المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أهم النتائج التي توصلنا إليها من هذا التمهيد - الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية - جـ ١

[عبد الله خضر حمد]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المنهج في التفسير

- ‌الفصل الأولمهاد عام حول علوم القرآن

- ‌توطئة

- ‌القرآن في اللغة:

- ‌فوائد معرفة علوم القرآن:

- ‌ القرآن لغة واصطلاحا:

- ‌1 - تعريف القرآن لغة

- ‌2 - تعريف القرآن في الاصطلاح:

- ‌شرح محترزات وقيود التعريف:

- ‌أولا: - مفهوم الوحي

- ‌الوحي لغة:

- ‌الوحي في الاصطلاح الشرعي:

- ‌‌‌أنواع الوحيالإلهي:

- ‌أنواع الوحي

- ‌الفرق بين الوحي والإلهام

- ‌النبي والرسول والفرق بينهما

- ‌شبه الجاحدين للوحي والرد عليها

- ‌ثانيا: - نزول القرآن

- ‌يطلق الإنزال في اللغة على معنيين:

- ‌ إنزال القرآن فيها توجيهان:

- ‌تنزلات القرآن الكريم:

- ‌الحكمة من تنجيم القرآن:

- ‌الحكمة الأولى: تثبيت فؤاد النبي

- ‌الحكمة الثانية: التدرج في التشريع

- ‌الحكمة الثالثة: بيان بلاغة القرآن الكريم فقد نزل مفرقًا في ثلاثة وعشرين عامًا

- ‌الحكمة الرابعة: مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها:

- ‌الحكمة الخامسة: : تنبيه المسلمين من وقت لآخر لأخطائهم التي وقعوا فيها وكيفية تصحيحها

- ‌الحكمة السادسة: توثيق وقائع السيرة النبوية المباركة والتاريخ

- ‌الحكمة السابعة: معرفة الناسخ والمنسوخ:

- ‌الحكمة الثامنة: تفضيل القرآن الكريم على غيره من الكتب السماوية:

- ‌وقت نزول القرآن الكريم:

- ‌1 - الآيات والسور المتفق على نزولها ليلاً:

- ‌أولاً: أواخرُ آلِ عمران:

- ‌ثانياً: آيات الثلاثة الذين خلفوا من سورة التوبة:

- ‌ثالثاً: أول سورة الفتح:

- ‌رابعاً: صدر سورة العلق:

- ‌خامساً وسادساً: المعوذتان:

- ‌2 - الآيات والسور المختلف في نزولها ليلاً:

- ‌أولاً: آيات تحويل القبلة:

- ‌ثانياً: آية {اليوم أكملت لكم دينكم}:

- ‌ثالثاً: {والله يعصمك من الناس} من سورة المائدة:

- ‌رابعاً: سورة الأنعام:

- ‌خامساً: سورة مريم:

- ‌سادساً: أول الحج:

- ‌سابعاً: آية الإذن في خروج النسوة في الأحزاب:

- ‌ثامناً: قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}:

- ‌تاسعاً: سورة المنافقون:

- ‌عاشراً: سورة المرسلات:

- ‌مدة نزول القرآن الكريم:

- ‌يوم إنزال القرآن:

- ‌شهر إنزال القرآن الكريم:

- ‌مقدار التنزيل:

- ‌ثالثا: - مراحل جمع القرآن الكريم وترتيبه

- ‌جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌رابعا: - المكي والمدني

- ‌للعلماء في معنى المكي والمدني ثلاثة اصطلاحات

- ‌الاصطلاح الأول: باعتبار المكان:

- ‌الاصطلاح الثاني: باعتبار المخاطب:

- ‌الاصطلاح الثالث: باعتبار زمن النزول:

- ‌الطريق إلى معرفة المكي والمدني:

- ‌المنهج الأول: السماعي النقلي:

- ‌المنهج الثاني: القياس الاجتهادي:

- ‌أولاً: ضوابط القرآن المكي هي

- ‌ثانياً: مميزات القرآن المكي:

- ‌ثالثاً: ضوابط القرآن المدني:

- ‌رابعا: - مميزان القرآن المدني

- ‌وللسور المدنية مميزات، منها:

- ‌فوائد معرفة المكي والمدني

- ‌خامسا: - أسباب النزول

- ‌طريق معرفة سبب النزول

- ‌أقسام أسباب النزول:

- ‌فوائد معرفة سبب النزول

- ‌1 - الاستعانة على فهم الآية وإزالة الإشكال عنها:

- ‌2 - معرفة الحكمة من تدرج التشريع:

- ‌3 - العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:

- ‌سادسا: - المحكم والمتشابه في القرآن الكريم

- ‌سابعا- الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم

- ‌أهمية النسخ في التفسير

- ‌ثامنا: - القراءات

- ‌القراءات لغة واصطلاحا

- ‌نشأة القراءات:

- ‌ والأحاديث المتواترة الواردة حول نزول القرآن على سبعة أحرف تدل على ذلك:

- ‌أقسام القراءات وبيان ما يقبل منها ومالا يقبل

- ‌فوائد اختلاف القراءات

- ‌التعريف بالقراء الأربعة عشر ورواتهم

- ‌أولاً: القراء العشرة ورواتهم:

- ‌1 - ابن عامر

- ‌2 - ابن كثير

- ‌3 - عاصم

- ‌4 - أبو عمرو

- ‌5 - حمزة

- ‌6 - نافع

- ‌7 - الكسائى

- ‌8 - أبو جعفر

- ‌9 - يعقوب

- ‌10 - خلف

- ‌السبب الداعى للاقتصار على القراء المشهورين

- ‌ثانياً: القراء الأربعة تتمة الأربعة عشر

- ‌1 - أبو الحسن البصرى

- ‌2 - ابن محيصن

- ‌3 - يحيى اليزيدى

- ‌4 - الأعمش

- ‌حكم ما وراء القراءات العشر

- ‌تاسعا: - الإسرائيليات

- ‌أسباب دخول الإسرائيليات في المجتمع الإسلامي:

- ‌حكم الإسرائيليات:

- ‌عاشرا: تفسير القرآن وشرفه

- ‌المنهج الأمثل في تفسير القرآن

- ‌1 - تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌2 - تفسير القرآن بالسنة:

- ‌3 - الانتفاع بتفسير الصحابة والتابعين:

- ‌4 - الأخذ بمطلق اللغة:

- ‌5 - مراعاة السياق:

- ‌6 - الاهتمام بعلوم القرآن إجمالاً وخاصة سبب النزول:

- ‌7 - اعتبار القرآن أصلاً يرجع إليه:

- ‌حادي عشر: - إعجاز القرآن

- ‌أ- الإعجاز البياني:

- ‌ب- الإعجاز التشريعي:

- ‌ومن نماذج من الإعجاز التشريعي:

- ‌ت- الإعجاز العلمي:

- ‌الثاني عشر: ترجمة القرآن الكريم بغير لغته

- ‌أقسام الترجمة

- ‌أولاً: الترجمة الحرفية:

- ‌ثانياً: الترجمة المعنوية والتفسيرية:

- ‌موقف العلماء من ترجمة القرآن الكريم:

- ‌أولاً: الترجمة الحرفية لا تجوز وذلك:

- ‌ثانياً: الترجمة التفسيرية أو المعنوية:

- ‌شروط الترجمة:

- ‌الثالث عشر: فضائل القرآن

- ‌الفصل الثاني

- ‌أولا: - أنواع التفسير

- ‌1 - التفسير بالمأثور (بالرواية)، وأقسامه:

- ‌ أقسام التفسير بالرواية

- ‌أ- تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌ب- تفسير القرآن بالسنة:

- ‌ت- تفسير القرآن بقول الصحابي:

- ‌ث- تفسير القرآن بقول التابعي:

- ‌أشهر تفاسير القرن الثالث والرابع

- ‌ومن هذه التفاسير الموسوعية أيضاً:

- ‌2 - التفسير بالدراية:

- ‌3 - التفسير الإشاري

- ‌ آراء العلماء التي نسترشد بها في تحديد شروط قبول التفسير الإشاري

- ‌1 - رأى ابن الصلاح:

- ‌2 - رأى الشاطبى:

- ‌3 - رأى تاج الدين بن عطاء الله:

- ‌4 - رأى حاجى خليفة:

- ‌5 - رأى سعد الدين التفتازانى:

- ‌6 - رأى محى الدين ابن عربي:

- ‌7 - رأي أبي حامد الغزالي:

- ‌8 - رأي الأستاذ محمد عبد العظيم الرزقانى:

- ‌9 - رأي الأستاذ محمد حسين الذهبي:

- ‌10 - رأي الدكتور محمد كمال جعفر:

- ‌أمثلة على التفسير الإشاري:

- ‌ثانيا: - اتجاهات التفسير

- ‌1 - الاتجاه اللغوي:

- ‌2 - الاتجاه العلمي:

- ‌3 - الاتجاه الموضوعي:

- ‌4 - الاتجاه الفقهي:

- ‌5 - الاتجاه البلاغي:

- ‌أهمية التفسير البلاغي:

- ‌1 - الوقوف على معجزة القرآن الكريم البلاغية التي تحدى بها الله تعالى العرب

- ‌2 - توجيه التفسير للألفاظ والجمل القرآنية بما يرفع الإشكال ويوضح المعنى

- ‌3 - فهم المعاني القرآنية من خلال معرفة القرائن وسياق النص ولهجات العرب

- ‌4 - إثراء المعاني للألفاظ والجمل التي ظاهرها التماثل والتشابه

- ‌خاتمة التمهيد

- ‌ أهم النتائج التي توصلنا إليها من هذا التمهيد

- ‌تفسير سورة الفاتحة

- ‌لهذه السورة أسماءٌ متعددةٌ

- ‌أولا: - فاتحةُ الكتابِ

- ‌ثانيا: - أم الكتاب:

- ‌ثالثا: - أمُّ القرآن:

- ‌الرابع: - السبع المثاني:

- ‌الخامس: القرآنُ العظيم:

- ‌السادس: الصَّلاة:

- ‌السابع: - رقية الحقِّ:

- ‌الثامن: - سورة الحمد:

- ‌التاسع: - الشفاء:

- ‌العاشر: - الوافية:

- ‌الحادي عشر: - الأساس:

- ‌الثاني عشر: - الكنز

- ‌الثالثة عشر: - الشكر

- ‌الرابعة عشر: - الثناء:

- ‌الخامسة عشر: -المناجاة:

- ‌السادسة عشر- التفويض:

- ‌السابعة عشر: - الدعاء:

- ‌الثامنة عشر: - النور

- ‌التاسعة عشر: - تعليم المسألة:

- ‌العشرون: - السؤال:

- ‌ اختلف العلماء في مواضع نزولها

- ‌القول الأول: أنَّها نزلت بمكَّة

- ‌القول الثاني: أنها أُنزلت بالمدينة

- ‌القول الثالث: أنها نزلت مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة:

الفصل: ‌ أهم النتائج التي توصلنا إليها من هذا التمهيد

ما اجتمع فيه من الحروف المتحركة، واشتغلوا منه بأبحاث دون تلك وزنا معتقدين أن لهم في هذا كله ثوابا عند الله وأجرا، إذ حققوا إرادته الأزلية في حفظ كلامه المبين من عبث السنين.

ويمكن تحديد‌

‌ أهم النتائج التي توصلنا إليها من هذا التمهيد

كما يأتي:

1 -

القرآن الكريم: هو كتاب الله تعالى الذي أنزله على خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم لهداية البشر، وهو دستور الحق لإصلاح الخلق، وقانون السماء لهداية الأرض، أودعه ربنا تعالى كل تشريع، وضمنه كل موعظة من شأنها تحقيق السعادة للبشرية جمعاء، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)} [يونس: 57 - 58]

2 -

لم تكن كتب علوم القرآن -في القرن الأول- قد انفردت واستقلّت بالتأليف؛ بل نرى بعض الموضوعات كُتِبَتْ على وجه الاستقلال في القرون الأولى؛ كعلمِ القراءاتِ، وعلمِ الرسمِ، والناسخِ والمنسوخِ، وإعجاز القرآن، وبعض الكتب جمعت أكثر من نوع من هذه الأنواع.

3 -

كان القرآن الكريم موضع اهتمام المسلمين من أول يوم تنزل فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوعاه الصحابة وحفظوه، وكتبوه، وطبقوا ما فيه، وكان ما قام به أبوبكر الصديق بمشورة عمر رضي الله عنهما من جمع القرآن مما هو مكتوب أو محفوظ في عهده صلى الله عليه وسلم عملا عظيماً حُفظ به القرآن، وسار على نهجه عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما جمع الناس على مصحف واحد ومنع الاختلاف بين المسلمين، وقد نال زيد بن ثابت رضي الله عنه شرف تحمل مسؤولية جمع القرآن في عهد أبي بكر، وكتابته في عهد عثمان.

4 -

الوحي عملية مرتبطة بحوار ثنائي: بين ذات أمرة، وذات متلقية، ورأينا ظاهرة الوحي مرئية ومسموعة، ولكنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده، ولم يكن الوحي ظاهرة ذاتية عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إطلاقاً، بل كانت منفصلة عنه انفصالاً تاماً، ربما صاحبه من خلالها إمارات خارجية في شحوب الوجه أو تصبب الجبين عرقا، ولكنها إمارات لم تكن لتمتلك عليه وعيه نهائياً، وكان الداعي لبحث ذلك هو الرد على هجمات طائفة من المستشرقين الذين يرون الوحي نوعا من الإغماء، أو مثلاً من التشنج، والأمر ليس كذلك، بل هو استقبال لظاهرة، أعقبه هذا الوقع، استعداد للنشر والتبليغ. بعد هذا أرسينا مصطلح الوحي على قاعدة من الفهم القرآني.

5 -

تناول البحث تحديد بداية نزول القرآن زمنياً، وتعيين ما نزل منه أول مرة، ثم أشرنا للنزول التدريجي، وضرورة تنجيم القرآن، وعالجنا هذه الظاهرة بما نمتلك من تقليل لأسرارها، وتقييم لأبعادها، وأوضحنا إيمان القرآن بمرحلية النزول، وتعقبنا ذلك بتأريخية ما انقسم منه إلى مكي ومدني، وسلطنا الضوء على ضوابط السور المكية والمدنية، وحمنا حول أسباب النزول وقيمتها الفنية، وما يستأنس منه بجذورها في تعيين النزول زمانياً ومكانياً، وتتبعنا ما نزل من القرآن بمكة أولاً بأول، وما نزل بالمدينة أولاً بأول، معتمدين على أصح الروايات وأشهرها، أو بما يساعد عليه نظم القرآن وسياقه، وختمنا الفصل بجدول إحصائي إستقرائي لسور القرآن كافة بترتيبها العددي والمصحفي والزماني والمكاني.

6 -

إن للآيات القرآنية قصة تعين على الفهم السديد وتلهم أرجح التأويل وأصح التفسير وهو ما يسمى بأسباب النزول، وحين وصفنا مقاييس المفسرين المحققين في ترجيح الروايات المنبئة عن تلك الأسباب بمصطلحها الدقيق وتخريجها الذكي ونقدها الحصيف، وجمعها بين السبب

ص: 148

التاريخي والسياق الأدبي في الآيات التي وضعت في السطور على حسب الحكمة ترتيبا وحفظت في الصدور على حسب الوقائع تنزيلا، وحين تحدثنا عن ألوان من التناسق الفني يعوض بها القرآن أسباب النزول إذا لم تعرف، أو يؤكد مدلولاتها "بالنماذج" الحية إذا عرفت ولم تحفظ، أو حفظت ولم تشتهر.

7 -

إن في اعتبار الشكل المصحفي، وطريق الرواية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعدد لهجات القبائل، مضافاً إلى المناخ الإقليمي القائم بين مدرستي الكوفة والبصرة، أسسا قابلة للاجتهاد والأثر في تعدد القراءات القرآنية، وانتهينا إلى أن الاختلاف كان في الأقل، والاتفاق في الأكثر، وحددنا وجهة النظر العلمية تجاه القراء السبعة والقراءات السبع، وأعطينا الفروق المميزة بين القراءة والاختيار، وأوردنا مقاييس القراءة المعتبرة

8 -

وقد تقصينا الخطوات التي مر بها التفسير حتى اتخذ الصورة التي نجده عليها في بطون المؤلفات، وأن نفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، وأن نتبين كيف يفسر القرآن بالقرآن لما في دلالته من الإحاطة والشمول، في منطوقه ومفهومه، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومفصله، ونصه وظاهره.

9 -

إن القرآن كله محكم بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو أيضًا متشابه، بمعنى أنه يصدق بعضه بعضًا؛ أما من جهة الاصطلاح، فالمحكم ما عُرف المقصود منه، والمتشابه ما غَمُض المقصود منه. وظهر لنا أيضًا الموقف السليم من النصوص الواردة في باب الصفات، وأن القول الصواب فيها ما ذهب إليه السلف من إجراء تلك النصوص على ظاهرها، دون أن يقتضي ظاهر تلك النصوص تمثيل الخالق بالمخلوق.

10 -

وتبين لنا بعد التجوال في ميدان علوم القرآن الكريم أن (الناسخ والمنسوخ) علم من آكد العلوم وأوجبها تعلما وحفظا وبحثا وفهما وخاصة لمن أراد أن يخوض غمار تفسير كتاب الله تعالى وأن يغوص في لجته لاستخراج الدرر الثمينة والجواهر النفيسة. بل إنه علم لا يسع كل من تعلق بأدنى علم من علوم الديانة جهله كما قال ذلك? مكي بن أبي طالب القيسي? ? رحمه الله تعالى، وإن مما يدل على عظم شأن هذا العلم وجليل خطره أن? الإمام أحمد? وإسحاق بن راهويه? عداه شرطا لكون الإنسان عالما. وأن? أبا يوسف? صاحب? أبي حنيفة? اعتبره شرطا للإفتاء بل قال: إنه لا يحل? لأحد أن يفتي حتى يعرفه.

11 -

إن الترجمة عامل آخر يسير موازيًا لتعلم لغة القرآن الكريم في نشر دعوته، وتبليغ هدايته للعالمين، وليس بالضرورة أن يتحول المسلمون جميعًا إلى عرب، فأكثر المسلمين في أرض الله اليوم من العجم، وها نحن نراهم أشد نصرة لدين الله، وأكثر حرصًا على طلب العلم، وأكثر الأئمة الأعلام كانوا من غير العرب، وقد سجل القرآن الكريم، أن من آيات الله العظمية، وآيات القدرة: اختلاف الألسنة واللهجات.

فلا مانع أن يُترجم القرآن الكريم لغير العرب، وأن يدخل غير العرب في دين الإسلام، ويتعلمون اللغة العربية.

12 -

وننتهي إلى إعجاز القرآن، فإذا نحن نرد سحره إلى نسقه الذي يجمع بين مزايا النثر والشعر جميعا، بموسيقاه الداخلية، وفواصله المتقاربة في الوزن التي تغني عن التفاعيل، وتقفيته التي تغني عن القوافي، ورأينا كيف تم للقرآن من الإعجاز بالألفاظ الجامدة ما لا يتم للفنان من الإبداع بالريشة والألوان، وحاولنا في تصور التشبيه والاستعارة والكناية وأنواع المجاز أن نبث الحياة في اصطلاحات القدامى، فكان القرآن -في هذا كله- نسيجا واحدا في بلاغته وسحر بيانه،

ص: 149

إلا أنه متنوع تنوع موسيقى الوجود في أنغامه وألحانه

فذلك هو القرآن: إن نطق لم ينطق إلا بالحق، وإن علم لم يعلم إلا الهدى والرشاد، وإن صور لم يصور إلا أجمل لوحات الحياة، وإن رتل ترتيلا لم يسمع بعده لحن في الوجود ذلك كتاب الله المجيد (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).

وأخيرا فالقرآن الكريم، هو مرجع الإسلام الأول، ودليله الأعظم، إليه المستند في العقائد، والعبادات، والحكم، والأحكام، والآداب، والأخلاق، وفيه القصص، والمواعظ، والعلوم، والمعارف، لذلك كله، كان القرآن الكريم، موضع العناية الكبرى من الرسول? ومن صحابته، والتابعين، ومن سلف الأمة، وخلفها جميعًا، منذ القرن الأول إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وسيبقى كتاب الله هذا محفوظًا بحفظ الله؛ مصداقًا لقوله سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9].

وقد تبيّن لنا من خلال البحث أن العناية بالقرآن اتخذت أشكالًا مختلفة؛ فتارةً تتوجّه إلى لفظه وأسلوبه، وأخرى إلى كتابته ورسمه، وثالثة إلى إعجازه وتفسيره.

ويمكننا أن نقول: إن كتاب الله تعالى -الذي حظي من عناية العلماء بالجهد الموفور، لشرحه وتفسيره، وبيان علومه، وهداياته- قد شمل عدة أنواع من المؤلفات، ككُتب التفسير، وكتب علوم القرآن، وكتب المناهج، وكتب الدخيل، فضلًا عن الموضوعات الخاصة في مؤلفاتها الموجزة في العقيدة، والأخلاق، والمعاملات

ونحو ذلك، ولقد رأينا علماءنا سلفًا، وخلفًا قد ألَّفُوا الكُتُبَ، وتباروْا في هذا الميدان؛ حتى زخرت المكتبة الإسلامية، بثروةٍ لا نظيرَ لَهَا، وتراث عظيم، من المصنفات المتنوعة، والموسوعات القيمة.

وبعد كان هذا إيذانا بجملة من نتائج البحث، الذي وقفنا عنده، فتلك مباحث في علوم القرآن لا ننمي إليها السعة والشمول، ولا ندعي لها التفصيل والاستيعاب، إنما هي طائفة من المسائل المهمة التي نرجو ألا يجهلها أو يتجاهلها عربي ينطق بالضاد أو مسلم يهتف بهذا الدين الحنيف، وها نحن أولاء نتركها بين أيدي القراء سائلين الله أن يشوقهم بها إلى تلاوة كتابه، فتدبر أحكامه، فالعمل بتعاليمه، لعل التاريخ يعيد نفسه، ولعلنا نرجع بهذا الكتاب كما كنا خير أمة أخرجت للناس، ونسأل الله تعالى أن يتقبله منا بأحسن قبوله، وأن ينفع به الباحثين والدارسين، وأن يجعله ذخيرة لنا يوم الدين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

المؤلف

انتهى المقدمة والتمهيد، ويليه تفسير سورة الفاتحة.

ص: 150