الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأولى:
رفع اليدين عند القنوت
وفيها فرعان:
الفرع الأول: حكم رفع اليدين عند القنوت (1).
اختلف العلماء في حكم رفع اليدين عند القنوت، على أربعة أقوال:
القول الأول:
لا يُشرع رفع اليدين عند القنوت.
وهو قول المالكية، ووجه عند الشافعية (2).
وقال به: ابن المسيب، وابن شهاب، والأوزاعي في رواية (3).
القول الثاني:
لا يُشرع رفع اليدين عند القنوت، ويُشير بإصبعه.
(1) اتفق العلماء على مشروعية رفع اليدين في الدعاء في غير الصلاة؛ وقد تواتر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ينظر: ابن تيمية، جامع المسائل (4/ 89)، والسيوطي، فض الوعاء في أحاديث رفع اليدين في الدعاء.
(2)
ينظر: ابن الجلاب، التفريع (1/ 266)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 213)، والنووي، المجموع (3/ 441)، والأذكار (119).
(3)
ينظر: عبد الرزاق في المصنف (3/ 122، 4/ 260)، ومحمد بن نصر، الوتر (138، 141)، وابن رجب، فتح الباري (6/ 303) وشرح الأربعين (1/ 271).
وقال به: الحسن، والأوزاعي في رواية (1).
القول الثالث:
يرفع يديه لتكبير القنوت، ثم يرسلهما.
وهو قول أبي حنيفة، والليث بن سعد (2)(3).
القول الرابع:
يُستحب رفع اليدين عند القنوت.
وهو المذهب عند الشافعية (4)، وقول أحمد وهو المذهب (5)، وقال به بعضُ الحنفية (6).
وهو قول ابن مسعود، وأبي هريرة، وابن عباس،
(1) ينظر: محمد بن نصر، الوتر (138)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 213).
(2)
الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي، أبو الحارث المصري، ثقة ثبت فقيه إمام مشهور. مات سنة 175هـ ابن حجر، التقريب (817).
(3)
ينظر: البابرتي، العناية (1/ 434)، وابن رجب، فتح الباري (6/ 424). وتكبيرة القنوت كتكبيرة الصلاة. ينظر: المرغياني، الهداية (1/ 281).
(4)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 441) والأذكار (119).
(5)
رواية عبد الله، وأبي داود، وإسحاق، وخطاب. ينظر: عبد الله، المسائل (90، 91، 99)، وأبو داود، المسائل (96)، والكوسج، المسائل (1/ 164، 211)، وأبو يعلى الروايتين والوجهين (1/ 163)، والحجاوي، الإقناع (1/ 221).
(6)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 430) عن أبي يوسف قال في الفتاوى الهندية (1/ 111):"وهو المختار".
والنخعي، ومكحول، والثوري (1)، وإسحاق (2).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء، إلا عند الاستسقاء حتى يُرى بياض إبطيه (3).
وجه الاستدلال:
أنه لو كان رفع اليدين في غير الاستسقاء كالقنوت مشروعا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن أنسًا أخبر بما رأى، وقد رأى غيره النبي
(1) ينظر: البخاري، رفع اليدين (67، 68)، وابن أبي شيبة، المصنف (2/ 307، 3/ 216)، وعبد الله بن أحمد، المسائل (95)، ومحمد بن نصر، الوتر (138)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 213)، وابن رجب، فتح الباري (6/ 424).
(2)
ينظر: إسحاق الكوسج، المسائل (1/ 211) وقال: وإن لم يرفع وأشار بالسبابة جاز، وابن رجب، فتح الباري (6/ 304) ورجحه بعض المتأخرين. ينظر: مجموع ابن باز (9/ 293) واللجنة الدائمة (7/ 49).
(3)
أخرجه البخاري في الصحيح (933، 1031، 3565)، ومسلم في الصحيح (895، 896)، وأحمد في المسند (3/ 181، 282).
- صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في غير الاستسقاء (1).
وأجيب: بأن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه لم يره يرفع يديه في قنوت الوتر.
الوجه الثاني: أن أنسًا أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه هذا الرفع الشديد حتى يُرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء (2).
