المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين

- ‌423 - (41) باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه وأن كل معروف صدقة

- ‌424 - (42) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك والأمر بالمبادرة إلى الصدقة قبل فوتها وعدم قبولها إلا من الكسب الطيب وتربيتها عند الرحمن

- ‌425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة

- ‌426 - (44) باب النهي عن لمز المتصدق والترغيب في صدقة المنيحة وبيان مثل المتصدق والبخيل وقبول الصدقة وإن وقعت في يد غير مستحق

- ‌427 - (45) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تنفق من طعام بيتها والعبد من مال سيده

- ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

- ‌429 - (47) باب النهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها وأي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة

- ‌431 - (49) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير سؤال ولا استشراف وكراهة الحرص على المال والعمر

- ‌432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة

- ‌433 - (51) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة وإعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه

- ‌434 - (52) باب وجوب الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى وكفر من نسب إليه جورًا وذكر الخوارج

- ‌(تتمة)

- ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

- ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

- ‌437 (55) باب الصدقة إذا بلغت محلها جاز لمن كان قد حرمت عليه أن يأكل منها وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة ودعاء المصدِّق لمن جاء بصدقته والوصاة بإرضاء المصدِّق

- ‌ كتاب الصيام

- ‌438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا

- ‌439 - (57) باب النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وأن الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

- ‌441 - (59) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وبيان الفجر الَّذي يتعلق به الأحكام

- ‌442 - (60) باب الحث على السحور واستحباب تأخيره وتعجيل الإفطار وبيان وقت إفطار الصائم

- ‌443 - (61) باب النهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة للصائم

- ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

الفصل: ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

(2354)

(1034) - (184) حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدٍ (وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ) سَمِعَ أَبَا هُرَيرَةَ يَقُولُ: أخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةٌ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ. فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كِخْ كَخْ. ارْمِ بِهَا

ــ

436 -

(54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

(2354)

(1034)(184)(حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري) البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ العنبري البصري (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري (عن محمد وهو ابن زياد) الجمحي مولاهم أبو الحارث المدني ثم البصري ثقة من (3) روى عنه في (5) أبواب (سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (يقول):

وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلا أبا هريرة.

(أخذ الحسن بن علي تمرة) أي حبة (من تمر الصدقة) أي الزكاة وفي رواية معمر عن محمد بن زياد أنه سمع أبا هريرة قال (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم تمرًا من تمر الصدقة والحسن في حجره) أخرجه أحمد (فجعلها) أي فجعل الحسن التمرة (في فيه) أي في فمه ليأكلها (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: كخ كخ) بفتح الكاف وكسرها وسكون المعجمة مثقلًا ومخففًا وبكسر الخاء منونة وغير منونة فيحصل من ذلك ست لغات والثانية توكيد الأولى وهي كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يستقذر قيل: عربية وهو الأصح وقيل: أعجمية وزعم الداودي أنها معربة أي كلمة أعجمية عربتها العرب وقد أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية ونازع الكرماني في كونها أعجمية وقال: إنها من أسماء الأصوات فلا يناسب الترجمة فأجاب ابن المنير عنه فقال: وجه مناسبة الترجمة أنه صلى الله عليه وسلم خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل فهو كمخاطية العجمى بما يفهمه من لغته اهـ فتح الملهم وهو بمعنى قوله صلى الله عليه وسلم للحسن: (ارم بها) أي بالتمرة من فمك وفي رواية حماد بن

ص: 293

أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟ ".

(2355)

(0)(0) (حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"أنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ؟ "

ــ

سلمة عن محمد بن زياد عند أحمد (فنظر إليه فإذا هو يلوك تمرة فحرك خده وقال: ألقها يا بني) ويجمع بين هذا وبين قوله: (كخ كخ) بأنه كلمه أولًا بهذا فلما تمادى قال له: كخ كخ إشارة إلى استقذار ذلك له ويحتمل العكس بأن يكون كلمه أولًا بذلك فلما تمادى نزعها من فيه وفي الحديث تأديب الأطفال بما ينفعهم ومنعهم مما يضرهم ومن تناول المحرمات وإن كانوا غير مكلفين ليتدربوا بذلك (أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة) هذه اللفظة كلمة تقال عند الأمر الواضح وإن لم يكن المخاطب بذلك عالمًا أي كيف خفي عليك هذا مع ظهوره وهو أبلغ من قوله: لا تفعل وفيه مخاطبة من لا يميز لقصد إسماع من يميز لأن الحسن إذ ذاك كان طفلًا قال النواوي: وفي الحديث أن الصبيان يوقون ما يوقاه الكبار وتمنع من تعاطيه وهذا واجب على الولي اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 409 و 410) والبخاري (1491).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2355)

