الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية:
رفعُ اليدين بعد الفراغ من القنوت
وفيها فرعان:
الفرع الأول: رفع اليدين بعد الفراغ لمسح الوجه.
الفرع الثاني: رفع اليدين بعد الفراغ للركوع.
الفرع الأول:
رفع اليدين بعد الفراغ لمسح الوجه
اختلف العلماء القائلون باستحباب رفع اليدين عند القنوت في حكم رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه، على قولين:
القول الأول:
لا يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه.
وهو المذهب عند الشافعية (1)، ورواية عن أحمد (2).
وقالوا به سفيان (3).
القول الثاني:
يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت لمسح الوجه.
وهو وجه عند الشافعية (4).
(1) ينظر: النووي، المجموع (3/ 441) والأذكار (119).
(2)
رواية الجماعة عن أحمد. ينظر: عبد الله، المسائل (95)، وأبو داود، المسائل (102)، والمروذي، المسائل كما في الروايتين والوجهين (1/ 164)، والمرداوي، الإنصاف (4/ 132).
(3)
ينظر: محمد بن نصر، الوتر (141)، وهو قول مالك في الصلاة وغيرها. ينظر: القيرواني، النوادر والزيادات (1/ 530).
(4)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 414) والأذكار (119).
ورواية عن أحمد (1) وهي المذهب (2).
وقال به الحسن، وإسحاق (3).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث جابر بن سمرة، قال: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن رافعو أيدينا في الصلاة فقال: «ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمس، اسكنوا في الصلاة» (4).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسكون في الصلاة، ورفع الأيدي لمسح الوجه بعد القنوت ينافي ذلك (5).
(1) رواية عبد الله، المسائل (95).
(2)
ينظر: المرداوي، الإنصاف (4/ 131)، والحجاوي، الإقناع (1/ 222).
(3)
ينظر: عبد الله، المسائل (91)، وإسحاق بن منصور، المسائل (1/ 211)، ومحمد بن نصر، الوتر (141).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
ينظر: المروذي، المسائل كما في الروايتين والوجهين (1/ 164) عن الإمام أحمد.
الدليل الثاني: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح وجهه بيديه بعد الفراغ من القنوت (1).
الدليل الثالث: القياس على سائر الأدعية في الصلاة (2).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دعوت فادع الله ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما، فإذا فرغت فامسح بهما وجهك (3).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من فرغ من الدعاء أن يمسح وجهه بيديه، والأمر يُفيد المشروعية.
(1) قال البيهقي في السنن (1/ 212): لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئا، وإن كان يُروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة فأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه أثر ولا خبر ولا قياس.
(2)
ينظر: ابن أبي عمر، الشرح الكبير (4/ 131).
(3)
أخرجه أبو داود في السنن (1485، 1486)، وابن ماجة في السنن (1170، 3912)، والطبراني في المعجم الكبير (10/ 319)، والحاكم في المستدرك (1/ 536)، ومحمد بن نصر في الوتر (141)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 217).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن الحديث ضعيف (1).
الوجه الثاني: أن الحديث محمول على الدعاء خارج الصلاة.
الدليل الثاني: حديث عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجهه بيديه بعد الدعاء، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على المشروعية.
نوقش بما نوقش به الدليل الأول.
(1) ضعفه أبو داود في السنن، وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 351): حديث منكر، وضعفه محمد =بن نصر في الوتر (141)، والبوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 390).
(2)
أخرجه الترمذي في الجامع (3383) وقال حديث صحيح غريب، إلا أن النووي في المجموع (3/ 42)، وابن الصلاح كما نقل ابن الملقن في البدر المنير (3/ 640): يُنكر أن ثبوت ذلك التصحيح عن الترمذي في النسخ المعتمدة من الجامع. وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 536)، وقال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 205) حديث مُنكر.
الدليل الثالث: حديث يزيد بن سعيد الكندي (1): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح وجهه بيديه بعد الدعاء، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على المشروعية.
ونوقش بما نوقش به الدليل الأول والثاني.
الدليل الرابع: أنه فعل خير، وعمل قليل منسوب إلى الطاعة (3).
نوقش: بأن العبادة مبناها على التوقيف (4).
(1) يزيد بن سعيد بن تُمامة الكندي، أبو السائب، صحابي شهد الفتح واستقضاه عمر. ابن حجر، التقريب (1075).
(2)
أخرجه أبو داود في السنن (1492)، وأحمد في المسند (4/ 221)، قال ابن حجر في الإصابة (10/ 348): في سنده ابن لهيعة.
(3)
ينظر: ابن عبد البر، التمهيد (5/ 31)، وابن القيم، بدائع الفوائد (4/ 1504).
(4)
كما في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» أخرجه مسلم في الصحيح (1718)، وأحمد في المسند (6/ 146، 180، 256).
الفرع الثاني:
رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود (1)
اختلف العلماء القائلون بمشروعية القنوت بعد الركوع في حكم رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود، على قولين:
القول الأول:
لا يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود.
وهو قول المالكية (2)، والشافعية (3).
القول الثاني:
يُشرع رفع اليدين بعد الفراغ من القنوت للسجود.
وهو قول الحنابلة (4).
(1) أما من يرى القنوت قبل الركوع: فإن المشروع رفع اليدين للتكبير للركوع لا للفراغ من القنوت، وذلك عند من يقول بمشروعية رفع اليدين وهم الشافعية والحنابلة. ينظر: النووي، المجموع (3/ 337)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (3/ 473).
(2)
ينظر: العدوي، الشرح الكبير (1/ 396).
(3)
ينظر: النووي، المجموع (3/ 437، 471) حسبما يظهر من كلامهم.
(4)
رواية أبي داود عن الإمام أحمد، وهو المذهب. ينظر: أبو داود المسائل (96) ومحمد بن نصر، الوتر (137)، المرداوي، الإنصاف (4/ 132)، والحجاوي، الإقناع (1/ 222).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث جابر بن سمرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اسكنوا في الصلاة» (1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسكينة في الصلاة، ورفع الأيدي بعد الفراغ من القنوت للسجود ينافي ذلك.
الدليل الثاني: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنهم فعلوا ذلك، والعبادة مبناها على التوقيف.
أدلة القول الثاني:
استدلوا بالقياس على مشروعية رفع الأيدي للتكبير بعد الفراغ من القراءة من القراءة في الصلاة (2).
ونوقش من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن رفع الأيدي للتكبير بعد الفراغ من القراءة في القيام للركوع لا للفراغ من القراءة.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
ينظر: المرداوي، الإنصاف (4/ 132).
الوجه الثاني: أنه قياس على مسألة خلافية (1).
الوجه الثالث: أن القياس في العبادات غير معتبر.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- هو القول الأول؛ وذلك لقوة أدلته وورود المناقشة على دليل القول الثاني.
(1) ذهب الحنفية والمالكية: إلى أنه لا يُشرع رفع اليدين عند التكبير للركوع. ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 309)، والعدوي، الشرح الكبير (1/ 396).