وأجيب من وجهين:
الوجه الأول: أن الحديث عام في كل رفع، فلا يخصص إلا بدليل.
الوجه الثاني: أنه لا فرق بين الرفع الشديد وغيره (3).
الدليل الثاني: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في قنوت الوتر أو أمر به (4).
الدليل الثالث: حديث جابر بن سمرة، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعو أيدينا في الصلاة. فقال: «مالي
(1) ينظر: البخاري، جزء في رفع اليدين (قرة العينين)(69).
(2)
ينظر: القرطبي، المفهم (2/ 541)، وابن تيمية، جامع المسائل (4/ 93)، وابن رجب، فتح الباري (6/ 300).
(3)
كما في حديث عمارة بن روَيبة وغيره، وسيأتي تخريجه.
(4)
ينظر: محمد بن نصر، الوتر (134) عن الإمام أحمد.
أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمس. اسكنوا في الصلاة» (1).
واستدل به من وجهين:
الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الأيدي في الصلاة.
ونوقش: بأن هذا إنما كان في التشهد في القيام (2).
وأجيب: بأن ظاهر الحديث العموم، فيحمل عليه إلا ما استثناه الدليل.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسكون في الصلاة، ورفع الأيدي في القنوت ينافي ذلك (3).
الدليل الرابع: حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم» (4).
(1) أخرجه مسلم في الصحيح (430)، وأحمد في المسند (5/ 93، 101، 107)، والخيل الشمس: المستعصية على الركوب. ينظر: الفيومي، المصباح (265).
(2)
ينظر: البخاري، رفع اليدين (قرة العينين)(31)، والنووي، المجموع (3/ 341).
(3)
ينظر: البابرتي، العناية (1/ 434).
(4)
أخرجه مسلم في الصحيح (429)، وأحمد في المسند (2/ 367).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع البصر عند الدعاء في الصلاة، ورفع اليدين عند القنوت مدعاة إلى ذلك.
الدليل الخامس: أن رفع اليدين عند القنوت فيه تشبه باليهود (1).
الدليل السادس: القياس على أن الأيدي لا تُرفع في حال السجود والتشهد (2).
ونوقش: بأن القياس في العبادات غير معتبر.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: القياس على الإشارة بالإصبع في الدعاء
(1) ينظر: القيرواني، النوادر (1/ 530) عن الإمام مالك، والطرطوشي، كتاب البدع (63).
(2)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 441)، والشربيني، مغني المحتاج (1/ 325)، وفي حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد. أخرجه أبو داود في السنن (744، 761)، والترمذي في الجامع (3423) وقال حديث صحيح، وابن ماجة في السنن (864)، وأحمد في المسند (1/ 93)، والبخاري في رفع اليدين (13). وذكر القرطبي في المفهم (2/ 541) أن من أدلة القول الأول أيضا: مخافة اعتقاد الجهة. وهذا قول باطل تكفل شيخ الإسلام بدحضه. ينظر: جامع المسائل (4/ 79).
حال التشهد (1).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس معارض بما تقدم في أدلة القول الأول.
الوجه الثاني: بأن العبادات لا يصح القياس فيها.
الدليل الثاني: القياس على الدعاء في خُطبة الجمعة (2).
ونوقش بما نوقش به الدليل الأول.
أدلة القول الثالث:
الدليل الأول: أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يرفع يديه في الوتر ثم يرسلهما بعد (3).
وجه الاستدلال:
أن رفع ابن مسعود يديه عند التكبير لافتتاح القنوت ثم
(1) كما في حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها. أخرجه مسلم في الصحيح (580).
(2)
كما في حديث عمارة بن روَيبة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه. أخرجه مسلم في الصحيح (874)، وأحمد في المسند (4/ 135).
(3)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 325)، وهو من مراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود.
إرسالهما يدل على شرعية ذلك.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: بأنه أثر لا يصح (1).
الوجه الثاني: أنه فعل صحابي وليس بحجة.
الدليل الثاني: أن القنوت انتقال إلى حالة جديدة فيشرع الرفع للتكبير (2).
