الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاء في الحديث الصحيح: ((
…
فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا ارحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط)) (1)
…
الحديث.
وجاء في الحديث الاخر ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال بره من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من الخير)) (2). إذن: لا اله إلا الله تشفع لصاحبها يوم القيامة وتخرجه من النار.
وأما من مات من أهل الكتاب وهو يشهد ان لا اله إلا الله فقط دون الرسالة فان ادرك الرسالة وامتنع وكذب فهو خالد في جهنم ومن لم يدرك الرسالة فان كلمة التوحيد تشفع له-والله اعلم- قال تعالى:"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"(3).
المطلب الثاني:-شفاعة الانتساب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم
-.
لكل نسب شرف، وهذا الشرف يتفاوت بتفاوت أهمية ذلك النسب، ومن أنتسب إلى أمة من الأمم فكذلك لابد لهذه الآمة من شرف، و ((ليس هناك من انتساب أعظم وأرفع وأشرف من الانتساب للأمة الأسلامية لأنه الانتساب إلى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم هو الانتساب لسيد الأنبياء والرسل محمد صلى الله عليه وسلم وهو انتماء للأسلام وأهله واي انتماء أعظم من الانتماء لدين الله عز وجل (4)" وقد جاءت الايات القرآنية تصرح بأفضلية هذه الأمة يقول تعالى"وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)) (5) و ((كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (6).
وهذه الأمة شهيدة بنص هذه الآية، وبنص حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي
(1) انظر تخريجه برقم (14).
(2)
انظر تخريجه برقم (100).
(3)
الاسراء/15.
(4)
الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى1/ 1125.
(5)
البقرة/143.
(6)
آل عمران/110.
- صلى الله عليه وسلم انه قال: ((يجيء النبي ومعه الرجلان ويجيء النبي ومعه الثلاث واكثر من ذلك واقل فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول نعم فيدعي قومه فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون لا، فيقال: من شهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فتدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون نعم فيقول: وما علمكم بذلك، فيقولون أخبرنا نبينا بذلك أنّ الرسل قد بلغوا فصدقناه قال: فذلكم قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً
…
" الآية)) (1).
ويكفي الأمة المحمدية شرفاً:- ((أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في ابراهيم" رب انهن اضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فأنه مني
…
" (2) الاية وفي عيسى عليه السلام "أن تعذبهم فأنهم عبادك وأن تغفر لهم فأنك أنت العزيز الحكيم" (3).فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل أذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم، فقال الله يا جبريل أذهب إلى محمد فقل أنّا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)) (4).
فهذه بشارة عظيمة لهذه الأمة زادها الله تعالى شرفاً فقد وعدها الله تعالى بانه سيرضي نبيه بها ولا يسوؤه، وهذا أرجى الأحاديث لهذه الآمة
…
وأما قوله تعالى ولا نسوؤك: فهو ((تأكيد للمعنى أي لا نحزنك لأن الارضاء قد يحصل في حق البعض بالعفو عنهم ويدخل الباقي في النار فقال تعالى "نرضيك ولا ندخل عليك حزناً بل ننجي الجميع")) (5).
يقول صاحب الظلال في وصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم:- ((الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً فتقيم بينهم العدل والقسط وتضع لهم الموازين والقيم وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها وتقول:"هذا حق منها وهذا باطل
…
)) (6).
وهذه الأمة أمة اختيارية لا جبرية بمعنى أنها لا تكره أحداً على الانضمام اليها ..
(1) البخاري في صحيحة، الأنبياء (3339)، وانظر تخريجه في المسند الجامع6/ (4638).
(2)
ابراهيم/36.
(3)
المائدة/118.
(4)
الحديث أخرجه مسلم، وانظر مضانه في المسند الجامع 11/ (8707).
(5)
شرح مسلم3/ 78 - 79 بتصرف يسير.
(6)
في ظلال القرآن، سيد قطب1/ 130 - 131.
قال تعالى "لا إكراه في الدين
…
" (1)، وهي تعطي لأبنائهما حرية الفكر والإبداع ولكن من بدل دينه وارتد على عقبيه أو من آمن بفكرة تناهض الأسلام، فلا يسمح له بالأزدواجية ولا يسمح له بالخروج، فأما أن يعود إلى أحضانها وحماها واما إنُ أصرّ على انحرافه فانه يقتل حداً. يقول صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه)) (2) ومن الطبيعي أن حد القتل يكون بعد المناقشة والمحاججة من قبل أفذاذ العلماء، وقد جاء من حديث حيدة بن معاوية عن ابيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها واكرمها على الله عز وجل)(3). وإنما حازت هذه الأمة هذا الفضل والسبق على بقية الامم اكراماً لنبيها محمد صلى الله عليه وسلم، وهل اعطي احد من الأنبياء وامة من الامم مثل ما اعطي هو وامته صلى الله عليه وسلم (4)؟.
وأتوج هذه التوطئة بكلمات لصاحب الظلال حيث يقول:-
((وهذا ما ينبغي ان تدركه الامة المسلمة لتعرف حقيقتها وقيمتها وتعرف انها اخرجت لتكون طليعة ولتكون لها القيادة بما انها خير امة. الله يريد أن تكون القيادة للخير لا للشر في هذه الارض ومن ثم لا ينبغي لها ان تتلقى من غيرها من امم الجاهلية، انما ينبغي دائماً ان تعطي هذه الامم مما لديها وان يكون لديها دائماً ما تعطيه من الاعتقاد الصحيح، والتصور الصحيح، والنظام الصحيح، والخلق الصحيح، والمعرفة الصحيحة، والعلم الصحيح. هذا واجبها الذي يحتمه عليها مكانها، ويحتمه عليها غاية وجودها، واجبها ان تكون في الطليعة دائماً وفي مركز القيادة دائماً، ولهذا المركز تبعاته فهو لا يؤخذ أدعاء ولا يسلم لها به إلا ان تكون هي أهلاً له.
…
. فهي خير امة اخرجت للناس لا عن مجاملة أو محاباة ولا عن مصادفة أو جزاف -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وليس توزيع الاختصاصات والكرامات كما كان أهل الكتاب يقولون "نحن ابناء الله واحباؤه"(5). كلا انما هو العمل الايجابي لحفظ البشرية من المنكر، واقامتها على المعروف مع الإيمان الذي يحدد المعروف والمنكر)) (6).
(1) سورة البقرة /256.
(2)
صحيح، عن ابن عباس، انظر تحفة الاشراف 5/ (5987)، والمسند الجامع 9/ (6579).
(3)
اخرجه الترمذي في جامعة برقم (3001)، وانظر تخريجه في المسند الجامع 15/ (11595).
(4)
انظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 369، وفتح الباري، ابن حجر 8/ 284.
(5)
المائدة /18.
(6)
في ظلال القرآن 1/ 447.