المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين

- ‌423 - (41) باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه وأن كل معروف صدقة

- ‌424 - (42) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك والأمر بالمبادرة إلى الصدقة قبل فوتها وعدم قبولها إلا من الكسب الطيب وتربيتها عند الرحمن

- ‌425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة

- ‌426 - (44) باب النهي عن لمز المتصدق والترغيب في صدقة المنيحة وبيان مثل المتصدق والبخيل وقبول الصدقة وإن وقعت في يد غير مستحق

- ‌427 - (45) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تنفق من طعام بيتها والعبد من مال سيده

- ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

- ‌429 - (47) باب النهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها وأي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة

- ‌431 - (49) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير سؤال ولا استشراف وكراهة الحرص على المال والعمر

- ‌432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة

- ‌433 - (51) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة وإعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه

- ‌434 - (52) باب وجوب الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى وكفر من نسب إليه جورًا وذكر الخوارج

- ‌(تتمة)

- ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

- ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

- ‌437 (55) باب الصدقة إذا بلغت محلها جاز لمن كان قد حرمت عليه أن يأكل منها وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة ودعاء المصدِّق لمن جاء بصدقته والوصاة بإرضاء المصدِّق

- ‌ كتاب الصيام

- ‌438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا

- ‌439 - (57) باب النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وأن الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

- ‌441 - (59) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وبيان الفجر الَّذي يتعلق به الأحكام

- ‌442 - (60) باب الحث على السحور واستحباب تأخيره وتعجيل الإفطار وبيان وقت إفطار الصائم

- ‌443 - (61) باب النهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة للصائم

- ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

الفصل: ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

(2343)

(1031) - (181) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ. جَمِيعًا عَنْ وَكِيعٍ. قَال الأَشَجُّ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيثَمَةَ، عَنْ سُوَيدِ بْنِ غَفَلَةَ. قَال: قَال عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلأَنْ أَخِرَّ

ــ

435 -

(53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

(2343)

(1031)(181)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي (وعبد الله بن سعيد) بن حصين الكندي أبو سعيد (الأشج) الكوفي (جميعًا عن وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي (قال الأشج: حدثنا وكيع) بصيغة السماع (حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي (عن خيثمة) بن عبد الرحمن بن أبي سبرة بفتح أوله وسكون ثانيه الجعفي الكوفي لأبيه ولجده صحبة (عن سويد بن غفلة) بفتحات بن عوسجة بن عامر بن واح بن معاوية بن الحارث بن مالك بن أدد الجعفي بن أمية الكوفي ثقة مخضرم من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفنوا النبي صلى الله عليه وسلم وكان مسلمًا في حياته وكان يقول: أنا لدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدت عام الفيل قال أبو نعيم مات سنة (80) وقيل: بعدها بسنة وله مائة وثلاثون سنة (130) روى عن علي بن أبي طالب في الزكاة وأبي بن كعب في الأحكام وعمر بن الخطاب في الحج واللباس ويروي عنه (ع) وخيثمة بن عبد الرحمن والشعبي وإبراهيم بن عبد الأعلى وسلمة بن كهيل وعبدة بن أبي لبابة وثقه ابن معين (قال) سويد: (قال علي) بن أبي طالب رضي الله عنه، قال الدارقطني: لم يصح لسويد بن غفلة عن علي حديث مرفوع إلا هذا اهـ فتح الملهم.

وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون إلا علي بن أبي طالب فإنه مدني وفيه التحديث والعنعنة والمقارنة ورواية تابعي عن تابعي.

(إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر) بكسر الخاء المعجمة

ص: 272

مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُولَ عَلَيهِ مَا لَمْ يَقُلْ. وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَينِي وَبَينَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ. سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ

ــ

أي فلأن أسقط (من السماء) إلى الأرض زاد أبو معاوية والثوري في روايتهما (إلى الأرض) أخرجه أحمد عنهما. ووقع في رواية يحيى بن عيسى: (أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق) أي فلأن أسقط من السماء على الأرض فأهلك وهو في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء مقرون بلام الابتداء خبره قوله: (أحب إليَّ) والجملة الإسمية جواب إذا تقديره: فلخروري من السماء إلى الأرض أحب إلي (من أن أقول عليه) صلى الله عليه وسلم (ما لم يقل) هو صلى الله عليه وسلم أي من أن أكذب على النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ رحمه الله تعالى: بين لهم أنه إذا حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكني ولا يعرض ولا يوري وإذا لم يحدث عنه فعل ذلك ليخدع بذلك من يحاربه ولذلك استدل بقوله: (الحرب خدعة)(وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم) خطاب للخوارج وجواب إذا محذوف أي فلا حرج أقيم مقامه دليل هو قوله: (فإن الحرب خدعة) قال النواوي: بفتح الخاء وسكون الدال على الأفصح حتى قال ثعلب: بلغنا أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: بضم الخاء وسكون الدال ويقال: بضم الخاء وفتح الدال بوزن هُمَزَة لُمَزَة ثلاث لغات مشهورات وحكى ابن المنذر لغة رابعة بالفتح فيهما وحكى مكي ومحمد بن عبد الواحد لغة خامسة كسر أوله مع الإسكان اهـ فتح الملهم.

قال القاضي: فيه جواز التورية والتعريض في الحرب اهـ.

قال الحافظ: (الحرب خدعة) حديث مرفوع وفي الحديث إشارة إلى استعمال الرأي في الحرب بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة ولهذا وقع الاقتصار على ما يشير إليه بهذا الحديث وهو كقوله: (الحج عرفة) قال ابن المنير: معنى (الحرب خدعة) أي إن الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة لا المواجهة وذلك لخطر المواجهة وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر.

(تكميل): ذكر الواقدي أن أول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الحرب خدعة) في غزوة الخندق اهـ.

(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيخرج في آخر الزمان قوم) قال

ص: 273

أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ

ــ

الحافظ: وهذا يخالف حديث أبي سعيد المذكور في الباب السابق فإن مقتضاه أنهم خرجوا في خلافة علي رضي الله عنه وكذا أكثر الأحاديث الواردة في أمرهم وأجاب ابن التين بأن المراد زمان الصحابة وفيه نظر لأن آخر زمان الصحابة كان على رأس المائة وهم قد خرجوا قبل ذلك بأكثر من ستين سنة ويمكن الجمع بأن المراد بآخر الزمان زمان خلافة النبوة فإن في حديث سفينة المخرج في السنن وصحيح ابن حبان وغيره مرفوعًا (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكًا) وكانت قصة الخوارج وقتلهم بالنهروان (قال في القاموس بفتح النون وتثليث الراء ثلاث قرى أعلى وأوسط وأسفل هن بين واسط وبغداد وكانت بها وقعة لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه مع الخوارج اهـ) في أواخر خلافة علي رضي الله عنه سنة ثمان وعشرين (28) بعد النبي صلى الله عليه وسلم بدون الثلاثين بنحو سنتين اهـ.

