المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الأولى:- أمة محمد من هم - الشفاعة في الحديث النبوي

[عبد القادر المحمدي]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأولدراسة النصوص دراسة موضوعية

- ‌الفصل الأول: مفهوم الشفاعة عند علماء المسلمين

- ‌المبحث الاولتعريف الشفاعة

- ‌المبحث الثانيأدلة الشفاعة من النقل والعقل

- ‌أولاً:- أدلة الشفاعة من القرآن الكريم:

- ‌ثانياً: دليل الشفاعة عقلاً:

- ‌المبحث الثالثمناقشة منكري الشفاعة

- ‌المبحث الرابعأقسام الشفاعة

- ‌المبحث الخامسحكمة الشفاعة

- ‌المبحث السادسشروط الشفاعة

- ‌المبحث السابعمواضع الشفاعة

- ‌الفصل الثانيأنواع الشفاعة

- ‌المبحث الأولشفاعة الاعيان

- ‌المطلب الأولشفاعة الأنبياء عليهم السلام

- ‌المسألة الاولى: شفاعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌النوع الأول: شفاعة المقام المحمود:

- ‌النوع الثاني: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم العظمى في فصل القضاء

- ‌النوع الثالث: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في إدخال قوم بغير حساب:

- ‌النوع الخامس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوم استوجبوا النار إلا يدخلوها:

- ‌النوع السادس: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أهل النار في ان يخرجوا منها:

- ‌النوع الثامن: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب:

- ‌المسألة الثانية: شفاعة بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌المطلب الثاني: شفاعة الملائكة عليهم السلام

- ‌المطلب الثالث: شفاعة الشهداء:

- ‌المطلب الرابع: شفاعة المؤمنين:

- ‌المطلب الخامس: شفاعة الزمن:

- ‌المطلب السادس: الشفاعة الإلهية:

- ‌المبحث الثانيشفاعة الأعمال

- ‌المطلب الأول:- شفاعة كلمة التوحيد- لا اله إلا الله محمد رسول الله

- ‌المطلب الثاني:-شفاعة الانتساب إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌المسألة الأولى:- أمة محمد من هم

- ‌نواقض التوحيد:

- ‌النصوص ومناقشتها:

- ‌المطلب الثالث: شفاعة القرآن والصيام:

- ‌أولاً: شفاعة القرآن

- ‌ثانياً: شفاعة الصيام:

- ‌المطلب الخامس: شفاعة دعاء الوسيلة عقب الآذان

- ‌المطلب السادس: شفاعة شهود بعض الوقائع

- ‌أولاً معركة بدر الكبرى:

- ‌ثانياً: بيعة الرضوان: "بيعة الشجرة

- ‌المطلب السابع: -شفاعة الصبر على الشدائد:

- ‌النوع الأول: الشفاعة في الصبر على شدائد المدينة المنورة:

- ‌النوع الثاني: شفاعة الصبر على تربية الإناث

- ‌النوع الثالث:-شفاعة الصبر على موت الأولاد:

- ‌النصوص ومناقشتها:

- ‌شروط شفاعة الصبر على موت الأولاد:

- ‌النوع الرابع شفاعة الصبر على بعض الأمراض:

- ‌أولا شفاعة الصبر على ذهاب البصر:

- ‌ثانياً: شفاعة الصبر على الحمى:

- ‌ثالثا:- شفاعة الصبر على الصرع:

- ‌الباب الثاني تخريج الأحاديث

- ‌ملحق

- ‌تعريف أهم الفرق وتراجم بعض الأعلام المذكورين في البحث

- ‌أولاً: تعريف أهم الفرق:

- ‌ثانياً:- تراجم الأعلام

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌المسألة الأولى:- أمة محمد من هم

وقد حضيت هذه الامة المحمدية بدعوة ابيها ابراهيم يوم ان قال: ((ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم)) (1).

فاستجاب له الله جل جلاله، وبعث فيهم محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً يتلو آيات ربه ليزكي هذه الامة:((كما ارسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون)) (2).

فقدم التزكية على التعليم لتبشيرهذه الأمة بأنها أشرف الأمم وهي مزكاة من قبل ربها ما دامت متمسكة بالعروة الوثقى.

‌المسألة الأولى:- أمة محمد من هم

؟

ونحن بصدد الحديث عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم يتعين علينا تعريف "أمة محمد". أيشمل أمة الدعوة كافة؟ ام الاجاب خاصة؟ وما هي صفات هذه الأمة؟ فنقول "ان المقصود من لفظ أمة صلى الله عليه وسلم محمد أذا أطلقت هو أمة الاجابة أي الأمة التي اجابت النبي صلى الله عليه وسلم فقط وليس المقصود منها كل افراد الأمة مؤمنهم وكافرهم "أمة الدعوة" (3).

