الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فمتى حقن في الصائم دم لحاجة ضرورية كحصول نزيف أو أعطي إبرًا مغذية، فإنه يفطر ويقضي ذلك اليوم، وقد أبيح له الفطر للضرورة وألزم بالقضاء؛ لأن ما أفطر به يقوم مقام الأكل والشرب.
أما الإبر الأخرى غير المغذية فلا تفطر في أي مكان من الجسم أخذها الصائم، وعلى أي كيفية ما لم تصل إلى جوفه كما سبق.
يقول الشيخ محمَّد بن إبراهيم رحمه الله: "
…
والذي يظهر لنا أن إبرة الوريد تفسد الصوم؛ لتحقيق دخول مادتها إلى مستعملها. وقد صرح الفقهاء رحمهم الله بفساد صيام من أدخل إلى جوفه شيئًا من أي موضع كان
…
" (1).
5 - الحجامة:
الحجامة: هي شرط ظاهر الجلد المتصل قصدًا لإخراج الدم من الجسد دون العروق. فمتى تم استخراج الدم من الصائم بحجامة أو فصد أو سحب للتبرع به لإنقاذ مريض محتاج، فإنه يفطر، والأصل في ذلك ما رواه شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ"(2).
وقد وردت أحاديث كثيرة مؤداها التفطير بالحجامة للحاجم والمحجوم، وعليه فلا يجوز للصائم صومًا واجبًا أن يتبرع بإخراج دمه إلا في حال الضرورة القصوى بشرط ألا يتضرر المتبرع ويفطر بذلك اليوم ويقضي (3).
(1) فتاوى ورسائل الشيخ محمَّد بن إبراهيم (4/ 189).
(2)
أخرجه أحمد: مسند المكثرين (8413)، أبو داود: كتاب الصوم (2020)، الترمذيُّ: كتاب الصوم (705)، ابن ماجه: كتاب الصيام (1669)، وصححه الألباني في الإرواء (ج 4 رقم 931)
(3)
قال ابن قاسم رحمه الله: "
…
ولا يفطر إلا بشرط أن يكون عامدًا ذاكرًا لصومه قاصدًا للفعل، ويجب القضاء إن كان الصوم واجبًا" حاشية الروض المربع، ج 3.
وأما خروج الدم بغير قصد من الصائم كالرعاف، ودم الجراحة، وخلع الضرس، ونحوه مما لا يؤثر على الصائم فلا يفطر به؛ لأنه ليس بمعنى الحجامة ثم إن الصائم معذور في هذه الحالات؛ لأنه محتاج لذلك حاجة ملحة.
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله: "
…
وقد بيَّنَّا أن الفطر بالحجامة على وفق الأصول والقياس. وأنه من جنس الفطر بدم الحيض والاستقاءة وبالاستمناء، وإذا كان كذلك فبأي وجه أراد إخراج الدم أفطر
…
" (1).
وذهب جمهور أهل العلم إلى أنها لا تفطر لا الحاجم ولا المحجوم ولكنهم كرهوها بوجه عام.
قال الحنفية (2): لا بأس بها إن أمن الصائم على نفسه الضعف، أما إذا خاف الضعف فإنها تكره.
وقال المالكية (3): إن المريض والصحيح إذا علمت سلامتهما بالحجامة أو ظُنَّتْ جازت الحجامة لهما، وإلا فلا، بل تحرم عليهما، وفي حال الشك تكره للمريض وتجوز للصحيح.
وقال الشافعية (4): يستحب الاحتراز من الحجامة من الحاجم والمحجوم لأنها تضعفه.
وقال الشافعي في الأم (5): لو ترك رجل الحجامة صائمًا للتوقي كان أحب إليَّ، ولو احتجم لم أره يفطره.
(1) مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية (25/ 257).
(2)
الفتاوى الهندية (1/ 199، 200).
(3)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 518).
(4)
المجموع (6/ 349 - 352).
(5)
الأم، للشافعي (2/ 97).