(0)(0)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (وأبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (جميعًا) أي كل من الثلاثة رووا (عن وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (عن شعبة) بن الحجاج (بهذا الإسناد) يعني عن محمد عن أبي هريرة غرضه بيان متابعة وكيع لمعاذ بن معاذ في رواية هذا الحديث عن شعبة (و) لكن (قال) وكيع في روايته أما علمت (أنَّا) معاشر آل محمد (لا تحل لنا الصدقة) وفي رواية معمر أن الصدقة لا تحل لآل محمد وهكذا عند أحمد والطحاوي من حديث الحسن بن علي نفسه بإسناد قوي (إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة) ففيه تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله واختلف ما المراد بالآل هنا؟ فقال الشافعي وجماعة من العلماء: إنهم بنو هاشم وبنو المطلب واستدل الشافعي على ذلك بان النبي صلى الله عليه وسلم أشرك بني المطلب مع بني هاشم في سهم ذوي القربى ولم يعط أحدًا من قبائل قريش غيرهم وتلك العطية عوض عوضوه بدلًا

ص: 294

(2356)

(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ. كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هذَا الإِسْنَادِ. كَمَا قَال ابْنُ مُعَاذٍ:"أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟ "

ــ

عما حرموه من الصدقة كما أخرج البخاري من حديث جبير بن مطعم قال: مشيت أنا وعثمان ابن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد) وأجيب عن ذلك بأنه إنما أعطاهم ذلك لموالاتهم لا عوضًا عن الصدقة وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية: هم بنو هاشم فقط وأما بنو المطلب فيجوز لهم الأخذ من الزكاة لأنهم دخلوا في عموم قوله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] الآية لكن خرج بنو هاشم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد) فيجب أن يختص المنع بهم ولا يصح قياس بني المطلب علي بني هاشم لأن بني هاشم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف وهم آل النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2356)

(0)(0) حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري (حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري (ح وحدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) السلمي البصري (كلاهما) أي كل من محمد بن جعفر وابن أبي عدي رويا (عن شعبة) غرضه بيان متابعتهما لمعاذ بن معاذ (في هذا الإسناد) أي بهذا الإسناد يعني عن ابن زياد عن أبي هريرة أي كلاهما رويا عن شعبة (كما قال ابن معاذ) أي مثل ما قال معاذ بن معاذ من قوله: أما علمت (أنَّا لا نأكل الصدقة) قال القرطبي: وفي هذا الحديث ما يدل على أن الصغار يمنعون مما يحرم على الكبار ولا يحلون بالذهب ويخاطب الأولياء بأن يجنبوهم ذلك كما يخاطبون بأن يجنبوهم شرب الخمور وأكل ما لا يحل اهـ مفهم.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله عنه فقال:

ص: 295

(2357)

(1025) - (185) حدَّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيلِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أن أَبَا يُونُسَ مَوْلَى أَبِي هُرَيرَةَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنهُ قَال:"إِني لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي. ثُمَّ أَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا. ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً. فَأُلْقِيهَا"

ــ

(2357)

(1025)(185)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي السعدي أبو جعفر (الأيلي) المصري ثقة من (10)(حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني عمرو) بن الحارث بن يعقوب الأنصاري أبو أمية المصري ثقة من (7)(أن أبا يونس) سليم بن جبير الدوسي المصري (مولى أبي هريرة) ثقة من (3)(حدثه) أي حدَّث لعمرو (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم مصريون إلا أبا هريرة (عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأنقلب) أي لأنصرف وأرجع (إلى أهلي) ومنزلي (فأجد التمرة ساقطة على فراشي ثم أرفعها) إلى فمي (لآكلها ثم أخشى) وأخاف (أن تكون) تلك التمرة (صدقة فألقيها) أي أرميها قال ابن الملك: في الحديث بيان أن التكبر منتف عن ذاته صلى الله عليه وسلم حيث لم يتعاظم عن رفع شيء محقر للأكل وإرشاد لأمته وبيان حرمة الصدقة عليه سواء كانت تطوعًا أو فرضًا وتنبيه للمؤمن أن يجتنب عما فيه اشتباه لئلا يقع في الحرام اهـ قال الحافظ رحمه الله: وقد روى أحمد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال (تسهَّر النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقيل له: ما أسهرك قال: إني وجدت تمرة ساقطة فأكلتها ثم ذكرت تمرًا كان عندنا من تمر الصدقة فما أدري أمن ذلك كانت التمرة أو من تمر أهلي فذلك أسهرني) وهو محمول على التعدد وأنه لما اتفق له أكل التمرة كما في هذا الحديث وأقلقه ذلك صار بعد ذلك إذا وجد مثلها مما يدخل التردد فيه تركه احتياطًا ويحتمل أن يكون في حالة أكله إياها كان في مقام التشريع وفي حال تركه كان في خاصة نفسه وقال المهلب إنما تركه صلى الله عليه وسلم تورعًا وليس بواجب لأن الأصل أن كل شيء في بيت الإنسان على الإباحة حتى يقوم دليل على التحريم وفيه تحريم قليل الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم ويؤخذ منه تحريم كثيرها من باب الأولى اهـ فتح.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى ولم يشاركه في هذا الحديث أحد والله أعلم.

ص: 296

(2358)

(0)(0) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ بْنُ هَمَّامٍ. حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا. وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"وَاللهِ! إِني لأنقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي (أوْ فِي بَيتِي) فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا. ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً (أوْ مِنَ الصَّدَقَةِ). فَأُلْقِيهَا".

