الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين
(2196)
(961) - (111) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا. وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيهِ
ــ
422 -
(40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين
(2196)
(961)(111)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (قال: قرأت على مالك) بن أنس الأصبحي المدني (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري المدني ثقة من (4)(أنه سمع) عمه (أنس بن مالك) وهذا السند من رباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد نيسابوري حالة كونه (يقول: كان أبو طلحة) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بمهملتين بن عمرو الأنصاري الخزرجي النجاري المدني مشهور بكنيته شهد بدرًا والمشاهد وكان من نقباء الأنصار له (92) اثنان وتسعون حديثًا اتفقا على حديثين وانفرد (خ) بحديث و (م) بآخر ويروي عنه (ع) وأنس بن مالك في عذاب القبر وعبد الله بن عباس في اللباس وزيد بن خالد في اللباس وابنه عبد الله قال أنس: قتل أبو طلحة بيده يوم حنين عشرين رجلًا وأبلى يوم أحد بلًاء عظيمًا وشلت يده التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم قيل: مات سنة (34) أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان وقال أنس: عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة لم يفطر فيها إلا يوم أضحى أو فطر وكان في أيام النبي صلى الله عليه وسلم لا يصوم لا شتغاله بالغزو وكان فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومناقبه جمة ستأتي في كتاب فضائل الصحابة إن شاء الله تعالى.
أي كان أبو طلحة (أكثر أنصاري) أي أكثر رجل منسوب إلى الأنصار كان (بالمدينة مالًا) أي بستانًا أي أكثر كل واحد من الأنصار والإضافة إلى المفرد النكرة عند إرادة التفضيل سائغة كذا في الفتح ومالًا تمييز منصوب باسم التفضيل (وكان أحب أمواله) أي بساتينه (إليه) أي عنده. قال الحافظ: فيه جواز إضافة حب المال إلى الرجل الفاضل العالم ولا نقص عليه في ذلك وقد أخبر تعالى عن الإنسان بقوله: (وإنه لحب الخير لشديد) والخير هنا المال اتفاقًا اهـ.
بَيرُحَا. وَكَانَت مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ
ــ
قوله: (وكان أحب أمواله) بنصب أحب على أنه خبر كان مقدم على اسمها وقوله: (بَيرُحَا) بالرفع أسمها مؤخرًا أو أحب اسمها وبيرحا خبرها لكن قال الزركشي وغيره: إن الأول أحسن لأن المحدث عنه بير فينبغي أن يكون هو الاسم.
وقد اختلف في بيرحا هل بكسر الموحدة أو بفتحها وهل بعدها همزة ساكنة أو مثناة تحتية وهل الراء مضمومة أو مفتوحة وهل هو معرب أم لا وهل (حا) ممدود أو مقصور منصرف أو غير منصرف وهل هو اسم قبيلة أو بستان أو امرأة أو أرض وجزم التيمي بأن المراد به في الحديث البستان معللًا بأن بساتين المدينة تدعى بأبارها أي البستان الذي فيه بيرحا.
وقال الصنعاني: بيرحا فيعلى من البراح اسم أرض كانت لأبي طلحة وأهل الحديث يصحفون ويقولون: بئر حاء بإضافة البئر إلى (حاء) على أن يكون (حاء) اسم رجل على لفظ حرف الحاء ويحسبون أنها بئر من آبار المدينة ونحوه اهـ قسطلاني.
(وكانت) بيرحا أي تلك الأرض أو البقعة تعرف بقصر بني حديلة بضم الحاء وفتح الدال مصغرًا كما في العسقلاني.
(مستقبلة المسجد) النبوي أي قبالته قريبة منه (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها) دائمًا (ويشرب من ماء فيها) أي في بيرحا (طيب) صفة ماء أي عذب.
قوله: (طيب) قال ابن بطال: استعذاب الماء لا ينافي الزهد ولا يدخل في الترفه المذموم بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه فقد كرهه مالك لما فيه من السرف وأما شرب الماء الحلو وطلبه فمباح فقد فعله الصالحون وليس في شرب الماء الملح فضيلة قال: وفيه دلالة على أن أستطابة الأطعمة جائزة وأن ذلك من فعل أهل الخير وقد ثبت أن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} نزل في الذين أرادوا الامتاع من لذائذ المطاعم قال: ولو كانت مما لا يريد الله تناولها ما امتن بها على عباده بل نهيه عن تحريمها يدل على أنه أراد منهم تناولها ليقابلوا نعمته بها عليهم بالشكر له وإن كانت نعمة لا يكافئها شكرهم.
وقال ابن المنير: أما أن استعذاب الماء لا ينافي الزهد والورع فواضح وأما الاستدلال بذلك على لذيذ الأطعمة فبعيد قاله الحافظ اهـ فتح الملهم.
قَال أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِن أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيرُحَا. وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ. أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ. فَضَعْهَا!
ــ
وفي بعض الروايات: (ويستظل بها) قال الحافظ: فيه دخول أهل العلم والفضل في الحوائط والبساتين والاستظلال بظلها والأكل من ثمارها والراحة والتنزه فيه وقد يكون ذلك مستحبًا يترتب عليه الأجر إذا قصد به إجمام النفس من تعب العبادة وتنشيطها للطاعة اهـ منه.
(قال أنس: فلما نزلت هذه الآية) يعني قوله تعالى: ({لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ}) أي لن تصيبوا ({الْبِرَّ}) أي بر الله الذي هو الرحمة والرضا والجنة ({حَتَّى تُنْفِقُوا}) في الخيرات ({مِمَّا تُحِبُّونَ}) أي من بعض ما تحبون من المال أو مما يعمه وغيره كبذل الجاه في معاونة الناس والبدن في طاعة الله والمهجة في سبيل الله تعالى.
(قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) جواب لما (فقال) أبو طلحة له صلى الله عليه وسلم: (أن الله) سبحانه (يقول في كتابه) العزيز وممن عمل بهذه الآية ابن عمر فقد روى البزار من طريقه أنه قرأها قال: فلم أجد شيئًا أحب إلي من من مرجانة جارية لي رومية فقلت: هي حرة لوجه الله فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لتزوجتها كذا في الفتح ولعله رضي الله عنه لم يطلع على حديث تضعيف الأجر لثلاثة كما سبق في كتاب الإيمان والله أعلم.
({لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}) وإن أحب أموالي إلي بيرحا) بالرفع خبر إن فيه فضيلة لأبي طلحة لأن الآية تضمنت الحث على الإنفاق من المحبوب فترقى هو إلى إنفاق أحب المحبوب فصوب صلى الله عليه وسلم رأيه وشكر عن ربه فعله ثم أمره أن يخص بها أهله وكنى عن رضاه بذلك بقوله: بخ (وإنها صدقة) مصروفة (لله) أي لوجه الله (أرجو) وأطمع (برها) أي خيرها وثوابها (وذخرها) بضم الذال أي ادخارها (عند الله) تعالى أي أقدمها فأدخرها لأجدها عند الله يوم القيامة يعني لا أريد ثمرتها العاجلة الدنيوية الفانية بل أطلب مثوبتها الآجلة الأخروية الباقية اهـ ملا علي (فضعها) أي فاجعل تلك البقعة المسماة ببيرحا (يا رسول الله حيث شئت) أي في المصرف الذي
يَا رَسُولَ اللهِ، حَيثُ شِئْتَ. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"بَخْ! ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا. وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ
ــ
شئت وأردت أن تجعلها فيه من مصارف الخير واصرفها فيه فوض تعيين مصرفها إليه صلى الله عليه وسلم لكن ليس فيه تصريح بأن أبا طلحة جعلها حبسًا قال أنس كما في رواية البخاري: فـ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ) بفتح الباء وسكون الخاء على وزن بل وهل وتنوينها مكسورة مخففة في الأكثر بلا تكرار وقد تكرر للمبالغة الأول منون مكسور أو مضموم والثاني مسكن ويقال بخْ بخْ مسكنين وبخٍ بخٍ منوّنين وبخٍّ وبخٍّ مشددين وهي كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح اهـ من القاموس فمن نونه شبهه بأسماء الأفعال كصه ومه فيكون بمعنى أعجب من هذا الأمر وقال ابن دريد: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه.
(ذلك) الذي صرفته لله تعالى (مال رابح ذلك مال رابح) كرره للتأكيد وهو بالباء الموحدة أي مال ذو ربح عند الله تعالى صيغة نسب كلابن وتامر أي يربح صاحبه في الآخرة أو مال مربوح فيه على أنه فاعل بمعنى مفعول.
وذكر النواوي فيه رواية (رائح) بالهمزة المنقلبة عن الواو أي رائح عليك أجره ونفعه في الآخرة هذا محصل ما ذكره وهو من الرواح أي من شأنه الذهاب فإذا ذهب في الخير فهو أولى.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد سمعت) أنا (ما قلت) لي (فيها) يا أبا طلحة (و) لكن (أني أرى) من الرأي أو من الرؤية بمعنى العلم (أن تجعلها في الأقربين) لك وتقسمها بينهم قال أنس: (فقسمها) أي فقسم بيرحا (أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) وهو من عطف الخاص على العام اهتمامًا بشأنهم وفيه أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين وفي تفسير صحيح البخاري (فجعل لحسان وأبي وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئًا) اهـ.
وفي بعض الروايات (فجعلها أبو طلحة في ذي رحمه وكان منهم حسان وأبي بن كعب) وفي مرسل أبي بكر بن حزم (فرده على أقاربه أبي بن كعب وحسان بن ثابت وأخيه وابن أخيه شداد بن أوس ونبيط بن جابر فتقاوموه فباع حسان حصته من معاوية بمائة ألف درهم) قال الحافظ: وهذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم الحديقة المذكورة
(2197)
(0)(0) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ. حَدَّثَنَا بَهْزٌ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ. قَال: لَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} . قَال أَبُو طَلْحَةَ: أَرَى رَبَّنَا يَسْأَلُنَا مِنْ أَمْوَالِنَا. فَأُشْهِدُكَ، يَا رَسُولَ اللهِ، أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ أَرْضِي بَرِيحا لِلَّهِ. قَال: فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اجْعَلْهَا فِي قَرَابَتِكَ" قَال: فَجَعَلَهَا فِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
ــ
ولم يقفها عليهم إذ لو وقفها ما ساغ لحسان أن يبيعها فيعكر على من استدل بشيء من قصة أبي طلحة في مسائل الوقف إلا فيما لا تخالف فيه الصدقة الوقف ويحتمل أن يقال: شرط أبو طلحة عليهم لما وقفها عليهم أن من احتاج إلى بيع حصته منهم جاز له بيعها وقد قال بجواز هذا الشرط بعض العلماء كعلي وغيره والله أعلم اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 141) والبخاري (1461).
ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه فقال:
(2197)
(0)(0)(حدثني محمد بن حاتم) بن ميمون أبو عبد الله السمين المروزي ثم البغدادي صدوق من (10)(حدثنا بهز) بن أسد العمي أبو الأسود البصري ثقة من (9)(حدثنا حماد بن سلمة) الربعي أبو سلمة البصري ثقة من (8)(حدثنا ثابت) بن أسلم البناني البصري ثقة من (4)(عن أنس) بن مالك الأنصاري أبي حمزة البصري رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا محمد بن حاتم غرضه بسوقه بيان متابعة ثابت لإسحاق بن عبد الله (قال) أنس (لما نزلت هذه الآية) يعني قوله تعالى: ({لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ}) قال الحسن: لن تكونو أبرارًا ({حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}) أي حتى تبذلوا كبير أموالكم وقال أبو بكر الوراق: لن تنالوا بري بكم حتى تبروا إخوانكم وقال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الجنة وقال مجاهد: ثواب البر (قال أبو طلحة: أرى) بضم الهمزة أي أظن (ربنا يسألنا من أموالنا) أي يطلب منا إنفاقها في سبيله (فأشهدك يا رسول الله) على (أني قد جعلت أرضي) وحديقتي (بريحا) مصروفة (لله) أي لوجه الله تعالى (قال) أنس: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها) مقسومة (في) ذوي (قرابتك قال) أنس: (فجعلها) أبو طلحة (في) أقاربه (حسان بن ثابت وأبي بن كعب) قال النواوي: وفي هذا الحديث استحباب الإنفاق مما يحب ومشاورة أهل العلم والفضل في كيفية الصدقات ووجوه الطاعات وغيرها اهـ.
وقال القرطبي: وفي هذا الحديث أبواب من الفقه منها صحة الصدقة المطلقة
(2198)
(962) - (112) حدّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بُكَيرٍ، عَنْ كُرَيبٍ، عَنْ مَيمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ؛ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً لَهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَتْ ذلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "لَوْ أَعْطَيتِهَا أَخْوَالكِ،
ــ
والحبس المطلق وهو الذي لم يعين مصرفه وبعد هذا يعين ومنها صحة الوكالة لقوله: (ضعه حيث شئت) ومنها إطلاق لفظ الصدقة بمعنى الحبس وقد روى أنها بقيت وقفًا بأيدي بني عمه وبه احتج غير واحد على جواز تحبيس الأصول خلافًا للكوفيين ومنها مراعاة القرابة وإن بعدوا في النسب إذ بين أبي طلحة وحسان وأبي آباء كثيرة وإنما يجتمعان مع أبي طلحة في عمرو بن مالك بن النجار وهو السابع من آبائهم وقال أبو عمر: إن حسان يجتمع معه في حرام وهو الجد الثالث وأبي يجتمع معه في عمرو وهو الجد السابع إلى غير ذلك فتأمل ما فيه اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أنس بحديث ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنهما فقال:
(2198)
(962)(112)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي) نزيل مصر (حدثنا) عبد الله (بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري ثقة من (7)(عن بكير) بن عبد الله بن الأشج المخزومي المصري ثقة من (5)(عن كريب) بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم أبي رشدين المدني ثقة من (3)(عن ميمونة بنت الحارث) الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون واثنان مدنيان (أنها) أي أن ميمونة (أعتقت) أي حررت (وليدة) أي أمة (لها في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي المرقاة أي جارية مولودة في ملكها مملوكة لها اهـ.
وفي رواية النسائي من طريق عطاء بن يسار عن ميمونة أنها كانت لها جارية سوداء (فذكرت) ميمونة (ذلك) أي إعتاقها الوليدة (لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أعطيتها) بكسر التاء أي لو أعطيت الوليدة ووهبتها (أخوالك) باللام جمع خال وأخوالها كانوا من بني هلال أيضًا واسم أمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث ووقع في البخاري من رواية الأصيلي (أخواتك) بالتاء بدل اللام قال
كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ"
ــ
عياض: ولعله أصح من رواية أخوالك بدليل رواية مالك في الموطأ (فلو أعطيتها أختيك).
وقال النواوي الجميع صحيح ولا تعارض ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك كله.
(كان) إعطاؤك إياهم (أعظم) أي أكثر (لأجرك) أي في أجرك وثوابك من إعتاقها لأنه كان صدقة وصلة رحم اهـ مرقاة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 332) والبخاري (2592).
قال القرطبي: وهذا يدل على أن الصدقة على الأقارب أفضل من عتق الرقاب وهو قول مالك وتخصيص الأخوال إما لأنهم من جهة الأم وللأم ثلاثة أرباع البر وإما لأنهم كانوا أحوج اهـ من المفهم.
قال النواوي وفي الحديث فضيلة صلة الأرحام والإحسان إلى الأقارب وأنه أفضل من العتق وفيه الاعتناء بأقارب الأم إكرامًا بحقها وهو زيادة في برها قال المازري: إن لم تكن إلا قرابة من جهة الأم فالأمر واضح وإن كانت له قرابة من الجهتين فيحتمل قرابة الأم لأنه لما كانت الأم أولى بالبر كان قرابتها أولى بالصدقة اهـ.
وفيه جواز تبرع المرأة بمالها بغير إذن زوجها قال ابن بطال فيه أن هبة ذي الرحم أفضل من العتق ويؤيده ما رواه الترمذي والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان من حديث سلمان بن عامر الضبي مرفوعًا الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة لكن لا يلزم من ذلك أن تكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقًا لاحتمال أن يكون المسكين محتاجًا ونفعه بذلك متعديًا والآخر بالعكس وقد وقع في رواية النسائي (فقال: أفلا فديت بها بنت أخيك من رعاية الغنم) فبين الوجه في الأولوية المذكورة وهو احتياج قرابتها إلى من يخدمها وليس في الحديث أيضًا حجة على أن صلة الرحم أفضل من العتق لأنها واقعة عين والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال كما قررته كذا في الفتح اهـ فتح الملهم.
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أنس بحديث زينب بنت معاوية رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2199)
(963)(113)(حدثنا حسن بن الربيع) البجلي أبو علي الكوفي البوراني
(2199)
(963) - (113) حدَّثنا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ. حَدَّثَنَا أَبُو الأحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَينَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ. قَالتْ: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَدَّقْنَ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ! وَلَوْ مِنْ حَلْيِكُنَّ" قَالتْ؟ فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ فَقُلْتُ: إِنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ. وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ. فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ. فَإِنْ كَانَ ذلِكَ
ــ
بضم الموحدة ثقة من (10)(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي الكوفي ثقة من (7)(عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (عن عمرو بن الحارث) بن أبي ضرار الخزاعي المصطلقي أخي جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي المدني رضي الله تعالى عنه روى عن زينب بنت معاوية في الزكاة ويروي عنه (ع) وأبو وائل وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وهو صحابي قليل الحديث مات بعد الخمسين (عن زينب) بنت معاوية ويقال بنت عبد الله بن أبي معاوية الثقفية الكوفية (امرأة عبد الله) بن مسعود رضي الله عنهما.
وهذا السند من سداسياته رجاله خمسة منهم كوفيون وواحد مدني ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي عن صحابي وتابعي عن تابعي.
(قالت) زينب (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن) بضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء على وزن فعول جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام نظير فلس وفلوس وهو ما يزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة وروى مفردًا وجمعًا وفي رواية البخاري: (قالت: كنت في المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن).
(قالت) زينب: (فرجعت إلى) زوجي (عبد الله) بن مسعود وهو في البيت (فقلت) له: (أنك) يا عبد الله (رجل خفيف ذات اليد) أي خفيف اليد غير ثقيلها بالأموال فلفظ ذات مقحم أو الإضافة للبيان أي خفيف ذات هي اليد أي قليلها وهو كناية عن الفقر وهو صفة رجل (وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا) اليوم معاشر النساء (بالصدقة) أي بصرف أموالنا في الخيرات (فأته) صلى الله عليه وسلم أي فاذهب أنت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فاسأله) صلى الله عليه وسلم هل يجوز صرف المرأة صدقتها إلى زوجها وإلى أولادها المحتاجين إليها (فإن كان ذلك) أي صرف صدقتي إليكم
يَجْزِي عَنِّي وَإِلّا صَرَفْتُهَا إِلَى غَيرِكُمْ. قَالتْ: فَقَال لِي عَبْدُ اللهِ: بَلِ ائْتِيهِ أَنْتِ. قَالتْ: فَانْطَلَقْتُ. فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِبَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجَتِي حَاجَتُهَا
ــ
(يجزي) خبر كان بفتح الياء وكسر الزاي أي يغني ويقضي (عني).
وفي بعض النسخ: بضم الياء والهمزة في آخره أي يكفي عني وجواب الشرط محذوف تقديره: إن كان التصدق عليك وعلى أولادي يكفي عني تصدقت عليكم وأديتها إليكم (وإلا) أي وإن لم يجزئ ذلك عني (صرفتها) أي صرفت صدقتي ودفعتها (إلى غيركم قالت) زينب: (فقال لي عبد الله) بن مسعود لا أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أساله عن ذلك ولعل امتناعه من سؤال ذلك لأن سؤاله ينبئ عن الطمع في مالها: (بل ائتيه أنت) أتى بالضمير المنفصل لتأكيد ضمير الفاعل أي بل اذهبي أنت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسليه عن ذلك بنفسك (قالت) زينب (فـ) ـلما أبي عبد الله من سؤاله صلى الله عليه وسلم (انطلقت) أنا بنفسي: أي ذهبت إلى منزله صلى الله عليه وسلم لأساله والفاء في قوله (فإذا) عاطفة ما بعدها على جملة انطلقت وإذا فجائية (امرأة من الأنصار) مبتدأ خبره واقفة (بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي انطلقت ففاجأني وقوف امرأة على باب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ: في رواية الطيالسي: (فإذا امرأة من الأنصار يقال لها زينب) وكذا أخرجه النسائي من طريق أبي معاوية عن الأعمش وزاد من وجه آخر عن علقمة عن عبد الله قال: (انطلقت امرأة عبد الله يعني ابن مسعود وامرأة أبي مسعود يعني عقبة بن عمرو الأنصاري) قلت: لم يذكر ابن سعد لأبي مسعود امرأة أنصارية سوى هزيلة بنت ثابت بن ثعلبة الخزرجية فلعل لها اسمان ووهم من سماها زينب انتقالًا من اسم امرأة عبد الله إلى اسمها اهـ.
والمفهوم من حديث البزار أن المراد بالباب باب المسجد قاله ملا علي.
وجملة قوله: (حاجتي حاجتها) صفة لامرأة وفي العبارة قلب أي حاجة تلك المرأة عين حاجتي ولفظ البخاري: (حاجتها مثل حاجتي).
(قالت) زينب: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت) وألبست (عليه)
قَالتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُلْقِيَتْ عَلَيهِ الْمَهَابَةُ. قَالتْ: فَخَرَجَ عَلَينَا بِلالٌ فَقُلْنَا لَهُ: ائْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَخْبِرْهُ أَنَّ امْرَأَتَينِ بِالْبَابِ تَسْأَلانِكَ: أَتَجْزِي الصَّدَقَةُ عَنْهُمَا، عَلَى أَزْوَاجِهِمَا، وَعَلَى أَيتَامٍ فِي حُجُورِهِمَا؟ وَلَا تُخْبِرْهُ مَنْ نَحْنُ
ــ
من عند الله سبحانه وتعالى (المهابة) بفتح الميم أي الهيبة فكان يهابه الناس ولا يجترئ أحد بالدخول عليه أي أعطى الله سبحانه رسوله هيبة وعظمة يهابه الناس ويعظمونه ولذا ما كان أحد يجترئ على الدخول عليه.
قال الطيبي: كان تدل على الاستمرار ومن ثم كان أصحابه في مجلسه كأن على رؤوسهم الطير وذلك عزة منه صلى الله عليه وسلم لا كبر وسوء خلق هان تلك العزة ألبسها الله تعالى إياه صلى الله عليه وسلم لا من تلقاء نفسه اهـ فتح الملهم.
(قالت) زينب: (فخرج علينا بلال) بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية البخاري: (فمر علينا بلال)(فقلنا له) أي لبلال: (ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم) واذهب إليه (فأخبره) صلى الله عليه وسلم (أن امرأتين بالباب) أي عند الباب (تسألانك) خبر (أن) أي تستفتيانك وتقولان (أتجزي الصدقة عنهما) أي أيكفي لهما التصدق من مالهما (على أزواجهما وعلى أيتام) صغار (في حجورهما) أي في حمايتهما وتربتهما بضم الجيم جمع حجرة بالفتح والكسر يقال: فلان في حجر فلان أي في كنفه ومنعه والمعنى في تربيتهما أي ألنا أجر في التصدق عليهم وفي رواية النسائي على أزواجنا وأيتام في حجورنا وللطيالسي (أنهم بنو أخيها وبنو أختها) وللنسائي أيضًا من طريق علقمة (لإحداهما فضل مالٍ وفي حجرها بنو أخ لها أيتام وللأخرى فضل مال وزوج خفيف ذات اليد) أي فقير اهـ قسطلاني وفي القرطبي وفي غير مسلم (أن امرأة عبد الله بن مسعود كانت صناعًا وأنها قالت: يا رسول الله إني ذات صنعة أبيع منها وليس لزوجي ولا لولدي شيء فهل لي فيهم من أجر) وفي أخرى (أنها أخذت حليها لتصدق به وقالت: لعل الله أن لا يجعلني من أهل النار) رواه أحمد (3/ 503) وهذا يدل على أنها كانت صدقة تطوع اهـ من المفهم.
وقالتا لبلال: (ولا تخبره) صلى الله عليه وسلم (من نحن) إرادة الإخفاء مبالغة في نفي الرياء أو رعاية للأفضل وهذا أيضًا يصلح أن يكون وجهًا لعدم دخولهما قاله القاري في المرقاة أي لا يتعين له اسمنا بل قل: تسألك امرأتان (قالت) زينب: (فدخل بلال
قَالتْ: فَدَخَلَ بِلالٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلَهُ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هُمَا؟ " فَقَال: امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَزَينَبُ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَيُّ الزَّيَانِبِ؟ " قَال: امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ. فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَهُمَا أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ"
ــ
على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله) صلى الله عليه وسلم بلال ذلك على ما أمرتاه (فقال له) أي لبلال (رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هما) أي من المرأتان (فقال) بلال معينًا لهما لوجوبه عليه بطلب الرسول صلى الله عليه وسلم هما: (امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الزيانب) هي أي أي زينب منهن فعرَّف باللام مع كونه علمًا لما نكر حتى جمع اهـ قسط.
قال ابن الملك: وإنما لم يقل آية الزيانب لأنه يجوز التذكير والتأنيث قال الله تعالى {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} اهـ من المرقاة.
وإنما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الأنصارية لأن بلالًا ذكر اسمها العلم دونها والعلم قد يحتاج إلى التعيين لإزالة الاشتراك العارض فيه (قال) بلال:
(امرأة عبد الله) بن مسعود ولم يذكر بلال في الجواب معها زينب امرأة أبي مسعود الأنصاري اكتفاء باسم من هي أكبر وأعظم اهـ قسط.
(فقال له) أي لبلال (رسول الله صلى الله عليه وسلم): نعم يجزي عنهما و (لهما أجران أجر) صلة (القرابة) أي الرحم (وأجر الصدقة) أي ثوابها.
قال المازري: الأظهر حمله على الصدقة الواجبة لسؤالهما عن الإجزاء وهذا اللفظ إنما يستعمل في الواجبة انتهى.
قال العيني: احتج بهذا الحديث الشافعي وأحمد في رواية وأبو ثور وأبو عبيد وأشهب من المالكية وابن المنذر وأبو يوسف ومحمد وأهل الظاهر وقالوا: يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها إلى زوجها الفقير وقال القرافي: كرهه الشافعي وأشهب وقال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة ومالك وأحمد وأبو بكر من الحنابلة: لا يجوز للمرأة أن تعطي زوجها من زكاة مالها ويروى ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه اهـ فتح الملهم.
قال القرطبي: واختلف قول مالك في الصدقة الواجبة على القرابة غير الوالدين والولد والزوجة بالجواز والكراهة ووجه هذه الكراهة مخافة الميل بالمدح بصلة الأرحام
(2200)
(0)(0) حدّثني أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ. حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأعْمَشُ عن شَقِيقٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَينَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ. قَال: فَذَكَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ. فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِي عُبَيدَةَ،
ــ
فتفسد نية أداء الفرض أو تضعف فأما الوالدان والولد الفقراء فلا تدفع الزكاة إليهم بالإجماع.
وليس إخبار بلال بالسائلتين اللتين استكتمتاه من هما بكشف أمانة سر لوجهين الأولى: أن بلالًا فهم أن ذلك ليس على الإلزام وإنما كان ذلك منهما على أنهما رأتا أنه لا ضرورة تحوج إلى ذلك.
والثاني: أنه إنما أخبر بهما جوابًا لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم فرأى أن إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهم وأوجب من كتمان ما أمرتاه وهذا كله بناء على أنهما أمرتاه ويحتمل أن يكون سؤالًا للإسراع ولا يجب إسعاف كل سؤال اهـ من المفهم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (3/ 502) والبخاري (1466) والنسائي (5/ 92 - 93).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث زينب رضي الله تعالى عنها فقال:
(2200)
(0). (0)(حدثني أحمد بن يوسف) بن خالد بن سالم (الأزدي) السلمي أبو الحسن النيسابوري كان أبوه ينسب إلى الأزد وأمه إلى سليم ثقة من (11) روى عنه في (11) بابا (حدثنا عمر بن حفص بن غياث) النخعي الكوفي ثقة من (10) روى عنه في (8) أبواب (حدثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق النخعي الكوفي ثقة من (8) روى عنه في (14) بابا (حدثنا الأعمش عن) أبي وائل (شقيق) بن سلمة الكوفي (عن عمرو بن الحارث) الخزاعي المدني (عن زينب امرأة عبد الله) رضي الله تعالى عنهما وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة حفص بن غياث لأبي الأحوص في روايته عن الأعمش.
(قال) الأعمش بالسند السابق: (فذكرت) هذا الحديث الذي سمعته عن شقيق عن عمرو عن زينب (لإبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة من (5) قال الأعمش: (فحدثنيـ) ـه إبراهيم (عن أبي عبيدة) عامر بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي ثقة من كبار الثالثة (عن عمرو بن الحارث) الخزاعي المدني (عن زينب امرأة عبد الله) بن مسعود
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَينَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ. بِمِثْلِهِ سَوَاءً. قَال: قَالتْ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ. فَرَآنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: "تَصَدَّقْنَ. وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ". وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْو حَدِيثِ أَبِي الأَحْوَصِ
ــ
والجار والمجرور في قوله: (بمثله) متعلق بقوله: (فحدثني) والضمير عائد إلى شقيق لأنه المتابع بالفتح والمتابع بالكسر هو إبراهيم النخعي وقوله: (سواءً) بالنصب حال من المثل أتى به تأكيدًا لمعنى المماثلة والمعنى.
قال الأعمش بالسند السابق: فذكرت هذا الحديث الذي سمعته من شقيق لإبراهيم النخعي استثباتًا منه فحدثني إبراهيم عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب بمثله أي بمثل ما حدثني شقيق عن عمرو بن الحارث حالة كون حديث إبراهيم مساويًا لحديث شقيق لفظًا ومعنى فللأعمش سندان: سند عن شقيق عن عمرو وهو من سباعياته كما مر وسند عن إبراهيم عن أبي عبيدة وهو من ثمانياته كما بيناه في رسالتنا الكبرى وفيه ثلاثة من التابعين الأعمش عن إبراهيم عن أبي عبيدة غرضه بهذا السند الثاني بيان متابعة إبراهيم لشقيق بن سلمة ولكنها متابعة ناقصة فليتأمل فإن في المقام دقة.
وفي بعض الهوامش: قوله: (فذكرته لإبراهيم) أي قال الأعمش: فذكرت الحديث لإبراهيم النخعي فحدثني هو عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب بمثله سواءً ومقصود الأعمش من هذا الكلام إخبار أنه رواه عن شيخين شقيق وإبراهيم اهـ.
ولكن (قال) إبراهيم في روايته عن أبي عبيدة: (قالت) زينب: (كنت في المسجد) النبوي (فرآني النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية البخاري: (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم) ولا منافاة بينهما (فقال): يا معشر النساء (تصدقن ولو) كان تصدقكن (من حليكن) التي تتزين بها وهذا بيان لمحل المخالفة بين رواية شقيق وراوية إبراهيم.
وقوله: (وساق الحديث) معطوف على (حدثنا أبي) والمعنى قال حفص بن غياث: حدثنا الأعمش إلى آخر السندين وساق الحديث السابق (بنحو حديث أبي الأحوص) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة حفص بن غياث لأبي الأحوص في رواية هذا الحديث عن الأعمش والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنهما فقال:
(2201)
(964) - (114) حدَّثنا أَبُو كُرَيب مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَينَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ؛ قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ لِي أَجْرٌ فِي بَنِي أَبِي سَلَمَةَ؟ أُنْفِقُ عَلَيهِمْ. وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هكَذَا هكَذَا وَهكَذَا. إِنمَا هُمْ بَنِيَّ. فَقَال: "نَعَمْ. لَكِ فِيهِمْ
ــ
(2201)
(964)(114)(حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (حدثنا هشام) بن عروة الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير الأسدي المدني (عن زينب بنت أبي سلمة) المخزومية المدنية الصحابية المشهورة ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها وكان اسم زينب أولًا برة بفتح الباء وتشديد الراء وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب وأبو سلمة اسمه عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومية ولدت بأرض الحبشة وحفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروت عنه (عن أم سلمة) أم المؤمنين هند بنت أبي أمية المخزومية رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان كوفيان ومن لطائفه أن فيه رواية صحابية عن صحابية ورواية تابعي عن تابعي.
(قالت) أم سلمة: (قلت: يا رسول الله هل لي أجر) وثواب (في) إنفاقي على أولادي (بني أبي سلمة) بن عبد الأسد المخزومي وكان زوج أم سلمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ولها من أبي سلمة سلمة وعمر ومحمد وزينب ودرة وليس في حديث أم سلمة تصريح بأن الذي كانت تنفقه عليهم من الزكاة فكان القدر المشترك حصول الإنفاق على الأيتام قاله الحافظ.
وقال النواوي: المراد به صدقة التطوع ويدل عليه سياق الحديث.
(أنفق عليهم) من مالي تريد التصدق عليهم تطوعًا (ولست بتاركتهم هكذا) أي جائعين (وهكذا وهكذا) أي عارين تعني محتاجين (إنما هم بنيَّ) منه فلا أستطيع ولا أحب ضياعهم بفتح الموحدة وكسر النون وتشديد الياء أصله بنون لي حذفت النون واللام للإضافة فصار بنوي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فأدغمت الواو قبلها ياء فصار بني بضم النون وتشديد الياء ثم أبدلت من ضمة النون كسرة لمناسبة الياء فصار: هم بنى (فقال) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعم لك فيهم) أي في
أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيهِمْ".
(2202)
(0)(0) وحدّثني سُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخبَرَنَا مَعْمَرٌ. جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، فِي هذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
(2203)
(965) - (115) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ (وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ) عَنْ
ــ
الإنفاق عليهم (أجر مما أنفقت عليهم) بإضافة أجر لتاليه فتكون ما موصولة تقديره: لك أجر الذي أنفقتيه عليهم وجوز بعضهم التنوين فتكون ما ظرفية تقديره: لك أجر مدة إنفاقك عليهم.
وشارك المؤلف في روايته هذا الحديث أحمد (6/ 292 و 293) والبخاري (1467).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها فقال:
(2202)
(0)(0)(وحدثني سويد بن سعيد) بن سهل الهروي صدوق من (10)(حدثنا علي بن مسهر) القرشي أبو الحسن الكوفي ثقة من (8)(ح وحدثناه إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (وعبد بن حميد) الكسي (قالا) أي قال إسحاق وعبد: (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (جميعًا) حال مؤكدة من علي بن مسهر ومعمر بن راشد أي حالة كونهما مجتمعين في الرواية (عن هشام بن عروة في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد المذكور في الرواية السابقة يعني عن أبيه عن زينب عن أم سلمة أي كلاهما رويا عن هشام (بمثله) أي بمثل ما روى أبو أسامة عن هشام وغرضه بسوق هذين السندين بيان متابعتهما لأبي أسامة.
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أنس بحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله تعالى عنهما قال:
(2203)
(965)(115)(حدثنا عبيد الله بن معاذ) التميمي (العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن عدي وهو ابن ثابت) الأنصاري الكوفي الصحابي رضي الله عنه ثقة من (4)(عن) جده لأمه
عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ قَال:"إِن الْمُسْلِمَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً، وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا، كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً"
ــ
(عبد الله بن يزيد) بن زيد بن الحصين الأنصاري الأوسي الخطمي أبي موسى المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه (عن أبي مسعود البدري) عقبة بن عمرو المدني رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون واثنان مدنيان وواحد كوفي ومن لطائفه أن فيه رواية صحابي أنصاري عن صحابي أنصاري.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال إن المسلم إذا أنفق على أهله) يحتمل أن يشمل الزوجة والأقارب ويحتمل أن يختص بالزوجة ويلحق بها من عداها بطريق الأولى لأن الثواب إذا ثبت فيما هو واجب فثبوته فيما ليس بواجب أولى.
قال القرطبي: قوله: (على أهله) أي على زوجته وولده (نفقة) حذف المقدار لإفادة التعميم (وهو) أي والحال أنه (يحتسبها) أي يقصد بها ثواب الله تعالى (كانت) تلك النفقة (له صدقة) أي ثوابًا أي يثاب عليها كما يثاب على الصدقة والتشبيه في أصل المقدار لا في الكمية والكيفية وإطلاق الصدقة على الثواب مجاز مرسل من إطلاق السبب وإرادة المسبب اهـ تيسير.
قال ابن الملك: يفهم من قوله: (وهو يحتسبها) أن من غفل عن نية القربة لا تكون نفقته صدقة قيل كسب الحلال والنفقة على العيال من أعمال الأبدال اهـ منه.
قال النواوي: قوله: (وهو يحتسبها) معناه أراد بها وجه الله تعالى فلا يدخل فيه من أنفقها ذاهلًا ولكن يدخل فيه المحتسب وطريقه في الاحتساب أن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق على الزوجة وأطفال أولاده والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقته على حسب أحوالهم واختلاف العلماء فيهم وأن غيرهم ممن ينفق عليه مندوب إلى الإنفاق فينفق بنية أداء ما أمر به وقد أمر بالإحسان إليهم والله أعلم اهـ منه.
قال الطبري ما ملخصه: الإنفاق على الأهل واجب والذي يعطيه يؤجر على ذلك بحسب قصده ولا منافاة بين كونها واجبة وبين تسميتها صدقة بل هي أفضل من صدقة التطوع.
وقال المهلب: النفقة على الأهل واجبة وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر فعرَّفهم أنها لهم
(2204)
(0)(0) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع. كِلاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هذَا الإِسْنَادِ.
(2205)
(966) - (116) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأوْدِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ
ــ
صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ترغيبًا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع وقال ابن المنير: تسمية النفقة صدقة من جنس تسمية الصداق نحلة فلما كان احتياج المرأة إلى الرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتأنيس والتحصين وطلب الولد كان الأصل أن لا يجب لها عليه شيء إلا أن الله خص الرجل بالفضل على المرأة بالقيام عليها ورفعه عليها بذلك درجة فمن ثم جاز إطلاق النحلة على الصداق والصدقة على النفقة اهـ من فتح الملهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 120 و 122) والبخاري (55) والنسائي (5/ 69).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي مسعود رضي الله عنه فقال:
(2204)
(0)(0)(وحدثناه محمد بن بشار وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري صدوق من (10) كلاهما عن محمد بن جعفر) الهذلي البصري ربيب شعبة (ح وحدثناه أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي حالة كون كل من محمد بن جعفر ووكيع (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية (عن شعبة) بن الحجاج البصري (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري غرضه بسوق هذا السند بيان متابعتهما لمعاذ بن معاذ العنبري في الرواية عن شعبة بن الحجاج.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أسماء رضي الله تعالى عنها فقال:
(2205)
(966)(116)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد (الأودي) الكوفي ثقة من (8)(عن هشام بن عروة) الأسدي المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير المدني (عن أسماء) بنت أبي بكر الصديق التيمية المدنية.
قَالتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِن أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ (أَوْ رَاهِبَةٌ) أَفَأَصِلُهَا؟ قَال:"نَعَمْ"
ــ
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان.
(قالت) أسماء: (قلت: يا رسول الله إن أمي) اسمها قتيلة بالقاف والمثناة مصغرًا بنت عبد العزى بن معد من بني مالك بن حسل بكسر الحاء وسكون السين المهملتين العامرية القرشية وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية وقيل: اسمها قيلة بسكون التحتانية وقيل قتلة بسكون المثناة من فوق والراجح هو الأول (قدمت) من مكة ونزلت (عليَّ) في بيتي (وهي) أي والحال أنها (راغبة) في بر ابنتها لها (أو) قالت: (راهبة) أي خائفة من ردها إياها خائبة هكذا فسره الجمهور وهذا الشك إنما هو في هذه الرواية.
وأما الرواية الثانية ففيها: (وهي راغبة) بلا شك ولا تردد وهو الذي في هبة صحيح البخاري وأدبه وللطبراني من طريق عبد الله بن إدريس المذكور (راغبة وراهبة) وفي حديث عائشة عند ابن حبان (جاءتني راغبة وراهبة) وهو يؤيد رواية الطبراني والمعنى أنها قدمت راغبة في عطائها خائفة من حرمانها هكذا فسره الجمهور كما مر ونقل المستغفري أن بعضهم أوله فقال وهي راغبة في الإسلام فذكرها لذلك في الصحابة ورده أبو موسى بأنه لم يقع في شيء من الروايات ما يدل على إسلامها وقولها (وهي راغبة) أي في شيء تأخذه وهي على شركها ولهذا استأذنت أسماء في أن تصلها ولو كانت راغبة في الإسلام لم تحتج إلى إذن لشيوع التألف على الإسلام من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأمره فلا يحتاج إلى استئذانه في ذلك اهـ فتح الملهم.
(أفأصلها) أي فهل أعطيها الصلة أم لا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) أعطيها صلة وفي الطريق الأخرى (نعم صلي أمك) زاد البخاري في الأدب عقب حديثه عن الحميدي عن ابن عيينة (قال ابن عيينة فأنزل الله فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}) وكذا وقع في آخر حديث عبد الله بن الزبير ولعل ابن عيينة تلقاه منه.
وروى ابن أبي حاتم عن السدي أنها نزلت في ناس من المشركين كانوا ألين شيء جانبًا للمسلمين وأحسنه قلت: ولا منافاة بينهما فإن السبب خاص واللفظ عام فيتناول كل من كان في معنى والدة أسماء.
قال الخطابي: فيه أن الرحم الكافرة توصل بالمال ونحوه كما توصل المسلمة
(2206)
(0)(0) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ. قَالتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، فِي عَهْدِ قُرَيشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ، فَاسْتَفْتَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ. أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَال: "نَعَمْ. صِلِي أُمَّكِ"
ــ
ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة وإن كان الولد مسلمًا اهـ وفيه موادعة أهل الحرب ومعاملتهم في زمن الهدنة.
قال الحافظ: ثم البر والصلة والإحسان لا يستلزم التحابب والتوادد والمنهي عنه في قوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية فإنها عامة في حق من قاتل ومن لم يقاتل والله أعلم اهـ من فتح الملهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 344 و 347) والبخاري (5979).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أسماء رضي الله تعالى عنها فقال:
(2206)
(0)(0) وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء) الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن هشام) بن عروة المدني (عن أبيه) عروة بن الزبير المدني (عن) أمه (أسماء بنت أبي بكر) الصديق رضي الله تعالى عنها وهذا السند من خماسياته غرضه بسوقه بيان متابعة أبي أسامة لعبد الله بن إدريس.
(قالت) أسماء (قدمت على أمي وهي مشركة) جملة حالية من فاعل قدمت وقولها: (في عهد قريش) ظرف لقولها قدمت تعني أن قدومها كان في مدة عهد قريش (إذ عاهدهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم على ترك الحرب قال ابن حجر: أرادت بذلك ما بين الحديبية والفتح (فاستفتيت) أي سألت (رسول الله صلى الله عليه وسلم) هل أصلها أم لا (فقلت) في سؤاله: (يا رسول الله قدمت عليَّ أمي وهي راغبة أفأصل أمِّي قال: نعم صلي أمك) وبري إليها.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب من الأحاديث ستة الأول حديث أنس ذكره للاستدلال به وذكر فيه متابعة واحدة والثاني حديث ميمونة ذكره للاستشهاد لحديث أنس والثالث حديث امرأة عبد الله بن مسعود ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والرابع حديث أم سلمة ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والخامس حديث أبي مسعود الأنصاري ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والسادس حديث أسماء بنت أبي بكر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم.