الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
شفاعة الاعيان
المطلب الأول
شفاعة الأنبياء عليهم السلام
المسألة الاولى: شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
-:-
من تمام رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ورأفته وشفقته بأمته وأهتمامه بأحوالهم وشؤنهم أخّر صلى الله عليه وسلم دعوته المستجابة إلى يوم القيامة شفاعة لهم. ذلك أنه لكل نبي دعوة مستجابة لامته أو عليهم، فقد جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً:((أن لكل نبي دعوة قد دعاها في امته فأستجيب له واني أختبأت دعوتي شفاعةلامتي يوم القيامة)) (1).
وقد إستُشْكِلَ ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الدعوات المجابة ولا سيما لنبينا صلى الله عليه وسلم فهل يعني ذلك أن لكل نبي دعوة واحدة مستجابة فقط؟
ذكر الحافظ إبن حجر الاختلاف في ذلك فنقل مثلاً عن إبن التين (2) في معنى لكل نبي دعوة القول "أي افضل دعواته، ولهم دعوات أخرى، وقيل لكل منهم دعوة عامة مستجابة في امته باهلاكهم واما بنجاتهم، واما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب ومنها ما لا يستجاب، وقيل لكل منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه كقول نوح "لا تذر على الارض" (3) وقول زكريا "فهب لي من لدنك ولياً يرثني" (4) وقول سليمان " وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي" (5).
والذي يبدو من خلال ظاهر النصوص: أن دعوة الانبياء بصورة عامة ليست كلها مستجابة لقوله صلى الله عليه وسلم ((سألت الله ثلاثاً فاعطاني اثنين ومنعني واحدة)) (6) فمنها ما يستجاب
(1) انظر تخريجه برقم (3).
(2)
انظر ترجمة في الاعلام.
(3)
نوح ا /25.
(4)
مريم/ 4 - 5.
(5)
ص / 35.
(6)
أخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كتاب الفتن واشراط الساعة (20) وانظر فتح الباري، سبق.
ومنها ما يرد، ولكن هناك دعوة واحدة يعطيها رب العزة جل جلاله لنبييه اكراماً له، ويحق له استخدامها انى شاء، واستجابتها حتمية.
فأن أرادها في الدنيا أو الاخرة يعطيها، ويعضد هذا ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري مرفوعاً: ((لكل نبي دعوة مستجابة
…
)) (1)، أي دعوة واحدة محققة الاجابة وما عداها فهو متروك للمشيئة الالهية، هذا ما ذهب اليه الامام النووي وإبن حجر، يقول النووي:((أن لكل نبي دعوة متيقنة الاجابة وهو على يقين من اجابتها اما باقي دعواته فهم على طمع من اجابتها وبعضها يجاب وبعضها لا يجاب)) (2).
والمراد بالامة هنا امة الاجابة لا امة الدعوة وسنبينه في موضوع المطرودين من امة محمد صلى الله عليه وسلم (3) وقد جاء في حيث عوف بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً ((إنه أتاني من ربي آتٍ فخيرني بان يدخل نصف امتي الجنة وبين الشفاعة واني اخترت الشفاعة)) (4) وقد اختلف في هذا الآتي من هو؟
فذهب المباركفوري إلى انه ملك أخر غير جبريل (5). وهذه دعوى تحتاج إلى دليل؟! بل على العكس فان الملك ما دام لم يعرف فان الأمر ينصرف إلى جبريل عليه السلام لأنه أقرب الملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكذا فانه لم يرد نص صحيح يخبر بتلقي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي سوى من جبريل عليه السلام والأمرهنا كذلك وحيُ.
ويشهد لهذا الرأي حديث أبي ذر رضي الله عنه ((أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك
…
)) (6) الحديث.
فإدخار النبي صلى الله عليه وسلم دعوته لأمته لا على امته
…
أدخر دعوته لأمته وكان بمقدوره أن يدعو لنفسه دعوة دنيوية أو آخروية. فيا للهِ ما هذه الرأفة وهذه الشفقة. (7)
(1) اخرجه البخاري (635) وانظر تخريجه برقم (2).
(2)
شرح مسلم 3/ 75، وانظر فتح الباري إبن حجر 11/ 116.
(3)
انظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 132، وانظر ص104 من هذا البحث.
(4)
انظر تخريجه برقم (15).
(5)
انظر تحفة الاحوذي 7/ 132.
(6)
انظر تخريجه برقم (106).
(7)
انظر شرح مسلم 3/ 75، وفتح الباري11/ 116 وتحفة الاحوذي 7/ 132.