الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة
(2228)
(980) - (130) حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ. حَدَّثَنَا زُهَيرُ بْنُ مُعَاويَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ"
ــ
425 -
(43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة
(2228)
(980)(130)(حدثنا عون بن سلام) بتشديد اللام الهاشمي مولاهم أبو جعفر (الكوفي) ثقة من (10)(حدثنا زهير بن معاوية) بن حديج مصغرًا (الجعفي) أبو خيثمة الكوفي ثقة من (7)(عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ثقة من (3)(عن عبد الله بن معقل) بن مقرن المزني أبي الوليد الكوفي روى عن عدي بن حاتم في الزكاة وكعب بن عمرو في الحج وثابت بن الضحاك في البيوع ويروي عنه (خ م ت س ق) وأبو إسحاق السبيعي وعبد الرحمن الأصبهاني وعبد الله بن السائب.
قال العجلي: كوفي تابعي ثقة من "خيار التابعين وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث وقال في التقريب: ثقة من كبار الثالثة مات سنة (88) ثمان وثمانين (عن عدي بن حاتم) بن عبد الله بن سعد بن حشرج بن امرئ القيس بن عدي الطائي الجواد ابن الجواد أبي طريف الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وفيه رواية تابعي عن تابعي.
(قال) عدي: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع) أي قدر (منكم) أيها المسلمون (أن يستتر) أي أن يتخذ سترًا وحجابًا (من) عذاب (النار ولو) قدر الاستتار عنها (بشق تمرة) بكسر الشين أي بنصف حبة تمرة أو بعدلها أي ولو قدر على الاستتار عنها بنصف تمرة أو بدونها (فليفعل) ذلك الاستتار والجملة جواب من الشرطية وجملة لو معترضة ومفعول يفعل محذوف كما قدرناه أو معنى ليفعل ليستتر أو ليتصدق ذكرًا للأعم وإرادة للأخص بقرينة ما قبله اهـ ابن الملك.
(2229)
(0)(0) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ (قَال ابْنُ حُجْرٍ: حَدَّثَنَا. وَقَال الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ) حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ. لَيسَ بَينَهُ وَبَينَهُ تُرْجُمَانٌ
ــ
وفي الحديث الحث على الصدقة وأنه لا يمتنع منها لقلتها وأن قليلها سبب للنجاة من النار اهـ نووي.
فلا يحقر الإنسان ما يتصدق به وإن كان يسيرًا فإنه يستر المتصدق به من النار.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أحمد (4/ 258 و 259) والبخاري (1417).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه فقال:
(2229)
(0)(0)(حدثنا علي بن حجر) بن إياس (السعدي) المروزي ثقة من (9)(وإسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي المروزي (وعلي بن خشرم) بزنة جعفر بن عبد الرحمن المروزي ثقة من (10)(قال ابن حجر: حدثنا وقال الآخران: أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي أبو عمرو الكوفي ثقة من (8)(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن خيثمة) بفتح المعجمة وسكون الياء ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة الجعفي الكوفي ثقة من (3)(عن عدي بن حاتم) الطائي الكوفي.
وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مروزي وفيه المقارنة والتحديث والإخبار والعنعنة وفيه رواية تابعي عن تابعي غرضه بسوقه بيان متابعة خثيمة بن عبد الرحمن لعبد الله بن معقل في رواية هذا الحديث عن عدي بن حاتم وكرر المتن لما في هذه الرواية من الزيادة الكثيرة.
