المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بحث في الأذكار الواردة في التسبيح - الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني - جـ ١٢

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌بحث في الصلاة على النبي صلي الله عليه وآله وسلم

- ‌سؤال وجواب عن الصلاة المأثورة على رسول الله صلي الله عليه وسلم

- ‌طيب الكلام في تحقيق لفظ الصلاة على خير من حملته الأقدام

- ‌بحث في الأذكار الواردة في التسبيح

- ‌نزهة الأبصار في التفاضل بين الأذكار

- ‌الاجتماعُ على الذكرِ والجهرِ بهِ

- ‌سؤال وجواب عن أذكار النوم

- ‌ اللغة العربية وعلومها

- ‌جواب الشوكاني على الدماميني

- ‌سؤال: عن الفَرْقِ بينَ الجِنْسِ واسْمِ الجِنْسوبينَهما وبينَ عَلَمِ الجِنْسِ.وبينَ اسمِ الجِنْسِ واسْمِ الجمْعِوبينَ اسْمِ الجمْعِمع الجواب للشوكاني

- ‌بحث في تبادر اللفظ عند الإطلاق

- ‌نُزهةُ الأحداق في علم الاشتقاق

- ‌كلام في فن المعاني والبيان(تعليق من الشوكاني على كلام صاحب الفوائد الغياثية)

- ‌الروضُ الوسيع في الدليل المنيع على عدم انحصارِ علمِ البديع

- ‌بحث في الرد على الزمخشري في استحسان المُرِبَّةَ

- ‌فتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير

- ‌الطود المنيف في ترجيح ما قاله السعدعلى ما قاله الشريف من اجتماع الاستعارةالتمثيلية والتبعية في قوله تعالى:{(أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}

- ‌جيد النقد بعبارة الكشاف والسعد

- ‌القول الصادق في ترتيب الجزاء على السابق

- ‌فائق الكسا في جواب عالم الحسا

- ‌فَتْحُ الخَلَاّقِ في جواب مسائل الشيخ العلامة عبد الرزاق الهندي

- ‌بحث فيما زاده الشوكاني من أبيات شعرية صالحة للاستشهاد بها في المحاورات وعند المخاصمات وأضافها إلى ما يصلح لهذه الأغراض في ديوان ابن سناء الملك

- ‌بحث في سيحون وجيحون وما ذكره أئمة اللغة في ذلك ويليه مناقشة لبعض أهل العلم في البحث السابق ثم جواب المناقشة السابقة

- ‌الحد التام والحد الناقص (بحث في المنطق)

الفصل: ‌بحث في الأذكار الواردة في التسبيح

(195)

24/ 4

‌بحث في الأذكار الواردة في التسبيح

تأليف

محمد بن علي الشوكاني

حقَّقه وعلَّق عليه وخرَّج أحاديثه

محمد صبحي بن حسن حلاق

أبو مصعب

ص: 5885

وصف المخطوط:

1 ـ عنوان الرسالة من المخطوط: بحث في الأذكار الواردة في التسبيح.

2 ـ موضوع الرسالة: الأذكار.

3 ـ أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. سبحانك اللهمَّ وبحمدك، لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، والصلاة والسلام على رسولك وآله وبعد.

فإنه ورد في الأذكار من الكتاب والسنة .....

4 ـ آخر الرسالة: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.

وفي هذا المقدار كفايةٌ لمن له هداية والله ولي التوفيق ..

5 ـ نوع الخط: خط نسخي.

6 ـ عدد الصفحات: 3 صفحات.

7 ـ عدد الأسطر في الصفحة: 30 سطرًا.

8 ـ عدد الكلمات في السطر: 13كلمة.

9 ــ الرسالة من المجلد الرابع من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.

ص: 5887

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحانك اللهمَّ وبحمدك، لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، والصلاة والسلام على رسولك وآله وبعد: فإنه ورد في الأذكار من الكتاب والسنة عمومًا وخصوصًا ما هو معروف، ولكنه ورد في خصوص التسبيحِ من الآيات أكثرُ مما ورد في غيره من الأذكار وكان ذلك مشعرًا بمزيد شرفِهِ، ودالاً علي أنافةِ فضلِه، وعظيم أجْرِه.

