الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة الركوع
وكان صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يُطَبِّقُ بين كفيه، ثم يجعلهما بين ركبتيه،
[ويخالف بين أصابعه](1) .
(1) هو من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. رواه عنه علقمة والأسود:
أنهما دخلا عليه فقال:
أصلى من خلفكم؟ قالا: نعم. فقام بينهما، وجعل أحدهما عن يمينه، والآخر عن
شماله. ثم ركعنا، فوضعنا أيدينا على ركبنا؛ فضرب أيدينا، ثم طَبَّقَ بين يديه، ثم
جعلهما بين فخذيه، فلما صلى؛ قال:
هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم (2/68 - 69) ، والطحاوي (1/134) من طريق منصور عن إبراهيم
عنهما.
ورواه أحمد (1/413 - 414) من طريق أخرى عنهما.
وقد تابعه سليمان الأعمش عن إبراهيم، دون قوله: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وزاد:
وإذا ركع أحدكم؛ فليفرش ذراعيه على فخذيه، ولْيجْنَأ، ولْيُطَبِّق بين كفيّه، فلكأني
أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه مسلم أيضاً، وكذا الطحاوي، والبيهقي (2/83) ، وأحمد (1/378 و 426
و447) ، والحازمي في " الاعتبار "(ص 60 - 61) .
وروى أبو داود (1/139) منه الزيادة فقط. ورواه النسائي (1/158) بدونها، إلا
قليلاً منها.
ثم ترك ذلك، ونهى عنه.
و" كان صلى الله عليه وسلم يضع كفيه على ركبتيه "(1) . و " كان يأمرهم بذلك "(2) . وأمر
به أيضاً (المسيء صلاته) - كما مر آنفاً -.
وقد رواه عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه وحده مختصراً.
أخرجه أحمد (1/426) ، ورواه أيضاً عن علقمة، ويأتي بعد هذا. قال الحازمي:
" وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب؛ فذهب نفر إلى العمل بهذا الحديث؛
منهم: عبد الله بن مسعود، والأسود بن يزيد، وأبو عُبيدة بن عبد الله بن مسعود،
وعبد الرحمن بن الأسود.
وخالفهم في ذلك كافة أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ورأوا أن هذا
الحديث كان محكماً في ابتداء الإسلام، ثم نُسخ، ولم يبلغ ابنَ مسعود نسخُه، وعرف
ذلك أهل المدينة؛ فرووه، وعملوا به. وقال بعض أهل العلم: في ذلك دلالة على أن
أهل المدينة أعلم بالناسخ والمنسوخ ممن فارقها، وسكن غيرها من البلاد ". اهـ.
قلت: وكما خفي على ابن مسعود رضي الله عنه سنية وضع اليدين على الركبتين،
خفيت عليه أيضاً سنية رفع اليدين في غير تكبيرة الإحرام - كما سبق بيانه -.
أما كيف يخفى عليه ذلك، وهو من قدماء الصحابة الملازمين للرسول صلى الله عليه وسلم سفراً
وحضراً؟! فمن عجائب الأمور التي لا نجد لها تعليلاً إلا مجرد كونه بشراً يسهو وينسى.
والله تعالى أعلم بوقائع الأمور.
(1 و 2) هو من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ورد عنه من طرق:
الأول: عن عبد الله بن إدريس عن عاصم بن كُلَيب عن عبد الرحمن بن الأسود:
ثنا علقمة عن عبد الله قال:
..............................................................................
علمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاة؛ فكبر، ورفع يديه، ثم ركع، وطبّق بين يديه،
وجعلهما بين ركبتيه. فبلغ سعداً، فقال:
صدق أخي؛ قد كنا نفعل ذلك، ثم أمرنا بهذا. وأخذ بركبتيه.
أخرجه البخاري في " رفع اليدين "(12) ، وأبو داود (رقم 732) ، والنسائي
(1/159) ، والدارقطني (129) ، والبيهقي (2/78 - 79) ، وأحمد (1/418 - 419) ،
والحازمي (ص 61 - 62) . وقال الدارقطني:
" إسناد ثابت صحيح ".
قلت: وهو على شرط مسلم.
ثم رأيته قد أخرجه الحاكم (1/224)، وقال:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. ولفظ الحديث لأحمد. وقال
البخاري:
كنا نفعل ذلك في الإسلام.
الثاني: عن مصعب بن سعد قال:
صليت إلى جنب أبي، فطبّقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي؛ فنهاني أبي،
وقال:
كنا نفعله، فنهينا عنه، وأُمِِرْنا أن نضع أيدينا على الركب.