(قال) عدي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما منكم من أحد) ظاهر الخطاب للصحابة ويلحق بهم المؤمنون كلهم سابقهم ومقصرهم أشار إلى ذلك ابن أبي جمرة أي ما من أحد منكم (إلا سيكلمه الله) سبحانه وتعالى يوم القيامة والحال أنه (ليس بينه) أي بين الله سبحانه وتعالى (وبينه) أي وبين أحد منكم (ترجمان) بفتح التاء وضم
فَيَنْظُرُ أَيمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ. وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ. وَيَنْظُرُ بَينَ يَدَيهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ. فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ"
ــ
الجيم وفتحها فيضمان ويفتحان وهو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى أخرى والمراد إن الله سبحانه وتعالى يكلم ويخاطب العبد بلا واسطة ولم يذكر في هذه الرواية ما يقول له ولكن بينه في رواية أخرى (ثم ليقولن له: ألم أرتك مالًا فليقولن: بلى ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولًا فليقولن: بلى) اهـ فتح الملهم.
والمراد بالترجمان هنا الرسول لأن الله تعالى لا يخفى عليه لغة فيكون كلامه تعالى في الآخرة بالوحي لا بالرسول اهـ من بعض الهوامش.
(فينظر) أحدكم حينما كلمه تعالى (أيمن منه) أي إلى جانبه الأيمن (فلا يرى إلا ما قدم) من أعماله الصالحة (وينظر أشأم منه) أي إلى جانبه الشمال (فلا يرى إلا ما قدم) من أعماله السيئة (وينظر بين يديه) أي قدامه (فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه) أي قبالة وجهه إذا سمعتم ما قلت لكم وأردتم بيان ما تتقون به من تلك النار (فـ) أقول لكم (اتقوا النار) أي اجعلوا الوقاية والستارة بينكم وبين النار (ولو بشق تمرة) أي ولو كان الذي تتقون به منها بعض حبة تمر أي ولو كان الاتقاء بتصدق تمرة اهـ من المبارق.
وفي فتح الملهم: قوله: (فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم) أي ما قدمه من أعماله السيئة وفي رواية محل بن خليفة (فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن شماله فلا يرى إلا النار) ورواية خثيمة هي المعتمدة في ذلك وقوله: أيمن وأشأم بالنصب فيهما على الظرفية والمراد بهما اليمين والشمال قال ابن هبيرة: نظر اليمين والشمال هنا كالمثل لأن الإنسان من شأنه إذا دهمه أمر أن يلتفت يمينًا وشمالًا يطلب الغوث.
(قلت): ويحتمل أن يكون سبب الالتفات أنه يترجى أن يجد طريقًا يذهب فيها ليحصل النجاة من النار فلا يرى إلا ما يفضي به إلى النار كما وقع في رواية محل بن خليفة كذا في الفتح. قوله: (فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه) قال ابن هبيرة: والسبب في ذلك أن النار تكون في ممره فلا يمكنه أن يحيد عنها إذ لا بد له من المرور على الصراط وفيه دليل على قرب النار من أهل الموقف وقد أخرج البيهقي في البعث من مرسل عبد الله بن باباه بسند رجاله ثقات رفعه كأني أراكم بالكوم جثى من دون جهنم وقوله جثى بضم الجيم بعدها مثلثة مقصور جمع جاث والكوم بفتح الكاف وسكون الواو
زَادَ ابْنُ حُجْرٍ: قَال الأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ خَيثَمَةَ، مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ" وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
وَقَال إِسْحَاقُ: قَال الأَعْمَشُ: عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيثَمَةَ.
(2230)
(0)(0) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ
ــ
المكان العالي الذي يكون عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما ثبت في حديث كعب بن مالك عند مسلم أنهم يكونون يوم القيامة على تل عالٍ.
قوله: (ولو بشق تمرة) بكسر المعجمة نصفها أو جانبها أي اجعلوا بينكم وبينها وقاية من الصدقة وعمل البر ولو بشيء يسير وفي الحديث الحث على الصدقة بما قل وما جل وأن لا يحتقر ما يتصدق به وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.
