاك بن حرب عنه بلفظ:

وكان يقرأ في صلاة الفجر بـ: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} ، و {حم} ، و {يس} ، ونحو ذلك.

وإن كان هو في " الأوسط " من هذا الوجه؛ فقوله: " رجاله رجال " الصحيح " "؛ غير

صحيح؛ لأن يزيد بن عطاء هذا - وهو اليَشْكُري - ليس من رجال " الصحيح "، وإنما روى

له البخاري في " خلق أفعال العباد "، ثم إنه متكلَّم فيه لسوء حفظه؛ ولذلك قال الحافظ

في " التقريب ":

" لين الحديث ". وقد روى الحديثَ مسلمٌ وغيره بغير هذا اللفظ، فتفردُ يزيدَ هذا به

مما يشعر أنه أخطأ فيه.

ثم وجدت له متابعاً قوياً؛ قال الإمام أحمد (4/34) : ثنا يونس: ثنا أبو عَوَانة عن

سِمَاك بن حرب عن رجل من أهل المدينة:

أنه صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم؛ فسمعته يقرأ في صلاة الفجر: {ق. وَالقُرْآنِ المَجِيدِ} ،

و: {يس. وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ} .

وهذا سند صحيح على شرط مسلم. وأبو عوانة اسمه: وضَّاح بن عبد الله

اليَشْكُري، وهو ثقة ثبت - كما في " التقريب " -.

و (الرجل من أهل المدينة) لعله: جابر بن سمرة؛ بدليل الروايات الأخرى عن

سماك - كما تقدم -.

ثم إن ظاهر الحديث أنه سمعه يقرأ مرة بهذه ومرة بهذه، لا أنه جمعهما في صلاة

واحدة أو ركعة.

ص: 441

ومرة " صلى الصبح بمكة؛ فاستفتح سورة {المُؤْمِنِين} (23: 118) ، حتى

جاء ذكر موسى وهارون - أو: ذكر عيسى (1) . شك بعض الرواة -؛ أخذته

سَعْلَة (2) ؛ فركع " (3) .

(1) أما ذكر موسى؛ فهو في قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا

وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} . وأما عيسى؛ ففي الآية التي بعد هذه بأربع آيات، وهي: {وَجَعَلْنَا ابْنَ

مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} .

(2)

بفتح أوله من السعال، ويجوز الضم، واستُدِل به على أن السعال لا يبطل

الصلاة. قال الحافظ (2/203) :

" وهو واضح فيما إذا غلبه ". قال:

" ويؤخذ منه أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادي في القراءة مع

السعال والتنحنح، ولو استلزمَ تخفيفَ القراءة فيما استُحِب فيه تطويلُها ". وقال النووي

في " شرح مسلم ":

" وفي الحديث جواز قطع القراءة، والقراءة ببعض السورة، وهذا جائز بلا خلاف، ولا كراهة

فيه؛ إن كان القطع لعذر، وإن لم يكن له عذر؛ فلا كراهة فيه أيضاً، ولكنه خلاف الأولى.

هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وبه قال مالك في رواية عنه، والمشهور عنه كراهته ".

قلت: والحديث لا يرِد عليه؛ لأنه كان لضرورة، وإنما يرِد عليه ما سيأتي في (سنة

الصبح) و (صلاة المغرب) من اقتصاره صلى الله عليه وسلم على بعض السورة.

(3)

هو من حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال:

صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح بمكة، فاستفتح سورة {المُؤْمِنِين} حتى جاء ذكر موسى

وهارون - أو: ذكر عيسى. شك بعض الرواة - أخذَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سعلة؛ فركع.

أخرجه مسلم (2/29) ، والنسائي (1/156) ، وابن ماجه (1/273) ، والطحاوي

ص: 442

و " كان أحياناً يؤمهم فيها بـ: {الصَّافَّات} (37: 182) "

(1)

.

(1/205) ، والبيهقي (2/60 و 389)، وأحمد (3/411) من طرق عنه يرويها رجل واحد:

وهو محمد بن عباد بن جعفر، وهو الذي شك، ولم يشك في بعض الروايات عنه.

