الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرها من
الكتب، ومن الأجزاء مما ستراه إن شاء الله تعالى.
وكل هذه المذكورات أرويها -بحمد الله- بالأسانيد المتصلة الصحيحة إلى مؤلفيها، والله أعلم.
فصل:
اعلم أن ما أذكره في هذا الكتاب من الأحاديث أضيفه
ــ
الله المتين ناصر السنة الفقيه الأصولي الزاهد الورع القائم بنصرة مذهب الشافعي وإن لم يحتج مع الله إلى نصير لا ينثني عنه أبدًا وما ذب إلاّ عن بيضة الدين ولد في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وسمع من الكبير أبي الحسن العلوي وهو أكبر شيخ له ومن الحاكم وهو أجل أصحاب الحاكم ومن آخرين وبلغ شيوخه أكثر من مائة ولم يقع له الترمذي ولا النسائي ولا ابن ماجة ثم اشتغل بالتصنيف بعد أن صار أوحد زمانه وفارس ميدانه فألف ما لم يسبق إلى مثله ولا
رقي غيره إلى رفعة محله الكتاب السنن الكبير قال السبكي وما صنف مثله في علم الحديث تهذيباً وترتيباً وجودة وكتاب المبسوط في نصوص الشافعي وغير ذلك وكان على سيرة العلماء قانعاً من الدنيا باليسير متحملاً في زهده وورعه صائماً الدهر قبل موته بثلاثين سنة ومن أجل أن له اليد الطولى في المذهب والذب قال إمام الحرمين وناهيك بها شهادة من هذا الإمام ما من شافعي إلَاّ وللشافعي في عنقه منة إلَاّ البيهقي فإن له على الشافعي منة لتصانيفه في نصرة مذهبه وأقاويله ورؤيت له مراء عن الشافعي تدل على مزيد عنايته به توفي بنيسابور في عاشر جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وحمل تابوته إلى خسروجر قرية من ناحية بيهق. قوله: (وغيرهما) أي المسانيد والسنن وثني الضمير لكونهما نوعين ولو جاء بضمير الغائبة لصح باعتبار جماعة الكتب المؤلفة.
فصل
إلى الكتب المشهورة وغيرها مما قدمته، ثم ما كان في صحيحي البخاري ومسلم أو في أحدهما، أقتصر على إضافته إليهما لحصول الغرض وهو صحته، فإن جميع ما فيهما صحيح، وأما ما كان في
غيرهما فأضيفه إلى كتب السنن وشبهها
ــ
قوله: (أقْتصرُ على إضَافَتِهِ إليهما) أي وسكت عن إضافته إلى باقي مخرجيه إن كان له طريق آخر. قوله: (فإنَّ جَميع ما فيهما صحيحٌ) المراد جميع ما فيهما من الأحاديث المسندة المتصلة الأسانيد دون التَّعاليق والتراجم ونحو ذلك وهذا مراد البخاري بقوله ما أدخلت في كتابي إلاّ ما صح ومراد العلماء بقولهم جميع ما فيهما صحيح وعدم الحنث لمن حلف بالطلاق على صحته وأنه قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مراد المصنف هنا وفيما سبق عنه من قوله في الجواب عن حال الأصول الخمسة أما الصحيحان فأحاديثهما صحيحة اهـ، فجميع أحاديثهما صحيحة بل أصح الصحيح إذ أصحه ما اتفقا على تخريجه ثم ما رواه البخاري ثم ما خرجه مسلم ثم ما كان على شرطهما ثم ما على شرط البخاري ثم ما على شرط مسلم بل يفيد العلم النظري ثم قال المصنف في الإرشاد قال الشيخ يعني ابن الصلاح ما اتفقا عليه أو انفرد به أحدهما مقطوع بصحته والعلم اليقيني حاصل به لأن الأمة أجمعت عليه وهي معصومة في إجماعها من الخطأ خلافاً لمن قال لا يفيد إلاّ الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليها العمل بالظن وهذا الذي اختاره الشيخ خلاف الذي اختاره المحققون والأكثرون وبمعناها عبر في التقريب وناقش الحافظ ابن حجر المصنف بأن ما قاله من جهة الأكثرين مسلم وأما المحققون فلا قال والتحقيق إن الخلاف لفظي لأن من جوز إطلاق لفظ العلم قيده بكونه نظرياً وهو الحاصل عن الاستدلال ومن أبى الإطلاق خص لفظ العلم يعني الضروري
مبيناً صحته وحسنه، أو ضعفه إن كان فيه ضعف في غالب المواضع، وقد أغفل عن صحته وحسنه وضعفه.
