الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: في أحوال تعرض للذاكر يستحب له قطع الذكر يسببها ثم يعود إليه بعد زوالها:
منها: إذا سُلِّمَ عليه ردَّ السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمَّته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا
ــ
منعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة لكن حمله ابن حجر في شرح المشكاة على أنه جبر عن فضيلة قيام الليل لا قضاء له إذ ليست صلاة الليل منه صلى الله عليه وسلم في العدد كذلك والقضاء لا يزيد على عدد الأداء ثم أورد في مشروعية القضاء مطلقاً حديث أبي داود -قال وسنده حسن خلافاً لتضعيف الترمذي- من نام عن وتره أو نسيه فليصل إذا ذكره اهـ. وحمله العاقولي على قضاء الإوراد فقال في شرحه وفيه دليل على استحباب الإوراد وأنها إذا فاتت قضيت اهـ. وما اشتهر على ألسنة العوام من أن صاحب الورد ملعون وتارك الورد ملعون فلا أصل له فيما قال العارفون وبفرض ثبوته فقيل وارد في
حق كافر أخبر صلى الله عليه وسلم إنه ذو ورد فقال صاحب الورد ملعون ثم لما بلغ ذلك الكافر ما قاله صلى الله عليه وسلم ترك الورد فقال صلى الله عليه وسلم فيه تارك الورد ملعون وبفرض تعميمه في المؤمن فالمراد من الأول من أقيم في أمر المؤمنين وتنفيذ قضاياهم واشتغل عنهم بالورد ملعون أي مبعد عن الخير الكثير العظيم ومن الثاني من ترك الإوراد بعد اعتيادها لحديث يا عبد الله لا تكن مثل ثلاث كان يقوم الليل ثم تركه متفق عليه.
فصل
قوله: (إذا سلم عليه رد السلام إلخ) محله في غير المؤذن أما هو إذا سلم عليه فالسنة له تأخير الرد إلى تمام الأذان وكذا يسن له تأخير تشميت العاطس إلى تمامه وإن طال كما اقتضاه إطلاقهم ويوجه بأنه لعذره سومح له في التدارك مع طوله لعدم تقصيره بوجه فإن لم يؤخره للفراغ فخلاف السنة كالتكلم ولو لمصلحة كذا في الإمداد، وفي حاشيته على الإيضاح وإذا سلم عليه يعني الملبي رد السلام
سمع الخطيب وكذا إذا سمع المؤذن أجابه في كلمات الأذان والإقامة ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا رأى منكراً أزاله، أو معروفاً أرشد إليه، أو مسترشداً أجابه ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا غلبه النعاس
ــ
باللفظ أي يسن له ذلك وإن كره السلام عليه كما قالوه في السير وتأخيره إلى فراغها أحب كما في المؤذن، ويفرق بين عدم وجوب الرد عليهما ووجوبه على القارئ بتفويته لشعارهما بخلافه، وبين الندب للملبي وعدمه للمؤذن بأنه قد يخل بالإعلام المؤدي إلى لبس بخلافه هنا. قوله:(عطس) بفتح الطاء في الماضي وكسرها وضمها في المضارع كما في شرح الجامع الصغير للعلقمي وشرح عدة الحصين لابن جمعان وما في بعض نسخ مرقاة الصعود وبعض أصول الحصين الحصين أنه بكسر الطاء من تغيير الكتاب. قوله: (وكذا إذا سمع الخطيب) أي فيترك الذكر ويتوجه إلى استماع الخطبة نعم بسن تشميته العاطس والرد عليه لأن سببه قهري وسبق ما يلحق به ومحل كون ترك الذكر حينئذٍ مندوباً إن لم يكن أحد من تنعقد بهم الجمعة من الأربعين وإلا فإن كان الاشتغال بالذكر يمنعه من سماع بعض أركان الخطبة وجب الإنصات وحرم الاشتغال بما يمنع من السماع. قوله: (وكذا إذا سمع المؤذن إلخ) عبارة الإمداد وتسن أي الإجابة للقارئ والذاكر والطائف والمشتغل بالعلم فيقطع ما هو فيه لها اهـ .. قوله: (أرشد إليه) أي وإن لم يسترشد بذلا للنصيحة. قوله: (أجابه ثم عاد إلى الذكر الخ) لإخفاء أنه لا يضر القطع لما ذكر لوجود المقتضي لكن هل يحصل له ثواب الذكر لكونه تركه لعذر أو المندفع عنه إنما هو محذور القطع، قضية ما قرروه في صلاة الجماعة من زوال الحرج بتلك الأسباب لا حضور فضيلة الجماعة إن الحاصل هنا دفع المحذور والكلام في ثواب الذكر المتروك تلك المدة أما
أو نحوه، وأما أشبه هذا كله.
ــ
ثواب ما اشتغل به من الأعمال فلا يخطر عدم حصوله ببال. قوله: (أو نحوه) مما يشغل القلب أو يمنع من كمال التوجه إلى الحضور مع الرب ثم لا تكرار في ذكر كراهة الحالات
المذكورة في الفصلين لأنها ذكرت أولاً لبيان أنها من الحالات المكروه فيها الذكر أي الشروع فيه حينئذٍ وثانياً لبيان أنها إذا عرضت للذاكر ترك الذكر مدتها حتى يزول عنه. قوله: (وما أشبه ذلك) أي من كل أمر مهم عرض والاشتغال به يمنع من الذكر والأهمية فيه إما لكونه يفوت أو لعظيم فائدته وكثرة مصلحته كالأمر بالمعروف ونحوه على أن القصد من الذكر إنما هو عمارة الجنان بذكر الرحمن والقائم بأوامره من أرباب هذا المقام قال الجنيد الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين سنة قال المصنف في شرح المهذب معناه إن الصادق يدور مع الحق حيثما دار فإن كان الفضل الشرعي في الصلاة مثلاً صلى وإن كان في مجالسة العلماء والصالحين والضيفان والعيال وقضاء حاجة مسلم وجبر قلب مكسور ونحو ذلك فعل الأفضل وترك عادته وكذلك الصوم والقراءة والذكر وأكل والشرب والخلطة والعزلة والتنعم والابتذال والمرائي بضد ذلك ولا يترك عادته فهو مع نفسه لا مع الحق اهـ. وقال في كتابه بستان العارفين الذي جمعه قال في الرقائق وتوفي قبل إكمال معناه إن الصادق يدور مع الحق كيف كان فإذا كان الفضل في أمر عمل به وإن خالف ما كان عليه وخالف عادته وإذا عارض أهم منه في الشرع ولا يمكن الجمع بينها انتقل إلى الأفضل ولا يزال هكذا وربما كان في اليوم الواحد عمل مائة حال أو ألف أو أكثر على حسب تمكنه من المعارف وظهور الدقائق واللطائف قال وأما المرائي فيلزم حالة واحدة بحيث لو عرض له مهم يرجحه الشرع عليها في بعض الأحوال