وقد أخرجه البخاري تعليقاً فقال (2/203) : ويُذكر عن عبد الله بن السائب. وقد

وقع اختلاف في إسناده كما ذكره الحافظ، ثم قال:

" وكان البخاري علقه بصيغة: (ويذكر) لهذا الاختلاف، مع أن إسناده مما تقوم به الحجة ".

{وهو مخرج في " الإرواء " (397) } .

(1)

هو من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال:

إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمرنا بالتخفيف، وإن كان لَيَؤُمُّنا بـ:{الصَّافَّات} في الصبح.

أخرجه أحمد (2/40) ، {وأبو يعلى [5/42/5422] } من طريق يزيد بن هارون

قال: أنبأنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله عن أبيه به.

وهذا إسناد حسن. رجاله رجال الشيخين؛ غير الحارث بن عبد الرحمن - وهو

القرشي العامري -؛ وهو ثقة؛ مع أنه لم يرو عنه غير ابن أبي ذئب - كما قال الحاكم أبو

أحمد وغيره -. قال أحمد:

" لا أرى به بأساً ". وقال النسائي:

" ليس به بأس ". وقال ابن معين:

" وهو مشهور". وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال:

" غزا مع جماعة من الصحابة ". ولذلك قال الذهبي في " الميزان "، والحافظ في " التقريب ":

" صدوق ".

وقد تابعه عن ابن أبي ذئب: الطيالسي (250) . لكنه شك في شيخ ابن أبي

ص: 443

و " كان يصليها يوم الجمعة بـ: {الم. تَنْزِيلُ} : {السَّجْدَة} (32: 30) [في

الركعة الأولى، وفي الثانية] بـ:{هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} (76: 31) " (1) .

ذئب؛ فقال: عن الزهري أو غيره. وإنما هو الحارث هذا.

والحديث أخرجه أيضاً ابن حبان في " صحيحه " - كما في " نصب الراية "(2/4)

والضياء المقدسي في " المختارة ". وهو في " سنن النسائي "(1/132) ؛ لكن ليس فيه:

في الصبح.

وهو رواية لأحمد (2/26 و 40 و 157) ، وكذا المقدسي. وهي زيادة ثابتة.

(1)

فيه أحاديث كثيرة:

الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ وله عنه طرق:

1-

عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن الأعرج عنه قال:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر: {الم. تَنْزِيلُ} : {السَّجْدَة} ،

و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} .

أخرجه البخاري (2/302) ، ومسلم (3/16) ، والدارمي (1/362) ، وكذا

النسائي (1/151) ، وابن ماجه (1/273) ، والبيهقي (3/201) ، والطيالسي

(ص 313) ، وأحمد (2/430، 472) عنه، والزيادة لمسلم وحده.

2-

عن شعبة عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة قال:

فذكره.

أخرجه أحمد (2/430) .

وسنده صحيح على شرط الستة، ولم يخرجوه.

الحديث الثاني: عن ابن عباس مثله.

أخرجه مسلم، وأبو داود (1/169) ، والنسائي (1/152 و 209 - 210) ، والترمذي

ص: 444

..............................................................................

(2/398) - وقال: " حسن صحيح " -، وابن ماجه، والطحاوي (1/241) ، والبيهقي،

والطيالسي (343) ، وأحمد (1/328 و 340 و 354) من طريق مُخَوَّل بن راشد عن مسلم

البَطِين عن سعيد بن جُبير عنه به.

وقد تابعه أبو إسحاق عن مسلم البطِين.

أخرجه أحمد (1/354) .

وعزرة عن سعيد بن جُبير.

أخرجه الطحاوي (1/241) ، وأحمد (1/334) .

ورواه شريك عن أبي إسحاق عن سعيد؛ فأسقط من بينهما مسلماً البطين.

أخرجه الطحاوي، والطيالسي، وأحمد (1/272 و 307 و 316) .

ثم رواه أحمد (1/272) عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم

فذكره مرسلاً.

وهذا من تخاليط شريك؛ فإنه كان سيئ الحفظ.

وقد رواه الترمذي وغيره عنه عن مُخَوَّل بن راشد به. وزاد فيه بعضهم، وستأتي في

(صلاة الجمعة)[ص 546] .

الحديث الثالث: عن ابن مسعود.

أخرجه ابن ماجه، والطبراني في " الكبير " وفي " الصغير "(ص 184 و 206) من

طريقين عن أبي الأحوص عنه مثله.

وإسناده صحيح - كما في " الزوائد " -، وزاد في " الصغير ":

يديم ذلك. قال

الحافظ (2/302) :

" ورجاله ثقات؛ لكن صوب أبو حاتم إرساله ".

ص: 445

..............................................................................

الحديث الرابع: عن سعد بن أبي وقاص مثله.

أخرجه ابن ماجه عن الحارث بن نبهان: ثنا عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد

عن أبيه به.

والحارث: ضعيف.

الخامس: عن علي رضي الله عنه:

أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح بـ {تَنْزِيلُ

} : {السَّجْدَة} .

قال الهيثمي (2/169) :

" رواه الطبراني في " الأوسط " و " الصغير "، وفيه الحارث: وهو ضعيف "، وقال

الحافظ في " الفتح ":

" في إسناده ضعف ".

قلت: هو في " الصغير "(ص 95) من طريق ليث بن أبي سُلَيم عن عمرو بن مرة

عن الحارث عنه.

وليث والحارث: ضعيفان.

(فائدة) : قال الحافظ:

" لم أرفي شيء من الطرق التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة {تَنْزِيلُ

} :

{السَّجْدَة} في هذا المحل؛ إلا في كتاب " الشريعة " لابن أبي داود من طريق أخرى عن

سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال:

غدوتُ على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر، فقرأ سورة فيها سجدة؛

فسجد

الحديث.

ص: 446

و " كان يُطَوّل في الركعة الأولى، ويُقَصِّر في الثانية "(*) .

وفي إسناده من ينظر في حاله ". ثم ساق حديث علي هذا، ثم قال:

" لكن في إسناده ضعف ".

(فائد ة أخرى) : قال في " الزاد "(1/74 و 142) :

" وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين؛ لما اشتملتا عليه من ذكر المبتدأ والمعاد، وخلق

آدم، ودخول الجنة والنار؛ وذلك مما كان ويكون في يوم الجمعة، فكان يقرأ في فجرها ما

كان ويكون في ذلك اليوم؛ تذكيراً للأمة بحوادث هذا اليوم ".

وقال:

" وكان يقرؤهما كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض

هذه وبعض هذه، وقراءةِ {السَّجْدَة} وحدها في الركعتين؛ وهي خلاف السنة!

وأما ما يظنه كثير من الجهال: أن صبح يوم الجمعة فُضِّلت بسجدة؛ فجهل عظيم!

ولهذا كره بعض الأئمة قراءة سورة {السَّجْدَة} لأجل هذا الظن! ".

ومن هؤلاء الأئمة الذين كرهوا ذلك مالكٌ؛ خلافاً للشافعي وأحمد وأصحاب الحديث؛

فإنهم استحبوا قراءتها، وقد نص صاحب " المحيط " من علمائنا على ذلك؛ قال:

" بشرط أن يقرأ غير ذلك أحياناً؛ لئلا يظن الجهال أنه لا يجزئ غيره ".

قلت: وهذا معقول؛ فقد كنت صيف سنة (1369) في المصيف المشهور (مَضَايا) ،

وحضرت لصلاة الصبح، فصليت بهم إماماً، فقرأت في الأولى من سورة {يُوسُف} ،

ثم كبرت للركوع، وإذا بمن خلفي يهوون أكثرهم إلى السجود؛ لغفلتهم عمَّا يُقرأ عليهم

وكأنهم أعاجم، ولغلبة العادة عليهم!!

(*) انظر تخريجه فيما يأتي من حديث أبي قتادة (ص 457) .

ص: 447