الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ أَوِ اصْفَرَّتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ الْوُسْطَى صَلاةِ الْعَصْرِ مَلأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا"(1).
ت- تفسير القرآن بقول الصحابي:
إن الصحابة رضوان الله عليهم عايشوا التنزيل، وعرفوا بجملتهم في ماذا أنزلت الآيات، وأعانهم على ذلك أن القرآن نزل إليهم منجماً، ولم ينزل دفعة واحدة، ليكون أرسخ للفهم، وأسهل في الامتثال والتطبيق.
ومثال ذلك تفسير ابن عباس لسورة النصر، وأنها علامةُ أجلِ النبي صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس قال:"كان عمر يُدْخِلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لِمَ تُدْخِل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه ممَّن قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيته دعاني يومئذ إلا لِيُرِيَهم مني، فقال: ما تقولون في قوله تعالى: : [إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ] {النَّصر: 1}، حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا جاء نصرنا وفُتِحَ علينا، وقال بعضهم: لا ندري، فقال لي: يا ابن عباس أكذلك تقول؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه به: [إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ] {النَّصر: 1}، فتح مكة، فذلك علامة أجلك [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا] {النَّصر: 3}، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم"(2).
ث- تفسير القرآن بقول التابعي:
قد اختلف العلماء في تفسير التابعي هل هو من المأثور أم من التفسير بالرأي؟ بمعنى هل نحمله على أنه منقول عن الصحابة رضوان الله عليهم اللذين- عايشوا التنزيل- أم باجتهادٍ منهم.
قال ابن تيمية: "وقال شعبة بن الحجاج (3): أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟ ! يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يُرتَاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك"(4).
ولو رتب ابن تيمية الرجوع إلى لغة القرآن، والسنة، ثم إلى أقوال الصحابة، ثم إلى عموم لغة العرب لكان خيراً من التخيير في الرجوع عند اختلاف أقوال التابعين.
(1) البخاري مع الفتح، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة 6/ 89، برقم (2931)، ومسلم مع شرح النووي باب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر 5/ 129، برقم (1458).
(2)
البخاري مع الفتح، باب قوله:[فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا]{النَّصر: 3} : 8/ 919.
(3)
هو شعبة بن الحجاج بن الورد الواسطي، أبو بسطام الأزدي العتكي، مولاهم، عالم أهل البصرة في زمانه، وأمير المؤمنين في الحديث، سكن البصرة، ورأى الحسن وسمع منه مسائل، وروى عن أنس وابن سيرين وغيرهم، ولد سنة اثنتين وثمانين، وتوفي سنة ستين ومائة للهجرة، وروى له الجماعة، انظر: الوافي بالوفيات، أبي الصفاء صلاح الدين خليل بن أيبك الألبكي الصفدي 5/ 206، تحقيق: أحمد الأرناؤوط، وتركي مصطفى، دار إحياء التراث- بيروت 1420 هـ - 2000 م.
(4)
مقدمة التفسير، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني ص 42، دار مكتبة الحياة-لبنان، ط/1490 هـ.
قال محمد الزرقاني (1): "أما ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف بين العلماء: منهم من اعتبره من المأثور؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالباً، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي، وفي تفسير ابن جرير الطبري كثيرٌ من النقول عن الصحابة والتابعين في بيان القرآن الكريم"(2).
وقيل: "وإنما أدرجنا في التفسير بالمأثور ما رُوِىَ عن التابعين- وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرأي- لأننا وجدنا كتب التفسير بالمأثور، كتفسير ابن جرير الطبري وغيره، لم تقتصر على ما رُوِىَ عن النبي صلى الله عليه وسلم وما رُوِىَ عن أصحابه، بل ضمت إلى ذلك ما نُقِل عن التابعين في التفسير"(3).
ومن خلال صنيع ابن جرير الطبري وغيره من المفسرين، يتبين أن قول التابعين يعتبر من التفسير بالمأثور لقربهم من الذين شهدوا الوحي وتلقوا عنهم، خلافا لقول ابن تيمية، ومن أهم مؤلفات التفسير بالمأثور:
-جامع البيان في تأويل آي القرآن، للإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري.
- تفسير القرآن العظيم، للإمام الحافظ ابن كثير البصري (4).
-الدر المنثور في التفسير بالمأثور للإمام السيوطي.
ومن أبرز جماعة التابعين ممن اشتهروا بمعرفة التفسير فبرعوا ونبغوا فيه:
1 -
سعيد بن جبير (ت 95 هـ)
2 -
عكرمة (ت 107 هـ)
3 -
مجاهد (ت 101 أو 102 أو 103 أو 104 هـ)
4 -
أبو العالية (ت 90 هـ)
5 -
قتادة (ت 110 هـ)
6 -
عامر الشعبي (ت 105 هـ)
7 -
مسروق (ت 63 هـ)
8 -
الحسن البصري (ت 110 هـ)
9 -
الضحاك بن مزاحم (ت 105 أو 106 هـ).
وقد استفادوا من تلك المنهجية العلمية الدقيقة التي بوأتهم مكانة مرموقة، فتصدروا مجالس العلم وبدأ بعضهم بتدوين التفسير فكانوا طليعة الفرسان في هذا الميدان، ففي عصرهم بدأ تدوين التفسير، وأول من قام بذلك سعيد ابن جبير الأسدي (ت 95 هـ) عندما كتب الخليفة
(1) هو محمد عبد العظيم الزرقاني، من علماء الأزهر بمصر، تخرج بكلية أصول الدين، وعمل بها مدرساً لعلوم القرآن والحديث، وتوفي بالقاهرة عام سبع وستين وثلاثمائة وألف للهجرة- الموافق ثمان وأربعين وتسعمائة وألف ميلادية، انظر: الأعلام، خير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي 6/ 210، دار العلم للملايين، ط/ الخامسة عشر 2002 م.
(2)
مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد الزرقاني 2/ 12، دار الفكر- بيروت، ط/الأولى 1996 م.
(3)
التفسير والمفسرون، محمد حسين الذهبي 1/ 139، مكتبة وهبة- مصر، ط/ الأولى 1409 هـ.
(4)
هو الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء البصري ثم الدمشقي، فقيه مفسر مؤرخ، ولد سنة سبعمائة للهجرة، وتوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، انظر: معجم المحدثين للذهبي ص 41، والمنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، جمال الدين يوسف بن عبدالله، الملقب ابن تغري بردي 1/ 177، (بدون).
الأموي عبد الملك بن مروان يسأل سعيد ابن جبير أن يكتب إليه بتفسير القرآن وقد استجاب له فصنف التفسير وقد وجد عطاء بن دينار هذا التفسير في الديوان، فرواه عن سعيد وجادة (1).
وفي هذا العصر انتشرت كتابة التفسير، روى الدارمي عن عمرو بن عون، أنا فضيل، عن عبيد المكتب قال:" رأيتهم يكتبون التفسير عن مجاهد"(2).
وأخرجه الخطيب البغدادي من طريق وكيع بن فضيل ابن عياض به (3).
وأخرج الخطيب البغدادي بسنده عن أبي يحيى الكناسي قال: "كان مجاهد يصعد بي إلى غرفته فيخرج إليّ كتبه فأنسخ منها"(4).
أشهر تفاسير أتباع التابعين وما بعدهم
وقد واكب هذا التدوينُ الفتحَ الإسلامي الذي امتدت أطرافه شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً مما أدى إلى اتساع انتشار هذا العلم إضافة إلى ذلك ازدياد الرحلات العلمية، وكان لتدوينه أيضاً أثر كبير في انتشاره وتداوله عند أهل العلم من صغار التابعين وأتباع التابعين مثل:
1 -
الضحاك بن مزاحم الهلالي (ت 105 هـ أو 106 هـ)
2 -
ومقاتل بن سليمان البلخي (ت 105 هـ وقد طبع تفسيره (5).
3 -
وطاوس بن كيسان اليماني (ت 106 هـ)
4 -
وقتادة بن دعامة السدوسي (ت 110 هـ)
5 -
ومحمد بن كعب القرظي (ت 118 هـ)
6 -
والسدي الكبير (ت 127 هـ)
7 -
وعبد الله بن يسار المعروف بابن أبي نجيح (ت 131 هـ)
8 -
وعطاء الخراساني (ت 135 هـ وقد حققتُ قطعة من تفسيره (6).
9 -
وزيد بن أسلم العدوي (ت 136 هـ)
10 -
والربيع بن أنس البكري (ت 140 هـ)
11 -
وعلي بن أبي طلحة (ت 143 هـ استخرج السيوطي أغلب صحيفة علي بن أبي طلحة من تفسيري الطبري وابن أبي حاتم (7).
12 -
والأعمش سليمان بن مهران (ت 147 هـ أو 148 هـ)(8).
وكل هذه التفاسير قد أفرد لكل تفسير مؤلف جمعت في مرويات كل مفسر، وأغلبها رسائل جامعية.
(1) رواه ابن أبي حاتم عن أبيه في الجرح والتعديل 6/ 332.
(2)
السنن - باب من رخص في كتابة العلم 1/ 128.
(3)
تقييد العلم ص 105.
(4)
تقييد العلم ص 105.
(5)
حققه د. عبد الله محمود شحاتة وطبعته الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة. .
(6)
نشرته مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
(7)
انظر الإتقان 2/ 6 - 46، والصحيح المسبور في التفسير بالمنثور: 1/ 17.
(8)
كل هؤلاء المفسرين لهم تفاسير ذكرت في كتب طبقات المفسرين للسيوطي والداوودي وعمر نزيه التركي -باللغة التركية- ومعجم المفسرين لعادل نوهيض، وكتب فهارس التراث مثل كشف الظنون وفهرست ابن النديم وتاريخ التراث لسزكين وكتب الإجازات مثل المعجم المفهرس لابن حجر.