ونوقش: بأنه قياس، والقياس لا يصح في العبادة.
الدليل الثالث: حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا ترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن» وذكر منها تكبيرة القنوت (3).
(1) لأنه مرسل، كما تقدم.
(2)
ينظر: المرغيناني، الهداية (1/ 434).
(3)
قال ابن الهمام في فتح القدير (1/ 309): غريب بهذا اللفظ، والمروي عن ابن عباس ليس فيه تكبيرة القنوت. أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 385، 452) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 101، 3/ 238): فيه محمد بن أبي ليلى وعطاء بن السائب، وضعفه شُعبة، والبخاري كما في رفع اليدين (قرة العينين)، ص59. وقال في فتح القدير (1/ 309): مرسل غير محفوظ. وقال ابن القيم في المنار المنيف (135: لا يصح رفعه، والصحيح وقفه علي ابن عمر وابن عباس ..
وجه الاستدلال:
أن تكبيرة القنوت من المواطن التي ترفع الأيدي فيها.
ونوقش: بأنه لا يصح (1).
أدلة القول الرابع:
الدليل الأول: أن عمر كان يقنت بعد الركوع ويرفع يديه حتى يبدو ضَبْعَاه، ويسمع صوته من وراء المسجد (2).
وجه الاستدلال:
أن عمر كان يرفع يديه عند القنوت، ولم يُعرف له مخالف.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه خاص بقنوت النوازل.
الوجه الثالث: أنه أثر ضعيف (3).
الدليل الثاني: أن ابن مسعود، وأبا هريرة: كانا يرفعان
(1) ينظر: تخريج الحديث.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/ 216)، والبيهقي في السنن (2/ 212)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 213).
(3)
في إسناده جعفر بن ميمون، ضعفه البخاري، وقال ابن حجر في التقريب (201) صدوق يخطئ.
أيديهما في قنوت الوتر (1).
وجه الاستدلال:
أن هذين الصحابيين كانا يفعلان ذلك، ولم يُعرف لهما مخالف (2).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنهما أثران ضعيفان (3).
الوجه الثاني: أنه فعل صحابي، وفعل الصحابي ليس بحجة.
الدليل الثالث: القياس على رفع الأيدي في قنوت النوازل (4).
(1) عن ابن مسعود: أخرجه البخاري في رفع اليدين (68)، والطبراني في الكبير (9/ 327)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 100، 307)، وعبد الله بن أحمد، المسائل (95)، والبيهقي في السنن (3/ 41)، وعن أبي هريرة: أخرجه محمد بن نصر في الوتر (138)، والبيهقي في السنن (3/ 41).
(2)
ينظر: محمد بن نصر، الوتر (138)، وعن سفيان الثوري: كانوا يستحبون في الوتر أن ترفع يديك.
(3)
أثر ابن مسعود: فيه ليث بن أبي سليم، وأثر أبي هريرة: فيه ابن لهيعة، ينظر: المزي، تهذيب الكمال (24/ 389) عن أبي حاتم الرازي.
(4)
ينظر: محمد بن نصر، الوتر (137) عن الإمام أحمد.
نوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق؛ لأن قنوت النوازل عارض.
الوجه الثاني: بأن القياس في العبادات غير معتبر.
الدليل الرابع: الأدلة العامة على مشروعية رفع اليدين عند الدعاء (1).
ونوقش: بأنه مخصوص بما ليس في الصلاة؛ للإجماع على أنه لا رفع في دعاء التشهد (2).
الدليل الخامس: حديث الفضل بن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الصلاة مثنى وتضرّع وتخشّع وتمسكن ثم تُقْنِع يديك - يقول ترفعهما إلى ربك- مستقبلا ببطونهما وجهك وتقول: يا رب» ، فمن لم يفعل ذلك فقال فيه قولا شديدا (3).
(1) مثل حديث سلمان الفارسي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا» . أخرجه أبو داود في السنن (1488)، والترمذي في الجامع (3551) وقال حدث حسن، وابن ماجة في السن (3855)، وأحمد في المسند (5/ 438)، وابن حبان في الصحيح (880)، قال ابن حجر في الفتح (11/ 143): سنده جيد.
