الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في أخوة الإسلام وحق المسلم على المسلم]
" 125 " باب ما جاء في أخوة الإسلام
وحق المسلم على المسلم وقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} وقوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية: [المائدة: 54] .
252 -
وفي الصحيح «لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام أفضل» .
ــ
(252)
رواه البخاري فضائل الصحابة 7 / 17 رقم 3656، 3657 من حديث ابن عباس.
قال الحافظ 7 / 13.
" واختلف في المودة والخلة والمحبة والصداقة هل هي مترادفة أو مختلفة قال أهل اللغة الخلة أرفع رتبة وهو الذي يشعر به هذا الحديث وكذا قوله صلى الله عليه وسلم «لو كنت متخذا خليلا غير ربي» فإنه يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم ".
وهذا الحديث منقبة عظيمة لأبي بكر لم يشاركه فيها أحد. وقال الحافظ 7 / 13.
وفيه إشكال فإن الخلة أفضل من أخوة الإسلام، لأنها تستلزم ذلك وزيادة، فقيل المراد أن مودة الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من مودته مع غيره، وقيل أفضل بمعنى فاضل، ولا يعكر على ذلك اشتراك جميع الصحابة في هذه الفضيلة لأن رجحان أبي بكر عرف من غير ذلك وأخوة الإسلام ومودته متفاوتة بين المسلمين في نصر الدين وإعلاء كلمة الحق وتحصيل كثرة الثواب ولأبي بكر من ذلك أعظمه وأكثره والله أعلم.
253 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعا «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» أخرجاه.
254 -
ولهما عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما مرفوعا «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» .
ــ
(253)
رواه البخاري الصلاة 1 / 565 رقم 481، 2446، 6026 ومسلم البر والصلة 4 / 1999 رقم 2585.
(254)
رواه البخاري الأدب 10 / 438 رقم 6011 ومسلم البر 4 / 1999 رقم 2586. جاء في الفتح 10 / 439.
قال ابن أبي جمرة الذي يظهر أن التراحم والتوادد والتعاطف وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينهما فرق لطيف فأما التراحم فالمراد به أن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإيمان لا بسبب شيء آخر، وأما التوادد فالمراد به التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي، وأما التعاطف فالمراد به إعانة بعضهم بعضا كما يعطف الثوب عليه ليقويه.
قال القاضي عياض فتشبيه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح وفيه تقريب للفهم وإظهار للمعاني في الصور المرئية وفيه تعظيم حقوق المسلمين، والحض على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضا.
قال ابن أبي جمرة: شبه النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بالجسد وأهله بالأعضاء لأن الإيمان أصل وفروعه التكاليف فإذا أخل المرء بشيء من التكاليف شأن ذلك الإخلال بالأصل، وكذلك الجسد أصل الشجرة وأعضاؤه كالأغصان فإذا اشتكى عضو من الأعضاء اشتكت الأعضاء كلها كالشجرة إذا ضرب غصن من أغصانها اهتزت الأغصان كلها بالتحرك والاضطراب.
255 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تناجشوا ولا تدابروا. ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا - المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التقوى هاهنا - وأشار إلى صدره ثلاث مرات - بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه» رواه مسلم.
256 -
ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» .
ــ
(255)
رواه مسلم البر والصلة 4 / 1986 رقم 2564.
(256)
رواه البخاري المظالم 5 / 97 رقم 2442 ومسلم البر والصلة 4 / 1996 رقم 2580.
أسلم فلان فلانا: إذا ألقاه إلى الهلكة ولم يحمه من عدوه وهو عام في كل من أسلم لغيره لكن غلب في الإلقاء إلى الهلكة.
ولا يسلمه: أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه.
كربه: أي غمه والكرب هو الغم الذي يأخذ النفس.
من ستر مسلما: أي من رآه على قبيح فلم يظهره أي للناس وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه.
والستر محله في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها، فيجب الإنكار عليه وإلا رفعه إلى الحاكم المسلم، وليس من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة، وفيه إشارة إلى ترك الغيبة لأن من أظهر مساوئ أخيه لم يستره.
257 -
ولهما عن أنس رضي الله عنه مرفوعا «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» .
258 -
وللبخاري عنه مرفوعا «انصر أخاك ظالما أو مظلوما " فقال رجل يا رسول الله إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال: " تحجزه وتمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه» والله تعالى أعلم.
تمت بحمد الله ومنته وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا.
ــ
(257)
رواه البخاري الإيمان 1 / 56 رقم 13 ومسلم الإيمان 1 / 67 رقم 45.
قال الحافظ 1 / 57.
لا يؤمن: أي من يدعي الإيمان، والمراد بالنفي، كمال الإيمان، ونفي اسم الشيء على معنى نفي الكمال عنه مستفيض في كلامهم، كقولهم فلان ليس بإنسان، فإن قيل فيلزم أن يكون من حصلت له هذه الخصلة مؤمنا كاملا وإن لم يأت ببقية الأركان، أجيب بأن هذا ورد مورد المبالغة، أو يستفاد من قوله لأخيه المسلم ملاحظة بقية صفات المسلم، وقد صرح ابن حبان في رواية " لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان " ومعنى الحقيقة هنا الكمال. وضرورة أن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرا.
(258)
رواه البخاري المظالم 5 / 98 رقم 2443، 2444، الإكراه 12 / 323 رقم 6952. جاء في الفتح 5 / 98.
قال ابن بطال: النصر عند العرب الإعانة، وتفسيره لنصر الظالم بمنعه من الظلم من تسمية الشيء بما يئول إليه، وهو من وجيز البلاغة قال البيهقي: معناه أن الظالم مظلوم في نفسه فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حسا ومعنى فلو رأى إنسانا يريد أن يَجُبَّ نفسه لظنه أن ذلك يزيل مفسدة طلبه الزنا مثلا منعه من ذلك وكان ذلك نصرا له، واتحد في هذه الصورة الظالم والمظلوم.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.