المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الطريق العاشر في الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي في الأموال] - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط البيان

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر للحكم بِالْقَرِينَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَمَل فِي السَّلْطَنَة بِالسِّيَاسَةِ الشَّرِيعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر لِلْعَمَلِ بِالسَّلْطَنَةِ بِالسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة]

- ‌[فَصَلِّ فِي سِيَاسَة الصَّحَابَة فِي قِيَادَة الْأَمَة مِنْ بَعْده صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحُكْمِ بِالْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي فِرَاسَةِ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفِرَاسَة الصَّادِقَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي محاسن الْفِرَاسَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي عَجَائِب الْفِرَاسَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر للحكم بِالْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحبس فِي الدِّين]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الرَّجُل الْوَاحِد]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُتَفَرِّدَاتٍ]

- ‌[فَصَلِّ شَهَادَة الرَّجُل الْوَاحِد مِنْ غَيْر يَمِين عِنْد الْحَاجَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَذَاهِب أَهْل الْمَدِينَة فِي الدَّعَاوَى]

- ‌[فَصَلِّ هَلْ السِّيَاسَة بِالضَّرْبِ والحبس للمتهمين فِي الدَّعَاوَى وَغَيْرهَا مِنْ الشِّرْع]

- ‌[فَصَلِّ فِي دَعَاوَى التهم]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّعْزِير]

- ‌[فَصَلِّ وَالْمَعَاصِي ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الطرق الَّتِي يَحْكُم بِهَا الْحَاكِم]

- ‌[الطَّرِيق الْأَوَّل الْيَدُ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْإِنْكَارُ الْمُجَرَّدُ وَلَهُ صُوَرٌ]

- ‌[فَصَلِّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ عَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْحُدُودِ صُورَتَانِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَحْلِف فِيهِ]

- ‌[فَصَلِّ فَوَائِد الْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ فِي الْحُكْمِ بِالْيَدِ مَعَ يَمِين صَاحِبهَا]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَحْده أَوْ بِهِ مَعَ رد الْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ يَمِين الْمُدَّعِي هَلْ هِيَ كَالْبَيِّنَةِ أُمّ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي رد الْيُمْن]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِد بِلَا يَمِين وَذَلِكَ فِي صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ فِي هَلْ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين تَقْوِيَة وَتَوْكِيد]

- ‌[فَصَلِّ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي يَحْكُمُ فِيهَا بِالشَّاهِدَيْنِ وَالْيَمِينِ]

- ‌[فَصَلِّ وَالتَّحْلِيف ثَلَاثَة أَقْسَام]

- ‌[فَصْل تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْلِيف الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْلِيف الشَّاهِد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّامِنُ فِي الْحُكْمِ بِالرَّجُلِ الْوَاحِد وَالْمَرْأَتَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي شَهَادَة النِّسَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي النصاب الَّتِي تَقْبَل بِهِ شَهَادَة النِّسَاء]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ التَّاسِعُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيق الْعَاشِر فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِين الْمُدَّعِي فِي الْأَمْوَال]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَقَطْ مِنْ غَيْر يَمِين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِثَلَاثَةِ رِجَال]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِأَرْبَعَةِ رِجَال أَحْرَار]

- ‌[فَصْلٌ فِي إتْيَانُ الْبَهِيمَةِ وَمَا يَجِب فِيهِ أَرْبَعَة شُهُود]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْعَبْد والأمة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الصَّبِيَّانِ المميزين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفُسَّاق وَذَلِكَ فِي صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْكَافِر]

- ‌[فَصَلِّ فِي شَهَادَة الْكُفَّارِ عَلَى المسلين فِي السَّفَر]

- ‌[فَصَلِّ وَهَلْ تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْكَافِرِينَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْوَصِيَّةِ فِي دينهم]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي حُكْم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالتَّوَاتُرِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِفَاضَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي أَخْبَار الْآحَاد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْخَطِّ المجرد وَلَهُ صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بالعلامة الظَّاهِرَة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ تَشْهَدُ لِلْقَافَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمِ بَيْن النَّاس فِيمَا لَا يَتَوَقَّف عَلَى الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي عُمُوم الْوِلَايَات وَخُصُوصهَا]

- ‌[فَصَلِّ وَمنْ المنكرات]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي أَقْبَح الظُّلْم]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُصِرَ الْبَيْع عَلَى أناس معينين]

