الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب ما جاء في الفتن]
" 90 " باب ما جاء في الفتن وقول الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} الآية: [الأنفال: 25] وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} الآية: [الأنعام: 65] .
177 -
ــ
(177)
رواه مسلم الإمارة 3 / 1472 رقم 1844.
ومنا من ينتضل: هو من المناضلة وهي المراماة بالنشاب.
جشره: هي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها.
يرقق بعضها بعضا: أي يصير رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعد فالثاني يجعل الأول رقيقا.
وليأت إلي الناس الذي يجب أن يؤتى إليه.
قال النووي: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها، وأن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يجب أن يفعلوه معه.
178 -
وله عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا» .
179 -
وله عن معقل بن يسار رضي الله عنه مرفوعا «العبادة في الهرج كهجرة إلي» .
ــ
(178)
رواه مسلم الإيمان 1 / 110 رقم 118.
معني الحديث الحث، على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بها يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم لا المقمر ووصفه صلى الله عليه وسلم نوعا من شدائد تلك الفتن وهو أن يمسي مؤمنا ثم يصبح كافرا أو عكسه وهذا لعظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب.
(179)
رواه مسلم الفتن 4 / 2268 رقم 2948.
المراد بالهرج هنا الفتنة واختلاط أمور الناس. وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يفعلون عنها ويشتغلون عنها ولا يتفرغ لها إلا أفراد.
كهجرة إلي: أي في كثرة الثواب أو يقال المهاجر في الأول كان قليلا لعدم تمكن أكثر الناس من ذلك فهكذا العابد في الهرج قليل. ووجه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرون فيه من دار الكفر وأهله إلى دار الإيمان وأهله فإذا وقعت الفتن تعين على المرء أن يفر بدينه من الفتنة إلى العبادة ويهجر أولئك القوم وتلك الحالة وهو أحد أقسام الهجرة.
180 -
ــ
(180)
رواه البخاري الصلاة 2 / 8 رقم 525. 1435، 1895، 3586، 7096، ومسلم الإيمان 1 / 128 رقم 144 والفتن 4 / 2218 رقم 144.
قال الحافظ: يحتمل أن يكون كل واحدة من الصلاة وما معها مكفرة للمذكورات كلها لا لكل واحدة منها، وأن يكون من باب اللف والنشر بأن الصلاة مثلا مكفرة الفتنة في الأهل والصوم في الولد. . إلخ.
والمراد بالفتنة ما يعرض للإنسان مع ما ذكر من الشر، أو الالتهاء بهم أو أن يأتي لأجلهم بما لا يحل له أو يخل بما يجب عليه.
والفتنة بالأهل تقع بالميل إليهن أو عليهن في القسمة والإيثار حتى في أولادهن، أو من جهة التفريط في الحقوق الواجبة لهن، والفتنة بالمال يقع بالاشتغال به عن العبادة أو بحبسه عن إخراج حق الله، والفتنة بالأولاد تقع بالميل الطبيعي إلى الولد وإيثاره على كل أحد، والفتنة بالجار تقع بالحسد والمفاخرة والمزاحمة في الحقوق وإهمال التعاهد. وأما تخصيص الصلاة وما ذكر معها بالتكفير دون سائر العبادات ففيه إشارة إلى تعظيم قدرها لا نفي أن غيرها في الحسنات ليس فيها صلاحية التكفير.
وخص الرجل بالذكر لأنه في الغالب صاحب الحكم في داره وأهله وإلا فالنساء شقائق الرجال في الحكم.
وتكفير الذنوب لا يختص بالأربع المذكورات بل نبه بها على ما عداها، والضابط أن كل ما يشغل صاحبه عن الله فهو فتنة له، وكذلك المكفرات لا يختص بما ذكر، بل نبه به على ما عداها، فذكر من عبادة الأفعال الصلاة والصوم ومن عبادة المال الصدقة ومن عبادة الأقوال الأمر بالمعروف، ومعنى تموج كموج البحر: أي تضطرب اضطراب البحر عند هيجانه، وكنى بذلك عن شدة المخاصمة وكثرة المنازعة وما ينشأ عن ذلك من المشاتمة والمقاتلة.
ومعنى أن بينك وبينها بابا مغلقا: أي لا يخرج من الفتن في حياتك.
وقد آثر حذيفة الحرص على حفظ السر ولم يصرح لعمر بما سأل عنه، وإنما كنى عنه كناية، ويحتمل أن حذيفة علم أن عمر يقتل ولكنه كره أن يخاطبه بالقتل لأن عمر كان يعلم أنه الباب فأتى بعبارة يحصل بها المقصود بغير تصريح بالقتل.
181 -
ولمسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه مرفوعا «إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة القاعد فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ومن كان له غنم فليلحق بغنمه. ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه فقال رجل» :
ــ
(181)
رواه مسلم الفتن 4 / 2212 رقم 2887.
قال النووي رحمه الله 18 / 10.
«القاعد فيها خير من القائم:» معناه عظم خطرها والحث على تجنبها والهرب منها ومن التشبث في شيء وأن شرها وفتنتها يكون على حسب التعلق بها.
قيل المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث ليسد على نفسه هذا القتال، وقيل هو مجاز والمراد ترك القتال، والأول أصح. وهذا الحديث وما في معناه مما يحتج به من لا يرى القتال في الفتنة بكل حال، وقد اختلف العلماء في قتال الفتنة، فقالت طائفة لا يقاتل في فتن المسلمين، وإن دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه، لأن الطالب متأول.
وقالت طائفة يجب نصر المحق في الفتن والقيام معه بمقاتلة الباغين كما قال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} وهذا هو الصحيح، وتتأول هذه الأحاديث على من لم يظهر له المحق أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد واستطال أهل البغي والمبطلون والله أعلم.
182 -
ولأبي داود (1) عن سعد «قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل علي بيتي وبسط إلي يده ليقتلني فقال: " كن كخير ابني آدم " وتلا هذه الآية {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} » الآية [المائدة: 28] .
ــ
(182)
صحيح، رواه أبو داود الفتن 4 / 99 رقم 4257 والترمذي الفتن 4 / 421 رقم 2194 وأحمد 1 / 185. وقد ذكر الشيخ ناصر شواهده في الإرواء 2541.
(1) جاء ولابن ماجه والصواب ما أثبت فالظاهر أنها تغيرت من قبل النساخ.