الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي لاشك فيه هو ان اصحاب الاعراف يدخلون الجنة لقوله تعالى: ((ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون)) (1).
والمنطق يقبل ذلك والا فكيف يدخل اصحاب الكبائر، ومن لم يعمل خيراً قط الجنة -باذن الله- وبشفاعة الشافعين- ابتداءً أو ختاماً وهؤلاء لا يدخلون؟! وهم اقل جرماً واكثر اجراً.
وهذا أمر مقطوع فيه ولكن الاشكال هو أيكون دخولهم الجنة بشفاعة النبي ام بغيرها؟! كما مر فانه لا دليل على انهم يدخلون بشفاعة النبي أو غيره ولا دليل ايضاً ينفي هذا وأهل العلم في ذلك مختلفون فمثلاً القاضي عياض (2) والقرطبي (3) والنووي (4) وإبن تيمية (5) رحمهم الله لا يعدونها من أنواع شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف إبن كثير (6)، وإبن أبي العز (7)، وإبن حجر العسقلاني (8)، وغيرهم.
ولما لم تثبت تلك الشفاعة بدليل قطعي فانها ظنية، وهي ضرب من الغيب -والله اعلم-
النوع الخامس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوم استوجبوا النار إلا يدخلوها:
-
أخرج الإمام مسلم بسنده عن حذيفة بن اليمان وأبي هريرة رضي الله عنه قالا: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون: يا ابانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى إبني إبراهيم خليل الله، قال فيقول إبراهيم لست بصاحب
(1) انظر شرح مسلم 3/ 35،انظر التذكرة، القرطبي1/ 285.
(2)
انظرمصدرسابق.
(3)
انظر التذكرة1/ 285.
(4)
انظر شرح مسلم 3/ 35.
(5)
انظر مجموع الفتاوي 3/ 147.
(6)
انظر النهاية في الفتن 2/ 140.
(7)
انظر شرح الطحاوية، تحقيق الارنؤوط2/ 288.
(8)
انظر فتح الباري 11/ 522.
ذلك انما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الذي كلمه الله تكلما، فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى صلى الله عليه وسلم لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم فيقوم ويؤذن فيؤذن له وترسل الامانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً. فيمر أولكم كالبرق قال: بأبي أنت وامي أي شيء كمر البرق؟ قال: الم ترو إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفه عين ثم تم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سَلَّمْ سَلَّمْ. حتى تعجز أعمال العباد وحتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قل وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة باخذ من امرت به فمخدوش (1) ناجٍ ومكدوس (2) في النار. -والذي نفس أبي هريرة بيده ان قعر جهنم سبعون خريفاً-)) (3).
ولم أجد مستندا لهذا النوع من الشفاعة غير هذا الحديث وهو أصرح حديث في هذه الشفاعة، وقد عده الحافظ إبن حجر مستندا لها (4).
وأما إبن قيم الجوزية فإنه يقول: ((وهذا النوع لم اقف إلى الان على حديث يدل عليه)) (5).
ويبدو من الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للبعض ممن لم يسعفه عمله فيقصر به ويبطيء به المسير -من أهل الإيمان- فيدعو النبي صلى الله عليه وسلم ربه ويتشفع لهم بقوله: اللهم سلم سلم. فان كان ذاك الشخص من أهل النجاة استجاب الله لنبيه وشفعه فيه، والا فلعله ممن يخرج بشفاعة غير النبي أو يخرج بشفاعته بعد ان يسقط في النار أو ان يكون من أهل القبضة -والله اعلم-.
وعلى قدر عمل الانسان تكون سرعته في المرور على الصراط فالبعض كالبرق،
(1) أي تخدشه الكلاليب ولكن تدركه الشفاعة، وخدش الجلد أي قشره بعود أو نحوه. انظر النهاية في غريب الحديث، إبن الاثير 2/ 14.
(2)
أي ساقط في النار. انظر النهاية في غريب الحديث 4/ 155.
(3)
اخرجه مسلم، الإيمان: باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها (329)، وأبو يعلى (6216).ح11/ 79 وانظر مضانة في المسند الجامع5/ (3401).
(4)
انظر فتح الباري 11/ 522.
(5)
شرح سنن أبي داود، الذي بهامش عون المعبود 13/ 77 - 78.