(زاد) علي (بن حجر) على غيره لفظة: (قال) لنا (الأعمش) حدثني خيثمة بن عبد الرحمن ما سبق بلا واسطة (وحدثني) أيضًا (عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني المرادي الجملي أبو عبد الله الأعمى الكوفي ثقة من (5)(عن خيثمة) بن عبد الرحمن (مثله) أي مثل ما حدثني خيثمة بلا واسطة (و) لكن (زاد) عمرو بن مرة (فيه) أي في حديثه وروايته عن خثيمة لفظة: (ولو بكلمة طيبة) بعد قوله: (ولو بشق تمرة) قال ابن هبيرة: المراد بالكلمة الطيبة هي ما يدل على هدي أو يرد عن ردى أو يصلح بين ائنين أو يفصل بين متنازعين أو يحل مشكلًا أو يكشف غامضًا أو يدفع ثائرًا أو يسكن غضبًا والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقال ابن بطال: وجه كون الكلمة الطيبة صدقة أن إعطاء المال يفرح به قلب الذي يعطاه ويذهب ما في قلبه وكذلك الكلام الطيب فاشتبها من هذه الحيثية (وقال إسحاق) بن إبراهيم في روايته: (قال الأعمش: عن عمرو بن مرة عن خيثمة) بصيغة العنعنة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه فقال:
(2230)
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب) الكوفيان (قالا: حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الكوفي (عن الأعمش عن عمرو بن مرة) الكوفي (عن خيثمة) ابن عبد الرحمن الكوفي (عن عدي بن حاتم) الطائي الكوفي.
قَال: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّارَ فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ. ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ". ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيهَا. ثُمَّ قَال: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو كُرَيبٍ: كَأَنَّمَا. وَقَال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ
ــ
وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون وأن فيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض الأعمش وعمرو وخيثمة.
(قال) عدي: (ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم النار) الأخروية (فأعرض) بوجهه عنها كأنه يراها (وأشاح) أي بالغ في إعراضه عنها أو حذر عنها كأنه ينظر إليها أو جد على الإيصاء باتقائها قال الخليل: أشاح عن كذا تنحى عنه وهذا يطابق أعرض وعلى هذا فعطفه على أعرض من عطف المرادف قال الجرمي: أشبه الوجوه ما قاله الخليل من أنها التنحية بمعنى الإعراض.
(ثم قال: اتقوا النار) أي اجعلوا الوقاية بينكم وبين النار (ثم أعرض) وتنحى عنها (وأشاح) أي عدل وأقبل إلينا كأنه يهرب منها (حتى ظننا) من شدة إعراضه وإشاحته عنها (أنه كأنما) زائدة بدليل سقوطها في رواية أبي كريب وجملة: (ينظر إليها) خبر أن أي حتى ظننا أنه ناظر إليها أي حتى ظننا من كثرة ما رأينا من تغيره من حالة إلى حالة أخرى وعدم ثباته على حالة واحدة أنه ناظر إليها لما فيه من الدلالة على الاضطراب والتحير والتدهش.
(ثم قال) ثانيًا: (اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد) تمرة (فـ) ـليتق (بكلمة طيبة ولم يذكر أبو كريب) في روايته لفظة (كأنما وقال) أبو كريب في روايته: (حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش) بصيغة التحديث عن الأعمش ولم يعنعن عنه.
فمعنى هذا الكلام (فمن لم يجد) أي شيئًا يتقى به من النار (فبكلمة طيبة) أي فليتق بها قال النواوي: فيه أن الكلمة الطيبة سبب للنجاة من النار وهي الكلمة التي فيها تطييب قلب إنسان إذا كانت مباحة أوطاعة اهـ.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه فقال:
(2231)
(0)(0) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا. وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ. ثَلاثَ مِرَارٍ. ثُمَّ قَال:"اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ. فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ".
(2232)
(981) - (131) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيفَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ،
ــ
(2231)
(0)(0)(وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (و) محمد (بن بشار) العبدي البصري (قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن عمرو بن مرة عن خيثمة عن عدي بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وثلاثة بصريون وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة غرضه بسوقه بيان متابعة شعبة لسليمان الأعمش في رواية هذا الحديث عن عمرو بن مرة.
