المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في المرض المعدي كالجذام إذا استضر الناس بأهله] - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط البيان

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[الْحُكْمِ بِالْقَرَائِنِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر للحكم بِالْقَرِينَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَمَل فِي السَّلْطَنَة بِالسِّيَاسَةِ الشَّرِيعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر لِلْعَمَلِ بِالسَّلْطَنَةِ بِالسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّة]

- ‌[فَصَلِّ فِي سِيَاسَة الصَّحَابَة فِي قِيَادَة الْأَمَة مِنْ بَعْده صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحُكْمِ بِالْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي فِرَاسَةِ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفِرَاسَة الصَّادِقَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي محاسن الْفِرَاسَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي عَجَائِب الْفِرَاسَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي صُوَر للحكم بِالْفِرَاسَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحبس فِي الدِّين]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الرَّجُل الْوَاحِد]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُتَفَرِّدَاتٍ]

- ‌[فَصَلِّ شَهَادَة الرَّجُل الْوَاحِد مِنْ غَيْر يَمِين عِنْد الْحَاجَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ وَرَدِّ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَذَاهِب أَهْل الْمَدِينَة فِي الدَّعَاوَى]

- ‌[فَصَلِّ هَلْ السِّيَاسَة بِالضَّرْبِ والحبس للمتهمين فِي الدَّعَاوَى وَغَيْرهَا مِنْ الشِّرْع]

- ‌[فَصَلِّ فِي دَعَاوَى التهم]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّعْزِير]

- ‌[فَصَلِّ وَالْمَعَاصِي ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الطرق الَّتِي يَحْكُم بِهَا الْحَاكِم]

- ‌[الطَّرِيق الْأَوَّل الْيَدُ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَا تَفْتَقِرُ إلَى يَمِينٍ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي فِي الْإِنْكَارُ الْمُجَرَّدُ وَلَهُ صُوَرٌ]

- ‌[فَصَلِّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ عَدَمِ التَّحْلِيفِ فِي الْحُدُودِ صُورَتَانِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا لَا يَحْلِف فِيهِ]

- ‌[فَصَلِّ فَوَائِد الْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ فِي الْحُكْمِ بِالْيَدِ مَعَ يَمِين صَاحِبهَا]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَحْده أَوْ بِهِ مَعَ رد الْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ يَمِين الْمُدَّعِي هَلْ هِيَ كَالْبَيِّنَةِ أُمّ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي رد الْيُمْن]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ الْوَاحِد بِلَا يَمِين وَذَلِكَ فِي صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّابِعُ فِي الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين]

- ‌[فَصَلِّ فِي هَلْ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِين تَقْوِيَة وَتَوْكِيد]

- ‌[فَصَلِّ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي يَحْكُمُ فِيهَا بِالشَّاهِدَيْنِ وَالْيَمِينِ]

- ‌[فَصَلِّ وَالتَّحْلِيف ثَلَاثَة أَقْسَام]

- ‌[فَصْل تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْلِيف الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْلِيف الشَّاهِد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّامِنُ فِي الْحُكْمِ بِالرَّجُلِ الْوَاحِد وَالْمَرْأَتَيْنِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي شَهَادَة النِّسَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي النصاب الَّتِي تَقْبَل بِهِ شَهَادَة النِّسَاء]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ التَّاسِعُ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيق الْعَاشِر فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِين الْمُدَّعِي فِي الْأَمْوَال]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَقَطْ مِنْ غَيْر يَمِين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِثَلَاثَةِ رِجَال]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِأَرْبَعَةِ رِجَال أَحْرَار]

- ‌[فَصْلٌ فِي إتْيَانُ الْبَهِيمَةِ وَمَا يَجِب فِيهِ أَرْبَعَة شُهُود]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْعَبْد والأمة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الصَّبِيَّانِ المميزين]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفُسَّاق وَذَلِكَ فِي صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّابِعَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْكَافِر]

- ‌[فَصَلِّ فِي شَهَادَة الْكُفَّارِ عَلَى المسلين فِي السَّفَر]

