الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع
مواضع الشفاعة
الشفاعة مظهر من مظاهر الرحمة الالهية، ولما كانت كذلك فالرحمة لا تختص بمكان واحد ولا زمان واحد ولا شخص واحد والادلة على ذلك موفورة، والمواضع التي تحل الشفاعة بها هي ستة:
الموضع الأول:-
عند الموت: واعني بالموت موت المشفوع له، وتكون الشفاعة هنا بشكل الدعاء الغيبي - وهي على قسمين:
القسم الاول: الشفاعة عند الاحتضار:-
والاحتضار هو احتضار الروح للانتقال من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ وهذه الشفاعة هي اول أنواع الشفاعات الاخروية فقد صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ((لقنوا موتاكم لا اله الا الله فانه من كان اخر كلامه لا اله الا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر وان اصحابه قبل ذلك من اصحابه)) (1). فهذه الشفاعة التي تحل على المسلم -شفاعة كلمة التوحيد- يكون نفعها في اخراجه من النار مهما عذب، هذا فضلاً على انها قد تشفع لصاحبها فتنفذه من النار اصلاً، ((أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (2)).
القسم الثاني: الشفاعة لمن مات ولم يدفن بعد:-
وهي عند الصلاة عليه، فالمسلم الذي يصلي عليه امة من الناس، هذه الامة مسلمة وهي مؤهلة لان تشفع، وقصدوا شفاعتهم للميت، فإن الله تعالى يشفعهم فيه، فقد جاء من حديث انس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً:((ما من ميت يصلي عليه امة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له الا شفعوا)) (3)، ولعل الصلاة تكون على الميت وهو في
(1) اخرجه ابن حبان (3004).
(2)
النساء/48، وانظر فصل شفاعة كلمة التوحيد ص88 من هذا البحث.
(3)
انظر تخريجه برقم (81).
قبره فيكون الموضع عند القبر.
الموضع الثاني: عند القبر:-
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة الا وقاه الله فتنة القبر)) (1).
الموضع الثالث: عند الحشر:-
وهذا الموضع جاءت الاحاديث تترا تؤيد الشفاعة عنده، فمنها حديث أبي هريرة مرفوعاً ((انا سيد الناس يوم القيامة، يجمع الله الناس الاولين والاخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس)) (2)
…
الحديث، وهنا تحل الشفاعة العظمى لكل الناس في الاذن بالشروع بالحساب كما ستأتي لاحقاً.
الموضع الرابع: عند الصراط:-
جاء ذكر الشفاعة عند الصراط في اكثر من حديث منها: " ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون انا وامتي اول من يجيز"(3) وفي رواية اخرى "
…
ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم
…
". (4)
ويشهد لهذا الموضع ما اخرجه الامام أحمد في مسنده في حديث انس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "اني لقائم انتظر امتي تعبر على الصراط اذ جاءني عيسى فقال: هذه الانبياء قد جاءتك يا محمد يشتكون، أو قال يجتمعون اليك ويدعون الله عز وجل أن يفرق جمع الامم إلى حيث يشاء الله لغم ما هم فيه والخلق ملجمون في العرق
…
" (5)
الموضع الخامس: عند الجنة:- وتحتها اقسام:
1 -
الشفاعة قبل الحساب:
جاء من حديث عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " وعدني ربي أن يدخل
(1) انظر تخريجه برقم (96)، وانظر فيض القرير، المناوي 2/ 453.
(2)
انظر تخريجه برقم (10).
(3)
انظر تخريجه برقم (14).
(4)
انظر صفحة 54 من هذا البحث وقد وعدها الشيخ سعيد حوى - من شفاعات المقام المحمود كما سنجده في موضعه.
(5)
انظر تخريجه برقم (20) وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 2/ 1341 - 1342.
الجنة امتي سبعين الفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل الف سبعون الفاً وثلاث حثيات من حثياته" (1).
2 -
الشفاعة بعد الحساب:
أعني بعد أن يحاسب أهل الموقف ويتوجه الناس إلى الجنة يجتمعون عند الباب فلا يؤذن لهم بالدخول حتى يشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديثه صلى الله عليه وسلم "أنا أول شفيع في الجنة"(2)، و "فآخذ بحلق الجنة فاقعقعه"(3).
3 -
الشفاعة في رفع الدرجات في الجنة (4):
لم اجد لها مستنداً رغم أن الكثير من اهل العلم عدوها من شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم (5) إلا انهم لا يذكرون مستندها (6).
4 -
الشفاعة لمن تساوت حسناته وسيأته:
واكثر من يذكرها يعد مستندها حديث إبن عباس رضي الله عنه "السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه واصحاب الاعراف يدخلون بشفاعة النبي"(7).
الموضع السادس: عند النار -نعوذ بالله منها-:-
1 -
الشفاعة قبل دخول النار:
وهي في قوم استوجبوا النار فيشفع لهم فلا يدخلوها. ولم اقف على مستندها- في حدود اطلاعي - يقول إبن قيم الجوزية رحمة الله تعالى: وهذا النوع لم اقف إلى الان على حديث يدل عليه" (8).
(1) انظر تخريجه برقم (51).
(2)
انظر تخريجه برقم (24).
(3)
انظر ص55، وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، لسعيد حوى 2/ 1343.
(4)
انظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز، تحقيق الارنؤوط 2/ 288 وفتح الباري، إبن حجر 11/ 522 - 523.
(5)
انظر شرح مسلم، النووي 3/ 53، وفتح الباري، سبق، وغاية المامول، شرح التاج الجامع للاصول 5/ 348.
(6)
انظر ص76 من بحثنا.
(7)
انظر تخريجه لاحقاً في هامش ص67 من بحثنا.
(8)
شرح سنن أبي داود، الذي بهامش عون العبود13/ 77.
وقد عد الحافظ إبن حجر رحمه الله حديث "ونبيكم على الصراط يقول رب سلم"(1) مستنداً لها (2).
2 -
الشفاعة بعد دخول النار في اخراج اهلها منها:
أي أن الشفاعة تدركه بعد دخوله النار وقبل أن يكمل المدة المقررة عليه وهي خاصة باهل التوحيد والاثار في ذلك كثيرة منها ما رواه عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يخرج من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين"(3).
3 -
الشفاعة بعد دخول النار في التخفيف عن اهلها:-
وهي خاصة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب فقد ذكر عنده عمه أبو طالب فقال "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه"(4).
(1) انظر تخريجه برقم (12).
(2)
انظر فتح الباري11/ 522 - 523، وانظر ص68 من بحثنا.
(3)
انظر تخريجه برقم (12)، وانظر ص69 من بحثنا.
(4)
انظر تخريجه برقم (54).