(أنه) صلى الله عليه وسلم (ذكر النار فتعوذ) أي استعاذ (منها) بالله سبحانه وتعالى (وأشاح) أي أعرض (بوجهه) عنها كأنه ينظر إليها وقوله: (ثلاث مرار) تنازع فيه كل من تعوذ وأشاح (ثم) بعد استعاذته وإشاحته ثلاث مرار (قال) صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا) ما تتقون به منها من المال (فـ) ـاتقوا منها (بكلمة طيبة) أي صالحة مبشرة للسائل ومفرحة له.
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث جرير رضي الله عنه فقال:
(2232)
(981)(131)(حدثني محمد بن المثنى العنزي) البصري (أخبرنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج البصري (عن عون بن أبي جحيفة) وهب بن عبد الله السوائي الكوفي (عن المنذر بن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي روى عن أبيه في الزكاة والعلم ويروي عنه (م د س ق) وعون بن أبي جحيفة في الزكاة وعبد الملك بن عمير في الزكاة وأبو إسحاق السبيعي والضحاك بن منذر وأبو حيان التيمي
عَنْ أَبِيهِ؛ قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَدْرِ النَّهَارِ. فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَو الْعَبَاءِ. مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ. عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ. بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ. فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا رَأَى
ــ
ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: مقبول من الثالثة (عن أبيه) جرير بن عبد الله بن جابر البجلي اليماني أبي عمرو الكوفي الصحابي الشهير رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وثلاثة كوفيون وفيه رواية تابعي عن تابعي.
(قال) جرير: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار) أي في أول النهار ويقال له: وجه النهار أيضًا (فجاءه) صلى الله عليه وسلم (قوم) من الأعراب كما صرح به في الرواية الأخيرة (حفاة) أي ماشون بلا نعال (عراة) أي يغلب عليهم العري حالة كونهم (مجتابي النمار) حال من قوم لتخصصه بالصفة أي لابسيها خارقين أوساطها مقورين لها اسم فاعل من الاجتياب وهو تقوير أوساطها ليدخلوا فيها الرأس كالقميص ومنه قوله تعالى {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي نقبوا وخرقوا يقال اجتبيت القميص أي دخلت فيه.
قال ابن الأثير: وكل شيء قطع وسطه فهو مجوب ومجوب وبه سمي جيب القميص.
قال القرطبي: أي مقطوعي أوساط النمار من الاجتياب وهو التقطيع والخرق اهـ.
والنمار بكسر النون جمع نمرة بفتحها وهي كل شملة مخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض أراد أنه جاءه قوم لابسي أزر مخططة من صوف (أو) قال الراوي لابسي (العباء) بالشك من الراوي وفي فتح الملهم: الظاهر أنه شك من الراوي أو للتنويع والعباء بفتح العين وبالمد جمع عباءة وعباية لغتان وفي القاموس: إنه كساء معروف وقال القرطبي: هي أكسية غلاظ مخططة اهـ مفهم.
(متقلدي السيوف) أي لابسي السيوف في أعناقهم بعلاقتها (عامتهم) أي أكثرهم ومعظمهم (من) قبيلة (مضر) بوزن عمر قبيلة معروفة أي أكثرهم منها (بل كلهم من مضر) إضراب لغرض المبالغة (فتمعر) بتشديد العين المهملة من باب تفعل الخماسي أي تغير (وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وظهر عليه آثار الحزن (لما رأى) أي لأجل ما رأى
بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ. فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ. فَأَمَرَ بِلالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ. فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَال: " {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]. وَالآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر: 18] تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ،
ــ
(بهم من) آثار (الفاقة) والفقر الشديد يعني لما لم يكن عنده من المال ما يجبر كسرهم ويغني فقرهم ويكسوهم ويعطيهم وما يعينهم وهذا من كمال رأفته ورحمته خصوصًا في حق أمته قوله: (فتمعر) قال ابن الأثير: وأصل التمعر قلة النضارة وعدم إشراق اللون من قولهم: مكان أمعر وهو الجدب الذي لا خصب فيه ومعر الرأس بفتحتين قلة شعره والأمعر أيضًا القليل الشعر اهـ.