- ‌[فَصَلِّ وَهَلْ تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْكَافِرِينَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْوَصِيَّةِ فِي دينهم]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ التَّاسِعَ عَشَرَ فِي حُكْم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالتَّوَاتُرِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِفَاضَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي أَخْبَار الْآحَاد]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْخَطِّ المجرد وَلَهُ صُوَر]

- ‌[فَصَلِّ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِهِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بالعلامة الظَّاهِرَة]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّرِيقُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالْقَافَةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقِيَاسُ وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ تَشْهَدُ لِلْقَافَةِ]

- ‌[فَصَلِّ الْحُكْمِ بَيْن النَّاس فِيمَا لَا يَتَوَقَّف عَلَى الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي عُمُوم الْوِلَايَات وَخُصُوصهَا]

- ‌[فَصَلِّ وَمنْ المنكرات]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي أَقْبَح الظُّلْم]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُصِرَ الْبَيْع عَلَى أناس معينين]

- ‌[فَصَلِّ فِي القسامين الَّذِينَ يقسمون الْعَقَار وَغَيْره بالأجرة]

- ‌[فَصَلِّ فِي حَاجَة النَّاسُ إلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ كَالْفِلَاحَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَالْبِنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تُنَازِع الْعُلَمَاء فِي التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي البذل والعطاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الْوَلِيّ بالأمارات والعلامات الظَّاهِرَة وَالْقَرَائِن الْبَيِّنَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي التَّعْزِير بِالْعُقُوبَاتِ المالية]

- ‌[فَصَلِّ فِي وَاجِبَاتُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي تَحْرِيق الكتب المضلة وَإِتْلَافهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَاسِق يأوي إلَيْهِ أَهْل الفسق والخمر]

- ‌[فَصَلِّ فِي اختلاط الرجال بِالنِّسَاءِ فِي الأسواق والفرج ومجامع الرجال]

- ‌[فَصَلِّ فِي اللاعبين بالحمام عَلَى رُءُوس النَّاس]

- ‌[فَصَلِّ فِي اتِّخَاذ الْحَمَّامِ فِي الأبرجة]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمَرَضِ الْمُعْدِي كَالْجُذَامِ إذَا اسْتَضَرَّ النَّاسُ بِأَهْلِهِ]

- ‌[فَصَلِّ وَمنْ طُرُق الْحُكْمِ الْحُكْمِ بِالْقُرْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّة الْقُرْعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِي مواضع الْقُرْعَة]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ طلق امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ لَا يَدْرِي أَيَّتهنَّ هِيَ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيده]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ طلق إحْدَى نِسَائِهِ وَمَاتَ قَبْل الْبَيَان]

- ‌[فَصَلِّ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَا بِعَيْنِهَا ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا إذَا خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ غَيْرُهَا]

- ‌[فَصَلِّ الرَّجُل لَهُ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَةَ وَنَصْرَانِيَّة فَقَالَ فِي مَرَضه إحْدَاكُمَا طَالِق ثَلَاثًا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ ثَلَاثَة نِسْوَة فطلق وَاحِدَة مِنْهُنَّ وَلَمْ يَدْرِي أَيَّتهنَّ ثُمَّ مَاتَ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ مُمَالِيك عدة فَقَالَ أَحَدهمْ حُرّ وَلَمْ يُبَيِّن]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل يَقُول أَوَّل غُلَام لِي يَطْلُع فَهُوَ حُرّ]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ امْرَأَتَانِ وَهُوَ يُرِيد أَنْ يَخْرَج بِإِحْدَاهُمَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْقُرْعَة فِي الشِّرَاء وَالْبَيْع]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَشَاحَّا فِي الْأَذَان]

- ‌[فَصَلِّ فِي الرَّجُل يَتَزَوَّج امْرَأَة عَلَى عَبْد مِنْ عَبِيده]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَبْد فِي يَد رَجُل اخْتَلَفَ عَلَيْهِ غَيْره بِالْبَيْعِ وَالْهِبَة وَغَيْر ذَلِكَ]

الفصل: ‌[فصل في المرض المعدي كالجذام إذا استضر الناس بأهله]

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحِدَأَةُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَفِي لَفْظٍ " الْعَقْرَبُ " بَدَلَ " الْحَيَّةِ " وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي قَتْلِهِنَّ أَنْ يَكُونَ حَالَ الْمُبَاشَرَةِ.