فمن ذلك قوله ـ سبحانه ـ: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (1){قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (2) فإن المجيء بالتسبيح من الملائكةِ عند الاعترافِ منهم بعدم العلم إلَاّ العلمَ الذي علَّمهم الله ـ سبحانه ـ يدل على أن التسبيح عظيم الشأن، جليلُ المقدار.

وفمن ذلك قوله ـ سبحانه ـ {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} (3) ، فإنه ـ سبحانه ـ جاء بهذا التسبيح ردًَّا على من قال إنه اتَّخذ تعالى ولدًا.

ومن ذلك قوله ـ سبحانه ـ {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ، (4) فإنهم جعلوا ذلك وسيلةً إلى الوقاية من عذاب النار.

وقال ـ سبحانه ـ ردًا من جعلَ الآلهة ثلاثةً: {وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ

(1)[البقرة:30].

(2)

[البقرة:32].

(3)

[البقرة:116].

(4)

[آل عمران:191].

ص: 5891

وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (1)

ثم قال المسيح عليه السلام ردًا من قال إنه أدَّعى الألهية: {سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} (2)

وكذلك قال الله ـ سبحانه ـ ردًا على من جعل لله شركاء الجنَّ كما حكاه عنهم بقوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} (3)

وكذلك قال موسى ـ عند توبته من سؤال ما ليس له كما حكاه الله عنه ـ بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} (4)

وكذا حكى الله ـ سبحانه ـ عن الذين لا يستكبرون عن عبادته فقال: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} ، (5) وقال في الآية الأخرى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ

(1)[النساء:171].

(2)

[المائدة:116].

(3)

[الأنعام:100].

(4)

[الأعراف:143].

(5)

[الأعراف:206].

ص: 5892

عَمَّا يُشْرِكُونَ} (1)

وقال في ذكر أهل الجنة: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} (2) وقال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (3)

وقال سبحانه: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (4)

وقال: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (5)

وقال مرشدًا إلى التسبيح: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} (6)

وقال سبحانه منزِّلهاً لنفسِه عن الشركِ به: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (7)

وقال سبحانه عند الإسراء برسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (8) فعنون هذا الأمرَ العظيم في صدرِ هذه

(1)[التوبة:31].

(2)

[يونس:10].

(3)

[يونس:18].

(4)

[يونس:68].

(5)

[يوسف:108].

(6)

[الحجر:98].

(7)

[النحل:1].

(8)

[الإسراء:1].

ص: 5893

السورة بالتسبيح.

وقال ـ سبحانه ـ منزِّها لنفسه عما كان يفعلُه المشركون: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} ، (1) {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43)} (2) وقال ـ سبحانه ـ حاكيًا عن السماوات والأرض ومن فيهنَّ ـ:{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} ، (3) فانظر هذه الخصيصةَ الجليلةَ للتسبيح حيث صارَ ذكرًا لكل حيوانٍ، وكلِّ جماد، وليس في الأذكار الواردةِ في الكتاب والسنةِ ما له المزيةُ العظيمةُ، والفضيلة الشريفة.

وقال ـ سبحانه ـ معلمًا لرسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بما يجيب به على المشركينَ حيث قالوا: {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} (4)

وقال ـ سبحانه ـ حاكيًا عن أهل العلم وما يصنعونَه عند تلاوة آيات الله عليهم: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108)} (5).

(1)[النحل:57].

(2)

[الإسراء: 42 - 43].

(3)

[الإسراء:44].

(4)

[الإسراء:93].

(5)

[الإسراء:107 - 108].

ص: 5894

وكذلك قال في الإرشاد إلى الاستكثارِ من التسبيح: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ [2أ] أَنْ سَبِّحُوا [بُكْرَةً] (1) وَعَشِيًّا} (2).

ومن ذلك قوله ـ سبحانه ـ: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (3)

وقال سبحانه: {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)} (4) فذكر التسبيحَ بخصوصِه، ثم عمَّمَ الذِّكْرِ فداَّ ذلك على مزيد شرفِهِ.

وقال في أمره ـ سبحانه ـ لرسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أن ستدفع شر المشركين بالتسبيح: فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} (5).

وقال ـ سبحانه ـ حاكيًا عن الملائكة المقرَّبين أنهم يسبِّحون دائمًا: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} (6). وقال سبحانه في ردِّ قول من قال بتعدُّد الآلهةِ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (7).

(1) في المخطوط مكررة

(2)

[مريم:11]

(3)

[مريم:35].

(4)

[طه:33].

(5)

[طه: 130].

(6)

[الأنبياء: 19 - 20].

(7)

[الأنبياء:22].

ص: 5895

وكذلك قال في لردِّ على من قال: إنه اتَّخذ ولدًا: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (1).

وكذلك حكى ـ سبحانه ـ عن ذي النون أنه استغاثَ بالتسبيح فقال: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (2).

وكذا قال سبحانه في الردِّ على من زعم أنه اتَّخذ ولدًا أو كان معه شريكٌ: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (3).

وكذلك قال سبحانه في مثل ذلك: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (4).

وقال سبحانه حاكيًا عن قوم لازَمُوا التسبيح: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (5)

وقال ـ سبحانه ـ حكايةً عن جميع مخلوقاته أنها مسبِّحةٌ له: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (6)

(1)[الأنبياء:26].

(2)

[الأنبياء:87].

(3)

[المؤمنون:91].

(4)

[النور: 16].

(5)

[النور: 36].

(6)

[النور: 41].

ص: 5896

وقال ـ سبحانه ـ: {قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا} (1)

وقال ـ سبحانه آمرًا لرسوله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ بالتوكُّل عليه، والتسبيحِ له:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} (2)

وقال ـ سبحانه ـ: {فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (3)

وقال ـ سبحانه ـ: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4)

وقال سبحانه مرشِدًا إلى ملازمة التسبيحِ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} (5)

وقال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} . (6)

وقال سبحانه في وصف المؤمنين بآياتهِ: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ .................................

(1)[الفرقان: 18].

(2)

[الفرقان: 58].

(3)

[النمل: 8].

(4)

[القصص: 68].

(5)

[الروم: 17].

(6)

[الروم: 40].

ص: 5897

لَا يَسْتَكْبِرُونَ}. (1)

وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} (2)

وقال سبحانه حاكيًا عن صالحي عبادِهِ: {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (3)

وقال ـ سبحانه ـ: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} (4)

وقال ـ سبحانه ـ: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (5)

وقال ـ سبحانه ـ حاكيًا عن ذي النون: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)} (6) وقال ـ سبحانه ـ دافعًا لما قاله المشركون: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)} (7) وقال ـ سبحانه ـ في مثل ذلك: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180)

(1) السجدة: 15].

(2)

[الأحزاب: 42].

(3)

[سبأ: 41].

(4)

[يس: 36].

(5)

[يس: 83].

(6)

[الصافات: 143 ـ 144].

(7)

[الصافات: 158 ـ 159].

ص: 5898

وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182)} (1)

وقال ـ سبحانه ـ في الردّ على المشركين: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (2)

وقال ـ سبحانه ـ في مثل ذلك: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (3)

وقال ـ سبحانه ـ حاكيًا عن الملائكة أنهم يسبِّحونه: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (4)

قال ـ سبحانه ـ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} (5).

قال ـ سبحانه ـ مخبِرًا عن تسبيحِ ملائكِته: {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} (6).

قال سبحانه مرشدًا عباده إلى التسبيح: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ

(1)[الصافات: 180 ـ 182].

(2)

[الزمر: 4].

(3)

[الزمر: 67].

(4)

[الزمر: 75].

(5)

[غافر:55].

(6)

[الشورى:5].

ص: 5899

مُقْرِنِينَ} (1).

وقال ـ سبحانه ـ: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (2).

وقال سبحانه: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (40)} (3). وقال في الرد على المشركين: {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4).

وقال - سبحانه - مرشدًا لرسوله - صلي الله عليه وسلم - إلى التسبيح: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} (5). وقال سبحانه: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (6).

وقال سبحانه حاكيًا عن مخلوقاته في السماء والأرض: {(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)} (7).

وقال - سبحانه - في مثل ذلك: {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ

(1)[الزخرف:13].

(2)

[الزخرف:82].

(3)

[ق: 39 - 40].

(4)

[الطور:43].

(5)

[الطور: 48 - 49].

(6)

[الواقعة:74].

(7)

[الحديد:1].

ص: 5900

الْحَكِيمُ} (1).

وقال - سبحانه -: {(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)} (2). وقال - سبحانه - في مثل ذلك: {يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3).

وقال - سبحانه - في مثل ذلك أيضًا: {(يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)} (4).