(أحداث الأسنان) جمع سن أي صغار الأسنان (سفهاء الأحلام) جمع حلم وهو العقل أي ضعاف العقول قوله: (أحداث الأسنان) الأحداث جمع حدث بفتحتين والحدث هو صغير السن هكذا في أكثر الروايات وفي باب علامات النبوة في الإسلام من صحيح البخاري: (حدثاء الأسنان) بضم الحاء وفتح الدال جمع حديث نظير كرماء وكريم وكبراء وكبير والحديث الجديد من كل شيء ويطلق على الصغير بهذا الاعتبار وفي باب قتل الخوارج منه (حدَّاث الأسنان) بضم الحاء وتشديد الدال جمع حادث كعاذل وعذَّال معناه شباب الأسنان قال في النهاية: حداثة السن كناية عن الشباب اهـ.

والأسنان جمع سن والمراد به العمر والمعنى أنهم شباب (سفهاء الأحلام) جمع حلم بكسر أوله والمراد به العقل والسفهاء جمع سفيه من السفه والسفه في الأصل الخفة والطيش يقال: سفه فلان رأيه إذا كان مضطربًا لا استقامة فيه والمعنى أن عقولهم رديئة.

(يقولون من خير قول البرية) هو من المقلوب والمراد: من قول خير البرية يعني يحدثون من خير ما يتكلم به الخلق وهو القرآن وفي المصابيح (يقولون من قول خير البرية وهو الحديث) كذا في المبارق يعني يقولون ذلك في ظاهر الأمر كقولهم: لا حكم إلا لله انتزعوه من القرآن لكنهم حملوه على غير محمله وهو أول كلمة خرجوا بها فقال علي رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل كما ذكره المبرد في الكامل.

ص: 274

يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوزُ حَنَاجِرَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ. فَإِن فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا، لِمَنْ قَتَلَهُمْ، عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

(2344)

(0)(0) حدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ

ــ

قال الحافظ: ويحتمل أن يكون على ظاهره والمراد القول الحسن في الظاهر وباطنه على خلاف ذلك كقولهم: لا حكم إلا لله في جواب علي رضي الله عنه كما سيأتي وقد وقع في رواية طارق بن زياد عند الطبري قال: خرجنا مع علي رضي الله عنه فذكر الحديث وفيه (يخرج قوم يتكلمون كلمة الحق لا تجاوز حلوقهم) وفي حديث أنس عن أبي سعيد عند أبي داود والطبراني (يحسنون القول ويسيئون الفعل) ونحوه في حديث عبد الله بن عمر وعند أحمد وفي حديث مسلم عن علي (يقولون الحق لا يجاوز هذا وأشار إلى حلقه) اهـ فتح الملهم (يقروون القرآن لا يجاوز حناجرهم) تقدم شرحه والحناجر بالحاء المهملة والنون ثم الجيم جمع حنجرة بوزن قسورة وهي الحلقوم والبلعوم وكلها يطلق على مجرى النفس وهو طرف المريء مما يلي الفم (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرًا) عظيمًا لسعيهم في الأرض بالفساد (لمن قتلهم عند الله) تعالى (يوم القيامة) قال النواوي: هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة وهو إجماع العلماء قال القاضي: أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأي الجماعة وشقوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم والاعتذار إليهم قال الله تعالى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] لكن لا يجهز على جريحهم ولا يتبع منهزمهم ولا يقتل أسيرهم ولا تباح أموالهم وما لم يخرجوا عن الطاعة وينتصبوا للحرب لا يقاتلون بل يوعظون ويستتابون من بدعتهم وباطلهم وهذا كله ما لم يكفروا ببدعتهم فإن كانت بدعتهم مما يكفرون به جرت عليهم أحكام المرتدين.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (1/ 131) والبخاري (6930) وأبو داود (4767) والنسائي (7/ 119).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2344)

(0)(0)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا عيسى بن

ص: 275

يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّميُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ. قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِيِّ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بهذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.

(2345)

(0)(0) حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَأَبُو كُرَيبٍ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويَةَ. كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَلَيسَ فِي حَدِيثِهِمَا "يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرُّمِيَّةِ".

(2346)

(0)(0) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ. حَدَّثَنَا

ــ

يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي ثقة من (8).

(ح وحدثنا محمد بن أبي بكر) بن عطاء بن مقدم الثقفي (المقدمي) أبو بكر البصري (وأبو بكر) محمد بن أحمد (بن نافع) العبدي البصري (قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدى) بن حسان الأزدي أبو سعيد البصري ثقة من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ثقة إمام من (7)(كلاهما) أي كل من عيسى وسفيان رويا (عن الأعمش) غرضه بيان متابعتهما لوكيع في رواية هذا الحديث عن الأعمش (بهذا الإسناد) يعني عن خيثمة عن سويد عن علي (مثله) أي مثل ما روى وكيع عن الأعمش ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2345)

(0)(0)(حدثنا عثمان بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي. (ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (وأبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي (وزهير بن حرب) بن شداد الحرشي النسائي (قالوا) أي قال أبو بكر وأبو كريب وزهير: (حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (كلاهما) أي كل من جرير وأبي معاوية رويا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن خيثمة عن سويد عن علي مثل ما روى وكيع عن الأعمش (و) لكن (ليس في حديثهما) أي في حديث أبي معاوية وجرير لفظة: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

ثم ذكر المؤلف المتابعة ثالثًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2346)

(0)(0)(وحدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي) البصري (حدثنا) إسماعيل

ص: 276

ابْنُ عُلَيَّةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيدٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُمَا) قَالا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيِّ. قَال: ذَكَرَ الْخَوَارِجَ فَقَال: فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، أَوْ مُودَنُ الْيَدِ، أَوْ مَثْدُونُ الْيَدِ،

ــ

ابن إبراهيم (بن علية) الأسدي البصري (وحماد بن زيد) بن درهم الأزدي البصري.