(2359)

(1036) - (186) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

(2358)

(0)(0)(وحدثنا محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا عبد الرزاق بن همام) الصنعاني (حدثنا معمر) بن راشد البصري (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني الصنعاني (قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة همام لأبي يونس في الرواية عن أبي هريرة.

(فذكر) همام (أحاديث) كثيرة (منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأنقلب) وأرجع (إلى أهلي فاجد التمرة ساقطة على فراشي أو) قال (في بيتي فارفعها) إلى فمي (لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة أو من الصدقة فألقيها) والشك في الموضعين من همام بن منبه.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة الأول بحديث أنس رضي الله عنهما فقال:

(2359)

(1036)(186)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبي عتاب الكوفي ثقة من (5)(عن طلحة بن مصرف) بن عمرو بن كعب اليامي أبي محمد الكوفي ثقة من (5)(عن أنس بن مالك) البصري رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته أربعة منهم كوفيون وواحد بصري وواحد نيسابوري.

ص: 297

أَنَّ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَجَدَ تَمْرَةً. فَقَال: "لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا".

(2360)

(0)(0) وحدَّثنا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ. حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِتَمْرَةٍ بِالطَّرِيقِ فَقَال:"لَوْلَا أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا"

ــ

(أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة) أي حبة من التمر (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم (لولا) خشية (أن تكون) هذه التمرة (من الصدقة لأكلتها) أي لأخذتها وأكلتها ولفظ البخاري في كتاب اللقطة (لولا أني أخاف أن تكون إلخ) فيه استعمال الورع لأن هذه التمرة لا تحرم بمجرد الاحتمال لكن الورع تركها وفيه أن التمرة ونحوها من محقرات الأموال لا يجب تعريفها بل يباح أكلها والتصرف فيها في الحال لأنه صلى الله عليه وسلم إنما تركها خشية أن تكون من الصدقة لا لكونها لقطة وصاحبها في العادة لا يطلبها ولا يبقى له فيها مطمع اهـ نووي.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

(2365)

(0)(0)(وحدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي (عن زائدة) بن قدامة الثقفي الكوفي ثقة من (7)(عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي (عن طلحة بن مصرف) اليامي الكوفي (حدثنا أنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا أنس بن مالك غرضه بيان متابعة زائدة لسفيان الثوري في رواية هذا الحديث عن منصور بن المعتمر.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بتمرة) ساقطة (بالطريق فقال: لولا) مخافة (أن تكون من الصدقة لأكلتها) وهذا ظاهر في جواز أكل ما يوجد من المحقرات ملقى في الطرقات لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر أنه لم يمتنع من أكلها إلا تورعًا لخشية أن تكون من الصدقة التي حرمت عليه لا لكونها مرمية في الطريق فقط وقد أوضح ذلك قوله في أول أحاديث الباب (على فراشي) فإنه ظاهر في أنه ترك أخذها تورعًا لخشية أن تكون صدقة فلو لم يخش ذلك لأكلها ولم يذكر تعريفًا فدل على أن مثل ذلك يمتلك بالأخذ

ص: 298

(2361)

(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ. حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَجَدَ تَمْرَةً فَقَال:"لَوْلَا أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لأَكَلْتُهَا"

ــ

ولا يحتاج إلى تعريف لكن هل يقال: إنها لقطة رخص في ترك تعريفها أو ليست لقطة لأن اللقطة ما من شأنه أن يمتلك دون ما لا قيمة له وقد استشكل بعضهم تركه صلى الله عليه وسلم التمرة في الطريق مع أن الإمام يأخذ المال الضائع للحفظ وأجيب باحتمال أن يكون أخذها كذلك لأنه ليس في الحديث ما ينفيه أو تركها عمدًا لينتفع بها من يجدها ممن تحل له الصدقة وإنما يجب على الإمام حفظ المال الذي يعلم تطلع صاحبه له لا ما جرت به العادة بالإعراض عنه لحقارته والله أعلم اهـ فتح الملهم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أنس رضي الله عنه فقال:

(2361)

(0)(0)(حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا معاذ بن هشام) الدستوائي (حدثنا أبي) هشام الدستوائي (عن قتادة عن أنس).

وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة قتادة لطلحة بن مصرف.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرةً فقال: لولا) مخافة (أن تكون صدقة لأكلتها).

قال القرطبي: قوله صلى الله عليه وسلم: (وقد وجد تمرة في الطريق: لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها) هذا منه صلى الله عليه وسلم ورع وتنزه وإلا فالغالب تمر غير الصدقة لأنه الأصل وتمر الصدقة قليل والحكم للغالب في القواعد الشرعية وفيه دليل على أن اللقطة اليسيرة التي لا تتعلق بها نفس فاقدها لا تحتاج إلى تعريف وأنها تستباح من غير ذلك لأن علة امتناعه من أكلها هو خوفه من أن تكون من الصدقة ثم إن دليل خطابه أنها لو سلمت من ذلك المانع لأكلها.