واعلم أن "سنن أبي داود" من أكثر ما أنقل منه، وقد روينا عنه أنه قال: "ذكرت في كتابي الصحيح
ــ
عنده بالتواتر وما عداه ظني لكنه لا ينفي إن ما احتف بالقرائن أرجح مما خلا منها ثم ذكر من المحتف بها ما أخرجاه أي اجتماعاً أو انفراداً وذكره في شرح النخبة قال فيفيد العلم فإنه احتف به قرائن منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيره وتلقي كتابيهما بالقبول إلَاّ أنه مختص
بما لم ينقده أحد من الحفاظ ولم يقع التجاذب بين مدلوليه بلا مرجح لأحدهما على الآخر أي وبعد تجويز إمكان الائتلاف بينهما وما عداه فالإجماع حاصل على تسليم صحته اهـ. ونقل السراج البلقيني مثل مقالة ابن الصلاح من أئمة المذاهب الأربعة وكثير عن جمع كثير من المتكلمين الأشعرية وأهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة قال ابن كثير وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه قال الجلال السيوطي في شرح التقريب وهو الذي اختاره ولا أعتقد سواء اهـ، وعلى هذا فيفرق بين المتواتر وآحادها بأن العلم في ذاك ضروري يشترك فيه العالم وغيره وفي هذا نظري لا يحصل إلَاّ للعالم بالحديث المتبحر فيه العارف بأحوال الرواة المطلع على العلل وكون غيره لا يحصل له العلم بصدق ذلك لقصوره لا يبقى حصوله له. قوله:(مبيناً صحته) مبين بوزن اسم الفاعل حال من فاعل أضيف وصحته مفعولة وبوزن اسم المفعول حال من المفعول في أضيفه وصحته نائب الفاعل له لكن يقوي الأول تذكير مبيناً إذ الأفصح على الثاني تأنيثه لكون فاعله مؤنثاً وإن جاز تذكيره لكون تأنيثه مجازياً. قوله: (وقدْ أَغفُلُ عَنْ صحَّته إلخ) أي عن
وما يشبهه ويقاربه، وما كان فيه ضعف شديد بَينْتُهُ، وما لم أذكر فيه شيئاً فهو
صالح، وبعضها أصحُّ من بعض"، هذا كلام أبي داود، وفيه فائدة حسنة يحتاج إليها صاحب هذا الكتاب وغيره، وهي أن
ــ
بيان صحته فهو على تقدير المضاف كما يدل عليه سياق كلامه أو عن تصحيحه إلخ، من استعمال اسم المصدر محل المصدر والأول أظهر. قولة:(ومَا يشبههُ ويقارِبهُ) قال المصنف في الإرشاد وفي رواية عنه ما معناه أنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه بحيث يخرج الضعيف ثم ظاهر كلامه إن الأقسام ثلاثة الصحيح قسم وما يشبهه ويقاربه قسم وما فيه ضعف شديد قسم وعليه جرى غير واحد منهم ابن الصلاح ولكن قال ابن الجزري في الهداية إن عبارة أبي داود تفهم إن الحديث أربعة أقسام صحيح وما يشبهه وهو الحسن وما يقاربه وهو الصالح وما فيه ضعف شديد فيصير الصالح علي هذا قسمًا مستقلاً وعلى الأول مندرج في شبه الصحيح محتمل للصحة والحسن. قوله: (ضعف شَدِيدٌ) عبر في الإرشاد والتقريب بقوله وهن شديد. قوله: (بينته) قال الحافظ ابن حجر هل البيان عقب كل حديث على حدته حتى لو تكرر ذلك الإسناد ببينه مثلاً أعاد البيان أو يكتفي به في موضع ويكون فيما عداه كأنه أبينه الظاهر الثاني ونظر فيه تلميذه السخاوي في شرح التقريب بأنه لا يلزم من تعليل الحديث براو اطراده في سائر أحاديثه لوجود شاهد أو متابع في بعضها دون بعض أو لكونه في أحد الموضعين من صحيح حديث المختلط والمدلس دون الآخر أو لكون أحدهما في الفضائل ونحوها والآخر في الأحكام ونحوها. قوله: (ومَا لَمْ أذكرْ فيِهِ شَيْئاً إلخ) أي ما سكت عن بيان حاله فهو صالح قال السخاوي ومما ينبه عليه إن سنن أبي داود تعددت رواتها عن مصنفها ولكل أصل وبينها تفاوت حتى في وقوع البيان
ما رواه أبو داود في "سننه" ولم يذكر ضعفه فهو عنده صحيح أو حسن،
ــ
