الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولم يغسلها فهو مكروه ولا يحرم، ولو قرأ القرآن وفمه نجس كره، وفي تحريمه وجهان لأصحابنا.
أصحهما: لا يحرم.
فصل:
اعلم أن الذكر محبوب في جميع الأحوال إلا في أحوال ورد الشرع باستثنائها نذكر منها هنا طرفاً إشارة إلى ما سواه مما سيأتي في أبوابه إن شاء الله تعالى، فمن ذلك: أنه يكره الذكر حالة الجلوس على قضاء الحاجة، وفي حالة الجماع؛
ــ
وإذا تعدى بأكلها فإن النجاسة إنما تجب إزالتها فوراً عند ذلك فيحمل على ذلك إطلاق وجوب السواك عند توقف الإزالة عليه. قوله: (وفي تحريمه وجهان لأصحابنا) في التبيان
وهل يحرم قال الروياني من أصحاب الشافعي عن والده يحتمل وجهين زاد في المجموع أحدهما يحرم كمس المصحف بيده النجسة والثاني لا يحرم كقراءة المحدث كذا أطلق الوجهين والصحيح أنه لا يحرم وهو مقتضى كلام الجمهور وإطلاقهم إن غير الجنب والحائض والنفساء لا يحرم عليه القراءة اهـ.
فصل
قوله: (إن الذكر إلخ) المراد الذكر باللسان إذ هو الذي يطلب تركه في المواضع الآتية إما بالقلب فيطلب حتى فيما يأتي قال أصحابنا إذا عطس قاضي الحاجة أو المجامع حمد الله بقلبه وفي الحرز الثمين 62 الذكر عند نفس قضاء الحاجة أو الجماع لا يكره بالقلب بالإجماع وأما الذكر باللسان حالتئذٍ فليس مما شرع لنا ولا ندبنا إليه صلى الله عليه وسلم ولا نقل عن أحد من الصحابة بل يكفي في هذه الحالة الحياء والمراقبة وذكر نعمة الله تعالى بتسهيل إخراج هذا المؤذي الذي لو لم يخرج لقتل صاحبه وهذا من أعظم الذكر ولو لم يقل باللسان اهـ .. قوله: (حالة الجلوس على قضاء الحاجة) صرح بمثله في المجموع
وفي حالة الخطبة لمن يسمع
صوت الخطيب،
ــ
وهو شامل للقراءة لكن قال ابن كج بحرمتها حال خروجه واختاره الأذرعي بل عبارة شرح المنهاج لابن حجر توهم اختيار تحريمها في محل قضاء الحاجة وإن لم يكن وقت خروجها وهو غير مراد والصحيح ما ذكره المصنف من كراهتها حال خروجه لا حرمتها ومثل القراءة في الكراهة حال خروج الحدث سائر الكلام المباح لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم لا يأتي الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك كذا في الإمداد، وفي المجموع للمصنف هذا حديث حسن رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد حسن ورواه الحاكم في المستدرك وقال هو حديث صحيح ومعنى يضربان الغائط يأتيانه قال أهل اللغة يقال ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء وضربت في الأرض إذا سافرت والمقت البغض وقيل أشده وقيل يعيب فاعل ذلك وترتب المقت على المجموع لا ينافي كراهة بعض أفراده قال في المجموع إذ لا شك في كراهة ما كان بعض موجب المقت اهـ. أما الكلام الواجب كإنذار أعمى عن بئر خشي وقوعه فيها ونحوه فلا يكره. قوله:(وفي حالة الخطبة) لقوله تعالى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204] قالوا نزلت في الخطبة وسميت قرآناً من تسمية الكل باسم جزئه وعموم كلامه متناول لمن لم يسمع الخطبة لكن في المجموع والتبيان وكذا في حالة الخطبة لمن لم يسمعها فيحمل إطلاقه هنا على ذلك والحاصل أن الإنصات عن الكلام سنة وإن لم يسمع الخطبة خروجاً من الخلاف والأولى لمن لم يسمع الاشتغال بالتلاوة والذكر سراً لئلا يشوش على غيره ويسن تشميت العاطس والرد عليه فيأتي به حال الخطبة فإن سببه قهري قال ابن حجر في التحفة وظاهر كلامهم أن الخبر والنهي الغير الواجبين لا يسنان ولو قيل
بسنيتهما إن حصلا بكلام يسير لم يبعد
وفي القيام في الصلاة، بل يشتغل بالقراءة، وفي حالة النعاس،
ــ
كتشميت العاطس بالأولى اهـ، ويسن رفع الصوت من غير مبالغة بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الخطيب له وصلاة ركعتين لا أكثر بنية التحية أو وسنة الجمعة القبلية إن لم يكن صلاها فإن أراد الاقتصار في النية فعلى نية التحية ويلزمه الاقتصار فيهما على أقل مجزئ ولا ينعقد ما زاد على ركعتين حينئذٍ لا طواف وسجدة شكر وتلاوة فينعقد أخذاً من تعليل عدم انعقاد الصلاة حينئذٍ بان فيها إعراضاً عن الخطيب. قوله:(وفي القيام في الصلاة) أي فلا يأتي فيه بغير القراءة وما يشرع قبلها من دعاء الافتتاح والتعوذ نعم يستثني صلاة التسبيح فيأتي فيها بالإذكار في القيام بعد التوجه قبل القراءة وبعدها أو بعدها فقط على اختلاف الروايات في ذلك وظاهر أن المراد الصلاة الشرعية ذات الركوع والسجود فلا ترد صلاة الجنازة المطلوب في قيامها إذكار غير القراءة إذ ليست صلاة شرعية لعدم صدق تعريفها عليها وإن ألحقت بالصلاة في الأحكام. قوله: (وفي حالة النعاس) قال في شرح المهذب قال الشافعي والأصحاب الفرق بين النوم والنعاس أن النوم فيه غلبة على العقل وسقوط حاسة البصر وغيبتها والنعاس لا يغلب على العقل وإنما يفتر فيه الحواس بغير سقوط قال القاضي حسين والمتولي حد النوم ما يزول به الاستشعار من القلب مع استرخاء المفاصل قال إمام الحرمين النعاس يغشى الرأس فيسكن به القوى الدماغية وهي مجمع الحواس ومنبت الأعضاء فإذا فترت فترت الحركات الإرادية وابتداؤه من أبخرة تتصعد فتوافي إعياء في قوى الدماغ فيبدو فتور في الحواس فهذا نعاس وسنة فإذا تمّ انغمار القوة الباصرة فهذا أول النوم ثم يترتب عليه فتور الأعضاء واسترخاؤها وذلك غمرة النوم هذا كلام إمام الحرمين قال أصحابنا ومن علامات النعاس سماع كلام من عنده وإن لم يفهم معناه اهـ. وفي شرح البردة لابن الصائغ والنوم
ولا يكره في الطريق ولا في الحمام، والله أعلم.
ــ
والنعاس والسنة ألفاظ متقاربة سمعت من الشيخ زين الدين الكناني أنها تفترق باعتبار محالها فمحل السنة العين ومحل النعاس الرأس ومحل النوم القلب فاعترضت بقوله صلى الله عليه وسلم تنام عيني ولا ينام قلبي فأجابني بأن ذلك قيل على سبيل المشاكلة والازدواج اهـ، وإنما كان الذكر حال النعاس مكروهاً لحديث الشيخين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه. قوله:(ولا يكره في الطريق) ظاهره انتفاء الكراهة مطلقاً وفي المجموع والتبيان لا تكره القراءة في الطريق ماراً إذا لم يلته وروي نحو هذا عن أبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز وعن مالك كراهتها قال في التبيان فإن التهى عنها كرهته كما كره صلى الله عليه وسلم القراءة للنعاس مخافة الغلط اهـ، وهل يقيد الذكر بذلك لمشاركته القرآن في معظم الآداب أو يفرق بالاحتياط لها كل محتمل ولعل الأول أقرب ثم التقييد بالمرور الظاهر أنه جرى على الغالب إذ لا يكره الذكر لمن جلس بها بل عموم عبارته هنا تقتضي استحبابه له وهو ظاهر. قوله:(ولا في الحمام) قال في المجموع لا تكره قراءة القرآن في الحمام نقله صاحب العدة والبيان وغيرهما من أصحابنا وبه قال محمد بن الحسن ونقله ابن المنذر عن إبراهيم النخعي قلت ونقله عن البغوي في شرح السنة فقال وقال إبراهيم لا بأس بالقراءة في الحمام اهـ. ونقله
ابن المنذر عن مالك أيضاً ونقل عن أبي وائل شفيق بن سلمة التابعي الجليل وشعبة ومكحول والحسن وقبيصة بن ذؤيب كراهته وحكاه أصحابنا عن أبي حنيفة ورويناه في مسند الدارمي عن