أخرجه البخاري (2/217 - 218) ، ومسلم (2/69) ، وأبو داود (1/138) ،
والنسائي (1/159) ، والترمذي (2/44) ، والدارمي (1/298) ، وابن ماجه (1/285) ،
والطحاوي (1/133) ، والبيهقي (2/83 - 84) ، والطيالسي (28) ، وأحمد (1/181
و182) ، والحازمي (61) من طريق أبي يعفور عنه.
..............................................................................
وزاد الدارمي من طريق إسرائيل عنه:
كان بنو عبد الله بن مسعود إذا ركعوا؛ جعلوا أيديهم بين أفخاذهم، فصليت
…
الحديث. قال الحافظ:
" فأفادت هذه الزيادة مستند مصعب في فعل ذلك، وأولاد ابن مسعود أخذوه من
أبيهم ".
وللحديث شواهد:
منها: عن إسرائيل عن أبي حُصَين عن أبي عبد الرحمن السَّلَمي قال:
كنا إذا ركعنا؛ جعلنا أيدينا بين أفخاذنا. فقال عمر رضي الله عنه:
إن من السنة الأخذ بالركب.
وسنده صحيح.
وقد أخرجه الترمذي (2/43) ، والنسائي (1/159) ، والطحاوي (1/135)
والبيهقي أيضاً، والطيالسي (ص 12) من طرق عن أبي حُصَين به؛ دون قول أبي
عبد الرحمن في التطبيق. وقال الترمذي:
" حسن صحيح ".
وقد تابعه إبراهيم عن أبي عبد الرحمن به.
أخرجه النسائي.
وسنده صحيح على شرط مسلم. قال الحافظ:
" وهذا حكمه حكم الرفع؛ لأن الصحابي إذا قال: السنة كذا. أو: سَنَّ كذا. كان
الظاهر انصراف ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما إذا قاله مثل عمر ".
..............................................................................
ومنها: عن عمرو بن مُرَّة عن خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة الجُعْفي قال:
قدمت المدينة، فجعلت أُطَبّق كما يُطبِّق أصحاب عبد الله وأركع. قال: فقال رجل:
يا عبد الله! ما يحملك على هذا؟ قلت: كان عبد الله يفعله، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يفعله. قال: صدق عبد الله. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما صنع الأمر، ثم أحدث الله له
الأمر الآخر، فانظر ما اجتمع عليه المسلمون؛ فاصنعه. قال: فلما قَدِمَ؛ كان لا يُطَبِّق.
أخرجه البيهقي (2/84) .
وسنده صحيح.
ورواه الحازمي (62) من طريق أخرى عن خَيْثَمة به. وفيه أن الرجلَ الذي لم يُسَمَّ
مِنَ المهاجرين. قال الترمذي - بعد أن ساق حديث عمر رضي الله عنه:
" والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين ومن بعدهم،
لا اختلاف بينهم في ذلك، إلا ما روي عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا
يطبقون ". اهـ.
وقد جاءت أحاديث كثيرة من فعله صلى الله عليه وسلم في الوضع على الركبتين:
1-
منها: حديث أبي حُمَيد الساعدي في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ:
ثم يركع، ويضع راحتيه على ركبتيه.
وهو حديث صحيح، وقد سبق بتمامه قريباً (ص 605) .
ورواه البخاري (2/245) بلفظ:
وإذا ركع؛ أمكن يديه من ركبتيه. وسيأتي.
2-
ومنها: عن وائل بن حُجْر بلفظ:
و " كان يُمكّن يديه من ركبتيه [كأنه قابضٌ عليهما] "(1)
ووضع يديه على ركبتيه.
رواه مسلم وغيره. وقد تقدم بتمامه في (وضع اليمنى على اليسرى)[ص 209] .
وله طريق أخرى عند الطحاوي (1/135) بسند حسن.
3-
ومنها: عن عبد الله بن القاسم قال:
جَلَسْنا إلى عبد الرحمن بن أبزى، فقال: ألا أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:
قلنا: بلى. قال: فقام فكبر، ثم قرأ، ثم ركع؛ فوضع يديه على ركبتيه؛ حتى أخذ كل
عضو مأخذه، ثم رفع؛ حتى أخذ كل عضو مأخذه، ثم سجد؛ حتى أخذ كل عضو
مأخذه، ثم رفع؛ حتى أخذ كل عضو مأخذه، ثم سجد؛ حتى أخذ كل عظم مأخذه،
ثم رفع؛ فصنع في الركعة الثانية كما صنع في الركعة الأولى. ثم قال:
هكذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد (3/407) من طريق ضَمْرَةَ عن ابن شوذب عنه.
وهذا إسناد حسن. ورجاله ثقات - كما في " المجمع "(2/130) -.
4-
وفي الباب عن أبي مسعود البَدْري. ويأتي.
(1)
هو من حديث أبي حُميد الساعدي: عند البخاري وغيره. وقد تقدم قريباً.
والزيادة عند أبي داود في رواية له من طريق فُلَيح بن سليمان: ثني عباس بن سهل
عن أبي حُميد به.
وسنده صحيح - كما تقدم قريباً -.
وقد أخرج هذه الزيادة الترمذي (2/45/46) - وقال: " حسن صحيح " -، وابن
خزيمة في " صحيحه "(1/298/589) .
و " كان يُفرِّج بين أصابعه "(1) . وأمر به (المسيء صلاته) ؛ فقال:
ويشهد لها قول عمر المتقدم (629) :
إن من السنة الأخذ بالركب.
وكذا حديث سعد المتقدم هناك. وصححه ابن خزيمة أيضاً (1/301/595) ، وابن
الجارود (196) .
(1)
هو من حديث أبي مسعود البدري في رواية عنه - كما سبق -.
وجاءت هذه الزيادة في رواية لأبي داود (1/116) ، وعنه البيهقي (2/84) من
حديث أبي حميد الساعدي.
لكن في طريقها عبد الله بن لَهِيعة، وهو: ضعيف؛ لسوء حفظه. إلا أنه يقويه ما
قبله، ويعضده حديث وائل بن حُجْر:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع؛ فرَّج بين أصابعه.
أخرجه الحاكم (1/224) من طريق عمرو بن عون: ثنا هُشَيم عن عاصم بنَ كُلَيب
عن علقمةَ بن وائل عن أبيه. وقال:
" صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
ورواه الطبراني في " الكبير " بزيادة:
وإذا سجد؛ ضَمَّ أصابعه. قال الهيثمي (2/135) :
" وإسناده حسن ".
قلت: وأخرجه البيهقي (2/112) عن الحارث بن عبد الله بن إسماعيل بن عُقْبَةَ
الخازن: ثنا هشيم به بتمامه.
" إذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، ثم فرِّج بين أصابعك، ثم
امْكُث حتى يأخذ كل عضو مأخذه " (1) .
وسنده حسن - كما قال البيهقي -. وستأتي الزيادة في موضعها برواية الحاكم
وغيره. {والحديث مخرج في " صحيح أبي داود " (809) } .
(1)
هو قطعة من حديث (المسيء صلاته) من رواية رفاعة بن رافع.
أخرجه أبو داود (1/137) ، وكذا أحمد (4/340) من طريق محمد بن عمرو،
{وابن خزيمة} (*) عن علي بن يحيى بن خَلَاّد الزُّرَقي عن رِفاعة.
وهذا سند حسن. لكن فيه خلاف ذكرناه في أول الكتاب [ص 56 - 57] .
وله شاهد من حديث ابن عمر رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي:
" إذا ركعت؛ فضع راحتيك على ركبتيك، ثم فَرِّجْ بين أصابعك، ثم امكث حتى
يأخذ كل عضو مأخذه ".
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " من طريق طلحة بن مُصَرِّف عنه - كما في
" التلخيص "(3/367) ، و " نصب الراية "(1/373) -.
وله شاهد أيضاً عن أنس مرفوعاً بلفظ:
"يا بني! إذا ركعت؛ فضع كفيك على ركبتيك، وافرج بين أصابعك، وارفع يديك
عن جنبيك
…
" الحديث.
_________
(*)(597) ، وكذا أبو داود، والبيهقي (2/133 - 134) من طريق مؤمل بن هشام اليشكري:
نا إسماعيل ابن علية عن محمد بن إسحاق: حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع الأنصاري عن
أبيه عن عمه رفاعة به.
وانظر " صحيح أبي داود "(805 و 806) .
وكان يجعل أصابعه أسفل من ذلك؛ [على ساقيه](1) .
وهو قطعة من حديث طويل أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير "(ص 177) ،
وكذا أبو يعلى الموصلي - كما في " اللآلي المصنوعة "(2/203) ، و " نصب الراية "
(1/372 - 373) - من طريق علي بن زيد بن جُدْعان عن سعيد بن المسيب عنه.
وهذا سند حسن. لا بأس به في المتابعات.
وقد روى الترمذي قطعاً منه (2/113 و 117 - طبع بولاق) من هذا الوجه. وقال:
" وفي الحديث قصة طويلة. وهو حديث حسن غريب من هذا الوجه. وعلي بن
زيد: صدوق، إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره ".
وله شاهد آخر من حديث ابن عباس مرفوعاً:
" إذا ركعت؛ فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن، وإذا سجدت؛ فأمكن
جبهتك من الأرض حتى تجد حجم الأرض ".
رواه أحمد (1/287) عن صالح مولى التوأمة عنه. وهو ضعيف.
(1)
هو من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري. رواه عطاء بن السائب
عن سالم البراد قال:
أتينا عُقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود، فقلنا له: حَدِّثْنا عن صلاة رسول
الله صلى الله عليه وسلم. فقام بين أيدينا في المسجد فكبر، فلما ركع؛ وضع يديه على ركبتيه، وجعل
أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بين مِرْفَقَيْهِ، حتى استقر كل شيء منه، ثم قال: سمع
الله لمن حمده. فقام، حتى استقر كل شيء منه، ثم كبر، وسجد، ووضع كفيه على
الأرض، ثم جافى بين مِرفقيه، حتى استقر كل شيء منه، ثم رفع رأسه؛ فجلس،
حتى استقر كل شيء منه. ففعل مثل ذلك أيضاً. ثم صلى أربع ركعات مثل هذه
و " كان يجافي، ويُنَحِّي مرفقيه عن جنبيه "(1) .
الركعة؛ فصلى صلاته. ثم قال:
هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي.
أخرجه أبو داود (1/138) واللفظ له، ومن طريقه البيهقي (2/127) ، والنسائي
(1/159) ، والحاكم (1/222) من طريق جرير، إلا النسائي؛ فعن أبي الأحوص؛
كلاهما عن عطاء به.
وأخرجه الطيالسي (86) من طريق هَمَّام عنه بلفظ:
وفرج بين أصابعه.
وكذلك أخرجه الدارمي (1/299) . ورواه الطحاوي (1/135) ، وأحمد (4/119)
بلفظ:
وفَضَلَتْ أصابِعُهُ على ساقيه.
ثم أخرجه أحمد (4/120) ، وكذا النسائي، والبيهقي (2/121) من طريق زائدة
ابن قُدامة عنه بلفظ:
وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه. ثم قال الحاكم:
" صحيح ". ووافقه الذهبي.
(1)
ثبت ذلك عن جمع من الصحابة:
منهم: أبو حميد في جمع منهم بلفظ:
فوضع يديه على ركبتيه؛ كأنه قابض عليهما، ووَتَّرَ يديه؛ فنحاهما عن جنبيه.
لفظ الترمذي. وقال أبو داود:
فتجافى.
..............................................................................
وسنده صحيح - كما سبق -. ورواه ابن خزيمة بلفظ:
ونحى يديه عن جنبيه. كما في " التلخيص "(3/381) .
ومنهم: أبو مسعود البدري. وسبق حديثه قريباً.
ومنهم: وائل بن حجر قال:
صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فكبر حين دخل، ورفع يديه، وحين أراد أن يركع؛
رفع يديه، وحين رفع رأسه من الركوع؛ رفع يديه، ووضع كفيه، وجافى، وفرش فخذه
اليسرى من اليمنى، وأشار بإصبعه السبابة. وفي رواية:
وجافى في الركوع. وفي أخرى:
وخَوَّى (*) في ركوعه، وخَوَّى في سجوده.
أخرجه كله أحمد (4/316 و 319) من طريق شعبة عن عاصم بن كُلَيب قال:
سمعت أبي يحدث عنه.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
قال الترمذي:
" وهو الذي اختاره أهل العلم؛ أن يُجافيَ الرجل يديه عن جنبيه في الركوع
والسجود ".
قلت: وذكر الطحاوي (1/135) إجماع المسلمين. وقال النووي (3/410) :
" ولا أعلم في استحبابها خلافاً لأحد من العلماء، والحكمة فيها أنها أكمل في
هيئة الصلاة وصورتها ". اهـ.
_________
(*) خوَّى: باعد مرفقيه عن جنبيه.
و " كان إذا ركع؛ بسَط ظهرَهُ وسوَّاه "(1) ؛ " حتى لو صُبَّ عليه الماء؛
لاستقر " (2) .
وتخصيص الترمذي ذلك بالرجل يُشعر أن المرأة لا تجافي؛ بل تضم بعضها إلى
بعض. وهو مذهب الحنفية والشافعية وغيرهم؛ خلافاً لابن حزم؛ فإنه صرح في
" المحلى "(4/122 - 124) بأن الرجل والمرأة في ذلك سواء. قال:
" ولو كان لها حكم بخلاف ذلك؛ لما أغفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان ذلك. والذي يبدو
منها في هذا العمل هو بعينه الذي يبدو منها في خلافه ولا فرق. وبالله تعالى نعتصم ". اهـ.
