الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(212)
18/ 5
بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية صالحة للاستشهاد بها في المحاورات وعند المخاصمات وأضافها إلى ما يصلح لهذه الأغراض في ديوان ابن سناء الملك
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حقَّقه وعلَّق عليه وخرَّج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
وصف المخطوط:
1 ـ عنوان الرسالة من المخطوط: بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية صالحة للاستشهاد بها في المحاورات وعند المخاصمات وأضافها إلى ما يصلح لهذه الأغراض في ديوان ابن سناء الملك
…
2 ـ موضوع الرسالة: لغة عربية.
3 ـ أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الطاهرين وبعد.
فإني لما وقفت على المجموع الذي جمعه ابن سناء الملك
4 ـ آخر الرسالة: إنك إنْ حَمَّلْتني ما لم أطِقْ
…
ساءك ما سرَّك مني من خُلق.
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه. كتبه جامعه: محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.
5 ـ نوع الخط: خط نسخي مقبول.
6 ـ عدد الصفحات: 14 صفحة.
7 ـ عدد الأسطر في الصفحة: 24 سطرًا.
8 ـ عدد الكلمات في السطر: 11 كلمة.
9 ــ الرسالة من المجلد الثالث من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله الطاهرين وبعد:
فإني لما وقفت على المجموع الذي جمعه ابن سناء الملك (1) الأديب المشهور، الذي قال في حقه القاضي الفاضل عبد الرحيم البياني وزير السلطان صلاح الدين أيوب: نعم الصاحب الذي لا يخلفه الأنام، ولا يعرف له نظير من الأقوام، أمانة سمينة، وعقيدة ودٍّ متينة، ومحاسنُ ليس بواحدة، ومساعٍ في نفع المعارف جاهدة.
وكان حافظًا لكتاب الله، مشتغلاً بالعلوم الأدبية، كثيرَ الصدقات نفعه الله، وللأعمال الصالحات عرَّفه الله بركاتها. انتهى.
وذلك المجموع مشتملٌ على الأبيات التي اشتملت على الحِكَمِ النفيسة، التي يهتدي بها من حفظها على مكارم الأخلاق، ويستعين بها من عرفها على إصابة الرأي فيما ينويه من الأمور.
والحاصل أنَّ غالبها من الشعر الذي قال فيه الصادق المصدوق صلي الله عليه وآله وسلم: «إن من الشعر لحكمة» (2) وهي أيضًا مما يصلح للاستشهاد بها في المحاورات
(1) القاضي الأثير البليغ المنشئ أبو القاسم هبةُ الله بنُ جعفر بن القاضي المُلك محمد بن هبة الله المصريّ الشاعر المشهور، قرأ القرآن على الشريف أبي الفتوح، والنّحو على ابن برِّي وله (ديوان) مشهور، ومصنفات أدبية.
قال ابن خلِّكان: هو هبة الله ابن القاضي الرَّشيد أبي الفضل جعفر ابن المعتمد سناء الملك السّعدي، كان أحد الرؤساء النبلاء. توفي سنة 608هـ.
انظر: (سير أعلام النبلاء)(21/ 480 ـ 481)، (شذرات الذهب)(5/ 35 ـ 36)، (وفيات الأعيان)(6/ 61).
(2)
تقدم تخريجه.
وعند المخاصمات، فيكون بانتزاع الشاهد منها فصلُ الخطاب، وإلقامُ المنازِع حجرًا، ومع ذلك فالمستشهدُ ببيت منها على ما يطابق مقتضى الحال يَنْبُلُ في الأعين، ويكبرُ في الصدور، وهي كلُّها غُرَرٌ، وجميعُها دُرَرٌ، ولكني استحسنتُ أن أنتقي منها في هذه الأوراق ما فاقَ وَرَاقَ، وأضم إليه ما قد حفظته من أشعار العرب ومن يلحق بهم من المخضرمين، ومَنْ بعدهم من الشعراء المفلقين، حتى يصير مجموعُ ذلك نزهةً للناظرين من المتأدبين، وروضةً للراغبين في نتائج عقول فحول المجيدين من الأولين والآخرين [1أ]
وقد جعلت عَلامَةَ ما زدته من عندي نقطةً مقابلةً له ليتميز بذلك عن أبيات الكتاب، فأول ما ذكره في مجموعه قولُ الشاعر:
الله أنجح ما طلبت به
…
والبر حقيبته الرَّحْلُ
[خفْض](1) الجأش واصبري قليلاً
…
فالرازيا إذا توالت تولَّتْ *
ولا خير فيمن لا يوطّن نفسَه
…
على نائباتِ الدهر حين تنوبُ * (2)
فقلت لها يا عَزَّ كلُّ مصيبةٍ
…
إذا وُطِّنَتْ يومًا لها النّفسُ ذلَّتِ * (3)
وإذا افتقرت إلى الذخائر
…
لم يجد ذخرًا كصالح الأعمال *
من يفعل الخير لا يُعدم جوازَيهُ
…
لا يذهب العرف بين الله والناس * (4)
(1) كذا المخطوط ولعلها اخفضي.
(2)
للشاعر ضابئ بن الحارث بن أرطأة بن شهاب بن عبيد بن خاذل بن قيس، القبيلة بن حنظلة بن مالك، من الطبعة التاسعة.
انظر: (طبقات فحول الشعراء)(1/ 171).
(3)
الشاعر كثير عزة ..
انظر ديوانه (1/ 42). وانظر (خزانة الأدب)(5/ 218).
(4)
للشاعر: الحطيئة وهو جرول بن أوس بن مالك بن جؤية بن مخزوم بن غالب بن قطعية، ينتمي إلى بني نزار والحطيئة لقب غلب عليه فَعُرفَ واشتهر به، قيل لقصره وقربه من الأرض، وقيل لدمامته،
وهو من قصيدته: [لا يذهب العرف].
انظر: (ديوان الحطيئة)(ص1120).