(فدخل) رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرته لعله يلقى شيئًا من زيادة النفقة أو لتجديد الطهارة والتهيئة للموعظة قاله القاري (ثم خرج) من بيته فرجع إلى المسجد (فأمر بلالًا) مؤذنه صلى الله عليه وسلم بأن يؤذن للظهر كما صرح في رواية أخرى (فأذن) بلال (وأقام) للصلاة (فصلى) بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر (ثم) بعد ما فرغ من الصلاة صعد المنبر و (خطب) الناس فيه استحباب جمع الناس للأمور المهمة ووعظهم وحثهم على مصالحهم وتحذيرهم من القبائح (فقال) في خطبته أي قرأ في خطبته قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] إلى آخر الآية) يعني قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقِيبًا} قال عياض: قراءته صلى الله عليه وسلم لها كلها لما فيها من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} وقال النواوي: يريد كأنهم إخوة وقال الأبي: يعني من قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهو تنبيه على سبب التواصل (و) قرأ (الآية التي) في سورة (الحشر) يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ) إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي ولتتفكر النفوس ولتتأمل بأي شيء من العبادات والخيرات هيأته وادخرته لغد من الزمان وهو يوم القيامة.
وقوله (تصدق رجل) بفتح القاف خبر بمعنى الأمر أي ليتصدق كل رجل منكم (من ديناره) الذي عنده و (من درهمه) الذي عنده و (من ثوبه) الذي عنده و (من صاع بره)
مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ (حَتَّى قَال): وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" قَال: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا. بَلْ قَدْ عَجَزَتْ
ــ
الذي عنده و (من صاع تمره) الذي عنده أي فليتصدق كل رجل منكم بما تيسر له مما عنده.
قال القاري: قوله: (تصدق رجل) بفتح القاف وتسكن قال الطيبي لعل الظاهر ليتصدق رجل ولام الأمر للغائب محذوفة وجوزه ابن الأنباري ولو حمل تصدق على الفعل الماضي لم يساعده قوله: (حتى قال: ولو بشق تمرة) فالمعنى ليتصدق رجل ولو بشق تمرة وكذا قوله: (فجاء رجل إلخ) لأنه بيان لامتثال أمره صلى الله عليه وسلم عقيب الحث على الصدقة ولمن يجريه على الإخبار وجه لكن فيه تعسف غير خاف اهـ.
قال الأبهري: ويأبى عن الحمل على حذف اللام عدم حرف المضارعة فيتعين حمله على أنه خبر لفظًا وأمر معنى وإتيان الإخبار بمعنى الإنشاء كثير في الكلام فليس فيه تكلف فضلًا عن تعسف وعلى هذا جرى حلنا وهو الظاهر الموافق لقاعدتهم اهـ من فتح الملهم.
وقوله: (رجل من ديناره) إلح قال الطيبي: رجل نكرة وضعت موضع المعرف لإفادة الاستغراق في الإفراد وإن لم تكن في سياق النفي كشجرة في قوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: 27] فإن شجرة وقعت موقع الأشجار ومن ثم كرر في الحديث مرارًا بلا عطف أي ليتصدق رجل من ديناره ورجل من درهمه وهلم جرًا ومن في من ديناره إما تبعيضية أي ليتصدق مما عنده من هذا الجنس وإما ابتدائية متعلقة بالفعل فالإضافة بمعنى اللام أي ليتصدق بما هو مختص به وهو مفتقر إليه على نحو قوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} وقوله: (من صاع تمره) إعادة العامل تفيد الاستقلال وتدفع أن يكون الصاع منهما.
وقوله: (حتى قال) غاية لمحذوف معلوم من السياق أي أمر كلهم بتصدقه مما عنده حتى قال: تصدقوا (ولو) كان تصدقكم (بشق تمرة) أي بنصفها (قال) جرير بن عبد الله (فجاء رجل من الأنصار) لم أر من ذكر اسمه (بصرة) بضم الصاد وتشديد الراء أي بربطة وكيس من الدراهم والدنانير والصرة ما تعقد فيه الدراهم (كادت) وقربت (كفه) أن (تعجز عنها) أي عن حملها أي عن حمل الصرة لثقلها لكثرة ما فيها (بل قد عجزت) إضراب
قَال: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ. حَتَّى رَأَيتُ كَوْمَينِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ. حَتَّى رَأَيتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَهَلَّلُ. كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ
ــ
لغرض المبالغة (قال) الراوي: (ثم) بعد ما جاء ذلك الرجل بالصرة (تتابع الناس) ذلك الرجل وتلاحقوه بصدقاتهم فجمعوا أموالًا كثيرة (حتى رأيت كومين) أي صبرتين مجموعتين (من طعام وثياب) والكومان ثنية كوم بالفتح وبالضم الصبرة.
قال القرطبي: قوله: (كومين) بفتح الكاف تثنية كوم بالفتح والكوم الرابية أي التل المرتفع والمعنى حتى رأيت جمعًا كثيرًا من مأكول وملبوس وقد قيد كومين بضم الكاف قال أبو مروان بن سراج: هو بالضم اسم لما كوم أي جمع وبالفتح المرة الواحدة والكومة الصبرة والكوم العظيم من كل شيء والكوم المرتفع كالرابية والفتح هنا أولى لأنه إنما شبه ما اجتمع هناك بالكوم الذي هو الرابية.
وقوله: (حتى رأيت) غاية لمحذوف تقديره: فجمعوا كومين إحداهما من طعام والأخرى من ثياب حتى رأيت (وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل) أي يتنور فرحًا وسرورًا حتى صار وجهه كأنه مذهبة) بضم الميم وسكون الذال وفتح الهاء بعدها موحدة أي فضة مموهة بالذهب في إشراقه.
قال القرطبي: والرواية الصحيحة المشهورة فيه هكذا بالذال المعجمة والباء الموحدة من الذهب.
ووقع في بعض الرواية: (مدهنة) بضم الميم وسكون الدال المهملة وضم الهاء بعدها نون والمدهن نقرة في الجبل يستنقع فيه ماء المطر والمدهن أيضًا ما جعل فيه الدهن وَالمدهنة من ذلك شبه صفاء وجهه بإشراق السرور بصفاء هذا الماء في الحجر أو بصفاء الدهن وسروره صلى الله عليه وسلم فرح بما ظهر من المسلمين من سهولة البذل عليهم ومبادرتهم لذلك وبما كشف الله تعالى من فاقات أولئك المحاويج اهـ من المفهم.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة) أي من فعل فعلًا جميلًا في الإسلام فاقتدى به فيه (فله أجرها) أي أجر فعل تلك السنة بنفسه (وأجر) عمل (من عمل بها بعده) اقتداءً به لأن عمله بنفسه كان سببًا في عملهم فالأجر الأول على مباشرته والأجر الثاني على تسببه في عملهم فإذا لا يعارض بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيسَ
مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيهِ وزْرُهَا وَوزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ. مِنْ غَيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ".
(2233)
(0)(0) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، الْعَنْبَرِيُّ
ــ
لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى} (من غير أن ينقص من أجورهم) أي من أجور العاملين بها (شيء) قليل ولا كثير لأنه أجر على تسببه في عملهم لا على عملهم.
وعبارة فتح الملهم: قوله: (من سن سنة حسنة) أي أتى بطريقة مرضية يقتدى به فيها (فله أجرها) أي أجر تلك السنة أي ثواب العمل بها والإضافة لأدنى ملابسة لأن السنة سبب ثبوت الأجر فجازت الإضافة (وأجر من عمل بها بعده) أي من بعد ما سنه قال الأبي: وظاهره وإن لم ينو المبتدئ أن يتبع ففيه ثبوت الأجر على ما لم ينو الفاعل فيكون مخصصًا لحديث (إنما الأعمال بالنيات).
