المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المربة - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ١٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في الصلاة على النبي صلي الله عليه وآله وسلم

- ‌سؤال وجواب عن الصلاة المأثورة على رسول الله صلي الله عليه وسلم

- ‌طيب الكلام في تحقيق لفظ الصلاة على خير من حملته الأقدام

- ‌بحث في الأذكار الواردة في التسبيح

- ‌نزهة الأبصار في التفاضل بين الأذكار

- ‌الاجتماعُ على الذكرِ والجهرِ بهِ

- ‌سؤال وجواب عن أذكار النوم

- ‌ اللغة العربية وعلومها

- ‌جواب الشوكاني على الدماميني

- ‌سؤال: عن الفَرْقِ بينَ الجِنْسِ واسْمِ الجِنْسوبينَهما وبينَ عَلَمِ الجِنْسِ.وبينَ اسمِ الجِنْسِ واسْمِ الجمْعِوبينَ اسْمِ الجمْعِمع الجواب للشوكاني

- ‌بحث في تبادر اللفظ عند الإطلاق

- ‌نُزهةُ الأحداق في علم الاشتقاق

- ‌كلام في فن المعاني والبيان(تعليق من الشوكاني على كلام صاحب الفوائد الغياثية)

- ‌الروضُ الوسيع في الدليل المنيع على عدم انحصارِ علمِ البديع

- ‌بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المُرِبَّةَ

- ‌فتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير

- ‌الطود المنيف في ترجيح ما قاله السعدعلى ما قاله الشريف من اجتماع الاستعارةالتمثيلية والتبعية في قوله تعالى:{(أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}

- ‌جيد النقد بعبارة الكشاف والسعد

- ‌القول الصادق في ترتيب الجزاء على السابق

- ‌فائق الكسا في جواب عالم الحسا

- ‌فَتْحُ الخَلَاّقِ في جواب مسائل الشيخ العلامة عبد الرزاق الهندي

- ‌بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية صالحة للاستشهاد بها في المحاورات وعند المخاصمات وأضافها إلى ما يصلح لهذه الأغراض في ديوان ابن سناء الملك

- ‌بحث في سيحون وجيحون وما ذكره أئمة اللغة في ذلك ويليه مناقشة لبعض أهل العلم في البحث السابق ثم جواب المناقشة السابقة

- ‌الحد التام والحد الناقص (بحث في المنطق)

الفصل: ‌بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المربة

(205)

48/ 4

‌بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المُرِبَّةَ

تأليف

محمد بن علي الشوكاني

حقَّقه وعلَّ عليه وخرَّج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 6101

وصف المخطوط:

1 ـ عنوان الرسالة من المخطوط: بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المُرِبَّة.

2 ـ موضوع الرسالة: لغة العربية.

3 ـ أول الرسالة: الحمد لله وصلى الله على رسوله وآله وسلم.

قد عجبت كثيرًا من استحسان الزمخشري يرحمه الله لقول الشاعر.

4 ـ آخر الرسالة: إذا تدبرها المتدبر وجدها من تقليد الأصاغر للأكابر بدون تفكّر ولا تدبُّر. قاله كاتبُه غفر الله له.

5 ـ نوع الخط: خط نسخي جيد.

6 ـ عدد الصفحات: 3 صفحات.

7 ـ عدد الأسطر في الصفحة الأولى: 12 سطرًا.

الثانية: 30 سطرًا.

الثالثة: 10 أسطر.

8 ـ عدد الكلمات في السطر: 9 كلمات.

9 ـ الرسالة من المجد الرابع من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.

ص: 6103

: الحمد لله وصلى الله على رسوله وآله وسلم ـ.

قد عجبت كثيرًا من استحسان الزمخشري (1) يرحمه الله لقول الشاعر:

(1) في (الكشاف)

(1/ 160). وهو الشاهد الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة:

ألا أيُّها الطّيرُ المُربَّةِ بالضحى

على خالدٍ لقد وقعتِ على لحمٍ

وكذا أورده في تفسيرهما ـ الزمخشري والبيضاوي ـ عند قول تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة:5] على تنكير هدىً للتعظيم أي هدى عظيم، كتنكير لحم في هذا البيت، أي لحم عظيم، والفرق بينهما أنَّ الأول مفهومٌ من اللفظ المحذوف، والثاني من الفحوى، والمحوج إلى هذا استقامة المعنى، ولولاه لكان لغوًا لا يفيد شيئًا، ولهذا اعتبر، سواء كان بالقرينة الأولى أو الثانية.