وهذه الأحاديث كلها مع قوله: (إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد) تدل على أن الصدقة على رسول الله وعلى آله محرمة وهل يعم التحريم الواجبات وغيرها أو يخص الواجبة فقط وحكى ابن القصار عن بعض أصحابنا أن المحرم صدقة التطوع دون الفريضة لأنها لا منة فيها وقال أبو حنيفة أيضًا: إنها كلها حلال لبني هاشم وغيرهم وإنما كان ذلك محرمًا عليهم إذ كانوا يأخذون سهم ذوي القربى فلما قطع عنهم حلت

ص: 299

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لهم ونحوه عن الأبهري من شيوخنا وروي عن أبي يوسف أنها حرام عليهم من غيرهم حلال لهم صدقة بعضهم على بعض.

(قلت): والظاهر من هذه الأحاديث أنها محرمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله فرضها ونفلها تمسكًا بالعمومات ومن جهة المعنى بأن الصدقة أوساخ الناس وبأن اليد العليا خير من اليد السفلى ولا يد أعلى من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أيدي آله فقد أكرمهم الله تعالى وأعلى مقاديرهم وجعل أيديهم فوق كل يد وسهم ذوي القربى واجب إخراجه وإيصاله إليهم على كل من ولي شيئًا من أمور المسلمين إلى يوم القيامة فلو منعوا ولم يقدروا على وصولهم إلى حقوقهم وجب سد خلاتهم والقيام بحاجاتهم على أهل القدرة من المسلمين لا على وجه الصدقة بل على جهة القيام بالحقوق الواجبة في الأموال ويكون حكم حقوقهم كحكم الحقوق المرتبة على بيت مال المسلمين فلا يوصل إليها كفكاك الأسارى ونفقة اللقطاء وسد خلَّات الضعفاء والفقراء إذا لم يوصل إلى أخذ ذلك من بيت المال.

واختلف في من آل النبي صلى الله عليه وسلم فقال مالك وأكثر أصحابه: هم بنو هاشم خاصةً ومثله عن أبي حنيفة واستثنى آل أبي لهب وقال الشافعي: هم بنو هاشم ويدخل فيهم بنو المطلب أخي هاشم دون سائر بني عبد مناف لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إنا وبنو المطلب شيء واحد) رواه أبو داود من حديث جبير بن مطعم ولقسم النبي صلى الله عليه وسلم لهم مع بني هاشم سهم ذوي القربى دون غيرهم ونحا إلى هذا بعض شيوخنا المالكية وقال أصبغ: هم عشيرة النبي صلى الله عليه وسلم الأقربون الذين أمر بإنذارهم آل قصي قال: وقيل: قريش كلها.

(قلت): وفي الأم: أن زيد بن أرقم سئل عن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من هم فقال: أهل بيته من حرم الصدقة بعده قيل: ومن هم قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس قيل: كل هؤلاء حرم الصدقة قال نعم رواه مسلم وهذا يؤيد قول مالك فإن هؤلاء كلهم بنو هاشم واختلف في مواليهم فمالك والشافعي يبيحانها لهم والكوفيون وكثير من أصحاب مالك يحرمونها عليهم اهـ من المفهم.

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث عبد المطلب بن ربيعة رضي الله عنه فقال:

ص: 300

(2362)

(1037) - (187) حدَّثني عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ. حَدَّثَنَا جُوَيرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ؛ أَن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ حَدَّثَهُ؛ أَن عَبْدَ الْمُطلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَال: اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطلِب. فَقَالا: وَاللهِ! لَوْ بَعَثْنَا هذَينِ الْغُلامَينِ (قَالا لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ) إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَاهُ، فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَأذَّيَا مَا يُؤَذي النَّاسُ، وَأَصَابَا مِمَّا يُصِيبُ النَّاسُ!

ــ

(2362)

(1037)(187)(حدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي) بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو عبد الرحمن البصري ثقة من (10)(حدثنا جويرية) مصغرًا ابن أسماء بن عبيد الضبعي البصري صدوق من (7)(عن مالك) بن أنس الأصبحي أبي عبد الله المدني الإمام الأعظم (عن الزهري) محمد بن مسلم المدني (أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب) الهاشمي أبا يحيى المدني ثقة من (3) روى عنه في (3) أبواب (حدثه) أي حدث للزهري (أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث) بن عبد المطلب الهاشمي الشامي الصحابي المشهور رضي الله عنه له أحاديث انفرد (م) له بحديث يروي عنه (م د س) وابنه عبد الله وعبد الله بن الحارث بن نوفل قال ابن عبد البر: مات سنة (62) اثنتين وستين (حدَّثه) أي حدَّث لعبد الله بن عبد الله.

وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان وواحد شامي.

