الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الأولى:
قضاء القنوت في الوتر للإمام والمنفرد
الفرع الأول: قضاء القنوت في الوتر إذا فات موضعه.
إذا فات موضع القنوت في الوتر، فلا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يتذكر القنوت قبل الشروع في السجود.
الحالة الثانية: أن يتذكر القنوت بعد الشروع في السجود.
الحالة الأولى: أن يتذكر القنوت قبل الشروع في السجود (1)، وقد اختلف العلماء القائلون بأن القنوت قبل الركوع (2) في ذلك، على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
من فاته القنوت قبل الركوع قضاه بعد الركوع.
وهو قول المالكية (3).
(1) أما إذا تذكر حال الركوع فالمذهب عند الحنفية والمالكية أنه ليس له أن يقطع الركوع ليعود للقنوت. ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 429)، والدسوقي، الحاشية (1/ 399).
(2)
قول الحنفية والمالكية وبعض الشافعية. ينظر: المطلب الأول من المبحث الثالث.
(3)
ينظر: الدسوقي، الحاشية (1/ 399).
القول الثاني:
من فاته القنوت قبل الركوع قضاه بعد الركوع، ويسجد للسهو.
وهو وجه عند الشافعية (1).
القول الثالث:
من فاته القنوت قبل الركوع لا يقضيه بعد الركوع.
وهو قول الحنفية (2).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل أهل القول الأول: بأن القنوت بعد الركوع مشروع، فيقضيه بعده (3).
أدلة القول الثاني:
استدل أهل القول الثاني: بأن القنوت بعد الركوع مشروع فيقضيه بعده، إلا أنه يسجد للسهو؛ لأنه عمله في غير
(1) ينظر: النووي، المجموع (3/ 438).
(2)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 429).
(3)
ينظر: الدسوقي، الحاشية (1/ 459).
موضعه (1).
أدلة القول الثالث:
استدل أهل القول الثالث: بأن القنوت بعد الركوع قنوت في غير محل القنوت، فلا يصح (2).
الحالة الثانية: أن يتذكر القنوت بعد الشروع في السجود.
إذا تذكر القنوت بعد الشروع في السجود فإن العلماء مختلفون في حكم سجود السهو لمن تركه، على أربعة أقوال:
القول الأول:
يشرع سجود السهو لمن ترك القنوت.
وهو المذهب عند الشافعية (3)، ورواية عن أحمد وهي المذهب (4).
وقال به الحسن في رواية، والأوزاعي، وحماد، وهُشيم (5)،
(1) ينظر: النووي: المجموع (3/ 438).
(2)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 429).
(3)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 438).
(4)
رواية عبد الله، وصالح. ينظر: عبد الله، المسائل (94)، وصالح، المسائل (2/ 306)، والمرداوي، الإنصاف (3/ 680).
(5)
هُشيم بن بشير السُّلمي، أبو معاوية الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس، مات عام 183 هـ. ابن حجر، التقريب (1023).
وإسماعيل بن علية (1)(2).
القول الثاني:
لا يُشرع سجود السهو لمن ترك القنوت.
وهو قول المالكية، ووجه عند الشافعية (3)، ورواية عن أحمد (4).
القول الثالث:
يُستحب سجود السهو لمن ترك القنوت.
وهو قول الحنفية (5).
(1) إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن علية. ثقة حافظ، مات عام 193هـ. ابن حجر، التقريب (136).
(2)
ينظر: أبو داود، المسائل (102)، ومحمد بن نصر، الوتر (145)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 218).
(3)
ينظر: القيرواني، النوادر (1/ 355)، والدسوقي، الحاشية (1/ 459)، والقرافي، الذخيرة (2/ 290)، والنووي، المجموع (3/ 438). واختاره الطبري كما في تهذيب الآثار (2/ 42). هذا إذا كان منفردا، أما إذا كان مأموما فسجد الإمام للسهو سجد معه. ينظر: الدسوقي، الحاشية (1/ 459).
(4)
ينظر: ابن أبي عمر، الشرح الكبير (3/ 678).
(5)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 429، 503).
وقال به: الحسن في رواية، والثوري، وإسحاق (1).
القول الرابع:
يُستحب سجود السهو لمن ترك القنوت إذا كان ممن اعتاده.
وهو رواية عن أحمد (2).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» (3).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسجود للسهو وهو عام، فدل على المشروعية.
الدليل الثاني: حديث ثوبان (4)، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكل
(1) ينظر: ابن أبي شيبة، المصنف (2/ 318)، ومحمد بن نصر، الوتر (145)، وابن المنذر، الأوسط (5/ 218)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (3/ 678).
(2)
رواية أبي داود. ينظر: أبو داود، المسائل (102).
(3)
أخرجه مسلم في الصحيح (572).
(4)
ثوبان بن بُجدُد، أبو عبد الله مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابي جليل خدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن مات ثم =التحق بالشام، فمات في حمص عام 54هـ. ينظر: ابن عبد البر، الاستيعاب (2/ 106).
سهو سجدتان بعد السلام» (1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسجود لكل سهو وهو عام، فدل على المشروعية.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: القياس على ترك سنن الأفعال (2).
ونوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: بأنه قياس مع الفارق.
الوجه الثاني: أنه قياس على مسألة خلافية (3).
الوجه الثالث: أنه قياس مع النص.
الدليل الثاني: القياس على ما يُبطل تركه عمدا الصلاة (4).
(1) أخرجه أبو داود في السنن (1038)، وابن ماجة في السنن (1209)، وأحمد في المسند (5/ 280)، والطيالسي في المسند (997)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 377) وضعفه.
(2)
ينظر: الدسوقي، الحاشية (1/ 459)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (3/ 680).
(3)
ينظر: النووي، المجموع (4/ 64).
(4)
ينظر: ابن أبي عمر، الشرح الكبير (3/ 680).
ونوقش: بأنه قياس مع النص.
أدلة القول الثالث:
استدلوا بأدلة القول الأول، وحملوها على الاستحباب؛ وذلك لفضيلة القنوت في الوتر.
أدلة القول الرابع:
استدلوا بأدلة القول الثالث، وحملوها على من اعتاد القنوت؛ وذلك لفضيلة المداومة على العمل (1).
(1) كما في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحب الأعمال إلى الله ما دُووِمَ عليه وإن قل» أخرجه البخاري في الصحيح (43، 6464)، ومسلم في الصحيح (782)، وأحمد في المسند (6/ 212).
الفرع الثاني:
قضاء القنوت في الوتر إذا فات وقته
اختلف العلماء في حكم قضاء القنوت في الوتر (1) إذا فات وقته (2)، على قولين:
القول الأول:
يُشرع قضاء القنوت في الوتر إذا فات وقته.
وهو قول أكثر الحنفية (3)، ومذهب الشافعية، ورواية عن أحمد وهي المذهب (4).
القول الثاني:
لا يُشرع قضاء القنوت في الوتر إذا فات وقته.
وهو قول بعض الحنفية، ومذهب المالكية، وقول للشافعية، ورواية عن أحمد (5).
(1) تقدم اتفاق أهل العلم على أن القنوت في الوتر ليس بواجب.
(2)
وقد اختلف العلماء في آخر وقت الوتر كما تقدم.
(3)
ينظر: البابرتي، العناية (1/ 478). تخريجا على مشروعية قضاء السنن التابعة للفرائض.
(4)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 491)، والمرداوي، الإنصاف (4/ 151). تخريجا على مشروعية قضاء النوافل.
(5)
ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 478)، والدسوقي، الحاشية (1/ 509)، والنووي، المجموع (3/ 491)، والمرداوي، الإنصاف (4/ 153). تخريجا على أنه لا يشرع قضاء النوافل، واختاره ابن تيمية. ينظر: ابن القيم، إعلام الموقعين (2/ 400).
الأدلة:
الدليل الأول: حديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من نام عن الوتر أو نسيه فليوتر إذا ذكره أو استيقظ» (1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقضاء الوتر وذلك يتناول ما يشرع فيه وهو القنوت.
الدليل الثاني: حديث عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي الوتر، وذلك يشمل ما يشرع فيه
(1) أخرجه أبو داود في السنن (1431)، والترمذي في الجامع (465)، وابن ماجة في السنن (1188)، وأحمد في المسند (3/ 31، 44) والحاكم في المستدرك (1/ 302)، وصححه ووافقه الذهبي، وقال النووي في المجموع (3/ 491): إسناده حسن.
(2)
أخرجه مسلم في الصحيح (746).
وهو القنوت.
ونوقش: بأن قيام الليل كان واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأجيب: بأنه نسخ وجوبه (1).
الدليل الثالث: حديث أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها» (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقضاء الصلاة، وهذا يشمل الفرائض والنوافل والقنوت تابع للوتر.
الدليل الرابع: القياس على ما يُشرع قضاؤه من النوافل (3).
ونوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق.
الوجه الثاني: أنه قياس على مسألة خلافية.
الوجه الثالث: أن القياس في العبادات غير معتبر.
(1) ينظر: النووي، المجموع (3/ 491).
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح (597)، ومسلم في الصحيح (684)، وأحمد في المسند (3/ 184).
(3)
ينظر: ابن أبي عمر، الشرح الكبير (4/ 148).
الدليل الخامس: القياس على قضاء الحزب من القرآن (1).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس مع الفارق.
الوجه الثاني: أن القياس في العبادات غير معتبر.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: القياس على أنه ما يُشرع قضاؤه من النوافل.
ونوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه قياس مع النص.
الوجه الثاني: أن القياس في العبادات غير معتبر.
الوجه الثالث: أنه قياس على مسألة خلافية.
الدليل الثاني: أن المقصود من القنوت فات بفوات وقته (2).
ونوقش: بأن فوات الوقت لا يقتضي فوات المقصود.
(1) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام من حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل» . أخرجه مسلم في الصحيح (747) من حديث عمر.
(2)
ينظر: ابن القيم، إعلام الموقعين (2/ 400) عن ابن تيمية.