المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يقول حال خروجه من بيته - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ١

[ابن علان]

الفصل: ‌باب ما يقول حال خروجه من بيته

بِسْمِ الله الذِي لا إلَهَ إلا هو".

‌باب ما يقول حال خروجه من بيته

روينا عن

ــ

يعني حديث علي رضي الله عنه الآتي المذكور عند الترمذي أن التسمية إنما تكون ستراً من أعين الجن عند قضاء الحاجة من دخول الخلاء وغيره دون ما إذا كشف عورته لغير ذلك وإن كان لحاجة ويحتمل أن جميع ما يجوز الكشف فيه للحاجة من الاغتسال والتداوي ونحوهما يحصل الستر عن رؤية الجن لعورته بالتسمية وإنما ذكر لفظ الخلاء لخروجه مخرج الغالب في كشف العورة لذلك ويدل عليه حديث المعمري في عمل يوم وليلة "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا أراد أن يطرح ثيابه قال بسم الله الذي لا إله إلَاّ هو" فهو أعم من دخول الخلاء ومن الرفع لقضاء الحاجة وفي رواية إذا نزع أحدكم ثوبه ثم ظاهر الحديث أن العورة ما دامت مستورة فلا يتسلط الشيطان على رؤية عورته وأما {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: 27] 27] الآية فالظاهر رؤيتهم لا لما لا يمتنع رؤيته من العورة على غيرهم اهـ. قوله: (باسْمِ الله) أي

أتحصن من الشيطان باسم الله فيسن أن يقول ذلك فيؤخذ منه إن الإنسان متى كشف عورته في الخلوة سن له أن يقول الذكر المذكور حتى يكون ذلك مانعاً للجن من رؤية عورته.

باب ما يقول حال خروجه من بيته

ومثل البيت المنزل الذي يسافر منه المسافر وقضية الترجمة أنه يأتي بالأذكار حال الخروج وهو قضية ظواهر الأخبار لكن عبر المصنف في مناسكه الكبرى بقوله إذا أراد الخروج فالسنة أن يقول ما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خرج اللهم إني أعوذ بك أن أضل إلخ، قال شارحها ابن حجر قوله إذا أراد الخروج ينافيه قوله عقبه في الحديث إذا خرج من بيته الموافق لتعبير الراوي بقوله ما خرج رسول الله - صلى

ص: 327

أم سلمة رضي الله عنها، واسمها هند: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته

ــ

الله عليه وسلم - من بيته صباحاً إلَاّ رفع بصره إلى السماء وقال إلخ. قال الحافظ رواه أبو داود من طريق مسلم بن إبراهيم اهـ، إلا إن يؤول خرج بأراد على حد {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} [النحل: 98]، وفيه وقفة ثم رأيت بعضهم كابن جماعة عبر بقوله السنة إذا خرج إن يقول، وذكر ما قاله المصنف، فالأخذ به أولى إلَاّ أن يرد ما يصرفه عن ظاهره اهـ، ثم ما ذكره الشارح من الصباح لا يخصص هذا القول بذلك الزمن لأن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه وكذا أطلقه المصنف في الترجمة ولم يقيده بالخروج وقت الصباح والله أعلم. قوله:(أُمّ سَلمَةَ) هي أم المؤمنين رضي الله عنها قال المصنف واسمها هند وهذا هو الصحيح المشهور بل زعم الحافظ ابن حجر في أطراف مسند أحمد أنه لا خلاف فيه قال تلميذه القلقشندي وليس بجيد فقد قيل اسمها رملة اهـ، ولك إن تجيب عن جانب الحافظ بأن هذا الخلاف لضعفه نزل منزلة العدم ومثل هذا كثير في كلامهم قال ابن الوردي في تحفته:

الكلمات ليس فيها خلف

الاسم ثم الفعل ثم الحرف

مع إن ابن صابر يخالف في الحصر في الأنواع ويزيد نوعاً رابعاً سماه خالفة إلَاّ أنه لضعفه لم ينظر إليه وكذا هنا قال الحافظ ابن الأثير في أسد الغابة وقيل اسمها رملة وليس بشيء اهـ، وأبوها أبو أمية واختلف في اسمه فقيل حذيفة وقيل سهل وقيل زهير وقيل هشام بن المغيرة بن عمرو بن مخزوم، القرشية المخزومية كنيت بابنها سلمة بن أبي سلمة تزوجهما رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أربع وقيل ثلاث وقال ابن عبد البر سنة ثنتين من الهجرة بعد وفاة زوجها أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي وعقد عليها في شوال وابتنى بها في شوال قال في المفهم قال أبو محمد عبد الله بن علي الرشاطي هذا وهم شنيع وذلك لأن زوجها أبا سلمة شهد أحداً وكانت في

ص: 328

قال:

ــ

شوال سنة ثلاث فجرح فيها جرحاً اندمل ثم انتقض به فتوفي منه لثلاث خلوان من جمادى الآخرة سنة أربع وانقضت عدة أم سلمة في شوال سنة أربع وبنى بها عند انقضائها وقد ذكر ابن عبد البر هذا في صدر الكتاب وجاء به على الصواب اهـ، وخيرها صلى الله عليه وسلم بين إن يسبع عندها ويسبع لنسائه وإن يثلث لها ويدور عليهن فاختارت التثليث وهي أول من هاجر إلى أرض الحبشة وزوجها أبو سلمة قال ابن سعد هاجر بها زوجها إلى

أرض الحبشة الهجرتين جميعاً فولدت له هناك زينب وسلمة وعمرة ودرة ويقال أنها أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة وكانت من أجمل النساء وشهدت فتح خيبر وهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أن يخرج إلى أصحابه ويدعو الحالق ولا يكلمهم ففعل ففعلوا ورأت جبريل في صورة دحية خرج حديثها الستة وغيرهم روي لها عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة حديث وثمانية وسبعون حديثاً اتفقا منها على ثلاثة عشر وانفرد البخاري بثلاثة ومسلم بخمسة كذا قال القلقشندي في شرح العمدة لكن في شرحها للفاكهاني وفي كتاب التنقيح لابن الجوزي والرياض للعامري وانفرد مسلم بثلاثة عشر والله أعلم وماتت سنة ائنتين وستين وقيل سنة ستين وقيل إحدى وستين وصححه ابن عساكر وقيل أربع وستين وقيل تسع وخمسين ودفنت بالبقيع وقال محارب بن دثار أوصت إن يصلي عليها سعيد بن زيد ونظر فيه بأنه مات قبلها سنة خمسين وصلى عليها أبو هريرة قال الذهبي غلط فيه الواقدي فإن أبا هريرة مات سنة سبع وخمسين وطال عمرها عاشت تسعين سنة وقيل أكثر وهي آخر أمهات المؤمنين وفاة رضي الله عنها. قوله: (قالَ) أي على سبيل تعليم الأمة ما ينفعها عند معاشرتها إذ من خرج من بيته احتاج لمعاشرة الناس ومن كان كذلك لا بد أن يكون جاريًا على

ص: 329

"بِسْم الله تَوَكَّلْتُ على الله، اللهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ أَنْ أَضلَّ أَوْ أُضلَّ،

