الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة
(2301)
(1016) - (166) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ. وَلكِن الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ"
ــ
432 -
(50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة
(2301)
(1016)(166)(حدثنا زهبربن حرب) النسائي (و) محمد بن عبد الله (بن نمير) الكوفي (قالا: حدثنا سفيان بن عيينة) الكوفي (عن أبي الزناد) المدني (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان كوفيان أو كوفي ونسائي.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الغنى) المحمود ما كان (عن كثرة العرض) والعرض بفتحتين متاع الدنيا وزخرفها.
وقال القرطبي: العرض بفتح العين والراء حطام الدنيا ومتاعها وأما العَرْض بفتح العين وسكون الراء فهو ما خلا العقار والحيوان مما يدخله الكيل والوزن قاله أبو عبيد وفي كتاب العيني: العرض بفتحتين ما نيل من الدنيا ومنه قوله تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} وجمعه عروض اهـ من المفهم.
(ولكن الغنى) المحمود الدائم (غنى النفس) وقناعتها بما عندها من المال ومعنى الحديث الغنى المحمود الدائم المستمر الذي لا يزول عن صاحبه غنى النفس وشبعها عما في أيدي الناس وقلة حرصها على جمع المال لا كثرة المال مع الحرص على الزيادة لأن من كان طالبًا للزيادة لم يستغن بما معه فليس له غنى اهـ نواوي بزيادة وتصرف.
ولابن حبان من حديث أبي ذر قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى قلت نعم قال وترى قلة المال هو الفقر قلت نعم يا رسول الله قال إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب) قال بعض الشيوخ: والمراد بغنى النفس
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القناعة ويمكن أن يراد به ما يسد الحاجة قال الشاعر:
غنى النفس ما يكفيك عن سد حاجة
…
فإن زاد شيء عاد ذاك الغنى فقرا
وقال الطيبي: ويمكن أن يراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وأنشد أبو الطيب في معناه:
ومن ينفق الساعات في جمع ماله
…
مخافة فقر فالذي فعل الفقر
يعني ينبغي أن ينفق ساعاته وأوقاته في الغنى الحقيقي وهو طلب الكمالات ليزيد غنى بعد غنى لا في المال لأنه فقر بعد فقر.
(قلت): يعني أن الفقر هو الحاجة ومهما زاد شيئًا من المال أو الرياسة احتاج لحفظ ذلك وعظم خوفه من زواله هذا في الدنيا واحتاج إلى استعداد عظيم وقيام بحقوق ذلك لأجل الآخرة فاستبان أن الفقر يكثر بكثرة عرض الدنيا ويقل بقلتها اهـ من السنوسي.
قال ابن بطال: معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال لأن كثيرا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه وإنما حقيقة الغنى غنى النفس وهو من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب فكأنه غني.
وقال القرطبي: ومعنى هذا الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس وبيانه أنه إذا استغنت نفسه كفت عن المطامع فعزت وعظمت فجعل لها من الحظوة والنزاهة والتشريف والمدح أكثر ممن كان غنيا بماله فقيرا بحرصه وشرهه فإن ذلك يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لبخله ودناءة همته فيكثر ذامه من الناس ويصغر قدره فيهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل اهـ من المفهم.
والحاصل أن المتصف بغنى النفس يكون قانعًا بما رزقه الله تعالى لا يحرص على الازدياد لغير حاجة ولا يلح في الطلب ولا يلحف في السؤال بل يرضى بما قسم الله له فكأنه واجد أبدًا والمتصف بفقر النفس على الضد منه لكونه لا يقنع بما أُعطي بل هو أبدا في طلب الازدياد من أي وجه أمكنه ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف فكأنه فقير من المال لأنه لم يستغن بما أعطي فكأنه ليس بغني ثم غنى النفس إنما ينشأ عن الرضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمره علما بأن الذي عند الله تعالى خير وأبقى فهو معرض عن الحرص والطلب.
(2302)
(1019) - (167) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. أَخْبَرَنَا اللَّيثُ بْنُ سَعْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ (وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ) قَال: حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ الناسَ، فَقَال: "لَا وَاللهِ، مَا أَخْشَى عَلَيكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ!
ــ
قال الحافظ: وإنما يحصل غنى النفس بغنى القلب بأن يفتقر إلى ربه في جميع أموره فيتحقق أنه المعطي المانع فيرضى بقضائه على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه فينشأ عن افتقار القلب لربه غنى نفسه عن غير ربه تعالى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 243 و 389) والبخاري (6446) والترمذي (2373) وابن ماجه (4137).
ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2302)
(1019)(167)(وحدثني يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (أخبرنا الليث بن سعد) الفهمي المصري (ح وحدثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي البلخي (وتقاربا) أي تقارب يحيى وقتيبة (في اللفظ) أي في لفظ الحديث الذي روياه وهو بمعنى قوله: نحوه (قال) قتيبة: (حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان (المقبري) المدني ثقة من (3)(عن عياض بن عبد الله بن سعد) بن أبي سرح القرشي العامري المكي ثقة من (3) روى عنه في (3) أبواب (أنه سمع أبا سعيد) سعد بن مالك الأنصاري (الخدري) المدني رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان وواحد مكي وواحد مصري وواحد إما نيسابوري أو بلخي ففيه رواية تابعي عن تابعي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والتحويل.
