المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدا - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين

- ‌423 - (41) باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه وأن كل معروف صدقة

- ‌424 - (42) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك والأمر بالمبادرة إلى الصدقة قبل فوتها وعدم قبولها إلا من الكسب الطيب وتربيتها عند الرحمن

- ‌425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة

- ‌426 - (44) باب النهي عن لمز المتصدق والترغيب في صدقة المنيحة وبيان مثل المتصدق والبخيل وقبول الصدقة وإن وقعت في يد غير مستحق

- ‌427 - (45) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تنفق من طعام بيتها والعبد من مال سيده

- ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

- ‌429 - (47) باب النهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها وأي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة

- ‌431 - (49) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير سؤال ولا استشراف وكراهة الحرص على المال والعمر

- ‌432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة

- ‌433 - (51) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة وإعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه

- ‌434 - (52) باب وجوب الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى وكفر من نسب إليه جورًا وذكر الخوارج

- ‌(تتمة)

- ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

- ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

- ‌437 (55) باب الصدقة إذا بلغت محلها جاز لمن كان قد حرمت عليه أن يأكل منها وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة ودعاء المصدِّق لمن جاء بصدقته والوصاة بإرضاء المصدِّق

- ‌ كتاب الصيام

- ‌438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا

- ‌439 - (57) باب النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وأن الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

- ‌441 - (59) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وبيان الفجر الَّذي يتعلق به الأحكام

- ‌442 - (60) باب الحث على السحور واستحباب تأخيره وتعجيل الإفطار وبيان وقت إفطار الصائم

- ‌443 - (61) باب النهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة للصائم

- ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

الفصل: ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدا

‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

(2469)

(1075) - (225) حدّثني محمد بْنُ حَاتِم. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ. ح وَحَدَّثَنِي محمد بْنُ رَافِعٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ) حَدَّثَنَا عَبد الرَّزاقِ بْنُ هَمَّامٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَني عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحْمنِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، قَال: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيرَةَ رضي الله عنه يَقُصُّ، يَقُولُ في قَصَصِهِ: مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلَا يَصُمْ

ــ

444 -

(62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

(2469)

(1075)(225)(حدثني محمَّد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ القطان التميمي البصري ثقة من (9)(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (بن جريج) الأموي المكي (ح وحدثني محمَّد بن رافع) القشيري النيسابوري ثقة من (11)(واللفظ له حدثنا عبد الرزاق بن همام) بن نافع الحميري الصنعاني ثقة من (9)(أخبرنا ابن جريج أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي المدني ثقة من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن) أبيه (أبي بكر) محمَّد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي المخزومي المدني ثقة فقيه عابد من (3) روى عنه في (6) أبواب (قال) أبو بكر: (سمعت أبا هريرة رضي الله عنه حالة كونه (يقص) القصص ويخبر الأخبار.

وهذان السندان من سداسياته: الأول منهما رجاله ثلاثة مدنيون وواحد مكي وواحد بصري وواحد بغدادي والثاني منهما رجاله ثلاثة مدنيون وواحد مكي وواحد صنعاني وواحد نيسابوري.

(يقول) أبو هريرة (في قصصه) بفتح القاف وكسرها قال في مجمع البحار القص البيان والقصص بالفتح الاسم وبالكسر جمع قصة (من أدركه الفجر) الصادق لأنه إذا أطلق انصرف إليه حالة كونه (جنبًا) أي محدثًا حدثًا أكبر (فلا يصم) أي فلا يمسك عن المفطرات بنية الصوم لأنه لا يصح صومه لعدم طهارته أول النهار وفي بعض الروايات أفطر ذلك اليوم قال القرطبي: هذه الفتيا من أبي هريرة هو قوله الأول ثم رجع عنه.

ص: 429

فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ الْحَارِثِ (لأَبِيهِ) فَأنْكَرَ ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ. حَتى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله تَعَالى عنهما. فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمنِ عَنْ ذلِكَ. قَال: فَكِلْتَاهُمَا قَالتْ: كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُصْبحُ

ــ

وقد اختلف في ذلك فروي عن الحسن بن صالح مثل قول أبي هريرة وعن الحسن والنخعي لا يجزئه إذا أصبح عالمًا بجنابته وإن لم يعلم أجزأه وروي عن الحسن والنخعي لا يجزئه في الفرض ويجزئه في النفل وروي عن الحسنين يصومه ويقضيه ومذهب الجمهور وهو الصحيح الأخذ بحديث أم سلمة وحديثي عائشة الآتيين ومقتضاها أن صوم الجنب صحيح وهو الذي يفهم من ضرورة قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} فإنه لما مد إباحة الجماع إلى طلوع الفجر فبالضرورة يعلم أن الفجر يطلع عليه وهو جنب وإنما يتأتى الغسل بعد الفجر وفي معنى هذه المسألة الحائض تطهر قبل الفجر وتترك التطهر حتى تصبح فجمهورهم على وجوب تمام الصوم عليها وإجزائه سواء تركته عمدًا أو سهوًا وشذ محمَّد بن مسلمة فقال: لا يجزئها وعليه القضاء والكفارة وهذا في المفرطة المتوانية فأما التي رأت الطهر فبادرت فطلع الفجر قبل تمامه فقد قال مالك: هي كمن طلع عليها وهي حائض يومها يوم فطر وقاله عبد الملك وقد ذكر بعضهم قول عبد الملك هذا في المتوانية وهو أبعد من قول ابن مسلمة اهـ من المفهم.

قال أبو بكر: (فذكرت ذلك) الكلام الذي سمعته من أبي هريرة وأخبرته (لـ) ـأبي ووالدي (عبد الرحمن بن الحارث) وقوله: (لأبيه) من كلام الراوي فهو بدل من قوله لعبد الرحمن مع إعادة الجار والمعنى ذكر ذلك أبو بكر لأبيه عبد الرحمن بن الحارث (فأنكر) والدي عبد الرحمن (ذلك) الكلام الذي أخبرته عن أبي هريرة (فانطلق) أي ذهب والدي (عبد الرحمن) إلى حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر: (وانطلقت) أنا أي ذهبت أنا (معه) أي مع والدي عبد الرحمن إلى حجرهن فوصلنا إليها (حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة) رضي الله تعالى عنهما (فسألهما) والدي (عبد الرحمن عن ذلك) أي عما قال أبو هريرة (قال) أبو بكر: (فكلتاهما) أي فكل من عائشة وأم سلمة (قالت) لوالدي عبد الرحمن (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح) أي يدخل

ص: 430

جُنُبًا مِنْ غَيرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ. قَال: فَانْطَلَقنَا حَتى دَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ. فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمنِ. فَقَال مَرْوَانُ: عَزَمْتُ عَلَيكَ إلا مَا ذَهَبْتَ

ــ

في الصباح حالة كونه (جنبًا) أي ذا جنابة وحدث أكبر من جماع أهله (من غير حلم) أي من غير احتلام هو بضم الحاء وبضم اللام وبإسكانها كما في النواوي يعني أنه يصبح جنبًا من جماع لا من احتلام وهو ما يراه النائم في النوم من صورة المرأة لامتناع الاحتلام في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنه تسويل من الشيطان فهم معصومون منه فهو قريب من معنى قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيرِ حَقٍّ} ومعلوم أن قتلهم لا يكون بحق (ثم يصوم) معطوف على يصبح أي ثم يستمر صائمًا ولا يفطر قال الحافظ: وحديث عائشة وأم سلمة في ذلك جاءا عنهما من طرق كثيرة جدًّا بمعنى واحد حتى قال ابن عبد البر: إنه صح وتواتر.

قال القرطبي: وفي هذا الحديث فائدتان إحداهما: أنه كان يجامع في رمضان ويؤخر الغسل إلى بعد طلوع الفجر بيانًا للجواز والثاني: أن ذلك كان من جماع لا من احتلام لأنه كان لا يحتلم إذ الاحتلام من الشيطان وهو معصوم منه وقال غيره: في قولها: (من غير احتلام) إشارة إلى جواز الاحتلام عليه وإلا لما كان للاستثناء معنى ورده بأن الاحتلام من الشيطان وهو معصوم منه وأجيب بأن الاحتلام يطلق على الإنزال وقد يقع الإنزال بغير رؤية شيء في المنام وأرادت بالتقييد بالجماع المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر وإذا كان فاعل ذلك عمدًا لا يفطر فالذي ينسى الاغتسال أو ينام عنه أولى بذلك قال ابن دقيق العيد: لما كان الاحتلام يأتي للمرء على غير اختياره فقد يتمسك به من يرخص لغير المتعمد الجماع فبين في هذا الحديث أن ذلك كان من جماع لإزالة هذا الاحتمال اهـ.

(قال) أبو بكر: (فانطلقنا) أي انطلقت أنا وأبو عبد الرحمن من عند عائشة وأم سلمة (حتى دخلنا على مروان) بن الحكم بن أبي العاص بن أمية أبي عبد الملك الأموي المدني ولى الخلافة في آخر سنة (64) أربع وستين ومات سنة خمس في رمضان وله ثلاث أو إحدى وستون سنة لا تثبت له صحبة من الثانية قال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم في الحديث اهـ من التقريب ومروان يومئذ أمير على المدينة من جهة معاوية (فذكر ذلك) الكلام الذي قاله أبو هريرة وقالته عائشة وأم سلمة (له) أي لمروان والدي (عبد الرحمن) بن الحارث (فقال مروان) لعبد الرحمن: (عزمت عليك إلا ما ذهبت) أي

ص: 431

إلى أَبِي هُرَيرَةَ، فَرَدَدْتَ عَلَيهِ مَا يَقُول. قَال: فَجِئْنَا أَبَا هُرَيرَةَ. وَأَبُو بَكْرٍ حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ. قَال: فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرحْمنِ. فَقَال أَبُو هُرَيرَةَ: أَهُمَا قَالتَاهُ لَكَ؟ قَال: نَعَمْ. قَال: هُمَا أَعْلَمُ.

ثُمّ ردَّ أَبُو هُرَيرَةَ مَا كَانَ يَقُول في ذلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَباسِ. فَقَال أَبُو هُرَيرَةَ: سَمِعْتُ

ــ

أقسمت عليك وما أقبل منك إلا ذهابك (إلى أبي هريرة فرددت) وأنكرت (عليه ما يقول) في الجنب الصائم الذي أدركه الفجر من عدم صحة صومه وفي فتح الملهم: قوله: (عزمت عليك) إلخ أي أمرتك أمرًا جازمًا عزيمة متحتمة وأمر ولاة الأمور تجب طاعته في غير معصية وبين أبو حازم عن عبد الملك بن أبي بكر عن أبيه سبب تشديد مروان في ذلك فعند النسائي من هذا الوجه قال: كنت عند مروان مع عبد الرحمن فذكروا قول أبي هريرة فقال: اذهب فاسأل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذهبنا إلى عائشة فقالت: يا عبد الرحمن أما لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فذكرت الحديث ثم أتينا أم سلمة كذلك ثم أتينا مروان فاشتد عليه اختلافهم تخوفًا أن يكون أبو هريرة يحدث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروان لعبد الرحمن: عزمت عليك لما أتيته فحدثته قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد دخول العلماء على الأمراء ومذاكرتهم إياهم بالعلم وفيه فضيلة لمروان بن الحكم لما يدل عليه الحديث من اهتمامه بالعلم ومسائل الدين اهـ.

(قال) عبد الرحمن: (فجئنا أبا هريرة) قال عبد الملك: (و) والدي (أبو بكر حاضر ذلك) القصص المذكور (كله) مع والده عبد الرحمن (قال) أبو بكر: (فذكر له) أي لأبي هريرة (عبد الرحمن) ما قالت عائشة وأم سلمة (فقال أبو هريرة) لعبد الرحمن: (أهما) أي هل عائشة وأم سلمة (قالتاه) أي قالتا ذلك الحديث الذي حدثته عنهما (لك) يا عبد الرحمن (قال) عبد الرحمن: (نعم) قالتاه (قال) أبو هريرة: إذًا (هما) أي عائشة وأم سلمة (أعلم) مني وهذا يدل على رجوعه عن قوله الأول وقد صرح بالرجوع في آخر الحديث اهـ من المفهم.

(ثم رد) وأحال (أبو هريرة ما كان يقول في ذلك) أي في الجنب الذي أدركه الفجر (إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة) معطوف على قوله ثم رد عطفًا تفسيريًّا: (سمعت

ص: 432

ذلِكَ مِنَ الْفَضْلِ. وَلَمَ أَسْمَعْهُ مِنَ النبِي صلى الله عليه وسلم.

قَال: فَرَجَعَ أَبُو هُرَيرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ في ذلِكَ. قَال: قُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: أَقَالتَا: في رَمَضَانَ؟ قَال: كَذَلِكَ. كَانَ يُصْبحُ جُنُبًا مِنْ غَيرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ

ــ

ذلك) الذي قلته (من الفضل) بن عباس (ولم أسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وفيه استعمال السلف من الصحابة والتابعين الإرسال عن العدول من غير نكير بينهم لأن أبا هريرة اعترف بأنه لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان يمكنه أن يرويه عنه بلا واسطة وإنما بينها لما وقع من الاختلاف قاله الحافظ فتأمل اهـ.

(قال) عبد الرحمن: (فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك) أي في الجنب الذي أدركه الفجر.

قوله: (فرجع أبو هريرة) إلخ قال العلماء: رجوعه إما لرجحان رواية أمّي المؤمنين في جواز ذلك صريحًا على رواية غيرهما مع ما في رواية غيرهما من الاحتمال إذ يمكن أن يحمل الأمر على الاستحباب في غير الفرض وكذا النهي عن صوم ذلك اليوم وإما لاعتقاده أن يكون خبر أمّي المؤمنين ناسخًا لخبر غيرهما وقد بقي على ما قاله أبو هريرة بعض التابعين كانقله الترمذي ثم ارتفع ذلك الخلاف واستقر الإجماع على خلافه كما جزم به النواوي وأما ابن دقيق العيد فقال: صار ذلك إجماعًا أو كالإجماع وذكر ابن خزيمة أن بعض العلماء توهم أن أبا هريرة غلط في هذا الحديث ثم رد عليه بأنه لم يغلط بل أحال على رواية صادق إلا أن الخبر منسوخ لأن الله تعالى عند ابتداء فرض الصيام كان منع في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع بعد النوم فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذ ثم أباح الله تعالى ذلك كله إلى طلوع الفجر فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر فدل على أن حديث عائشة ناسخ لحديث الفضل ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ فاستمر أبو هريرة على الفتيا به ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه اهـ من فتح الملهم.

(قال) ابن جريج: (قلت لعبد الملك) بن أبي بكر: (أقالتا) أي هل قالت عائشة وأم سلمة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا (في رمضان) ثم يصوم (قال) عبد الملك: (كذلك) أي في رمضان (كان يصبح جنبًا من غير حلم ثم يصوم) وقوله: (ثم رده إلى الفضل) يعني بذلك أنه سمعه من الفضل كما قد نص عليه وفي النسائي أنه سمعه من

ص: 433

(2470)

(0)(0). وحدّثني حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيرِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحْمنِ؛ أَن عَائِشَةَ زَوْجَ النبي صلى الله عليه وسلم قَالتْ: قَدْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ في رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ، مِنْ غَيرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيصُومُ

ــ

أسامة بن زيد وهذا محمول على أنه سمعه منهما وحديث الفضل وأسامة كان متقدمًا على حديث عائشة وأم سلمة قال بعض العلماء: كان ذلك في أول الإِسلام في الوقت الذي كان الحكم فيه أن الصائم إذا نام حرم عليه الأكل والشرب والنكاح ثم رخص له في ذلك إلى طلوع الفجر كما جاء في البخاري من حديث البراء بن عازب في قصة قيس بن صرمة وعلى الجملة فذلك الحكم متروك عند الجمهور بظاهر القرآن وبصحيح الأحاديث والخلاف فيه من قبيل الشاذ المتقدم اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (1925).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في خصوص حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

(2470)

(0)(0)(وحدثني حرملة بن يحيى) التجيبي المصري (أخبرنا) عبد الله (ابن وهب) المصري (أخبرني يونس) بن يزيد الأموي الأيلي (عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث المخزومي المدني (أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة ابن شهاب لعبد الملك في رواية هذا الحديث عن أبي بكر بن عبد الرحمن.

(قالت) أي عائشة: (قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر في رمضان) أي يطلع (وهو جنب فيغتسل ويصوم) أي يستمر صائمًا.

وشارك المؤلف في هذه الرواية أحمد (6/ 289) والبخاري (1926) والترمذي (779).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في خصوص حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها فقال:

ص: 434

(2471)

(0)(0) حدّثني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيلِي. حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ) عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ كَعْبٍ الْحِمْيَرِيِّ؛ أَن أَبَا بَكْرٍ حدَّثهُ؛ أَن مَرْوَانَ أَرْسَلَهُ إلى أمِّ سَلَمَةَ رضي الله تَعَالى عنها، يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ يُصْبحُ جُنُبًا. أَيَصُومُ؟ فَقَالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصْبحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، لَا مِنْ حُلُمٍ، ثُمَّ لَا يُفْطِرُ وَلَا يَقْضِي.

(2472)

(0)(0) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، زَوْجَيِ النبِي صلى الله عليه وسلم؛

ــ

(2471)

(0)(0)(حدثني هارون بن سعيد) بن الهيثم التميمي (الأيلي حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو وهو ابن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري (عن عبد ربه) بن سعيد الأنصاري المدني (عن عبد الله بن كعب الحميري) الأموي مولاهم المدني (أن أبا بكر) بن عبد الرحمن (حدثه) أي حدث لعبد الله بن كعب (أن مروان أرسله) أي أرسل أبا بكر (إلى أم سلمة رضي الله تعالى عنها) حالة كون أبي بكر (يسألـ) بها (عن الرجل يصبح جنبًا أيصوم فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من جماع لا من حلم ثم لا يفطر) بقية يومه (ولا يقضي) صوم ذلك اليوم لكونه صومًا صحيحًا لا خلل فيه وفي معنى الجنب الحائض والنفساء إذا انقطع دمها ليلًا ثم طلع الفجر قبل اغتسالها قال النواوي في شرح مسلم: مذهب العلماء كافة صحة صومها إلا ما حُكي عن بعض السلف مما لا نعلم أصح عنه أم لا اهـ.

وسند هذا الحديث من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان مصريان وواحد أيلي غرضه بيان متابعة عبد الله بن كعب لعبد الملك في رواية هذا الحديث عن أبي بكر.

ثم ذكر المؤلف المتابعة في مجموع حديثهما فقال:

(2472)

(0)(0)(حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك) بن المغيرة المخزومي المدني (عن عبد ربه بن سعيد) المدني (عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المدني (عن عائشة وأم سلمة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهما.

ص: 435

أنَّهمَا قَالتَا: إِنْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيُصْبحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، غَيرِ احْتِلامٍ، في رَمَضَانَ، ثُمّ يَصُومُ.

(2473)

(0)(0) حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ. قَال ابْنُ أيوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ (وَهُوَ ابْنُ مَعْمَرِ بْنِ حَزْمٍ الأنصَارِي أَبُو طُوَالةَ)

ــ

وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا يحيى بن يحيى غرضه بيان متابعة عبد ربه لعبد الملك في رواية هذا الحديث عن أبي بكر.

(أنهما قالتا: إن) مخففة من الثقيلة بدليل ذكر اللام الفارقة بعدها واسمها ضمير الشأن محذوف تقديره: إنه أي إن الشأن والحال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصبح جنبًا) أي ليكون جنبًا في الصباح جنابة (من جماع) قال المجد: وحيث وجدت إن بعدها لام مفتوحة فاحكم بأن أصلها التشديد اهـ.

وقوله: (غير احتلام) صفة لازمة لجماع قصد بها المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدًا يفطر وإذا كان كذلك فناسي الاغتسال والنائم عنه أولى بذلك اهـ زرقاني في شرحه على الموطإ.

وقوله: (في رمضان) متعلق بقوله (ليصبح) أي إن كان ليصبح جنبًا في رمضان (ثم يصوم) أي يستمر صائمًا.

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما بحديث آخر لعائشة فقال:

(2473)

(1076)(226)(حدثنا يحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل بن جعفر) بن كثير الزرقي المدني ثقة من (8)(أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن وهو) أي عبد الرحمن أتى بهو إشارة إلى أنه مما زاده على شيخه كما هو من اصطلاحاته (ابن معمر بن حزم) بن زيد بن لوذان (الأنصاري) النجاري (أبو طوالة) بضم الطاء وفتح الواو المدني قاضيها روى عن أبي يونس مولى عائشة في الصوم وأنس بن مالك في الجهاد والأطعمة والفضائل وأبي الحباب سعيد بن يسار في الصلاة وابن المسيب وعامر بن سعد ويروي عنه (ع) وإسماعيل بن جعفر وسليمان بن بلال وعبد العزيز الدراوردي

ص: 436

أَن أَبَا يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تَعَالى عنها؛ أَن رَجُلا جَاءَ إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ، وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ، فَقَال: يَا رَسُولَ الله! تُدْرِكُنِي الصلاة وَأنَا جُنُبْ. أَفَأصُومُ؟ فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصلاة وَأَنَا جُنُبٌ، فَأَصُومُ" فَقَال: لَسْتَ مِثْلَنَا. يَا رَسُولَ الله! قَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخرَ

ــ

ومالك بن أنس ويحيى بن سعيد الأنصاري والأوزاعي وغيرهم وثقه أحمد وابن سعد وقال في التقريب: ثقة من الخامسة مات سنة (134) أربع وثلاثين ومائة قال الدقاق: لا يعرف في المحدثين من يكنى أبا طوالة سواه (أن أبا يونس) كنية اسمه (مولى عائشة) التيمي المدني روى عن عائشة ويروي عنه (م دت س) وزيد بن أسلم وأبو طوالة الأنصاري والقعقاع بن حكيم وحمد بن أبي عتيق ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية وذكره ابن حبان في الثقات له في صحيح مسلم وفي السنن حديثان عن عائشة وروى له البخاري في الأدب آخر قلت: وذكره مسلم في الطبقة الأولى من المدينة اهـ من خلاصة القول المفهم.

(أخبره) أي أخبر أبو يونس لأبي طوالة (عن عائشة رضي الله تعالى عنها).

وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة منهم مدنيون وواحد إما بغدادي أو بلخي أو مروزي.

(أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه من الشراح (جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يستفتيه) أي يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم الصائم الذي أدركه الفجر وهو جنب (وهي) أي والحال أن عائشة (تسمع) استفتاءه (من وراء الحجاب) أي من خلفه (فقال) الرجل في استفتائه: (يا رسول الله) إني (تدركني الصلاة) أي صلاة الصبح أي يدخل علي وقتها (وأنا جنب) أي ذو جنابة (أفأصوم) أي فهل أصوم أم أفطر (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم) أي فأستمر صائمًا (فقال) الرجل أنت (لست مثلنا يا رسول الله) فإنك (قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) أي ستر وحال بينك وبين الذنب فلا يقع منك ذنب أصلًا لأن الغفر الستر وهو إما بين العبد والذنب وإما بين الذنب وعقوبته فاللائق بالأنبياء الأول وبأممهم الثاني فهو كناية عن العصمة وهذا قول في غاية الحسن اهـ زرقاني.

ص: 437

فَقَال: "وَاللهِ! إِني لأرجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لله، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتقِي".

(2474)

(1077) - (227) حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِي. حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. أَخْبَرَنِي محمد بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ يَسَارٍ؛ أَنَّهُ سَأَلَ أمِّ سَلَمَةَ رضي الله تعالى عنها: عَنِ الرَّجُلِ يُصْبحُ جُنُبًا. أَيَصُومُ؟ قَالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ

ــ

(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والله إني لأرجو) كذا بلام التأكيد تقوية للقسم وفي الموطإ قال الزرقاني: ورجاؤه صلى الله عليه وسلم محقق باتفاق (أن كون أخشاكم) أي أشدكم خشية من عقوبة (لله وأعلمكم) أي أكثركم علمًا (بما أتقي) به الله سبحانه ويروى: (وأعلمكم بحدوده) أي بأوامره ونواهيه وقوله: بما أتقي بفتح الهمزة وكسر القاف مضارع اتقى بكسر الهمزة وفتح القاف مسند إلى ضمير المتكلم من باب افتعل الخماسي.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 67 و 156) وأبو داود (2389).

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة وأم سلمة: رضي الله تعالى عنهما ثانيًا بحديث آخر لأم سلمة فقال:

(2474)

(1077)(227)(حدثنا أحمد بن عثمان) بن أبي عثمان عبد النور بن عبد الله بن سنان (النوفلي) نسبة إلى نوفل أبو عثمان البصري ثقة من (11)(حدثنا أبو عاصم) النبيل الضحاك بن مخلد الشيباني البصري ثقة من (9)(حدثنا ابن جريج أخبرني محمَّد بن يوسف) بن عبد الله بن يزيد بن أخت نمر الكندي المدني الأعرج روى عن سليمان بن يسار في الصوم والسائب بن يزيد في البيوع وابن المسيب ويروي عنه (خ م ت س) وابن جريج ويحيى القطان ومالك وثقه أحمد والنسائي وابن معين وقال في التقريب ثقة ثبت من الخامسة مات في حدود الأربعين ومائة (عن سليمان بن يسار) الهلالي المدني ثقة من (3) روى عنه في (14) بابا (أنه) أي أن سليمان بن يسار (سأل أم سلمة رضي الله تعالى عنها).

وهذا السند من سداسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان وواحد مكي.

(عن الرجل يصبح) أي يدخل في الصباح جنبًا أو يكون في الصباح (جنبًا أيصوم) أي هل يستمر صائمًا سائر يومه أم يفطر (قالت) أم سلمة: أكان رسول الله صلى الله عليه

ص: 438

وَسلمَ يُصْبِحُ جُنُبًا، مِنْ غَيرِ احْتِلامٍ، ثُمّ يَصُومُ.

(2475)

(1078) - (228) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبِ وَابْنُ نُمَيرٍ. كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَينَةَ. قَال يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرحْمنِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله تعالى عنه قَال: جَاءَ رَجُل إِلَى النبي صلى الله عليه وسلم. فَقَال: هَلَكْتُ

ــ

وسلم يصبح جنبًا من غير احتلام ثم يصوم) أي يستمر صائمًا بقية يومه ولا يفطر وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث النسائي أخرجه في الكبرى في كتاب الصيام اهـ تحفة الأشراف.

ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2475)

(1078)(228)(حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب و) محمَّد (بن نمير كلهم عن ابن عيينة قال يحيى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهريّ عن حميد بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه).

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي ونيسابوري أو كوفي ونسائي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة وفيه رواية تابعي عن تابعي.

(قال) أبو هريرة: (جاء رجل) هو سلمة بن صخر البياضي قاله عبد الغني بن سعيد المصري وساق له شاهدًا ولا أعرف اسم امرأته اهـ تنبيه المعلم على مبهمات مسلم.

(إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل: (هلكت) أي وقعت في سبب الهلاك الأخروي أو تعمدت ما يوجب هلاكي الأخروي ويروى (أهلكت) يريد إهلاك زوجته بتحصيله لها ذنبًا يوجب هلاكها أبدًا اهـ من بعض الهوامش.

زاد عبد الجبار بن عمر عن الزهريّ: (جاء رجل وهو ينتف شعره) ويدق صدره ويقول (هلك الأبعد) ولمحمد بن أبي حفصة (يلطم وجهه) ولحجاج بن أرطاة (يدعو ويله) وفي مرسل ابن المسيب عند الدارقطني (ويحثي على رأسه التراب) واستدل بهذا على جواز هذا الفعل والقول ممن وقعت له معصية ويفرق بذلك بين مصيبة الدين والدنيا فيجوز في

ص: 439

يَا رَسُولَ الله! قَال: "وَمَا أهْلَكَكَ؟ " قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي في رَمَضَانَ. قَال: "هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ "

ــ

معصية الدين لما يشعر به الحال من شدة الندم وصحة الإقلاع ويحتمل أن تكون هذه الواقعة قبل النهي عن لطم الخدود وحلق الشعر عند المصيبة واستدل به أيضًا على أنه كان عامدًا لأن الهلاك والاحتراق الذي سيأتي في حديث عائشة مجاز عن العصيان المؤدي إلى ذلك فكأنه جعل المتوقع كالواقع وبالغ فعبر عنه بلفظ الماضي وإذا تقرر ذلك فليس. فيه حجة على وجوب الكفارة على الناس وهو مشهور قول مالك والجمهور وعن أحمد وبعض المالكية: يجب على الناس وتمسكوا بترك استفساره عن جماعه هل كان عن عمد أو نسيان وترك الاستفصال في الفعل ينزل منزلة العموم في القول كما اشتهر والجواب أنه قد تبين حاله بقوله (هلكت) و (احترقت) فدل على أنه كان عامدًا عالمًا بالتحريم أيضًا فدخول النسيان في الجماع في نهار رمضان في غاية البعد واستدل بهذا الحديث على أن من ارتكب معصية لا حد فيها وجاء مستفتيًا أنه لا يعزر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقبه مع اعترافه بالمعصية وقد ترجم لذلك البخاري في الحدود وأشار إلى هذه القصة وتوجيهه أن مجيئه مستفتيًا يقتضي الندم والتوبة والتعزير إنما جعل للاستصلاح ولا استصلاح مع الصلاح وأيضًا فلو عوقب المستفتي لكان سبب لترك الاستفتاء وهي مفسدة فاقتضى ذلك أن لا يعاقب هكذا قرره الشيخ تقي الدين لكن وقع في شرح السنة للبغوي أن من جامع متعمدًا في رمضان فسد صومه وعليه القضاء والكفارة ويعزر على سوء صنيعه وهو محمول على من لم يقع منه ما وقع من صاحب هذه القصة من الندم والتوبة اهـ فتح الملهم.

أي وقعت في سبب الهلاك (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أهلكك) وما الأمر الذي أوقعك في الهلاك (قال) الرجل: (وقعت على امرأتي) أي وطئتها (في) نهار (رمضان) ولم أر من ذكر اسم هذه المرأة من الشراح (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (هل تجد ما) أي مالًا (تعتق) به (رقبة) أي نفسًا مملوكة من بني آدم فما نكرة موصوفة والرابط محذوف ورقبة مفعول به ويحتمل كون ما مصدرية وتجد بمعنى تستطيع بدليل ما بعده أي هل تستطيع إعتاق رقبة وهذا أوضح وأوفق قال الحافظ: واستدل بإطلاق رقبة على جواز إعتاق الرقبة الكافرة يقول الحنفية وهو يبتني على أن السبب إذا اختلف واتحد الحكم هل يقيد المطلق أو لا؟

ص: 440

قَال: لَا. قَال: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَينِ مُتَتَابِعَينِ؟ قَال: لَا. قَال: "فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَال: لَا. قَال: ثُم جَلَسَ. فَأُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِعَرَقٍ

ــ

وهل تقييده بالقياس أو لا؟ والأقرب أنه بالقياس ويؤيده التقييد في مواضع أخرى اهـ قال الأبي: وحمل المطلق على المقيد إذا اختلف الموجب كالظهار مع القتل في الرقبة فالذي ينقله الأصوليون أن مذهب مالك وأكثر أصحابه عدم العمل كمذهب أبي حنيفة والفطر كالظهار اهـ فتح.

(قال) الرجل: (لا) أجد ولا أستطيعه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين) أي متواليين لا مفرقين ولا مفرقًا أيامهما (قال) الرجل: (لا) أستطيعهما وفي رواية ابن إسحاق زيادة (وهل لقيت ما لقيت إلا من الصيام) قال ابن دقيق العيد: لا إشكال في الانتقال عن الصوم إلى الإطعام لكن رواية ابن إسحاق هذه اقتضت أن عدم استطاعته لشدة شبقه وعدم صبره عن الوقاع فنشأ للشافعية نظر هل يكون ذلك (أي شدة الشبق) عذرًا حتى يعد صاحبه غير مستطيع للصوم أو لا والصحيح عندهم اعتبار ذلك ويلتحق من يجد رقبة لا غنى له عنها فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها لكونه في حكم غير الواجد وأما ما رواه الدارقطني من طريق شريك عن إبراهيم بن عامر عن سعيد بن المسيب في هذه القصة مرسلًا أنه قال في جواب قوله (هل تستطيع أن تصوم إني لا أدع الطعام ساعة فما أطيق ذلك) ففي إسناده مقال اهـ فتح الملهم.

(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فهل تجد ما تطعم) أي فهل تستطيع إطعام (ستين مسكينًا) فيه أن الواجب إطعام ستين مسكينًا خلافًا لمن روى عن الحسن أنه رأى أن يطعم أربعين مسكينًا عشرين صاعًا حكاه ابن التين عنه وحكوا عن أبي حنيفة أنه قال: يجزئه أن يدفع طعام ستين مسكينًا إلى مسكين واحد قالوا: والحديث حجة عليه (قال) الرجل: (لا) أستطيع (قال) أبو هريرة: (ثم جلس) الرجل (فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بضم الهمزة وكسر الفوقانية مبنيًّا للمفعول (بعرق) بفتح الراء لا غير وسمي بذلك لأنه جمع عرقة وهي الضفيرة من الخوص وهو الزنبيل بكسر الزاي على رواية الطبري وبفتح الزاي لغيره وهما صحيحان وسمي بذلك لأنه يحمل فيه الزبل ذكره ابن دريد.

ص: 441

فِيهِ تَمْرٌ. فَقَال: "تصدَّق بِهذا" قَال: أَفْقَرَ منَّا؟ فَمَا بَينَ لابَتَيهَا أَهْلُ

ــ

قال في النهاية: هو زنبيل منسوج من نسائج الخوص وكل شيء مضفور فهو عرق وهذا العرق تقديره عندهم خمسة عشر صاعًا وهو مفسر في الحديث وقد تقدم أن الصالح أربعة أمداد فيكون مبلغ أمداد العرق ستين مدًّا ولهذا قال الجمهور: إن مقدار ما يدفع لكل مسكين من الستين مد وفيه حجة للجمهور على أبي حنيفة والثوري إذ قالا: يجزئ أقل من نصف صاع لكل مسكين (فيه) أي في ذلك العرق (تمر) من تمر الصدقة (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: (تصدق بهذا) التمر على المساكين ليكون كفارة لجماعك ولابن إسحاق (فتصدق به عن نفسك) واستدل به على أن الكفارة عليه وحده دون الموطوءة إذ لم يؤمر بها إلا هو مع الحاجة إلى البيان ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به الكفارة ولأنها غرم مالي يتعلق بالجماع فيختص بالرجل الواطئ كالمهر فلا يجب على الموطؤة وقال المالكية: إذا وطئ أمته في نهار رمضان وجبت عليه كفارتان إحداهما عن نفسه والأخرى عن الأمة وإن طاوعته لأن مطاوعتها كالإكراه للرق وكذلك يكفر عن الزوجة إن أكرهها على الجماع وتكفيره عنها بطريق النيابة عنهما لا بطريق الأصالة فلذلك لا يكفر عنهما إلا بما يجزؤهما في التكفير فيكفر عن الأمة بالإطعام لا بالعتق إذ لا ولاء لها ولا بالصوم لأن الصوم لا يقبل النيابة ويكفر عن الزوجة الحرة بالعتق أو الإطعام فإن أعسر كفرت الزوجة عن نفسها ورجعت عليه إذا أيسر بالأقل من قيمة الرقبة التي أعتقت أو مكيلة الطعام وأوجبها الحنفية على المرأة المطاوعة لأنها شاركت الرجل في الإفساد فتشاركه في وجوب الكفارة أي سواء كانت زوجة أو أمة وقال الحنابلة: ولا يلزم المرأة كفارة مع العذر قال المرادي: نص عليه الشافعي وعليه أكثر الأصحاب وعنه: تكفر وترجع بها على الزوج اختاره بعض الأصحاب وهو الصواب اهـ قسطلاني.

