الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية:
قضاء القنوت في الوتر للمأموم
وفيها فرعان:
الفرع الأول: قضاء القنوت في الوتر إذا كان الوتر ركعة واحدة.
الفرع الثاني: قضاء القنوت في الوتر إذا كان الوتر أكثر من ركعة.
الفرع الأول:
قضاء القنوت في الوتر إذا كان الوتر ركعة واحدة
إذا أدرك المأموم الوتر بعد فراغ الإمام من القنوت وقبل الرفع من الركوع، فإنه كمن أدرك القنوت معه؛ لأنه بإدراكه الركعة صار مدركا كل ما فيها من القنوت وغيره من الأقوال والأفعال (1)، ويدل لذلك ما يأتي:
الدليل الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» (2).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إدراك الركعة كإدراك الصلاة من أولها.
(1) أما إذا أدركه بعد الرفع من الركوع فحكمه حكم المسبوق إذا كان الوتر أكثر من ركعة، كما سيأتي وقد اختلف العلماء فيما يُدرك به الوتر، وعامة أهل العلم على أنه يدرك بإدراك التكبير قبل سلام الإمام. وهو قول الحنفية والشافعية والمذهب عند الحنابلة. ينظر: البابرتي، العناية (1/ 84)، والنووي، المجموع (4/ 104)، والمرداوي، الإنصاف (4/ 291).
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح (580)، ومسلم في الصحيح (607)، وأحمد في المسند (2/ 241، 265، 271، 280، 376).
الدليل الثاني: حديث عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته» (1).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل إدراك الركعة كإدراكها تامة من أولها.
(1) أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 274)، وابن ماجة في السنن (1110)، والدارقطني في السنن (2/ 12)، والطبراني في الأوسط (2/ 276)، وصححه ابن دقيق العبد في الإلمام (169)، وضعفه ابن أبي حاتم في العلل (1/ 210).
الفرع الثاني:
قضاء القنوت في الوتر إذا كان أكثر من ركعة
مَن أدرك القنوت في الركعة الأخيرة من الوتر مع الإمام ثم قام إلى قضاء ما سُبق به، فقد اختلف العلماء في حكم القنوت فيما يقضيه من الوتر، على قولين:
القول الأول:
لا يُشرع القنوت فيما يقضيه من الوتر.
وهو مذهب الحنفية، والمالكية، وقول للشافعي، ورواية عن أحمد وهي المذهب (1).
القول الثاني:
يُشرع القنوت فيما يقضيه من الوتر.
وهو قول للمالكية، والمذهب عند الشافعية، ورواية عن أحمد (2).
(1) ينظر: ابن الهمام، فتح القدير (1/ 520)، والقرافي، الذخيرة (2/ 278)، والنووي، المجموع (3/ 395)، والمرداوي، الإنصاف (4/ 298).
(2)
ينظر: القرافي، الذخيرة (2/ 278)، والنووي، المجموع (3/ 395)، وابن أبي عمر، الشرح الكبير (4/ 299).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«صل ما أدركت واقض ما سبقك» (1).
وجه الاستدلال:
إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسبوق بالقضاء، والمقضي هو الفائت وهو أول الصلاة، فلا يقنت فيما بقي (2).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن رواية (فأتموا) أشهر وأكثر (3).
وأجيب: بأن شهرة لفظ (فأتموا) لا تسقط اعتبار اللفظ المذكور، فكلاهما لفظ صحيح ثابت (4).
الوجه الثاني: أن القضاء بمعنى الإتمام (5).
(1) أخرجه مسلم في الصحيح (602)، وأحمد في المسند (2/ 460).
(2)
ينظر: ابن أبي عمر، الشرح الكبير (4/ 299).
(3)
ينظر: سنن أبي داود (1/ 421)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 297)، وابن عبد البر، التمهيد (4/ 38).
(4)
ينظر: ابن عبد البر، التمهيد (4/ 44)، وابن دقيق العيد، الإلمام (148)، وابن الملقن، البدر المنير (4/ 406).
(5)
ينظر: ابن الملقن، المصدر السابق.
وأجيب: بأن القضاء ليس بمعناه اصطلاحا (1).
الدليل الثاني: حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» (2).
واستدلوا به من وجهين:
الوجه الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالإتمام بالإمام، ولا يكون مؤتما إلا أن يكون ما أداه هو آخر الصلاة، فلا يقنت فيما بقي.
الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن لا يخالف المأموم الإمام، ولا يتحقق إلا أن يكون ما أداه هو آخر الصلاة فلا يقنت بعد ذلك.
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» (3).
(1) ينظر: الفيومي، المصباح (413).
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح (722)، ومسلم في الصحيح (414)، وأحمد في المسند (2/ 230، 314، 420).
(3)
أخرجه البخاري في الصحيح (908)، ومسلم في الصحيح (602)، وأحمد في المسند (2/ 170، 237، 238، 270، 318، 382، 452، 472، 489، 529).
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسبوق بالإتمام، والتمام هو آخر الصلاة فيقنت فيما بقي (1).
ونوقش: بأن الإتمام هو الإكمال (2).
الدليل الثاني: القياس على آخر الصلاة؛ لأنه يختم بالتسليم ولا يفتتح بالتكبير للإحرام (3).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أنه قياس مع النص.
الوجه الثاني: أن القياس في العبادات غير معتبر.
(1) ينظر: ابن عبد البر، التمهيد (4/ 44).
(2)
ينظر: الفيومي، المصباح (73).
(3)
ينظر: ابن عبد البر، التمهيد (4/ 43).