(ومن سن في الإسلام سنة سيئة) أي فعل فعلًا قبيحًا فاقتدى به فيه (كان عليه وزرها) أي وزر عمله تلك السيئة بنفسه (ووزر) عمل (من عمل بها من بعده) إلى يوم القيامة أي عليه وزر تسببه في عملهم (من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) قليل ولا كثير.
ويفيد هذا الحديث الترغيب في الخير المتكرر أجره بسبب الاقتداء والتحذير من الشر المتكرر إثمه بسبب الاقتداء اهـ من المفهم.
قال النواوي: وفي الحديث الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله (فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها فتتابع الناس) وكان الفضل العظيم للبادئ والفاتح لباب هذا الإحسان اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (4/ 357 و 358) والترمذي (2675) والنسائي (5/ 75 - 77) وابن ماجه (203).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جرير رضي الله عنه فقال:
(2233)
(0)(0)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري
حَدَّثَنَا أَبِي. قَالا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيفَةَ. قَال: سَمِعْتُ الْمُنْذِرَ بْنَ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَ النَّهَارِ. بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مُعَاذٍ مِنَ الزِّيَادَةِ قَال: ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ خَطَبَ.
(2234)
(0)(0) حَدَّثَنِي عُبَيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الأُمَويُّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ؛
ــ
(حدثنا أبي) معاذ بن معاذ البصري (قالا) أي قال أبو أسامة ومعاذ بن معاذ حالة كونهما (جميعًا) أي مجتمعين في الرواية عن شعبة: (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (حدثنا عون بن أبي جحيفة) وهب بن عبد الله السوائي الكوفي (قال سمعت المنذر بن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي (عن أبيه) جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.
وهذان السندان من سداسياته رجال الأول منهما خمسة منهم كوفيون وواحد بصري ورجال الثاني منهما ثلاثة منهم بصريون وثلاثة كوفيون وغرضه بسوقهما بيان متابعة أبي أسامة ومعاذ بن معاذ لمحمد بن جعفر في رواية هذا الحديث عن شعبة.
(قال) جرير بن عبد الله: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم صدر النهار) وأوله وساقا (بمثل حديث) محمد (بن جعفر) الهذلي (و) لكن (في حديث) معاذ (بن معاذ) العنبري (من الزيادة) لفظة (قال) جرير: (ثم صلى) النبي صلى الله عليه وسلم (الظهر ثم خطب) بدل رواية ابن جعفر: (فصلى ثم خطب) ففي هذه الرواية تعيين الصلاة التي صلى بهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث جرير رضي الله تعالى عنه فقال:
(2234)
(0)(0)(حدثني عبيد الله بن عمر) بن ميسرة (القواريري) الجشمي مولاهم أبو شعيب البصري (وأبو كامل) فضيل بن حسين الجَحْدَري البصري (ومحمد بن عبد الملك) بن أبي الشوارب محمد بن عبد الرحمن (الأموي) البصري (قالوا: حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي (عن عبد الملك بن عمير) اللخمي الفرسي نسبة إلى فرس له سابق أبي عمر الكوفي (عن المنذر بن جرير عن أبيه) وهذا السند من خماسياته غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الملك بن عمير لعون بن أبي جحيفة في رواية
قَال: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَأَتَاهُ قَوْمٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ. وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ. وَفِيهِ: فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ صَعِدَ مِنْبَرًا صَغِيرًا. فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيهِ. ثُمَّ قَال: "أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} الآيَةَ.