- ‌[فَصَلِّ فِي القسامين الَّذِينَ يقسمون الْعَقَار وَغَيْره بالأجرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي حَاجَة النَّاسُ إلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ كَالْفِلَاحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تُنَازِع الْعُلَمَاء فِي التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي البذل والعطاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الْوَلِيّ بالأمارات والعلامات الظَّاهِرَة وَالْقَرَائِن الْبَيِّنَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّعْزِير بِالْعُقُوبَاتِ المالية]

- ‌[فَصَلِّ فِي وَاجِبَاتُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْرِيق الكتب المضلة وَإِتْلَافهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَاسِق يأوي إلَيْهِ أَهْل الفسق والخمر]

- ‌[فَصَلِّ فِي اختلاط الرجال بِالنِّسَاءِ فِي الأسواق والفرج ومجامع الرجال]

- ‌[فَصَلِّ فِي اللاعبين بالحمام عَلَى رُءُوس النَّاس]

- ‌[فَصَلِّ فِي اتِّخَاذ الْحَمَّامِ فِي الأبرجة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَرَضِ الْمُعْدِي كَالْجُذَامِ إذَا اسْتَضَرَّ النَّاسُ بِأَهْلِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَمنْ طُرُق الْحُكْمِ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّة الْقُرْعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي مواضع الْقُرْعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ طلق امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ لَا يَدْرِي أَيَّتهنَّ هِيَ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيده]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ طلق إحْدَى نِسَائِهِ وَمَاتَ قَبْل الْبَيَان]

- ‌[فَصَلِّ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُهَا]

- ‌[فَصَلِّ الرَّجُل لَهُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَةَ وَنَصْرَانِيَّة فَقَالَ فِي مَرَضه إحْدَاكُمَا طَالِق ثَلَاثًا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ ثَلَاثَة نِسْوَة فطلق وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَلَمْ يَدْرِي أَيَّتهنَّ ثُمَّ مَاتَ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ مُمَالِيك عدة فَقَالَ أَحَدهمْ حُرّ وَلَمْ يُبَيِّن]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل يَقُول أَوَّل غُلَام لِي يَطْلُع فَهُوَ حُرّ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ امْرَأَتَانِ وَهُوَ يُرِيد أَنْ يَخْرَج بِإِحْدَاهُمَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقُرْعَة فِي الشِّرَاء وَالْبَيْع]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَشَاحَّا فِي الْأَذَان]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج امْرَأَة عَلَى عَبْد مِنْ عَبِيده]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَبْد فِي يَد رَجُل اخْتَلَفَ عَلَيْهِ غَيْره بِالْبَيْعِ وَالْهِبَة وَغَيْر ذَلِكَ]

الفصل: ‌[فصل الطريق العاشر في الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي في الأموال]

بِوُقُوعِهِ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ مِنْ غَيْرِ شَاهِدٍ، فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا الطَّلَاقَ، وَأَحْلَفْنَاهُ لَهَا - عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ - فَنَكَلَ: قَضَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَلَمْ يَحْلِفْ الزَّوْجُ عَلَى عَدَمِ دَعْوَاهَا: فَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْلَى. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَى الزَّوْجِ بِالنُّكُولِ إلَّا إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا، كَمَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا مَعَ النُّكُولِ، لَكِنْ مَنْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ يَقُولُ: النُّكُولُ إمَّا إقْرَارٌ وَإِمَّا بَيِّنَةٌ، وَكِلَاهُمَا يُحْكَمُ بِهِ، وَلَكِنْ يُنْتَقَضُ هَذَا عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ النُّكُولَ بَذْلٌ اسْتَغْنَى بِهِ فِيمَا يُبَاحُ بِالْبَذْلِ، وَهُوَ الْأَمْوَالُ وَحُقُوقُهَا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ النُّكُولَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ، فَلَمَّا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا - وَهُوَ شَطْرُ الْبَيِّنَةِ - كَانَ النُّكُولُ قَائِمًا مَقَامَ تَمَامِهَا. وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَذَاهِبَ النَّاسِ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

فَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي تَفْرِيعِهِ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجِهَا لَمْ تَحْلِفْ بِدَعْوَاهَا، فَإِذَا أَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا وَاحِدًا لَمْ تَحْلِفْ مَعَ شَاهِدِهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ الطَّلَاقُ عَلَى زَوْجِهَا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَا يُعْلَمُ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ: وَلَكِنْ يَحْلِفُ لَهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ حَلَفَ: بَرِئَ مِنْ دَعْوَاهَا.

قُلْتُ: هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْفُقَهَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يَحْلِفُ لِدَعْوَاهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْلِفُ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْلِفُ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قُلْنَا: يَحْلِفُ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ: فَهَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِالنُّكُولِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ. إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ، عَمَلًا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَشْهَبَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ، لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَالنُّكُولَ سَبَبَانِ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، يَقْوَى جَانِبُ الْمُدَّعَى بِهِمَا، فَحُكِمَ لَهُ، فَهَذَا مُقْتَضَى الْأَثَرِ وَالْقِيَاسِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ: أَنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ تُرِكَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: هَلْ يَقْضِي بِالنُّكُولِ فِي دَعْوَى الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَا أَثَرَ عِنْدَهُ لِإِقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ.

وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي مُدَّةِ حَبْسِهِ، فَقَالَ مَرَّةً: يُحْبَسُ حَتَّى يَطُولَ أَمْرُهُ، وَحَدَّ ذَلِكَ بِسَنَةٍ، ثُمَّ يُطَلِّقُ، وَمَرَّةً قَالَ: يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ.

[فَصَلِّ الطَّرِيق الْعَاشِر فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِين الْمُدَّعِي فِي الْأَمْوَال]

70 -

(فَصْلٌ)

ص: 134

الطَّرِيقُ الْعَاشِرُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي فِي الْأَمْوَالِ وَحُقُوقِهَا: وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، حَكَاهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ مَقَامَ الرَّجُلِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ:«أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى» (146) ، فَهَذَا يَدُلُّ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى أَنَّ شَهَادَتَهَا وَحْدَهَا عَلَى النِّصْفِ، وَبِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ شَهَادَتَهَا مَعَ مِثْلِهَا كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ، وَلَا فِي الْإِجْمَاعِ مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ يَقْتَضِيه، فَإِنَّ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا قَامَتَا مَقَامَ الرَّجُلِ - إذَا كَانَتَا مَعَهُ - قَامَتَا مَقَامَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُونَا مَعَهُ، فَإِنَّ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَكُنْ لِمَعْنَى الرَّجُلِ، بَلْ لِمَعْنًى فِيهِمَا، وَهُوَ الْعَدَالَةُ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا انْفَرَدَتَا، وَإِنَّمَا يَخْشَى مِنْ سُوءِ ضَبْطِ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا وَحِفْظِهَا، فَقَوِيَتْ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى.

فَإِنْ قِيلَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِ إذَا خَلَتْ مِنْ رَجُلٍ لَمْ تُقْبَلْ، كَمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ يُنْتَقَضُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّ الْمَرْأَتَيْنِ لَوْ أُقِيمَتَا مَقَامَ الرَّجُلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَكَفَى أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مَقَامَ رَجُلَيْنِ، وَتُقْبَلُ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

وَأَيْضًا، فَشَهَادَةُ الْمَرْأَتَيْنِ ضَعِيفَةٌ، فَقَوِيَتْ بِالرَّجُلِ، وَالْيَمِينُ ضَعِيفَةٌ، فَيَنْضَمُّ ضَعِيفٌ إلَى ضَعِيفٍ فَلَا يُقْبَلُ.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]، فَلَوْ حَكَمَ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ لَكَانَ هَذَا قِسْمًا ثَالِثًا؟ وَالْجَوَابُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: " أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا خَلَتْ عَنْ الرَّجُلِ لَمْ تُقْبَلْ "، فَهَذَا هُوَ الْمُدَّعِي، وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ؟ وَقَوْلُكُمْ:" كَمَا لَوْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ "، فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ، وَإِنْ ظَنَّهُ طَائِفَةٌ إجْمَاعًا كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يُوصِي وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ قَالَ: أُجِيزُ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ أَثْبَتَ الْوَصِيَّةَ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى الِانْفِرَادِ، إذَا لَمْ يَحْضُرْهُ الرِّجَالُ.

وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي بِأَشْيَاءَ لِأَقَارِبِهِ وَيُعْتِقُ، وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ: هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِي الْحُقُوقِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي قُبِلَتْ فِيهَا الْبَيِّنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ، وَأَنَّ " الْبَيِّنَةَ " اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِرِجَالٍ، أَوْ نِسَاءٍ، أَوْ نُكُولٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَوْ أَمَارَاتٍ ظَاهِرَةٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَبِلَ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ فِي الرَّضَاعِ، وَقَبِلَهَا الصَّحَابَةُ فِي مَوَاضِعَ قَدْ ذَكَرْنَاهَا، وَقَبِلَهَا التَّابِعُونَ.

ص: 135