رُبَّ حُلْمٍ أضاعه عدمُ الما
…
ل وجهلٌ غطَّى عليه النعيمُ
من راقب الناس مات غمًا
…
وفاز باللذة الجسورُ (1)
من راقب الناس لم يظفر بحاجته
…
فاز بالطيباتِ الفاتكُ اللَّهجُ * (2)
وجرم جرَّه سَفَهًا قومٌ
…
فحلَّ بغير جارمِهِ العقاب *
لم أكن من جنُاتِها علم الله
…
وإني لحرِّها اليومَ صالي *
وإذا تكون كريهةٌ أدعى لها
…
وإذا يحاس الحيسُ يدعى جُنْدُبُ
ومهما تكن عند امرئ من خليقة
…
وإنْ خالها تخفي على الناس تُعْلَمِ * (3)
أي خلل الرماد وميض حمر
…
ويوشك أن يكون لها اضطرامُ *
...........................................................
(1) هو: لـ (سَلْم الخاسر) أحد تلامذته بشار بن برد ورُواته.
انظر: (الأغاني)(3/ 200).
(2)
للشاعر بشار بن بُرْد من قصيدته [قد بحث بالحب] من البحر البسيط.
(ديوان بشار بن برد)(ص236).
قال في (الأغاني)(3/ 200) أخبرنا يحيي قال: حدثنا أبي قال أخبرني أحمد بن صالح وكان أحد الأدباء، قال: غضب بشار على سَلْم الخاسر وكان من تلامذته ورواته فاستشفع عليه بجماعةٍ من إخوانه فجاءوه في أمره، فقال لهم: كلُّ حاجةٍ لكم مقضيةٌ إلا سَلمًا، قال ما جئناك إلا في سلم ولا من أن ترضىعنه لنا، فقال: أين هو الخبيث؟ قالوا: ها هو هذا؟ فقام إليه فقبّل رأسه، ومثل بين يديه وقال: يا أبا معاذ، خرِّيجك وأديبُك، فقال: يا سلْم من الذي يقول:
من راقب الناس مات غمًّا.
قال: أنت يا أبا معاذ، جعلني الله فداءك؟ قال: فمن الذي يقول:
من راقب الناس مات غمًّا
…
وفاز باللذة الجسورُ
قال: خريجك يقول ذلك (يعني نفسه).
(3)
للشاعر: زهير بن أبي سلمى المَزني في معلقته (ص50).
ولولا كثرة الباكين حولي
…
على إخوانهم لقتلتُ نفسي
وإذا أتتك مذمتي من ناقص
…
فهي الشهادةُ لي بأني فاضلُ (1)
إذا جهلتْ فضلي رعائفُ خندفٍ
…
فقد عرفت قدري غطاريفُ همدان [1ب] *
إنَّ الذين ترونهم إخوانكُم
…
يشفي غليلَ صدورِهم أن تُصْرَعُوا
إن جئتَ أرضًا أهلُها كلُهم
…
عورٌ فغمِّضْ عينَكَ الواحدة
والذي يُظهر في الذليل مودةٌ
…
وأودُّ منه لمن يودُّ الأرقم
ذلُّها أظهر التودُّدَ منها
…
وبها منكم كحرِّ المواسي *
ومن يك ذا فم مرٍّ مريضٍ
…
يجدْ مُرًّا به الماءَ الزلالا
ومن يقل للمسك أين الشذا
…
كذَّبه في الحال من شمَّا *
ومن ذا الذي تُرضي سجاياه كلُّها
…
كفي بالمرء نبلاً أن تعدَّ معايبه
إذا أنت لم تُقصر عن الجهل والخَنَا
…
أصبتَ حليمًا أو أصابك جاهلُ * (2)
إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى
…
ظمئت وأيُّ الناسِ تصفو مشاربه (3)
والشيخ لا تترك أخلاقُه
…
حتى يوارى في ثرى رمسه
وإذا بدا شرُّ اللبيب فإنه
…
لكالدهر لا تمارِ بما فعل الدهر
وإنَّ أمير المؤمنين وفعلَه
…
فإن عرضتْ أيقنت أن لا أخا ليا
وإنَّ حُسيْنَا كان شيئًا مُلفَّقًا
…
فمحَّضه التكشيفُ حتى بدا ليا *
(1) للشاعر أبو الطيب المتنبي.
انظر: ديوانه (3/ 260)، وهي من قصيدة يمدح القاضي أبا الفضل أحمد بن عبد الله الأنطاكي. وهي من الكامل والقافية من المتدارك.
(2)
للشاعر: زهير بن أبي سلمى. ديوانه (ص219).
(3)
للشاعر: بشار بن بُرْد من قصيدة (موت الفجاءة) بحر الطويل.
(ديوان بشار بن برد)(ص142).
وفتيانٍ حسبتُهم دروعًا
…
فكانوها ولكن للأعادي *
ويضمر قلبي عُذْرَها فيعِنُّها
…
عليَّ فما لي في الفؤاد نصيبُ *
وعينُ الرضى عن كل عيب كليلةٌ
…
ولكنَّ عينَ السُّخطِ تبدي المساويا (1)
فيضاحِكْنَ وقد قُلْنَ لها:
…
حسنٌ في كل عينٍ مَنْ تُردْ *
أضحى عرابةُ ذا مال وذا ولدٍ من مالٍ جعد وجعدُ غيرُ محمودِ *
أُحِبُّ أبا ثروان من أجل تمره
…
وأعلم أن الرفقَ بالمرء أوفقا *
إن جعتم قلتُم يا عمَّنا
…
وإنْ شبعتُم فيا بنَ الأزورِ *
إذا حدَّثتْكَ النفس أنك قادرٌ
…
على ما حوتْ أيدي الرجال فكذبِّ [2أ]
رُبَّ هجرٍ يكون من خوفِ هجرٍ
…
وفراقٍ يكون خوفَ فراقِ
ولكم تمنيت الفِراقَ مغالطًا
…
واجتلتُ في استثمار عرسِ ودادي*
سأطلب بُعْد الدار عنكم لتقربوا
…
وتسكب عيناي الدموع لتجمدا*
إذا ما أُهان امرؤٌ نفسَهُ
…
فلا أكرمَ اللهُ مَنْ أكْرَمه
ومن يغترب يحسب عدوًا صديقه
…
ومن لم يكرِّمْ نفسَه لم يُكرَّم * (2)
أكرِم تميمًا بالهوانِ فإنهم إن أُكْرِمُوا فسَدوا من الإكرام *
أهِنْ عامِرًا تُكْرَمْ عليه فإنما
…
أخو عامر مَنْ مسَّه بهوانِ *
لا تؤمل أني أقول لك اخسْأ
…
لستُ أسخو بها لكل الكلابِ
ولقد أمرُّ على اللئيم يسبُّني
…
فمضيتُ ثمَّتَ قلت: لا يَعْنِيني *
إنَّما يُدَّّخر المالُ
…
لحاجات الرجالِ
وفي السماء نجومٌ ما لها عددٌ
…
وليس يُكْسفُ إلَاّ الشمس والقمرُ
(1) انظر: (جواهر الأدب)(2/ 487).
(2)
للشاعر: زهير بن أبي سلمى من معلقته.
انظر: (المعلقات العشر)(ص50).
أتي الزمانَ بنوهُ في شبيته
…
فسرَّهم وأتيانه على الكِبَرِ *
لا تعتمدْ إلَاّ رئيسًا فاضلاً
…
إنَّ الكبارَ أطبُّ للأوجاع
ليس إجلالُكَ الأكابرَ ذُلاً
…
إنما الذلُّ أن تُجِلُّ الصِّغارا *
هنيئًا مريًا غيرَ داء مخامرٍ
…
لعزَّةَ من أعراضنا ما استحلَّتِ (1)
إذا ضيَّعتَ أوَّلَ كلِّ أمْرٍ
…
أبتْ أعجازُهُ إلَاّ التواءَ
وعاجزُ الرأي مِضيًا لفرصـ
…
ـته حتى إذا فات أمرًا عاتَب القدرا *
قد يدركُ المتأني بعضَ حاجته
…
وقد يكون مع المستعجل الزَّللُ (2)
وربما فات بعضَ القوم أمرُهم
…
مع التأني وكانَ الجرمُ لو عَجِلوا *
لا ذا ولا ذاك في الإفراط أَحْمَدُهُ
…
وأحمدُ الأمرَ يأتي وهو معتدلُ *
أخْلِقْ بذي الصب أن يحظى بحاجته
…
ومُدْمِنِ القرع للأبواب أن يَلِجَا
وما نزلتُ من المكروهِ منزلةً
…
إلَاّ وَثْقْتُ بأنْ ألقى لها فرجَا *
وما الحسنُ في وجه اللئيم شرفٌ له
…
إذا لم يكن في فعله والخلائقِ [2ب]
إذا كان الفتى ضَخْمَ المعاني
…
فليس يضرُّه الجسمُ النحيلُ *
ولست بِنَظَّارٍ إلى جانب الغِنا
…
إذا كانتِ العليا في جانب الفقرِ
يصدُّ عن الدنيا إذا هي أقبلتْ
…
وإن برزتْ في زيِّ عذراءَ ناهِب *
من عاش أجْلَلَتِ الأيامُ جِدَّتَه
…
وفاتَه ثقتاهُ السمعُ والبصرُ
إنَّ الثمانينَ وبُلِّغْتُهَا
…
قد أحوجت سمعي إلى تُرْجُمان *
إذا المرءُ أعيتْه السيادةُ ناشئًا
…
فمطلبها كهلاً عليه شديدُ
إذا ما أولُ الخطى أخطى
…
فلا يُرجي لآخره انتصارُ *
(1) للشاعر: كثير عزة.
انظر: (خزانة الأدب)(5/ 214).
(2)
عزاه في (جواهر الأدب)(2/ 464).
قد يَجْمَعُ المالُ غيرُ آكله
…
ويأكل المالَ غيرُ من جمعَهْ (1)
تخيرت من نعمانَ عَوْدَ دِراكهِ
…
لهندٍ ولكنْ مَنْ تبلِّغُهُ هند
ولله مني جانبٌ لا أضيعُه
…
وللَّهْوِ مني والخلافةِ جانبُ
إن الناس غطوني تغطيَّن عنهمُ
…
وإن بحثوا عني ففيهم مباحثُ (2)
لا تهتكَنَّ مساوي الناس ما ستروا
…
فيَهْتِكُ الناسُ سِتْرًا من مساويكا *
ومَنْ دعا الناسَ إلى ذمِّهِ
…
ذمُّوه بالحق وبالباطلِ (3)
قد قيل ما قيل إنْ صِدقًا وإن كذبًا
…
فما اعتذارك من قول إذا قيلا * (4)
ألا قاتل اللهُ الضرورةَ
…
تُكَلِّفُ أعلا الخلقِ أدنى الخلائقِ
وإذا لم يكن من الذلِّ بدٌ
…
فالْقَ بالذلِّ إن لقيتَ الكبارا *
وما ينفع الأصلُ من هاشمٍ
…
إذا كانتِ النفس مِنْ باهِلَهْ
وما الفخرُ بالعْظمِ الرَّميمِ وإنما
…
فخَارُ الذي يبغي الفخارَ بنفسِه *
ومن نكد الدنيا على الحرِّ أن يرى
…
عدوًا له ما من صداقته بدٌّ
وأسرعُ مفعولٍ فعلتَ تغيّرا
…
تكَلُّفُ شيء في طباعك ضِدُّه *
يُرَادُ مِنَ القلب نسيانُكُم
…
وتأبى الطباعُ على الناقلِ *
فعاجُوا فأثُنَوْا بالذي أنت أهلُهُ
…
ولو سكتوا أثْنَتْ عليكَ الأباعِدُ
(1) قاله الأضبط بن قريع في الأدب العام.
انظر: (جواهر الأدب)(2/ 476).
(2)
عزاه أبو فرج الأصبهاني في (الأغاني)(10/ 406) لأبي دلامة.
وقال بعده:
وإن حفروا بئري حفَرَتُ بئارَهم
…
فسوف ترى ماذا تُثير النَّبائث
(3)
للشاعر كعب بن زهير بن أبي سلمى أحد فحول المخضرمين مادح النبي صلي الله عليه وسلم.