حالة كون أبي سعيد (يقول: قام) فينا (رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس) أي وعظهم بالوعد والوعيد (فقال: لا) نافية (والله) جملة قسمية زادها لتأكيد الكلام (ما) زائدة زيدت لتأكيد النفي المفهوم من لا أي أقسمت لكم بالله الذي لا إله غيره لا (أخشى) ولا أخاف (عليكم أيها الناس) فتنا تشغلكم عن الدين والعمل الصالح
إِلَّا مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا". فَقَال رَجُل: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ؟ فَصَمَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاعَةً
ــ
(إلا ما يخرج الله) سبحانه وتعالى (لكم) أي يخرجه من الأرض ويبسطه لكم حالة كون ما يخرجه لكم (من زهرة الدنيا) وزينتها ومتاعها ونعيمها والزهرة بفتح الزاي وسكون الهاء والمراد بها الزينة والبهجة كما في الحديث والزهرة مأخوذة من زهرة الشجر وهو نورها بفتح النون والمراد بها ما فيها من أنواع المتاع والعين والثياب والزروع وغيرها مما يفتخر الناس بحسنه مع قلة البقاء.
قال القاري: والمعنى إني أخاف عليكم أن كثرة أموالكم عند فتح بلادكم تمنعكم من الأعمال الصالحة وتشغلكم عن العلوم النافعة وتحدث فيكم الأخلاق الدنية من التكبر والعجب والغرور ومحبة المال والجاه وما يتعلق بهما من لوازم الأمور الدنيوية والإعراض عن الاستعداد للموت وما بعده من الأحوال الأخرى.
قال النواوي: وفيه التحذير من الاغترار بالدنيا والنظر إليها والمفاخرة بها وفيه استحباب الحلف من غير استحلاف إذا كان فيه زيادة في التوكيد والتفخيم ليكون أوقع في النفوس اهـ.
(فقال رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه: (يا رسول الله أيأتي الخير بالشر) أي أتصير النعمة عقوبة لأن زهرة الدنيا نعمة من الله فهل تعود هذه النعمة نقمة وهو استفهام استرشاد لا إنكار والباء في قوله بالشر صلة ليأتي أي هل يستجلب الخير والشر وفيه تسمية المال خيرًا ويؤيده قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيرِ لَشَدِيدٌ} وقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيرًا الْوَصِيَّةُ} .
وفي بعض الهوامش: قوله: (أيأتي الخير بالشر) الباء فيه للتعدية والاستفهام الإنكاري للاسترشاد والمعنى فهل يستجلب الخير الشر يعني أن ما يحصل لنا من الدنيا خير إذا كان من جهة مباحة فهل يترتب عليه شر اهـ.
(فصمت) أي سكت (رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعةً) أي زمانًا قليلًا.
وفي رواية عطاء عند البخاري: (حتى ظننت أنه ينزل عليه) أي الوحي وكأنهم فهموا ذلك بالقرينة من الكيفية التي جرت عادته بها عندما يوحى إليه.
قال الحافظ رحمه الله: إنه صلى الله عليه وسلم كان ينتظر الوحي عند إرادة
ثُمَّ قَال: "كَيفَ قُلْتَ؟ " قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ؟ فَقَال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن الْخَيرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيرٍ. أَوَ خَيرٌ هُوَ. إِن كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ
ــ
الجواب عما يسأل عنه وهذا على ما ظنه الصحابة ويجوز أن يكون سكوته ليأتي بالعبارة الوجيزة الجامعة المفهمة وقد عد ابن دريد هذا الحديث وهو قوله (إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم) من الكلام المفرد الوجيز الذي لم يسبق صلى الله عليه وسلم إلى معناه وكل من وقع شيء منه في كلامه فإنما أخذه منه.
ويستفاد منه ترك العجلة في الجواب إذا كان يحتاج إلى التأمل ويؤيد أنه من الوحي قوله في رواية هلال عن عطاء (فأفاق يمسح عنه الرحضاء) أي العرق فإنه كانت عادته عند نزول الوحي كما تقدم في أحاديث بدء الوحي: (وإن جبينه ليتفصد عرقًا).
(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: (كيف قلت) أيها الرجل (قال) الرجل: (قلت: يا رسول الله أيأتي الخير بالشر فقال له) أي للرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن الخير) الحقيقي (لا يأتي إلا بخير) ولكن هذه الزهرة ليست بخير محض لما تؤدي إليه من الفتنة والمنافسة والاشتغال بها عن كمال الإقبال على الآخرة.
قال الحافظ: ويؤخذ منه أن الرزق ولو أكثر فهو من جملة الخير وإنما يعرض له الشر بعارض البخل به عمن يستحقه والإسراف في إنفاقه فيما لم يشرع وأن كل شيء قضى الله أن يكون خيرًا فلا يكون شرا وبالعكس ولكن يخشى على من رزق الخير أن يعرض له في تصرفه فيه ما يجلب له الشر اهـ.
