الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل وغيره من حديث عبد الله إبن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني في يشفعان)) (1).
وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصيام جنه فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل
…
)) (2)
…
الحديث.
وجاء الحديث بالفاظ مختلفة منها ("جنة من نار" "وجنة وحصن حصين من النار")(3).
يقول الإمام النووي:- ((الصيام جُنة: هو بضم الجيم ومعناه: ستره، ومانع من الرفث والاثام ومانع ايضاً من النار
…
)) (4).
((وإنما كان الصوم جنه لانه امساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات. فالحاصل انه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساتراً له من النار في الآخرة)) (5).
وهكذا نخلص ان الصيام يقف بين ايدي الله تعالى يشفع لصاحبه، فيحاجج ويناضل، ويدافع عنه فلا يدعه حتى يدخله الجنة من باب الريان -ان شاء الله- أخرج البخاري بسنده عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعاً:((إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه احد غيرهم فإذا دخلوا اغلق فلم يدخل منه أحد)) (6).
المطلب الخامس: شفاعة دعاء الوسيلة عقب الآذان
(*):
أخرج البخاري بسنده عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم
(1) انظر تخريجه برقم (118).
(2)
الحديث بطوله أخرجه البخاري في صحيحة، الصوم (1894)، وانظر مظانه في المسند الجامع17/ (13400)
(3)
انظر فتح الباري4/ 130.
(4)
شرح مسلم8/ 30 - 31.
(5)
فتح الباري 4/ 130.
(6)
البخاري، الصوم (1896و3257)، انظر مظانه في المسند الجامع17/ (13400و13401و13410و13411و13412).
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الصواب أنه المطلب الرابع، وهذا خطأ مطبعي كما أفادنا بذلك المؤلف حفظه الله
رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)) (1).
والمراد بالنداء: هو الإذان (2)، فان من يدعو بدعاء الوسيلة هذا عقب الإذان فانه ستحل له شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الدعاء يكون "حين يسمع الإذان": وقد اختلف في وقت الدعاء، فقيل هو الدعاء اثناء الإذان، وقيل بعد تمام الإذان وهو الاظهر (3).
ولما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فان من صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) (4). فإن الدعاء بالوسيلة جاء عقب إجابة المؤذن.
ومعنى "الدعوة التامة": هي دعوة التوحيد (5)، قال تعالى "له دعوة الحق"(6). وإنما سميت دعوة التوحيد "تامة" لان الشركة نقص، وقال إبن التين وصفت بالتامة لان فيها اتم القول وهو "لا اله الا الله". وقال الطيبي: من اوله الى قوله محمد رسول الله هي الدعوة التامة (7).
وأما قوله "الصلاة القائمة": فان الطيبي قال" هي الحيعلة "حي على الصلاة، حي على الفلاح" (8) والاظهر هو ان المراد بالصلاة القائمة: هي الصلاة المعهودة (9). فكأن معنى الدعاء. اللهم رب دعوة التوحيد هذه، والصلاة التي تقام بعدها. فان الصلاة لا تقام الا بعد الإذان -والله اعلم-.
وأما الوسيلة: هي التوسل الى الشيء برغبة، وهي أخص من الفضيلة ولتضمنها معنى
(1) أنظر تخريجه برقم (69).
(2)
انظر فتح الباري، إبن حجر 2/ 120، وانظر بذل المجهود، السهارنفوري 4/ 94.
(3)
انظر شرح مسلم، النووي 4/ 87.
(4)
انظر تخريجه برقم (70).
(5)
انظر فتح الباري 2/ 120.
(6)
الرعد/14.
(7)
انظر فتح الباري 2/ 121،وانظر عون المعبود، العظيم ابادي 2/ 232.
(8)
مصدر سابق.
(9)
مصدر سابق.
الرغبة عديت بالى قال تعالى: "وابتغوا اليه الوسيلة"(1).
والمراد بها القربة، وهي منزلة عالية في الجنة (2). لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وأبو القاسم صلى الله عليه وسلم صاحبها -إن شاء الله-.
والفضيلة: هي مرتبة زائدة على سائر الخلق وربما هي منزلة اخرى مضافة للوسيلة، او قد تكون تفسيراً للوسيلة (3).
وقوله "مقاماً محموداً" -قد فصلت القول فيه في موضعه- وإنما نُكِّرَ لأنه أفخم واجزل فهو مقاماً محموداً بكل لسان (4).
وأما قوله "الذي وعدته" فهو وعد الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بقوله ((عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (5)، واطلق عليه الوعد لان عسى من الله واقع (6). وقد زاد البيهقي في روايته ((إنك لا تخلف الميعاد)) (7).
وهكذا نخلص ان من طلب هذه الدعوة من الله عقب كل إذان يسمعه فان شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم ستدركه وتحل له: اي استحقها او انزلت عليه (8).
وهذه الشفاعة التي تدرك هذا المسلم عقب دعاءه قد تكون لرفع درجته او لتخفيف العذاب عنه او نوع اخر من الانواع الاخرى، فيعطى كل احد بما يناسبه (9).
وإنما كان للآذان هذا المقام لان "الآذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات فأوله إثبات الذات وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن اضدادها وذلك بقوله الله اكبر وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه ثم صرح باثبات الوحدانية ونفي صدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى وهذه
(1) وانظر المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصبهاني 831.
(2)
انظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 366.
(3)
انظر فتح الباري، إبن حجر 2/ 121 وعون المعبود، العظيم ابادي 2/ 232.
(4)
انظر فتح الباري 2/ 121، وبذل المجهود، السهارنفوري 4/ 94.
(5)
الاسراء/79.
(6)
انظر فتح الباري، 2/ 121.
(7)
انظر الحديث برقم (69).
(8)
انظر شرح مسلم، النووي 4/ 86 - 87.
(9)
انظر فتح الباري 2/ 122.