انظر: (جواهر الأدب)(2/ 135).
(4)
النعمان بن المنذر.
وإني اللَّبونُ إذا ما لذَّ في قرنٍ
…
لم يستطعْ صَبْوَهُ البررُ العناعيسُ
ومن ظنَّ ممن يلاقي الحروبَ
…
بأنْ لا يُصابَ فقد ظنَّ عَجْزَا
أرى جَذَعًا إنْ يُثْنَ لم يَقْوَ رائضٌ
…
عليه فبادرْ قبل أن ينثني الجذع [3أ]
أُقَلِّبُ طرفي في البلاد فلا أرى
…
وجوهَ أحبائي الذين أريدث
واحتمالُ الأذى وَدِيَّةُ جانيهِ
…
غداءٍ تضْوَى به الأجسامُ
وكففت عن أثوابه ولو أنني
…
كنتُ المقطَّرَ بزَّني أثوابي
شكوتُ وما الشكوى لمثلي عادةٌ
…
ولكنْ تغِيضُ العينُ عند امتلائها
ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ
…
يواسيكَ أو يُسلِيْكَ أو يتوجَّعُ *
وما منزلُ اللذاتِ عندي بمنزل
…
إذا لم أُبَجَّلْ عنده وأُكَرَّمِ
لمن تطْلُبِ الدنيا إذا لم تُرِدْ بها
…
سرورَ مُحِبٍّ أو إساءةَ مجرِمٍ
ولو أنَّ صدورَ الأمر [ ..... ](1)
…
كأعقابِه لم تُلْفِه يتنَدَّمُ
ما كلُّ ما يتمنى المرءُ يدركُهُ
…
تجري الرياح بما لا تشتهي السَّفن (2)
وقد وَفَيْتُمُونا مرةً بعد مرةً
…
وعلمُ بيان الأمرِ عندَ المجرَّبِ
فإنَّ الحسامَ الخضيبَ الذي
…
قتلتمُ به في يد القاتلِ
يا عقربَ النعلِ هذي النعلُ حاضرةٌ
…
إنْ عُدْتَ عدنا إلى عاداتنا الأُوَلِ *
قضى الله في بعضِ المكارِه للفتى
…
برُشْدٍ وفي بعض الهوى فيحاذِرُ
(1) كلمة غير واضحة في الخطوط.
(2)
الشاعر: أبو الطيب المتنبي. من قصيدة قالها: لما بلغه أنَّ قومًا نعوه في مجلس سيف الدولة بحلب وهو بمصر. وهي من البسيط، والقافية من المتراكب.
مطلعها:
بم؟ التعلُّل لا أهلٌ، ولا وطنٌ
…
ولا نديمٌ، ولا كأسٌ، ولا سكنٌ
انظر: (ديوان أبي الطيب المتنبي)(4/ 233 ـ 236).
وإذا خفيتْ على الغبيّ فعاذرٌ
…
أن لا تراني مقلةً عمياء
وليس قولُك من هذا بِضائِرِه
…
العُرْبُ تعرف مَنْ أنكرتَ والعجمُ *
وكم من عائبٍ قولاً صحيحًا
…
وآفتُه من الفهمِ السقيم (1)
ليس العطاءُ من الفضول سماحةً
…
حتى يجودَ وما لذلك قيل
تريدين رُقْيا المعالي رخيصةً
…
ولا بُدَّ دونَ الشهدِ من إبَرِ النحل (2)
إذا غامرتَ في شرفٍ مَرْوْمٍ
…
فلا تقنعْ بما دونَ النُّجومِ *
فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ (3)
…
كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمٍ * (4)
فإما مكانًا يُضْرَبُ النجمُ دونَه
…
سُرَادِقُهُ أو باكيًا لِلجامِ *
إذا ما لم تكن مِلَكًا مُطاعًا
…
فكن عبدًا لخالِقه مطيعًا *
وإنْ لم تملكِ الدنيا جميعًا
…
كما تهواهُ فاتركْهَا جميعًا *
هما سِيَّانِ من ملكٍ ونُسْكٍ
…
ينْبُلانِ الفتى شرَفًا رفيعًا [3ب] *
وضعيفةٍ فإذا أصابتْ قدره فرصةً
…
فتكتْ كذلكَ قدرةُ الضعفاءُ
يشمّر لِلُجِّ عن ساقِه
…
ويغمرُهُ الموجُ في الساحلِ
يودُّ الفتى طولَ السلامة والغِنا
…
فكيف ترى طولَ السلامةِ تفعلُ *
(1) للشاعر أبي الطيب المتنبي.
(2)
للشاعر أبي الطيب المتنبي وهو يمدح أبا الفوارس دلَّسيْر بن لشكور سنة 353هـ. وهي من الطويل والقافية من المتواتر.
تريدين لِقيانَ المعاني رخيصةً
…
ولا بدَّ دون الشَّهد من إبر النحل
(الديوان)(3/ 290).
(3)
للشاعر أبي الطيب المتنبي في قصيدة وقد كسبت أنطاكية.
وهي من الوفر، والقافية من المتواتر.
(الديوان)(4/ 119).
(4)
في (الديوان)[صغيرٍ].
مَنْ يسالِ الناسَ يَحْرِمُوهُ
…
وسائلُ الله لا يُخيَّبُ
أليسَ من الخسرانِ أنَّ لياليًا
…
تمرُّ بلا نفعٍ وتُحْسَبُ من عمْري
لا أَلْفينَّك بعد الموت تَنْدُبُني
…
وفي حياتي ما زوَّدتني زادي
ما كان ينفعني مقالُ نسائِهم
…
وقُتِلتُ دونَ رجالِهم لا تبعد *
تُعَدُّ ذنوبي عند قومي كثيرةٌ
…
ولا ذنبَ لي إلَاّ العُلا والفضائل *
إنْ سمعوا سبةً طاروا بها فرحًا
…
مني وما سمعوا من صالحٍ دفنوا *
إنْ يسمعوا الشرَّ يُخْفُوه وإنْ سمعوا
…
شرًّا أذاعوا وإن لم يسمعوا أفِكُوا *
ولن يبلغَ البنيانُ يومًا تمامَهُ
…
إذ كنتَ تبنيهِ وغيرُكَ يهدِمُ
أيذهبُ يومٌ واحدٌ إنْ جنيتُه
…
بصالحِ أيامي وحسنِ بلائيا
متى يُجْمَعِ القلبُ الذكيُّ وصارمًا
…
وأنفًا حميًا تَجْتَنْكَ المظالِمُ
سأغسلُ عني العارَ بالسيف جالبًا
…
عليَّ قضاءُ الله ما كان جالبًا *
والنجمُ يستصغرُ الأبصارَ رؤيتَهُ
…
والذنبُ للعين لا للنجمِ في الصِّغرِ
ما أنت إلَاّ كلحمِ ميِّتٍ
…
دعا إلى أكله اضطرار
ولولا الضرورةُ ما جئتُكُم
…
وعند الضرورة يؤتى الكنيفْ *
وإنْ بقومٍ سوَّدوك لحاجةٍ
…
إلى سيد لو يظفُرونَ بسيِّدِ
ومتى كنت تفعلُ الكثيرَ من الخير
…
إذا كنتَ تاركًا لأقلِّهْ
وما بقيتْ من اللذاتِ إلَاّ
…
محادثةُ الرجال ذوي العقولِ
كيف احتراسي من عدوي إذا
…
كان عدوي بينَ أضلاعي
أسَدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ
…
فتْخاءُ [تنفر](1) من صفير الصافر
ومَنْ سَرَّه أن لا يرى ما يسؤُهُ
…
فلا تتخذِ شيئًا بخافٍ له
إذا رأيت نيوبَ الليث بارزةً
…
فلا تظنَّنَّ أنَّ الليثَ يبتسمُ [4أ]
(1) كلمة غير واضحة في المخطوط.
ينشدُ الشعرَ وإن عاتبتَهُ
…
في مُحالٍ قال في هذا لُغَهء
كل ما يصلُح للمو
…
لى على العبد حرامُ
وأحييتَ لي ذكرًا وما كان خاملاً
…
ولكنَّ بعضَ الذِّكْرِ أنبهُ من بعضِ
إني وقتلى سُلَيْكَا ثمَّ أعْقِلَهُ
…
كالثورِ يضربُ لمَّا عافتِ البرةُ
وحمَّلتني ذنبَ امرئ وتركَتهُ
…
كذي العُرّ يكون غَيْرَهُ وهو راتِعُ *
قل للذي يحفر بئر الردى
…
هيِّئ لرجليك مراقيها
سكتتْ بغابغةُ الزمان
…
وأصبح الوطواطُ ناطقْ
في الناس إن فتَّشتَهم
…
من لا يُعِزُّكَ أو تُذلُّهْ
وقد تُخْرَجُ الحاجاتُ يا أمِّ مالك
…
كرائمَ من ربٍّ له ضنين
إذا صوَّتَ العصفورُ طار فؤادُه
…
وليثُ حديدِ النابِ عند الثرائدِ
إذا رام التخلقُ جاذبتهُ
…
خلائقُه إلى الطبعِ القديمِ
إذا كان غيرُ الله للمرءِ عِدَةً
…
أتتهُ الرزايا من وجوهِ الفوائدِ
يأبى الفتى إلَاّ اتباعَ الهوى
…
ومنهجُ الحق له واضحُ
كتاركةٍ بيضَها بالعراءِ
…
ومُلْبِسَةٍ ثوبَ أخرى جناحًا
ولستَ بمأخوذٍ بلغوٍ تقوله
…
إذا لم تُعَمَّدْ عاقداتِ العزائمِ
والمستجيرُ بعمرو عند كُرْبَتِهِ
…
كالمستجيرِ من الرمضاء بالنارِ
وأُديمُ نحوَ محدِّثي نظري
…
أني قد فهمت وعندكم عقلي
تحسَبُه مستمعًا منصتًا
…
وعقلُه في آفةٍ أخرى
ولا تُكثرنْ في إثر شيء ندامةً
…
إذا نزعتْه من يديكَ المقاديرُ
ضاع معروفٌ واضعٌ
…
العرف في غير أهلهِ
من ظنَّ أنْ لا بدَّ منه
…
فإنَّ منه ألفَ بُدِّ
زعمَ الفرزدق أن سيقتلُ مِرْبَعًا
…
أبْشِرْ بطول سلامةٍ يا مِرْبَعُ (1)
(1) الشاعر جرير بن عطية، الخطفي، التميمي، اليربوعي. ولد سنة 42هـ من بني يربوع أحد أحياء بني تميم.
وهذا البيت أشد بيت في التهكم. (جواهر الأدب)(2/ 152).
وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى
…
ذَرْعَاً وعند الله منها المخرجُ
ولم أرَ كالمعروف أمَّا مذاقُةُ
…
فحلوٌ وأما وجهُهُ فجميلُ
إذا لم تستطيع شيئًا فدعْهُ
…
وجاوِزْهُ إلى ما نستطيعُ [4ب]
وقد يحزنُ المءُ من موتِ ما
…
تكونُ السلامة في موتِهِ
تفرَّقتِ الطباءُ على خِراشٍ
…
فما يدري خراش ا يصيبُ
ما عابني إلا اللئامُ
…
وتلكَ لي إحدى المناقِبْ
إذا محاسني اللاتي أمتُّ بها
…
غدت ذنوبًا فقل لي كيفَ أعتذرُ
يريكَ البشاشةَ عند اللقاء
…
ويبريكَ في الغيب بَرْيَ القلمْ
ويحييني إذا لاقيتهُ
…
وإذا نحلُو له جسمي رَتَعْ *
ألا ربما ضاقَ الفضاءُ بأهلهِ
…
وأمكن من بين الأسِنَّةِ مخرجُ
كأنك لم تسبق من الدهر ِ ليلةً
…
إذا أنت أدركتَ الذي أنت تطلبُ
وغير تعني بأمرِ الناس بالنعي
…
طبيبٌ يداوي الناسَ وهو عليلُ*
وكنّأ نستطشبُّ إذا مرِضْنا
…
في الداء من قِبَلِ الطبيبِ*
وإنك لنترى طَرْدًَا لحرٍ
…
كالصياقِ به طرفُ الهوانِ
يهون علينا أن تُصابَ جسومُنَا
…
وتسلمَ أعراضٌ لنا وعقولُ*
ومستعجبٍ مما يرى من أناتِنا
…
ولو زبنتُهُ الحربُ لم يتزمزمِ
لم يخلقِ الله مسجونًا تسائلُه
…
ما بال سجنِك إلا قال مظلومُ
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيهُ
…
فالكل أعداءٌ له وخصومُ
لولا اشتعالُ النار فيما جاورت
…
ما كان يظهرُ طِيْبُ نَشْرِ العودِ*
ونُبِّئْتُ قومًا يحسدونَ [محاسنًا](1)
…
وذو الفضلِ لا تلقاه إلا َّ محسَّدا
(1) كلمة غير واضحة في المخطوط
وإذا حَذِرْتَ من الأمور مقدَّرًا
…
وفررتُ منه فنحوَهُ تتوجهُ
توَقَّ ملاحاةَ الرجال وذمَّهم
…
فإن لهم علمًا بسوء المثالبش
إن النساء متى ينهيْنَ عن خلُقٍ
…
فإنه واقع لابدُّ مفعولُ
من لم يَعُدْنَا إذا مرِضْنَا
…
إن مات لم تشهدِ الجنازهْ
ولست بالموجبِ حقًا لمن
…
لا يوجِبُ الحقَّ على نفسِهِ*
لو بغير الماء حلقي شرَقْ
…
كنتُ كالغصَّان بالماء اعتصاري
إلى الماء يسعى من يغصُّ بلقمةٍ
…
إلى أين يسعى من يغصُ بماء*
إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا
…
فأهون ما يمر به الوحولُ [5أ]
إنَّا لفي زمن تركُ القبيح به
…
من أكثر الناس إحسانًا وإجمالاً
لولا المشقةُ ساد الناس كلُّهم
…
الجودُ يُفْقِرُ والإقدامُ قتَّالُ
وكلٌّ يرى طُرُقَ الشجاعةِ والندى
…
ولكنَّ طَبْعَ النفسِ قائدُ*
ولست بمستبقٍ لا تلِمُّه
…
على شَعَثٍ أيُّ الرجال المهذَّبُ (1)
ومن ينفق الساعاتِ في جمع أموالِه
…
مخافةَ فقرٍ فما الذي فعلَ الفقرُ
ومن يأمنِ الدنيا يكن مثلَ قابضٍ
…
على الماء خانتْه فروجُ الأصابعِ
وما المرءُ إلا كالشهاب وضوءُهُ
…
يعود رمادًا بعد إذ هو صادعُ
إذا لم يكن فيْكُنَّ ظِلٌّ ولا جنى
…
فأبْعَدَكُنَّ الله من شجراتِ
وكنت إذا قومٌ غزوني غزوتُهم
…
فهل أنا في ذايالِ همدانَ ظالمُ
(1) للشاعر: النابغة الذبياني، من قصيدة (أي الرجال المهذب). نظمها معتذرًا إلى النعمان بن المنذر مادحًا إياه وفيها:
فإنك شمسٌ والملوك كواكبٌ
…
إذا طلعت لم يبد منهن كوكبُ
(ديوان النابغة الذبياني)(ص 28). وانظر: (جواهر الأدب)(2/ 40).
فإنك لم تفخر عليك تفاخُرٌ
…
ضعيفٌ ولم تغلِبُكَ مثلُ تَغْلِبِ
ولو أني بُليتُ بها شمسي
…
خؤُلُتُهُ بنو عبدِ المدانِ *
لهانَ عليَّ ما ألقى ولكنْ
…
تعالوا فانظروا بمن ابتلاني *
لو كما تنقصُ تزدادُ
…
إذًا نِلْتَ السماء
ومما يقتُلُ الشعراء غمًا
…
عداوةُ من يقلُّ عن الهجاء
بلاءٌ ليس يشبُهُه بلاءٌ
…
عداوةُ غير ذي حسَبٍ ودينِ *
يبيحُك منه عِرضًا لم يَصُنْهُ
…
ويرتع منك في عِرْضٍ مصونِ *
رأيتَ حياةَ المرء تُرْخِصُ قَدْرَهُ
…
فإن مات أغلتْهُ المنايا الطوائحُ
وما للمرء خيرٌ في حياةٍ
…
إذا ما عُدَّ من سَقَطِ المتاعِ
يريد المرءُ أن يُعطى مُناه
…
ويأبى الله إلا ما يشاءُ
وما بقاءً علىَّ تركتماني
…
ولكنْ خِفْتُمَا صدَّ النِّبالِ
ألم تر أنَّ سيرَ الخير رَبْتٌ
…
وإنَّ الشرَّ راكبُه يطيرُ
ليس من مات فاستراح بميْتٍ
…
إنما الميْتُ ميِّتُ الأحياء
فيا ليت حظي من غدانَةَ
…
أنها تكون كفافًا لا علىَّ ولا ليا [5ب]
تغطَّى بجلباب لها حُرَّ وجهِهَا
…
وتبدي اسْتَهَا هذا الحياءُ المخالفُ
كل شيء إذا تناهي تناهى
…
وانتقاصُ البدورِ عند التمامِ
تُوقَّى البدورُ النقصَ وهي أهلَّةٌ
…
ويدركها النقصانُ وهي كواملُ *
فإن يكنِ الفعل الذي ساءَ واحدًا
…
فأفعالُه اللائي سَرَرْن ألوفا
جرى طَلِقًا حتى إذا قيل سابقًا
…
تداركه غُرْفُ اللئام فبلَّدا
وأكذبُ ما يكون إذا تألَّى
…
وشدَّدها بأيمانٍ غلاظِ
يَحْلُبُ غيري وأكونُ الذي
…
يرضى من العنزِ بقرنينِ
نكون حماتَها ونَذُبُّ عنها
…
ويأكل خرجَها القومُ اللِّئامُ *
معاذَ الله حتى تنتضيها
…
عقائِرَ في العَجَاجِ لها انتسامُ *
إذا المال لم ينفعْكَ إلا تخزنُهُ
…
فبَرُّ بلادِ الله مالُكِ والبحرُ
أنت للمال إذا أمسكتَهُ
…
وإذا أنفقتَه فالمالُ لكْ
وأنت كمثلِ الجوز تُمْنَعُ أكلَه
…
صحيحًا وتعطي أكلَه حينُ يُكْسرَ
ومن يحتفر في الشر بئرًا لغيرِهِ
…
يَبِتْ وهو فيها لا محَالَهَ واقعُ
وأدركُه حالاتِه فخذلتُهُ
…
ألا إن عِرقَ السوء لا بدَّ مدرْكُ
وإنَّ كبيرَ القوم لا عِلْمَ عندَه
…
صغيرٌ إذا التفتْ عليه المحافلُ *
عيُّ الشريفِ يشينُ منصبَه
…
وترى الوضيعَ يزيْنُهُ أدبُهْ
إذا الشافعُ استقصى لك الجهدَّ كلَّه
…
وإن لم تنلْ بِحِجَا فقد وجب الشكرُ
وعلىَّ أن أسعى وليس علـ
…
ـيَّ إدراكُ النجاحِ
وأنت امرؤ منَّا خُلِقْتَ لغيرنا
…
حياتُكَ لا نفعٌ وموتُكَ فاجعُ *
لا ألفيتُك بعد الموت تندبني
…
وفي حياتي ما زوَّدتني زادي*
فلا تعتذر بالشُّغل عنَّا فإنما
…
تُناطُ بك الآمالُ ما اتَّصل الشُّغْلُ
ولا أكون كمن ألقى رِحَالتَهُ
…
على الحمارِ وخلَّى صهوةَ الفَرَسِ
وإنَّ مقيماتٍ بُمنْعَرَجِ اللِّوي
…
لا قربَ من ليلى وهاتيكَ دارُها
كالعيسِ في البيداء يتلِفُها الظما
…
والماء فوقَ ظهورِهِا محمولُ*
أرى ماءً وبي عطشٌ شديدٌ
…
ولكنْ لا سبيلَ إلى الورودِ *
عسى الهمُّ الذي أمسيتَ فيه
…
يكونُ وراءه فرجٌ قريبُ [6أ]
ربما تكره النفوسُ من الأمرِ
…
له فُرْجَةٌ كَحَلٌ العِقَالِ *
فما بالُنا أمْسى أسدُ العرين
…
وما بالُنا اليومَ شاءَ النجفُ
هل يستطيعُ جحودَ ذنبٍ قد مضى
…
رجلٌ جوارحُهُ عليه شهودُ
إنَّ عَمْرًا يكون آخرَه الموتُ
…
سواءٌ طويلُه والقصيرُ
قليلُ حياة المرء مثلُ كثيرِها
…
يزولُ وباقي عيشِه مثلُ ذاهبِ *
ومَنْ جهلتْ نفسه قَدْرَهُ
…
رأى غيرُهُ منه ما لا يَرَى
من رامَ ما يعجزُ عنه طوقُه
…
تقاصرتْ عنه فسيحاتُ الخطا *
وأظلمُ أهلِ الظلمِ من باتَ حاسِدًا
…
لمن باتَ في نَعْمائِهِ يتقلَّبُ
وكل امرئ: تولي الجميلَ نجيبُ
…
وكلُّ مكانٍ يُنْبِتُ العرَّ طيِّبُ
أعزُّ مكانٍ في الدنا سرُج سابحٍ
…
وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ *
أشدُّ الغمِّ عندي في سرور
…
تيقنَّ عنه صاحبُهُ انتقالا
خلَا لكِ الجو فبيضي وأصفري
…
ونقري ما شئتِ أن تنقري
أبا منذر أفنيتَ فاستبقِ بعضَنا
…
حنانَيْكَ بعضُ الشرِّ أهونث من بعضِ
استرزقِ الله مما في خزائنهِ
…
فبينها الجرادُ دارتْ مناشيرُ
وحالتْ حياضُ الموت بيني وبينها
…
وجادتْ بوصلٍ حيث لا ينفعُ الوصلُ
فإنكَ والكتابَ إلى عليٍّ
…
ليس بالظنِّ أنه إذا ذلَّ مولى المرء فهو ذليلُ *
لك العزُّ إنْ مولاكَ عزَّ
…
وإنْ يَهُنْ فأنت فِدَى بُحْبُوبَةِ الهُونِ كائنُ
إذا وَتَرْتَ امرءًا فاحذر عدواتَهُ
…
من يزرع الشوكَ لا يحصدْ به عِنبًا
إن العدوِّ وإن أبدى مسالمةً
…
إذا رأى منك يومًا فرصةً وثبا
فاليومَ نقنعُ بالسلامةِ منكم
…
لا تأخذوا منا ولا تعطُونَا
كفاني الله شرَّك يا حبيبي
…
فأمَّا الخيرَ منكَ فقد كفاني [6ب]
إذا كنت تبغي (1) العيشَ فابْغِ توسُّطًا
…
فعند التناهي يقصرُ المتطاوِلُ
ما زدتَ حين وَلِيْتَ إلَاّ خسَّةً
…
والكلبُ أنجسُ ما يكون إذا اغتسلْ
إذا اجتمع الآفاتُ فالبخلُ شرُّها
…
وشرٌّ من البخيل المواعيدُ والمُطْلُ
(1) في الهامش (إذا ما أردت).
يزداد من القلب نسيانُكُم
…
وتأتي الطّّباعُ على الناقلِ
وأصعبُ مفعولٍ فعلتَ تغيَّرا
…
تُكَلَّفُ شيئًا في طباعكَ ضِدَّهُ
فما يديمُ سرورًا ما سررتَ به
…
ولا يُرَدُّ عليك الفائتَ الحزْنُ
إن كان سمَّاكَ شمسًا من ضلالته .... فالخنفساء تسمِّي بنتَها القمرا
إذا عبت قومًا بالذي فيك مثلُهُ
…
وكيف يُعيبُ العُوْرَ مَنْ هو أعورُ
اذْكُرْ محاسنَ ما فيهم إذا ذكروا
…
ولا تُعِبْ أحدًا منهم بما فيكا
أزمعتُ يأسًا مبينًا من نوالِكُمُ
…
ولن ترى طاردًا للحرِّ كاليأسِ
فقد صِرْتَ أُذُنًا للوشاةِ سمعيةً
…
ينالون من عِرضي ولولاكَ ما نالوا
وقاهم جدُّهم ببني أبيهم
…
وبالأشقينَ ما حلَّ العقابُ
قد كان في الموت له راحةٌ
…
والموتُ ختم في رقابِ العبادِ
شقِيتْ بنو أسدٍ بشعر مساورٍ
…
إنَّ الشقيَّ بكل حَبْلٍ يُخْنَقُ
إنَّ الشقيَّ بالشقاء مولعٌ
…
لا يملكُ الردَّ له إذا أتى
تعلِّلُني بالموتِ والموتُ دونَه
…
إذا متُّ عطشانًا فلا نزلَ القطرُ
نحلتْ له نفسي النصيحةَ إنه
…
عند الشدائدِ تذهبُ الأحقادُ
تهوى حياتي وأهوى موتَها أنفًا
…
والموتُ أكرمُ نوَّالِ على الجُرْمِ
ولله سرٌّ في علاكَ وإنما
…
كلام العدى ضرب من الهذيان
إذا أنت أعْطِيت السعادة لم تَبَلْ
…
ولو نظرتْ شَرَرًا إليك القبائلُ *
وقد يتزيَّا بالهوى غيرُ أهلهِ
…
ويستعجبُ الإنسانُ مَنْ لا يلائمهْ
لا بأس بالقومِ من طول ومن قِصَرٍ
…
جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ [7أ]
وما ذاك بخلا بالسيوفِ وبالقَنَا
…
ولكنَّ صَدْمَ الشرِّ بالشرِّ أحْزَمُ
عرفتَ الشرَّ لا للشرِّ لكن لتوقيهِ
…
ومن لا يعرفُ الخيرَ من الشرِّ يقع فيه ما*
وإنما يبلُغ الإنسانُ طاقتَهُ
…
كل ماشيةٍ بالرجل شِملالُ
ستبدي لك الأيامُ ما كنت جاهلاً
…
ويأتيك بالأخبار من لم تُزَوِّدِ
وإنَّ ابنَ عمِّ المرْ فاعلم جناحُهُ
…
وهل ينهضُ البازي بغير جناحِ
لعلَّ عَتْبَكَ محمودٌ عواقُبهُ
…
وربما صحَّ الأجسام بالعلِلِ
والهجْرُ أقْتَلُ لي مما أراقبهُ
…
أنا الغريقُ فما خوفي من البَللِ
فرشتُ منك بغيرِ ما أمَّلْتُهُ
…
والمرءُ يِشْرَقُ بالزُّلال الباردِ
أنكرتُ طارقهَ الحوادثِ مرَّةً
…
حتى اعترفتُ بها فصارتْ ديدنَا
وزادني كَلَفًا بالحبِّ أنْ مَنَعَتْ
…
وحُبُّ شيء إلى الإنسان ما مُنِعَا
وبيننا لو رعيتُم ذاك معرفةٌ
…
إنَّ المعارفَ في أهل النُّهى ذِمَمُ
وأُغَبطُ من ليلى بما لا أناله
…
ألَاّ كلُّ ما قرَّتْ به العينُ صالحُ
أعاتبُ نفسي إن تبسمتُ خاليًا
…
وقد يضحكُ الموتورُ وهو حزينُ
وفي الشك تفريطٌ وفي الحزم قوةٌ
…
ويخطي الفتى في حدسه ويصيبُ
يجود بالنفسِ إنْ حنَّ الجبان بها
…
والجودُ بالنفس أقصى غايةِ الجودِ
سيذكرني قومي إذا ضنَّ جِدُّهم
…
وفي الليلة الظلماء يفتقدُ البدرُ (1)
لا تعجبنَّ لخير زلَّ عن يدهِ
…
فالكوكبُ النحس يسقي الأرضَ أحيانًا
ومن مذهبي حبُّ الديارُ وأهلِها
…
وللناسِ فيما يعشقون مذاهبُ
إني أرى فتنةً تغلي مراجلها
…
والملكُ تعداني لعلى لِمَنْ غلبَا
وغيظي على الأيام كالنار في الحشا
…
ولكنه غيظُ الأسيرُ على القَدِّ
أمِنَ المنونِ ورَيْبِها تتوجَّعُ
…
والدهرُ ليس بمعتبٍ مَنْ يجزعُ
ولاتك فيها مفرطًا أو مفرطًا
…
كلا طرَفَيْ قصدُ الأمورِ ذِمَيمْ [7ب]
إذا تضايق أمرٌ فانتظرْ فرجًا
…
فأضيقُ الأمرِ أدناهُ إلى الفَرَجِ
(1) للشاعر أبي فراس الحمداني. من قصيدة (أراك عصيَّ الدمع).
أراها وإن كانت تُجَبُّ فإنَّها
…
سحابةُ صيفٍ عن قليل تَقَشَّعُ
لعمرُكَ ما المكروهُ إلَاّ ارتعابُهُ
…
وأعظمُ مما حل ما يُتوقَّعُ
وإني لا أزالُ أخا حروبٍ
…
إذا لم أجْنِ كنتُ مجنَّى جاني
إني لأُكْثِرُ مما سُمْتَني عجَبًا
…
يدٌ تشحُّ وأخرى منك تأسوني
تلقى بكلِّ بلادٍ إنْ حَلَلْت بها
…
أهلاً بأهل وجيرانًا بجيرانِ
يقولون أقوالاً ولا يعملونها
…
ولو قيل هاتوا حقَّقوا لم يحقِّقُوا
إنك إنْ حَمَّلْتني ما لم أطِقْ
…
ساءك ما سرَّك مني من خُلق.
وإلى هنا انتهى ما أردت جمعه.
كتبه جامعه: محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما.