الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(تتمة)
في بيان سبب تسمية الخوارج بالخوارج وبالحرورية وبيان حالهم وكيف كان بدء أمرهم وخروجهم عن الجماعة وقطع دابرهم.
واعلم أن الخوارج جمع خارجة بمعنى طائفة خرجت عن الجماعة وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان فطعنوا على عثمان بذلك وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة إلا أنهم كانوا يتأولون القرآن على غير المعنى المراد منه ويستبدون برأيهم ويتنطعون في الزهد والخشوع وغير ذلك فلما قتل عثمان قاتلوا مع علي رضي الله عنه واعتقدوا كفر عثمان ومن تابعه واعتقدوا إمامة علي وكفر من قاتله من أهل الجمل الذين كان رئيسهم طلحة والزبير فإنهما خرجا إلى مكة بعد أن بايعا عليًّا فلقيا عائشة وكانت حجت تلك السنة فاتفقوا على طلب قتلة عثمان وخرجوا إلى البصرة يدعون الناس إلى ذلك فبلغ عليًّا فخرج إليهم فوقعت بينهم وقعة الجمل المشهورة وانتصر علي وقتل طلحة في المعركة وقتل الزبير بعد أن انصرف من الوقعة فهذه الطائفة هي التي كانت تطلب بدم عثمان بالاتفاق ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك وكان أمير الشام إذ ذاك وكان علي أرسل إليه لأن يبايع له أهل الشام فاعتل بأن عثمان قتل مظلومًا وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته وأنه أقوى الناس على الطلب بذلك ويلتمس من علي أن يمكنه منهم ثم يبايع له بعد ذلك وعلي يقول: ادخل فيما دخل فيه الناس وحاكمهم إلي أحكم فيهم بالحق فلما طال الأمر خرج علي في أهل العراق طالبًا قتال أهل الشام فخرج معاوية في أهل الشام قاصدًا إلى قتاله فالتقيا بصفين فدامت الحرب بينهما شهرًا وكاد أهل الشام أن ينكسروا فرفعوا المصاحف على الرماح ونادوا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى وكان ذلك بإشارة عمرو بن العاص وهو مع معاوية فترك جمع كثير ممن كان مع علي وخصوصًا القراء القتال بسبب ذلك تدينًا واحتجوا بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ} الآية فراسلوا أهل الشام في ذلك فقالوا: ابعثوا حكمًا منكم وحكمًا منا ويحضر معهما من لم يباشر القتال فمن رأوا الحق معه أطاعوه فأجاب علي ومن معه إلى ذلك وأنكرت ذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تلك الطائفة التي صاروا خوارج وكتب علي بينه وبين معاوية كتاب الحكومة بين أهل العراق والشام: هذا ما قضى عليه أمير المؤمنين علي معاوية فامتنع أهل الشام من ذلك وقالوا: اكتبوا اسمه واسم أبيه فأجاب علي إلى ذلك فأنكره عليه الخوارج أيضًا ثم انفصل الفريقان على أن يحضر الحكمان ومن معهما بعد مدة عينوها في مكان وسط بين الشام والعراق ويرجع العسكران إلى بلادهم إلى أن يقع الحكم فرجع معاوية إلى الشام ورجع علي إلى الكوفة ففارقه الخوارج وهم ثمانية آلاف وقيل: كانوا أكثر من عشرة آلاف وقيل ستة آلاف ونزلوا مكانًا يقال له حروراء بفتح المهملة وراءين أولاهما مضمومة وبالمد في آخره ومن ثم قيل لهم: الحرورية وكان كبيرهم عبد الله بن الكواء بفتح الكاف وتشديد الواو مع المد اليشكري وشبث بفتح المعجمة والموحدة بعدها مثلثة التميمي فأرسل إليهم علي ابن عباس فناظرهم فرجع كثير منهم معه ثم خرج إليهم علي فأطاعوه ودخلوا معه الكوفة معه رئيساهم المذكوران ثم أشاعوا أن عليًّا تاب من الحكومة ولذلك رجعوا معه فبلغ ذلك عليًّا فخطب وأنكر ذلك فتنادوا من جوانب المسجد: لا حكم إلا لله فقال علي: كلمة حق يراد بها باطل فقال لهم: لكم علينا ثلاثة أن لا نمعنكم من المساجد وأن لا نمنعكم من رزقكم من الفيء ولا نبدؤكم بقتال ما لم تحدثوا فسادًا وخرجوا شيئًا بعد شيء إلى أن اجتمعوا بالمدائن فراسلهم علي في الرجوع فأصروا على الامتناع حتى يشهد علي على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم ويتوب ثم راسلهم أيضًا فأرادوا قتل رسوله ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم يكفر ويباح دمه وماله وأهله وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان واليًا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سُرية وهي حامل فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد فبلغ ذلك عليًّا فخرج إليهم في الجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام فأوقع بهم بالنهروان ولم ينج منهم إلا دون العشرة ولا قتل ممن معه إلا نحو العشرة فهذا ملخص أول أمرهم.
ثم انضم إلى من بقي منهم من مال إلى رأيهم فكانوا مختفين في خلافة علي رضي الله عنه حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليًّا بعد أن دخل علي في صلاة الصبح ثم لما وقع صلح الحسن ومعاوية ثارت منهم طائفة فأوقع بهم عسكر الشام بمكان يقال: له النجيلة ثم كانوا منقمعين في إمارة زياد وابنه عبيد الله على العراق طول
(2337)
(0)(0) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
ــ
مدة معاوية وولده يزيد وظفر زياد وابنه منهم بجماعة فأبادهم بين قتل وحبس طويل فلما مات يزيد ووقع الافتراق وولي الخلافة عبد الله بن الزبير وأطاعه أهل الأمصار إلا بعض أهل الشام ثار مروان فادعى الخلافة وغلب على جميع أهل الشام إلى مصر فظهر الخوارج حينئذ بالعراق مع نافع بن الأزرق وباليمامة مع نجدة بن عامر وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتمد معتقدهم وعظم البلاء بهم وتوسعوا في معتقدهم الفاسد فأبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها وكفّروا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرًا وإن لم يكن قادرًا فقد ارتكب كبيرة وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقًا وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب فمنهم من يفعل ذلك مطلقًا بغير دعوة منهم ومنهم من يدعو أولًا ثم يفتك ولم يزل البلاء يزيد إلى أن أمر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم فطاولهم حتى ظفر بهم وتقلل جمعهم ثم لم يزل منهم بقايا في طول الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية ودخلت طائفة منهم المغرب وقال أبو منصور البغدادي في المقالات: عدة فرق الخوارج عشرون فرقة وقال ابن حزم: أقربهم إلى قول الحق الإباضيَّة وقد بقيت منهم بقية بالمغرب اهـ من فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة خامسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2337)
(0)(0)(حدثنا أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح الأموي المصري (أخبرنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي الأموي (عن ابن شهاب) الزهري المدني (أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) المدني رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي
ح وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْفِهْرِيُّ. قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمْنِ وَالضَّحَّاكُ الْهَمْدَانِيُّ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَال: بَينَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا. أَتَاهُ ذُو الْخُوَيصِرَةِ. وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ
ــ
مصري وفيه التحديث والإخبار والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي غرضه بسوقه بيان متابعة ابن شهاب لمحمد بن إبراهيم في رواية هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن.
(ح وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (وأحمد بن عبد الرحمن) بن وهب بن مسلم القرشي (الفهري) أبو عبيد الله المصري صدوق من (11) روى عنه في (3) أبواب تقريبًا (قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن والضحاك) بن شراحيل ويقال: ابن شرحبيل (الهمداني) المشرقي بكسر أوله وفتح ثالثه نسبة إلى مشرق بطن من همدان أو موضع باليمن أبو سعيد الكوفي مقرون مع أبي سلمة روى عن أبي سعيد الخدري في الزكاة وغيره ويروي عنه (خ م) والزهري والأعمش ذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: صدوق من الرابعة (أن أبا سعيد الخدري قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو) أي والحال أنه صلى الله عليه وسلم (يقسم) غنائم هوازن (قسمًا) بين المسلمين (أتاه) صلى الله عليه وسلم جواب بينما (ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم) وفي حديث عبد الله بن عمرو عند البزار والطبري (رجل من أهل البادية حديث عهد بأمر الله) كذا أورده البخاري في علامات النبوة من طريق شعيب عن الزهري (أتاه ذو الخويصرة) وأورد في قتل الخوارج والملحدين من طريق معمر (جاء عبد الله بن ذي الخويصرة) بزيادة الابن.
قال الشيخ بدر الدين العيني: ذو الخويصرة بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون الياء وكسر الصاد المهملة وبالراء مصغرًا الخاصرة وفي تفسير الثعلبي (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم هوازن جاءه ذو الخويصرة التميمي أصل الخوارج فقال: اعدل) قال: هذا غير ذي الخويصرة اليماني الذي بال في المسجد.
وقال ابن الأثير في كتاب الأذواء: ذو الخويصرة رجل صحابي من بني تميم وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم في قَسْم قسمه: اعدل اهـ.
ولما ذكره السهيلي عقَّبه يقوله ويذكر عن الواقدي أته حرقوص بن زهير الكعبي من
فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ! اعْدِلْ. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَيلَكَ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ". فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ! ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "دَعْهُ. فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ. وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ. يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ. لَا يُجَاوزُ تَرَاقِيَهُمْ
ــ
سعد تميم وكان لحرقوص هذا مشاهد كثيرة مشهورة محمودة في حرب العراق مع الفرس أيام عمر رضي الله عنه ثم صار خارجيًا قال: وليس ذو الخويصرة هذا هو ذا الثدية الذي قتله علي رضي الله عنه بالنهروان قال: اسمه نافع ذكره أبو داود وقيل: المعروف أن ذا الثدية اسمه حرقوص وهو الذي حمل على علي رضي الله عنه ليقتله فقتله علي رضي الله عنه اهـ فتح الملهم.
(فقال: يا رسول الله اعدل) في قسمك (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويلك ومن يعدل إن لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أعدل فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه) أي اترك هذا الرجل ولا تقتله (فإن له أصحابًا يحقر أحدكم) ويستقل (صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن) والمعنى لم يجئ وقت الحكم بقتلهم وسيجيء إذا ظهر له أصحاب على الهيئة التي ذكرت ووقع في رواية (أفلح سيخرج أناس يقولون مثل قوله) قال الحافظ: قوله صلى الله عليه وسلم (دعه فإن له أصحابًا) ظاهره أن ترك الأمر بقتله بسبب أن له أصحابًا بالصفة المذكورة وهذا لا يقتضي ترك قتله مع ما أظهره من مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم بما واجهه فيحتمل أن يكون لمصلحة التألف كما فهمه البخاري لأنه وصفهم بالمبالغة في العبادة مع إظهار الإسلام فلو أذن في قتلهم لكان ذاك تنفيرًا عن دخول غيرهم في الإسلام اهـ.
(لا يجاوز) القرآن ولا يتعدى (تراقيهم) بمثناة وقاف جمع ترقوة بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو وهي العظم الذي بين نقرة النحر والعاتق والمعنى أن قراءتهم لا يعرفها الله ولا يقبلها وقيل: لا يعلمون بالقرآن فلا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم إلا سرده.
وقال النواوي: المراد أنهم ليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم لا يصل إلى
يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ. يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ. ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ. ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ (وَهُوَ الْقِدْحُ). ثُمَّ يُنْظَرُ إِلى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيءٌ
ــ
حلقومهم فضلًا أن يصل إلى قلوبهم لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب اهـ.
(قلت) وهو مثل قوله فيهم أيضًا (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم) أي ينطقون بالشهادتين ولا يعرفونها بقلوبهم.
(يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) قال الحافظ: أي يخرجون من الإسلام بغتة كخروج السهم إذا رماه رام قوي الساعد فأصاب ما رماه فنفد منه بسرعة بحيث لا يعلق بالسهم ولا بشيء منه من المرمي شيء فإذا التمس الرامي سهمه وجده ولم يجد الذي رماه فينظر في السهم ليعرف هل أصاب أو أخطأ فإذا لم يره علق فيه شيء من الدم ولا غيره ظن أن لم يصبه والفرض أنه أصاب وإلى ذلك أشار بقوله: (سبق الفرث والدم) أي جاوزهما ولم يتعلق فيه شيء منهما بل خرجا بعده وفي حديث أنس عن أبي سعيد عند أحمد وأبي داود والطبري (لا يرجعون إلى الإسلام حتى يرتد السهم إلى فوقه)(ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة وتشديد الياء آخر الحروف على وزن غني وهو عود السهم بلا ملاحظة أن يكون له نصل وريش وفي التوضيح: وحكي فيه كسر النون (فلا يوجد فيه شيء) وفسره بقوله: (وهو) أي النضي (القدح) أي عود السهم قال ابن الأثير: القدح بكسر القاف وسكون الدال السهم الذي كانوا يستقسمون به أو الذي يرمى به عن القوس يقال للسهم أول ما يقطع قطع على وزن قدح ثم ينحت ويبرى فيسمى بريًا على زنة فعيل ثم يقوم فيسمى قدحًا ثم يراش ويركب نصله فيسمى سهمًا اهـ.
(ثم ينظر إلى قذذه) بضم القاف وبمعجمتين أولاهما مفتوحة جمع قذة بضم القاف وتشديد الذال وهو ريش السهم يقال لكل واحدة (قذة) ويقال: هو أشبه به من القذة بالقذة لأنها تجعل على مثال واحد (فلا يوجد فيه شيء) قال المازري: النصل حديدة السهم والقدح عوده والقذذ ريشه والبصيرة طريقة الدم والنضي بالنون وكسر الضاد قد فسره بالقدح والمعنى أن الرامي ينظر إلى هذه الأشياء من سهمه هل علق بها شيء من الدم فيستدل بها على إصابة الرمية اهـ.
سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ. آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ. إِحْدَى عَضُدَيهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ. أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ. يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ"
ــ
(سبق) السهم (الفرث والدم) أي قد جاوزهما ولم يعلق فيه شيء منهما والفرث اسم ما في الكرش وهو السرجين ما دام في الكرش وحاصل المعنى أنه مر سريعًا في الرمية وخرج لم يعلق به من الفرث والدم شيء فشبه خروجهم من الدين ولم يتعلقوا منه بشيء بخروج ذلك السهم (آيتهم) أي علامتهم التي تعرفونهم بها (رجل أسود) أي وجود رجل أسود فيهم وهو ذو الثدية اسمه نافع وفي الصحاح اسمه ثرملة ويقال: حرقوص وقيل: بلبول اهـ تنبيه المعلم على مبهمات مسلم.
(إحدى عضديه) أي عضدي ذلك الرجل الأسود (مثل ثدي المرأة) في كونه لحمًا بلا عظم (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل البضعة) والشك من الراوي والبضعة بفتح الباء الموحدة وسكون المعجمة القطعة من اللحم حالة كون تلك العضد (تدردر) بفتح التاء وبدالين مفتوحتين بينهما راء ساكنة أصله تتدردر من باب تفعلل من مزيد الرباعي فحذفت إحدى التاءين يعني تضطرب تجيء وتذهب والدردرة صوت إذا اندفع سمع له اختلاط قال الأبي: يأتي أن عليًّا رضي الله عنه لما وجده ووجد إحدى عضديه كالبضعة كانت تلك البضعة تمد فتمتد إلى أن تحاذى كفه الآخر ثم تترك فترجع إلى منكبه اهـ.
(يخرجون) أي يظهرون (على حين فرقة من الناس) أي في وقت افتراق واختلاف واقع بين المسلمين قال النواوي: ضبطوه في الصحيح بوجهين: أحدهما: حين فرقة بحاء مهملة مكسورة ونون وفرقة بضم الفاء أي في وقت افتراق الناس أي في وقت افتراق واختلاف يقع بين المسلمين وهو الافتراق الذي كان بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما والثاني خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة وراء وفرقة بكسر الفاء أي يفتاتون على أفضل الفرقتين اختلفا وهم فرقة علي رضي الله عنه والأول أكثر وأشهر ويؤيده الرواية التي بعد هذه يخرجون في فرقة من الناس فإنه بضم الفاء بلا خلاف ومعناه ظاهر.
وقال القاضي: على رواية الخاء المعجمة: المراد خير القرون وهم الصدر الأول قال أو يكون المراد عليًّا رضي الله عنه وأصحابه فعليه كان خروجهم حقيقة لأنه كان الإمام حينئذ وفيه حجة لأهل السنة إن عليًّا رضي الله عنه كان مصيبًا في قتاله والآخرون
قَال أَبُو سَعِيدٍ: وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ. فَأَمَرَ بِذلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ. فَوُجِدَ. فَأُتِيَ بِهِ. حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيهِ، عَلَى نَعْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي نَعَتَ
ــ
بغاة لا سيما مع قوله صلى الله عليه وسلم (يقتلهم أولى الطائفتين بالحق) وعلي وأصحابه الذين قتلوهم وفي هذا الحديث معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أخبر بهذا وجرى كله كفلق الصبح ويتضمن بقاء الأمة بعده صلى الله عليه وسلم وأن لهم شوكة وقوة خلاف ما كان المبطلون يشيعونه وأنهم يفترقون فرقتين وأنه يخرج عليه طائفة مارقة وأنهم يشددون في الدين في غير موضع التشديد ويبالغون في الصلاة والقراءة ولا يقومون بحقوق الإسلام بل يمرقون منه وأنهم يقاتلون أهل الحق وأن أهل الحق يقتلونهم وأن فيهم رجلًا صفة يده كذا وكذا فهذه أنواع من المعجزات جرت كلها ولله الحمد اهـ.
(قال أبو سعيد) الخدري بالسند السابق: (وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم) أي قاتل أولئك الأقوام الخوارج (وأنا) أي والحال أني (معه) أي مع علي في ذلك القتال (فأمر) علي رضي الله عنه (بذلك الرجل) أي بالتماس ذلك الرجل وطلبه في القتلى (فالتمس) ذلك الرجل وطلب في قتلاهم (فوجد) ذلك الأسود (فأُتي به) إلى علي رضي الله عنه ونظر علي والناس إليه (حتى) أنا (نظرت إليه) أي إلى ذلك الرجل الأسود حالة كونه مشتملًا (على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه (الذي نعت) ووصف به ذلك الرجل.
قوله: (وأن عليًّا قاتلهم) في رواية أفلح بن عبد الله (وحضرت مع علي يوم قتلهم بالنهروان) ونسبة قتلهم إلى علي رضي الله عنه لكونه كان القائد في ذلك.
قوله: (فأمر بذلك الرجل) إلخ أي بالرجل الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه (رجل أسود إحدى عضديه إلخ) وقد علم عند البلغاء أن النكرة إذا أعيدت معرفة تكون عين الأولى وهو ذو الثدية بفتح الثاء المثلثة مكبرًا وبضمها مصغرًا كذا قال العيني رحمه الله.
قوله: (فالتمس) على صيغة المجهول أي طلب (فأُتي به) إلخ بذلك الرجل الذي يقال له: ذو الثدية وقال الحافظ رحمه الله في علامات النبوة: فأُتي به أي بذي الخويصرة وذكر في باب قتل الخوارج ما يشعر بخلاف ذلك والله أعلم بالصواب.
قوله: (على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت) أي على وصفه الذي
(2338)
(0)(0) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيمَانَ. عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ قَوْمًا يَكُونُونَ فِي أُمَّتِهِ. يَخْرُجُونَ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. سِيمَاهُمُ التَّحَالُقُ
ــ
وصفه به والفرق بين الصفة والنعت هو أن النعت يكون بالجِبِلَّة نحو الطويل والقصير والصفة بالأفعال نحو خارج وضارب وقيل: النعت ما كان لشيء خاص كالعرج والعور والعمى لأن ذلك يخص موضعًا من الجسد والصفة ما لا يكون لشيء مخصوص كالعظيم والكريم فلذلك قال أبو سعيد هنا: على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فافهم فإن فيه دقة كذا في عمدة القاري اهـ فتح الملهم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله المتابعة سادسًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2338)
(0)(0)(وحدثني محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا) محمد بن إبراهيم (بن أبي عدي) السلمي البصري (عن سليمان) بن طرخان التيمي أبي المعتمر البصري ثقة من (4)(عن أبي نضرة) المنذر بن مالك بن قطعة العبدي البصري ثقة من (3)(عن أبي سعيد) الخدري.
وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلا أبا سعيد غرضه بسوقه بيان متابعة أبي نضرة لمن روى عن أبي سعيد الخدري.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قومًا) من الخوارج سـ (ـيكونون) أي يوجدون (في أمته) دل على أنهم ليسوا من الأمة (يخرجون) على المسلمين (في فرقة من الناس) بضم الفاء أي في وقت افتراق يقع بين المسلمين قد مر ما فيه من الضبطين آنفًا عن النواوي (سيماهم التحالق) السيما: العلامة وفيها ثلاث لغات: القصر وهو الأفصح وبه جاء القرآن والمد والثالثة السيمياء بزيادة ياء مع المد لا غير والمراد بالتحالق حلق الرأس وفي الرواية الأخرى (التحلق) واستدل به بعض الناس على كراهة حلق الرأس ولا دلالة فيه وإنما هو علامة لهم في ذلك الوقت والعلامة قد تكون بحرام وقد تكون بمباح كما قال صلى الله عليه وسلم (آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة) ومعلوم أن هذا ليس بحرام وقد ثبت في سنن أبي داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى صبيًّا قد حلق بعض رأسه فقال (احلق كله أو
قَال: "هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ (أَوْ مِنْ أَشَرِّ الخَلْقِ). يَقْتُلُهُمْ أَدْنَى الطَّائِفَتَينِ إِلَى الْحَقِّ". قَال: فَضَرَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ مَثَلًا. أَوْ قَال
ــ
اتركه) وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلًا قال أصحابنا: حلق الرأس جائز بكل حال لكن إن شق عليه تعهده بالدهن والتسريح استحب حلقه وإن لم يشق استحب تركه وقد ورد في كتاب التوحيد من صحيح البخاري سيماهم التحليق أو قال: التسبيد وهو بالمهملة والموحدة بمعنى التحليق وقيل: أبلغ منه وهو بمعنى الاستئصال قال الكرماني: فيه إشكال وهو أنه يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة فيستلزم أن كل من كان محلوق الرأس فهو من الخوارج والأمر بخلاف ذلك اتفاقًا ثم أجاب بأن السلف كانوا لا يحلقون رؤوسهم إلا للنسك أو في الحاجة والخوارج اتخذوه ديدنًا فصار شعارًا لهم وعرفوا به يعني بالمبالغة في التحليق اهـ فتح الملهم.
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هم) أي أولئك القوم (شر الخلق أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أشر الخلق) والشك من الراوي أو ممن بعده هكذا هو في كل النسخ (أو من أشر) بالألف وهي لغة قليلة والمشهور: شر بغير ألف وفي هذا اللفظ دلالة لمن قال بتكفيرهم وتأوله الجمهور أي شر المسلمين كذا.
قال النواوي: وفي صحيح البخاري (وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) وفي حديث عبد الله بن خباب يعني عن أبيه عند الطبراني (شر قتلى أظلتهم السماء وأقلتهم الأرض) وفي حديث أبي ذر الآتي في الباب (شر الخلق والخليقة) قال الحافظ: وهذا مما يؤيد قول من قال بكفرهم (يقتلهم) أي يقتل أولئك الخوارج (أدنى الطائفتين) أي أقرب الطائفتين (إلى الحق) كما هو الرواية في آخر الباب والرواية التالية (أولى الطائفتين بالحق) قال النواوي: هذه الروايات صريحة في أن عليًّا رضي الله عنه كان هو المصيب للحق والطائفة الأخرى أصحاب معاوية رضي الله عنه كانوا بغاة متأولين وفيه التصريح بأن الطائفتين مؤمنون لا يخرجون بالقتال عن الإيمان ولا يفسقون وهذا مذهبنا ومذهب موافقينا اهـ.
وقال الأبي: كان الشيخ يقول: الصحبة حصنت على معاوية يعني في وجوب التأويل عنه بأنه مجتهد (قال) أبو سعيد: (فضرب) أي جعل وبين (النبي صلى الله عليه وسلم لهم) أي لهؤلاء القوم (مثلًا) أي شبهًا هو الرمية (أو) قال أبو سعيد (قال) النبي
قَوْلًا: "الرَّجُلُ يَرْمِي الرَّمِيَّةَ (أَوْ قَال: الْغَرَضَ) فَيَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً. وَيَنْظُرُ فِي النَّضِيِّ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً. وَيَنْظُرُ فِي الْفُوقِ فَلَا يَرَى بَصِيرَةً".
قَال: قَال أَبُو سَعِيدٍ: وَأَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُمْ. يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ!
(2339)
(0)(0) حدَّثنا شَيبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ (وَهُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ) حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
ــ
صلى الله عليه وسلم فيهم (قولًا) من المثل والشك من أبي نضرة وذلك المثل ما بينه بقوله: (الرجل يرمي الرمية) أي الصيد قال أبو سعيد (أو قال) النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يرمي (الغرض) أي الهدف بدل الرمية والغرض بالغين المعجمة الهدف الذي يرمى إليه لتعلم الرمي وهو هنا بمعنى الرمية (فينظر) الرجل الرامي (في النصل) أي في نصل السهم أي حديدته (فلا يرى) فيه (بصيرة) أي حجة يحتج به على إصابته الرمية يعني شيئًا من الدم يستدل به على إصابته الرمية (وينظر في النضي) أي في عود السهم بلا نصل ولا ريش (فلا يرى) فيه (بصيرة) أي دمًا (وينظر في الفوق) أي في الحز الذي يجعل فيه الوتر (فلا يرى) فيه (بصيرة) أي علامة الإصابة التي هي الفرث والدم (قال) أبو نضرة: (قال أبو سعيد: وأنتم قتلتموهم) أي قتلتم أولئك القوم (يا أهل العراق) مع علي رضي الله عنه.
ثم ذكر المؤلف المتابعة سابعًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2339)
(0)(0)(حدثنا شيبان بن فروخ) الحبطي مولاهم أبو محمد الأيلي صدوق من (9)(حدثنا القاسم وهو ابن الفضل) بن معدان بن قريط الأزدي (الحداني) بضم المهملة الأولى وفتح الثانية المشددة نسبة إلى بني حدان ولم يكن من أنفسهم بل كان نازلًا فيهم وهو من بني الحارث بن مالك أبوالمغيرة البصري روى عن أبي نضرة في الزكاة وثمامة بن حزن القشيري في الأشربة ومحمد بن زياد في الفتن وقتادة وابن سيرين ويروي عنه (م عم) وشيبان بن فروخ ويونس المؤدب ووكيع وابن مهدي وثقه القطان وأحمد وابن سعد والنسائي وابن معين والترمذي وقال في التقريب: ثقة من السابعة رمى بالإرجاء مات سنة (167) سبع وستين ومائة (حدثنا أبو نضرة) المنذر بن مالك العبدي البصري ثقة من (3)(عن أبي سعيد الخدري).
وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد مدني وواحد أبلي غرضه
قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطائِفَتَينِ بِالْحَقِّ".
(2340)
(0)(0) حدَّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ وَقُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. قَال قُتَيبَةُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي فِرْقَتَانِ. فَيَخْرُجُ مِنْ بَينِهِمَا مَارِقَةٌ
ــ
بيان متابعة القاسم بن الفضل لسليمان بن طرخان في رواية هذا الحديث عن أبي نضرة.
(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تمرق) أي تخرج وتظهر (مارقة) أي طائفة مارقة أي خارجة عن الدين مروق السهم من الرمية (عند فرقة) أي عند وقوع افتراق واختلاف (من المسلمين يقتلها) أي يقتل تلك المارقة (أولى الطائفتين) أي أجدر الطائفتين (بالحق) أي باتباع الحق وهم علي وأصحابه رضي الله عنه.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثامنًا في حديث أبي سعيد فقال:
(2340)
(0)(0)(حدثنا أبو الربيع) سليمان بن داود (الزهراني) البصري (وقتيبة بن سعيد) بن جميل الثقفي البلخي (قال قتيبة: حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي ثقة من (7)(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (عن أبي نضرة) العبدي البصري (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم بصريون وواحد مدني وواحد واسطي غرضه بيان متابعة أبي عوانة للقاسم بن الفضل في رواية هذا الحديث عن أبي نضرة.
(قال) أبو سعيد: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سـ (ـيكون) أي سيوجد (في أمتي فرقتان) أي طائفتان مفترقتان في الرأي والاجتهاد إشارة إلى فرقة علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما (فيخرج من بينهما) أي من بين الفرقتين طائفة (مارقة) أي خارجة عن الدين (فإن قلت) قوله: فرقتان يقتضي أن تكون المارقة خارجة منهما معًا قلت: هذا كقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} قال في الكشاف لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه وتقول خرجت من البلدة وإنما خرجت من محلة من محاله من دار
يَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلاهُمْ بِالْحَقِّ".
(2341)
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى. حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"تَمْرُقُ مَارِقَةٌ فِي فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ. فَيَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَينِ بِالْحَقِّ".
(2342)
(0)(0) حدّثني عُبَيدُ اللهِ الْقَوَارِيرِيُّ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيرِ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ الْمِشْرَقِيِّ،
ــ
واحدة من دوره وجملة قوله: (يلي قتلهم) أي يتولى قتل تلك المارقة ويباشره (أولاهم) أي أولى أمتي (بالحق) أي بنصره أي يباشر قتلهم من هو أولى الأمة بالحق صفة لمارقة أي أولى أمتي وأقربهم بالصواب وهو إشارة إلى علي رضي الله عنه فإنه هو الذي قتلهم حتى تفرقوا ببلاد حضرموت والبحرين ذكره ابن الملك.
ثم ذكر المؤلف المتابعة تاسعًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:
(2341)
(0)(0)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري (حدثنا عبد الأعلى) ابن عبد الأعلى السامي البصري ثقة من (8)(حدثنا داود) بن أبي هند دينار القشيري أبو بكر المصري أو البصري ثقة من (5)(عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة داود بن أبي هند لأبي عوانة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تمرق مارقة في فرقة من الناس) أي في وقت افتراق واختلاف واقع بين المسلمين يعني افتراق علي ومعاوية في الرأي والاجتهاد (فيلي) أي يتولى ويباشر (قتلهم) أي قتل تلك الطائفة المارقة (أولى الطائفتين بالحق) أي أقربهم إلى الصواب.
ثم ذكر المؤلف المتابعة عاشرًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال:
(2342)
(0)(0)(حدثني عبيد الله) بن عمر (القواريري) أبو شعيب البصري (حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير) بن عمرو بن درهم الأسدي الزبيري مولاهم أبو أحمد الكوفي ثقة من (9)(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ثقة من (7)(عن حبيب بن أبي ثابت) قيس الأسدي مولاهم أبي يحيى الكوفي ثقة من (3)(عن الضحاك) بن شراحيل الهمداني (المشرقي) قال النواوي: بكسر الميم وإسكان الشين المعجمة وفتح الراء وكسر القاف وهذا هو الصواب الذي ذكره أصحاب المؤتلف
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فِي حَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ "قَوْمًا يَخْرُجُونَ عَلَى فُرْقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ. يَقْتُلُهُمْ أَقْرَبُ الطَّائِفَتَينِ إِلَى الْحَقِّ"
ــ
والمختلف وأصحاب الأسماء والتواريخ ونقل القاضي عياض عن بعضهم أنه ضبطه بفتح الميم وكسر الراء قال: وهو تصحيف كما قال واتفقوا على أنه منسوب إلى مشرق بكسر الميم وفتح الراء بطن من همدان وهو الضحاك الهمداني الكوفي المذكور في الرواية السابقة من رواية حرملة وأحمد بن عبد الرحمن صدوق من (4).
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم كوفيون وواحد مدني وواحد بصري غرضه بيان متابعة الضحاك لأبي نضرة في الرواية عن أبي سعيد الخدري.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر فيه) النبي صلى الله عليه وسلم (قومًا يخرجون على فرقة مختلفة) قال النواوي: هنا ضبطوه بكسر الفاء وضمها أي يظهرون في وقت افتراق فرق مختلفة في الرأي والاجتهاد أو يظهرون حين خروج فرقة مخالفة لأهل العدل يعني فرقة معاوية لأنهم خالفوا أهل العدل الذين هم علي وأصحابه وجملة قوله: (يقتلهم) صفة ثانية لقومًا (أقرب الطائفتين) من المسلمين (إلى الحق) والصواب وهم علي وأصحابه والله سبحانه وتعالى أعلم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان:
الأول: حديث جابر بن عبد الله ذكره للاستدلال به على الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستشهاد به لحديث جابر مع بيان أصل الخوارج وصفاتهم وذكر فيه عشر متابعات والله أعلم.
***