(قال) عبد المطلب بن ربيعة في تحديثه له: (اجتمع) أبي (ربيعة بن الحارث) بن عبد المطلب وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم (والعباس بن عبد المطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين) قال عبد المطلب بن ربيعة: (قالا) أي قال ربيعة والعباس أي أرادا بالغلامين (لي وللفضل بن عباس) أي أرادا بالغلامين إياي والفضل بن عباس أي لو بعثناهما (التي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه) أي فكلم الغلامان عبد المطلب والفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن الإمارة وطلباها منه (فأمرهما) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي جعلهما أميرين واليين (على) جباية (هذه الصدقات) وأخذها من الناس (فأديا) أي أدى الغلامان ودفعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يؤدي الناس) العاملون عليها من الزكوات المأخوذة من أربابها (وأصابا) أي حصلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم واستفادا (مما يصيب الناس) ويأخذونه من

ص: 301

قَال: فَبَينَمَا هُمَا في ذلِكَ جَاءَ عَلِي بْنُ أَبِي طَالِبٍ. فَوَقَفَ عَلَيهِمَا. فَذَكَرَا لَهُ ذلِكَ. فَقَال عَلِي بْنُ أَبِي طَالِبٍ: لَا تَفْعَلا. فَوَاللهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ. فَانْتَحَاهُ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَال: وَاللهِ! مَا تَصْنَعُ هذَا إلَّا نَفَاسَةً مِنْكَ عَلَينَا. فَوَاللهِ! لَقَدْ نِلْتَ صِهْرَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيكَ

ــ

أجرة العمالة في الزكاة (قال) عبد المطلب بن ربيعة: (فبينما هما) أي العباس وربيعة (في ذلك) التشاور والحوار (جاء علي بن أبي طالب فوقف) علي (عليهما) أي على رؤوسهما (فذكرا) أي فذكر ربيعة والعباس (له) أي لعلي (ذلك) الأمر الذي تشاورا فيه وأخبراه (فقال) لهما (علي بن أبي طالب: لا تفعلا) ذلك البعث للغلامين أي لا تبعثاهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوالله ما هو) صلى الله عليه وسلم (بفاعل) ما تريدان منه من تأمير الغلامين على الزكاة.

وفي بعض الهوامش: (قوله: اجتمع ربيعة بن الحارث) الخ يعني أبا نفسه فإنه عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث وكان مع أبيه وكان الفضل بن عباس مع أبيه عباس وكلاهما من آله صلى الله عليه وسلم قوله: (فقالا) أي قال أحدهما لصاحبه وكأنهما لتوافق رأيهما قالاه معًا وقوله: (لو بعثنا) أي لكان خيرًا أو هي للتمني فلا حاجة لها إلى جواب قوله: (قالا لي) إلخ هذا قول عبد المطلب بن ربيعة يريد قالا عني وعن الفضل بن عباس قوله (فأمرهما على هذه الصدقات) أي فجعل كلًّا منهما أميرًا وعاملًا عليها قوله: (فوالله ما هو بفاعل) ولعل حلفه بالله تعالى أنه صلى الله عليه وسلم لا يستعملها على الصدقات لعلمه من قضية الحسن بن علي المذكورة في أول الباب ما يكون له دليلًا على ذلك حين قال للحسن: كخ كخ إلخ (فانتحاه) أي انتحى عليًّا وقصده (ربيعة بن الحارث) بالكلام الشديد ونهره وعرضه بالكلام الفاحش (فقال) ربيعة لعلي: (والله ما تصنع هذا) المنع لنا من تكليم الغلامين وسؤالهما له صلى الله عليه وسلم التأمير على الصدقات (إلا نفاسة) واستبدادًا وإيثارًا (منك) نفسك (علينا) برسول الله صلى الله عليه وسلم أي ما تصنع هذا إلا لأجل إيثار نفسك علينا برسول الله صلى الله عليه وسلم والمعنى ما تصنع هذا إلا لأجل حسدك لنا (فوالله لقد نلت) وفزت (صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لقد نلت منصب المصاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فما نفسناه) بكسر الفاء أي فما غبطناه منصب المصاهرة لنفسنا أي ما تمنينا أن يكون لنا دونك حسدًا (عليك) أي ما حسدناك

ص: 302

قَال عَلِيٌّ: أَرْسِلُوهُمَا. فَانْطَلَقَا. وَاضْطَجَعَ عَلِيٌّ. قَال: فَلَمَّا صَلى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ. فَقُمْنَا عِنْدَهَا. حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا. ثُمَّ قَال: "أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ" ثُمَّ دَخَلَ وَدَخَلْنَا عَلَيهِ. وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عِنْدَ زَينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ. قَال: فَتَوَاكَلْنَا الْكَلامَ

ــ

على ذلك وهذا يمين وقعت من ربيعة على اعتقاده فهي من قبيل لغو الأيمان والنفاسة في الخير ومنه قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (قال علي) بن أبي طالب إذًا (أرسلوهما) أي أرسلوا الغلامين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضمير الجمع للعباس وربيعة ومن معهما أو لأن أقل الجمع اثنان فأرسلوهما (فانطلقا) أي فانطلق الغلامان وفيه التفات لأن مقتضى المقام أن يقال فانطلقنا لأن قائل الكلام هو عبد المطلب الذي هو أحد الغلامين (واضطجع علي) بن أبي طالب عند العباس وربيعة انتظارًا لنتيجة إرسالنا (قال) عبد المطلب: (فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر) أي فرغ من صلاتها (سبقناه) أي سبقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب (إلى الحجرة) الشريفة (نقمنا عندها) أي عند الحجرة انتظارًا له (حتى جاء) من المسجد (فـ) ـلما جاء ورآنا قائمين (أخذ بآذاننا) مداعبةً معنا (ثم قال) لنا: (أخرجا) أي أظهرا لي (ما تصرران) بضم التاء وفتح الصاد وكسر الراء المشددة وبعدها راء أخرى على وزن تكلمان أي ما تجمعانه في صدوركما من الكلام وكل شيء جمعته فقد صررته ومنه: صر الدراهم وهو جمعها في الصرة والمعنى أظهرا لي حاجتكما التي أضمرتما في صدوركما وفي رواية (ما تسرران) بالسين بدل الصاد أي ما تقولانه سرًّا وفي رواية ما تصدران بإسكان الصاد مع ضم التاء بعدها دال مهملة مكسورة أي ما ترفعان وتقدمان إليَّ من حوائجكما وهذه رواية السمرقندي وفي رواية (ما تصوران) بضم التاء وفتح الصاد وكسر الواو المشددة أي ماتزورانه من صورة حديثكما وهي رواية الحميدي والرواية الأولى هي الأصوب التي عليها معظم النسخ اهـ من الشروح بتصرف.

(ثم دخل) الحجرة الشريفة (ودخلنا عليه) عقب دخوله (وهو) صلى الله عليه وسلم (يومئذ) أي يوم إذ ذهبنا إليه (عند زينب بنت جحش) أي في نوبتها (قال) عبد المطلب (فتواكلنا) أي تواكل كل واحد منا (الكلام) مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى صاحبه وفوضه إليه هيبة منه من التواكل وهو أن يكل كل واحد أمره إلى صاحبه يعني أنه أراد كل

ص: 303

ثُمَّ تَكَلَّمَ أَحَدُنَا فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! أَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُ النَّاسِ. وَقَدْ بَلَغْنَا النكَاحَ. فَجِئْنَا لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى بَعْضِ هذِهِ الصَّدَقَاتِ. فَنُؤَدِّيَ إِلَيكَ كَمَا يُؤَذي النَّاسُ. وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ. قَال: فَسَكَتَ طَويلَّا حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ. قَال: وَجَعَلَتْ زَينَبُ تُلْمِعُ عَلَينَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ أَنْ لَا تُكَلِّمَاهُ. قَال: ثُمَّ قَال: "إِن الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ

ــ

واحد منا أن يبتدئ صاحبه بالكلام دونه ومنه قولهم: استعنت القوم فتوالوا في حاجتي أي وكل بعضهم إلى بعض وفي بلاغات الزمخشري:

إذا وقعت المحنة تواكلتم

وإذا وقعت النعمة تآكلتم

(ثم تكلم أحدنا) لم أر من عينه (فقال) ذلك الأحد (يا رسول الله أنت أبر الناس) أي أكثر الناس برًا وإحسانًا إلى الغير (وأوصل الناس) أي أكثر الناس صلة للرحم (وقد بلغنا النكاح) أي الحلم كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} أو بلغنا أوان النكاح والزواج وفيه دليل على طلب المساعدة من أهل الخير في مؤنة الزواج (فجئنا) إليك (لتؤمِّرنا) أي لتولينا (على بعض) أعمال (هذه الصدقات) أي الزكوات من جميع أرباب الأموال وأخذها منهم وحسابها وحفظها وجبايتها إليك وتفرقتها على المستحقين (فنؤدي) أي ندفع (إليك) ما أخذنا منها (كما يؤدي الناس) إليك (ونصيب) منها أي نأخذ منها سهم العامل (كما يصيبون) أي كما يأخذ الناس منه.

(قال) عبد المطلب: (فسكت) رسول الله صلى الله عليه وسلم سكوتًا (طويلًا حتى أردنا أن نكلمه) ثانيًا (قال) عبد المطلب: (وجعلت زينب) بنت جحش رضي الله تعالى عنها (تلمع علينا) أي تشير إلينا (من وراء الحجاب) بـ (ـأن لا تكلماه) صلى الله عليه وسلم تلمع هو بضم التاء وإسكان اللام وكسر الميم ويجوز فتح التاء والميم يقال ألمع ولمع إذا أشار بثوبه أو بيده أي أشارت إلينا بأن لا تكلماه لأنه ربما ينتظر الوحي (قال) عبد المطلب: (ثم) بعد سكوته سكوتا طويلًا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن) هذه (الصدقة لا تنبني لآل محمد) ولا تليق بهم قال النواوي: فيه دليل على أنها محرمة عليهم سواء كانت بسبب العمل أو بسبب الفقر أو المسكنة أو غيرهما من الأسباب الثمانية وهذا هو الصحيح عند أصحابنا وأجازها الطحاوي وغيره للعاملين منهم لأنها أجرة وقال ابن عابدين: فلا تحل للعامل الهاشمي تنزيهًا لقرابة النبي صلى الله عليه

ص: 304

إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. ادْعُوَا لِي مَحْمِيَةَ (وَكَانَ عَلَى الْخُمُسِ) وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ". قَال: فَجَاءَاهُ. فَقَال لِمَحْمِيَةَ: "أَنْكِحْ هذَا الْغُلامَ ابْنَتَكَ" (لِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسِ) فَأَنْكَحَهُ. وَقَال لِنَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ: "أَنْكِحْ هذَا الْغُلامَ ابْنَتَكَ" (لِي) فَأَنْكَحَنِي. وَقَال لِمَحْمِيَةَ:

ــ

وسلم من شبهة الوسخ ولأن منع العامل الهاشمي من الأخذ صريح في السنة اهـ فتح ثم ذكر علة المنع بقوله: (إنما هي أوساخ الناس) أي طهرة لأوساخهم أي إنها تطهير لأموالهم من إثم الكنز ونفوسهم من إثم البخل كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فهي كغسالة الناس أي كماء الغسالة تعاب قال الدهلوي رحمه الله: إنما كانت أوساخ الناس لأنها تكفر الخطايا وتدفع البلاء وتقع فداء عن العبد في ذلك اهـ قال السنوسي.

(فإن قلت): فكيف أباحها لبعض أمته ومن كمال إيمان المرء أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه؟

(قلت): ما أباحها لهم عزيمةً بل اضطرارًا وكم أحاديث تراها ناهية عن السؤال فعلى الحازم أن يراها كالميتة فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه وفي الإتيان بلا المؤكدة للنفي وتكريرها في قوله (ولا لآل محمد) إشعار باستقلال كل بهذا الحكم اهـ.

(ادعوا) بألف التثنية أي ادعوا (لي) أنتما يا غلامان (محمية) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة ثم ميم مكسورة وياء مفتوحة مخففة بن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي بن عبد يغوث الزبيدي بضم أوله كان قديم الإسلام وهو من مهاجرة الحبشة وتأخر عوده منها وأول مشاهده المريسيع واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على الأخماس اهـ من أسد الغابة فقول مسلم فيما سيأتي (وهو رجل من بني أسد) ليس كما ينبغي (وكان) محمية عاملًا (على الخمس) أي خمس الفيء وقوله: (ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب) وهو أخو ربيعة بن الحارث معطوف على محمية (قال) عبد المطلب فدعوناهما له صلى الله عليه وسلم: (فجاءاه) أي فجاء محمية ونوفل رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم المحمية) بن جزء: (أنكح) أي زوج (هذا الغلام ابنتك) يعني أنكحها (للفضل بن عباس فأنكحه) أي فأنكح محمية ابنته للفضل بن عباس (وقال لنوفل بن الحارث) عمي: (أنكح هذا الغلام ابنتك) قال عبد المطلب أمره أن يزوجها (لي) قال عبد المطلب: (فأنكحني) نوفل ابنته (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم المحمية) عامل

ص: 305

"أَصْدِقْ عَنْهُمَا مِنَ الْخُمُسِ كَذَا وَكَذَا".

قَال الزُّهْرِيُّ: وَلَمْ يُسَمِّهِ لِي.

(2363)

(0)(0) حدَّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ الْهَاشِمِيِّ؛ أَن عَبْدَ الْمُطلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ أَخْبَرَهُ؛ أَن أَبَاهُ رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطلِبِ وَالْعَبَّاسَ بْنَ

ــ

الخمس: (أصدق) أي أعط الصداق والمهر (عنهما) أي عن الغلامين (من) مال (الخمس كذا وكذا) أي مالًا قدره كذا عن أحدهما ومالًا قدره كذا عن الآخر ولم أر من عين ذلك المقدار لما قال الزهري قريبًا والمعنى أدِّ عن كل منهما صداق زوجته يقال: أصدقتها إذا سميت لها صداقًا أو أعطيتها صداقها وقال تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} قال النواوي: يحتمل أن يزيد من سهم ذوي القربى من الخمس لأنهما من ذوي القربى ويحتمل أن يريد من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس اهـ.

(قال الزهري) بالسند السابق: (ولم يسمه لي) أي لم يبين لي عبد الله بن عبد الله بن نوفل مقدار الصداق الذي سماه لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أبو داود (2985) والنسائي (5/ 105 و 106).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عبد المطلب بن ربيعة رضي الله عنه فقال:

(2363)

(0)(0)(حدثنا هارون بن معروف) المروزي أبو علي الضرير نزيل بغداد (حدثنا) عبد الله (بن وهب) المصري (أخبرني يونس بن يزيد) الأيلي (عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) المدني (عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي) المدني قال النواوي: سبق في الرواية التي قبل هذه عن جويرية عن مالك عن الزهري أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل وكلاهما صحيح والأصل هو رواية مالك ونسبه في رواية يونس إلى جده ولا يمتنع ذلك قال النسائي: ولا نعلم أحدًا روى هذا الحديث عن مالك إلا جويرية بن أسماء (أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره) أي أخبر لعبد الله بن عبد الله (أن أباه) أي أن أبا عبد المطلب (ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب والعباس بن

ص: 306

عَبْدِ الْمُطلِبِ، قَالا لِعَبْدِ الْمُطلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ وَلِلْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: ائْتِيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَسَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ. وَقَال فِيهِ: فَأَلْقَى عَلِيٌّ رِدَاءَهُ ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَيهِ. وَقَال: أنَا أَبُو حَسَنٍ الْقَرْمُ. وَاللهِ! لَا أَرِيمُ مَكَانِي حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيكُمَا ابْنَاكُمَا،

