الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل يشترط حكم الحاكم في الصوم
؟
ذهب الجمهور إلى أنه لا يشترط حكم الحاكم (القاضي) في ثبوت الهلال ووجوب الصوم، بل على الناس الصوم إذا ثبت بإحدى الطرق المذكورة.
وذهب الشافعية إلى أنه لا بد في تحقيق الهلال ووجوب الصوم أن يحكم به الحاكم؛ وذلك كي يتحقق من عدالة الشهود وصحة الرؤية.
الراجح: الأولى هو القول بأن ثبوت الهلال ووجوب الصوم أو الفطر على الناس يترتب على حكم الحاكم؛ لئلا تترك الأمور لاجتهادات قد تؤدي إلى الاختلاف، ولأن الناس تختلف من حيث الكثرة بحيث يصعب إعلامهم بالصوم أو الفطر. وقد توفرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر بحيث يمكن الإبلاغ سريعًا، وحكم الحاكم يرفع الخلاف ويوجب التقيد به والالتزام صومًا أو فطرًا.
وجوب الصوم على بلاد المسلمين برؤية بلد منها:
اختلف الفقهاء في حكم صوم أقطار البلاد الإِسلامية إذا تمت الرؤية بقُطْر منها:
1 -
فذهب الجمهور من الحنفية (1) والمالكية (2) والحنابلة (3) في الصحيح عندهم أن الرؤية في بلد توجب الصوم على البلاد الإِسلامية ولا عبرة باختلاف المطالع؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ
…
" (4).
(1) ابن عابدين ورسائل ابن عابدين (1/ 228، 229)، الفتاوى الهندية (1/ 198).
(2)
مواهب الجليل (2/ 384)، بداية المجتهد (1/ 287).
(3)
حاشية الروض المربع على زاد المستقنع (3/ 347) الطبعة السادسة 1414 هـ.
(4)
أخرجه البخاريُّ: كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم
…
" (1776)، مسلم: كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية
…
(1810).
فقد أوجب هذا الحديث الصوم بمطلق الرؤية لجميع المسلمين دون تقييدها بمكان، وقد أخذ بذلك المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي في قراره رقم 18 (16/ 3) حيث جاء في البند أولًا:"إذا ثبتت الرؤية في بلد وجب على المسلمين الالتزام بها ولا عبرة لاختلاف المطالع؛ لعموم الخطاب بالأمر بالصوم والإفطار".
وقد أيد هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز (1) رحمه الله حيث قال: "لا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم والفطر أمر طيب ومحبوب للنفس ومطلوب شرعًا حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:
أحدهما: أن يلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب كما ألغاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية أو بإكمال العدة كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة.
الأمر الثاني: أن يلتزموا الاعتماد على الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولًا أو خروجًا تبعوها في ذلك؛ عملًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ
…
" (2).
2 -
وذهب الشافعية وهو رواية عند الحنابلة أن الصوم إنما يلزم أهل الرؤية وما قرب منها مما اتحدت فيه المطالع فقط، وأما البعيد وهو ما اختلفت فيه المطالع فلا يجب عليهم الصوم؛ وذلك لحديث كريب قال: "
…
اسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ الِهلالَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ المَدِينَةَ في آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ
(1) مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (15/ 74).
(2)
سبق تخريجه، (ص: 39).