[فَصَلِّ فِي الْمَرَضِ الْمُعْدِي كَالْجُذَامِ إذَا اسْتَضَرَّ النَّاسُ بِأَهْلِهِ]

120 -

(فَصْلٌ)

فِي الْمَرَضِ الْمُعْدِي: كَالْجُذَامِ إذَا اسْتَضَرَّ النَّاسُ بِأَهْلِهِ: قَالَ ابْنُ وَهْبٍ - فِي الْمُبْتَلَى يَكُونُ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ سَهْمٌ، وَلَهُ حَظٌّ فِي شِرْبٍ فَأَرَادَ مَنْ مَعَهُ فِي الْمَنْزِلِ إخْرَاجَهُ مِنْهُ، وَزَعَمُوا أَنَّ اسْتِقَاءَهُ مِنْ مَائِهِمْ الَّذِي يَشْرَبُونَهُ مُضِرٌّ بِهِمْ، فَطَلَبُوا إخْرَاجَهُ مِنْ الْمَنْزِلِ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ: أُمِرَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ، وَيَخْرُجُ فِي حَوَائِجِهِ، وَيَلْزَمُ هُوَ بَيْتَهُ فَلَا يَخْرُجُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ: خَرَجَ مِنْ الْمَنْزِلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

وَقَالَ عِيسَى - فِي قَوْمٍ اُبْتُلُوا بِالْجُذَامِ وَهُمْ فِي قَرْيَةٍ مَوْرِدُهُمْ وَاحِدٌ، وَمَسْجِدُهُمْ وَاحِدٌ، فَيَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيُصَلُّونَ فِيهِ، وَيَجْلِسُونَ فِيهِ مَعَهُمْ، وَيَرِدُونَ الْمَاءَ وَيَتَوَضَّئُونَ، فَيَتَأَذَّى بِذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، وَأَرَادُوا مَنْعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ - قَالَ: أَمَّا الْمَسْجِدُ فَلَا يُمْنَعُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ، وَلَا مِنْ الْجُلُوسِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لِلْمَرْأَةِ الْمُبْتَلَاةِ - لَمَّا رَآهَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ النَّاسِ:" لَوْ جَلَسْتِ فِي بَيْتِك لَكَانَ خَيْرًا لَك؟ " وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهَا بِالنَّهْيِ عَنْ الطَّوَافِ، وَدُخُولِ الْبَيْتِ، وَأَمَّا اسْتِقَاؤُهُمْ مِنْ مَائِهِمْ، وَوُرُودُهُمْ الْمَوْرِدَ لِلْوُضُوءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: فَيُمْنَعُونَ، وَيَجْعَلُونَ لِأَنْفُسِهِمْ صَحِيحًا يَسْتَقِي لَهُمْ الْمَاءَ فِي آنِيَةٍ، ثُمَّ يَفْرُغُهَا فِي آنِيَتِهِمْ.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْأَصِحَّاءِ فَأَرَى أَنْ يُحَالَ

ص: 242

بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ، وَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْءِ جَوَارِيهِ لِلضَّرَرِ؟ فَهَذَا مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ فِي الْجُذَامَى: وَأَمَّا الْوَاحِدُ وَالنَّفَرُ الْيَسِيرُ: فَلَا يُخْرَجُونَ مِنْ الْحَاضِرَةِ، وَلَا مِنْ قَرْيَةٍ، وَلَا مِنْ سُوقٍ، وَلَا مِنْ مَسْجِدٍ جَامِعٍ، لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ مُعَيْقِيبٌ الدَّوْسِيُّ قَدْ جَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَانَ عُمَرُ يُجَالِسُهُ وَيُؤَاكِلُهُ، وَيَقُولُ لَهُ:" كُلْ مِمَّا يَلِيك " فَإِذَا كَثُرُوا: رَأَيْتُ أَنْ يَتَّخِذُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَوْضِعًا، كَمَا صَنَعَ بِمَرْضَى مَكَّةَ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْأَسْوَاقِ لِتِجَارَتِهِمْ، وَشِرَاءِ حَوَائِجِهِمْ، أَوْ الطَّوَافِ لِلسُّؤَالِ، إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامٌ يَرْزُقُهُمْ مِنْ الْفَيْءِ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ.

