الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(201)
33/ 5
بحث في تبادر اللفظ عند الإطلاق
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حقَّقه وعلَّق عليه وخرَّج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 ـ عنوان الرسالة من المخطوط: بحث في تبادر اللفظ عند الإطلاق.
2 ـ موضوع الرسالة: لغة عربية.
3 ـ أول الرسالة: وصل سؤالٌ إلى المولى شيخ الإسلام حاصلُه: ما المراد بقول علماء الأصول أنَّ تبادر المعنى عند إطلاق اللفظ
…
4 ـ آخر الرسالة: انتهى منقولاً من خط المجيب البدر شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني تغشاه الله بواسع رحمته، ورضوانه، وأسكنه ببحبوحة جنانه، وجزاه خيرًا آمين آمين.
5 ـ نوع الخط: خط نسخي مقبول.
6 ـ عدد الصفحات: 3 صفحات.
7 ـ عدد الأسطر في الصفحة: الأولى والثانية: 18 سطرًا.
الثالثة: 13 سطرًا.
8 ـ عدد الكلمات في السطر: 10 كلمات.
9 ـ الرسالة من المجلد الخامس من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل سؤالٌ إلى المولي شيخ الإسلام حاصلُه: ما المراد بقول علماء الأصولِ أنَّ تبادُرَ المعنى عند إطلاقِ اللفظِ لأي [ ....
] (1) دليل لكون اللفظِ موضوع للمعنى المتبادر إلى فهم السامعِ، واعترض السائل على ذلك بوجهه الأول إنْ كان للعلمِ بعد الوضع، فليس من الدلالة على الحقيقة فِي شيء.
والثاني: إن كان قبلَ الوضع فهو قول القائل بأنَّ دلالة اللفظ على معناه بدايةً لا بالوضعِ هذا حاصلُه.
وأجاب شيخ الإسلام ـ جزاه الله أفضل الجزاء ـ بقوله:
الحمد لله ـ كثر الله فوائدكم ـ المراد المتبادرُ لأهل اللغةِ الذين لم تتغير لغتُهم، وأمَّا تبادُرَ المعنى لغةُ أهلِ اللغةِ فلا اعتبارَ به، ولا حكم له أصلاً.
وإذا تبادَرَ إلى أذهانهم شيءٌ فإنما هو باعتبار اللغةِ الدائرة بينَهم، لا باعتبار لسان العرب، والنزاعُ في هذا لا في تلك، فإنْ وجد بعد تغيُّر اللغة من يعرفُها معرفةً تامةً حتى صار كأهِلها، وذلك كالأئمة المتبحرين في اللغة فالتبادرُ له كالتبادُرِ لهم إذا كان لا يلتفتُ إلى غيرها، ولا يشتغل باللغاتِ الحادثة التي جرى التعارفُ بها.
وإذا تقرر هذا فالوضعُ على اختلاف الأقوال في الواضع من هو سابقٌ، وبعد هذا الوضع صارتْ هذه اللغةُ العربية [1أ] معروفةً عند كل عربي قبلَ تغيُّر اللغات العربيةِ، فإذا سمع من يتكلَّم بفرد من أفراد جملةٍ على المعنى الحقيقي، (2) لأنَّ المتكلِّم به لم ينصبْ قرينةً، فإذا
(1) كلمة غير واضحة في المخطوط.
(2)
قال الشوكاني في (إرشاد الفحول)(ص121): أنّ اللفظ قبل الاستعمال لا يتصف بكونه حقيقةً ولا بكونه مجازًا لخروجه عن حد كل واحدٍ منهما، إذ الحقيقةُ هي اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وقد اتفقوا على أن الحقيقة لا تستلزم المجاز لأن اللفظ قد يستعمل فيما وضع له ولا يستعمل في غيره، وهذا معلومٌ لكل عالمٍ بلغةِ العرب.
انظر: (الإبهاج)(1/ 318 ـ 320).
نصبَها فهي التي نقلتْ ذلك اللفظَ من حقيقةٍ إلى مجاز، مثلاً لو سمع السامعُ من أهل اللغة قائلاً يقول: رأيت الأسدَ. لم يحملْه إلَاّ على الأسدِ الحقيقيِّ، فإن قال بعد قوله: رأيتُ الأسدَ ما يدلُّ على أنه أرادَ المجازَ كأنْ يقول: رأيتُ الأسدَ راكبًا أو معتقلاً [ ...... ]، (1) أو متقلدًا سيفًا عرف السامعُ أنه لم يُرِدْ إلَاّ المعنى المجازيَّ.
قوله: ويقال: لهم هذا التبادرُ يحصلُ بعد العلم بالوضعِ أم قبلَه؟ .. إلخ.
أقول: هذه العُربُ هم الذين صاروا يتكلَّمون بلغتِهم المعروفة بينهم، المشهورة عندهم تلقَّاها الآخر عن الأول، سواءً عرفوا الواضعَ أم لم يعرفُوه، بل أخذوا ألفاظها ومعانيها عن القوم الذين نشأ بينهم كما يتعلَّم الآن صبيانُنَا ما نتكلَّم به، سواءً كان لغويًّا أو عُرْفيًّا.
وبالجملة فالوضعُ والنزاعُ في الموضوعٍ لهم لا يستلزمُ معرفتَهم للواضعِ، وأمَّا من قال أنَّ في [1ب] اللفظِ دلالةً على معناه كالصميري (2) فهو يقول: إنّ هذه الألفاظَ
(1) كلمة غير واضحة في المخطوط.
(2)
عباد بن سليمان الصيمري أحد رجال الاعتزال المشهورين في عصر المأمون.
قال السيوطي في (المزهر)(1/ 47): نقل أهل أصول الفقه عن عبّاد بن سليمان الصيمري من المعتزلة أنه ذهب إلى أنَّ بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية حاملةٌ للواضع على أن يضع، قال: وإلا لكان تخصيص الاسم المعيَّن بالمسمّى المُعيَّن ترجيحًا من غير مُرَجِّح، وكان بعض من يرى رأيه يقول: إنه يعرف مناسبة الألفاظ لمعانيها، فسُئل ما مسمَّى (إذغاغ) وهو بالفارسية الحجر، فقال: أجدُ فيه يُبْسًا شديدًا وأراه الحجر.
وأنكر الجمهور هذه المقاتلة وقال: لو ثبت ما قاله لاهتدى كلُّ إنسان إلى كل لغةٍ ولما صحَّ وضع اللفظ للضدين، كالقرء للحيض والطهر، والجَوْن للأبيض والأسود، وأجابوا عن دليله بأنَّ التخصيص بإرادة الواضع المختار خصوصًا إذا قلنا: الواضع هو الله تعالي، فإن ذلك كتخصيصه وجود العالم بوقت دون وقت.
وأما أهل اللغة والعربية فقد كادوا يطبقون على ثبوت المناسبة بين الألفاظ والمعاني، لكن الفرق بين مذهبهم ومذهب عبّاد أن عبّادًا يراها ذاتية موجبة، بخلافهم.
وانظر: (البحر المحيط)(2/ 13 ـ 15).
الشائعةَ بين العرب التي حفظُوها طبقةً بعد طبقةٍ لها دلالةٌ في أنفسِها على معانيها، وهو قولٌ ساقطٌ، وقوله: هذا هو غيرُ قولِ أهلِ الاشتقاقِ، فإنَّ أهل الاشتقاق تتَّبعُوا لغةَ العرب، فوجدوا ما اتَّفقَ منها في أكثر الحروفِ أو بعضِها لا بدَّ أن يشملَها معنًى عامٌ وإنْ بَعُدَ، وهو علمٌ مفيدٌ جدًّا، وقد أهمله المتأخرون.
وأنا جمعتُ فيه مؤلَّفًا (1) مختصرًا في أيام قديمةٍ به يستفادُ هذا العلم.
انتهى منقولاً من خط المجيبِ البدرِ، شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني ـ تغشاه الله بواسع رحمته ورضوانه، وأسكنه بُحْبُوحَةَ جناتِه ـ وجزاه خيرًا. آمينَ آمينَ.
(1) وهي الرسالة رقم (202)(نزهة الأحداق في علم الاشتقاق).