وقال - سبحانه -: {(قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ) (قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)} (5).

وقال - سبحانه -: {(فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ)} (6).

وقال - سبحانه -: {(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى)} (7).

وقال - سبحانه -: {(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا)} (8).

(1)[الحشر:24].

(2)

[الحشر: 23 - 24].

(3)

[الحشر:24].

(4)

[التغابن:1].

(5)

[القلم:28، 29].

(6)

[الواقعة:74].

(7)

[الأعلى:1].

(8)

[النصر:3].

ص: 5901

فهذه جملةُ ما ورد من الكتاب العزيز، ولم يردْ في غيره من الأذكار في الكتاب العزيز ما ورد فيه، وهذه الآياتُ الكريمات قد دلَّت على أن هذا اللفظَ ليس هو لمجرد التنزيهِ فقط كما يفهم ذلك من له فهمٌ صحيح.

وإذا قد عرفتَ ما ورد في شرفهِ وفضلهِ في الكتاب العزيز فلنذكرْ بعضَ ما ورد في ذلك من السنةِ المطهرةِ فمن ذلك حديثُ أبي الدرداء أنه - صلي الله عليه وسلم - قال له: ((ألا أعلِّمك شيئًا هو أفضلُ من ذكركَ لله الليلَ مع النهارِ؟ سبحان الله عدَدَ ما خلَقَ الله، وسبحانَ الله عددَ كلِّ شيءِ، وسبحان الله ملءَ كل شيءٍ، وسبحان الله عددَ ما أحْصَى كتابُه، وسبحانَ الله ملءَ ما أحصَى كتابُه)) الحديثُ أخرجهُ البزار (1) والطبرانيُّ. (2)

قال في مجمع الزوائد: (3) رواه الطبرانيُّ والبزَّار، وفيه ليثُ بن أبي سليم، وهو ثقةٌ، ولكنه مُدَلِّسٌ، (4) وأبو إسرائيلَ الملائي حسنُ الحديثِ، (5) وبقية رجالهما رجالُ الصحيح، وأخرجه النسائي، (6) وابن حبان، (7) وأحمد، (8) والطبراني (9) من حديث أبي أمامةَ، وصححه ابن حبان، (10) وأخرجه أيضًا الحاكم (11) وصحَّحَهُ.

(1) في ((مسنده)) (4/ 9 رقم3071 - كشف)

(2)

عزاه إليه الهيثمي في ((المجمع)) (10/ 88)

(3)

(10/ 88)

(4)

انظر: ((ميزان الاعتدال)) (3/ 420 رقم 6997)

(5)

انظر: ((ميزان الاعتدال)) (4/ 490 رقم 9957)

(6)

في ((عمل اليوم والليلة)) رقم (166).

(7)

في صحيحه رقم (830).

(8)

في ((المسند) 9 (5/ 249).

(9)

في ((الكبير)) رقم (7930).

(10)

في صحيحه رقم (830).

(11)

في ((المستدرك)) (1/ 513).

عن أبي أمامة الباهلي. أن رسول الله مرّ به وهو يُحرِّك شفتيه فقال: ((ماذا تقول يا أبا أمامة؟)) قال: أذكر ربي، قال:((ألا أخبرك بأكثر أو أفضلُ من ذكركَ الليلَ مع النهار والنهار مع الليل؟ أن تقول: سبحان الله عدد ما خلق، وسبحان الله ملء ما خلق، وسبحان الله عدد ما ما في الأرض والسماء، وسبحان الله ملء ما في الأرض والسماء، وسبحان الله عدد ما أحصى كتابه، وسبحان الله عدد كل شيءٍ، وسبحان الله ملء كل شيءٍ، وتقول الحمد لله مثل ذلك)).

وهو حديث صحيح.

ص: 5902

وأخرج الترمذي (1) من حديث أبي ذرِّ قال: قال رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم -: ((ألا أخبرك بأحبِّ الكلام إلى الله؟)) قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بأحبِّ الكلام إلى الله، قال:((إن أحبِّ الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده)).

وأخرجه أيضًا مسلمٌ (2) من حديثه ولفظُه: إن رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - سئل أيُّ الكلامِ أفضلُ؟ قال: ((ما اصْطَفى الله لملائكتِه أو لعبادِه سبحانَ الله وبحمدِه)).

وأخرجه أيضًا النسائي، (3) وقال الترمذيُّ:(4) حسن صحيحٌ.

والأحاديث في فضل هذه الكلمة على انفرادها، وفضلِها وعظيمِ أجرهِا مع غيرها من التوحيد والتكبيرِ والتحميدِ متواترةٌ معروفةٌ. فلا نطيل البحثَ بذكرها فهي معروفةٌ لكل من يعرف السنةَ.

ومنها ما هو في الصحيحين (5) أو ...............................................

(1) في ((السنن)) رقم (3593).

قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (85/ 2731).

(2)

في صحيحه رقم (84/ 2731).

(3)

في ((عمل اليوم والليلة)) رقم (824).

(4)

في ((السنن)) (5/ 576).

وهو حديث صحيح.

(5)

أخرج البخاري رقم (6405) ومسلم في صحيحه رقم (2691) والترمذي رقم (3466) والنسائي في ((عمل اليوم والليلة)) رقم (826) ومالك في الموطأ (1/ 209) وابن ماجه رقم (3812) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:((ومن قال سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرَّةٍ غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر)).

ص: 5903

في أحدهما، (1) ومنها ما هو في غيرهما (2) وهو صحيح، أو حسن، وناهيك أن الله ـ سبحانه ـ جعل أذكارَ الركوع والسجودِ في الصلاة من التسبيحِ بسبحانَ ربِّيَ العظيم في الركوع، (3)، وسبحان ربِّيَ الأعلى في السجود.

قد كان رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ يعِّلمها من يَفِدُ [4أ] إلى مكة من طوائفِ العرب وهم مشركونَ كما ورد بذلك الحديثُ. ولم لم يرد في ذلك إلَاّ ما ثبت في صحيح البخاريّ (4) وغيره (5) عنه ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ: «كلمتانِ ثقيلتانِ

(1) أخرج مسلم في صحيحه رقم (2137) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لأن أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس .... » .

(2)

أخرج الترمذي في (السنن) رقم (3464)، وقال: حديث حسن صحيح غريب والنسائي في (عمل اليوم والليلة) رقم (827)، وابن حبان في صحيحه رقم (824)، والحاكم (1/ 501، 512). عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: «مَن قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة» ، وهو حديث حسن.

(3)

أخرج البخاري في صحيحه رقم (817)، ومسلم رقم (484)، وأبو داود رقم (877)، والنسائي (2/ 1122) و (2/ 220 رقم 1123)، وابن ماجه رقم (889)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك الله ربنا وبحمدك، اللهمَّ اغفر لي» .

(4)

بل في صحيحه رقم (6406)، ومسلم رقم (2694).

(5)

كالترمذي رقم (3467)، وابن ماجه رقم (424، 825)، والنسائي في (عمل اليوم والليلة) رقم (830) كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فائدة: قال ابن الأثير في (النهاية)(2/ 331): قد تكرر في الحديث ذكر التسبيح على اختلاف تصرّف اللفظة.

وأصل التسبيح: التَّنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص، ثم استعمل في مواضع تقرب منه اتساعًا يقال سبَّحته أسبِّحه تسبيحًا وسُبحان. فمعنى سبحان الله: تنزيه الله، وهو نصب على المصدر بفعل مضمر كأنه قال: أُبرِّئُ الله من السوء براءةً. وقيل معناه: التَّسّرع إليه والخفَّة في طاعته، وقيل معناه: السُّرعة إلى هذه اللَّفظة، وقد يطلق التسبيح على غيره من أنواع الذكر مجازًا، كالتَّحميد والتَّمجيد وغيرهما وقد يطلق على صلاة التطوّع والنافلة. ويقال أيضًا للذِّكر ولصلاة النَّافلة: سبْحَه. يقال قضيت سبحتى. والسبَّحة من التَّسبيح، كالسُّخرة من التَّسخير، وإنَّما خصَّت النافلةُ بالسُّبحة وإن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح لأن التسبيحات في الفرائض نوافل.

ص: 5904

في الميزان، خفيفتانِ على اللسان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللهِ وبحمدهِ سبحانَ اللهِ العظيم».

وفي هذا المقدار كفايةٌ لمن له هدايةٌ والله ولي التوفيق [4ب].

ص: 5905