وَرَوَى سَحْنُونٌ: أَنَّهُمْ لَا يُجَمِّعُونَ مَعَ النَّاسِ الْجُمُعَةَ.

وَأَمَّا مَرْضَى الْقُرَى: فَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَإِنْ كَثُرُوا، وَلَكِنْ يُمْنَعُونَ مِنْ أَذَى النَّاسِ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ عَلَى مَرْضَى الْحَوَاضِرِ الْخُرُوجُ مِنْهَا إلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى، وَلَكِنْ إنْ كَفَاهُمْ الْإِمَامُ الْمُؤْنَةَ مُنِعُوا مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ بِلُزُومِ بُيُوتِهِمْ وَالتَّنَحِّي عَنْهُمْ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ بِتَنَحِّيهِمْ نَاحِيَةً إذَا كَثُرُوا، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ.

قُلْت: يَشْهَدُ لِهَذَا: الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا عَدْوَى؛ وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَك مِنْ الْأَسَدِ، أَوْ قَالَ: مِنْ الْأَسْوَدِ» .

وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

ص: 243

«كَانَ فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّا بَايَعْنَاك فَارْجِعْ» .

وَفِي " مُسْنَدِ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيِّ ": حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إلَيْهِمْ: يَعْنِي الْمَجْذُومِينَ» وَمُحَمَّدٌ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ.

وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ بِيَدِ مَجْذُومٍ، فَوَضَعَهَا مَعَهُ فِي قَصْعَتِهِ، وَقَالَ: كُلْ بِاسْمِ اللَّهِ، وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ» فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَهَذَا فِي حَقِّ طَائِفَةٍ، وَهَذَا فِي حَقِّ طَائِفَةٍ، فَمَنْ قَوِيَ تَوَكُّلُهُ وَاعْتِمَادُهُ وَيَقِينُهُ مِنْ الْأُمَّةِ: أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَمَنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ: أَخَذَ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ أَنْ يُؤَاكِلُوا الْمَجْذُومِينَ وَيُشَارِبُوهُمْ وَيُضَاجِعُوهُمْ: فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا مُجَانَبَتَهُمْ وَمُبَاعَدَتَهُمْ: فَلَهُمْ ذَلِكَ. وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُدِيمُوا النَّظَرَ إلَى الْمَجْذُومِينَ» ، فَائِدَةٌ طِبِّيَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَنَّ الطَّبِيعَةَ نَقَّالَةٌ، فَإِذَا أَدَامَ النَّظَرَ إلَى الْمَجْذُومِ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يُصِيبَهُ ذَلِكَ بِنَقْلِ الطَّبِيعَةِ، وَقَدْ جَرَّبَ النَّاسُ أَنَّ الْمُجَامِعَ إذَا نَظَرَ إلَى شَيْءٍ عِنْدَ الْجِمَاعِ وَأَدَامَ النَّظَرَ إلَيْهِ، انْتَقَلَ مِنْ صِفَتِهِ إلَى الْوَلَدِ، وَحَكَى بَعْضُ رُؤَسَاءِ الْأَطِبَّاءِ أَنَّهُ أَجْلَسَ ابْنَ أَخٍ لَهُ لِلْكُحْلِ فَكَانَ يَنْظُرُ فِي أَعْيُنِ الرُّمْدِ فَيَرْمَدُ، فَقَالَ لَهُ: اُتْرُكْ الْكُحْلَ، فَتَرَكَهُ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَمَدٌ، قَالَ: لِأَنَّ الطَّبِيعَةَ نَقَّالَةٌ.

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرُهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ غِفَارٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَأَمَرَهَا فَنَزَعَتْ ثِيَابَهَا، فَرَأَى بَيَاضًا عِنْدَ ثَدْيَيْهَا، فَانْحَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْفِرَاشِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: الْحَقِي بِأَهْلِك»

ص: 244