ــ

سنن الاستقامة محفوظاً من الأغيار ظاهراً وباطناً ولا يحصل له ذلك إلَاّ بالتوجه إليه تعالى في حصوله من الذلة والانكسار فعلمه صلى الله عليه وسلم كيفية سؤال ذلك فيسأل تثبيت الإقدام على الصراط المستقيم بأن لا يحصل له ولأمته ذلك في الدين بتركه بالكلية ولا ضلال بأن يقصر في القيام به على وجهه هذا ما يتعلق بالحق ولا ظلم لأحد من الخلق ولا جهل بحقوق الله تعالى أو أحد من خلقه فالعطف في الأربعة المذكورة للتأسيس دون التأكيد، وأفاد الطيبي وجهاً آخر للتأسيس فقال إذا خرج الإنسان من منزله لا بد أن يعاشر الناس فيخاف إن يعدل عن الطريق القويم فإما أن يكون في أمر الدين فلا يخلو من أن يضل أو يضل أو في أمر الدنيا فإما إن يظلم أو يظلم أو بسبب الاختلاط والمعاشرة فإما أن يجهل أو يجهل عليه فاستعيذ من جميع هذه الأحوال بلفظ سلس موجز وراعى المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية كقوله:

ألا لا يجهلن أحد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

ويعضد هذا التأويل الحديث الثاني فقوله هديت مطابق لقوله أن أضل أو أضل، وقوله كفيت لقوله أظلم أو أظلم وقوله ووقيت لقوله أجهل ويجهل علي اهـ. قوله:(باسْمِ اللِّه) أي استعين على كل مرام باسمه تعالى وسبق معنى التوكل والمراد من "على" في أمثال هذا المقام في آخر خطبة الكتاب. وفي شرح المشكاة المقصود أي من قول توكلت على الله طلب الاستعلاء باللهِ على سائر الأعراض والمقاصد لتصحبها إعانته ولطفه وتيسيره وتحفظها قدرته من اعتراء قصور أو فتور. قوله: (أضِلَ) بفتح أوله من الماء في اللبن غاب أي أغيب عن معالي الأمور بارتكاب نقائصها واستحسان قبائحها فأبوء بالقصور عن أداء مقام العبودية. قوله: (أَوْ أُضَل) بضم فكسر مبني للمعلوم أي أضل غيري أو بضم ففتح مبني للمجهول أي يضلني غيري (أَوْ

ص: 330

أو أَزِلَّ، أو أُزَلَّ، أو أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ". حديث صحيح، رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة. قال الترمذي: حديث صحيح. هكذا في رواية أبي داود: "أنْ أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزِل أو أُزِل"، وكذا الباقي بلفظ التوحيد.

وفي رواية الترمذي: "أعُوذُ

ــ

أذِلَّ) بفتح فكسر أي أنزل عن الطريقة المستقيمة إلى هوة ضدها لغلبة الهوى والأعراض عن أسباب التقوى والانهماك في تحصيل الدنيا من زلت قدمه وقع من علو إلى هبوط والمزلة المكان المزلق الذي لا تثبت عليه الرجل وبما

ذكر ظهر إن استعمال أزل هنا فيه نوع تشبيه (أوْ أُزِلَّ) بضم فكسر أي أوقع غيري في هوة المعاصي ودرك النقائص، أو بضم ففتح أي يستولي علينا العدو حتى يزلنا عن المقامات العلية إلى السفاسف الدنية. قوله:(أوْ أظْلِمَ) بفتح فكسر أي أظلم غيري من الظلم وضع الشيء في غير محله أو التصرف في حق الغير (أَوْ أُظْلَمَ) بضم ففتح أي أظلم من أحد من العباد. قوله: (أَوْ أَجْهَلَ) أي أجهل الحق الواجب علي (أَوْ يُجْهَلَ عَلَيّ) قال العاقولي أو يجهل عليّ شيء ليس من خلقي نحو ما جاء في الحديث من استجهل مؤمناً فعليه إثمة أي حمله على شيء ليس من خلق المؤمنين فيغضبه فإثمه على من أخرجه لذلك اهـ. قوله: (حديث صحيح) قال الحافظ صححه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن مهدي وقال أنه على شرطهما فقد صح سماع الشعبي من أم سلمة وخالفه ابن الصلاح فقال لم يسمع الشعبي من أم سلمة وعائشة وقال ابن المديني في العلل لم يسمع من أم سلمة فالحديث منقطع ولعل من صححه سهل الأمر فيه لكونه من الفضائل ولا يقال يكتفي بالمعاصرة لأن محل ذلك ألا يحصل الجزم بانتفاء التقاء المتعاصرين إذا كان النافي واسع الاطلاع مثل ابن المديني اهـ. قوله: (رواه أبو داود إلخ) وكذا رواه

ص: 331

بكَ مِنْ أن نَزِلَّ، وكذَلِكَ نَضلَّ ونَظْلِمَ وَنَجْهَلَ". بلفظ الجمع.