وهذه الأمة "أمة الاجابة" تشمل كل من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم حال حياته أو بعد موته إلى يوم القيامة (4).

والذي يبدو لي من خلال النصوص أن شروط الانتماء إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الأمة الناجية من عذاب الله يوم القيامة على قسمين:-

أولاً:- شروط الفرقة التي لا تمسها النار كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذه الأمة مرحومة عذابها بايديها.

.)) (5)، فهذه الأمة هي الأمة المتقية ولا يكون افرادها إلا من أهل التقوى والعمل الصالح، الذين وصفهم الله تعالى: بقوله: ((كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (6).

(1) البقرة /129.

(2)

البقرة/151.

(3)

انظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 370.

(4)

انظر تفسير القرآن العظيم، سبق.

(5)

انظر تخريجه برقم (115).

(6)

آل عمران/110، وانظر مجموع الفناوي، ابن تيمية 3/ 158.

ص: 127

وهم الذين وصفهم الله تعالى بانهم متقون فقال لهم ((ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)) (1)، قال ابن عباس رضي الله عنه:((هم المؤمنون الذين يتقون الشرك بي ويعلمون بطاعتي)) (2). وقال الحسن البصري: ((الذين اتقوا ما حرم الله عليهم وادوا ما افترض عليهم)) (3) فشروط هذا القسم من الآمة- التي لا يمسها العذاب- هي:-

(1)

الإيمان بالغيب: ((أي يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وجنته وناره ولقائه ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث فهذا غيب كله)) (4).

فالإيمان بالغيب هو العتبة التي أن اجتازها الإنسان تخطى مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا المحسوسات (5).

(2)

إقامة الصلاة: أي ((المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها)) (6).

(3)

الانفاق: يقول تعالى "ومما رزقناهم ينفقون": الانفاق المطلق من زكاة ومن صدقة فهم ينفقون من اموالهم ابتغاء وجه الله (7)، ((فهم يعترفون ابتداء بان المال الذي في ايديهم هو من رزق الله لهم لا من خلق انفسهم ومن هذا الاعتراف بنعمة الرزق ينبثق البر بضعاف الخلق والتضامن بين عيال الخلق والشعور بالاصرة الانسانية)) (8).

وقد قاتل أبو بكر رضي الله عنه مانعي الزكاة، وعدهم مرتدين عن الإسلام وقال فيهم:((والله لا افرق بين الصلاة والزكاة، ولأقاتلن من فرق بينهما)) (9).

(4)

الأيمان بالكتب والرسل: يقول تعالى ((والذين يؤمنون بما أنزل اليك ما أنزل من قبلك)) أي ((يصدقون بما جئت به من الله وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجدون ما جاءوهم به من ربهم)) (10).

(1) البقرة/ 1 - 2.

(2)

تفسير القرآن العظيم 1/ 38 - 39.

(3)

مصدر سابق.

(4)

مصدر سابق.

(5)

انظر في ظلال القرآن، سيد قطب 1/ 39.

(6)

فسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 41.

(7)

انظر جامع البيان، الطبري1/ 105 ..

(8)

في ظلال القرآن، سيد قطب1/ 40.

(9)

أخرجه الشيخان من حديث ابي هريرة عن عمر رضي الله عنهما، وانظر تخريجه في المسند الجامع13/ (10442).

(10)

انظرالقرآن العظيم 1/ 41.

ص: 128

وأهمية هذه الصفة هي توطيد البناء الواحد ((أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)) (1). ((فلابد من وحدة شعور، ووحدة دين، ووحدة رسل، ووحدة معبود)) (2).

(5)

الأيمان باليوم الآخر:- "وبالآخرة هم يوقنون": ويدخل تحته كل ما أخبر الله ورسوله به ، كاحوال القبر من نعيم وعذاب ، وما يكون يوم القيامة من نشر وحشر وصراط وميزان وجزاء وتطاير الصحف والحوض والجنة والنار والشفاعة والرؤية وتكليمهم الله وغيرهُ مما يثبت بالكتاب والسنة الصحيحة. (3)

فالأيمان باليوم الآخر ((هو حجر الزاوية في العقيدة الاسلامية ، ذاك لأن الأنسان بطبعه لا يلزم نفسهُ بالطاعة ، إلا أن تكون من ورائها دفع مفسدة، أو جلب مصلحة فالأيمان بالله وبرسالته لا يؤدي ثمرته إلَا إذا كان هناك جزاء ينتظره الإنسان ، ومن ثم كان الإيمان باليوم الآخر له دور كبير في إ'لزام الإنسان بمنهج الله)) (4)، ويعدد لنا الإمام إبن تيمية من صفات هذا القسم الناجي من أمرٍ بمعروف، أو نهى عن منكر، أو حج، أو جهاد، أو صبر أو شكر،، أو حسن جوار

ثم يقول: ((وهم أهل السنة والجماعة وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولو المناقب المأثورة والفضائل المذكورة وفيهم الأبدال: الأئمة الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يظرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة" (5)) (6).

ثانياً: شروط الفرقة الناجية من عذاب الله عاجلاً أو آجلاً:

يعني قد تنجو بعد أن يمسها العذاب أو قد تنجو قبله.

وشروطها هي أركان الإيمان فقط دون عمل، كصلاة، أو صيام، أو زكاة. أو بمعروف

أو نهي عن منكر، وإنما ينجيها إيمانها الصادق من عذاب الله.

(1) الأنبياء /92.

(2)

أنظر في ظلال القرآن 1/ 41.

(3)

أنظر جامع البيان 1/ 105.

(4)

العقيدة الأسلامية، محمد عياش /275.

(5)

حديث مخرج في الصحيحين، جاء عن عدة صحابة رضى الله عنهم أجمعين أنظر - مثلا- عن ثوابان في المسند الجامع 3/ (2068)، وعن جابر 4/ (3052)

(6)

مجموع الفتاوى 3/ 159.

ص: 129

وهؤلاء الذين وصفو في الحديث "أخرجوا من النار من في قلبه مقدار شعيرة من أيمان

" (1) فتارك الصلاة - مثلا - هو من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ويقوم ليعبر - مع بقية الأمة المحمدية - الصراط ولكن كلاليب جهنم تتناوشه وتأخذهُ إلى سقر، قال تعالى " ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين

" (2). إلا من شاء الله أن يعفو عنه: " أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء " (3).

فأركان الأيمان " الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره " هذه شروط المؤمن الذي يستحق أن نسميه مؤمناً أما من أخل بواحدة منها متعمدا فأنهُ يصبح كافراً.

المسألة الثانية:- المطرودون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم:

لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة يردون الحوض -حوض الكوثر- بعد ان لاقوا ما لاقوا من اهوال الموقف، وغيرها من أهوال يوم القيامة، وعليهم سمت أمة محمد صلى الله عليه وسلم من اثار الوضوء -غراً محجلين- يريدون ان ينهلوا من حيث نهل اخوانهم ولكن

إذ بالملائكة تذودهم وتطردهم، فينادي شفيعهم محمد صلى الله عليه وسلم:يا رب أمتي أمتي؟!!

يتعجب: هؤلاء من أمتي يارب؟! فيأتيه الجواب سريعاً: لاتدري ما أحدثوا بعدك، لا زالوا بعدك مرتدين، فيقول الشفيع الاعظم: سحقاً لهم سحقاً (4). وما اعظم الخطب وجلل الموقف؟؟ إذ يقول شفيعك ونبيك: سحقاً لك سحقاً؟ إذن: الانسان المسلم الذي لا يخلص عمله لله فانه لا يقبل عمله وان صلى وصام .... قال تعالى: ((وما امروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين

)) (5)

ويقول صلى الله عليه وسلم:"من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(6) ويقول:"من غش فليس منا (7) " فمن غش المسلمين وخادعهم فهو خارج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وليس من اتباعه -ما لم يتب- (8) ونعني بالمطرودين هم الذين نقضوا "لا اله إلا الله محمد رسول الله" وهو اساس الدين واصل الإيمان وهو العهد الذي يربط الانسان بربه ومن ثم بدينه.

(1) أنظر تخريجة برقم (100).

(2)

المدثر /42 - 43 وإنظر عمدة الفاري، العيني 23/ 134.

(3)

النساء/48.

(4)

انظر المسند الجامع 19/ (15775)، و 20/ (17085).

(5)

البينة /5.

(6)

انظر تخريجه في المسند الجامع 20/ (17104.)

(7)

انظر المسند الجامع 17/ (13595.)

(8)

انظر مجموع الفتاوي، إبن تيمية 7/ 41.

ص: 130