المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ١٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌422 - (40) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين

- ‌423 - (41) باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه وأن كل معروف صدقة

- ‌424 - (42) باب الدعاء للمنفق وعلى الممسك والأمر بالمبادرة إلى الصدقة قبل فوتها وعدم قبولها إلا من الكسب الطيب وتربيتها عند الرحمن

- ‌425 - (43) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة وحث الإمام على الصدقة إذا رأى فاقة

- ‌426 - (44) باب النهي عن لمز المتصدق والترغيب في صدقة المنيحة وبيان مثل المتصدق والبخيل وقبول الصدقة وإن وقعت في يد غير مستحق

- ‌427 - (45) باب أجر الخازن الأمين والمرأة تنفق من طعام بيتها والعبد من مال سيده

- ‌428 - (46) باب فضل من جمع الصدقة وأعمال الخير والحث على الأنفاق والنهي عن الإحصاء

- ‌429 - (47) باب النهي عن احتقار قليل الصدقة وفضل إخفائها وأي الصدقة أفضل وفضل اليد العليا والتعفف عن المسألة

- ‌430 - (48) باب من أحق باسم المسكنة وكراهة المسألة للناس وبيان من تحل له المسألة

- ‌431 - (49) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير سؤال ولا استشراف وكراهة الحرص على المال والعمر

- ‌432 - (50) باب الغنى غنى النفس وما يخاف من زهرة الدنيا وفضل التعفف والصبر والكفاف والقناعة

- ‌433 - (51) باب إعطاء السائل ولو أفحش في المسألة وإعطاء المؤلفة قلوبهم وتصبر من قوي إيمانه

- ‌434 - (52) باب وجوب الرضا بما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما أعطى وكفر من نسب إليه جورًا وذكر الخوارج

- ‌(تتمة)

- ‌435 - (53) باب التحريض على قتل الخوارج وبيان أنهم شر الخلق والخليقة

- ‌436 - (54) باب تحريم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وترك استعمال آله صلى الله عليه وسلم على الصدقة

- ‌437 (55) باب الصدقة إذا بلغت محلها جاز لمن كان قد حرمت عليه أن يأكل منها وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة ودعاء المصدِّق لمن جاء بصدقته والوصاة بإرضاء المصدِّق

- ‌ كتاب الصيام

- ‌438 - (56) باب فضل شهر رمضان والصوم والفطر لروية الهلال فإن غم تكمل العدة ثلاثين يومًا

- ‌439 - (57) باب النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وأن الشهر يكون تسعًا وعشرين

- ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

- ‌441 - (59) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وبيان الفجر الَّذي يتعلق به الأحكام

- ‌442 - (60) باب الحث على السحور واستحباب تأخيره وتعجيل الإفطار وبيان وقت إفطار الصائم

- ‌443 - (61) باب النهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة للصائم

- ‌444 - (62) باب صوم من أدركه الفجر وهو جنب وكفارة من أفطر في رمضان بالجماع متعمدًا

الفصل: ‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرا وشهران لا ينقصان

‌440 - (58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

(2409)

(1053) - (253) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ (قَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا وَقَال الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ) عَنْ مُحَمَّدٍ (وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ) عَنْ كُرَيبٍ؛ أَنَّ أُمّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاويةَ بِالشَّامِ. قَال: فَقَدِمْتُ الشَّامَ. فَقَضَيتُ حَاجَتَهَا. وَاسْتُهِلَّ

ــ

440 -

(58) باب لأهل كل بلد رؤيتهم عند التباعد وفي الهلال يرى كبيرًا وشهران لا ينقصان

(2409)

(1053)(203)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى) التميمي النيسابوري (ويحيى بن أيوب) المقابري البغدادي (وقتيبة) بن سعيد البلخي (و) علي (بن حجر) السعدي المروزي (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا وقال الآخرون حَدَّثَنَا إسماعيل وهو ابن جعفر) بن أبي كثير الزرقي المدني ثقة من (8)(عن محمد وهو ابن أبي حرملة) القرشي مولاهم المدني ثقة من (6) روى عنه في (6) أبواب (عن غريب) بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم المدني ثقة من (3) روى عنه في (7) أبواب (أن أم الفضل) لبابة بضم اللام وتخفيف الموحدتين بنت الحارث بن حزن بفتح الحاء وسكون الزاي وبعدها نون الهلالية المدنية زوجة العباس بن عبد المطلب وأخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم لها (30) ثلاثون حديثًا اتفقا على حديث وانفرد كل منهما بحديث أم عبد الله بن عباس ماتت قبل العباس في خلافة عثمان وصلى عليها عثمان روى عنها في بابين (2).

