الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)) (1).
فمن مات من المسلمين -خاصة- في هذا اليوم المبارك فأنه لا يعذب في قبره، والقبر أو منازل الآخرة، وليس ببعيد عن الرحمة الإلهية أن يتم نعمته على هذا العبد ويعفو عنه بعد ذلك.
وهذا الحديث لا يعارض أحاديث السؤال في القبر بل تلك الأحاديث عامة، وتخص به. وهذا الأمر ليس فيه مدخل للقياس ولا مجال للنظر وإنما ينبغي التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق (2).
ونقل المباركفوري عن الحكيم الترمذي القول: ((من مات يوم الجمعة فقد أنكشف له الغطاء عما له عند الله، لأن يوم الجمعة لا تُسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها، ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل فيه سائر الأيام، فإذا قبض الله عبداً من عبيده فوافق قبضة يوم الجمعة كان ذلك دليلاً لسعادته وحسن مآبه وأنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده فلذلك يقيه فتنة القبر)) (3).
المطلب السادس: الشفاعة الإلهية:
-
لقد جاءت بعض الألفاظ في الأحاديث النبوية تشعر بأن هناك شفاعة إلهية بل قد جاء لفظ صريح (( .. فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواماً قد أمتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة
…
)) (4).
وما أخرجه الأمام مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً ((يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله فيلتفت أحدهم فيقول: أي رب إذ أخرجتني منها لا تعدني فيها فينجيه الله منها)) (5)، وما كان على هذا المنوال من الأحاديث
(1) انظر تخريجه برقم (96).
(2)
انظر التذكرة، القرطبي179 وتحفة الأحوذي، المباركفوري4/ 188.
(3)
تحفة الأحوذي، المباركفوري4/ 188،وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص424.
(4)
انظر تخريجه برقم (14) واللفظ للبخاري (7439).
(5)
أخرجه مسلم في الايمان/ (321)، وأنظر مظانه في المسند الجامع 3/ (1665).
الأخرى (1).
وكما هو معلوم من تعريف الشفاعة أنها: طلب الخير للغير، والتوسط بين أثنين فكيف نستطيع أن نخرج من هذا الإشكال؟.
أقول: الاختلاف في ألفاظ الحديث عند الرواة أمر وارد حتى بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم فقد ينقل متن حديث يختلف عن غيره من وجه أو أكثر، و ((قد يفوت بعضهم ما عند الآخر فإذا جمع ما عند الجميع وترك ما خالف فيه الثقة الثقات وما كان فيع علة تمنع الأخذ به استقام الأمر ويبقى القرآن هو الأصل والسنة شارحة له
…
)) (2). لذا فما دام قد وردت ألفاظ أخرى للحديث وهي صحيحة كالرواية التي أخرجها الإمام مسلم ((
…
شفعت الملائكة وشفع النبيون، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خير قط
…
)) (3)، فلفظة الرحمة هي أقرب إلى معنى العفو الإلهي.
وعلى فرض صحة تلك اللفظة فيمكن حملها على أنها من قبيل المجانسة أو من قبيل ((
…
.أعوذ بك منك
…
.)) (4). فكأن المعنى يصبح: أن الله يتشفع برحمته من عذابه فان قيل: فما الفرق أذن بين الرحمة في المغفرة والرحمة في الشفاعة؟ قلنا الرحمة قبل الحساب مغفرة وبعد الحساب شفاعة-والله أعلم-.
(1) انظر تخريجه برقم (67).
(2)
الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى3/ 1299.
(3)
انظر تخريجه برقم (14).
(4)
طرف من حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه مسلم، في الصلاة (222).