(ح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن زيد ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب واللفظ) الآتي (لهما) أي لأبي بكر وزهير (قالا: حدثنا إسماعيل بن علية) وكذا حماد رويا (عن أيوب) السختياني (عن محمد) بن سيرين (عن عبيدة) بفتح العين بن عمرو السلماني بإسكان اللام ويقال: بفتحها نسبة إلى قبيلة من مراد أبي عمرو الكوفي تابعي كبير مخضرم ثقة ثبت مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق (عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهذه الأسانيد كلها من سداسياته غرضه بسوقها بيان متابعة عبيدة السلماني لسويد بن غفلة في رواية هذا الحديث عن علي وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة وابحث عن فائدة هذه التحويلات.

(قال) عبيدة: (ذكر) علي بن أبي طالب (الخوارج) أي علاماتهم وأجر من قتلهم وقد تقدم لك بيان وجه تسميتهم بهذا الاسم وبيان أصلهم ومبدإ أمرهم في التتمة فراجعها (فقال) علي في بيان علامتهم: (فيهم) أي في الخوارج (رجل) اسمه نافع كما في مبهمات مسلم (مخدج اليد) بصيغة اسم المفعول من الأفعال معناه ناقص اليد (أو) قال علي: (مودن اليد) بزنته وبمعناه ويروى: (مودون اليد) بصيغة اسم المفعول من الثلاثي وهو بمعنى صغير اليد (أو) قال علي: (مثدون اليد) بصيغة اسم المفعول من الثلاثي بمعنى صغير اليد وأو للشك من الراوي قال القاضي عياض: قوله: (مخدج اليد) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال معناه: ناقص اليد (ومودن) هو بضم الميم وسكون الواو يهمز ولا يهمز وفتح الدال معناه: ناقص اليد أيضًا ويقال فيه: ودين اليد أيضًا (ومثدن) بضم الميم وسكون الثاء وفتح الدال معناه: صغير اليد مجتمعها كثندوة الثدي وهو في رواية العذري: (مثدون) على صيغة اسم مفعول الثلاثي أصله مثنود فقدم الدال على النون كما قالوا: جذب وجبذ وعاث وعثى في الأرض وقيل: معنى مثدن كثير اللحم مسترخيه قال ابن دريد: يقال ثدن الرجل ثدنا إذا كثر لحمه وثقل جسمه

ص: 277

لَوْلَا أَنْ تَبْطَرُوا لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا وَعَدَ اللهُ الذِينَ يَقْتُلُونَهُمْ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. قَال: قُلْتُ: آنتَ سَمِعْتَهُ مِنْ مُّحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؟ قَال: إِي. وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! إِي. وَرَبِّ الْكَعْبَةِ! إِي. وَرَبِّ الْكَعْبَةِ!

(2347)

(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ

ــ

وعلى هذا لا يكون في الكلمة قلب وهذا يوافق قوله (كالبضعة تدردر).

والأول يوافق ما يأتي من قوله كطبي شاة.

(قلت): إنما كان يوافقه لأن الثدن إذا فسر بقصير اليد وافق رواية (كطبي شاة) وإن فسره بكثرة اللحم واسترخائه وافق قوله (كالبضعة تدردر) لأن البضعة فيها كثرة واسترخاء اهـ.

(لولا) مخافة (أن تبطروا) من باب فرح أي أن تفرحوا بقتالهم فرحًا شديدًا وتتكلوا عليه من الأعمال الصالحة قال النواوي: البطر هنا التجبر وشدة النشاط والفرح من باب تعب أي لولا مخافة بطركم وفخركم واتكالكم عن الأعمال الصالحة بقتالهم (لحدثتكم) أيها المسلمون (بما وعد الله) سبحانه وتعالى أي بالأجر الذي وعدالله (الذين يقتلونهم) أي يقتلون الخوارج (على لسان محمد صلى الله عليه وسلم أي لولا مخافة ذلك لأخبرتكم بالأجر الجزيل الذي وعده الله تعالى لمن قاتلهم على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (قال) عبيدة السلماني: (قلت) لعلي بن أبي طالب: (آنت) بهمزة الاستفهام التقريري أي هل أنت يا علي (سمعته) أي سمعت ذلك الموعود على لسان محمد صلى الله عليه وسلم من الأجر الجزيل لمن قاتلهم (قال) علي: (إي) بكسر الهمزة وسكون الياء من حروف الجواب كنعم أي نعم سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم (ورب الكعبة) أي أقسمت لك برب الكعبة وقوله: (إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة) توكيد لفظي للأول لتأكيد سماعه من محمد صلى الله عليه وسلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2347)

(0)(0)(حدثنا محمد بن المثنى) البصري (حدثنا) محمد بن إبراهيم (ابن أبي عدي) السلمي البصري (عن) عبد الله (بن عون) بن أرطبان المزني أبي عون البصري الخرَّاز ثقة من (6) روى عنه في (11) بابا (عن محمد) بن سيرين (عن عبيدة)

ص: 278

قَال: لَا أُحَدِّثكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ مِنْهُ. فَذَكَرَ عَنْ عَلِيٍّ، نَحْوَ حَدِيثِ أَيوبَ، مَرْفُوعًا.

(2348)

(0)(0) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامِ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيمَانَ. حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيلٍ. حَدَّثَنِي زَيدُ بْنُ وَهْب الْجُهَنِيُّ؛ أَنَّهُ كَانَ فِي الْجَيشِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنه. الَّذِينَ سَارُوا إِلَى الْخَوَارِجِ. فَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه: أيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

ــ

السلماني غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن عون لأيوب السختياني (قال) عبيدة:

(لا أحدثكم) ولا أخبركم (إلا ما سمعته منه) أي من علي بن أبي طالب (فذكر) ابن عون عن محمد عن عبيدة: (عن علي) بن أبي طالب (نحو حديث أيوب) عن محمد عن عبيدة عن علي حالة كون ذلك النحو الذي رواه ابن عون (مرفوعًا) إلى النبي صلى الله عليه وسلم كحديث أيوب والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2348)

(0)(0)(حدثنا عبد بن حميد) بن نصر الكسي (حدثنا عبد الرزاق بن همام) الصنعاني (حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان) ميسرة الفزاري أبو محمد الكوفي صدوق من (5) روى عنه في (7) أبواب (حدثنا سلمة بن كهيل) الحضرمي أبو يحيى الكوفي ثقة من (4)(حدثني زيد بن وهب الجهني) أبو سليمان الكوفي مخضرم هاجر ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق ثقة مخضرم (أنه) أي أن زيد بن وهب (كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين) صفة ثانية للجيش (ساروا) وذهبوا (إلى الخوارج) لقتالهم (فقال علي رضي الله عنه: أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول).

وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد صنعاني وواحد كسي غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة زيد بن وهب لسويد بن غفلة وعبيدة السلماني في رواية هذا الحديث عن علي بن أبي طالب وكرر المتن لما بين الروايتين من المخالفة مع الزيادة الكثيرة في هذه الرواية والله أعلم.

ص: 279

"يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ أُمَّتِي يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ. لَيسَ قِرَاءَتُكُمْ إِلَى قِرَاءَتِهِمْ بِشَيءٍ. وَلَا صلاتُكُمْ إِلَى صلاتِهِمْ بِشَيءٍ. وَلَا صِيَامُكُمْ إلَى صِيَامِهِمْ بِشَيءٍ. يَقْرَؤُونَ الْقُرآنَ. يَحْسِبُونَ أَنَّهُ لَهُمْ وَهُوَ عَلَيهِمْ. لَا تُجَاوزُ صَلاتَهُمْ تَرَاقِيَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"

ــ

(يخرج قوم من أمتي) أي أمة الدعوة حالة كونهم (يقرؤون القرآن ليس قراءتكم) أيها المؤمنون بالنسبة (إلى قراءتهم) أي عند الانقياس بها والانضياف إليها (بشيء) معتد محسوب (ولا صلاتكم) بالنسبة (إلى صلاتهم بشيء) معتد به (ولا صيامكم) بالنسبة (إلى صيامهم بشيء) معتد (يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم) أي هم يحسبون أن القرآن حجة لهم في إثبات دعاويهم الباطلة وليس كذلك بل (هو) حجة (عليهم) عند الله تعالى وفيه إشارة إلى أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه ومن غير أن يختار دينًا على دين الإسلام.

قال الحافظ ابن تيمية في الصارم المسلول: والغرض هنا أنه كما أن الردة تتجرد عن السب فكذلك قد تتجرد عن قصد تبديل الدين وإرادة التكذيب بالرسالة كما تجرد كفر إبليس عن قصد التكذيب بالربوبية وإن كان عدم هذا القصد لا ينفعه كما لا ينفع من قال الكفر أن لا يقصد أن يكفر اهـ.

(لا تجاوز صلاتهم) أي قراءتهم (تراقيهم) أي حناجرهم والمراد بالصلاة هنا القراءة لأنها جزؤها وقد يطلق كل منهما على الآخر مجازًا كما قال تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} يعني بقراءتك وقال: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} يعني صلاة الفجر وفي الحديث القدسي على ما مر ذكره في باب الصلاة: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل) الحديث فالمراد منها قراءة الفاتحة بقرينة قوله (فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي إلخ) ولا يبعد أن تفسر الصلاة هنا بالإيمان فإن الإيمان في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} مفسر بالصلاة في تفسير ابن جرير وابن كثير وغيرهما من أهل التفسير لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل تحويل القبلة فيكون المعنى لا يجاوز إيمانهم حلوقهم ولا يدخل قلوبهم وفي باب قتل الخوارج من صحيح البخاري (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) والتراقي جمع الترقوة كما مر مرارًا (يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) قال الشيخ الأنور:

ص: 280

لَوْ يَعْلَمُ الْجَيشُ الَّذِينَ يُصِيبُونَهُمْ، مَا قُضِيَ لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم، لاتَّكَلوا عَنِ الْعَمَلِ. وَآيَةُ ذلِكَ أَن فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ. وَلَيسَ لَهُ ذِرَاعٌ. عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ. عَلَيهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ. فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاويَةَ وَأَهْلِ الشَّامِ وَتَتْرُكُونَ هؤُلاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيِّكُمْ وَفِي أَمْوَالِكُمْ! وَاللهِ، إِنِّي لأرجُو أَنْ يَكونُوا هؤُلاءِ الْقَوْمَ. فَإِنهُمْ قَدْ سَفَكوا الدَّمَ الْحَرَامَ. وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ

ــ

المروق هنا الخروج من حيث لا يدري وهو مؤدَّى هذا اللفظ وحقه اهـ.

(لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم) أي يصيبون الخوارج ويقاتلونهم (ما قضي لهم) أي ما كتب وبين لهم من الأجر العظيم والثواب الجسيم (على لسان نبيهم) محمد صلى الله عليه وسلم لاتَّكلوا عن العمل) الصالح أي لاكتفوا عن العمل الصالح بذلك الأجر الموعود في قتلهم أي تركوا عمل الصالحات اتكالًا على المثوبة التي بشروا بها (وآية ذلك) القوم (أن فيهم رجلًا له عضد) والعضد ما بين المنكب والمرفق (وليس له ذراع) والذراع ما بين المرفق وطرف الأصابع (على رأس عضده) أي على طرفه الذي يلي المرفق لو كان (مثل حلمة الثدي) أي مثل رأسه والحلمة بفتح الحاء واللام الأنبوبة التي يخرج منها اللبن وتسمى السعدانة وهي الحبة التي على رأس الثدي (عليه) أي على رأس عضده (شعرات بيض) قال الحافظ: وعند الطبري من طريق طارق بن زياد عن علي (في يده شعرات سود) والأول أقوى.

قال علي بن أبي طالب: (فتذهبون) أيها المسلمون وفي رواية أبي داود (أفتذهبون) بزيادة همزة الاستفهام (إلى) قتال (معاوية وأهل الشام وتتركون هولاء) الخوارج حالة كونهم (يخلفونكم في ذراريكم) أي في نسائكم وأطفالكم بإراقة الدماء (وفي أموالكم) بنهبها (والله) أي أقسمت بالإله الذي لا إله غيره (إني لأرجو) وأظن (أن يكونوا) أي أن يكون الخوارج الذين بيننا (هولاء القوم) الذين وصفهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فإنهم) أي فإن الخوارج (قد سفكوا الدم الحرام) أي أراقوه أي أراقوا دماء المسلمين كعبد الله بن خباب وسريته كما مر (وأغاروا) أي هجموا بالنهب (في سرح الناس) أي في مواشي المسلمين والسرح والسارح والسارحة الماشية وفي مجمع البحار: (أغاروا على سرحه) أي مواشيه السائمة والمراد هنا أموال المسلمين اهـ.

ص: 281

فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللهِ.

قَال سَلَمَةُ بْنُ كُهَيلٍ: فَنَزَّلَنِي زَيدُ بْنُ وَهْبٍ مَنْزِلًا. حَتَّى قَال: مَرَرْنَا عَلَى قَنْطَرَةٍ. فَلَمَّا الْتَقَينَا وَعَلَى الْخَوَارجِ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ الرَّاسِبِيُّ. فَقَال لَهُمْ: أَلْقُوا الرِّمَاحَ. وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا

ــ

(فسيروا) أي فانفروا في قتالهم (على اسم الله) ومعونته سبحانه أي استعينوا في قتالهم باسم الله تعالى.

قال عبد الملك بن أبي سليمان بالسند السابق: (قال) لنا (سلمة بن كهيل: فنزلني زيد بن وهب) الجهني أي ذكر لي زيد بن وهب مراحلهم في سفرهم لقتال الخوارج وعدَّها (منزلًا) منزلًا أي ذكر لي مواضع نزولهم في سفرهم لقتال الخوارج واحدًا واحدًا قال النواوي: هكذا هو في معظم النسخ (منزلًا) مرة واحدة وفي نادر منها: (منزلًا منزلًا) مرتين وكذا ذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين وهو وجه الكلام أي ذكر لي مراحلهم بالجيش منزلًا منزلًا.

قال القرطبي: (وقول سلمة: فنزلني زيد منزلًا) أي أخبرني بالمواضع التي نزلها علي مع جيشه منزلًا منزلًا واحدًا واحدًا وصوابه: منزلًا منزلًا مرتين لأن معناه أخبرني بالمنازل مفصلة فهو منصوب على الحال كما تقول العرب علمته الحساب بابا بابا ولا يكتفى في هذا النوع بذكر مرةً واحدة لأنه لا يفيد ذلك المعنى غير أنه وقع هنا منزلًا مرة واحدة لجميع رواة مسلم فيما أعلم وقد جاء كتاب النسائي (منزلًا منزلًا) مرتين وهو الصحيح اهـ من المفهم.

(حتى قال) زيد بن وهب في عد المنازل: (مررنا على قنطرة) كان القتال عندها وهي قنطرة الدبرجان كذا جاء مبهمًا في سنن النسائي وهناك خطبهم علي رضي الله عنه وروى لهم هذه الأحاديث والقنطرة بفتح القاف هو الجسر الذي يعبر عليه (فلما التقينا) أي تقابلنا مع الخوارج (و) كان أميرًا (على الخوارج يومئذ) أي يوم إذ تقابلنا معهم (عبد الله بن وهب الراسبي) والجملة معترضة بين لما وجوابها وهو قوله: (فقال لهم: ألقوا الرماح) والفاء زائدة في جواب لما أي فلما التقينا قال للخوارج قائدهم عبد الله بن وهب الراسبي: ألقوا الرماح أي ارموا الرماح من أيديكم. (وسلوا سيوفكم) بضم السين أمر من سل يسل أي أخرجوا سيوفكم (من جفونها) أي من أغمادها جمع جفن بفتح

ص: 282

فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ يَوْمَ حَرُورَاءَ. فَرَجَعُوا فَوَحَّشُوا بِرِمَاحِهِمْ. وَسَلُّوا السُّيُوفَ. وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ. قَال: وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. وَمَا أُصِيبَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ إِلا رَجُلانِ

ــ

الجيم وهو الغمد قال القرطبي: كان في هذا الرأي فتح للمسلمين وصيانة لدمائهم وتمكين لهم من الخوارج بحيث تمكن منهم بالرماح فطعنوا ولم يكن لهم بما يطعنون أحدًا فقتلوا عن بكرة أبيهم ولم يقتل من المسلمين سوى رجلين فنعوذ بالله من تدبير يقود إلى تدمير اهـ من المفهم.

(فإني أخاف أن يناشدوكم) أي أن يطلبوا منكم الصلح بالإيمان ويسألوكم وقف الحرب باسم الله أي أن يسألكم أصحاب علي رضي الله عنه الصلح وترك الحرب باسم الله تعالى (كما ناشدوكم) أي كما سألوكم الصلح باسم الله (يوم) وقعة (حروراء) والمعنى إني أخاف أن يسألوكم الصلح بالإيمان لو قاتلتموهم بالرماح من بعيد فألقوا الرماح وادخلوا فيهم بالسيوف حتى لا يجدوا فرصة للمناشدة فدبروا تدبيرًا قادهم إلى التدمير (فرجعوا) وراءهم (فوحشوا) أي رموا (برماحهم) عن بعد منهم وهو بتشديد الحاء المهملة المفتوحة من التوحيش أي رموا بها عن بعد منهم وتخلوا عنها واعتنق بعضهم بعضًا بالسيوف أي صيروها كالوحش بعيدة عنهم يقال: وحش الرجل إذا رمى بثوبه وبسلاحه مخافة أن يلحق قال الشاعر:

فإن انتمُ لم تطلبوا بأخيكمُ

فذروا السلاح ووحِّشوا بالأبرق

اهـ من المفهم

(وسلوا السيوف) بفتح السين وفي رواية أبي داود (واستلوا السيوف) من باب افتعل أي أخرجوا السيوف من أغمادها (وشجرهم) أي شجر أولئك الخوارج أي طعنهم (الناس) أي أصحاب علي (برماحهم) ومعنى شجرهم الناس بفتح الشين المعجمة والجيم المخففة أي داخلوهم برماحهم وطاعنوهم وقيل: مدوها إليهم قال ابن دريد: تشاجر القوم بالرماح إذا تطاعنوا بها ومنه التشاجر في الخصومة وسمي الشجر شجرًا لتداخل أغصانه والناس هم أصحاب علي رضي الله عنه (قال) زيد بن وهب الجهني: (وقتل) الخوارج (بعضهم) مطرحون (على بعض وما أصيب) أي قتل (من الناس) أي من أصحاب علي (يومئذ إلا رجلان) أي ما قتل من أصحابه إلا اثنان وأما الخوارج فقتلوا بعضهم على بعض وقد تقدم في التتمة نقلنا من كلام المؤرخين مما ذكره الحافظ في

ص: 283

فَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ. فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ. فَقَامَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِنَفْسِهِ حَتَّى أَتَى نَاسًا قَدْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَال: أَخرُوهُمْ. فَوَجَدُوهُ مِمَّا يَلِي الأرضَ. فَكَبَّرَ. ثُمَّ قَال: صَدَقَ اللهُ. وَبَلَّغَ رَسُولُهُ. قَال: فَقَامَ إِلَيهِ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ. فَقَال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! آللهَ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ! لَسَمِعْتَ هذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَال: إِي. وَاللهِ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ! حَتَّى اسْتَحْلَفَهُ ثَلاثًا. وَهُوَ يَحْلِفُ لَهُ

ــ

الفتح أنه لم ينج منهم أي من الخوارج إلا دون العشرة ولا قتل ممن مع علي رضي الله عنه إلا نحو العشرة وما في صحيح مسلم أصح والله تعالى أعلم بالصواب.

(فقال علي رضي الله عنه لمن عنده: (التمسوا) أي اطلبوا (فيهم) أي في قتلى الخوارج (المخدج) أي الناقص الخلق واليد (فالتمسوه) أي فطلب أصحاب علي ذاك المخدج في قتلاهم (فلم يجدوه) أي لم يصيبوه ولم يروه (فقام علي رضي الله عنه بنفسه حتى أتى ناسًا) من الخوارج (قد قتل بعضهم) مطروحون (على بعض) فـ (ـقال) علي رضي الله عنه: (أخروهم) أي أخروا أيها الناس هؤلاء القتلى عن مصارعهم (فـ) ـلما أخروهم عن مصارعهم (وجدوه) أي وجدوا ذلك المخدج (مما يلي الأرض) من مصارعهم (فكبر) علي رضي الله عنه تعجبًا من وجدانه على الوصف الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم به (ثم) بعد التكبير (قال) علي رضي الله عنه: (صدق الله) سبحانه وتعالى فيما أوحى إلى نبيه (وبلغ رسوله) إلينا (قال) زيد بن وهب الجهني: (فقام إليه) أي إلى علي (عبيدة) بن عمرو المرادي (السلماني فقال: يا أمير المؤمنين آلله الذي لا إله إلا هو) بهمزة ممدودة فالهمزة عوض عن باء القسم وهو قسم أقسم عليه لتزيد طمأنينة قلبه لا ليدفع شكًّا عن نفسه اهـ مفهم أي أقسمت بالله الذي لا إله غيره (لسمعت هذا الحديث) الذي حدثتنا في شأن الخوارج والمخدج (من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) علي رضي الله عنه: (إي) أي نعم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (والله) أي أقسمت لكم بالله (الذي لا إله إلا هو) فسأله عبيدة وناشده (حتى استحلفه) أي حتى استحلف عبيدة عليًّا (ثلاثًا) من المرات أي سأل عبيدة عليًّا ثلاث مرات أن يحلف بالله على سماعه الحديث منه (وهو) أي والحال أن عليًّا (يحلف له) أي لعبيدة بعد كل مرة من الاستحلاف على سماعه ذلك الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 284

(2349)

(0)(0) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ ويونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى. قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيرِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، مَوْلَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ أَن الْحَرُورِيَّةَ لَمَّا خَرَجَتْ، وَهُوَ مَعَ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه،

ــ

حاصله أنه استحلف عليًّا ثلاثًا وإنما استحلفه ليسمع الحاضرين ويؤكد ذلك عندهم ويظهر لهم المعجزة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم ويظهر لهم أن عليًّا وأصحابه أولى الطائفتين بالحق وأنهم محقون في قتالهم وغير ذلك مما في هذه الأحاديث من الفوائد قاله النواوي.

(قلت): وليطمئن قلب المستحلف لإزالة توهم ما أشار إليه علي أن الحرب خدعة فخشي أن يكون لم يسمع في ذلك شيئًا منصوصًا كذا في الفتح اهـ.

وشارك المؤلف في رواية هذا الرواية أبو داود فقط (4768 - 4770) والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة سادسًا في حديث علي رضي الله عنه فقال:

(2349)

(0)(0)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو الأموي المصري (ويونس بن عبد الأعلى) بن ميسرة بن حفص الصدفي أبو موسى المصري ثقة من (10)(قالا: أخبرنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري ثقة من (7)(عن بكير) بن عبد الله (بن الأشج) المخزومي المصري ثقة من (5)(عن بسر بن سعيد) الحضرمي المدني ثقة من (2)(عن عبيد الله بن أبي رافع) إبراهيم القبطي وقوله: (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عطف بيان لأبي رافع الهاشمي مولاهم المدني كاتب علي رضي الله عنه ثقة من (3)(أن الحرورية) وهم الخوارج سموا بذلك لأنهم نزلوا حروراء وتعاقدوا فيها على قتال أهل العدل وهي قرية بالعراق قريبة من الكوفة وسموا خوارج لخروجهم عن طريق الجماعة كما مر بسط الكلام في ذلك. (لما خرجت) عن طاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (وهو) أي والحال أن عبيد الله (مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مصريون وثلاثة مدنيون غرضه بسوق

ص: 285

قَالُوا: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلهِ. قَال عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ. إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ نَاسًا. إِنِّي لأعرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هؤُلاءِ. "يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَجُوزُ هذَا، مِنْهُمْ. (وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ) مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ إِلَيهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ. إِحْدَى يَدَيهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ". فَلَمَّا قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَال: انْظُرُوا. فَنَظَرُوا فَلَمْ يَجِدُوا شَيئًا. فَقَال: ارْجِعُوا. فَوَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ

ــ

هذا السند بيان متابعة عبيد الله بن أبي رافع لمن روى عن علي بن أبي طالب كزيد بن وهب وعبيدة السلماني.

(قالوا) جواب لما والجملة الاسمية معترضة (لا حكم إلا لله قال علي) رضي الله عنه هذه الكلمة التي قالوها: (كلمة حق أريد بها باطل) يعني بالكلمة قولهم: لا حكم إلا لله أصلها صدق فإنها مأخوذة من قول الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إلا لِلَّهِ} لكنهم أرادوا بها الإنكار على علي في قبوله التحكيم بينه وبين أهل الشام بعد انتهاء القتال بصفين (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسًا) يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية و (إني لأعرف صفتهم) أي لأرى صفة الناس الذين وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم (في هؤلاء) الخوارج هؤلاء (يقولون الحق بألسنتهم) كقراءة القرآن (لا يجوز) ذلك الحق الذي قالوه بألسنتهم ولا يتعدى (هذا) الحلقوم (منهم) ولا يصل إلى قلوبهم (وأشار) علي بقوله هذا (إلى حلقه) أي إلى حلقومه هؤلاء الخوارج هم (من أبغض خلق الله) تعالى (إليه) أي عنده تعالى (منهم) أي من هؤلاء الخوارج رجل (أسود إحدى يديه طبي شاة) بضم الطاء المهملة وسكون الباء الموحدة أي مثل ضرع شاة وفيه تشبيه بليغ وأصل الكلمة للكلبة والسباع كما في النواوي ثم استعيرت للشاة (أو) قال علي إحدى يديه (حلمة ثدي) أي مثل رأس ثدي المرأة والشك من الراوي ففيه تشبيه بليغ أيضًا (فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالنهروان (قال) علي لمن عنده: (انظروا) ذلك الأسود والتمسوه في القتلى (فنظروا) أي نظر الناس ذلك الأسود والتمسوه في القتلى (فلم يجدوا شيئًا) من صفاته فرجعوا إلى علي فأخبروه (فقال) لهم علي: (ارجعوا) إلى القتلى فالتمسوه (فوالله ما كَذَبت) بالبناء للفاعل أي ما حدثت الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولا كُذِبت) بالبناء للمفعول أي ولا حدثت الكَذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 286

مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. ثُمَّ وَجَدُوهُ فِي خَرِبَةٍ. فَأتَوْا بِهِ حَتَّى وَضَعُوهُ بَينَ يَدَيهِ. قَال عُبَيدُ اللهِ: وَأنا حَاضِرُ ذلِكَ مِنْ أَمْرِهِمْ. وَقَوْلِ عَلِيٍّ فِيهِمْ.

زَادَ يُونُسُ فِي رِوَايَتِهِ: قَال بُكَيرٌ: وَحَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنِ ابْنِ حُنَينٍ أَنَّهُ قَال: رَأَيتُ ذلِكَ الأسوَدَ.

(2350)

(1032) - (182) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا حُمَيدُ بْنُ هِلالٍ،

ــ

لأنه الصادق المصدوق وقوله: (مرتين) منصوب بقال أي قال هذا القول مرتين (أو) قال (ثلاثًا) شك من الراوي (ثم) رجعوا إلى القتلى فـ (ـوجدوه) أي وجدوا ذلك الأسود تحت القتلى (في خربة) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء أي في خرق من خروق الأرض وشق من شقوقها والخربة أيضًا موضع الخراب وهو ضد العمران قاله النواوي (فأتوا به) أي فجاءوا بذلك الأسود (حتى وضعوه) أي طرحوا ذلك الأسود (بين يديه) أي بين يدي علي وقدامه (قال عبيد الله) بن أبي رافع بالسند السابق: (وأنا حاضر ذلك) القصص المذكور (من أمرهم) أي من أمر الخوارج وشأنهم في القتال مع علي رضي الله عنه (و) من (قول علي فيهم) أي في الخوارج من قوله: هم من أبغض خلق الله إليه الخ.

(زاد يونس) بن عبد الأعلى (في روايته قال: بكير) بن الأشج: (وحدثني رجل) معطوف على محذوف تقديره: قال بكير: حدثني بسر بن سعيد هذا الحديث وحدثني أيضًا رجل آخر (عن) عبد الله (بن حنين) الهاشمي مولاهم المدني ثقة من (3)(أنه) أي أن عبد الله بن حنين (قال رأيت ذلك الأسود) بعيني حين أحضر قدام علي رضي الله عنه.

وانفرد المؤلف رحمه الله تعالى بهذه الرواية عن أصحاب الأمهات ولكنه شاركه أحمد (1/ 83 و 84).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الأخير من الترجمة بحديث أبي ذر رضي الله عنه فقال:

(2350)

(1032)(182)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي الأبلي صدوق من (9)(حدثنا سليمان بن المغيرة) القيسي مولاهم أبو سعيد البصري ثقة من (7) روى عنه في (9) أبواب (حدثنا حميد بن هلال) العدوي أبو نصر البصري ثقة من (3) روى عنه في

ص: 287

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ بَعْدِي (أَوْ سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي) قَوْمٌ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ. لَا يُجَاوزُ حَلاقِيمَهُمْ. يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ. هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ".

فَقَال ابْنُ الصَّامِتِ: فَلَقِيتُ رَافِعَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ، أَخَا الْحَكَمِ الْغِفَارِيِّ. قُلْتُ: مَا حَدِيثٌ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي ذَرٍّ: كَذَا وَكَذَا؟ فَذَكَرْتُ لَهُ هذَا الْحَدِيثَ. فَقَال: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ــ

(9)

أبواب (عن عبد الله بن الصامت) الغفاري البصري ثقة من (3) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي ذر) الغفاري جندب بن جنادة المدني الربذي رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد أبلي.

(قال) أبو ذر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من بعدي أو) قال أبو ذر (سيكون بعدي من أمتي) والشك من عبد الله بن الصامت (قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم) جمع حلقوم وهو مجرى النفس (يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم) بعد خروجهم من الدين (لا يعودون فيه) أي في الدين (هم شر الخلق والخليقة) الخلق الناس والخليقة البهائم وقيل: هما بمعنى واحد ويريد بهما جميع الخلائق اهـ نهاية.

(فقال) عبادة (بن الصامت) بالسند السابق: (فلقيت رافع بن عمرو) الغفاري الصحابي البصري (أخا الحكم) بن عمرو (الغفاري) الصحابي البصري له عندهم حديثان روى عنه عبد الله بن الصامت في الزكاة ويروي عنه (م د ت ق) وابنه عمران وأما حكم بن عمرو ورافع بن عمرو فهما أخوان صحابيان غلب عليهما هذا النسب إلى بني غفار وليسا منهم انظر أسد الغابة فـ (ـقلت) لرافع بن عمرو (ما حديث سمعته من أبي ذر) لفظه (كذا وكذا) وهذا استفهام من ابن الصامت ابن أخي أبي ذر عن حديث سمعه من عمه سأله للاستثبات بسماعه من غيره من الصحابة قال ابن الصامت: (فذكرت له) أي لرافع (هذا الحديث) الذي سمعته من أبي ذر (فقال) رافع بن عمرو: (وأنا سمعته) أيضًا (من رسول الله صلى الله عليه وسلم فحصل الاستثبات لابن الصامت.

ص: 288

(2351)

(1033) - (183) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيبَانِيِّ، عَنْ يُسَيرِ بْنِ عَمْرٍو. قَال: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيفٍ: هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْخَوَارِجَ؟ فَقَال: سَمِعْتُهُ (وَأَشَارَ بيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ)"قَوْمٌ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ. يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ"

ــ

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (5/ 3) وابن ماجه (170).

ثم استشهد المؤلف لحديث علي بن أبي طالب بحديث سهل بن حنيف رضي الله عنهما فقال:

(2351)

(1033)(183)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حدثنا علي بن مسهر) القرشي الكوفي ثقة من (8)(عن الشيباني) سليمان بن أبي سليمان فيروز أبي إسحاق الكوفي ثقة من (5) روى عنه في (14) بابا (عن يسير بن عمرو) ويقال فيه: أسير ابن عمرو بالتصغير فيهما ويقال: يسير بن جابر وكلاهما صحيح أي يقال: يسير وأسير وهو من بني محارب بن ثعلبة نزل الكوفة ويقال: إن له صحبة أبو الخِيار الكوفي العبدي أو المحاربي أو الكندي وقيل: إنهما اثنان أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال: إن له رؤية روى عن سهل بن حنيف وعلي وعمر وسلمان الفارسي وابن مسعود وثقه العجلي وابن حبان وابن سعد وقال في التقريب: له رؤية مات سنة (85) خمس وثمانين (قال) يسير بن عمرو (سألت سهل بن حنيف) مصغرًا ابن واهب الأنصاري الأوسي أبا ثابت المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني.

(هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الخوارج) أي شأنهم وسيماهم (فقال) سهل: (سمعته) صلى الله عليه وسلم (و) الحال أنه قد (أشار بيده) الشريفة (نحو المشرق): أي جهته وفي رواية البخاري (وأهوى بيده قبل العراق) وهو الصواب كما هو لفظ البخاري ولكن سقط في أكثر نسخ مسلم لفظة يقول سيخرج (قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم لا يعدو) القرآن أي لا يجاوز (تراقيهم) إلى قلوبهم (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

ص: 289

(2352)

(0)(0) وحدّثناه أَبُو كَامِلٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ. حَدَّثَنَا سُلَيمَانُ الشَّيبَانِيُّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. وَقَال:"يَخْرُجُ مِنْهُ أَقْوَامٌ".

(2353)

(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَإسْحَاقُ. جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ. قَال أَبُو بَكرٍ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيبَانِيُّ عَنْ أُسَيرِ بْنِ عَمْرٍو،

ــ

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى ولم يشاركه أحد ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه فقال:

(2352)

(0)(0)(وحدثناه أبو كامل) الجحدري فضيل بن حسين البصري (حدثنا عبد الواحد) بن زياد العبدي مولاهم البصري ثقة من (8)(حدثنا سليمان) بن أبي سليمان فيروز (الشيباني) أبو إسحاق الكوفي (بهذا الإسناد) يعني عن يسير بن عمرو عن سهل بن حنيف.

غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة عبد الواحد لعلي بن مسهر في رواية هذا الحديث عن الشيباني.

(و) لكن (قال) عبد الواحد في روايته: (يخرج منه) أي من المشرق (أقوام) بتصريح لفظ الفعل وبصيغة الجمع في قوم.

ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:

(2353)

(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق) بن إبراهيم الحنظلي المروزي (جميعًا عن يريد) بن هارون (قال أبو بكر: حدثنا يريد بن هارون) بن زادان السلمي أبو خالد الواسطي ثقة من (9) روى عنه في (19) بابا (عن العوام بن حوشب) ابن يزيد بن رويم مصغرًا الشيباني الربعي أبي عيسى أو أبي يوسف الواسطي روى عن أبي إسحاق الشيباني في الزكاة والنخعي ومجاهد وأبي إسحاق السبيعي ويروي عنه (ع) ويزيد بن هارون وشعبة والثوري وثقه العجلي وأبو زرعة وقال: ثقة وقال في التقريب: ثقة ثبت فاضل من السادسة مات سنة (148) ثمان وأربعين ومائة وليس في مسلم من اسمه عوام إلا هذا.

(حدثنا أبو إسحاق) سليمان (الشيباني) الكوفي (عن أسير بن عمرو) الكوفي ويقال

ص: 290

عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"يَتِيهُ قَوْمٌ قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُحَلَّقَةٌ رُؤُوسُهُمْ"

ــ

فيه: يسير بن عمرو كما في الرواية السابقة (عن سهل بن حنيف عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة العوام بن حوشب لعلي بن مسهر (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (يتيه) أي يتحير ويميل عن الحق والصواب (قوم قبل المشرق) أي في جانبه ومشارق أرض العرب مواضع الفتن كما نطق به الأحاديث الصحيحة كالعراق يقال تاه إذا ذهب ولم يهتد لطريق الحق وتحير في أمره وقوله (محلقة رؤوسهم) يقرأون القرآن نحو ما تقدم صفة لقوم أو حال منه والتحليق سيما الخوارج مخالف للعرب في توفيرهم الشعور وتفريقها.

قال القرطبي: (قوله: يتيه قوم قبل المشرق) أي يتحيرون ويذهبون في غير وجه صحيح يقال: تاه الرجل إذا ذهب في الأرض غير مهتد ومنه تيه بني إسرائيل وقيل: المشرق يدل على صحته تأويل من أول قرن الشيطان بأنهم الخوارج والفتن التي طلعت من هناك والله أعلم و (قوله: محلقة رؤوسهم) وفي حديث آخر (سيماهم التحليق) أي جعلوا ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا وشعارًا ليعرفوا به كما يفعل البعض من رهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم وقد جاء في وصفهم مرفوعًا: (سيماهم التسبيد) أي الحلق رواه أحمد وأبو داود يقال: سبد رأسه إذا حلقه وهذا كله منهم جهل بما يزهد فيه وما لا يزهد فيه وابتداع منهم في دين الله تعالى شيئًا كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وأتباعهم على خلافه فلم يرو عن واحد منهم أنهم اتسموا بذلك ولا حلقوا رؤسهم في غير إحلال ولا حاجة وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شعر فتارة فرقه وتارة صيره جمة وأخرى لمة وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من كانت له شعرة أو جمة فليكرمها) رواه أبو داود بلفظ: (من كان له شعر فليكرمه) وقد كره مالك الحلاق في غير إحرام ولا حاجة ضرورية اهـ من المفهم.

وفي هذا الحديث أن سهل بن حنيف صرح بأن الخوارج الحرورية هم المراد بالقوم المذكورين في أحاديث الباب فيقوى ما تقدم أن أبا سعيد توقف في الاسم والنسبة لا في كونهم المراد وقد عد الحافظ رحمه الله أسماء من روى هذا الحديث في الخوارج ثم قال: فهؤلاء خمسة وعشرون نفسًا من الصحابة والطرق إلى كثرتهم متعددة كعلي وأبي

ص: 291

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سعيد وعبد الله بن عمر وأبي بكرة وأبي برزة وأبي ذر فيفيد مجموع أخبارهم القطع بصحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث:

الأول: حديث علي ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ست متابعات.

والثاني: حديث أبي ذر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة.

والثالث: حديث سهل بن حنيف ذكره للاستشهاد لحديث على وذكر فيه متابعتين وهذا الباب استطرادي في كتاب الزكاة.

***

ص: 292