(قال) الرجل: أتجد (أفقر) وأحوج إليه (منا) يا رسول الله لا تجد بالنصب على إضمار عامل النصب مع همزة الاستفهام التعجبي تقديره: أتجد أفقر منا أو تعطي أفقر منا ويصح رفعه على تقدير: هل أحد أفقر منا؟ (فـ) ـوالله (ما بين لابتيها) أي ما بين حرتي المدينة والضمير للمدينة واللابة الحرة والحرة أرض ذات حجارة سود لا تكاد تنبت والمدينة بين حرتين ويقال: لابة ولوبة ونوبة بالنون ومنه قيل للأسود: لوبي ونوبي (أهل

ص: 442

بَيتٍ أَحْوَجُ إِلَيهِ مِنَّا. فَضَحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم حَتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ. ثمّ قَال: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ"

ــ

بيت أحوج إليه) أي إلى هذا التمر (منا) برفع أهل اسم ما أو مبتدأ مؤخر وأفقر صفة له وبين لابتيها خبر مقدم لما أو للمبتد! والتقدير: فما أهل بيت أفقر إليه منا موجودًا أو موجود بين لابتيها (فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبًا من حال الرجل في كونه جاء أولًا هالكًا محترقًا خائفًا على نفسه راغبًا في فدائها مهما أمكنه فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أعطيه في الكفارة (حتى بدت أنيابه) جمع ناب وهي الأسنان الملاصقة للرباعيات وهي أربعة والضحك غير التبسم وقد ورد أن ضحكه كان تبسمًا أي في غالب أحواله اهـ قسط وفي بعض الروايات (ثناياه) قال الحافظ: لعلها تصحيف من أنيابه فإن الثنايا تبين بالتبسم غالبًا وظاهر السياق إرادة الزيادة على التبسم ويحمل ما ورد في صفته صلى الله عليه وسلم أن ضحكه كان تبسمًا على غالب أحواله وورد في بعض الروايات حتى بدت نواجده وهي جمع ناجذة بالنون والجيم والمعجمة وهي الأضراس ولا تكاد تظهر إلا عند المبالغة في الضحك ولا منافاة بينه وبين حديث عائشة (ما رأيته صلى الله عليه وسلم مستجمعًا قط ضاحكًا حتى أرى منه لهواته) لأن المثبت مقدم على النافي قاله ابن بطال.

وأقوى منه أن الذي نفته غير الذي أثبته أبو هريرة ويحتمل أن يريد بالنواجذ الأنياب مجازًا فعبر بالنواجذ مرةً وبالأنياب أخرى والذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان في معظم أحواله لا يزيد على التبسم وربما زاد على ذلك ويضحك والمكروه من ذلك إنما هو الإكثار منه أو الإفراط فيه لأنه يذهب الوقار.

قال ابن بطال: والذي ينبغي أن يقتدى به من فعله ما واظب عليه من ذلك فقد روى البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه من وجهين عن أبي هريرة رفعه (لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب).

(ثم قال) له النبي صلى الله عليه وسلم خذه و (اذهب) به إلى عيالك (فأطعمه) أي فأطعم ما في العرق من التمر (أهلك) أي من تلزمك نفقته أو زوجتك أو مطلق أقاربك ولابن عيينة في الكفارات (أطعمه عيالك) ولابن إسحاق (خذها وكلها وأنفقها على عيالك) أي لا عن الكفارة بل هو تمليك مطلق بالنسبة إليه وإلى عياله وأخذهم إياه بصفة

ص: 443

(2476)

(0)(0) حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ محمد بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَينَةَ. وَقَال: بِعَرَقٍ فِيهِ تَمرٌ، وَهُوَ الزِّنْبِيلُ. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَضَحِكَ النبي صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ أَنْيَابُهُ.

(2477)

(0)(0) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمدُ بْنُ رُمْحٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَاب. عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه؛ أن رَجُلا وَقَعَ بِامْرأَتِهِ

ــ

الفقر وذلك لأنه لما عجز عن العتق لإعساره وعن الصوم لضعفه فلما حضر ما يتصدق به ذكر أنه وعياله محتاجون إليه فتصدق به صلى الله عليه وسلم عليه وكان من مال الصدقة وصارت الكفارة في ذمته وليس استقرارها في ذمته مأخوذًا من هذا الحديث وأما حديث علي بلفظ (فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك) فضعيف لا يحتج به اهـ من قسطلاني.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 281) والبخاري (2600) وأبو داود (2891).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:

(2476)

(0)(0)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) الحنظلي المروزي (أخبرنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي (عن محمَّد بن مسلم الزهريّ) المدني (بهذا الإسناد) يعني عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (مثل رواية ابن عيينة) غرضه بيان متابعة منصور لابن عيينة في رواية هذا الحديث عن الزهريّ (و) لكن (قال) منصور: (بعرق فيه تمر وهو) أي العرق (الزنبيل ولم يذكر) منصور: (فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه).

ثم ذكر المؤلف المتابعة فيه ثانيًا فقال:

(2477)

(0)(0)(حدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة حدثنا ليث عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه غرضه بيان متابعة ليث لسفيان بن عيينة (أن رجلًا وقع) أي وطئ (بامرأته

ص: 444

في رَمَضَانَ. فَاسْتَفْتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذلِكَ. فَقال: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟ " قَال: لَا. قَال: "وَهَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَينِ؟ " قَال: لَا. قَال: "فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا".

(2479)

(0)(0) وحدّثنا محمدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. بِهذَا الإِسْنَادِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ. ثُمّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ

ــ

في) نهار (رمضان فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن) كفارة (ذلك) الوقاع (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تجد رقبة) تعتقها عن كفارة وقاعك (قال) الرجل: (لا) أجدها (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وهل تستطيع صيام شهرين قال) الرجل: (لا) أستطيع (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (فأطعم ستين مسكينًا) كل مسكين مدا من غالب قوت البلد.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثالثًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2479)

(0)(0)(وحدثنا محمَّد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا إسحاق بن عيسى) بن نجيح البغدادي الطباع بفتح الطاء المهملة من يعمل السيوف صدوق من (9) روى عنه في (6) أبواب (أخبرنا مالك) بن أنس (عن الزهري بهذا الإسناد) يعني عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة غرضه بيان متابعة مالك لابن عيينة (أن رجلًا أفطر في) نهار (رمضان) بجماع (فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ (ـأن يكفر بعنق رقبة ثم ذكر) مالك (بمثل حديث ابن عيينة) عن الزهريّ قال عياض: تعقب على مسلم فقيل: ليس حديث مالك مثل حديث ابن عيينة لأن حديث مالك بأو على التخيير وذكر الفطر وحديث ابن عيينة على الترتيب بهل وتعيين الجماع ومسلم أشرح صدرًا أن يخفى عليه هذا فإن حديث مالك وإن كان أشهر رواياته بأو على التخيير ولم يختلف رواة الموطإ عنه في ذلك فقد رواه الوليد بن مسلم وإبراهيم بن طهمان وغيرهما عنه بمثل حديث ابن عيينة فلعل إسحاق بن عيسى الذي رواه عنه مسلم رواه كذلك عن مالك فلا تعقب على مسلم اهـ.

ص: 445

(2480)

(0)(0) حدّثني محمد بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيجٍ. حَدثني ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيدِ بْنِ عَبْدِ الرحْمنِ؛ أن أَبَا هُرَيرَةَ حدثهُ؛ . أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ في رَمَضَانَ، أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَينِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا.

(2481)

(0)(0) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ. بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ

ــ

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة رابعًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2480)

(0)(0)(حدثنا محمَّد بن رافع) القشيري (أخبرنا عبد الرزاق) الصنعاني (أخبرنا ابن جريج حدثني ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثه) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن جريج لسفيان بن عيينة (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلًا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكبنًا) وأو هنا للتقسيم لا للتخيير تقديره: يعتق أو يصوم إن عجز عن العتق أو يطعم إن عجز عنهما.

قوله: (أمر رجلًا أفطر في رمضان) قال الحافظ: واستدل به على البخاري الكفارة على من أفسد صيامه مطلقًا بأي شيء كان وهو قول المالكية والحنفية والجمهور حملوا قوله (أفطر) هنا على المقيد في الرواية الأخرى وهو قوله (وقعت على أهلي) وكأنه قال أفطر بجماع وهو أولى من دعوى القرطبي وغيره تعدد القصة واحتج من أوجب الكفارة مطلقًا بقياس الآكل على المجامع بجامع ما بينهما من انتهاك حرمة الصوم قال: وقد وقع في حديث عائشة نظير ما وقع في حديث أبي هريرة فمعظم الروايات فيها (وطئت) ونحو ذلك وفي رواية ساق مسلم إسنادها وساق أبو عوانة في مستخرجه مَتْنَهَا أنه قال (أفطرت في رمضان) والقصة واحدة ومخرجها متحد فيحمل على أنه أراد أفطرت في رمضان بجماع اهـ.

ثم ذكر المؤلف المتابعة خامسًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2481)

(0)(0)(وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهريّ بهذا الإسناد) يعني عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وساق معمر (نحو

ص: 446

حَدِيثِ ابْنِ عُيَينَةَ.

(2482)

(1079) - (229) حدثنا محمد بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ. أَخْبَرَنَا الليثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله تَعَالى عنها؛ أَنَّهَا قَالتْ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال: احْتَرَقْتُ. قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لِمَ؟ " قَال: وَطِئْتُ امرَأَتِي في

ــ

حديث ابن عيينة) غرضه بيان متابعة معمر لسفيان بن عيينة.

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:

(2482)

(1079)(229)(حدثنا محمَّد بن رمح بن المهاجر) التجيبي المصري (أخبرنا الليث) بن سعد الفهمي المصري (عن يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمَّد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني (عن محمَّد بن جعفر بن الزبير) القرشي الأسدي المدني (عن عباد بن عبد الله بن الزبير) بن العوام الأسدي المدني ثقة من (3)(عن عائشة) الصديقة (رضي الله تعالى عنها).

وهذا السند من سباعياته رجاله خمسة منهم مدنيون واثنان مصريان وفيه التحديث والإخبار والعنعنة ومن لطائفه أن فيه أربعة من التابعين روى بعضهم عن بعض من يحيى بن سعيد إلى آخره وفي فتح الملهم: في هذا الإسناد أربعة من التابعين في نسق كلهم من أهل المدينة يحيى وعبد الرحمن تابعيان صغيران من طبقة واحدة وفوقهما قليلًا محمَّد بن جعفر وأما ابن عمه عباد فمن أوساط التابعين اهـ.

(أنها قالت: جاء رجل) هو سلمة بن صخر البياضي كما مر (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: احترقت) وكأنه لما اعتقد أن مرتكب الذنب يعذب بالنار أطلق على نفسه أنه احترق لذلك وقد أثبت له النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوصف فقال (ابن المحترق) إشارة إلى أنه لو أصر على ذلك لاستحق ذلك وفيه دلالة على أنه كان عامدًا كما سبق قال النواوي: وفيه استعمال المجاز وأنه لا إنكار على مستعمله اهـ فتح.

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم) احترقت باللام الجارة وما الاستفهامية المحذوفة الألف فرقًا بينها وبين الموصولة (قال) الرجل: (وطئت امرأتي في رمضان نهارًا

ص: 447

رَمَضَانَ نَهَارًا. قَال: "تَصَدَّقْ. تصدَّقْ". قَال: مَا عِنْدِي شَيءٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ. فَجَاءَهُ عَرَقَانِ فِيهِمَا طَعَامٌ. فَأَمَرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ.

(2483)

(0)(0) وحدّثنا محمد بْنُ الْمُثَنى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّاب الثقَفِيُّ. قَال: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ:

ــ

قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدق تصدق) كرره للتوكيد اللفظي هذا التصدق مطلق جاء مقيدًا في الروايات السابقة بإطعام ستين مسكينًا والمطلق يحمل على المقيد في اتحاد الحكم والحادثة على ما تقرر في موضعه من أصول الفقه.

قال الحافظ: وقد استدل به لمالك حيث جزم في كفارة الجماع في رمضان بالإطعام دون غيره من الصيام والعتق ولا حجة فيه لأن القصة واحدة وقد حفظها أبو هريرة وقصها على وجهها وأوردتها عائشة مختصرة أشار إلى هذا الجواب الطحاوي والظاهر أن الاختصار من بعض الرواة فقد رواه عبد الرحمن بن القاسم عن محمَّد بن جعفر بن الزبير بهذا الإسناد مفسرًا ولفظه (كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا في ظل فارع) يعني بالفاء والمهملة (فجاء رجل من بني بياضة فقال: احترقت وقعت بامرأتي في رمضان قال: أعتق رقبة قال لا أجدها قال أطعم ستين مسكينًا قال ليس عندي) فذكر الحديث أخرجه أبو داود ولم يسق لفظه وساقه ابن خزيمة في صحيحه والبخاري في تاريخه ومن طريقه البيهقي ولم يقع في هذه الرواية أيضًا ذكر صيام شهرين ومن حفظ حجة على من لم يحفظ اهـ.

(قال) الرجل: (ما عندي شيء) أتصدق (فأمره) النبي صلى الله عليه وسلم (أن يجلس فجاءه) صلى الله عليه وسلم (عرقان) أي زنبيلان (فيهما طعام) أي تمر بدليل ما في رواية أبي هريرة من قوله (بعرق فيه تمر)(فأمره) أي فأمر الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدق به) أي بما في العرقين من الطعام.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (6/ 276) والبخاري (1935) وأبو داود (2394).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

(2483)

(0)(0)(وحدثنا محمَّد بن المثنى أخبرنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) البصري (قال) عبد الوهاب: (سمعت يحيى بن سعيد) بن قيس الأنصاري (يقول:

ص: 448

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ الْقَاسِمِ؛ أَن مُحَمدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيرِ أَخْبَرَهُ؛ أَن عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ حدثهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ رضي الله تَعَالى عنها تَقُولُ: أَتَى رَجُلٌ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وَلَيسَ في أَوَّلِ الْحَدِيثِ: "تَصَدَّقْ. تصدَّق". وَلَا قَوْلُهُ: نَهَارًا.

(2484)

(0)(0) حدّثني أَبُو الطاهِرِ. أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ؛ أَن عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ الْقَاسِمِ حدثهُ؛ أَن مُحَفَدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيرِ حدثهُ؛ أَن عَبَّادَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ حَدّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ:

ــ

أخبرني عبد الرحمن بن القاسم) التيمي (أن محمَّد بن جعفر بن الزبير أخبره أن عباد بن عبد الله بن الزبير حدثه أنه سمع عائشة رضي الله تعالى عنها).

وهذا السند من سباعياته غرضه بسوقه بيان متابعة عبد الوهاب الثقفي لليث بن سعد.

(تقول: أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر) عبد الوهاب الثقفي (الحديث) السابق الذي رواه ليث عن يحيى (و) لكن (ليس في أول الحديث) الذي رواه الثقفي قوله: (تصدق تصدق ولا قوله: نهارًا) هذا بيان لمحل المخالفة بين الروايتين والله أعلم.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال:

(2484)

(0)(0)(حدثني أبو الطاهر) أحمد بن عمرو بن السرح الأموي المصري (أخبرنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث) بن يعقوب الأنصاري المصري (أن عبد الرحمن بن القاسم حدَّثه أن محمَّد بن جعفر بن الزبير حدثه أن عبَّاد بن عبد الله بن الزبير حدثه أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول).

وهذا السند من سباعياته رجاله أربعة منهم مدنيون وثلاثة مصريون غرضه بيان متابعة عمرو بن الحارث ليحيى بن سعيد في رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن بن القاسم.

ص: 449

أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في الْمَسْجِدِ في رَمَضَانَ. فَقَال: يَا رَسُولَ الله! احْتَرَقْتُ. احْتَرَقْتُ. فَسَأَلَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا شَأْنُهُ؟ " فَقَال: أَصَبْتُ أَهْلِي. قَال: "تصدق" فَقَال: وَاللهِ! يَا نَبِيَّ الله، مَالِي شَيءٌ. وَمَا أَقْدِرُ عَلَيهِ. قَال:"اجْلِسْ" فَجَلَسَ. فَبَينَا هُوَ عَلَى ذلِكَ أَقْبَلَ رَجُلٌ يَسُوقُ حِمَارًا، عَلَيهِ طَعَامٌ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَينَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا؟ " فَقَامَ الرجُلُ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تصدق بِهذَا" فَقَال: يَا رَسُولَ الله! أَغَيرَنَا؟ فَوَاللهِ! إِنا لَجِيَاعٌ. مَا لنَا شَيءٌ. قَال: "فَكُلُوهُ"

ــ

(أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد في رمضان فقال: يا رسول الله احترقت احترقت) مرتين أي تعمدت ما يكون ماله إلى تعذيبي بالنار (فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه) أي ما شأن الرجل في قوله (احترقت) وما سبب قوله ذلك ففيه التفات ومقتضى السياق أن يقول: ما شأنك (فقال) الرجل: (أصبت أهلي) أي جامعت امرأتي فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تصدق) ما يكون كفارة لذنبك (فقال) الرجل: (والله يا نبي الله ما لي شيء) أي ما عندي شيء أتصدق به (وما أقدر عليه) أي على تحصيله في المستقبل فـ (ـقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجلس) عندنا (فجلس) الرجل عنده صلى الله عليه وسلم (فبينا هو) أي ذلك الرجل (على ذلك) الجلوس (اقبل رجل) آخر (يسوق حمارًا عليه طعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين المحترق آنفًا) أي أين الذي يقول (احترقت احترقت)(فقام الرجل) الأول الذي يقول: احترقت (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدق بهذا) الطعام على المساكين ليكون كفارة عن اقترافك (فقال) الرجل المحترق: (يا رسول الله أ) تريد (غيرنا) أي غيري وغير أهلي أي أأتصدق على غيرنا ونحن أفقر ناس إليه (فوالله إنَّا) أي إن عيالي (لجياع) أي لجائعون (ما لنا شيء) نأكله حتى اليوم جمع جائع كقيام جمع قائم وصيام جمع صائم فـ (ـقال) له رسول الله: إذًا فخذه واذهب إلى عيالك (فكلوه) صدقة عليكم والله سبحانه وتعالى أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذه الترجمة خمسة أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات.

ص: 450

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والثاني: حديث عائشة الأول ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

والثالث: حديث أم سلمة ذكره للاستشهاد أيضًا.

والرابع: حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه خمس متابعات.

والخامس: حديث عائشة الثاني ذكره للاستشهاد به لحديث أبي هريرة الثاني وذكر فيه متابعتين والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.

وهذا آخر ما يسره الله لي بتوفيقه من المجلد الثاني عشر من هذا الشرح الذي علقته على صحيح الإِمام مسلم رحمه الله تعالى وقد انتهيت منه قبيل صلاة العشاء ليلة الأربعاء من تاريخ 12/ 6 / 1423 هـ.

وجملة ما شرحنا في هذا المجلد من الأحاديث الغير المكررة تسعة وعشرون ومائة حديث وجملة ما فيه من الأبواب اثنان وستون بابا وهذا آخر ما أولانا الله تعالى بإتمامه بعد ما وفقنا بابتدائه فله الحمد على هذه المنة والشكر له على كل النعمة ونسأله العفو والعافية والمعافاة الدائمة لنخدم أحاديثه كل الخدمة وسائر العلوم الدينية في تاريخ 12/ 6 / 1423 هـ ألف وأربعمائة وثلاث وعشرين سنة واثْنَي عشر يومًا من الشهر السادس وكان تاريخ بدايته اليوم العاشر من الشهر الحادي عشر من شهور سنة ألف وأربعمائة واثنين وعشرين 10/ 11 / 1422 هـ من الهجرة المصطفية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية بعد ما عاقني من موالاته عوائق الدروس والحوادث ولله در من قال:

ولا تقل عاقني شغل فليس يرى

في الترك للعلم من عذر لمعتذر

وأي شغل كمثل العلم تطلبه

ونقل ما قدرووا عن سيد البشر

ألهى عن العلم أقوامًا تطلبهم

لذات دنيا غدوا منها على غرر

فكن بصحب رسول الله مقتديا

فإنهم للهدى كالأنجم الزهر

والحمد لله الذي تتم به الصالحات والصلاة والسلام على سيد الخليقات وعلى آله وصحبه السادات القادات وتابعيهم بإحسان إلى يوم القيامات آمين يا رب آمين.

ص: 451

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تم المجلد السابع من الكوكب الوهاج والروض السَّاج ويليه المجلد الثامن (1)، وأوله:

(باب جواز الصوم والفطر في السفر والتخيير في ذلك ووجوب الفطر على من أجهده الصوم)

ومما قيل في الزهد:

أتبني بناء الخالدين وإنما

مقامك فيها لو عقلت قليل

لقد كان في ظل الأراك كفاية

لمن كان فيها يعتريه رحيل

***

(1) وهذا حسب تقسيم المؤلف حفظه الله لنسخته الخطية في (16) مجلدًا، ثم ارتأى حفظه الله بعد دفعه للطباعة أن يكون في (26) مجلدًا.

ص: 452