في بعضها دون بعض سيما رواية أبي الحسن بن العبد ففيها من كلامه أشياء زائدة على رواية غيره وحينئذٍ فلا يسوغ إطلاق السكوت إلَاّ بعد النظر فيها كما قيل به فيما ينقل
من حكم الترمذي على الأحاديث. قوله: (مَا رَواه أبو داود في سننه ولم يذكر ضعفه إلخ) ظاهر كلام المصنف إن الاعتبار ببيان حال الحديث أو السكوت عنه بما في السنن فقط وقد تردد في ذلك بعضهم فقال هل المعتبر البيان في السنن فقط بحيث لو كان له في غيره من تصانيفه أو فيما دون عنه كلام فيها لعله سكت عنه فيها لا يلاحظ، الظاهر نعم مع تعين ملاحظته فيما يحتمل الرجوع أو نحوه. قوله:(فَهوَ عِنْدَهُ صحيح أو حسنٌ) قال في الإرشاد ففي هذا ما وجدناه في كتابه مطلقاً ولم ينص على صحته أحد ممن يميز بين الحسن والصحيح زاد في التقريب ولا ضعفه حكمنا بأنه من الحسن عند أبي داود وقد يكون في بعضه ما ليس حسناً عند غيره ولا داخلاً في حد غير الحسن وما عبر به هنا من قوله فهو حسن أو صحيح أحسن من قوله فيهما تبعاً لابن الصلاح "حكمنا بأنه من الحسن الخ" لأن ابن رشيد اعترض عليه بأنه يجوز أن يكون صحيحاً عند أبي داود فلا يظهر وجه الجزم بالحكم وإن أجيب عنه بأن الصالح الذي عبر به أبو داود أي الصالح للاحتجاج لا يخرج عن الصحة والحسن لكن لا نرقيه إلى الصحة إلَاّ بنص فالتحسين أحوط فقد اعترض بأن في كلام ابن الصلاح ما يشعر بتحتم كونه حسناً عند أبي داود وليس بجيد فلذا قيل لو قال إن لم يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل الحسن كما سلكه في مستدرك الحاكم كان أنسب قيل وقد لا يتأتى ذلك هنا لاقتضاء كلام أبي داود السكوت عن الضعيف اليسير اهـ، وفيه نظر لأن الضعف اليسير لا ينافي الحسن كما
وكلاهما يحتج به في الأحكام، فكيف بالفضائل.
فإذا تقرَّر هذا، فمتى رأيت هنا حديثاً من رواية أبي داود وليس فيه تضعيف، فاعلم أنه لم يضعفه، والله أعلم.
وقد رأيت أن أقدِّم في أوَل الكتاب باباً في فضيلة الذكر مطلقاً أذكر فيه أطرافاً يسيرة توطئة لما بعدها، ثم أذكر مقصود الكتاب في أبوابه، وأختم الكتاب إن شاء الله تعالى بباب الاستغفار
ــ
تقدم أنه ضعيف بالنسبة لمرتبة الصحيح وقول المصنف فيما يأتي فمتى رأيت حديثاً من رواية أبي داود وليس فيه تضعيف فاعلم أنه لم يضعفه اهـ، وحذف قوله فيهما "ولم ينص على صحته أحد الخ" لأن الحكم بالصحة حينئذٍ مستفاد من ذلك النص لا من صنيع أبي داود والكلام فيهما يقتضيه صنيعه المذكور بالنسبة لغير المتأهل للتصحيح وغيره وأما هو فيحكم بما يليق والأحوط لغير المتأهل إن يعبر في السكوت عنه بما عبر به هو من قوله صالح والصلاحية إما للاحتجاج أو الاعتبار فما ارتقى من أحاديثه إلى الصحة أو الحسن فهو بالمعنى الأول وما عداهما فبالمعنى الثاني وما قصر عن ذلك فهو للشديد الوهن الملتزم بيانه كذا قيل وفي جعل ذي الضعف اليسير المسكوت عنه خارجاً من وصف القبول مخالفة لكلام المصنف الآتي كما قدمته أيضًا. قوله:(وكلَاهُما يَحْتَجُ بِهِ) وفي نسخة بها وفي أخرى بحذف الواو من كلاهما الواو استئنافية يجوز إثباتها وحذفها وكلا مفرد اللفظ مثنى المعنى فيجوز في الضمير العائد إليه الإفراد نظراً للفظ والتثنية نظراً للمعنى والأفصح الأول قال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33]. قوله: (فاعلم أنه لَمْ يضعفهُ) أي تضعيفاً شديداً بحيث يخرج به عن القبول وإلا فقضية كلامه السكوت عن الضعف اليسير وقدمنا أنه لا يقدح في كون الخبر مقبولا.
قوله: (تَوطِئةَ) في النهاية التوطئة التمهيد والتذليل اهـ. قوله: