الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النهي عن قراءةِ القرآنِ في الركوع
و" كان ينهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (1) "(2)
. وكان يقول:
(1) قال الترمذي:
" وهو قول أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين، ومن بعدهم؛ كرهوا
القراءة في الركوع والسجود ".
قلت: وممن صرح بكراهة ذلك الإمام محمد؛ قال:
" وهو قول أبي حنيفة رحمه الله. اهـ. الظاهر أنه لا فرق عندهم بين الفريضة
والتطوع؛ لعموم الحديث، وخالف في ذلك عطاء؛ فقال: لا أكره أن تقرأ راكعاً أو ساجداً
في التطوع. وقال ابن جُريج: أخبرني عطاء: أنه سمع عُبيد بن عُمير يقرأ وهو راكع في
التطوع وساجداً ". اهـ. من " قيام الليل " (77) .
ولعل مستنده في ذلك ما تقدم في (القراءة في صلاة الليل)[ص 534] ؛ أنه صلى الله عليه وسلم
قام ليلة بآية؛ يرددها حتى الصباح، بها يركع، وبها يسجد. وذكرنا وجه الجمع بينه
وبين هذا الحديث هناك. فراجعه.
هذا، وقال الخطابي في " المعالم " (1/214) :
" قلت: نَهْيُهُ عن القراءة راكعاً أو ساجداً يشد قول إسحاق ومذهبه في إيجاب الذكر
في الركوع والسجود، وذلك أنه إنما أُخليَ موضعُهُما من القراءة؛ ليكون محلاً للذكر
والدعاء ".
(2)
هو من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد.
أخرجه مسلم (2/48 - 49) ، {وأبو عوانة [2/171 و 172 و 175] } ، وأبو داود
..............................................................................
(2/174) ، والنسائي (1/160 و 168) ، والبيهقي (2/87) ، وأحمد (1/114 و 123)
من طرق عن إبراهيم بن عبد الله بن حُنَين عن أبيه:
أنه سمع علي بن أبي طالب يقول:
…
به.
وقال بعض الرواة: عن أبيه عن ابن عباس عنه. فزاد في الإسناد: ابن عباس.
وهي رواية النسائي، ومسلم، {وأبي عوانة [2/171 و 172] } ، وأحمد في رواية.
وقد رواه مالك (1/101) ، ومن طريقه محمد (154) ، والترمذي (2/51 - 52) ،
{وأبو عوانة [2/175] } ، وأحمد أيضاً (1/126) عن نافع عن إبراهيم به من الوجه
الأول؛ بدون ذكر السجود.
وكذا هو في رواية لمسلم، {وأبي عوانة [2/168 و 172 - 175] } من طرق عن إبراهيم.
وكذلك رواه النسائي من وجه آخر عن أشعث عن محمد بن عُبيدة (*) عن علي.
ومحمد بن عُبيدة هذا: لم أعرفه.
وله طرق أخرى:
منها: عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله بن
الحارث بن نوفل عن ابن عباس عن علي به تاماً.
أخرجه عبد الله بن أحمد في " مسند أبيه "(1/105 و 116) .
وابن أبي ليلى هذا: سيئ الحفظ.
وعبد الكريم هذا هو: ابن أبي المخارق؛ ثقة من رجال مسلم. وكذا من فوقه (**) .
_________
(*) كذا الأصل؛ والصواب: محمد عن عُبيدة كما في " السنن الصغرى " و " الكبرى " من النسائي.
(**) كذا الأصل؛ والصواب: " ابن أبي المخارق: ضعيف "، ولعله ذهب وهل الشيخ إلى
عبد الكريم الجزري الثقة. انظر (ص 575) ، و " الضعيفة "(5/218 - 219 و 6/81) .
" ألا وإني نُهِيْتُ (1) أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع؛
ومنها: عن عطاء بن السائب عن موسى بن سالم أبي جَهْضَم: أن أبا جعفر حدثه
عن أبيه: أن علياً حدثهم
…
به، دون ذكر السجود.
أخرجه عبد الله أيضاً (1/80) .
ورجاله ثقات، لكنه منقطع.
ومنها: عن حَجَّاج عن أبي إسحاق عن الحارث عنه به.
أخرجه أحمد (1/82) .
ثم أخرجه هو (1/146) ، والطيالسي (25) عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن
الحارث عنه بلفظ: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يا علي! إني أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي؛ لا تقرأ وأنت
راكع، ولا وأنت ساجد، ولا تصل وأنت عاقص شعرك؛ فإنه كِفْلُ الشيطان، ولا تُقْعِ
بين السجدتين، ولا تعبث بالحصى، ولا تفترش ذراعيك، ولا تفتح على الإمام،
ولا تَخَتَّمْ بالذهب، ولا تلبس الْقَسِيّ، ولا تركب المياثر ".
والحارث: هو الأعور، ضعيف.
(1)
النهي له صلى الله عليه وسلم نهي لأمته؛ كما يُشعِر بذلك قوله في الحديث:
" أما الركوع
…
" إلخ. ويُشعِر به أيضاً قول علي السابق:
نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً.
ويدل عليه أيضاً أدلة التأسي العامة. وفيه خلاف في الأصول. كذا في " النيل "
للشوكاني (2/209)، قال:
" وهذا النهي يدل على تحريم قراءة القرآن في الركوع والسجود. وفي بطلان الصلاة
فعظِّموا (1) فيه الرب عز وجل، وأما السجود؛ فاجتهدوا في الدعاء؛
فقَمِنٌ (2) أن يستجاب لكم " (3) .
بالقراءة حال الركوع والسجود خلاف ".
{والنهي مطلق، يشمل المكتوبة والنافلة. وأما زيادة ابن عساكر (17/299/1) :
" فأما صلاة التطوع؛ فلا جناح ".
فهي شاذة أو منكرة. وقد أعلها ابن عساكر؛ فلا يجوز العمل بها} .
(1)
أي: سبِّحوه ونَزِّهُوه ومَجِّدوه. وقد بَيَّن صلى الله عليه وسلم اللفظ الذي يقع به هذا التعظيم
بالأحاديث المتقدمة في هذا الفصل.
واعلم أن التسبيح في الركوع والسجود سنة غير واجب؛ هذا مذهب مالك، وأبي
حنيفة، والشافعي رحمهم الله، والجمهور. وأوجبه أحمد رحمه الله، وطائفة من أئمة
الحديث؛ لظاهر الحديث في الأمر به، ولقوله صلى الله عليه وسلم:
" صلوا كما رأيتموني أصلي ". وهو في " صحيح البخاري ".
وأجاب الجمهور بأنه محمول على الاستحباب، واحتجوا بحديث (المسيء صلاته) ؛
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره به، ولو وجب؛ لأمره به. كذا في " شرح مسلم " للنووي.
واعلم أن مفهوم الحديث يدل على أن الركوع مختص بالتعظيم والتسبيح، وأن
السجود على خلاف ذلك، لكن قد سبق أن بينا أن هذا المفهوم غير مراد؛ لثبوت خلافه
عنه صلى الله عليه وسلم من الدعاء في الركوع - كما مضى -، والتسبيح في السجود - كما يأتي -.
(2)
بكسر الميم وفتحها؛ أي: جدير وخليق. قيل: بفتح الميم مصدر، وبكسرها
صفة.
(3)
هو قطعة من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:
..............................................................................
كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة، والناس صفوف خلف أبي بكر؛ فقال:
" أيها الناس! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة؛ يراها المسلم أو تُرى
له، ألا وإني
…
" إلخ.
أخرجه مسلم (2/48) ، {وأبو عوانة [2/170] } ، وأبو داود (1/140) ، والنسائي
(1/160 و 168) ، والدارمي (1/304) ، والطحاوي (1/137) ، والبيهقي (2/87 - 88
و110) ، وأحمد (1/219) عن سليمان بن سُحَيم عن إبراهيم بن عبد الله بن مَعْبَد عن
أبيه عنه.
وروى منه ابن ماجه الجملة الأولى.
وللحديث شاهد من حديث علي رضي الله عنه. رواه عنه النعمان بن سعد قال:
سأله رجل: آقرأ في الركوع والسجود؟ فقال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إني نُهِيْتُ أن أقرأ في الركوع والسجود، فإذا ركعتم؛ فعظموا الله، وإذا سجدتم؛
فاجتهدوا في المسألة، فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم ".
أخرجه الطحاوي، وعبد الله في " مسند أبيه "(1/155) من طريق عبد الرحمن بن
إسحاق عنه.
وعبد الرحمن هذا: ضعيف عند الجميع - كما قال الهيثمي (2/127) -.
وفي الباب عن أبي هريرة في (الدعاء في السجود) ، وسنذكره هناك إن شاء الله
تعالى.