الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَيْنَ؟ قَالَ: فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَخَالَفَ صَاحِبَهُ، فَقَالَ دَانْيَالُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، شَهِدَا عَلَيْهَا وَاَللَّهِ بِالزُّورِ، فَاحْضُرُوا قَتْلَهُمَا. فَذَهَبَ الثِّقَةُ إلَى الْمَلِكِ مُبَادِرًا، فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَبَعَثَ إلَى الْقَاضِيَيْنِ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. وَفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ دَانْيَالُ. فَاخْتَلَفَا كَمَا اخْتَلَفَ الْغُلَامَانِ. فَنَادَى الْمَلِكُ فِي النَّاسِ: أَنْ اُحْضُرُوا قَتْلَ الْقَاضِيَيْنِ، فَقَتَلَهُمَا.
[فَصَلِّ فِي الحبس فِي الدِّين]
21 -
(فَصْلٌ)
وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه لَا يَحْبِسُ فِي الدَّيْنِ، وَيَقُولُ:" إنَّهُ ظُلْمٌ ".
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي غَيْرِ كِتَابِ السُّنَنِ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُعَاوِيَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: " حَبْسُ الرَّجُلِ فِي السِّجْنِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ ظُلْمٌ ".
وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:" حَبْسُ الرَّجُلِ فِي السِّجْنِ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ مَا عَلَيْهِ ظُلْمٌ ".
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ:" حَبْسُ الرَّجُلِ فِي السِّجْنِ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ ظُلْمٌ ".
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْت عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: " إنَّ عَلِيًّا كَانَ إذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ بِغَرِيمِهِ، قَالَ: لِي عَلَيْهِ كَذَا. يَقُولُ: اقْضِهِ فَيَقُولُ: مَا عِنْدِي مَا أَقْضِيهِ، فَيَقُولُ: غَرِيمُهُ: إنَّهُ كَاذِبٌ، وَإِنَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ. فَيَقُولُ: هَلُمَّ بَيِّنَةً عَلَى مَالِهِ يُقْضَى لَك عَلَيْهِ. فَيَقُولُ: إنَّهُ غَيَّبَهُ. فَيَقُولُ: اسْتَحْلِفْهُ بِاَللَّهِ مَا غَيَّبَ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ: لَا أَرْضَى بِيَمِينِهِ. فَيَقُولُ: فَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تَحْبِسَهُ لِي، فَيَقُولُ: لَا أُعِينُك عَلَى ظُلْمِهِ، وَلَا أَحْبِسُهُ، قَالَ: إذَنْ أَلْزَمُهُ، فَيَقُولُ: إنْ لَزِمْته كُنْتَ ظَالِمًا لَهُ، وَأَنَا حَائِلٌ بَيْنَك وَبَيْنَهُ ".
قُلْت: هَذَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ مَالِيٍّ، كَالْإِتْلَافِ وَالضَّمَانِ وَالْمَهْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَحِلُّ حَبْسُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْغَرِيمِ: إنَّهُ مَلِيءٌ، وَإِنَّهُ غَيَّبَ مَالَهُ.
قَالُوا: وَكَيْف يُقْبَلُ قَوْلُ غَرِيمِهِ عَلَيْهِ، وَلَا أَصْلَ هُنَاكَ يَسْتَصْحِبُهُ وَلَا عِوَضَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ.
وَأَمَّا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا الدَّيْنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ عَنْ عِوَضٍ مَالِيٍّ، كَالْقَرْضِ، وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِمَا.
وَقِسْمٌ لَزِمَهُ بِالْتِزَامِهِ، كَالْكَفَالَةِ وَالْمَهْرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ، وَقِسْمٌ لَزِمَهُ بِغَيْرِ
الْتِزَامِهِ، وَلَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، كَبَدَلِ الْمُتْلَفِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ وَالزَّوْجَاتِ، وَإِعْتَاقِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ وَنَحْوِهِ.
فَفِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: يُسْأَلُ الْمُدَّعِي عَنْ إعْسَارِ غَرِيمِهِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِإِعْسَارِهِ لَمْ يُحْبَسْ لَهُ، وَإِنْ أَنْكَرَ إعْسَارَهُ، وَسَأَلَ حَبْسَهُ: حُبِسَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عِوَضِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ، وَالْتِزَامَهُ لِلْقَسَمِ الْآخَرِ بِاخْتِيَارِهِ: يَدُلُّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ وَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَةٌ بِالْإِعْسَارِ قَبْلَ الْحَبْسِ أَوْ بَعْدَهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ.
وَإِذَا قِيلَ: لَا تُسْمَعُ إلَّا بَعْدَ الْحَبْسِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَكُونُ مُدَّةُ الْحَبْسِ شَهْرًا، وَقِيلَ: اثْنَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: أَرْبَعَةٌ، وَقِيلَ: سِتَّةٌ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ، وَأَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ.
وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ: أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِقَرِينَةٍ أَنَّهُ قَادِرٌ مُمَاطِلٌ، سَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَنْ عِوَضٍ أَوْ عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَسَوَاءٌ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.
فَإِنَّ الْحَبْسَ عُقُوبَةٌ، وَالْعُقُوبَةَ إنَّمَا تَسُوغُ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِهَا، وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الْحُدُودِ، فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهَا بِالشُّبْهَةِ، بَلْ يَتَثَبَّتُ الْحَاكِمُ، وَيَتَأَمَّلُ حَالَ الْخَصْمِ، وَيَسْأَلُ عَنْهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ مَطْلُهُ وَظُلْمُهُ ضَرَبَهُ إلَى أَنْ يُوفِيَ أَوْ يَحْبِسُهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ عَجْزُهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَلَوْ أَنْكَرَ غَرِيمُهُ إعْسَارَهُ، فَإِنَّ عُقُوبَةَ الْمَعْذُورِ شَرْعًا ظُلْمٌ.
وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ مِنْ حَالِهِ شَيْءٌ أَخَّرَهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ حَالُهُ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي دَيْنَهُ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ إذَا أَخَذُوا مَا وَجَدُوهُ إلَّا ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُمْ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَبْسَ مِنْ جِنْسِ الضَّرْبِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ لِلْحَاكِمِ: اضْرِبْهُ إلَى أَنْ يُحْضِرَ الْمَالَ، لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ فَكَيْفَ يُجِيبُهُ إلَى الْحَبْسِ الَّذِي هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَشَدُّ.
وَلَمْ يَحْبِسْ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم طُولَ مُدَّتِهِ أَحَدًا فِي دَيْنٍ قَطُّ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ رضي الله عنهم؛ وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ عَلِيٍّ رضي الله عنه.
قَالَ شَيْخُنَا رحمه الله: وَكَذَلِكَ لَمْ يَحْبِسْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ زَوْجًا فِي صَدَاقِ امْرَأَتِهِ أَصْلًا.
وَفِي رِسَالَةِ اللَّيْثِ إلَى مَالِكٍ - الَّتِي رَوَاهَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ الْحَافِظُ فِي تَارِيخِهِ " عَنْ أَيُّوبَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَخْزُومِيِّ، قَالَ: هَذِهِ رِسَالَةُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ إلَى مَالِكٍ فَذَكَرَهَا إلَى أَنْ قَالَ: " وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَقْضُونَ فِي صَدَقَاتِ النِّسَاءِ، أَنَّهَا مَتَى شَاءَتْ أَنْ تُكَلِّمَ فِي مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا تَكَلَّمَتْ، فَيَدْفَعَ إلَيْهَا.
وَقَدْ وَافَقَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يَقْضِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا مَنْ بَعْدَهُ لِامْرَأَةٍ بِصَدَاقِهَا الْمُؤَخَّرِ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا مَوْتٌ أَوْ طَلَاقٌ، فَتَقُومَ عَلَى حَقِّهَا.
قُلْت: مُرَادُهُ بِالْمُؤَخَّرِ: الَّذِي أُخِّرَ قَبْضُهُ عَنْ الْعَقْدِ، فَتُرِكَ مُسَمًّى، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ: الْمُؤَجَّلَ. فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُطَالِبُ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ، بَلْ هُوَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ: مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَهْرِ إلَى الْمَرْأَةِ، وَإِرْجَاءِ الْبَاقِي، كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَقَدْ دَخَلَتْ الزَّوْجَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ عَلَى تَأْخِيرِهِ إلَى الْفُرْقَةِ، وَعَدَمِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ مَا دَامَا مُتَّفِقَيْنِ.
وَلِذَلِكَ لَا تُطَالِبُ بِهِ إلَّا عِنْدَ الشَّرِّ وَالْخُصُومَةِ، أَوْ تَزَوُّجِهِ بِغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ - وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ وَالْمَرْأَةُ وَالْأَوْلِيَاءُ - أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ لَمْ يَدْخُلَا إلَّا عَلَى ذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُسَمِّي صَدَاقًا تَتَجَمَّلُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَأَهْلُهَا، وَيَعِدُونَهُ - بَلْ يَحْلِفُونَ لَهُ - أَنَّهُمْ لَا يُطَالِبُونَ بِهِ.
فَهَذَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، أَوْ الْمَوْتِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ الزَّوْجُ وَلَا يُحْبَسُ بِهِ أَصْلًا، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تُطَالِبُ بِهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ أَوْ الْمَوْتِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا تَقُومُ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْ حِينِ سُلِّطَ النِّسَاءُ عَلَى الْمُطَالَبَةِ بِالصَّدَقَاتِ الْمُؤَخَّرَةِ، وَحَبْسِ الْأَزْوَاجِ عَلَيْهَا، حَدَثَ مِنْ الشُّرُورِ وَالْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.
وَصَارَتْ الْمَرْأَةُ إذَا أَحَسَّتْ مِنْ زَوْجِهَا بِصِيَانَتِهَا فِي الْبَيْتِ، وَمَنْعِهَا مِنْ الْبُرُوزِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ وَالذَّهَابِ حَيْثُ شَاءَتْ: تَدَّعِي بِصَدَاقِهَا، وَتَحْبِسُ الزَّوْجَ عَلَيْهِ، وَتَنْطَلِقُ حَيْثُ شَاءَتْ، فَيَبِيتُ الزَّوْجُ وَيَظَلُّ يَتَلَوَّى فِي الْحَبْسِ، وَتَبِيتُ الْمَرْأَةُ فِيمَا تَبِيتُ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فَالشَّرْطُ إنَّمَا يَكْتُبُهُ حَالًّا فِي ذِمَّتِهِ تُطَالِبُهُ بِهِ مَتَى شَاءَتْ.
قِيلَ: لَا عِبْرَةَ بِهَذَا بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَقِيقَةِ الْحَالِ، وَأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ عَرَفَ أَنَّ هَذَا دَيْنٌ حَالٌّ تُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، وَتَحْبِسُهُ عَلَيْهِ: لَمْ يُقْدِمْ عَلَى ذَلِكَ أَبَدًا، وَإِنَّمَا دَخَلُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُسَمًّى، تَتَجَمَّلُ بِهِ الْمَرْأَةُ، وَالْمَهْرُ هُوَ مَا سَاقَ إلَيْهَا، فَإِنْ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا طَلَاقٌ أَوْ مَوْتٌ، طَالَبَتْهُ بِذَلِكَ.
وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي نَظَرِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ وَعَوَائِدِهِمْ، وَلَا تَسْتَقِيمُ أُمُورُهُمْ إلَّا بِهِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.