وهذا السند من خماسياته رجاله ثلاثة منهم مدنيون وواحد طائفي وواحد إما نيسابوري وإما بغدادي وإما بلخي وإما مروزي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة.

(بعثته) أي بعثت كريبًا مولاها أو مولى ابن عباس أي أرسلته (إلى معاوية) بن أبي سفيان لحاجة لها عنده حالة كون معاوية (بالشام قال) غريب: (فقدمت الشام) لقضاء حاجتها (فقضيت حاجتها واستهل) بالبناء للمفعول وأصل استهلَّ من الإهلال الَّذي هو

ص: 360

عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّام. فَرَأَيتُ الْهِلَال لَيلَةَ الْجُمُعَةٍ. ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ في آخِرِ الشَّهْرِ. فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما. ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَال فَقَال: مَتَى رَأَيتُمُ الْهِلَال؟ فَقُلْتُ: رأَينَاهُ لَيلَةَ الْجُمُعَةِ. فَقَال: أَنْتَ رَأَيتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. وَرَآهُ النَّاسُ. وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاويةُ. فَقَال: لَكِنَّا رَأَينَاهُ لَيلَةَ السَّبْتِ. فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ. أَوْ نَرَاهُ. فَقُلْتُ: أَوَلَا تَكْتَفِي

ــ

رفع الصوت عند رؤية الهلال ثم غلب عرف الاستعمال فصار يفهم منه رؤية الهلال ومنه سمي الهلال لما كان يهل عنده اهـ من المفهم.

أي طلع (عليَّ رمضان) وظهر هلاله (وأنا بالشام) لحاجتها قال غريب: (فرأيت) وعبارة الترمذي في سننه فرأينا (الهلال) أي هلال رمضان وهو المناسب لسياق الكلام الآتي وهو القمر أول ظهوره رقيقًا على صورة القوس (ليلة الجمعة) أول ليلة من رمضان بالشام وفي قوله: (رمضان) دليل على أن العرب تذكر رمضان بدون التزام شهر في أوله ويدل عليه الحديث المتقدم في أول كتاب الصوم (إذا جاء رمضان إلخ) وتقدم في كتاب الصلاة في باب الترغيب في قيام رمضان (من قام رمضان إلخ)(ومن صام رمضان إلخ) وكذلك سائر أسماء الشهور إلَّا شهري ربيع لأن لفظ ربيع مشرك بين الشهر والفصل فالتزموا لفظ شهر في الشهر وحذفوه في الفصل للتمييز بينهما كما في المصباح (ثم قدمت المدينة في آخر الشهر) أي في آخر شهر رمضان (فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يعني عن أشياء من أمور الإسلام والمسلمين في الشام (ثم) بعد سؤاله عن أشياء (ذكر الهلال) أي سالني عن هلال رمضان (فقال: متى رأيتم الهلال فقلت: رأيناه) معاشر أهل الشام (ليلة الجمعة فقال) لي ابن عباس: (أنت) يا غريب (رأيته) أي رأيت الهلال بعينك (فقلت نعم) رأيته بعيني (ورآه الناس) من أهل الشام (وصاموا وصام معاوية) بن أبي سفيان (فقال) لي ابن عباس: (لكنا) بالتشديد بإدغام نون لكن في نون الضمير أي لكن نحن معاشر أهل المدينة (رأيناه) أي رأينا هلال رمضان (ليلة السبت) من أول رمضان عندهم (فلا نزال) ولا نبرح (نصوم) صوم رمضان (حتَّى نكمل) من الإكمال أو التكميل أي نكمل رمضان (ثلاثين) يومًا من رؤيتنا (أو) حتَّى (نراه) أي نرى الهلال قبل إكماله (فقلت) له: (أولا تكتفي) الهمزة داخلة على محذوف والواو عاطفة على ذلك المحذوف أي أتستمر في صوم آخر الشهر ولا تكتفي في إفطارك آخر الشهر