(أوخير هو) بفتح الواو العاطفة على محذوف والهمزة للاستفهام الإنكاري داخلة على ذلك المحذوف وخير خبر مقدم وهو مبتدأ مؤخر والتقدير: أتقول ذلك وتظن أن هذا المال خير كله لا فإنه ليس خيرًا حقيقيًّا وإن سمي خيرًا لأن الخير الحقيقي هو ما يعرض له من الإنفاق في الحق كما أن الشر الحقيقي فيه هو ما يعرض له من الإمساك عن الحق والإخراج في الباطل ثم ضرب صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مثلين أحدهما للمفرط في جمع الدنيا والمنع من حقها والآخر للمقتصد في أخذها والنفع بها وأشار إلى الأول منهما بقوله: (إن كل ما ينبت الربيع) قيل هو الفصل المشهور بالإنبات من فصول السنة الأربعة المجموعة في قول بعضهم:
ربيع صيف من الأزمان
…
خريف شتاء فخذ بياني
يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ. إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ. أَكَلَتْ. حَتى إِذَا امْتَلأت
ــ
وقيل: هو النهر الصغير المتفجر من النهر الكبير كما في القسطلاني والأول هو الأصح والله أعلم.
(يقتل) البهيمة (حبطًا) أي انتفاخًا وتخمة والحبط بفتحتين التخمة وهي امتلاء البطن وانتفاخه من الإفراط في الأكل وهو تمييز محول عن الفاعل والتقدير: إن كل ما ينبت الربيع يقتل الماشية حبطه حقيقة إذا أفرطت في الرعي منه وفي الرواية الآتية: (وإن مما ينبت الربيع) فهذه محمولة على تلك كما سيأتي اهـ نواوي.
يعني أن ما يحصل من النبات في الربيع بتوالي أمطاره بإنبات الله تعالى ففي الإسناد مجاز عقلي يهلك الماشية حبطًا أي تخمة.
(أو يلم) بضم الياء وتشديد الميم أي أو يقارب أن يقتل ويهلك فأو للتنويع والمعنى إن الربيع ينبت خيار العشب فتستكثر منه الماشية لاستطابتها إياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حد الاعتدال فتنفتق أمعاؤها من ذلك فتموت أو تقرب الموت ومن المعلوم أن الربيع ينبت أضراب العشب فهي كلها خير في نفسها وإنما يأتي الشر من قبل إفراط الأكل فكذلك المفرط في جمع المال من غير حله أو من الحلال المشغل عن حاله يكثر في التنعم بماله من غير تامل في مآله فيقسو قلبه من كثرة الأكل فيورث الأخلاق الدنية فيتكبر ويتجبر ويحقر الناس ويمنع ذا الحق حقه منها فحيث آل مآل المال لهلاكه في الدنيا ولعذابه في العقبى يصير سبب الوبال وشدة النكال وسوء الحال كذا في المرقاة وأشار إلى المثل الثاني أعني مثل المقتصد بقوله: (إلا آكلة الخضر) بمد همزة آكلة وكسر الكاف والخضر بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين للأكثر وهو ضرب من الكلأ يعجب الماشية واحده خضرة أي إلا الماشية التي تأكل الخضر وهي البقول التي ترعاها المواشي قال السندي: والاستثناء منقطع أي لكن آكلة الخضر تنتفع بأكلها فكأنها أخذت الكلاء على الوجه الذي ينبغي وقيل متصل مفرغ في الإنبات أي تقتل كل آكلة إلا آكلة الخضر والله تعالى أعلم.
قال القاضي عياض: هو عند الجمهور استثناء ورواه بعضهم بفتح الهمزة وتخفيف اللام على الاستفتاح أي انظروا آكلة الخضر وما كان منها اهـ أبي.
أي إلا آكلة الخضر التي (أكلت) منها ورعت فيها (حتى إذا امتلأت) شبعًا وامتدت
خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ. ثَلَطَتْ أَوْ بَالتْ. ثُمَّ اجْتَرَّتْ. فَعَادَتْ. فَأَكَلَتْ. فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ. وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ"
ــ
وعظمت (خاصرتاها) أي جنباها وفي رواية (امتدت) تثنية خاصرة بخاء معجمة وصاد مهملة وهما جانبا البطن من الحيوان (استقبلت الشمس) أي بركت مستقبلة إليها تستمرئ بذلك ما أكلت أي حتى إذا شبعت تركت الأكل ولم تأكل ما فوق طاقة كرشها حتى تقتلها كثرة الأكل وتوجهت إلى مسقط ضوئها واستراحت فيه و (ثلطت) بمثلثة ولام مفتوحتين ثم طاء مهملة أي ألقت ما في بطنها من السرقين رقيقًا سهلا والثلط الرجيع الرقيق وأكثر ما يقال للإبل والبقر والفيلة (أو بالت) أي أخرجت البول وأو هنا مانعة خلو (ثم اجترت) بالجيم الساكنة والراء المشددة أي استرفعت ما أدخلته في كرشها من العلف فاعادت مضغه.
قال النواوي: أي مضغت جرتها قال أهل اللغة: الجرة بكسر الجيم ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه والقصع شدة المضغ.
(فعادت) إلى الرعي أي ثم إذا حصل لها خفة واحتاجت إلى الأكل عادت إلى الرعي (فأكلت) قال الحافظ: والمعنى أنها إذا شبعت فثقل عليها ما أكلت تحيلت في دفعه بأن تجتر فيزداد نعومة ثم تستقبل الشمس فتحمى بها ليسهل خروجه فإذا خرج زال الانتفاخ فسلمت وهذا بخلاف ما إذا لم تتمكن من ذلك فإن الانتفاخ يقتلها سريعًا والله أعلم اهـ.
(فمن يأخذ مالًا) من أموال الدنيا (بحقه) أي يأخذه بقدر احتياجه من طريق حله ويضعه في حقه أي في محله (يبارك له فيه) أي في ذلك المال (ومن يأخذ مالًا بغير حقه) أي من طريق لا يستحقه بها كالربا والرشوة والغصب والسرقة مثلًا أو يصرفه في غير حقه من الوجوه المحرمة كالزنا وشرب الخمر (فمثله) أي صفته (كمثل الذي يأكل ولا يشبع) فيقع في الداء العضال والورطة المهلكة لغلبة الحرص عليه كالذي به داء جوع البقرة وكالمريض الذي به الاستسقاء حيثما يروى وكلما يشرب يزيد عطشًا وانتفاخًا ومعنى الحديث أن نبات الربيع وخضره يقتل حبطًا بالتخمة لكثرة الأكل أو يقارب القتل إلا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعو إليه الحاجة وتحصل به الكفاية المقتصدة فإنه لا يضره وهكذا المال هو كنبات الربيع مستحسن تطلبه النفوس وتميل إليه فمنهم من يستكثر منه
(2303)
(0)(0) حدّثني أَبُو الطَّاهِرِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ. قَال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَن عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛
ــ
ويستغرق فيه غير صارف له في وجوهه فهذا يهلكه أو يقارب إهلاكه ومنهم من يقتصد فيه فلا يأخذ إلا يسيرًا وإن أخذ كثيرًا فرقه في وجوهه كما تثلطه الدابة فهذا لا يضره هذا مختصر معنى الحديث والله أعلم اهـ فتح الملهم.
قوله: (فمثله كمثل الذي يأكل ولا يشبع) قال الزين بن المنير في هذا الحديث وجوه من التشبيهات البديعة:
أولها: تشبيه المال ونموه بالنبات وظهوره.
وثانيها: تشبيه المنهمك في الاكتساب والأسباب بالبهائم المنهمكة في الأعشاب.
وثالثها: تشبيه الاستكثار منه والادخار له بالبشرة في الأكل والامتلاء منه.
ورابعها: تشبيه الخارج من المال مع عظمته في النفوس حتى أدى إلى المبالغة في البخل به بما تطرحه البهيمة من السلح ففيه إشارة بديعة إلى استقذاره شرعًا.
وخامسها: تشبيه المتقاعد عن جمعه وضمه بالشاة إذا استراحت وحطت جانبها مستقبلة عين الشمس فإنها من أحسن حالاتها سكونًا وسكينة وفيه إشارة إلى إدراكها لمصالحها.
وسادسها: تشبيه موت الجامع المانع بموت البهيمة الغافلة عن دفع ما يضرها.
وسابعها: تشبيه المال بالصاحب الذي لا يؤمن أن ينقلب عدوًا فإن المال من شأنه أن يحرز ويشد وثاقه وذلك يقتضي منعه من مستحقه فيكون سببًا لعقاب مقتنيه.
وثامنها: تشبيه آخذه بغير حق بالذي يأكل ولا يشبع اهـ.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 7) وابن ماجه (3995).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2303)
(0)(0) حدثني أبو الطاهر أخبرنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم المدني (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مدنيون واثنان بصريان غرضه بسوقه بيان متابعة عطاء بن يسار لعياض بن عبد الله.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيكُمْ مَا يُخْرِجُ اللهُ لَكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا" قَالُوا: وَمَا زَهْرَةُ الدُّنْيَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "بَرَكَاتُ الأرضِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ؟ قَال: "لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. لَا يَأْتِي الْخَيرُ إِلَّا بِالْخَيرِ. إِن كُل مَا أَنْبَتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ. إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ. فَإِنَّهَا تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ. ثُمَّ اجْتَرَّتْ وَبَالتْ وَثَلَطَتْ
ــ
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخوف ما أخاف عليكم) من فتن الدنيا (ما يخرج الله) سبحانه وتعالى أي فتنة ما يخرجه الله ويظهره ويعطيه الكم من زهرة الدنيا) أي من زينتها وما يزهر منها مأخوذ من زهر الأشجار وهو ما يصفر من نوارها والنور هو الأبيض منها وهذا قول ابن الأعرابي وحكى أبو حنيفة أن النور والزهر سواء وقد فسرها صلى الله عليه وسلم بانها بركات الأرض اهـ مفهم.
(قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم هي: (بركات الأرض) وحسنها وزينتها أي ما تزهر به الأرض وتخرجه من الخيرات والخصب والثمار والنبات (قالوا: يا رسول الله وهل يأتي الخير) الذي هو نعيم الدنيا (بالشر) والضرر الذي هو العقوبة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا يأتي الخير) الحقيقي (إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخير لا يأتي الخير إلا بالخبر) كرره ثلاثًا مبالغة في التأكيد (أن كل ما أنبت الربيع) فيه إسناد مجازي كما قد سبق.
(يقتل) الماشية حبطًا وتخمة (أو يلم) ويقرب إلى أن يقتله أي يقتل آكلته (إلا أكلة الخضر) وهذا مثل للمقتصد وذلك أن الخضر ليس من أجرار البقول وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي الأمطار فتحسن وتنعم ولكنه من البقول التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول ويبسها حيث لا تجد سواها فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستمر بها فضرب آكلة الخضر من المواشي مئلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها ولا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها فهو بنجوة من وبالها كما نجت آكلة الخضر (فإنها تكل) من الخضر (حتى إذا امتدت) وارتفعت (خاصرتاها) أي جنباها (استقبلت الشمس) أي توجهت عين الشمس لتحمي نفسها (ثم اجترت) أي استرفعت ما في جوفها إلى فمها وتمضغه حتى يصير ناعمًا دقيقًا ثم تبلعه (وبالت) أي أخرجت البول (وثلطت) أي
ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلَتْ. إِنَّ هذَا الْمَال خَضِرَة حُلْوَة. فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ، فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ. وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيرِ حَقِّهِ، كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ".
(2304)
(0)(0) حدّثني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ الدَّسْتَوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ،
ــ
أخرجت الثلط وهو السرقين الرقيق فإذا ثلطت زال عنها الحبط (ثم عادت) إلى المرعى (فأكلت) أي رعت مرة ثانية (أن هذا المال) الدنيوي (خضرة) أي كالبقلة الخضراء التي يحسن النظر إليها (حلوة) أي حالية الطعم أي إن هذا المال كالبقلة حسنة المنظر لذيذة في المذاق وجاءت الرواية هنا بالتأنيث على معنى تأنيث المشبه به أي كالبقلة الخضرة الحلوة. وقال ابن الملك: على تأويل إن العيشة بالمال خضرة حلوة اهـ.
(فمن أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة) أي فنعم المعين على الطاعة والمخصوص بالمدح (هو) أي ذلك المال وذكر الفعل والمخصوص بالمدح نظر إلى كون المعونة بمعنى المعين.
وفي فتح الملهم: قوله: (فنعم المعونة هو) الخ أي ما يعان به على الطاعة ويدفع به ضروريات المؤنة إذ المراد بالمعونة الوصف مبالغة أي فنعم المعين على الدين وضمير هو راجع إلى المال قال الحافظ: وفيه إشارة إلى عكسه وهو بئس الرفيق هو لمن عمل فيه بغير الحق وقوله (كالذي يأكل ولا يشبع) ذكره في مقابلة: (فنعم المعونة هو) اهـ منه.
(ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع) أي كمن به جوع البقرة.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2304)
(0)(0)(حدثني علي بن حجر) بن إياس السعدي المروزي نزيل بغداد ثم مرو ثقة من (9)(أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم) ابن علية الأسدي البصري (عن هشام) بن أبي عبد الله سنبر (صاحب الدستوائي) بفتح الدال والمثناة بينهما مهملة ساكنة وبالمد نسبة إلى دستواء من كور الأهواز وكان يبيع الثياب التي تجلب منها فنسب إليها أبي بكر البصري (عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي ثقة من (5)
عَنْ هِلالِ بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَال: جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ. وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ. فَقَال: "إِنَّ مِمَّا أَخَافُ عَلَيكُمْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا" فَقَال رَجُل: أَوَ يَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يُكَلِّمُكَ؟ قَال: وَرَأينَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيهِ. فَأفَاقَ يَمْسَحُ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ
ــ
(عن هلال) بن علي بن أسامة (بن أبي ميمونة) ويقال: (ابن أبي هلال) القرشي العامري المدني ثقة من (5) روى عنه في (3) أبواب (عن عطاء بن يسار) الهلالي المدني (عن أبي سعيد الخدري) الأنصاري المدني رضي الله عنه.
وهذا السند من سباعياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان وواحد يمامي وواحد مروزي غرضه بيان متابعة هلال بن أبي ميمونة لزيد بن أسلم في رواية هذا الحديث عن عطاء بن يسار.
(قال) أبو سعيد: (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال: إن مما أخاف عليكم بعدي) من الفتن (ما يفتح عليكم) أي فتنة ما يفتح عليكم (من زهرة الدنيا وزينتها) أي إن من جملة ما أخشى عليكم.
قال العيني: ويجوز أن تكون ما مصدرية والتقدير: إن من خوفي عليكم وما في قوله: (ما يفتح) يحتمل الوجهين أيضًا اهـ.
(فقال رجل) من الحاضرين لم أعرف اسمه: (أ) تقول ذلك (و) هل (يأتي الخير بالشر يا رسول الله قال) أبو سعيد: (فسكت عنه) أي عن الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له) أي للرجل أي فقال بعض الحاضرين للرجل السائل ظانا أنه عليه الصلاة والسلام رأى سؤاله منكرًا: (ما شانك) وحالك أيها الرجل (تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك) ولا يجيب كلامك (قال) أبو سعيد: (ورأينا) أي ظننا (أنه) صلى الله عليه وسلم (ينزل عليه) الوحي أي يوحى إليه بواسطة جبريل وإلا فهو ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إما وحيا جليا أو خفيا اهـ ملا علي.
(فأفاق) من شدة ما يراه عند الوحي حالة كونه (يمسح عنه) أي عن جسده الشريف (الرحضاء) أي العرق الحاصل من شدة الوحي وأكثر ما يسمى به عوف الحمَّى.
وَقَال: "إِنَّ هذَا السَّائِلَ"(وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ) فَقَال: "إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيرُ بِالشَّرِّ. وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ. إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ. فَإِنَّهَا أَكَلَتْ. حتَّى إِذَا امْتَلأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَينَ الشَّمْسِ
ــ
وفي فتح الملهم: الرحضاء بضم الراء وفتح المهملة ثم المعجمة والمد هو العرق وقيل: للكثير وقيل: عرق الحُمي وأصل الرحض بفتح ثم سكون الغسل ولهذا فسره الخطابي: إنه عرق يرحض الجلد لكثرته اهـ.
(وقال) صلى الله عليه وسلم: (أن هذا السائل) لحقيق أن يجاب فأين هو؟
قال النواوي: هكذا هو في بعض النسخ وفي بعضها: أين وفي بعضها أنَّى وفي بعضها: أيُّ. وكله صحيح فمن قال: أنَّى أو أين فهما بمعنى ومن قال: إن فمعناه والله أعلم إن هذا هو السائل الممدوح الحاذق الفطن ومن قال: أيٌّ فمعناه أيكم فحذف الكاف والميم (و) لهذا قال الراوي (كأنه) صلى الله عليه وسلم (حمده) أي حمد ذلك السائل والحاصل أنهم لاموه أولا حيث رأوا سكوت النبي صلى الله عليه وسلم فظنوا أنه أغضبه ثم حمدوه آخرًا لما رأوا مسألته سببًا لاستفادة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأما قوله: (فكأنه حمده) فأخذه من قرينة الحال (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: (إنه لا يأتي الخير) الحقيقي (بالثمر و) لكن (أن مما ينبت الربيع) أي إن أغلب ما ينبت الربيع (يقتل) آكلته حبطًا وتخمة (أو يلم) قتلها قال الحافظ: ومما فيه للتكثير وليست من للتبعيض لتوافق رواية كلما أنبت.
وفي بعض الهوامش: قوله: وإن مما ينبت الربيع الخ ووقع في الروايتين السابقتين إن كل ما ينبت الربيع أو أنبت الربيع ورواية (كل) محمولة على رواية (مما) وهو من باب {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيءٍ} {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيءٍ} اهـ نواوي.
وقوله: (يقتل) إلخ قال العيني: فيه حذف ما سقط في الكلام من الرواية تقديره: ما يقتل اهـ.
وهو اسم إن كما في ما يفتح عليكم اهـ.
وهذا الكلام كله وقع كالمثل للدنيا وقد وقع التصريح بذلك في مرسل سعيد المقبري اهـ.
(إلا آكلة الخضر فإنها أكلت) أي فإنها تأكله (حتى إذا امتلات) شبعًا وارتفعت (خاصرتاها) أي جنباها (أستقبلت عين الشمس) أي تركت الأكل وبركت مستقبلة ذات
فَثَلَطَتْ وَبَالتْ. ثُمَّ رَتَعَتْ. وَإِنَّ هذَا الْمَال خَضِرٌ حُلْوٌ. وَيعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكِينَ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ (أَوْ كَمَا قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيرِ حَقِّهِ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ. ويكُونُ عَلَيهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
ــ
الشمس ولم تأكل ما فوق طاقة كرشها (فثلطت) أي أخرجت الروث الرقيق (وبالت) أي أخرجت البول (ثم رتعت) أي رعت واتسعت في المرعى (وإن هذا المال خضر) أي حسن المنظر كالخضروات (حلو) أي لذيذ المذاق كالحلاوة (ونعم صاحب المسلم) أي نعم رفيقه والمخصوص بالمدح (هو) أي هذا المال المن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل) فيه فضيلة المال لمن أخذه بحقه وصرفه في وجوه الخير وفيه حجة لمن يرجح الغنى على الفقر والله أعلم.
(أو) لفظ الحديث (كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شك الراوي هل قال الرسول لفظة (نعم صاحب المسلم هو) أو قال (نعم المعونة هو) أو قال (نعم العون هو) مثلًا.
قال الحافظ: والشك من يحيى بن أبي كثير اهـ.
(وإنه) أي وإن هذا المال (من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة) أي حجة عليه يوم يشهد على حرصه وإسرافه وأنه أنفقه فيما لا يرضاه الله تعالى ولم يؤد حقه من مال الله لعباد الله.
قال الحافظ: يحتمل أن يشهد عليه حقيقة بأن ينطقه الله تعالى ويجوز أن يكون مجازًا والمراد شهادة الملك الموكل به اهـ.
وعبارة القرطبي هنا: يحتمل البقاء على ظاهره وهو أنه يجاء بماله يوم القيامة فينطق الصامت منه بما فعل فيه أو يمثل له أمثال حيوانات كما جاء في مال مانع الزكاة من أنه يمثل له ماله شجاعًا أقرع أو يشهد عليه الموكلون بكتب الكسب والإنفاق وإحصاء ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ من المفهم.
ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث آخر لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال:
(2305)
(1018) - (168) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، فِيمَا قُرِئَ عَلَيهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أن نَاسًا مِنَ الأنصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَأَعْطَاهُمْ. ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ. حَتى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَال: "مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ. وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ. وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ. وَمَنْ يَصْبِرْ
ــ
(2305)
(1018)(168)(حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي) المدني نزيل الشام (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم مدنيون إلا قتيبة بن سعيد فإنه بلخي (أن ناسًا من الأنصار) رضي الله تعالى عنهم لم أر من ذكر أسماءهم (سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا من مال الله تعالى (فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم) فيه إعطاء السائل مرتين (حتى إذا نفد) بكسر الفاء من باب فهم أي فرغ وفني (ما عنده) صلى الله عليه وسلم من المال (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما يكن) أي يوجد (عندي من خير) أي مال وما شرطية ويكن تامة فعل شرط لما.
وفي بعض الروايات: (ما يكون عندي) بالرفع فما حينئذ موصولة متضمنة معنى الشرط والمعنى الذي يوجد عندي من مال الله تعالى.
(فـ) أنا أعطيكم و (لن أدخره) أي فلن أجعله مدخرًا مخبوءًا لنفسي أو لغيركم مستبدًا به معرضًا (عنكم) والجملة الفعلية جواب الشرط ربطها بالفاء وجوبًا لاقترانها بلن الناصبة كما هو القاعدة النحوية وفيه ما كان عليه من السخاء وإنفاذ أمر الله والاعتذار إلى السائل والحض على التعفف وفيه جواز السؤال للحاجة وإن كان الأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه بغير مسألة (ومن يستعفف) أي يمتنع عن السؤال للخلق (يعفه الله) بتشديد الفاء المفتوحة أي يجازه على استعفافه بصيانة وجهه ورفع فاقته.
وقال ابن التين: معناه إما بأن يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما بأن يرزقه القناعة والله أعلم.
(ومن يستغن) بالله وبما أعطاه عمن سواه (يغنه الله) أي يخلق في قلبه الغنى فإن الغنى غنى النفس كما مر أو يعطه ما يستغنى به عن الخلق (ومن يصبر) وفي بعض الرواية: (ومن يتصبر) أي يكلف نفسه على الصبر وترك السؤال ويصبر إلى أن يحصل له
يُصَبِّرْهُ اللهُ. وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ"
ــ
الرزق (يصبِّره الله) أي يقوه ويمكنه من نفسه حتى تنقاد له وتذعن لتحمل الشدائد وعند ذلك يكون الله معه فيظفره بمطلوبه ويوصله إلى مرغوبه اهـ من المفهم.
وعبارة العون هنا: (ومن يستعفف) أي من يطلب من نفسه العفة عن السؤال وليست السين لمجرد التأكيد (يعفه الله) أي يجعله عفيفًا من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي يعني من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفنى (ومن يستغن) أي يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيًّا من التعفف (يغنه الله) أي يجعله غنيًّا أي بالقلب.
لأن الغنى ليس عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس (ومن يتصبر) أي يطلب توفيق الصبر من الله لأن الله تعالى قال لنبيه: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلا بِاللَّهِ} أو يأمر نفسه بالصبر ويكلفها بتحمل مشاقه وهو تعميم بعد تخصيص لأن الصبر يشمل صبرًا على الطاعة وصبرًا عن المعصية وعلى البلية أو من يتصبر عن السؤال والتطلع إلى ما في أيدي الناس بأن يتجرع مرارة ذلك ولا يشكو حاله لغير ربه (يصبره الله) بالتشديد أي يسهل عليه الصبر فتكون الجمل مؤكدات ويؤيد إرادة معنى العموم قوله: (وما أعطي أحد) بالرفع نائب فاعل لأعطى (من عطاء) من زائدة عطاء بمعنى شيئا معطى مفعول ثان لأعطى (خير) بالرفع خبر لمبتدإ محذوف (وأوسع) معطوف على خير (من الصبر) تنازع فيه كل من خير وأوسع والجملة الاسمية صفة لعطاء بمعنى معطي أي وما أعطى أحد من الناس عطاء هو خير وأوسع وأشرح للصدر من الصبر وذلك لأن مقام الصبر أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الأخلاق والصفات والحالات كذا في المرقاة وفي بعض الروايات: (خيرًا وأوسع) بالنصب فيهما صفة لعطاء تابع لمحله وهي أوضح قال النواوي: كذا في نسخ مسلم خير بالرفع وهو صحيح والتقدير: هو خير وأوسع كما في رواية البخاري من طريق مالك وفي الحديث الحض على الاستغناء عن الناس والتعفف عن سؤالهم بالصبر والتوكل على الله وانتظار ما يرزقه الله وأن الصبر أفضل ما يعطاه المرء.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 93) والبخاري (1469) وأبو داود (1644) والترمذي (2024) والنسائي (5/ 95 - 96).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال:
(2306)
(0)(0) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
(2307)
(1019) - (169) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمنِ الْمُقْرِئُ، عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ. حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ (وَهُوَ ابْنُ شَرِيكٍ) عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ؛
ــ
(2306)
(0)(0)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي (أخبرنا عبد الرزاق) بن همام (أخبرنا معمر) بن راشد (عن الزهري) غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة معمر لمالك بن أنس (بهذا الإسناد) أي أخبرنا معمر بهذا الإسناد يعني عن عطاء عن أبي سعيد (نحوه) أي نحو ما حدَّث مالك عن الزهري.
ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقال:
(2307)
(1019)(169)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ) عبد الله بن يزيد المّصير المصري نزيل مكة ثقة من (9) روى عنه في (8) أبواب (عن سعيد بن أبي أيوب) مقلاص الخزاعي مولاهم أبي يحيى المصري ثقة من (7) روى عنه في (5) أبواب (حدثني شرحبيل وهو ابن شريك) المعافري أبو محمد المصري.
روى عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي في الزكاة والنكاح وعلي بن رباح ويروي عنه (م دت س) وسعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث وابن لهيعة قال أبو حاتم: صالح الحديث وقال النسائي: ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب: صدوق من السادسة (عن أبي عبد الرحمن الحبلي) منسوب إلى بني حبل بطن من الأنصار -والمشهور في استعمال المحدثين ضم الباء منه والمشهور عند أهل العربية فتحها ومنهم من سكنها قاله النووي- المعافري المصري روى عن عبد الله بن عمرو في الزكاة والنكاح والجهاد والقدر والزهد وأبي أيوب في الجهاد وأبي سعيد الخدري في الجدال وجابر بن عبد الله في اللباس ويروي عنه (م عم) وشرحبيل بن شريك وأبو هانئ الخولاني وعياش بن عباس وثقه ابن سعد والعجلي وابن معين وقال في التقريب ثقة من الثالثة مات بإفريقية سنة مائة (105)(عن عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وائل السهمي أبي محمد المدني بينه وبين ابنه إحدى عشرة سنة.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أسْلَمَ، وَرُزِقَ كفافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتاهُ".
(2308)
(1020) - (170) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَأَبُو سَعِيدٍ الأَشَجِّ. قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. حَدَّثَنَا الأعمَشُ. ح وَحَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ. كِلاهُمَا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، أَبِي هُرَيرَةَ؛
ــ
وهذا السند من سداسياته رجاله أربعة منهم مصريون وواحد مدني وواحد كوفي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح) أي فاز وظفر بمطلوب الدنيا والآخرة (من أسلم) وجهه لله وانقاد لشريعة الإسلام (ورزق كفافًا) أي ما يكفه ويمنعه من مسئلة الناس والكفاف بفتح الكاف من الكف بمعنى المنع لا من الكفاية كما يتوهم (وقنعه الله) سبحانه (بما آتاه) من الرزق فلم تطمح نفسه لطلب ما زاد على ذلك فمن حصل له ذلك فقد فاز اهـ مناوي.
قال القرطبي: والكفاف ما يكف عن الحاجات ويدفع الضرورات والفاقات ولا يلحق بأهل الترفهات ومعنى هذا الحديث أن من فعل تلك الأمور واتصف بها فقد حصل على مطلوبه وظفر بمرغوبه في الدنيا والاخرة اهـ من المفهم.
قال النواوي: فيه فضيلة هذه الأوصاف.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 168 و 172) والترمذي (2348) وابن ماجه (4138).
ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله بن عمرو بحديث أبي هريرة رضي الله عنهم فقال:
(2308)
(1020)(175)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو) بن محمد بن بكير (الناقد) أبو عثمان البغدادي (وأبو سعيد الأشج) الكندي عبد الله بن سعيد بن حصين الكوفي (قالوا: حدثنا وكيع حدثنا الأعمش ح وحدثني زهير بن حرب حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي (عن أبيه) فضيل بن غزوان (كلاهما) أي كل من الأعمش وفضيل بن غزوان رويا (عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة الضبي الكوفي (عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي ثقة من (3)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا"
ــ
وهذان السندان من سداسياته ومن لطائفهما أن رجالهما كلهم كوفيون إلا أبا هريرة وعمرًا الناقد.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل رزق آل محمد) أي ذريته وأهل بيته أو أتباعه وأحبابه على وجه الكمال اهـ ملا علي.
ومفاد ما ذكره ابن الملك كون آل مقحمًا (قوتًا) قال النواوي: القوت عند أهل اللغة والعربية ما يسد الرمق اهـ.
وفي المشكاة زيادة: وفي رواية (كفافًا) فقال ملا علي: وهو من القوت ما يكف الرجل عن الجوع أو عن السؤال والظاهر أن هذه الرواية تفسير للأول اهـ.
قال القرطبي: قوله: (قوتًا) أي ما يقوتهم ويكفيهم بحيث لا يشوشهم الجهد ولا ترهقهم الفاقة ولا تذلهم المسألة والحاجة ولا يكون أيضًا في ذلك فضول يخرج إلى الترف والتبسط في الدنيا والركون إليها وهذا يدل على زهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا وعلى تقلله منها وهو حجة لمن قال: إن الكفاف أفضل من الفقر والغنى اهـ من المفهم.
قال النواوي: وفي الحديث فضيلة التقلل من الدنيا والاقتصار على القوت منها والدعاء بذلك اهـ وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 446 و 481) والترمذي (2361) وابن ماجه (4139).
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب خمسة أحاديث:
الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.
والثاني: حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين.
والثالث: حديث أبي سعيد الخدري أيضًا ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.
والرابع: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة.
والخامس: حديث أبي هريرة ذكره للاستشهاد به لحديث عبد الله بن عمرو والله أعلم.