الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَفْتَدِيَ حَتَّى نَزَلَتْ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا" (1). يعني قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (2).
أحوال المريض:
للمريض مع الصوم حالات:
الحالة الاولى: ألا يقدر على الصوم بحال، أو يخاف الهلاك أو الضعف أو يضره الصوم، فهذا يجب عليه الفطر ولا يجوز له الصوم؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (3)، وقوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (4).
فإن صام وهو في هذه الحال هل يجزئه الصوم؟
ذهب أكثر أهل العلم أنه يجزئه مع الإثم.
وقال ابن حزم (5): لا يجزئه الصوم؛ لأن الله -تعالى- جعل للمريض عدة من أيام أُخر، فلو صام في مرضه فهو كالقادر الذي صام في شعبان عن رمضان فلا يجزئه ويجب عليه القضاء.
والقاعدة عنده في ذلك أن ما نهي عنه لذاته فإنه لا يقع مجزئًا، فإذا قلنا بالتحريم فمقتضى القواعد أنه إذا صام لا يجزئه؛ لأنه صام ما نهي عنه كصوم أيام
(1) أخرجه البخاريُّ: كتاب تفسير القرآن، باب:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (4147)، مسلم: كتاب الصيام، باب بيان نسخ قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (1931).
(2)
سورة البقرة: 185.
(3)
سورة النساء: 29.
(4)
سورة البقرة: 195.
(5)
المحلى (6/ 247).
التشريق وأيام العيدين لا يحل ولا يصح.
والراجح: أنه متى تحمل المريض الضرر فصام صح صومه ويجزئه؛ لأنه صدر من أهله في محله كما لو أتم المسافر الصلاة، وكالمريض الذي يباح له ترك الجمعة؛ إذا حضرها أجزأه عن الظهر لكنه يأثم؛ لأنه ألحق بنفسه الضرر.
الحالة الثانية: أن يقدر على الصوم بمشقة ولا يتضرر بصومه:
فالحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية (3) على جواز الفطر له، وقال ابن العربي (4) من المالكية: بل يستحب له الفطر.
والراجح: أنه يكره له الصوم ويسن له الفطر؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله -تعالى-، قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الله يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ"(5).
الحالة الثالثة: ألا يشق عليه الصوم، ولا يخاف زيادة المرض، ولا يتأثر به.
فالجمهور (6) على وجوب الصوم.
وقال بعض السلف (7): يباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الضرس والأصبع وغير ذلك مما لا يؤثر على المريض حال صومه.
(1) الدر المختار ورد المحتار (2/ 116).
(2)
القوانين الفقهية، (ص: 82)، حاشية الدسوقي (1/ 535).
(3)
المجموع (6/ 258).
(4)
القوانين الفقهية، (ص: 82)، حاشية الدسوقي (1/ 535).
(5)
أخرجه أحمد: مسند المكثرين من الصحابة (5600)، وصححه الألباني في الإرواء (ج 3 رقم 564).
(6)
انظر في ذلك: المراجع السابقة.
(7)
المغني (4/ 404).