ص: 361

بِرُؤْيةِ مُعَاويةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَال: لَا. هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَشَكَّ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى في: نَكْتَفِي، أَوْ تَكْتَفِي

ــ

(برؤية معاوية) هلال رمضان في أوله (و) بـ (صيامه) أول الشهر الدال على كمال الشهر ووجوب الفطر منه (فقال) ابن عباس: (لا) أكتفي برؤية معاوية وصيامه بل نصوم على حساب رؤيتنا حتَّى نكمل الشهر لبعد ما بين الحجاز والشام فلا يلزمنا حكم رؤيتهم لبعد ما بين الإقليمين قال القاضي عياض: وعدم اعتداده برؤية معاوية يحتمل أنَّه بناء على مذهبه أن لكل قوم رؤيتهم أو لأنه لم يقبل خبر الواحد أو لأمر كان يعتقده في ذلك أو لاختلاف أفقهم وقيل: لأن السماء كانت بالمدينة مصحية فلما لم يروه ارتابوا في الخبر اهـ والمشار إليه بقوله: (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قوله: (فلا نزال نصوم حتَّى نكمل ثلاثين) والأمر الكائن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ: (لا تصوموا حتَّى تروا الهلال ولا تفطروا حتَّى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) وهذا لا يختص بأهل ناحية على جهة الانفراد بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم ولو سلم توجه الإشارة في كلام ابن عباس إلى عدم لزوم رؤية أهل بلد لأهل بلد آخر لكان عدم اللزوم مقيدًا بدليل العقل وهو أن يكون بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع وعدم عمل ابن عباس برؤية أهل الشام مع عدم البعد الَّذي يمكن معه الاختلاف عمل بالاجتهاد وليس بحجة اهـ من فتح الملهم (وشك يحيى بن يحيى) التميمي (في) لفظ (نكتفي) هل هو بالنون (أو تكتفي) بالتاء وغيره جزم كونه بالتاء.

وفي بعض الهوامش: قوله: (فقال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سنن الترمذي قال أبو عيسى: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم اهـ كل قوم مخاطبون بما عندهم. كما في أوقات الصلاة والمذكور في كتب الفقه لأهل مذهبنا يعني الأحناف أن اختلاف المطالع غير معتبر فيجب العمل بالأسبق رؤية حتَّى لو رؤي في المشرق ليلة الجمعة وفي المغرب ليلة السبت وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق فيلزمهم قضاء يوم لصومهم تسعة وعشرين يومًا

ص: 362

(2410)

(1054) - (204) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَن حُصَينٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَختَرِيِّ

ــ

إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب لتعلق الخطاب عامًّا بمطلق الرؤية في حديث (صوموا لرؤيته) بخلاف أوقات الصلاة ولا كلام في نفس اختلاف المطالع فإنه كما قال العيني: مثبت في علم الهيئة والفلك وإنما الخلاف في اعتباره وعدم اعتباره والله أعلم اهـ بل الصواب توحيد الرؤية لإظهار وحدة المسلمين ثم إنه بعد التقدم العلمي الهائل في وقتنا المعاصر أصبح من الممكن إثبات يوم الرؤية بشكل صحيح اعتمادًا على علم الفلك الَّذي حقق سبقًا علميًّا لا يضاهى مقترنًا بتقدَّم أجهزة الحاسوب فصار من الممكن والمحقق إثبات يوم الرؤية إلى ما بعد مئات السنين وكلنا نأمل في أن يتحقق توحيد يوم الرؤية لدى المسلمين كما تحقق توحيد وقوفهم في عرفات اهـ من هامش المفهم.

وعلم الهيئة هو علم الفلك ويختص بدراسة أصل الكون وتطوره ويبحث عن أحوال الأجرام السماوية وعلاقة بعضها ببعض وما لها من تأثير في الأرض اهـ منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (1832) والترمذي (693) والنسائي (4/ 131).

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثاني من الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

(2410)

(1054)(204)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي (حَدَّثَنَا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي الكوفي صدوق من (9)(عن حصين) بن عبد الرحمن السلمي الكوفي ثقة من (5) روى عنه في (15) أبواب (عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الهمداني الأعمى الكوفي ثقة من (5) روى عنه في (13) بابا (عن أبي البختري) بفتح الموحدة وإسكان الخاء المعجمة وفتح التاء سعيد بن فيروز الطائي مولاهم الكوفي التابعي روى عن ابن عباس في الصوم والبيوع وعمر وعلي وابن عمر قال ابن معين: ثقة ثبت ولم يسمع من علي شيئًا ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم وذكره ابن حبان في الثقات وقال العجلي: تابعي ثقة فيه تشيع قليل ويروي عنه (ع) وعمرو بن مرة وقال في التقريب: ثقة ثبت من الثالثة مات سنة ثلاث وثمانين (83) عام الجماجم كذا في النواوي وأراد بعام

ص: 363

قَال: خَرَجْنَا لِلْعُمْرَةِ. فَلَمَّا نَزَلْنَا بِبَطْنِ نَخْلَةَ قَال: تَرَاءَينَا الْهِلَال. فَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ. وَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيلَتَينِ. قَال: فَلَقِينَا ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقُلْنَا: إِنا رَأَينَا الْهِلَال. فَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ. وَقَال بَعْضُ الْقَوْمِ: هُوَ ابْنُ لَيلَتَينِ. فَقَال:

ــ

الجماجم عام وقعة دير الجماجم قرب الكوفة وهي كما في القاموس: السادات لكثرة من قتل به من قراء المسلمين وساداتهم اهـ.

(قال) أبو البختري: (خرجنا) من الكوفة (للعمرة فلما نزلنا ببطن نخلة) قرية مشهورة شرقية مكة تسمى الآن بالمضيق قال ابن حجر: وقال القرطبي: موضع معروف بذات عرق لذلك قال في رواية أخرى (أهللنا رمضان ونحن بذات عرق) اهـ.

(قال) أبو البختري: (تراءينا الهلال) أي اجتمعنا لرؤية الهلال أو أرى بعضنا بعضًا لخفاء نظره أو عدم علمه بمسقط قمره كذا في المرقاة.

وقال النووي: معناه تكلفنا النظر إلى جهته لنراه اهـ والأول هنا أقرب والله أعلم.

(فقال بعض القوم) الحاضرين معنا: (هو) أي هذا الهلال (ابن ثلاث) من الليالي لكبره أي صاحب ثلاث ليال لعلو درجته في السماء قال السندي: وهذا بعيد إلَّا أن يكون أول الشهر مشتبهًا فافهم أي قالوا حين رأوه كبيرًا: هذا الهلال هلال ثلاث ليال لا هلال ليلة (وقال بعض القوم) أي قال البعض الآخرون من القوم: (هو) أي هذا الهلال (ابن ليلتين) أي هلال ليلتين لا هلال ليلة حين رأوه كبيرًا أيضًا فأجابهم ابن عباس بأنه لا عبرة بكبره وإنما هو ابن ليلة واستدل على ذلك بالحديث الآتي قريبًا (فقال) أبو البختري: (فلقينا ابن عباس) بالنمسب على أنَّه مفعول لقي والضمير فاعله أي رأينا عبد الله بن عباس.

قال السندي: يحتمل أن يكون مجازًا عن لقاء رسولهم لأنهم أرسلوا إليه رجلًا كما في الرواية الآتية ويحتمل أنهم لقوه بعد أن أرسلوا إليه الرسول وعلى الوجهين فلا منافاة بين هذه الرواية والرواية الآتية والله أعلم اهـ.

(فقلنا) له: (إنا رأينا الهلال) أي هلال رمضان (فقال بعض القوم) منا: (هو) أي هذا الهلال (ابن ثلاث) ليال (وقال بعض القوم: هو ابن ليلتين فقال) لنا ابن عباس

ص: 364

أَيُّ لَيلَةٍ رَأَيتُمُوهُ؟ قَال: فَقُلْنَا: لَيلَةَ كَذَا وَكَذَا. فَقَال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال: "إِنَّ اللهَ مَدَّهُ لِلرُّؤيةِ. فَهُوَ لِلَيلَةٍ رَأَيتُمُوهُ".

(2411)

(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ،

ــ

مستفهمًا عن الليلة التي رأيناه فيها: (أي ليلة) بالرفع مبتدأ خبره جملة (رأيتموه) فيها والرابط محذوف تقديره: أي ليلة راؤون أنتم إياه فيها ولكنه خبر سببي وبالنصب على الظرفية أي هل الليلة التي رأيتموه فيها ليلة الجمعة أو الخميس أو الأربعاء مثلًا (قال) أبو البختري: (فقلنا) له: (ليلة كذا) أي ليلة الأربعاء أو الخميس أو الجمعة ولم يظهر لي وجه التكرار بقوله: (وكذا) إلَّا أن يقال: إن الواو بمعنى أو التفصيلية (فقال) لنا ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) فيما إذ رؤي الهلال كبيرًا: (أن الله) سبحانه وتعالى (مدَّه) أي مد الهلال وكبره (للرؤية) أي ليرى بسرعة بلا تعب لإظهار فضل رمضان (فهو) أي فالهلال (لليلة رأيتموه) فيها أي ابن تلك الليلة لا ابن الليلة التي قبلها كما زعمه من قال منكم ابن ليلتين ولا ابن الليلة التي قبل هذه الثانية كما زعمه من قال منكم ابن ثلاث قال القرطبي: وقع في هذه الرواية (مده) ثلاثيًّا وفي الرواية الآتية (أمده) رباعيًّا قال القاضي عياض: بمعنى واحد أي أطال له مدة الرؤية ومنه قوله تعالى في {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} [الأعراف: 202] قرئ بالوجهين أي يطيلون لهم المدة في الغي وقال غيره مد من الامتداد وأمد من الإمداد وهو الزيادة ومنه: أمددت الجيش بمدد ويجوز أن يكون أمده من المدة قال صاحب الأفعال: أمددتك مدة أعطيتكها اهـ.

قوله (مده للرؤية) أي جعل مدة رمضان زمان رؤية هلاله (فهو) أي رمضان (لليلة رأيتموه) أي هو حاصل لأجل رؤية هلاله في تلك الليلة ولا عبرة بكبره بل ورد أن انتفاخ الأهلة من علامات الساعة اهـ ملخصًا من مرقاة ملا علي.

ونقل هو من ابن حجر ضبطه بإضافة ليلة إلى الجملة ثم قال: وفي النسخ المصححة بالتنوين اهـ من بعض الهوامش.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فقال:

(2411)

(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة حَدَّثَنَا غندر) محمد بن جعفر الهذلي

ص: 365

عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ. قَال: سَمِعْتُ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ قَال: أَهْلَلْنَا رَمَضَانَ وَنَحْنُ بِذَاتِ عِرْقٍ. فَأَرْسَلْنَا رَجُلًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ. فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَمَدَّهُ. فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ"

ــ

البصري (عن شعبة ح وحدثنا ابن المثنى وابن بشار قالا: حَدَّثَنَا محمد بن جعفر أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة) الهمداني الكوفي (قال) عمرو (سمعت أبا البختري) سعيد بن فيروز الطائي الكوفي.

وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة شعبة لحصين بن عبد الرحمن في رواية هذا الحديث عن عمرو بن مرة.

(قال) أبو البختري: (أهللنا رمضان) أي رأينا وأبصرنا هلال رمضان كما في النهاية وأصل الإهلال رفع الصوت برؤية الهلال كالاستهلال (ونحن بذات عرق) بكسر العين وسكون الراء قال ابن حجر: فوق بطن نخلة بنحو يوم وهي على مرحلتين من مكة وبطن نخلة على مرحلة أي رأينا هلال رمضان ونحن بذات عرق فاختلفنا هل هو ابن ثلاث أو ابن ليلتين (فأرسلنا رجلًا) منَا لم أر من ذكر اسمه (إلى ابن عباس يسأله) هل هو لليلة أو ليلتين أو ثلاث وفي الرواية السابقة فلقينا ابن عباس فبين الروايتين معارضة وقد تقدم هناك بيان كيفية الجمع بينهما فراجعه (فقال ابن عباس رضي الله عنهما هو لليلة رأيتموه مستدلًا على ما قال بأنه: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الهلال: (أن الله) سبحانه (قد أمده) بزيادة الهمزة هنا من الإمداد بمعنى الزيادة أو من المدة وقد مر معناه قال الأبي: الهاء في أمده عائد على الشهر بمعنى أن الله قد حكم بمد الشهر الأول إلى رؤية هلال الشهر الثاني والظاهر عودها على الهلال إشارة إلى كبر جرمه وهو الَّذي يدل عليه سياق جواب ابن عباس أي إن الله يخلقه كبيرًا ليكون أظهر للأبصار ويخلقه صغيرًا فقد يرى وقد لا يرى فتكمل العدة ثلاثين كما تكمل في الغيم اهـ من فتح الملهم.

وقال القاضي: معناه أطال مدته إلى الرؤية أي أطال مدة شعبان إلى رؤية هلال رمضان اهـ ملا علي.

(فإن أغمي عليكم) أي أخفى عليكم بنحو غيم (فأكملوا العدة) أي عدة شعبان ثلاثين يومًا.

ص: 366

(2412)

(1055) - (205) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى. قَال: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعٍ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ. رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ"

ــ

ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أبي بكرة رضي الله عنه فقال:

(2312)

(1055)(205)(حَدَّثَنَا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا يزيد بن زريع) مصغرًا التميمي البصري ثقة من (8)(عن خالد) بن مهران الحذاء المجاشعي البصري ثقة من (5)(عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) نفيع بن الحارث الثقفي البصري ثقة من (2)(عن أبيه) أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي البصري رضي الله عنه له مائة وثلاثون حديثًا اتفقا على ثمانية وانفرد (خ) بخمسة و (م) بآخر روى عنه ابنه عبد الرحمن في الصوم وأبو عثمان النهدي في الإيمان كما مر هناك.

وهذا السند من خماسياته رجاله كلهم بصريون إلَّا يحيى بن يحيى.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شهرا عبد لا ينقصان) أجرًا وإن نقصا عددًا لأن في رمضان الصيام وفي ذي الحجة الحج هما (رمضان) سمي شهر عيد لمجاورته العيد لأن عيده في شوال ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم (المغرب وتر النهار) أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر وصلاة المغرب ليلية جهرية وأطلق عليها كونها وتر النهار لقربها منه وفيه إشارة إلى أن وقتها يقع أول ما تغرب الشمس كذا في الفتح (وذو الحجة) لأن اليوم العاشر منه عيد قال القرطبي: (وقوله شهرا عيد لا ينقصان) قيل: فيه أقوال: أحدها: لا ينقصان من الأجر وإن نقصا في العدد وثانيها: لا ينقصان في عام بعينه وثالثها: لا يجتمعان ناقصين في سنة واحدة في غالب الأمر ورابعها: ما قاله الطحاوي لا ينقصان في الأحكام وإن نقصا في العدد لأن في أحدهما الصيام وفي الآخر الحج وخامسها: ما قاله الخطابي لا ينقص أجر ذي الحجة عن أجر رمضان لفضل العمل في العشر اهـ من المفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (5/ 47 - 48) والبخاري (1912) وأبو داود (2823) والترمذي (692) وابن ماجه (1659).

ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي بكرة رضي الله عنه فقال:

ص: 367

(2413)

(0)(0) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. قَال: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ سُوَيدٍ وَخَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"شَهْرَا عِيدٍ لا يَنْقُصَانِ".

وَفِي حَدِيثِ خَالِدٍ: "شَهْرَا عِيدٍ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ"

ــ

(2413)

(0)(0)(حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان) التيمي أبو محمد البصري ثقة من (9)(عن إسحاق بن سويد) بن هبيرة العدوي نسبة إلى عدي بن كعب التميمي البصري صدوق من (3) روى عنه في (3) أبواب (وخالد) بن مهران الحذاء المجاشعي أبي المنازل البصري كلاهما (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) البصري (عن أبي بكرة) البصري رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة معتمر بن سليمان ليزيد بن زريع في رواية هذا الحديث عن خالد الحذاء ولكنه زاد إسحاق بن سويد في سنده.

(أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: شهرا عيد لا ينقصان) قال النواوي: الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما وإن نقص عددهما (و) لكن (في حديث خالد) الحذاء وروايته: (شهرا عيد رمضان وذو الحجة) بزيادة رمضان وذو الحجة.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ثلاثة أحاديث:

الأول: حديث ابن عباس الأول ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة.

والثاني: حديث ابن عباس الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة.

والثالث: حديث أبي بكرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 368