(2)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 430).
(3)
أخرجه الترمذي في الجامع (385)، والنسائي في الكبرى (615، 1440)، وأحمد في المسند (1/ 211، 4/ 167)، وله شاهد من حديث المطلب بن ربيعة، أخرجه أبو داود في السنن (1296)، وأحمد في المسند (4/ 167) قال البخاري كما في جامع الترمذي (2/ 95): أخطأ شُعبة، والحديث إنما هو عن ربيعة عن الفضل.
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر برفع اليدين عند الدعاء في الصلاة.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن الحديث ضعيف لا يصح (1).
الوجه الثاني: أنه محمول على الدعاء بعد الصلاة.
الدليل السادس: القياس على القنوت في صلاة الكسوف (2).
ونوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق؛ لأن القنوت في صلاة الكسوف عارض.
الوجه الثاني: أنه قياس على مسألة خلافية (3).
(1) قال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 628): هذا إسناده مضطرب لا يحتج بمثله، وضعفه ابن باز في المجموع (11/ 181).
(2)
ينظر: النووي، شرح صحيح مسلم (6/ 277).
(3)
اتفق الأئمة الأربعة على أنه لا يُشرع القنوت في صلاة الكسوف وإنما يشرع الدعاء بعدها. ينظر: ابن الهمام، القدير (2/ 89)، والقيرواني، النوادر (1/ 509)، والنووي، المجموع (5/ 52)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (5/ 389)، وأما حديث عبد الرحمن بن سمرة، عند مسلم في الصحيح (913): أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس وهو قائم في الصلاة رافع يديه فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو. فإن المقصود بالصلاة هنا الدعاء؛ ويدل لذلك: ما جاء عند أبي داود في السنن (1195)، وأحمد في المسند (5/ 62): أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رافع يديه. وعند ابن خزيمة في الصحيح (1373) وهو قائم رافع يديه ولم يذكر الصلاة.
الوجه الثالث: أن القياس في العبادات غير معتبر.
الترجيح:
الراجع -والله أعلم- هو القول الأول؛ وذلك لقوة ما استدلوا به وورود المناقشة على أدلة الأقوال الأخرى.
الفرع الثاني:
صفة رفع اليدين عند القنوت
اختلف العلماء القائلون باستحباب رفع اليدين عند القنوت في صفة رفع اليدين عند القنوت، على قولين:
القول الأول:
يرفع يديه إلى صدره ويبسطها، وبطونهما نحو السماء.
وقال به عامة القائلين باستحباب رفع اليدين عند القنوت من الحنفية، والشافعية، والحنابلة (1).
وقال به ابن مسعود (2).
القول الثاني:
يرفع يديه حتى يُخرج ضَبْعَيه (3).
(1) ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (2/ 94)، والشربيني، مغني المحتاج (1/ 325، 418)، والحجاوي، الإقناع (1/ 221) وهو رواية عبد الله والأثرم عن أحمد. ينظر: عبد الله، المسائل (90)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (4/ 130) واختاره بعض المتأخرين. ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة (8/ 328)، وفي مسائل أبي داود (96)، قال: لم نقف من أحمد على حد.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 307)، ومحمد بن نصر في الوتر (138)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 213).
(3)
الضَّبْع: العضُد. ينظر: الأزهري، الزاهر (267) ولا يظهر العضد إلا أن يرفع يديه حتى يُحاذي بهما رأسه، ولهذا الرفع ثلاث صور. ينظر: ابن تيمية، جامع المسائل (4/ 98)، وابن رجب، شرح الأربعين (1/ 272).
وقال به عمر، وابن عباس (1).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث مالك العوفي (2)، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها» (3).
واستدلوا به من وجهين:
الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تكون بطون الكفين في الدعاء نحو السماء، ولا يكون ذلك إلا أن يرفع يديه بحذاء
(1) ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف (2/ 316)، ومحمد بن نصر، الوتر (138)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 213).
(2)
مالك بن يسار السكوني ثم العوفي، صحابي قليل الحديث نزل حمص. ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب (10/ 8)، وابن حجر، التقريب (918).
(3)
أخرجه أبو داود في السنن (1486)، والبغوي، وابن أبي عاصم، وابن السكن والمعمري، وابن قانع، كما في الإصابة (9/ 80)، وللحديث شاهد من حديث ابن عباس: أخرجه أبو داود في السنن (1485، 1486) وضعفه، وابن ماجة في السنن (1170، 3912)، والحاكم في المستدرك (1/ 536). وشاهد من حديث أبي بكرة: أخرجه الطبراني في الكبير وصححه في مجمع الزوائد (10/ 169)، وشاهد من حديث محيريز: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (10/ 286)، ومسدد في مسنده، كما في فض الوعاء (92).
صدره أو دونه.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تكون ظهور الكفين في الدعاء نحو السماء، وإذا رفع يديه إلى أعلى من حذو الصدر كانت ظهور الكفين نحو السماء.
الدليل الثاني: حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما"(1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الدعاء أن ترفع الأيدي حذو المنكبين أو نحوهما، والقنوت دعاء.
الدليل الثالث: حديث سهل بن سعد، قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه يدعو على منبر ولا غيره، وما كان يدعو إلا يضع يده حذو منكبيه (2).
(1) أخرجه أبو داود في السنن، رقم 1489، والطبراني في الدعاء، رقم 2178 والضياء في المختارة 9/ 486.
(2)
أخرج أبو داود في السنن، رقم 1105، وأحمد في المسند 5/ 337 واللفظ له، وابن حبان في الصحيح، رقم 883،وابن أبي شيبة في المصنف 2/ 486، 10/ 377، والحاكم في المستدرك 1/ 535 وصححه ووافقه الذهبي.
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في الدعاء أكثر من حذو منكبيه، والقنوت دعاء.
الدليل الرابع: حديث عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا رفع باطن كفيه إلى السماء (1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع باطن كفيه إلى السماء إذا دعا، ولا يكون ذلك إلا أن يرفع يديه بحذاء صدره أو دونه.
الدليل الخامس: حديث ابن عمر، قال إن رفعكم أيديكم بدعة؛ ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا يعنى إلى الصدر (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إلى أعلى من حذو صدره، والقنوت دعاء.
الدليل السادس: أن رفع اليدين في القنوت إلى أعلى من
(1) أخرجه الترمذي في الجامع، رقم 2386وقال حديث صحيح والطبراني في الدعاء، رقم 212، والحاكم في المستدرك 1/ 536 وصححه.
(2)
أخرجه أحمد في المسند 2/ 61.
حذو الصدر ينافي الأمر بالسكون في الصلاة (1).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بظهر كفيه، ولا يكون ظهر الكفين إلى السماء إلا أن يرفعهما حذو رأسه (3).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه دعاء خاص بالاستسقاء.
الوجه الثاني: أن هذا الدعاء كان خارج الصلاة.
الدليل الثاني: حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه يسأل الله مسألة إلا أتاها إياه ما لم يعجل"(4).
(1) تقدم الدليل على ذلك في الفرع الأول.
(2)
أخرجه مسلم في الصحيح، رقم 896، وأحمد في المسند 3/ 153، 241.
(3)
ينظر: ابن تيمية، جامع المسائل 4/ 98.
(4)
أخرجه الترمذي في الجامع، رقم 3603، وأخرجه أحمد في المسند 2/ 488 والحاكم في المستدرك 1/ 497 بلفظ "ما من مسلم ينصب وجهه لله عز وجل في مسألة إلا أعطاها إياه".
وجه الاستدلال:
أن رفع اليدين حتى يبدو الإبط من أسباب إجابة الدعاء، والقنوت دعاء.
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن الحديث ضعيف (1).
الوجه الثاني: أن الحديث محمول على الدعاء خارج الصلاة.
الدليل الثالث: فعل عمر (2)، وابن عباس رضي الله عنهما (3).
ونوقش: بأنه خاص بقنوت النوازل.
(1) فيه: يحيى بن عُبيد الله بن عبد الله بن موهب، متروك. ينظر: ابن حجر، التقريب (1061).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 316)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 213).