المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لمن وفق.   ‌ ‌فصل: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل - الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية - جـ ١

[ابن علان]

الفصل: لمن وفق.   ‌ ‌فصل: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل

لمن وفق.

‌فصل:

اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقاً بل يأتي بما تيسَّر منه.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: "إذَا أمَرتُكُم بِشَيء فأتوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ".

ــ

أداء لحقه كمن جاء لطلب شيء من مأدبته والله أعلم ثم رأيت الشيخ زكريا ذكر ذلك فقال في شرح رسالة القشيري درجات الإخلاص ثلاثة عليا ووسطى ودنيا فالعليا أن يعمل لله وحده امتثالا لأمره وقياماً بحق عبوديته والوسطى أن يعمل لثواب الآخرة والدنيا أن يعمل للإكرام في الدنيا والسلامة من آفاتها وما عدا الثلاثة من الرياء إن تفاوتت أفراده اهـ. قوله: (لمن وقف) أي سلك به طريق الخير والهداية فيؤثر معه القليل ما لا يؤثر مع غيره.

فصل

قوله: (ينبغي) أي يطلب ومن ثم كان الأغلب استعمالها في الندب تارة والوجوب أخرى وقد تستعمل للجواز والترجيح و"لا ينبغي" قد تكون للتحريم والكراهة قاله بعض المحققين. قوله: (لمن بلغه شيء إلخ) ولو كان الخبر ضعيفاً لما يأتي في الفصل بعده من العمل بالضعيف بشرطه في أمثال ذلك وفي خبر ضعيف من بلغه عني ثواب فعمل به حصل له أجره وإن لم أكن قلته. قوله: (ولا ينبغي) أي على سبيل التنزيه إذ هو خلاف الأولى تارة ومكروه أخرى. قوله: (في الحديث المتفق على صحته) أخرجاه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وأخرجه ابن حبان كما ذكره الحافظ. قوله: (فافعلوا منه ما استطعتم) وفي بعض النسخ فأتوا منه وبهذا

ص: 80

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللفظ أورده المصنف في الأربعين وعزاه للصحيحين وعليه فحرف الجر مقدر أي ائتوا بما استطعتم أو ضمن ائتوا معنى افعلوا والإتيان بذلك على سبيل الوجوب في الواجب والندب في المندوب مقيداً بالاستطاعة أي الطاقة لأن المأمور به إخراجه من العدم إلى الوجود وذلك يتوقف على أسباب كالقدرة على الفعل ونحوه وبعض ذلك يستطاع وبعضه لا يستطاع فلا جرم سقط التكليف بما لا يستطاع منه لأن الله تعالى أخبر أنه لا يكلف نفسا إلَاّ وسعها وأيضاً يصدق عليه حينئذٍ أنه امتثل الأمر المطلق مع الإتيان بالمستطاع الصادق عليه الاسم كيوم وركعتين في صم وصل فإن قيد أو وصف لم يصدق الامتثال إلَاّ بالإتيان به بجميع قيوده وأوصافه وإن كان من أشد التكاليف وهذا من قواعد الإسلام ومن جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام والخطاب في قوله "وإذا أمرتكم الخ" ونحوه لا يختص بالموجودين عند وروده بل فيه شمول لمن بعدهم لما هو معلوم من الدين بالضرورة إن هذه الشريعة عامة إلى يوم القيامة ثم الحديث موافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] وأما قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فقيل منسوخ والأصح بل الصواب وبه جزم المحققون أنه مبين بالآية السابقة كما قاله المصنف وإنما يتم هذا على تصير حق تقاته باستفراغ

الوسع في القيام بامتثال الأوامر واجتناب المحارم وأما على المشهور من تفسيره بأن يذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ويطاع فلا يعصى فلا وجه للنسخ فإن هذه لما نزلت تحرجت الصحابة رضي الله عنهم منها وقال أينا يطيق ذلك فنزلت تلك كذا في شرح الأربعين لابن حجر لكن في تفسير الجلالين {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} ، بأن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى فقالوا يا رسول الله فمن يقدر على هذا فنسخ بقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} اهـ، وفي تفسير ابن عطية قيل أنها منسوخة بقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقال آخرون لا نسخ بل الآيات متفقة فمعنى هذه {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فيما استطعتم وذلك إن حق تقاته بحسب الأوامر

ص: 81