ونقل عن الزمخشري أنّه كان إذا أنشد هذا البيت يقول: ما أفضحك من بيت! والبيت من شعر مذكور في أشعار هذيل ذكر موضعين منها، ذكر في الموضع الأول ستة أبيات، وفي الموضع الثاني اثنين وثلاثين بيتًا.

وأما الرواية الأولى، والشعر منسوبٌ لأبي خراش فهى هذه.

إنك لو أبصرتِ مصرع خالدٍ

بجنب السَّتار بين أظلمَ فالحزم

لأيقنت أنَّ البكرَ ليس رزيَّة

ولا النَّاب، لا اضطمَّت يداك على غُنمِ

تذكَّرتُ شجوًا ضافني بعد هجعةٍ

على خالدٍ فالعين دائمةُ السَّجم

لعمرُ أبي الطَّير المرُبة بالضحى

على خالدٍ لقد وقعت على لحمِ

كلية، وربِّى، لا تجيئين مثله

غداة أصابته المنيَّةُ بالرّوْم

ولا وأبي تأكل الطَّيرُ مثله

طويل النِّجاد غير هارٍ ولا هشم ?

إنك لو أبصرت مصرع خالدٍ، خطاب لعشيقة خالد بن زهير الهذلي قُتل بسببها. وخالد هو ابن أخت أبي ذؤيب الهذيلي. ?

أظلم: موضع قريب من السِّتار. ?

الحزم: موضع يقال له حزم بني غُوَال. ?

(لأيقنت أن البَكر) البَكْر: الجمل الشاب، والناب: الناقة المسنّة.

يقول لو رأيت هلاك خالد لعلمت أن ذهاب البكر والناب ليسا بمصيبة، استخففتِ مصابهما، وقوله:(اضطمَّت) هو دعاء عليها، وهو افتعلت من الضم.

أي لاغنِمتْ يداك بل خيبك الله، إذ صرت تحزنين على هذا البكر. ?

قوله: لقد وقعت علة لحم: كان ممنوعًا.

وأراد بأبي الطَّير خالدًا سمّاه به لوقوعها عليه كما يقال أبو تراب ونحو وقيل أراد أبت الطَّير الواقعة لحمة، واستعظمها بالقسم بها لاستعظام لحم خالدٍ العظيم ففيه تعظيم للإقسام عليه بنفسه.

والرِبَّة: اسم فاعل. صفة الطير، من أربَّ بالمكان إذا أقام به وروى في التفسيرين ـ الزمخشري والبيضاوي ـ.

فلا وأبي الطير المرِبَّةَ بالضُّحى.

وأما الرواية الثانية نسبها الأخفش للخراش ابن المذكور.

انظر: (خزانة الأدب)(5/ 85 ـ 90).

ص: 6107

فلا وأبى الطير المُرِبّة في الضُّحى

على خالدٍ لقد وقعت على لحمِ

حتى كان يقول: ما أبلغَك يا بيتُ المُرِبَّة! وغاية ما في هذا البيت دلالةُ اللحم على عِظَمِ حال الرجلِ، وكِبَرِ شأنِه، فكنَّى عن ذلك باللحم، ونكَّره تنكيرُ التفخيم، فمن أين جاء هذا التعجُّبُ من بلاغته، والاستعظام لشأنه! من هذا الذي بلغ من معرفة لغة العرب ودقائقِها وأسرارِها ما لا يقعُ في مثله اختلافٌ، وليس فيه إلَاّ معنى كنائيُّ مطروقٌ معروفٌ. ألا قال مثلَ هذه المقالةِ في مثل قولِ القائل (1):

إن السماحةَ والمروءةَ والندى

في قبةٍ ضُرِبَتْ على ابن الحشرج (2)

فإن هذا قد بلغ من فصاحة اللفظِ، وبلاغة المعنى، وجودةِ الكنايةِ، وتعدَّد المعاني ما هو فوقُ ذلك بمسافات بعيدةٍ، وإن كان تعجبه واستحسانُه باعتبار ذكرِ الطير [1ب] وكونِها مرَّتْ بهِ في ذلك الوقتِ على ذلك القتيل فأعجبُ من هذا، وأغرب، وأحسن،

(1) هو زياد بن سليمان مولى عبد القيس أحد بني عامر بن الحارث ثم أحد بني مالك بن عامر الخارجية. وقيل زياد بن سلمى.

(خزانة الأدب)(4/ 193)، (الشعر والشعراء)(ص395).

(2)

هو عبد الله بن الحشرج.

انظر: (الأغاني)(15/ 385).

ص: 6108

وأفخم، وأجود قولُ القائل (1):

وقد ظُلِّلت عُقْبَانُ راياته ضُحًا

تعفيانِ طيرَ الدني نواهل

أقامت على الرايات حتى كأنَّها

من الجيش إلَاّ أنها لم تقاتلِ

فهاهنا جعل الطير لكثرة نصرِ صاحب الرايات واثقةً بنصره لاعتيادِها لذلك، واستمرارها عليه، حتى كأنها عند الغزو واثقةٌ ستأكلُ من لحوم أعدائِه، فأثبت لها هذا العلم المفيدَ لاستمرار النصر، وأنه للممدوح عادةٌ جاريةٌ، مع كونها متراكمةً على راياته حتى ظللتَها.

ومع ما ذكر العقبانِ على العقيانِ من الحسن البالغ، والجناس الفائقِ. ثم ألا قال الزمخشري رحمه الله هذه المقالةَ فيما هو أحق بها وأولى، وهو قول القائل:

وقائلةٍ يا راكبَ الخيل هل ترى

أبا ولدي عنه المنيةُ ذلَّتِ

فقلت لهاك لا علمَ لي غيرَ أنني

رأيتُ عليه المشرفيةُ سُلَّتِ

ودارت عليه الخيلُ دورينِ بالقَنَا

وحامتْ عليه الطيرُ ثم تدلَّتِ

فصكَّت جبينًا كالهلالِِ إذا بدا

وقالت لك الويلاتُ ثم تولَّتِ

فهاهنا قد قوله: وحامت عليه الطيرُ ثم تدلَّتِ أحسنَ موقعٍ من الدلالة على أنه قتيلٌ يأكل من لحمه الطيرُ، مع أن أكلَ لحومِ القتلى عادةٌ للطيور، فليس في قوله: على لحم ما قدمنا في العقبانِ المظلِّلَةِ للرايات من حصول العلمِ لها المستفادِ من العادة الجاريةِ العائدة على الممدوح بأكبرِ مدح، وأفخمِ ثناءٍ. وغايةُ ما في بيت المربَّةِ أنه لحمُ رجلٍ عظيم، فقايس بين هذا المدح العائدِ إلى صاحب اللحمِ، وبين المدح العائد إلى صاحب الراياتِ، فإنك تجده ما بين الثَّرا والثُّريَّا، ومطلعِ الشمس ومغربِها.

ومثلُه قول القائل (2):

(1) أبو تمام، انظر ديوانه (ص233) في قصيدة يمدح المعتصم

(2)

قال في (خزانة الأدب)(4/ 289) هذا المعنى أعني تتبع الطير للجيش الغازي للأعداء حتى تتناول من القتلى متداولٌ بين الشعراء قديمًا وحديثًا وأوّل من جاء به الأفوَهُ الأوديُّ في قوله:

وتر الطيرَ على آثارنا

رأي عينٍ، ثقةً أن ستَمُارُ

أي تأخذه الميرة من لحوم القتلى.

وكلهم قصر عن النابغة لأنه زاد في المعنى فأحسن التركيب، ودلَّ على أنَّ الطير إنَّما أكلت أعداءَ.

الممدوح.

قال النابغة مادحًا عمرو بن الحارث الأصفر ابن الحارث الأعرج، حين لجأ إليه في الشام:

إذا ما غزوا بالجيش، حلَّق فوقهم

عصائب طير تهتدي بعصائب

جوانحَ قد أيقنَّ أنّ قبيلة

إذا ما التقى الجيشان أولُ غالبِ

لهنَّ عليهم عادةٌ قد عرفنها

إذا عُرِضَ الخطيُّ فوق الكواثبِ

(خزانة الأدب)(4/ 589 ـ 290)(ديوان النابغة الذبياني)(ص30 ـ 31).

ص: 6109

وترى الطيرَ على راياتِنا

عاكفاتٍ ثقةً أن ستَمُار

فإنه يفيد ذلك المعنى مع التصريح بلازم المعنى، وهو أنها ستدرك الميرة، وأنها واثقةٌ بذلك.

نعم. قد صار التقليد للأكابر عادة مستمرةً، وطريقة مسلوكة، انظر قول عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه لما قال له قائل: من أشعرُ الناس؟ فقال: الذي يقول:

ربما أوفيتُ في عَلَمٍ

ترفعنَ ثوبي شمالاتِ (1)

فانظر أي معن يوجب تفصيل قول هذا الشاعر، فإن غاية ما هناك أنه طلعَ جبلاً، فهبتِ الريحُ فرفعتْ ثيابَه. فهذا بيت سمجٌ خالٍ عن كل محسِّنٍ [2أ]، بل ليس فيه معنى يستحق أن يُنظَمَ.

(1) عزاه ابن منظور في (اللسان)(7/ 200) لجزيمة الأبرش.

رُبَّما أوفيتُ في عَلَمٍ

ترفعَنْ ثوبي شَمَلاتُ

والشِّمال ريح تهب من قبل الشام عن يسار القبلة.

وقيل: الشِّمال: مهب الشمال من بنات نعشِ إلى مسقط النَّسْر الطائر ويكون اسمًا وصفةً والجمع شَمَالاتٌ.

ص: 6110

انظر لو أخبرك مخبرٌ أنه طلع جبلاً فرفعتِ الريحُ ثيابه فإنك لا تقول له بعد سماع هذا منه إلَاّ سخنْت عينُك، فكان ماذا؟ فهلا قال هذا القولَ في قول الخنساء (1):

وإنَّ صخرًا لتأتمُّ الهداةُ به

كأنه علمٌ في رأسه نارٌ (2)

فانظر إلى ما اشتمل عليه هذا البيتُ من المدح الفائق البالغ إلى أعلا منزلٍ من منازل الفصاحة والجَوْدَةِ والمِدْحَةِ الرائقةِ الفائقةِ، وانظر أين يقعُ قولُ ذاك البائس من ول هذه المرأةِ!، وكم لهذه الأمور من أخواتٍ إذا تدبَّرها المتدبِّر وجدها من تقليد الأصاغرِ للأكابر بدون تفكُّر ولا تدبُّر.

قاله كاتبه ـ غفر الله له ـ. [2ب].

(1) هي تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد بن رباح بن يقظة بن عصيَّة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة (وقيل: نهية) بن سليم بن منصور بن عكرمة بن حفصة بن قيس بن غيلان بن مضر بن وتكنَّى أم عمرو.

(2)

قتل أخوها لأبيها صخر، وكان أحبهما إليها لأنَّه كان حليمًا جوادًا محبوبًا في العشيرة، كان غزا بني أسد فطعنه أبو ثور الأسدي طعنة مرض منها حولاً. ثم مات فلما قتل أخوها أكثرت من الشعر فمن قولها في صخر:

أعينيَّ جُودَا ولا تجمُدا

ألا تبكيان لصخر النَّدى

ألا تبكيان الجريءَ، الجميلَ

ألا تبكيان الفتى السّيدا

طويل النَّجاد عظيمُ الرَّما

د ساد عشيرتُه أمردا

وأجمع أهل العلم بالشعر أنّه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.

حضرت الخنساء بنت عمرو السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال فذكرت موعظتها لهم وتحريضهم على القتال وعدم الفرار وفيها: إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين. وإنكم لبنوا أبٍ واحد وأم واحدة. ما هجنت آباءكم، ولا فضحت أخوالكم فلما أصبحوا باشروا القتال واحدًا بعد واحد حتى استشهدوا.

(الإصابة)(8/ 109 ـ 110 رقم 11112)(ديوان الخنساء)(ص40).

ص: 6111