وفي رواية أبي داود: "ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: "اللهُم إني أعُوذُ بِك".

وفي رواية غيره: "كان إذا خرج من بيته قال كما ذكرنا" والله أعلم.

ــ

أحمد والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين قال الحافظ وهذا اللفظ الذي أورده المصنف من حديث أم سلمة إلَاّ أنه زاد بعد توكلت "لا حول ولا قوة إلاّ بالله" وفي آخره "أو أبغي أو يبغي علي" قال ورواه الطبراني من حديث بريدة وأورده من حديث أم سلمة بلفظ "كان إذا خرج من بيته قال بسم الله رب أعوذ بك أن أذل أو أضل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ" وقال رواه أحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم عن أم سلمة وزاد ابن عساكر أو أن أبغي أو يبغي على وأورده من حديثها أيضاً بلفظ "كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله اللهم إنا نعوذ بك أن نذل أو نضل أو نظلم أو نجهل أو يجهل علينا" وقال رواه الترمذي وابن السني عن أم سلمة اهـ. قال الحافظ وكذا رواه النسائي في الكبرى قال ولم أره في شيء من الطرق بالنون إلَاّ في رواية وكيع يعني التي عند الترمذي والنسائي وكذا زيادة توكلت على الله ولا رأيته في شيء من الطرق بزيادة أزل وأضل بضم الهمزة فيهما إلَاّ في رواية مسلم بن إبراهيم أي التي رواها عنه أبو داود كما تقدمت الإشارة إليها أول الباب اهـ، ومما ذكر يعلم إن عزو الرواية باللفظ الذي خرجه المصنف لرواية الترمذي ليس المراد منه أنه بهذا اللفظ فيه إذ هو فيه بضمير الجمع لا المفرد كما بينه المصنف ولفظ أبي داود عنها ما خرج من بيتي إلَّا رفع طرفه إلى السماء فقال اللهم إني أعوذ بك أن أذل إلخ. والباقون رووه كما رواه الترمذي إلَاّ أنهم رووه بالإفراد كما أورده المصنف وحينئذٍ فأبو داود

ص: 332

وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي وغيرهم، عن أنس رضي الله عنه

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن قال" يعني إذا خرج من بيته: "بِسْم الله، تَوَكَّلْتُ عَلى الله، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلا بالله،

ــ

ليس في روايته قوله بسم الله توكلت على الله بل هو في رواية غيره ممن ذكر كما أشار إليه المصنف بقوله وفي رواية غيره أي غير أبي داود من باقي الأربعة كان إذا خرج من بيته قال كما ذكرناه وفي سلاح المؤمن بعد ذكره إن الأربعة أخرجوه بلفظ الترمذي ولفظ أبي داود ما خرج إلخ، وذلك يقتضي إن رواية ابن ماجة موافقة لما في الأربعة لكن في المشكاة إن رواية أبي داود وابن ماجة متفقة ولفظ ابن ماجة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من منزله قال اللهم إني أعوذ بك إلخ، وبه يعلم أنها ليست موافقة لرواية أبي داود خلافاً لما تقتضيه عبارة المشكاة لأن في رواية أبي داود إن الخروج من منزل أم سلمة

وفي ابن ماجة أنه من منزله صلى الله عليه وسلم ويزيد أبو داود في روايته قولها إلا رفع طرفه إلى السماء ولا لباقي الأربعة لأنه نقص من روايته باسم الله توكلت على الله وقد أشار إلى ذلك الحافظ فقال قد جمع الشيخ هذه الزيادة يعني باسم الله وما بعدها مما سبق ذكره في كلامه في سياق الحديث ولا وجود لها مجموعة في شيء من الكتب الأربعة التي عزاه إليها ويمكن أن يقال بين الجميع تقارب والخلاف يسير وجرت عادة بعض المحدثين بالمسامحة في ذلك والله أعلم.

والحاصل أن رواية أبي داود مخالفة لرواية غيره من باقي الأربعة من وجوه: كون الخروج من بيتها ونقص باسم الله توكلت على الله من الأول والإفراد في قوله أضل وما بعده لكن المخالف في الأخير الترمذي وابن السني والمخالفة الأولى يسيرة لأن بيتها بيته صلى الله عليه وسلم فلا خلاف في المعنى وقاعدة زيادة الثقة مقبولة تقضي العمل بما زاد من ألفاظ الدعاء ولو في بعض الروايات والله أعلم.

قوله: (وروينا في سنن أبي داود) في الترغيب

ص: 333

يُقال له:

ــ

بلفظ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا خرج الرجل من بيته فقال باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلاّ بالله يقال له حسبك هديت وكفيت ووقيت فتنحى عنه الشيطان" رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان في صحيحه ورواه أبو داود ولفظه قال إذا خرج الرجل من بيته فقال باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلَاّ باللهِ يقال له حينئذ هديت وكفيت ووقيت فيتنحى الشيطان فيقول شيطان آخر كيف لك برجل قد هدى وكفى ووقى وفي السلاح بعد ذكره بلفظ أبي داود وقال واللفظ له: ورواه الترمذي وقال حسن غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه اهـ، والحديث باللفظ الذي رواه المصنف خرجه الترمذي وقضية عادة المحدثين في تقديم ذكر من اللفظ مرويه أن يقال هنا وروينا في جامع الترمذي وسنن أبي داود لأن رواية أبي داود ليست باللفظ الذي أورده المصنف كما عرفت ولكن قدم أبو داود في الذكر لتقدمه في الرتبة والله أعلم.

تنبيه

سبق عن الجامع الصغير من حديث الطبراني عن بريدة كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلَاّ بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل إلخ، فأفاد إنهما حديث واحد اقتصر على كل من طرفيه جمع وإذا ذكرا تقدم هذا الذكر على ما في الحديث قبله وظاهر أن رواية

التكلان على الله كرواية توكلت على الله في تقديمها على ما ذكر وكأن حكمة ذلك أن تعود بركة لتسمية وما بعده على الاستعاذة فيحصل والله أعلم وظاهر أنه لا يحتاج إلى قوله باسم الله توكلت على الله المذكور في الذكرين لأن القصد منه حاصل بذكره مرة وكذا جاء في الحديث عند الطبراني. قوله: (يُقالُ له) الجملة الفعلية خبر من الموصول الاسمي قال ابن حجر في شرح المشكاة وزين العرب في شرح المصابيح يقال له أي يناديه ملك بيا عبد الله

ص: 334

هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحى عَنْهُ الشَّيطَانُ" قال الترمذي: حديث حسن.

زاد أبو داود في روايته:

ــ

هديت إلخ، وفي تخصيص كون الفاعل المحذوف ملكا يحتاج إلى توقيف ولفظ الخبر محتمل لكونه تعالى يقول ذلك لذلك القائل جزاء مقاله المذكور وجملة هديت وما بعده مقول القول وهديت أي رزقت الوصول إلى المقام الكامل أي حقيقة الهداية بسبب استعانتك باسم الله على سلوك ما أنت بصدده. قوله:(كفيت) أي كفيت كل هم دنيوي أو أخروي بواسطة توكلت على الله قال صلى الله عليه وسلم لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] قوله: (ووقيت) أي حفظت من شر أعدائك من الشياطين والجن بواسطة صدقك في تفويض جميع الأمور لبارئها بسلبك الحول والقوة عن كل أحد وإثباتها له تعالى وحده وبما تقرر علم وجه قول العاقولي في شرح المصابيح في الخبر لف ونشر مرتب فقوله: "بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلَاّ الله""لف". و. قوله: (هديت وكفيت ووفيت) نشر اهـ، ووقع في رواية لم يخرجه المصنف في الأذكار زيادة "حميت" قبل قوله هديت وكأنه من باب الإجمال ثم التفصيل لأن في الهداية حماية من الغواية وفي الكفاية والوقاية سلامة من شر الأعداء في البداية والنهاية ففيه إجمال ثم تفصيل وهو في النفس أوقع وللسامع بسبب استقراره أنفع وتقدم كلام الترمذي في حال الحديث وبه يعلم ما في كلام المصنف نفع الله به من اختصار قوله غريب أو ليس في أصله ذلك والله أعلم. قوله:(قال الترمذي حديث حسن) عبارة الترمذي حسن غريب لا نعرف إلاّ من هذا الوجه وقال الحافظ رجاله رجال الصحيح ولذا صحح ابن حبان لكن خفيت عليه علته قال البخاري لا أعرف لابن جريج

ص: 335

"فيقول" يعني الشيطان لشيطان آخر: "كَيْفَ لَكَ بِرَجُل قد هُدِيَ وَكفِيَ وَوُقِيَ؟ ".

ــ

عن إسحاق يعني ابن عبد الله بن أبي طلحة الراوي عن أنس إلاّ هذا ولا أعرف له منه سماعاً قال الدارقطني ورواه عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال حدثت عن إسحاق، وعبد المجيد أثبت الناس في إسحاق قال الحافظ وجدت لحديث أنس شاهداً قوي الإسناد لكنه مرسل عن عون بن عبد الله بن عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا خرج الرجل من بيته فقال بسم الله حسبي الله توكلت على الله قال الملك كفيت وهديت ووقيت" اهـ.

قوله: (فيقول يعني الشيطان لشيطان) آخر هذا التقدير على إثبات اللام في شيطان المذكور وكذلك هو في المشكاة ففاعل يقول مقدر يعود على الشيطان المذكور في قوله فتنحى له الشيطان كما أشار له بقوله يعني الشيطان فأتى بأل العهدية والذي في الترغيب والسلاح فيقول شيطان آخر بحذف

اللام فيكون شيطان المذكور فاعلاً وحذف الشيطان المقول له ذلك المقال والله أعلم بحقيقة الحال "فإن قلت" بم علم ذلك الشيطان أنه استجيب للقائل وأعطي ذلك "قلت" من الأمر العام أن كل من ذكر بهذه الكلمات المرغب فيها من حضرته صلى الله عليه وسلم أعطي ذلك وعبر ابن حجر في شرح المشكاة بقوله إن كل من دعا بهذا الدعاء المرغب فيه استجيب له اهـ، ولا يظهر كون ما في الخبر دعاء إذ ما فيه إنما هو تحصن باسمه وتفويض إليه وخروج عن السوي وانطراح بين يديه والله أعلم، ثم. قوله:(كيف لكَ إلخ) مقول ذلك الشيطان القرين المتنحى عنه إجلالاً لتلك الأذكار للشيطان الآخر الذي أرسله إبليس أو بعض جنده ليغويه كيف لك أي كيف تظفر بمن أعطي هذه الخصال الهداية والكفاية والوقاية قال العاقولي أنه حال من فاعل يتيسر وكأن تقديره كيف يتيسر لك الاغواء حال كونك برجل الخ اهـ. وقوله: (قد هُدِي) وصف رجل والمعنى كيف يتيسر لك إن تظفر برجل أي بإغواء رجل موصوف بهذه الأوصاف محفوف بهذه

ص: 336