ــ

المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس: ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته غرضه بسوقه بيان متابعة يونس بن يزيد لمالك بن أنس في رواية هذا الحديث عن الزهري (وساق) يونس بن يزيد (الحديث) السابق (نحو حديث مالك و) لكن (قال) يونس بن يزيد (فيه) أي في ذلك النحو الذي ساقه: (فألقى علي) أي طرح علي (رداءه) على الأرض (ثم اضطجع عليه) أي على ردائه (وقال) على: (أنا أبو حسن) بتنوين حسنٍ (القرم) بفتح القاف وسكون الراء مرفوع على أنه صفة لأبي حسن ومعناه السيد الشجاع وأصله فحل الإبل قال الخطابي: معناه المقدم في المعرفة بالأمور والرأي كالفحل هذا أصح الأوجه في ضبطه وهو المعروف في نسخ بلادنا والثاني حكاه القاضي أبو حسن (القوم) بالواو بدل الراء وبإضافة حسن إلى القوم ومعناه عالم القوم وذو رأيهم.

قال القرطبي: وكأنه قال: أنا عالم القوم وذو رأيهم وروى عن ابن أبي بحر (أبو حسن) بالتنوين وبعده القرم بالرفع أي أنا من علمتم أيها القوم وهذه الرواية أبعدها لأن حروف النداء لا تحذف في نداء القوم ونحوه اهـ نووي وإنما قال علي أنا أبو حسن القرم لأجل الذي كان عنده من علم ذلك وكان رضي الله عنه يقول هذه الكلمة عند الأخذ في قضية تُشكِلُ على غيره وهو يعرفها ولذلك جرى كلامه هذا مجراه حتى قالوا: قضية ولا أبا حسن أي هذه قضية مشكلة وليس هناك من يبينها كما كان يفعل أبو حسن الذي هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتوا بأبي حسن بعد لا النافية للنكرة على إرادة التنكير أي ليس هناك واحد ممن يسمى أبا حسن كما قالوا:

أرى الحاجات عند أبي حُبيب

نكدن ولا أمية في البلاد

أي لا واحد ممن يسمى أمية اهـ من المفهم.

(والله لا أريم) أي لا أفارق (مكاني) هذا (حتى يرجع إليكما ابناكما) عبد المطلب

ص: 307

بِحَوْرِ مَا بَعَثْتُمَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

وَقَال في الْحَدِيثِ: ثُم قَال لَنَا: "إِنَّ هذِهِ الصَّدَقَاتِ إِنمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ. وإنَّهَا لَا تَحِل لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ". وَقَال أَيضًا: ثُمَّ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوَا لِي مَحْمِيَةَ بْنَ جَزْءٍ" وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الأخمَاسِ

ــ

والفضل (بحور) أي بجواب (ما بعثتما به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال القرطبي: قوله: (لا أريم) بفتح الهمزة وكسر الراء أي لا أزال ولا أبرح من مكاني هذا (حتى يرجع إليكما ابناكما) قال النواوي: هكذا ضبطناه (أبناكما) بالتثنية ووقع في بعض الأصول (أبناؤكما) بالواو على الجمع وحكاه القاضي أيضًا قال: وهو وهم والصواب الأول وقال: وقد يصح الثاني على مذهب من جعل أقل الجمع اثنين (بحور ما بعثتما به) هو بفتح الحاء المهملة أي بجواب ذلك قال الهروي في تفسيره: يقال: كلمته فما رد عليَّ حورًا ولا حويرًا أي جوابًا قال: ويجوز أن يكون بمعنى الخيبة أي حتى يرجعا بالخيبة وأصل الحوار الرجوع إلى النقص قال القاضي: وهذا أشبه بسياق الحديث كذا في الشرح اهـ فتح.

(وقال) يونس بن يزيد (في الحديث) وهذا معطوف على قوله: (وقال فيه: فألقى عليٌّ رداءه) قال عبد المطلب: (ثم قال لنا) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد وقال) يونس (أيضًا) قال عبد المطلب: (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا لي محمية بن جزء) بفتح الميم وسكون الحاء المهملة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة من حماه يحميه وأما جزء فجيم مفتوحة فزاي ساكنة ثم همزة هذا هو الأصح قال القاضي: هكذا تقوله عامة الحفاظ وأهل الإتقان ومعظم الرواة وقال عبد الغني بن سعيد: يقال: جزى بكسر الزاي وبالياء وقال أبو عبيد: جز بالزاي المشددة قوله: (وهو رجل من بني أسد) قال القاضي: كذا وقع في مسلم والمحفوظ أنه من بني زبيد لا من بني أسد كما مر (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس) من الفيء وهذا كله بيان لمحل المخالفة بين يونس ومالك والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب أربعة أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه متابعتين.

والثاني: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة.

والثالث: حديث أنس ذكره للاستشهاد أيضًا وذكر فيه متابعتين.

والرابع: حديث عبد المطلب بن ربيعة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله أعلم

***

ص: 309