(2235)
(0)(0) وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ
ــ
هذا الحديث عن المنذر بن جرير (قال) جرير: (كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه قوم مجتابي النمار وساقوا) أي ساق عبيد الله بن عمر وأبو كامل ومحمد بن عبد الملك (الحديث) السابق يعني حديث ابن المثنى (بقصته) أي بقصة الحديث التي اشتمل عليها حديث ابن المثنى يعني بمساقه فحينئذ غرضه بسوقه بيان متابعة هؤلاء الثلاثة لابن المثنى في رواية هذا الحديث عن منذر بن جرير ولكنها متابعة ناقصة وفي هذه المتابعة بعد من وجهين كثرة الوسائط بينهم وبين شيخ المتابع وعدم وقوع المتابعة في أول السند بل في وسطه أو في آخره.
والظاهر أن قوله: (وساقوا) تحريف من النساخ والصواب: (وساق) عبد الملك بن عمير (الحديث) أي الحديث السابق (بقصته) أي بمساق عون بن أبي جحيفة وترتيبه يعني بمثله والضمير راجع إلى المتابع وهو عون بن أبي جحيفة هكذا ظهر لفهمي السقيم والله أعلم.
(و) لكن (فيه) أي في حديث عبد الملك بن عمير زيادة لفظة: (فصلى الظهر ثم صعد منبرًا صغيرًا فحمد الله) أي شكر الله سبحانه وتعالى على آلائه (وأثنى عليه) سبحانه بكمالاته (ثم) بعد حمد الله وثنائه (قال: أما بعد فإن الله) سبحانه (أنزل في كتابه) العزيز قوله: ({يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ}){الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} أكمل (الآية) إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وهذا بيان لمحل المخالفة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث جرير رضي الله عنه فقال:
(2235)
(0)(0)(وحدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن جرير بن قرط الضبي أبو عبد الله الكوفي (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن موسى بن عبد الله بن يزيد) الأنصاري الخطمي الكوفي روى عن عبد الرحمن بن هلال في الزكاة والعلم وأبيه وأبي حميد الساعدي
وَأَبِي الضُّحَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلالٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ قَال: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. عَلَيهِمُ الصُّوفُ. فَرَأَى سُوءَ حَالِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَةٌ. فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ
ــ
وعبد الرحمن بن أبي قتادة وغيرهم ويروي عنه (م د ق) والأعمش ومنصور وإسماعيل بن أبي خالد ومعتمر بن سليمان وثقه ابن معين والعجلي والدارقطني وقال في التقريب: ثقة من الرابعة (وأبي الضحى) مسلم بن صبيح مصغرًا القرشي العطار الكوفي وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وقال العجلي: تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب ثقة فاضل مشهور بكنيته من (4) روى عنه في (5) أبواب كلاهما (عن عبد الرحمن بن هلال العبسي) بسكون الموحدة وبالسين المهملة الكوفي قال العجلي: كوفي تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: ثقة من (3) روى عنه في (3) أبواب (عن جرير بن عبد الله) الكوفي رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي وفيه ثلاثة من التابعين الأعمش ومن بعده وغرضه بسوقه بيان متابعة عبد الرحمن بن هلال لمنذر بن جرير في رواية هذا الحديث عن جرير بن عبد الله وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول لأن منذر بن جرير مقبول وعبد الرحمن بن هلال متفق على توثيقه.
(قال) جرير: (جاء ناس من الأعراب) أي من سكان البوادي (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف) ثوب من شعر الغنم (فرأى) رسول الله صلى الله عليه وسلم (سوء حالهم) أي ضيق معاشهم (قد أصابتهم حاجة) أي فاقة وفقر شديد.
وقوله: (فذكر) زهير بن حرب (بمعنى حديثهم) أي بمعنى حديث مشايخ المؤلف من ابن المثنى ومن بعده فيه بعد لوجهين كما مر آنفًا ولعله تحريف من النساخ في ضمير الجمع والصواب (فذكر) عبد الرحمن بن هلال (بمعنى حديثه) أي بمعنى حديث منذر بن جرير كما مر آنفًا في بيان غرضه في هذه المتابعة والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان:
الأول: حديث عدي بن حاتم ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات.
والثاني: حديث جرير ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات والله سبحانه وتعالى أعلم.