الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأرض نوّخها الإله طروقة
…
للماء حتّى كلّ زند مسفد
والأرض معقلنا وكانت أمّنا
…
فيها مقابرنا وفيها نولد
وأنشد أحمد بن عبيدة (1):
نأوي إلى أمّ لنا تعتصب
…
كما ولها أنف عزيز وذنب
وحاجب ما إن نواريها الغصب
…
من السحاب ترتدي وتنتقب
يعني: نصبه كما وصف لها. وسميت الفاتحة أمّا لهذه المعاني.
وقال الحسين بن الفضل: "سميت بذلك لأنها إمام لجميع القرآن تقرأ في كل صلاة وتقدم على كل سورة، كما أن أمّ القرى إمام لأهل الإسلام، وقال ابن كيسان: سميت بذلك لأنها تامة في الفضل"(2).
وقيل: أصالتها من حيث أنَّها محكمةٌ لم يتطرَّق إليها نسخٌ، من قوله تعالى:{مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} ] آل عمران: 7] (3).
ثالثا: - أمُّ القرآن:
واختلف فيه أيضا، فجوزه الجمهور ومنهم الحسن الذي كره تسميتها بأمِّ الكتاب، وكرهه أنس وابن سيرين، والأحاديث الثابتة ترد هذين القولين (4).
وقد ورد تسميتُها بذلك في أحاديث كثيرة:
منها حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كلُّ صلاةٍ لا يُقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خِدَاجٌ" خرَّجه مُسْلِمٌ (5).
وخرَّج من حديث عُبادة أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن"(6).
الرابع: - السبع المثاني:
وقد فسَّرها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالفاتحة كما سيأتي ذكره، وذكر وكيع في "كتابه" عن سفيان عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود الأنصاريِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:" {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ}] الحجر: 87 [قال: فاتحة الكتاب".
وممن قال (الفاتحة هي السبع المثاني): ابنُ عبَّاسٍ وابنُ عمر والحسن ومجاهدٌ وعكرمةُ وخلقٌ كثيرٌ.
واختلف في سبب تسميتها بالمثاني على أقوال:
أحدها: إذ هي سبع آياتٍ اتِّفاقاً (7)، وليس في القرآن ما هو كذلك سواها (8)، إنْ غَيَّر بعضُهم عَدّ التَّسمية آية دون {صراط الذين أنعمتَ عليهم} ، وبعضُهم عَكَس (9)، وهذا القول هو المشهور (10).
(1) لسان العرب: 15/ 168
(2)
تفسير الثعلبي: 1/ 127.
(3)
انظر: تفسير الفاتحة، الحافظ أبو الفرج عبدالرحمن بن أحمد بن رجب الدمشقي الحنبلي:16.
(4)
انظر: تفسير القرطبي: 1/ 112.
(5)
صحيح مسلم: (395).
(6)
صحيح مسلم: (394).
(7)
اتفق القراء والمفسرون بأنها سبع آيات، ولم يشذ عن ذلك إلا الحسن البصري فقال هي ثمان آيات، وإلا الحسين الجعفي فقال هي ست آيات، وقال البعض أنها تسع آيات، ويتعين حينئذ كون البسملة ليست من الفاتحة لتكون سبع آيات ومن عدّ البسملة أدمج الآيتين. (انظر: التحرير والتنوير، ابن عاشور: 1/ 135).
(8)
ليس في القرآن سورة هي سبع آيات سوى " الفاتحة "، و " أرأيت " ولا ثالث لهما.
قال جعفر بن أحمد بن الحسين السرّاج البغدادي في أرجوزته التي نظم فيها النظائر:
فَسُوْرَةُ الحَمْدِ لَهَا نَظِيْرَهْ
…
أَرَأَيْتَ إِنْ أَنْتَ قَرَأْتَ السُّوْرَه
كلاهما إذا عددتَّ سبعُ.
…
وليس للحق اليقين دفعُ
(انظر: أرجوزة في نظائر القرآن العظيم ل 20 نسخة مكتبة بلدية الإسكندرية، ومنها نسخة مصورة بمعهد البحوث العلمية برقم 1143) وهو جعفر بن أحمد بن الحسين أبو محمد السراج البغدادي القارئ، كان عالما بالقراءات والنحو واللغة، كثير التصنيف، توفي سنة خمسمائة. سير أعلام النبلاء 19/ 288 وبغية الوعاة 1/ 485.
(9)
انظر في: البيان في عد آي القرآن، لأبي عمرو الداني 139.
(10)
وأما تأويل اسمها أنها " السَّبْعُ "، فإنها سبعُ آيات، لا خلاف بين الجميع من القرَّاء والعلماء في ذلك، وإنما اختلفوا في الآي التي صارت بها سبع آيات:
القول الأول: فقال معظم أهل الكوفة ومكة: صارت سبع آيات بـ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ورُوي ذلك عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين والشافعي يعد البسملة آية منها.
القول الثاني: قالوا هي سبع آيات، وليس منهن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ولكن السابعة (أنعمت عليهم)، وذلك قول معظم قَرَأةِ أهل المدينة والبصرة والشام ومُتْقنيهم ومنهم الإمام مالك.
قال الطيبي: وعدّ التسمية أولى؛ لأن (أنعمت عليهم) لا يناسب وزانه وزان فواصل السور، ولما روى البغوي (هو الحسن بن مسعود بن محمد محيي السنة أبو محمد البغوي الشافعي المفسر، كان سيدا إماما، عالما علامة، زاهدا قانعا بالسير، توفي سنة ست عشرة وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 19/ 439 وطبقات الشافعية الكبرى 7/ 75.) في " شرح السنة " عن ابن عباس أنه قال: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآية السابعة "(رواه الشافعي في المسند 79 ومن طريقه البغوي في شرح السنة 3/ 50 من طريق عبد المجيد، والطبري في تفسير الطبري 14/ 55 من طريق يحيى الأموي، والحاكم في المستدرك 2/ 257 من طريق حفص بن غياث، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 44 من طريق حجاج بن محمد الأعور، وحفص بن غياث، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 200 من طريق أبي عاصم كلهم (عبد المجيد، ويحيى وحفص، وحجاج، وأبو عاصم) عن ابن جريح عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.
وصحح السيوطي سنده في الإتقان 1/ 246 وفي التصحيح نظر، فإن في سنده عبد العزيز بن جريج، قال الحافظ بن حجر عنه: لين، التقريب 611).
وتجدر الإشارة بأن الإمام أبو عمر ابن عبد البر قد ألف رسالة في البسملة سماها "الإنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب من الاختلاف" سرد فيها مذاهب العلماء في البسملة، في قرآنيتها وعدم قرآنيتها، في الجهر بها والإسرار بها، وساق فيها ما استدل به كل على مذهبه، ولم يمل فيها إلى مذهب الشافعي كما قاله المؤلف، وسبقه إليه عبد الرحمن بن إسماعيل شهاب الدين أبو محمد المشهور بأبي شامة في كتاب البسملة ل 2 - بل مال إلى مذهب إمامه مالك بن أنس، فإنه قال فيها 192: أجمع علماء المسلمين على أنها سبع آيات، فدل هذا الحديث على أن أنعمت عليهم آية، وبسم الله الرحمن الرحيم ليست آية من أول السورة، وهذا عد أهل المدينة والشام والبصرة، وأما أهل مكة وأهل الكوفة من العلماء والقراء فيعدون بسم الله الرحمن الرحيم أول آية من أم القرآن، وليست أنعمت عليهم بآية عندهم، فهذا حديث قد رفع الإشكال في سقوط: بسم الله الرحمن الرحيم، ورجاله
ثقات: أبو حامد الغزالي (1)، والفقيه سلطان بن إبراهيم المقدسي (2)، وأبو الفتح سليم بن أيوب الرازي، وأبو المعالي مُجَلِّي صاحب (3)" الذخائر "، والحافظ أبو شامة (4).
وعليه قراء مكة، كابن كثير (5)(والكوفة) كعاصم (6) حمزة (7) والكسائي (8).
وممن خالفهم من قراء المدينة: كنافع (9) والبصرة: كأبي عمرو (10)، والشام كابن عامر (11).
أما سبب الإختلاف في البسملة فمرده" أنه قد وقع الإجماع على استحباب ذكر الله تعالى عند ابتداء كل أمر له بال حين الشروع فيه، وقد ورد فيه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد كانت العرب في الجاهلية تفعل ذلك فيقولون: باسمك اللهم، ويدلّ عليه ما في قصة هدنة الحديبية (12)، ثم إنه شرع للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لفظ البسملة. وذكر الله تعالى
(1) سرد العلامة محمد بن محمد الحسيني الزبيدي في مقدمة شرح إحياء علوم الدين "إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين" مؤلفات الغزالي، ثم ألف عبد الرحمن بدوي كتابا حافلا في مؤلفات الغزالي، ولم يرد في واحد من الكتابين كتاب مفرد للغزالي في البسملة، بيد أن الغزالي تعرض لمسألة البسملة في كتابه "المستصفى" 2/ 13 - 23 وذكر أنه أورد أدلة كون البسملة من القرآن في كتاب حقيقة القولين، فلعله التصنيف الذي عناه السيوطي.
(2)
هو سلطان بن إبراهيم بن المسلم أبو الفتح المقدسي، كان من أفقه الفقهاء بمصر، تفقه عليه صاحب الذخائر، توفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة. طبقات الشافعية الكبرى 7/ 94 وحسن الخاضرة في أخبار مصر والقاهرة 1/ 405.
(3)
هو مُجَلِّي بن جميع بضم الجيم بن نجا أبو المعالي المخزومي، صاحب الذخائر وغيره من المصنفات، له إثبات الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، توفي سنة خمسين وخمسمائة. سير أعلام النبلاء 20/ 325 وطبقات الشافعية الكبرى 7/ 277.
(4)
هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم شهاب الدين أبو شامة الدمشقي، كان أحد الأئمة، برع في فنون العلم، توفي سنة خمس وستين وستمائة. طبقات الشافعية الكبرى 8/ 165 وبغية الوعاة 2/ 77.
(5)
هو عبد الله بن كثير بن عمرو أبو معبد الكناني المكي المقرئ، انتهت إليه الإمامة بمكة في تجويد الأداء، توفي سنة اثنتين وعشرين ومائة. معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار 1/ 197 وغاية النهاية في طبقات القراء 1/ 443.
(6)
هو عاصم بن أبي النجود بهدلة أبو بكر الأسدي الكوفي المقرئ، واسم أبيه بهدلة على الصحيح، وقيل هي أمه، وليس ذا بشيء، انتهت إليه الإمامة في القراءة بالكوفة، توفي سنة سبع وعشرين ومائة. معرفة القراء الكبار 1/ 204 وغاية النهاية 1/ 346.
(7)
هو حمزة بن حبيب بن عمارة أبو عمارة القارئ، كان إماما حجة، قيما بحفظ كتاب الله، توفي سنة ست وخمسين ومائة. معرفة القراء 1/ 250 وغاية النهاية 1/ 261.
(8)
هو علي بن حمزة بن عبد الله أبو الحسن الكسائي الكوفي المقرئ النحوي، انتهت إليه الإمامة في القراءة والعربية، توفي سنة تسع وثمانين ومائة. معرفة القراء 1/ 269 وغاية النهاية 1/ 535.
(9)
هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المقرئ المدني، قرأ على سبعين من التابعين، توفي سنة تسع وستين ومائة. معرفة القراء /241 وغاية النهاية 2/ 330.
(10)
هو زبان بن العلاء بن عمار أبو عمرو البصري المقرئ النحوي، شيخ القراء بالبصرة، توفي سنة أربع وخمسين ومائة. معرفة القراء 1/ 223 وغاية النهاية 1/ 288.
(11)
هو عبد الله بن عامر بن يزيد أبو عمران اليحصبي الدمشقي، إمام الشاميين في القراءة، توفي سنة ثماني عشرة ومائة. معرفة القراء 1/ 186 وغاية النهاية 1/ 423.
(12)
بضم الحاء وفتح الدال وياء ساكنة وباء موحدة مكسورة وياء اختلفو فيها، فمنهم من شددها، ومنهم من خففها، قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها، وبين الحديبية ومكة مرحلة، ويقال لها اليوم: الشميسي. معجم البلدان 2/ 229 وصحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار 2/ 139 وانظر هدنة الحديبية في صحيح البخاري 4/ 1524 وصحيح مسلم 3/ 1410.
في كتابه حكاية عن كتاب سليمان عليه السلام أنها كانت في أوله. ثم أثبتها الصحابة في المصحف خطًّا في أوّل كل سورة سوى براءة، فاختلف العلماء هل كان ذلك لأنها أنزلت حيث كتبت، أو فعل ذلك للتبرك كما في غيره، ولم يكتف بها في أول الفاتحة، بل أعطيت كل سورة حكم الاستقلال إرشادا لمن أراد افتتاح أيّ سورة منها إلى البسملة في أولها، ولما فقد هذا المعنى حين التلاوة بوصل السورة اختلف القراء فيه: فمنهم من اتبع المصحف فبسمل مستمرا على ذلك، إذ القراءة في اتباع الرسم شأن يُخَالَفُ لأجله قياس اللغة، على ما قد عرف في علم القراءة، فما الظن بهذا؟ وقد كان تقرر عندهم أن المصحف لم تكتبه الصحابة إلاّ ليرجع إليه فيما كانوا اختلفوا فيه، ومنهم من فهم المعنى فلم يبسمل إلاّ في أوّل سورة يبتدئ بها (1)، وقد صحّ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزلت الكوثر وتلاها على الناس بسمل في أوّلها (2)، وكذا لما قرأ سورة حم السجدة على عتبة بن ربيعة (3)، ولما تلا سورة المجادلة على امرأة (4) أوس بن الصامت (5)، ولما قرأ سورة الروم على المشركين (6)، ولإيلاف قريش -أخرج البيهقي حديثهما في " الخلافيات "(7) - ولما قرأ سورة الحجر أخرجه ابن أبي هاشم (8) بسنده (9).
(1) قال أبو شامة في إبراز المعاني من حرز الأماني 1/ 227 في شرح بيت:
وبسمل بين السورتين بسنة
…
رجال نموها درية وتحملا
لمبسملون من القراء هم الذين رمز لهم في هذا البيت من قوله: بسنة، رجال، نموها، درية [وهم قالون والكسائي، وعاصم، وابن كثير] وعلم من ذلك أن الباقين لا يبسملون، لأن هذا من قبيل الإثبات والحذف.
(2)
رواه مسلم 1/ 300 ح 54 وأبو داود 1/ 507 ح 780 والنسائي 2/ 134 ح 904 من حديث أنس.
(3)
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 14/ 295 وعنه عبد بن حميد في مسنده (المنتخب 3/ 62) وأبو يعلى في مسنده 3/ 349 من طريق علي بن مسهر، عن الأجلح، عن الذيال بن حرملة، عن جابر بن عبد الله قال. فذكره.
ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة 1/ 299 من طريق منجاب بن الحارث، عن علي بن مسهر، ورواه البيهقي في دلائل النبوة 2/ 202 وابن عساكر في تاريخ دمشق 38/ 242 من طريق يحيى بن معين، عن محمد بن فضيل، عن الأجلح، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 253 من طريق جعفر بن العون، عن الأجلح. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 6/ 17 فيه الأجلح الكندي، وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق شيعي. التقريب 120 قلت: الحديث حسن إذن.
(4)
هي: خولة بنت ثعلبة، ويقال: خويلة، وخولة أكثر، وقيل: خولة بنت حكيم، وقيل: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وقيل: جميلة، وقيل: بل هي خولة بنت دليج، ولا يثبت شيء من ذلك، والله أعلم، والذي قدمنا أثبت وأصح إن شاء الله. الاستيعاب 4/ 1830 والإصابة 7/ 618.
(5)
هو أوس بن الصامت بن قيس الأنصاري، أخو عبادة بن الصامت، شهد بدرا وأحدا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي ظاهر من امرأته فوطئها قبل أن يكفر، مات في أيام عثمان، وله خمس وثمانون سنة. الاستيعاب 1/ 118 والإصابة 1/ 156. وقصة ظهاره من امرأته رواها أحمد 45/ 300 وأبو داود 3/ 83 ح 2209 وابن حبان (الإحسان 10/ 107) والطبري في تفسير الطبري 28/ 5 من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام، عن خولة. وليس فيها البسملة، ورواها ابن أبي حاتم -وفيها البسملة- في تفسير القرآن العظيم (تفسير القرآن العظيم لابن كثير 8/ 38) والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 385 عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية مرسلاً. وزاد السيوطي في الدر المنثور 7/ 77 نسبته إلى عبد بن حميد -ولم أرها في المسند المنتخب- وابن مردويه.
(6)
رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد 1/ 404 ومن طريقه البيهقي في الخلافيات ل 44 وأبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة 1/ 291 من طريق محمد بن يحيى، عن سريج بن النعمان، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم مرفوعاً. وفيه البسملة.
ورواه البخاري في كتاب التاريخ الكبير 8/ 139 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، وأبو الحسن بن قانع في معجم الصحابة 3/ 172 والطحاوي في شرح مشكل الآثار 7/ 442 من طريق محمد بن سليمان لوين، والطبراني في المعجم الأوسط 7/ 200 من طريق ابن جريج، وعبد الله بن أحمد في كتاب السنة 1/ 143 ومن طريقه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات 1/ 585 وفي الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد 10/ 108 من طريق أبي معمر الهذلي، عن سريج بن النعمان، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 5/ 2704 من طريق محمد بن العباس المؤدب، عن سريج بن النعمان كلهم عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه به، وليس في هذه الطرق البسملة، وهي المحفوظة.
(7)
رواه الحاكم في المستدرك 2/ 536 وعنه البيهقي في الخلافيات ل 44 من طريق يعقوب بن محمد الزهري والبسملة في روايته والبخاري في التاريخ الكبير 1/ 321 والطبراني في المعجم الكبير 24/ 409 وابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 1/ 260 من طريق أبي مصعب الزهري، كلاهما (يعقوب بن محمد، وأبو مصعب الزهري) عن إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق، عن سعيد بن عمرو بن جعدة، عن أبيه، عن جدته أم هانئ قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي: يعقوب ضعيف، وإبراهيم صاحب مناكير، هذا أنكرها. تلخيص المستدرك.
وخالفه سليمان بن بلال فروى البخاري في التاريخ الكبير من طريق سليمان بن بلال، عن عثمان بن عبد الله بن أبي عتيق، عن ابن جعدة المخزومي، عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. قال أبو عبد الله: هذا بإرساله أشبه.
قال الحافظ العراقي في محجة القرب إلى محبة العرب 233: هذا حديث حسن، ورجاله كلهم ثقات معروفون إلا عمرو بن جعدة بن هبيرة فلم أجد فيه تعديلاً ولا جرحاً، وهو ابن ابن أخت علي بن أبي طالب، وهو أخو يحيى بن جعدة بن هبيرة أحد الثقات.
وهنا وقفات:
الأولى: إن رواية البسملة في الحديث ضعيفة، تفرد بها يعقوب بن محمد الزهري، قال الحافظ ابن حجر عنه: صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء. التقريب 1090.
الثانية: إن إبراهيم بن محمد اختلف فيه، فقال عنه ابن عدي في الكامل: مدني، روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير، وقال أيضاً: وأحاديثه صالحة محتملة، ولعله أتي ممن قد روى عنه. وقال عنه الذهبي: ذو مناكير. الميزان 1/ 56 وسبق قوله فيه في تلخيص المستدرك. ثم إنه خالف سليمان بن بلال الثقة، فروايته حينئذٍ منكرة، ورواية سليمان معروفة، ولهذا رجح البخاري رواية سليمان فقال: هذا بإرساله أشبه.
الثالثة: قول الحافظ العراقي: هذا حديث حسن ورجاله كلهم ثقات معروفون. فيه نظر يعرف مما سبق، لكن يشهد لمرسل ابن شهاب هذا حديث الزبير الذي رواه الطبراني في المعجم الأوسط 9/ 76 من طريق عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الزبير نحوه. قال الحافظ العراقي فيه: هذا حديث يصلح أن يخرج للاعتبار والاستشهاد، فإن عبد الله بن مصعب بن ثابت ذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه ابن معين.
قلت: وخلاصة القول أن رواية البسملة في حديث أم هانئ ضعيفة، وباقي الحديث حسن لغيره. (نواهد الأبكار وشوارد الأفكار: 1/ 56).
(8)
هو عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي المقرئ، انتهى إليه الحذق بأداء القرآن، قرأ بالروايات على ابن مجاهد، له كتاب البيان، وكتاب الفصل بين أبي عمرو والكسائي، ورسالة في الجهر بالبسملة، توفي سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. معرفة القراء الكبار 2/ 603 وغاية النهاية 1/ 475 وإيضاح المكنون 5/ 562.
(9)
رواه الطبري في تفسير الطبري 14/ 2 من طريق علي بن سعيد بن مسروق الكندي، وأبو بكر ابن أبي عاصم في السنة 1/ 582 والطبراني في المعجم الكبير (تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/ 525) والحاكم في المستدرك 2/ 242 وعنه البيهقي في كتاب البعث والنشور القسم الثاني 1/ 207 من طريق أبي الشعثاء علي بن الحسن كلاهما عن خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى مرفوعاً، وليس فيه البسملة قال الحافظ ابن كثير: ورواه ابن أبي حاتم من حديث خالد بن نافع به، وزاد فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الهيثمي: وفيه خالد بن نافع الأشعري، قال أبو داود: متروك. مجمع الزوائد 7/ 131.
قال الذهبي: وهذا تجاوز في الحد، فإن الرجل قد حدث عنه أحمد بن حنبل، ومسدد، فلا يستحق الترك، ميزان الاعتدال 1/ 644.
الثاني: أن تلك الآيات تثنى في كل ركعة أي تضم إليها السورة في كل ركعة. اختاره ابن عاشور قائلا: "ووجه الوصف به أن تلك الآيات تثنى في كل ركعة كذا في الكشاف (1) قيل وهو مأثور عن عمر بن الخطاب (2)، وهو مستقيم لأن معناه أنها تضم إليها السورة في كل ركعة"(3)(4).
الثالث: وإمَّا لأنَّها تَثنَّى نزولها، فَمَرَّة بِمكَّة حين فُرِضَت الصَّلاة وأخرى بالمدينة حين حُوِّلَت القِبلة (5)، قال ابن عاشور:" وَهَذَا قَوْلٌ بَعِيدٌ جِدًّا وَتَكَرُّرُ النُّزُولِ لَا يُعْتَبَرُ قَائِلُهُ، وَقَدِ اتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ فَأَيُّ مَعْنًى لِإِعَادَةِ نُزُولِهَا بِالْمَدِينَةِ"(6).
الرابع: وإمَّا لاشتمال كلٍّ مِن آياتها السَّبع على الثّناء عليه جلَّ شأنُه؛ إمّا تصريحاً أو تلويحاً، وهو مبنيٌّ على ما هو الصَّحيح مِن عَدِّ التَّسمية آية منها، وعَدِّ {صراط الذين أنعمت عليهم} بعضاً من السَّابعة، وإلَّا فتَضمُّنها الثّناء غير ظاهر.
الخامس: وإمّا لتكرُّر ما تضمَّنته من المقاصد: فالثَّناء عليه سبحانه قد تَكَرَّر في جُملتَي البسملة والحمدِ لَه. وتخصيصُه عزَّ وعلا بالإقبال عليه وحده والإعراض عمَّا سواه قد تكرَّر في جملَتَي
(1) يقول الامام الزمخشري: " وسورة الحمد والمثاني لأنها تثنى في كل ركعة"(عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل، العلامة جار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى (467 ـ 538 هـ)، : دار الكتاب العربي ـ بيروت، 1407 م: ص 1/ 1).
(2)
قال السيوطي في حاشيته على تفسير البيضاوي: " أخرجه ابن جرير في تفسيره بسند حسن عنه قال: " السبع المثاني فاتحة الكتاب تثنى في كل ركعة"، ولم أر هذا اللفظ في تفسير الطبري عن عمر، ولكن رأيت فيه: ما لهم رغبة عن فاتحة الكتاب، وما يبتغي بعد المثاني: 14/ 54. (انظر: نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911 هـ)، جامعة أم القرى - كلية الدعوة وأصول الدين، المملكة العربية السعودية (3 رسائل دكتوراة)، 1424 هـ - 2005 م: ص 1/ 49.
(3)
تفسير التحرير والتنوير، الشيخ محمد بن الطاهر ابن عاشو، دار التنوسية للنشر، التونس، 1984: ص 1/ 135.
(4)
وقيل أن في كلام صاحب (الكشّاف): "لأنّها تُثنَّى في كلِّ ركعة"، وهو بظاهره غير صحيح، ووجوه التَّكلُّف لتوجيهه مشهورة، أجودُها حمل الرَّكعة على الصّلاة تسمية لِلكلّ باسم الجزء، ولا يرِدُ عليه الوِتْر إذ ليست في مذهبه، ولا صلاة الجنازة، وإنْ جُعِلت صلاة حقيقة لعدم إطلاقه الرَّكعة عليها.
(5)
قال السيوطي في الإتقان: الأكثرون على أنها مكية
…
واستدل لذلك بقوله تعالى "ولقد آتيناك سبعا من المثاني" وفسرها صلى الله عليه وسلم بالفاتحة كما في الصحيح، وسورة الحجر مكية بالإتقان، وقد امتن على رسوله فيها بها، فتدل على تقدم نزول الفاتحة عليها، إذ يبعد أن يمتن عليه بما لم ينزل بعد.
وانظر في: صحيح البخاري 4/ 1525 ح 3919 وتفسير الطبري 26/ 69 والمحرر الوجيز 13/ 427 وزاد المسير 7/ 418 والتفسير الكبير 1/ 177 وتفسير القرآن العظيم 7/ 325 والإتقان في علوم القرآن 1/ 34.
(6)
تفسير التحرير والتنوير، الشيخ محمد بن الطاهر ابن عاشو، دار التنوسية للنشر، التونس، 1984: ص 1/ 135.
العبادة والإستعانة. وطلبُ الهداية إلى الصِّراط المُستقيم مُكرَّر بـ {صراط الذين أنعمت عليهم} ، كما أنَّ سؤال البُعد عن الطَّريق غير القويم مُكرَّر بِذِكر {المغضوب عليهم ولا الضالين} (1).
فهذه وجوه خمسة في تسميتها بالسَّبع المثاني.
والمثاني تحتمل واحدا من ستة معان:
أحدها: المثاني من الثناء، والثناء لا يكون إلا على الله.
والثاني: المثاني من الثنيّ والإنثناء، وهذه لا تكون إلا في أطراف الأشياء، وأيضا تعني المعاني الخفية أو المتخفية في الإنثناءات، أو المعاني الباطنة، أوالمعاني غير الظاهرة للعيان آنيا، أو هي تلك التي لم يأن آوان ظهورها بعد، والتي سوف تظهر تباعا في القادم من الأزمنة.
والثالث: المثاني من الإزدواجية، أي ثنائية التكوين.
والرابع: المثاني من التثنية، أي العد مثنى مثنى، أو إثنتين إثنتين.
والخامس: وهو امتداد أو هو تفصيل للمعنى الثاني (من الإنثناء)، وحيث تكون المثاني من ظهور معنى ثان لها، وهذا المعنى بدوره يظهر له معنى جديد وهكذا، إلى سبعة أعماق، أو سبعة أبعاد، أو سبعة معاني وكلها صحيح، مما يشير إلى معني المتشابه من الآيات.
والسادس: وهو معنى لا يخص المثاني بذاتها، لكنه يخص العددية الدالة عليها (سبعة)، مما يعني أن مجرد ظهور خاصية معينة متميزة في آيات وسور كتاب الله، في سبعة أشكال أو سبعة تكرارات، أو سبعة سور، أو سبعة آيات، أو سبعة خصال، يصون لها إحتمال كونها من السبع المثاني.
وقيل "أنَّ المثاني تُطلَقُ باعتبار معنيين:
أحدهما: باعتبار ما ثُنِّي لفظُه وكرِّرَ.
والثاني: باعتبار ما ثُنِّيَتْ أنواعُه وأقسامُه، وكرِّرَتْ، فإنَّ التثنية يُرَادُ بها مطلقُ العدد مِنْ غير تخصيصٍ بعدد الاثنين، كما في قوله تعالى:{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} ] الملك: 4]، أي: مرَّةً بعد مرَّةٍ" (2).
والقرآن نوعان:
أحدُهما: ما كُرِّر لفظُه لفائدةٍ مجدَّدةٍ، فهذا هو المتشابه.
والثاني: ما نُوِّع وقُسِم ولم يُكرّر لفظُه، فهذا المثاني، وقد جَمَعَ اللهُ بين هذين الوصفين في قوله تعالى:{نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} ] الزمر: 23]، فوصف الكتاب كلَّه بأنَّه متشابهٌ ومثاني، فإمَّا أن يكون تنويعًا إلى هذين النوعين، وهما: النظائر المتماثلة، والمثاني في الأنواع، وإمَّا أن يكون المراد أنَّ آياته المتماثلة ثُنِّيَتْ فيه في مواضع لحِكَمٍ وفوائد متجدّدةٍ، وسورةُ الفاتحة على المثاني بهذين التفسيرين، لأنَّها تضمنت الأنواع والأقسام المعدّدة وذكر العبادة والاستعانة، وذكر المغضوب عليهم والضالين، وتضمنت ذكر النظائر المتماثلة، وثُنِّيت فيها كتكرير {إِيَّاكَ} ، و {الصِّرَاطَ} ، و {عَلَيْهِمْ} ، وتكرير:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} على قول من يقول إنَّ
(1) انظر: الاتقان في علوم القرآن: 1/ 150.
(2)
تفسير الفاتحة، ابن رجب:18.