وما ورد في ذلك عنه صلى الله عليه وسلم لا يصح منه شيء؛ ففي " التلخيص "(3/381) :
" روى أبو داود في " المراسيل " عن يزيدَ بن أبي حبيب:
أنه صلى الله عليه وسلم مر على امرأتين تصليان، فقال:
" إذا سجدتما؛ فضُمَّا بعض اللحم إلى الأرض؛ فإن المرأة في ذلك ليست كالرجل ".
ورواه البيهقي من طريقين موصولين، لكن في كل منهما متروك ".
(1 و 2) جاء ذلك عن جمع من الصحابة. وهم: علي بن أبي طالب، وأنس بن
مالك، وعبد الله بن عباس، وأبو بَرْزَةَ الأسلمي.
1-
أما حديث علي: فأخرجه عبد الله بن أحمد في " مسند أبيه "(1/123) قال:
وجدت في كتاب أبي قال: أُخبرت عن سِنان بن هارون: ثنا بَيَان عن عبد الرحمن بن
أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع؛ لو وضع قدح من ماء على ظهره؛ لم يهراق.
وهذا سند ضعيف؛ لجهالة شيخ أحمد فيه، وضعف سِنان بن هارون. وفي
" التقريب ":
..............................................................................
" صدوق، فيه لين ".
2-
وأما حديث أنس: فأخرجه الطبراني في " الصغير "(ص 9) من طريق محمد
ابن ثابت البُناني عن أبيه عنه به نحوه.
ومحمد بن ثابت هذا: ضعيف - كما في " المجمع "(2/123) ، و " التقريب " -، وقال
في " التلخيص "(3/377) :
" إسناده ضعيف ".
3-
وأما حديث عبد الله بن عباس: فرواه الطبراني في " الكبير " بلفظ:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع؛ استوى، فلو صُبَّ على ظهره الماء؛ لاستقر.
وكذا رواه أبو يعلى. قال في " المجمع ":
" ورجاله موثقون ". وقال الحافظ:
" إسناده ضعيف ".
4-
وأما حديث أبي بَرْزَةَ: فأخرجه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط ".
ورجاله ثقات - كما في " المجمع " -. وقال الحافظ:
" ورواه الطبراني في " الكبير " من حديث أبي مسعود عُقْبة بن عمرو، ومن حديث
أبي برزة الأسلمي، وإسناد كل منهما حسن ".
قلت: وفي الباب أيضاً عن وابِصةَ بن معبد.
أخرجه ابن ماجه (1/285) .
وفيه ضعيف جداً، وهو طلحة بن زيد؛ نسبه أحمد وعلي بن المديني إلى الوضع.
وبالجملة؛ فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح ثابت.
{وقال للمسيء صلاته:
" فإذا ركعتَ؛ فاجعلْ راحتَيْكَ على رُكْبتيك، وامْدُدْ ظهرك، ومكِّن
لركوعك " (1) } .
و" كان لا يَصُبُّ رأسَه، ولا يُقْنعُ (2) ؛ ولكن بين ذلك "(3) .
(1){ [رواه] أحمد، وأبو داود بسندٍ صحيح. [وانظر تخريجه (ص 55) ] } .
(2 و 3) هو من حديث أبي حميد الماضي:
ثم يعتدل؛ فلا يصب رأسه ولا يقنع.
{ومعنى (لا يقنع) أي: لا يرفع رأسه حتى يكون أعلى من ظهره. " نهاية "} .
ورواه النسائي (1/159) بلفظ:
كان إذا ركع؛ اعتدل.
والبخاري:
ثم هَصَر ظهره. بالهاء والصاد المهملة المفتوحين؛ أي: ثَنَاه في استواء من غير
تقويس. ذكره الخطابي - كما في " الفتح "(2/245) -.
ولمسلم وغيره عن عائشة:
وكان إذا ركع؛ لم يُشْخِصْ رأسه، ولم يُصَوِّبه؛ ولكن بين ذلك.
وفيه علة تقدم بيانها [ص 177 - 178] . قال في " نصب الراية "(1/374) :
" وروى أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في " مسنده ": ثنا الحسين بن علي بن
يزيد: ثني أبي عن زكريا بن أبي زائدةَ عن أبي إسحاق عن البراء قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ركع؛ بسط ظهره، وإذا سجد؛ وجّه أصابعَه قِبَلَ القبلة ". انتهى.
قلت: ومن طريق أبي العباس هذا أخرجه البيهقي (2/113) بزيادة:
فتفاجَّ.
وسنده صحيح - كما في " الدراية "(79) -.